الثلاثاء، صفر ٢٨، ١٤٢٧

ألسيد الرئيس يدلي بحديث الى شبكة بي بي اس الأميركية

ادلى السيد الرئيس بشار الاسد بحديث الى شبكة / بى بى اس / التلفزيونية الاميركية أجراه السيد /تشارلى روز/ وفيما يلى نص الحديث:
الصحفي: هذه فترة مشهودة في تاريخ الشرق الاوسط.. فهناك تغيرات في لبنان وفي العراق بطريقة جديرة بالاهتمام. أخبروني كيف ترون هذا التغير والدور الذي ترغبون بأن تلعبه سورية؟ ‏
الرئيس الأسد: أولاً.. لا أستطيع رؤية سورية بمعزل عن الدول التي تجاورها وبمعزل عن المنطقة بشكل عام. نحن لا نستطيع رؤية المنطقة بمعزل عن العالم. ‏
ثانياً.. أود أن أميز بين ما نرغب برؤيته في مستقبل بلدنا ومنطقتنا وبين ما يجري الآن. أعتقد أن ما نود رؤيته يشبه ما يرغب به أي بلد.. السلام والحياة الآمنة والازدهار ومستوى معيشي أفضل والاصلاح الذي نتحدث عنه منذ سنوات في بلدنا. هذا هو أملنا. في الحقيقة.. اذا تحدثت الآن عن الواقع فإن الامور تسير في الاتجاه المعاكس.. المزيد من التطرف.. والمزيد من الارهاب.. والقليل من فرص العمل للناس العاديين.. وهذا يعني اقتصادا أسوأ الآن وفي المستقبل. لكن هذا لا يعني أن نلقي باللوم على الآخرين.. كأن نتحدث عن الحرب في العراق أو أن نتحدث عن الغرب. هناك دور نلعبه وسنقوم بلعب دورنا.. لكن هناك فرق.. فعندما تقود.. لنقل.. السفينة أو عندما تقود السيارة.. يكون هناك من يشاركك هذه السيارة. لذلك لدينا الكثير من العقبات وبعض هذه العقبات له علاقة بنا لا بأي أحد آخر والبعض الآخر مرتبط بالوضع الدولي. ولذلك فإننا نتحدث في أغلب الاحيان عن الاصلاح على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والتي تعتبر مهمة كقاعدة لأي اصلاح. ‏
الصحفي: عندما تتغير الازمان.. يرغب كل قائد بأن يفهم. أخبروني كيف تريدون أن تفهمكم القيادة الأميركية والشعب الأميركي؟ ‏
الرئيس الأسد: عليهم أن يفهموني عن طريق فهم ثقافتي كشخص. واذا أرادوا أن يفهموني كرئيس فعليهم أن يفهموا من أمثـّل.. وهذا مرتبط بالثقافة وبشعبي. هذه هي المشكلة مع الغرب.. اذا أردت إجراء تناظر تمثيلي بين جهازي كومبيوتر بنظامين مختلفين اذا تحدثنا عن نظام ويندوز فإننا نلاحظ أن هذين الجهازين يقومان بنفس العمل لكن لهما أنظمة مختلفة. ولذلك يجب أن تكون لديك بعض البرمجيات للقيام بالترجمة بين النظامين. يجب علينا ألا نتحدث عن الاحداث.. بل يجب علينا أن نشرح ونحلل هذه الاحداث وأن نترجمها من ثقافتنا للثقافات الاخرى. هذا ما نريده من الاعلام في بلادكم ومن السياسيين. بهذه الطريقة يمكن أن يفهموا وبعد ذلك سيفهمون بأننا بحاجة للسلام.. وبحاجة للازدهار وبحاجة للاصلاح. ‏
الصحفي: لديكم المصلحة ذاتها بالنسبة للاستقرار في العراق وهي مصلحة المواطنين العراقيين ومصلحة الولايات المتحدة؟ ‏
الرئيس الأسد: تماما. اذا وضعنا مصلحة الولايات المتحدة في العراق جانبا.. فإن لدينا مصلحة بأن يسود الاستقرار في العراق لأن أي تأثير في منطقتنا سيكون مشابها لتأثير لعبة الدومينو.. وخصوصا اذا كانت هناك فوضى. فإذا كان ما يجري في العراق سيئاً.. فسيكون له تأثيرات سيئة على سورية. ‏
الصحفي: هذا رأيكم. سأناقش قضية العراق لاحقاً في حديثنا هذا.. لكن اذا وقعت حرب أهلية فإنها ستجر سورية وايران ولبنان. ‏
الرئيس الأسد: وآسيا الوسطى. ‏
الصحفي: والمملكة العربية السعودية. ‏
الرئيس الأسد: ودول الخليج والشرق الاوسط لأن لدينا نفس النسيج الاجتماعي.. وسيرتكز جزء من هذه الفوضى على نسيج مجتمعنا. ولذلك سيكون لهذا أثر على المنطقة برمتها. ‏
الصحفي: هل تسمحون لي بدقيقة واحدة للحديث عن مسيرتكم الشخصية... كنتم في انكلترا تدرسون طب العيون وقد قضى أخوكم.. الذي كان يعد ليتسلم زمام الامور في سورية.. في حادث سيارة مأساوي عام 1994 وتلقيتم اتصالاً هاتفياً من والدكم.. ماذا قال لكم؟ ‏
الرئيس الأسد: في الواقع.. أنا اتصلت به لأنني عرفت قبله عندما اتصل بي أحد أفراد عائلتي وأقاربي. اتصلت بوالدي من لندن لأخبره بأنهم أخبروني بهذه الاخبار السيئة. ‏
الصحفي: هل كان يجب عليكم إخباره بموت أخيكم؟ ‏
الرئيس الأسد: لم أكن أعلم أنه توفي. قلت فقط بأنه تعرض لحادث. ولذلك لم تكن لدي أي معلومات.. كان هذا مباشرة بعد الحادث وبعدها عدت الى دمشق في نفس اليوم. ‏
الصحفي: وأنتم تعرفون أن عالمكم قد تغير. ‏
الرئيس الأسد: ليس تماماً. لكنني غادرت وشعرت بهذا بنفس اليوم عندما عدت الى دمشق واتخذت قراري بالعودة. ‏
الصحفي: وبعد ذلك أمضيتم ست سنوات من الانخراط في جوانب الحكومة المختلفة ومنها الجانب العسكري على سبيل المثال. كان بإمكان والدكم أن يعطي دروسا في سياسة الشرق الاوسط للمسؤولين.. أخبروني ماذا تعلمتم منه؟ ‏
الرئيس الأسد: ستفاجأ لو أخبرتك بأننا لم نتحدث قط في السياسة لقد عشنا كأي أسرة عادية.. ومنذ كنا يافعين كان حريصاً جداً على ابقائنا بعيداً عن الحياة العامة داخل بيتنا. لكن في الحقيقة.. عندما تكون ابن رئيس في منطقتنا فإنك جزء من الحياة العامة سواء أردت هذا أم لا. وبالتالي فإنك ستكون على احتكاك مع الناس والمشاكل العامة.. وستتعلم من الناس وستحظى بفرصة تحليل شخصية والدك كرئيس من خلال مواقفه وقراراته السياسية ومن خلال شخصيته كشخص في بيته. ‏
الصحفي: إذاً سأغير السؤال: من خلال مشاهدتكم لوالدكم ما الذي تعلمتموه من هذا الرجل الذي حكم سورية لوقت طويل؟ ‏
الرئيس الأسد: عادة مثل أي ابن يتعلم المبادئ.. هذا أولاً. ثانياً.. تتعلم الطريقة التي يتعامل فيها مع الازمات لأننا عشنا في الازمات لعقود من الزمن. لذلك يمكن أن تتعلم كيف تتعامل مع الازمات وكيف يمكن أن تكون صبورا مع هذه الازمات. هذا أهم شيء يمكن أن تتعلمه. ‏

الصحفي: توفي والدكم عام 2000 واستلمتم زمام الامور منذ ذلك الوقت.. ما هو أكثر شيء أدهشكم في سورية في ظل وجود هذه التغيرات من حولكم؟ ‏
الرئيس الأسد: أكثر الامور التي أدهشتني هي أنه كيف تمتلك الدول المتقدمة.. وخصوصا الولايات المتحدة.. هذه التكنولوجيا العالية التي يستخدمونها من أجل استقبال وارسال المعلومات.. هذا من جانب واحد. من جانب آخر.. كم من المعلومات لديهم لكن كم من المعرفة يحتاجون لتحليل هذه المعلومات. أعتقد أن الدول المتقدمة هذه تمتلك جميع الوسائل لتعرف المزيد عن منطقتنا على الاقل أنا لا أتحدث عن بقية أجزاء العالم هذا يثير الدهشة بالفعل. ‏
الصحفي: أنتم تعتقدون أن الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تفهمكم كسورية والمنطقة بالرغم من كل أنواع التكنولوجيا التي تمتلكها؟ ‏
الرئيس الأسد: كما قلت منذ قليل.. عندما لا تفهم الثقافة فإنك لا تفهم السياسات.. خصوصا في منطقتنا. فاذا لم تفهم الثقافة والسياسة.. فإنك لا تفهم أي قرار نتخذه كقادة ولماذا؟ وماذا نقول ولماذا؟ لهذا السبب هناك دائما سوء فهم عندما نقيم حوارا مع الكثير من الوفود التي تأتي الينا من الغرب.. وخصوصا من الولايات المتحدة. هم يسألوننا أسئلة تظهر الطريقة التي يسيئون فيها رؤيتنا ومعتقداتنا وأهدافنا. ‏
الصحفي: وفي حقيقة الامر هذا مجتمع متنوع جدا ويضم مختلف المعتقدات المتنوعة. ‏
الرئيس الأسد: وأيضا طوائف وأديانا. ‏
الصحفي: اذا جلستم مع جورج بوش؟ هل ستحاولون أن تشرحوا له ما هي سورية؟ ‏
الرئيس الأسد: تماما.. والشرق الاوسط لأن سورية جزء من الشرق الاوسط. وسأشرح لأي أميركي أيضا.. كما نفعل دوما.. لماذا فشلوا في العراق ولماذا يزداد الوضع سوءاً. ‏
الصحفي: لماذا فشلت الولايات المتحدة برأيكم؟ أولا.. أخبروني لماذا لم تنضموا الى التحالف عندما طلبوا منكم ذلك؟ لا بد أنكم شعرتم بالكثير من الضغط. لقد دعم والدكم الحرب عام 1991؟ ‏
الرئيس الأسد: هناك فرق كبير بين الحربين. كانت الحرب الاولى لتحرير الكويت.. ونحن دعمنا تحرير الكويت. لقد كنا ضد غزو الكويت من قبل صدام. لكن ما تفعله الولايات المتحدة الآن هو ما فعله صدام للكويت. لقد غزوا العراق.. هذا أولا. وكمبدأ نحن ضد الاحتلال. ثانيا.. أعتقد أن البعض في الولايات المتحدة.. سياسيين كانوا أم صناع قرار.. استندوا في غزو العراق الى ايديولوجيتهم وبعض المفاهيم بأنهم سيكسبون الحرب اذا فازوا ببعض المعارك. وقد كنت صريحا معهم.. قبل الحرب.. حيث استقبلت العديد من الوفود وكان بعضهم من الكونغرس والبعض الآخر من الادارة الأميركية.. وقلت لهم: أنتم ستفوزون بالحرب بدون شك.. وأعني هنا الحرب الاولى.. أي الجزء العسكري منها. ‏
الصحفي: أتعنون بأنهم سيسقطون صدام؟ ‏
الرئيس الأسد: تماما. لم يكن هناك أدنى شك. لكن بعد أن تحتلوا العراق.. ستعانون من الفوضى والمقاومة وستغرقون في مستنقع العراق. وما قلته لهم يحدث كل يوم. لذلك أعتقد أن هذا هو سبب فشلهم. وهناك أيضا المعلومات الخاطئة. ربما كانت لديهم أهداف مختلفة.. لا أعرف. لكن هذا هو السبب الرئيسي. ‏
الصحفي: ماذا سيحدث في العراق برأيكم؟ ‏
الرئيس الأسد: اذا انسحبوا أم لا؟ ‏
الصحفي: اذا بقوا في العراق.. ‏
الرئيس الأسد: الآن لدينا مشروع رائد. اذا وضعت المبادئ جانبا.. فلنتحدث عنه كمشروع رائد. لقد أمضوا في العراق ثلاث سنوات حتى الآن.. ماذا جرى؟ لا يوجد لدينا أي دليل على أن الوضع يتحسن.. لكن لدينا جميع الادلة التي تدل على ان الوضع يزداد سوءاً. لذلك فإن ما سيحدث بعد ثلاث سنوات لن يكون مختلفا عما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية.. وهذا منطقي. ‏
الصحفي: دعني أخبركم ماذا سيقولون.. سيقول نائب الرئيس أو الرئيس لقد وضعنا هدفا.. لقد حققنا تقدما وكانت هناك انتخابات ونحن نتفاوض الآن مع الاطراف.. وليس الولايات المتحدة.. لخلق حكومة على أمل أن يفضي هذا الى الاستقرار.. لكن جرى كل نوع من أنواع الانتخابات كما هو متوقع له. ‏
الرئيس الأسد: اذا أردت أن تحكم علي كرئيس.. ماذا أنجزت.. يجب عليك أن تعرف ما الذي يريده الشعب. هذا أولا. لذلك من سأل العراقيين ماذا يريدون؟ ثانيا.. اذا تحدثت عن الانجازات.. فلست أنا من يتحدث عن الانجازات.. بل الشعب هو من يتحدث عن شيء أنجزته أنا من أجلهم. ولذلك دع العراقيين أولا يدلوا بدلوهم في هذا الشأن. لن أستمع الى أي مسؤول أو أي شخص من خارج العراق لأن العراق شأن العراقيين فقط. لذلك يجب عليك أن تسال العراقيين أولا وليس أي شخص اخر. لكن ما من أحد سألهم. ‏
الصحفي: أنتم لا تشكون في أن أغلب العراقيين يشعرون بالسعادة لذهاب صدام؟ ‏
الرئيس الأسد: اذا تحدثت عن أغلبية أو أقلية.. فلا توجد لدي معلومات موثقة. لكن هناك فرق كبير بين أن يكون صدام قد ذهب وبين أن يكون بلدي محتلا. لذلك لا يوجد معنى لربط الموضوعين ببعضهما البعض. اذا قلنا ان صدام ذهب لانه كان دكتاتورا.. فماذا يعني هذا؟ لقد قتل الآلاف. لكن كم شخصا قتلت هذه الحرب؟ 200 الف شخص تقريبا. اذا.. أريد أن أتخلص من هذا الدكتاتور لأحميكم.. لكنني أقتل في ذات الوقت مئتي الف شخص آخرين. لا يوجد منطق. لذلك ماذا يعني ذهاب صدام؟ ‏
الصحفي: إذاً هذا ثمن باهظ جداً كما تعتقدون؟ ‏
الرئيس الأسد: تماماً. مهما كان الثمن على الاقل فمن الذي سيدفع هذا الثمن؟ الشعب هو من سيدفع الثمن.. العراقيون سيدفعون الثمن. لذلك يجب عليك أن تسألهم اذا كانوا يريدون دفع الثمن أم لا. لكنني لست ذلك الشخص كسوري أو أمريكي أو أي أحد في العالم ليتحدث بالنيابة عنهم ويقول: ان هذا ثمن جيد أو نتيجة جيدة. هم مسؤولون عن هذا. ‏
الصحفي: قلتم في بداية حديثكم: كان هناك تعاون بعد أحداث 11 أيلول بين حكومتكم والحكومة الأميركية. كانت هناك معلومات استخباراتية مشتركة مع حكومتكم بسبب مراقبتها لجماعة الاخوان المسلمين.. ولأنها فهمت العلاقة مع القاعدة وفهمت المنظمات وقدمت معلومات مفيدة. وكان هناك أيضا حديث حول سياسة ما وراء الكواليس فيما يتعلق بتبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات الأميركية. وقيل ان المعلومات التي أتت من حكومتكم ساعدت الحكومة الأميركية بمنع بعض الهجمات في البحرين وغيرها من الاماكن. لماذا توقف ذلك التعاون؟ ما الذي حدث؟ ‏
الرئيس الأسد: في الواقع.. اتخذت المبادرة أولا بعد أحداث 11 أيلول لمساعدة الأميركيين.. لماذا؟ لأننا عانينا من هذا الارهاب لعقود من الزمن.. فإذا هاجمت القاعدة.. لنقل.. في بلدك في الولايات المتحدة.. أو في شرق اسيا أو افريقيا فإنها ستهاجم سورية في يوم من الايام. لذلك فإن الارهاب مرتبط.. كالانترنت.. ولا حدود له. ‏
الصحفي: وأنتم لديكم نفس الخوف من الارهاب الذي تعاني منه الولايات المتحدة؟ ‏
الرئيس الأسد: تماما.. لان ما حدث في نيويورك قد يحدث في سورية. ولذلك قلنا انه يجب علينا أن نتحرك الآن وقد حاولنا في الثمانينيات اقناع بعض الدول الاوروبية بأنه يجب علينا اقامة تحالف ضد الارهاب. في ذلك الوقت لم يبد أي أحد اهتماما بما قلناه. أما الان وبعد أحداث 11 أيلول ولان أغلب العالم مقتنع بهذه الفكرة.. فقد قلنا لنتحرك. لذلك نحن بدأنا هذا التعاون وقلنا لهم هذا. قلت لأحد المسؤولين في وكالة الاستخبارات الأميركية.. لديك المعلومات.. لكن نحن لدينا المعرفة لاننا هزمناهم كما قلت. ‏
الصحفي: الاخوان المسلمون؟ ‏
الرئيس الأسد: تماما. لكن المسألة ليست مسألة تنظيم كما تسميها أنت أو مسألة شخص أو مجموعة. هذه حالة فكرية. يجب علينا أن نعرف الثقافة من أجل أن نعرف كيف نحارب هذه الحالة الفكرية.. لان هؤلاء الارهابيين يستخدمون أي قضية ويعتبرونها كعباءة ليقوموا بأعمال ارهابية. لذلك فنحن نعرف أي عباءة يتخذون ونعرف كيف نحاربهم وكيف نتعامل معهم. لقد ارتكبوا الكثير من الاخطاء في الولايات المتحدة فيما يتعلق بقضية الامن. لكن لم يكن هذا هو السبب الرئيسي. ان السبب الرئيسي هو أنه لا يمكن أن يكون لديك تعاون جيد وطبيعي ومتطور بين الاستخبارات ولديك في نفس الوقت عداوة في المجال السياسي. لذلك فإما أن تكون لدينا علاقات طبيعية على جميع المستويات أو نوقف هذا التعاون. ‏
الصحفي: إذاً.. ماذا أردتم أن يقدموا لكم مقابل تبادل المعلومات والمعرفة ولم يفعلوا؟ ‏
الرئيس الأسد: ألا يكونوا ضدنا على الاقل. نحن لا نريد أي شيء منهم. لكن الا يكونوا ضد سورية وقبل كل شيء في عملية السلام. لقد تحدثنا بشأن السلام.. ونحن بحاجة للسلام. لكن هذه الادارة لا تعير اهتماما للسلام أو عملية السلام. ‏
الصحفي: أي عملية سلام؟ ‏
الرئيس الأسد: عملية السلام بين سورية و«اسرائيل» التي بدأت عام 1991 وهي مشلولة الآن. لدينا سفك دماء كل يوم في منطقتنا.. في العراق وفي فلسطين وفي الاراضي المحتلة في سورية وفي لبنان. لقد حاولوا فرض حصار على سورية في الوقت الذي طلبوا فيه مساعدتنا في مجال القضايا الامنية. وحاولوا منع أي نوع من الدعم من جهة الدول الاوروبية لسورية. وعملوا ضد اتفاق الشراكة بين سورية والاتحاد الاوروبي. ومنعوا حتى الشركات الخاصة من القدوم الى سورية لتقديم المساعدة في تطوير بلدنا. ‏
الصحفي: هل قاموا بهذا.. برأيكم.. لانكم لم تنضموا الى التحالف لكي تحاربوا في العراق؟ ‏
الرئيس الأسد: تماماً. وهذا شيء لا نرغب القيام به. ‏
الصحفي: هنا شيء آخر قد يطرحونه.. سيقولون ان جزءا من المشكلة معكم هو دعمكم لحزب الله. فنحن في الولايات المتحدة.. كما يقولون.. نعتقد أن حزب الله منظمة ارهابية ونعتقد بأنه يقدم الاسلحة للفلسطينيين وللمنظمات الارهابية التي هي جزء من الشعب الفلسطيني وأنتم لا تعملون على ايقافهم. أنتم تدعمونهم وتشجعونهم ولا توقفونهم. وتدعمونهم في لبنان أيضا. ‏
الرئيس الأسد: أولاً.. هناك مقاومة في أي مكان فيه احتلال.. ونحن لا نصنع هذه المقاومة.. في سورية. أنا لا أعتقد أن هذا المصطلح.. الارهاب.. هو مصطلح واضح. هذا هو الواقع وعليهم أن يفهموا هذا الواقع سواء أحبوه أم لا. هذا هو الواقع. ‏
الصحفي: أي واقع؟ ‏
الرئيس الأسد: مادام هناك احتلال.. هناك مقاومة. أعتقد أن حزب الله انبثق في منتصف الثمانينيات.. ولا أعرف متى انبثقت حماس والجهاد.. لكنهما انبثقتا بسبب احتلال الاراضي الفلسطينية. لذلك فإن هذا شيء لم تصنعه سورية. لكن اذا سألت عن دعم المنطقة بأسرها.. فإن الناس يدعمون المقاومة. واذا وصفهم أحد ما في العالم أو في الولايات المتحدة بالارهابيين.. فإن هذه سمة لا نعترف بها. ‏
الصحفي: دعوني أفهم سيادة الرئيس.. اذا قالت الولايات المتحدة الأميركية ان حماس منظمة ارهابية وأنتم قلتم انكم لا تعتبرونها كذلك.. إذاً بغض النظر عما قاموا به تجاه «اسرائيل» من عمليات انتحارية وأنشطة ارهابية.. فأنتم لا تعتبرون حماس منظمة ارهابية؟ ‏
الرئيس الأسد: اذا كنت تريد أن ترى الصورة لا بد من أن تراها كاملة. اذا تحدثت عن العنف فلنتحدث عن أربعة آلاف فلسطيني قتلوا خلال السنوات الخمس الماضية بينما لم يقتل من الجانب الاسرائيلي سوى بضع مئات. لذلك اذا ما أردت التحدث عن العنف وأطلقت على هذا العنف اسم ارهاب تجد أن «اسرائيل» قتلت من الفلسطينيين أكثر مما قتلوا هم من الاسرائيليين. هذا أولاً. ثانياً.. عليك أن تنظر للطرفين. هم يتحدثون عن حماس وعما قامت به في «اسرائيل» لكنهم لا يتحدثون عن «اسرائيل» وعما قامت به في الاراضي الفلسطينية المحتلة. هم يغتالون المسؤولين من وقت لآخر وعلناً ويعلنون هذا. هذه هي الصورة كاملة. على أي حال لا تهم أي سمة نصفهم بها لأننا إذا أردنا أن نجد حلاً علينا أن نتعامل مع الحقائق وليس مع المصطلحات سواء أكانوا ارهابيين أم لا. ليست هذه هي المشكلة. الحقيقة هي أنه ما لم يكن هناك سلام فسيكون هناك المزيد من سفك الدماء. لذلك نحن.. في سورية.. لا ندعم العنف. وهذا جزء من القصة. ‏
الصحفي: أنتم لا تدعمون حماس اذا تورطت في تفجيرات انتحارية واذا ما تورطت «اسرائيل» في أعمال احتلال من شأنها تدمير الحياة فانكم لا تدعمونها. ‏
الرئيس الأسد : أنا أعني بكلمة لا ندعم أننا لا نشجع نحن ندعمهم سياسيا لأن لديهم الحق بأن تكون لهم دولتهم المستقلة ولديهم الحق باستعادة أراضيهم ولديهم الحق بتنفيذ قرارات مجلس الامن هذا هو ما ندعمه. ‏
الصحفي: لكن هناك أمرا مثيرا للاهتمام حماس على سبيل المثال فازت في الانتخابات والآن هم يحاولون تشكيل حكومة، بلدكم والمملكة العربية السعودية وأعضاء آخرون في جامعة الدول العربية اجتمعوا في بيروت وناقشوا خطة سلام مع «اسرائيل» تدعم حق «اسرائيل» بالوجود أليس هذا صحيحا؟. ‏
الرئيس الأسد : نعم أنت تقصد المبادرة العربية. ‏
الصحفي: مبادرة الامير عبد الله آنذاك. ‏
الرئيس الأسد : نعم بالضبط. ‏
الصحفي: لكن حماس لا تقبل ذلك أي أنها لا تقبل حق «اسرائيل» بالوجود. ‏
الرئيس الأسد : دعني أوضح هذا. ‏
خذ على سبيل المثال سورية في عام 1991 بدأنا بمفاوضات سلام مع «اسرائيل» وقلنا عندما تنسحب «اسرائيل» من أراضينا نعترف بها إذاً أنت تقول انك تعترف بدولة عندما تحقق السلام.. في جميع الاحوال عندما تجري محادثات سلام مع «اسرائيل» هذا يعني أنك تقر بحقيقة «اسرائيل» لكن عندما تقول فعليا أنك تعترف بها سياسيا فهذا سيأتي كنتيجة للسلام وهكذا هو موقف حماس في الماضي كانوا يقولون انهم لا يقبلون بـ«اسرائيل» لكنهم الآن لم يعودوا يقولون ذلك، مؤخرا أصبحت حماس براغماتية جدا وواقعية جدا. ‏
الصحفي: لكنهم في الواقع لم يغيروا أيا من مبادئهم؟. ‏
الرئيس الأسد : هم يقولون اذا كنتم تريدون منا أن نقوم بشيء فما المقابل؟ على سبيل المثال عندما بدأنا بمحادثات السلام مع «اسرائيل» كان الهدف هو استعادة أرضنا الآن لا يوجد شيء تقدمه «اسرائيل» واذا ما كنتم تريدون من حماس أن تقوم بشيء على «اسرائيل» أن تقول انها مستعدة لتقديم شيء يجب أن يتلاقوا في منتصف الطريق. ‏
الصحفي: لكن الا يجب على حماس أن تقول انهم يعترفون بحق «اسرائيل» في الوجود وانهم مستعدون للتفاوض كما كانت السلطة الفلسطينية تفعل؟. ‏
الرئيس الأسد: سأخبرك عن أمر مشابه قمنا به سأعود الى تجربتنا أعتقد أن على كلا الطرفين أن يعترف بقرارات مجلس الامن والامم المتحدة هذا هو الحل، بموجب هذه القرارات هناك دولة اسرائيلية ودولة فلسطينية وهذه فكرة جيدة جدا اذ سيحصل كل جانب على دولة لكن بموجب قرارات مجلس الامن. ‏
الصحفي: كما تفضلتم سيادة الرئيس لا يمكننا التعامل مع هذا من دون أخذ الصورة الكاملة، في الاسبوع المقبل ستنتخب «اسرائيل» زعيما جديدا ينتمي لحزب جديد ويقال ان المرشح الذي من المحتمل أن يفوز هو إيهود أولمرت ويقال انه يريد أن ينسحب من المستعمرات في الضفة الغربية لكنه سيتشدد فيما يتعلق بحدود «اسرائيل» خلال السنوات العشر القادمة من خلال جدار الفصل، يقال اذا ما أصبح أولمرت رئيس وزراء وفاز حزبه بأغلبية الائتلاف فانه يريد أن يحكم الحدود الاسرائيلية من خلال جدار الفصل الذي يتم بناؤه في الوقت الحالي وانه يريد الانسحاب من مستعمرات الضفة الغربية. ‏
الرئيس الأسد: هذا يعود بي الى ما قلته في الجواب السابق وهو أن الحل يكمن في قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن وقرارات مجلس الامن تعرف الحدود بأنها حدود الرابع من حزيران 1967 إذاً الحاجز أبعد بكثير من هذا أقصد أنه خلف الاراضي الفلسطينية وهذا لن يؤدي الى أي حل لقد أثبتت الوقائع أن الجدار لن يحقق الكثير لـ «اسرائيل» لذلك أنصح أي اسرائيلي عاقل أن يعود الى هذه القرارات هذا هو الحل الوحيد أحيانا قد تكسب معارك سياسية أو أمنية أو عسكرية لكنك في نهاية المطاف ستحتاج للاستقرار وهذا لا يحدث الا في ظل علاقات طبيعية الجدار لن يعطيك علاقات طبيعية وهي متعلقة بالشعوب وليس بالحكومات. ‏
الصحفي: لا يمكن أن تكون هناك علاقات طبيعية ما لم تكن حماس مستعدة للاعتراف بحق «اسرائيل» في الوجود، أنتم وبلدكم وايران تقدمون الدعم الاقتصادي لحماس اليس كذلك ؟ ‏
الرئيس الأسد: لا نحن لا ندعم حماس قبل كل شيء نحن ندعم الفلسطينيين وكما قلت نحن ندعم حقوقهم كنا في الماضي ندعم حماس لاننا رأينا أنها تمثل رغبة الفلسطينيين وهذه هي الديمقراطية لقد أثبتت الانتخابات الاخيرة أننا كنا على حق. ‏
الصحفي: ان لديهم شعبية. ‏
الرئيس الأسد: بالضبط الآن هم منتخبون واذا أردت أن تطلق عليهم اسم ارهابيين يجب أن تسميهم الارهابيين المنتخبين هذا لا يهم طالما أنهم منتخبون فهم يمثلون الفلسطينيين ولا يمكنك القول ان كل الشعب ارهابي. ‏
الصحفي: هل تعتقد أن حماس التي تسيطر الآن على الحكومة والتي فازت في الانتخابات والتي تشكل الاغلبية مستعدة للاعتراف بحق «اسرائيل» بالوجود؟. ‏
الرئيس الأسد: اذا كان الامر متبادلا فالجواب هو نعم لكن اذا ما كنت تتحدث في اتجاه واحد فلا أعتقد ذلك لا بد من أن يكون ذلك متبادلا ماذا عن «اسرائيل» هل يعترفون بدولة فلسطينية؟ علينا أن نسألهم نفس السؤال. ‏
الصحفي: كيف نحقق ذلك؟ ‏
الرئيس الأسد: من خلال قرارات الامم المتحدة منذ عامين على ما أعتقد أو أكثر تحدث جورج بوش عن دولتين اسرائيلية وفلسطينية. ‏
الصحفي: كان هو الرئيس الاميركي الاول الذي تحدث عن حق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولتهم الخاصة بهم. ‏
الرئيس الأسد: هذا ما نريده وهذا ما تريده حماس؟ ويتوقعه كل الفلسطينيين لم يقل أحد انهم سيحصلون على دولة خاصة بهم ومن ثم سيجعلون دولة «اسرائيل» تختفي لم نسمع بهذا. ‏
الصحفي: على ماذا تشجعون أو تشجع حكومتكم حماس؟ ‏
الرئيس الأسد: نشجعهم على التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني وهي حقوق سياسية هذا واضح جدا هذه الحقوق تشمل حقوق اللاجئين لان لدينا نصف مليون لاجىء فلسطيني في سورية وبين خمسة أو ستة ملايين لاجىء في بلدان عربية أخرى ممن لا يسمح لهم بالعودة الى أراضيهم كما تشمل تلك الحقوق الحق بأن تكون لهم دولة مستقلة والحق بالتمتع بعلاقات طبيعية مثل أي دولة أخرى. ‏
الصحفي: اذا ما قال الاسرائيليون والاميركيون انهم لن يتنازلوا أبدا عن القدس ولن يسمحوا أبدا بحق العودة ولن يتراجعوا أبدا الى حدود ال 1967 هل يصبح السلام عندها مستحيلا؟. ‏
الرئيس الأسد: نعم يصبح كذلك لان السلام يتحقق من خلال الحوار وأخذ حقوق الجميع بعين الاعتبار ومن خلال التسويات ومن خلال تنفيذ ما يريده المجتمع الدولي من قرارات مجلس الامن. ‏
الصحفي: لقد اقترب والدكم جدا في المفاوضات مع الاسرائيليين من التوصل لاتفاقية سلام بين سورية و«اسرائيل» بعد أن تستعيد سورية مرتفعات الجولان وتقديم بعض الحقوق للاسرائيليين كنتم قريبين جدا من ذلك. ‏
الرئيس الأسد: كان ذلك أيام حكومة رابين وفي الحقيقة رابين كان جادا جدا في جهوده لتحقيق السلام مع سورية قبل اغتياله واذا ما كان لنا أن نستخدم الارقام يمكن القول اننا في تلك المفاوضات توصلنا الى 80 بالمئة تقريبا وما تبقى كان متعلقا بالمياه لاننا توصلنا الى حل للترتيبات الامنية ولم يتبق سوى بعض التفاصيل مما يعني أننا اقتربنا بالفعل من السلام الا أن اغتيال رابين الغى وأوقف كل شيء. ‏
الصحفي: دعني أنتقل الى حزب الله قال لي مسؤولون أميركيون ان السبب وراء وضع سورية على قائمة البلدان التي تدعم الارهاب وجعلها موضع نقد من أميركا هو علاقتها بحزب الله ذلك أنهم يعتبرون حزب الله منظمة ارهابية بغض النظر عن أنه فاز في الانتخابات في لبنان. ‏
الرئيس الأسد: دوما يجب أن تعود الى أغلبية الشعب منذ شهر تقريبا كان هناك استطلاع في لبنان حول عدد اللبنانيين الذين يدعمون حزب الله وقد أظهر الاستطلاع أن نسبة 80 ـ 85 بالمئة من اللبنانيين تدعم الحزب اذا الامر لا علاقة له بسورية ولا بتصنيفكم لحزب الله بل هو متعلق بالشعب هذا ما أريد من المسؤولين لديكم أن يفهموه نحن ندعم الشعب اللبناني فقد تعرضوا للاحتلال الاسرائيلي لمدة اثنين وعشرين عاما ولهذا السبب أصبح لديهم حزب الله وغيره من المنظمات. ‏
الصحفي: لكن الاسرائيليين غادروا لبنان عندما كان ايهود باراك يتولي رئاسة الوزراء؟. ‏
الرئيس الأسد: بالضبط لكن ذلك حدث من دون معاهدة سلام كان عليهم أن يوقعوا معاهدة سلام مع سورية ولبنان وبعدها كان كل شيء سيصبح طبيعيا لكن الآن كل لبناني يشعر بالقلق من هجوم آخر تقوم به «اسرائيل» والطائرات الاسرائيلية مازالت تخترق المجال الجوي اللبناني لهذا لا يوجد سلام في حقيقة الامر والاسرائيليون انسحبوا عسكريا فقط. ‏
الصحفي: لكن هل تعتبرون حزب الله منظمة ارهابية؟. ‏
الرئيس الأسد: لا، فهم لم يحصل أن هاجموا أي مدني هم فقط يدافعون عن وطنهم وغير مهتمين بشن أي هجوم داخل «اسرائيل» هم فقط يدافعون عن الحدود اللبنانية وهذا هو حقهم. ‏
الصحفي: اذا حزب الله لا يقوم بأي هجوم؟ ‏
الرئيس الأسد: لا. لا يقوم بأي هجوم. ‏
الصحفي: هل السبب هو أن سورية أو أنتم تحثونه على ذلك؟ ‏
الرئيس الأسد: نحن بحاجة للاستقرار بشكل عام كما أننا بحاجة للاستقرار في لبنان ولهذا السبب نحن دوما نلعب دورا لتحقيق الاستقرار لكن عندما تكون لديك الرغبة بتأدية هذا الدور فانك بحاجة للتعاون، على سبيل المثال في الاسبوع الماضي تلقيت مكالمة هاتفية من السيد عنان حول حدود لبنان الجنوبية حيث طلب مني أن ألعب دورا لانهم سمعوا بعض الاشاعات حول حصول بعض النزاع فقلت له: نحن مستعدون لذلك ونحن بحاجة للاستقرار لكن من يستطيع ممارسة الضغط على «اسرائيل» ذلك أن هناك طرفين ولا يمكنك التحدث عن طرف واحد فقط عندما تتحدث عن الحدود وعن بلدين عليك أن تتحدث عن جانبين. ‏
الصحفي: هل يعني انسحاب سورية من لبنان أن ايران تتمتع بنفوذ لدى حزب الله يفوق النفوذ الذي تحظى به سورية؟ ‏
الرئيس الأسد: نحن نتمتع بنفوذ لدى جميع اللبنانيين وليس فقط لدى حزب الله حزب الله يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين وايران تتمتع بعلاقات جيدة معه ومع الكثير من اللبنانيين لذلك لا يمكن القول ان نفوذنا في لبنان بدأ يضعف كما لا يمكن القول ان الدور الايراني أخذ يتعزز أكثر، أعتقد أن الوضع مازال على ما هو عليه ولكن بطريقة أخرى حيث تنتهج كل من سورية وايران طرقا مختلفة لمعالجة المشكلات اللبنانية الآن. ‏
الصحفي: لماذا سحبتم الجنود السوريين من لبنان؟ ‏
الرئيس الأسد: في الحقيقة نحن بدأنا بذلك منذ خمسة أعوام وبالتحديد في العام 2000 وقمنا بذلك لان الوضع في لبنان أصبح أكثر استقرارا بين نهاية الحرب الاهلية وعام 2000 عندما بدأنا بالانسحاب في ذلك الوقت انسحبت «اسرائيل» من الجزء الاكبر من لبنان في عام 2000 وعندما يكون جيشك خارج البلاد يكون الامر مكلفا من الناحية السياسية والاقتصادية وغيرها من النواحي. ‏
الصحفي: لكن الم يكن ذلك احتلالا؟ ‏
الرئيس الأسد: لا فقد دخلنا لبنان بناء على طلب لبناني. ‏
الصحفي: إذاً أنتم لا تعتبرون وجود الجنود السوريين في لبنان احتلالا. ‏
الرئيس الأسد: لا. لا نعتبر ذلك احتلالا ولو كان احتلالا لكانت هناك مقاومة لذلك الاحتلال لم نكن محتلين والا فكيف قاتل اللبنانيون «اسرائيل» لمدة اثنين وعشرين عاما ولم يقاتلوا سورية؟ ذلك أننا لم نكن محتلين. ‏
الصحفي: يشير معظم الناس الى أن قرار سحب معظم الجنود السوريين من لبنان جاء بعد اغتيال الحريري. ‏
الرئيس الأسد: هذا صحيح ففي عام 2000 بدأنا الانسحاب من لبنان لانه كان علينا القيام بذلك وقبل اغتيال الحريري كان هناك القرار رقم 1559 الذي استصدر في نهاية عام 2004 مطالبا بسحب كل الجنود السوريين من لبنان قبل ذلك القرار كنا قد سحبنا 63 بالمئة من جنودنا من لبنان الا أننا اتخذنا القرار الكامل بمغادرة لبنان بعد اغتيال الحريري. ‏
الصحفي: وما هو السبب؟ ‏
الرئيس الأسد: لان جزءا من اللبنانيين اعتقدوا أن سورية هي التي اغتالت الحريري ووقفوا ضد سورية بعد أن كانوا حلفاء لنا ولهذا السبب انسحبنا، لا يمكننا البقاء في لبنان عندما يكون بعض اللبنانيين ضد سورية. ‏
الصحفي: اعذرني سيدي بالقول انه ربما كان محققو الامم المتحدة والرأي العالمي يعتقدون الى حد كبير أن سورية لها علاقة باغتيال الحريري. ‏
الرئيس الأسد: هذا لان بعض اللبنانيين قالوا ذلك بعد اغتيال الحريري حاولوا توجيه الاتهام الى سورية ولا يوجد أي منطق في ذلك فرفيق الحريري كان صديقا لسورية ودعمها في أصعب المهام التي أنجزها وهي التمديد للرئيس لحود على الرغم من أن الحريري كان ضد ذلك الا أنه قام به من أجل سورية. ‏
الصحفي: وبالقيام بذلك كان يتحدى سورية. ‏
الرئيس الأسد: لا فقد وافق على ما أردناه. ‏
الصحفي: أخبرني ما الذي حصل في الاجتماع المشهور بينكم وبين الحريري قبل اغتياله؟ ‏
الرئيس الأسد: تحدثنا عن التمديد وقلنا له اننا نعتقد أن التمديد ضروري الآن فقال انه ليس مع ذلك القرار لكنه مع ذلك سيقف الى جانب سورية كان موقفه جيدا جدا وهذا ما حصل قلنا له لا نريد أن نحرجك في هذا الموضوع فلك الحق أن توافق أو تعارض ولو عارض لما كان من الصعب بالنسبة لسورية أن تقوم بذلك أو اقناع الآخرين بالقيام به قلت له يمكنك أن ترد علينا خلال يومين أو ثلاثة بعد يومين قال انه سيقف الى جانب سورية ويدعم التمديد هذا ما حصل في ذلك اللقاء. ‏
الصحفي: هذه ليست هي المرة الاولى التي ستسمعون فيها ما سأقوله الآن القصة التي أشيعت تقول انكم قمتم بتهديده وبأنكم ستكسرون لبنان على رأسه. ‏
الرئيس الأسد: نحن ندين الجريمة؟ ‏
الصحفي: يسأل مقاطعا: الاغتيال كان جريمة وأنتم تدينونه لانه لم يكن جيدا بالنسبة لسورية. ‏
الرئيس الأسد: بالضبط لكن اذا وضعنا هذا جانبا هل ستلجأ للتهديد اذا كنت ستقوم بأمر بمثل هذا السوء بالطبع لا ثانيا اذا كنت ستهدده فأنت تهدده لتجعله يقوم بشيء ما وأنت تنفذ تهديدك عندما لا ينفذ ما تطلبه منه لكنه نفذ ما طلبته منه اذا لماذا تؤذيه اذا كان قد نفذ ما طلب منه؟ لا داعي لان تلحق به الاذى هنا يوجد تناقض. ‏
الصحفي: قيل انه بعد عودته الى لبنان قال لابنه انك قمت بتهديده. ‏
الرئيس الأسد: هذا ليس صحيحا لقد سمعنا فيما بعد انه قال ان شخصا من الاستخبارات السورية وجه مسدسا الى رأسه لكن الحريري بنفسه أخبرني أن بعض المسؤولين من الغرب أخبروه أنهم غاضبون منه لانه وقف الى جانب سورية لقد أخبرني ذلك لكنه ربما يكون قد أخبرهم ذلك لهذا السبب، في الحقيقة لم أهدده ولم يهدده أحد من سورية. ‏
الصحفي: هل تعتقد أن أي شخص في الاستخبارات السورية أي شخص قد تكون له علاقة باغتيال الحريري؟ ‏
الرئيس الأسد: لا أعتقد ذلك ولسبب واحد ان مثل هذه العمليات تحتاج الى فريق كبير لانها عملية في غاية التعقيد ولا يمكن لشخص واحد أن ينفذها لا بد أن هناك فريقا أو منظمة أو استخبارات بلد آخر قاموا بذلك. ‏
الصحفي: لكن هذه هي بالضبط النقطة التي أثارها محققو الامم المتحدة كانت تلك عملية معقدة تحتاج الى أشخاص لديهم معرفة بالاغتيالات والمؤامرات ربما كانت الاجابة تكمن بين الاستخبارات اللبنانية والسورية. ‏
الرئيس الأسد: أولا لم يحدث في تاريخنا أن قمنا باغتيالات كنا موجودين في لبنان لمنع هذا النوع من الاغتيالات وقد خسرنا حوالى عشرة آلاف جندي لهذا السبب عليك أن تسأل ما مصلحة الحكومة بمثل هذا الفعل لا يوجد لسورية أي مصلحة بما يحصل ثالثا لان العملية معقدة فهي بحاجة الى جهاز هذا يعني أن من ارتكب ذلك لم يكن شخصا واحدا بل أكثر من ذلك واذا كان هناك من تورط بذلك فسيتم تصنيفه على أنه خائن كما قلت سابقا وستتم معاقبة مثل ذلك الخائن لكن هناك فرق بين الخائن والجهاز الحكومي الذي يقف وراءه حتى الآن لا يوجد أي دليل على تورط أي سوري من الاستخبارات ولا من الحكومة أو من خارجها. ‏
الصحفي: سيكون هناك حديث بينكم وبين محققي الامم المتحدة خلال الاسابيع القليلة القادمة وهو حديث وليس تحقيقا وبالضرورة فانك ستقول لهم ما قلته لي؟ ‏
الرئيس الأسد: بالضبط. ‏
الصحفي: اذا ما قدموا دليلا لكم على تورط أحد من عائلتكم سواء كان أخاكم أو زوج أختكم وصدقتم ذلك ما الذي ستقومون به. ‏
الرئيس الأسد أولا دعني أخبرك أنني متأكد أنه لا يوجد مثل هذا الدليل أنا واثق مئة بالمئة من صحة ذلك ثانيا اذا ما افترضنا أن أحدهم سوريا أو غير سوري متورط وأن لديهم دليلا سيقومون بتقديمه في التقرير فهذا عملهم لماذا اذا يسألونني عن ذلك لماذا يقدمون الدليل لي؟ عليهم أن يقدموه في التقرير. ‏
الصحفي: هل أثر كل ذلك بطريقة أو بأخرى على سلطتكم وقيادتكم في سورية؟ ‏
الرئيس الأسد: لا، ربما يكون قد حصل بعض البلبلة في البداية حيث تشوش الجميع بمن فيهم أنا الكل كان يقول ما الذي يحصل للبنان والمنطقة لكن خلال فترة قصيرة أصبح الجميع يتحدثون عن مسرحية واذا ما سألت أي شخص في سورية فسيقول لك ان هذه لعبة. ‏
الصحفي: لكن من وراء هذه اللعبة؟ ‏
الرئيس الأسد: اذا ما عدت لتقريري ميليس ستجد أنهما وضعا بشكل مسبق والشاهدان كانا مزيفين الشاهد الاول لم يعترف وكانت لدينا أدلة على ذلك وقدمناها الى ميليس بينما عاد الثاني الى سورية وقال انه أجبر على الاعتراف بأشياء بطريقة معينة كانت تلك لعبة لهذا السبب معظم الشعب في سورية يعرف أن التقارير كانت سياسية ولم يكن لها علاقة بتحقيق مهني ربما نأمل الآن مع تعيين المفوض الجديد أن تتحسن الامور كما نراها الآن لكن علينا أن ننتظر ونرى. ‏
الصحفي: هناك انتخابات قادمة في 2007 وزيرة الخارجية الاميركية تجوب الشرق الاوسط لتعزيز الديمقراطية والرئيس يشجع عليها أيضا وهم يقولون انه لا فائدة من دعم الانظمة غير الديمقراطية في المنطقة وانه علينا أن نغيرها كيف تنظرون الى ذلك؟ هم يقولون دوما ان الديمقراطية هي الحل في الشرق الاوسط. ‏
الرئيس الأسد: بالتأكيد الديمقراطية هي الحل لكل العالم ليس فقط في المنطقة واذا ما أردت الآن أن نتحدث عن مصداقية أولئك الذين يطلقون مثل تلك التصريحات لنأخذ مثالا اذا ما نظرت شرقا أجد أبو غريب واذا ما نظرت غربا أجد غوانتانامو. ‏
الصحفي بكل تأكيد لا تجد أميركا ما تفخر به في ذلك. ‏
الرئيس الأسد: ما العلاقة بين الديمقراطية واحتلال بلد مثل العراق؟ ما العلاقة بين الديمقراطية وأن يكون هناك بين خمسة الى ستة ملايين فلسطيني خارج بلدهم هناك الكثير من الامور التي تضر بمصداقية أولئك الناس نعم نحن بحاجة الى الديمقراطية لكن الديمقراطية التي نريدها نحن واذا ما سألت ما معنى الديمقراطية بالنسبة لنا؟ فعليك أن تعود الى ثقافتنا يجب أن يتم ذلك خطوة بخطوة وأن يتم من الداخل ومن خلال الحوار بين الشعب في هذا البلد وبين المجتمع وفي الشرق الاوسط عموما فأي ديمقراطية مستوردة بغض النظر عن الارادة خلفها ستكون فاشلة. ‏
الصحفي: هل تعتقدون أنه ستكون هناك ديمقراطية في العراق؟ ‏
الرئيس الأسد: هذا يعتمد على الطريقة التي أراها بها الآن هل الديمقراطية أكثر أهمية من الفوضى؟ الى ماذا تستند هل تستند الى اقتصاد أفضل أو أمان أكثر؟ ما فوائد الديمقراطية اذا لم تكن لديك الامور الاساسية في المجتمع؟ الديمقراطية ليست كل شيء الديمقراطية أداة تستخدمها لتحقق وضعا أفضل فأنت لا تستخدمها لتقول فقط بأنك ديمقراطي. ‏
الصحفي: لا توجد ديمقراطية في الاردن وفي المملكة العربية السعودية وخاضوا الانتخابات لكن. ‏
الرئيس الأسد: الانتخابات هي النتيجة النهائية للديمقراطية، الديمقراطية هي كيف يفكر الناس وكيف يقبلون ببعضهم بعضا ففي المجتمعات المختلطة كمجتمعنا تكون لديك ديمقراطيات مختلفة عما لديك في بلدك. ‏
الصحفي: هناك قضية أخرى في هذه المنطقة وهي مساعي ايران كما يفهمها الكثير من الناس للحصول على سلاح نووي هل تعتقدون أنهم يريدون سلاحا نوويا؟. ‏
الرئيس الأسد: لا لقد قالوا علنا بأن لا مصلحة لديهم بامتلاك أسلحة نووية أعتقد أن ايران بلد قوي دون أسلحة نووية ثانيا لا نعتقد أن الشرق الاوسط بحاجة الى المزيد من المشكلات ثالثا تقدمنا بمسودة قرار الى مجلس الامن لجعل منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل هذه هي الطريقة التي ننظر بها في سورية. ‏
الصحفي: لقد زاركم رئيس ايران الجديد هنا في دمشق وأنتم زرتموه في طهران ما رأيكم برجل يقول إنه لم تكن هناك محرقة الهولوكوست؟. ‏
الرئيس الأسد: اذا سألت الناس في المنطقة فانهم سيقولون لك ان الغرب قد بالغ بشأن الهولوكوست الناس يقولون انه كانت هناك محرقة لكنهم بالغوا في الامر. ‏
الصحفي: أنتم لا تصدقون هذا أيضا الا تصدقون؟ ‏
الرئيس الأسد: المسألة ليست مسألة كم قتل من الاشخاص سواء نصف مليون أو ستة ملايين أو شخصا واحدا فالقتل قتل على سبيل المثال قتل ثمانية ملايين سوفييتي فلماذا لا نتحدث عنهم؟ ان المشكلة ليست مشكلة عدد الذين قتلوا وانما الطريقة التي يستخدمون بها قصة المحرقة ماذا يجب على الفلسطينيين أن يفعلوا بالنسبة للهولوكوست لدفع الثمن؟ ‏
الصحفي: حتى الناس الذين أعرفهم في ايران يقولون انهم لا يصدقون مايقوله الرئيس وهناك أشخاص ممن يصدقون هذا. ‏
الرئيس الأسد: وفي بلدي سترى رأيين أيضا. ‏
الصحفي: أود أن أتأكد فيما اذا كنت قد فهمت ما تعتقدونه أنتم.. تعتقدون بأنه كان هناك هولوكوست حيث قام النازيون المعادون للسامية بقتل الملايين. ‏
الرئيس الأسد: نحن العرب ساميون أيضا بكل تأكيد كانت هناك مذابح وقعت ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية لكنني أتحدث عن المفهوم والطريقة التي يستخدمون فيها هذا المفهوم لكن لا توجد لدي أي معلومات وثيقة حول عدد الذين قتلوا أو كيف قتلوا هل قتلوا بالغاز أم بالرصاص؟ نحن لا نعرف. ‏
الصحفي: كان جزء من السياسة النازية هو القضاء على اليهود وهذه ليست مجرد مذبحة. ‏
الرئيس الأسد: نحن نرى ما يجري في فلسطين بنفس الطريقة لكنكم لا ترون هذا بالطريقة ذاتها فنحن لم نعش في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية بل كنا بعيدين ولا نراها بالطريقة التي يراها فيها الاوروبيون.. فستة ملايين فلسطيني يعيشون خارج بلادهم وعشرات بل مئات الآلاف قتلوا خلال العقود الماضية. ‏
الصحفي: لنتكلم حول مستقبلكم والاصلاح الذي تقومون به اشرحوا لي ما الذي تريدون القيام به؟ لقد قلتم بوضوح انكم تريدون القيام بالاصلاح الاقتصادي قبل الاصلاح السياسي وأنتم تنظرون الى النموذج الصيني وبالنسبة للصينيين فإن لديهم اقتصادا سريع التعاظم الامر الذي يعود بالمنافع على شعبهم. ‏
الرئيس الأسد: أنا لا أخترع الاصلاح فالاصلاح يبدأ من التحديات الموجودة لديك ان الاصلاح لدينا يبدأ من التحديات والمشاكل والعقبات والشكاوى الموجودة أمامنا واذا جلست مع أي مواطن سوري فإنك ستسمع منه بصورة أساسية ما يتعلق بالسؤال حول ظروف معيشية أفضل وتأمين المزيد من فرص العمل.. يبلغ عدد سكان سورية 18 مليون نسمة تقريبا و 60 بالمئة من عدد السكان دون سن الخامسة والعشرين وهناك 300 الف طفل يولدون سنويا و 200 الف شخص بحاجة للعمل كل سنة والتحدي الاخطر بالنسبة لبلدنا هو توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب. ثانيا الاصلاح السياسي مرتبط بالاصلاح الاقتصادي والثقافي ومرتبط برفع سوية المجتمع ككل لكن نحن بحاجة لوضع الاولويات وأنا لا أعني بالاولويات التتالي حيث أقوم بالاصلاح الاقتصادي أولا ومن ثم بالاصلاح السياسي وهكذا بل أتحرك بشكل متواز . ‏
الصحفي: لكن النقطة المركزية هي خلق فرص عمل. ‏
الرئيس الأسد: يجب علينا أن نركز على المجال الاقتصادي أولا لانه لا يستطيع الانتظار فالناس جياع لان هناك فقرا والناس يريدون أن يضمنوا لاولادهم امكانية الذهاب الى المدارس وامكانية الحصول على أنظمة طبية جيدة يمكن للناس أن ينتظروا بالنسبة للمجالات الاخرى لكن بالرغم من ذلك فاننا نتحرك معا في جميع المجالات لكن ما الذي تغير في السنوات الخمس الاخيرة كانت الاولوية الاولى بالنسبة لنا هي الاقتصاد ومن ثم السياسة لكن الان وبعد أحداث 11 أيلول والطريقة التي تعاملوا فيها مع الارهاب تغيرت الاولويات بالنسبة لنا. ‏
الصحفي: كيف أدى ذلك الى تغيير أولوياتكم؟ ‏
الرئيس الأسد: أولا ان الاولوية الان هي الامن لاننا بدأنا نشهد خلال السنتين الماضيتين المزيد من الارهاب بعد مضي عقدين من الزمن لم نشهد خلالهما أي أعمال ارهابية أما الاولوية الثانية فهي الاقتصاد وبعد ذلك المجالات الاخرى.. الآن الجميع يشعرون بالقلق حيال أمنهم وهذا التغير في الاولويات ليس أمرا جيدا بالنسبة لنا وهو شيء لم نطلبه وانما هو شيء لا نستطيع تجاهله لكن هذا التغير في الاولويات لن يوقف الاصلاح والاكثر أهمية من هذا هو الحالة الفكرية الموجودة فعندما تتحدث عن الديمقراطية على سبيل المثال فهي تمثل حالة فكرية لقبول الاخر وعندما يكون هناك ارهاب فانه مستند الى التطرف وعندما يكون هناك تطرف وارهاب فلن تكون هناك ديمقراطية لان المتطرفين والارهابيين لا يقبلون بالاخر ولهذا السبب قلت سابقا ان الديمقراطية هي حول كيفية قبول الرأي الاخر هذه هي الطريقة التي تأثرنا بها بسبب الحرب في العراق والحرب في أفغانستان. ‏
الصحفي: لنتحدث عن الهلال الشيعي، يقول الملك عبد الله من وجهة نظر سياسية ان هناك هلالا شيعيا من ايران الى العراق الى حزب الله وهم يتحدثون عن ذلك الارتباط على أنه شيء يسبب الخوف. ‏
الرئيس الأسد: تماما اذا استخدمت هذا المصطلح بغض النظر عن الطوائف التي تدرجها تحته فانه يعني أنك تدمر المنطقة وهذا خطير جدا ونحن قلنا لا، لنتحدث عن مجتمعات متنوعة هذه هي الطريقة التي عشنا فيها لآلاف السنين. ‏
الصحفي: وهذا تماما ما يحصل في العراق اليوم عنف طائفي وميليشيات احدى الطوائف تحارب ميليشيات طائفة أخرى. ‏
الرئيس الأسد: تماما فعندما تتحدث عن السنة والشيعة والعرب والاكراد فانك تقسم البلد. ‏
لدينا نفس النسيج الاجتماعي في الشرق الاوسط بأكمله وجميع هذه المجتمعات مرتبطة ببعضها البعض. ‏
الصحفي: لكن هل تعتقدون أن أمريكا تسببت بضرر أكبر في استقرار العراق ببقائها هناك بدلا من مغادرتها فالجدل الدائر الان هو أن الشيء الوحيد الذي يحول دون اندلاع حرب أهلية شاملة هو الوجود الامريكي في العراق الآن. ‏
الرئيس الأسد: أولا أينما توجد حرب فهناك آثار سلبية جدا بصرف النظر عن أسبابها أو مكانها كل حرب هي سيئة في أي منطقة كانت وغزو العراق هو حرب ثانيا ارتكب الامريكيون أخطاء سياسية عديدة بحيث بات هناك تراكم لهذه الاخطاء خلال السنوات الثلاث الماضية ولهذا السبب ظهرت هذه النتائج. ‏
الصحفي: هل تعتقدون أن المجتمع الاسلامي المعتدل ساهم بما فيه الكفاية بتحديد ومقاومة المتطرفين كالقاعدة وغيرها والذين يقول كثر انهم يكفرون بالقرآن.. أضف الى ذلك أن الكثير من الناس يرون اليوم أن العالم بحاجة للمزيد من المسلمين المعتدلين لكي يلعبوا دورا. ‏
الرئيس الأسد: هذا صحيح لأن التطرف يحارب من خلال الاعتدال بصورة عامة لكن لا يمكنك أن تفصل الاعتدال في الاسلام عن الاعتدال في السياسة أو في المجتمع وهذا ينطبق أيضا على التطرف فلو كانت هناك قضية سياسية حساسة لكان المجتمع حساسا بسببها وسيكون هناك عندئذ تطرف في المجتمع وتطرف في الدين إذاً ما تقوله صحيح لكننا نحتاج الى جو ملائم لتعزيز الاعتدال. ‏
الصحفي: لكن كيف يمكن ايجاد مثل هذا الجو؟. ‏
الرئيس الأسد: من خلال المواقف السياسية المعتدلة ازاء مختلف القضايا في المناطق الساخنة في العالم، ثانيا من خلال نشر الثقافة والثقافة تعني الحوار، ثالثا من خلال التطوير الاقتصادي لأن الاقتصاد يمكن أن يقودك الى أماكن أبعد من أي وسيلة أخرى أما الملاذ الاخير في حال كان ضروريا فهو التعاون الاستخباراتي وليس الحرب فالحرب والمواقف السياسية الخاطئة والظلم تدفع الناس لكي يفقدوا الامل وعندما يفقد الناس الامل فلن يكونوا معتدلين على أقل تقدير. ‏
الصحفي: في الختام أود أن أنهي هذه المقابلة بسؤالكم عن العلاقة مع الولايات المتحدة هل تعتقدون أن الولايات المتحدة تتمنى لحكومتكم الخير أم الشر؟ ‏
الرئيس الأسد: لن أتحدث عن الولايات المتحدة بل عن الادارة الامريكية هناك جناحان في الادارة وربما أكثر من جناحين وكل جناح ينظر الى الوضع من منظوره الخاص ومن وراء البحار ومن خلال بعض مراكز البحث هناك.. ولذلك لا يعرفون أي شيء عن منطقتنا لانه قد تكون هناك وجهة نظر أو وجهتا نظر أو الاف وجهات النظر حول منطقتنا ولذلك هم لا يرون الحقيقة في نهاية المطاف هذا هو الوضع. بعض الناس يتمنون أشياء سيئة لنا وآخرون يتمنون أشياء في غاية السوء والبعض الآخر يتمنى أن يقيم معنا حوارا وتعاونا. ‏
الصحفي: ماذا عن وزيرة الخارجية الامريكية والرئيس؟. ‏
الرئيس الأسد: لم نلتق قط. ‏
الصحفي: هل ترغبون بلقائهما؟. ‏
الرئيس الأسد: نرغب باقامة تعاون مع الادارة الامريكية ومع أصحاب القرار فيها. ‏
الصحفي: هلا ساعدتموني علي فهم ما يلي؟ ما هو نوع المقابل الذي تريدونه؟ وما هو نوع الحوار المناسب بينكم وبينهم؟. ‏
الرئيس الأسد: أولا يجب علي المسؤولين الامريكيين أن يتحدثوا معنا حول مصالحهم ويجب على كمسؤول سوري أن أتحدث معهم عن مصالحي. لو سألتهم عن العراق لقالوا انهم يريدون استقرار العراق ودعم العملية السياسية وأنهم لن يبقوا فيه ونحن في سورية نريد استقرار العراق وندعم العملية السياسية فيه ولا نود رؤية أي جنود أجانب هناك اذن نحن نشاطر الامريكيين نفس العناوين ولهذا يمكننا ايجاد مصالح مشتركة فيما بيننا. ‏
الصحفي: لكن ماذا لو قالوا ان حزب الله هو مشكلة بحد ذاتها؟. ‏
الرئيس الأسد: لا، حزب الله جزء من عملية السلام لو قالوا انهم يريدون تحقيق السلام لقلنا اننا نريد السلام كذلك فلو كان هناك سلام لما كانت لديهم مشكلة مع حزب الله أو حماس اذن المشكلة ليست مشكلة منظمات وانما مشكلة عملية السلام أما اذا قالوا انهم لا يحبون هذه المنظمات فعليهم أن يجدوا حلا وهذا الحل يكون من خلال السلام. ‏
الصحفي: لو تحقق السلام وكان هناك تغيير في العراق ولو نجح العمل السياسي والامني في العراق بشكل ما فهل تأملون عندئذ بتجديد العلاقات مع الولايات المتحدة وبالتالي لا تفرض عقوبات أو قيود على سورية ويعود تدفق البضائع التجارية بين الشركات الامريكية والمستهلك السوري؟ ‏
الرئيس الأسد: لا أحد في المنطقة يرغب بأن تكون علاقاته مع الولايات المتحدة سيئة فالولايات المتحدة دولة عظمى وأكثر دول العالم تقدما ومن المفيد جدا لنا أن تكون علاقاتنا مع أميركا جيدة أما في السياسة فقد اعتمدنا على الولايات المتحدة لوقت طويل في سعينا لتحقيق السلام ونود أن نعتمد عليها في تطوير بلدنا في مختلف المجالات. ‏
الصحفي: وتريدون أن تعودوا للفترة التي كنتم تتبادلون معهم المعلومات الاستخباراتية وتتعاونون في محاربة القاعدة. ‏
الرئيس الأسد: تماما لكن يجب أن نأخذ مصالحنا بعين الاعتبار فالمشكلة مع الادارة الحالية هي أنها تتحدث عن مصالحها فقط ولا تتحدث عن مصالح الدول الاخرى وهذه المشكلة ليست مع سورية فقط وانما مع دول أخرى عدة لكن لو تحدثنا عن النتائج التي حققوها لوجدنا أنهم لم يحققوا مصالحهم اذ ماذا حقق العالم بعد أربع سنوات من أحداث 11 أيلول هل حقق وضعا أفضل من السابق؟! لا يمكنني رؤية ذلك اذن يجب على الامريكيين التعامل مع الحقائق بدلا من اضاعة الوقت في مناقشة تمنيات أو عناوين أو شعارات. ‏
الصحفي: سيغادر جورج بوش البيت الابيض عام 2008 فهل سيكون بشار الأسد رئيسا عام 2008؟. ‏
الرئيس الأسد: يجب أن تطرح هذا السؤال على الشعب السوري بدلا مني لكني أود أن أقضي حياتي في خدمة وطني ويبقى من المبكر الحديث عن هذه المسألة. ‏
الصحفي: سأختم حديثي عند هذه النقطة لكن هنا تكمن المعضلة ؟ فأنت كما وصفك جيمس بينيت لغز يقولون انك دكتاتور وبنفس الوقت غير متحكم بالامور ويقولون انك ترى الاصلاح وبنفس الوقت أسير لمستشاري أبيك الراحل كيف تفسر هذا الامر؟. ‏
الرئيس الأسد: السبب أنهم ينظرون الى الاصلاح على أنه كلمة واحدة وفي عالم واحد هناك مئات والآف من أشكال الاصلاح وكل شكل يكون بحسب ظروف كل بلد. لو أنهم فهمونا ووعوا ظروفنا وتاريخنا لفهموا أي شكل من أشكال الاصلاح أعني لكنهم عندما يرونني أسير بالاصلاح باتجاه مختلف يعتقدون أنني أتحدث عن الاصلاح وأسير باتجاه يختلف عما أتحدث عنه.. في سورية لدينا اصلاح يختلف عن الاصلاح لديهم ولو أنهم ديمقراطيون لقبلوا الاصلاح لدينا كما هو لهذا يقولون انني غامض ولكنني أدعوهم للقدوم الى المنطقة واكتشاف أننا واضحون جدا وأعتقد أننا كسورية الاكثر وضوحا بين دول المنطقة نحن لسنا غامضين على العكس نحن في غاية الوضوح. ‏
الصحفي: سيادة الرئيس شكرا لكم على استقبالكم لنا في دمشق. ‏
الرئيس الأسد: أهلا وسهلا بكم في سورية.‏

مجلس الشعب... مؤسسة فاعلة .. أم منفعلة

ثمة أكثر من أمر حال دون أن يقوم مجلس الشعب بدوره المطلوب منه, خاصة في ظل جملة متحولات على أكثر من مستوى وصعيد, في الآن الذي يبدو أن هناك محاولات تفعيل جادة كان العمل عليها واضحا في بداية الدور التشريعي الحالي, نقول ذلك ونحن ندق أبواب الربع الأخير من عمر هذا الدور, وهذا يعني فيما يعني أن المطموح له وإليه, والمعوّل عليه أيضا, لم يكن كما أريد له أن يكون, إذ أن المراقب يلاحظ جيدا أن فتورا حادا حال دون التعبير عن مجمل الطاقة الكامنة التي جاء بها معظم السادة أعضاء المجلس خلال هذا الدور, خاصة حين عملت الأحزاب على زجّ طاقات جديدة ونوعية قادرة ومؤهلة للفعل والإنتاج, ولم يكن ذلك الميزة الوحيدة التي تم العمل عليها, وإنما كان هناك ميل واضح أيضا على أن فضاء جديدا يراد له أن يمر خلال مفاصل هذه المؤسسة كي تأخذ دورها الطبيعي, أعني بالضبط دورها المنصوص عليه في الدستور والنظام الداخلي لها..‏
ففي الوقت الذي تم به أكثر من تعديل وتغيير حكومي خلال السنوات الماضية من عمر هذا الدور, وفي الآن الذي لم تشهد سورية خلال العقود القليلة الماضية هذا الحجم من التعديل والتغيير على مستوى الحكومات والأفراد المكونة لهذه الحكومات, وفي الآن الذي كان به واضحا أن هناك ضعفا يعاني منه الجسد الحكومي, على أكثر من مستوى وصعيد, وأن هناك مجموعة واسعة من المناخات والتوجهات والقرارات التي مهدت لهذا المجلس في أن يكون السابق والسباق للقيام بدور رئيسي في مشروع الدولة, وفي الآن الذي تراجعت جملة معاني للدولة كي يتقدم معناها المؤسساتي التشريعي والرقابي, والذي يحدد بالضبط الدور الأساسي الذي لا بد من أن يقوم به هذا المجلس, نلاحظ رغم كل ما تقدم أن هذا الدور لم يكن بالمستوى الذي طلب منه, أو تم دفعه وتشجيعه كي يقوم به..‏
لو قمنا بدراسة سريعة على ما أصاب الجسد الحكومي من تعديل ومن تغيير خلال هذا الدور لبرزت لدينا جملة من الأسئلة الهامة, وأولها: ما هو الدور الذي لعبه المجلس خلال هذا التعديل أو هذا التغيير, بمعنى, هل استطاع هذا المجلس أن يشكل مؤشرا على أداء الحكومة وبالتالي المطالبة بهذا التعديل أو ذلك التغيير, هل قام المجلس بما كان يجب أن يقوم به خلال هذه الفترة, من حيث هذين المعنيين, بالرغم من إشارات قوية كانت تصبّ باتجاه أن يأخذ أو يمارس المجلس صلاحياته, لا بل واجباته, إذا, لم يكن بمقدوره أن يقوم بهذه الواجبات..‏
فعلى سبيل المثال لم يقم المجلس باستجواب واحد بشكل فاعل, بالرغم من أن إشارات كانت قد جاءت بهذا الاتجاه, ولو عدنا إلى أسباب هذين الاستجوابين لوجدناها أسبابا فردية شخصية ليس لها أي معنى يتعلق بالأداء الحكومي, وأنها أسباب شخصية سرعان ما تراجع عنها أصحابها, أعني السادة الذين طلبوا الاستجواب .‏
وبالتالي فإن هذه الملاحظة جد خطيرة, فقد أكدت أن ذاتية عالية كان يعيشها السادة أعضاء المجلس ولم يعملوا على أساس مؤسساتي فاعل وخلاق, يضع دور المجلس في سياقاته الطبيعية.‏
وفي الآن الذي بقي المجلس يقوم بدور مقبوض لصالح رؤى فردية لم ترق إلى مستوى مؤسساتي فاعل ومباشر ومفيد, بما أتاحه الدستور والأنظمة والقوانين والنظام الداخلي للمجلس, فقد بقي أيضا محسورا أمام توجيهات أخرى أتاحت له إمكانية القيام بدور تاريخي هام تمر به البلاد, وذلك من خلال تركيز القرار السياسي في البلاد على مواجهة ومحاربة الفساد, حين طلب منه مباشرة أن يقوم بهذا الدور, وبالرغم من ذلك كله, لم تسجل لهذا المجلس واقعة أو حالة واحدة استطاع من خلالها أن يشكل موقفا حاسما منها, فقد بقي يردد ما يردده الأخوة المواطنون في الشارع, فالكل يتحدث عن الفساد, والكل ينظّر به وفيه وله, والكل وقف عاجزا على أن يشير وبجرأة عن حادثة أو واقعة بعينها, كما أنه لم يستطع أن ينتج صيغة قادرة على التعامل مع مجمل المتحرك على هذا المستوى, لا بل لم يكن بمقدوره أن يساند بهذه المواجهة التي فرضها القرار السياسي في البلاد, حيث كان المطلوب منه أن يقوم بدوره الهام, وهو المخوّل الأوحد بالقيام بهذا الدور.‏
الكثيرون يقولون إن مجلس الشعب في هذا الدور عمل وأنتج وأقر مجموعة واسعة من مشاريع القوانين والمراسيم, وأنا ممن يقولون هذا الكلام, ولكن علينا أن ندرك تماما أن هذا الدور الإجرائي المسند إلى المجلس لم يكن الدور الوحيد, أو الأوحد, كما يريد أن يسوّق له البعض, إنها الحلقة الأضعف من حلقات ومهام مجلس الشعب, خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد, وفي ظل التحديات التي واجهت سورية, سياسيا واقتصاديا ومعرفيا, فقد كان المطلوب أن يتقدم المجلس كي يأخذ دوره كمؤسسة فاعلة في وجه هذه التحديات, وتلك التحولات, بأن يساهم في الإعداد لممانعة سياسية اجتماعية ثقافية قادرة على أن تشكل رافعة حقيقية في وجه ما يحاك لسورية, ولا يبقى يردد صدى ما يمكن لمؤسسات أخرى أن تقوله, فقد بقي منفعلا وليس فاعلا, وبقي مشدودا لصالح مؤسسات أخرى بدلا من أن يكون متقدما عليها وسابقا لها..‏

خالد العبود-عضو مجلس الشعب : ( كلنا شركاء ) 27/3/2006

ابحثوا في ملفات الفجع الفسادي

قبل أيام سألت شخصاً من ذوي أحد الموقوفين من رؤساء البلديات بمدينة دمشق بتهمة الفساد، عن الحصيلة الكبيرة من السرقات التي ابتلعها المشار اليه، وعما كان سيفعله بالمبالغ الطائلة التي تكفيه " لولد الولد " كما يقولون، فأجاب وبكل فصاحة الصراحة : هناك شيء علاجه صعب، اسمه الفجع، والفجع قد يكون سلطوياً، وقد يكون مالياً، وقد يكون الاثنان معاً، وفي حالات نبيلة يحمل اسماً آخر اسمه : الالتهام النبيل للأخلاق والمعرفة والكد والعمل.
أما الفجع المالي المتوالد عن ظاهرة الفساد فحدث ولاحرج، خصوصاً في ظل المنعطفات والأوضاع الصعبة التي تمر بها الأوطان، حيث يصبح عندها الفساد والفاسدين كالطحالب التي تنمو في المياه الآسنة، مستغلين الواقع الراهن، غير آبهين بحياة ولقمة عيش المواطن العادي، عاملين على استنزافه، وتنظيف جيوبه شبه الفارغة أصلاً، وعلى حد قول الشاعر الكبير سليمان العيسى : أجهدوا النعجة المسكينة بالحلب… فخارت من وطأة الاجهاد.
المقدمة اياها تكفي كي أقول أولاً بأن خطوة محافظ دمشق السيد بشر الصبان باقالة عدد كبير من المدراء والمعاونين، وتطبيق المقاييس الجديدة القائمة على المهنية والكفاءة وحسن السيرة الذاتية، خطوة أولية متواضعة على طريق تحرير مؤسسات المحافظة من ديناصورات التسيب والفلتان والرشاوى، وسوء الاستقامة والتردي الأخلاقي وحتى … اللاوطني في دوائر المحافظة والبلديات على وجه الخصوص، ومنهم أولئك الذين امتهنوا وأستمرؤا التغطية على مخالفات البناء في المناطق المختلفة على أساس تسعير معينة لكل متر مخالفة، وعندما كان المواطن التعيس يناقشهم في السعر كان الجواب بأن المبالغ تقسم وفق حصص معينة.
وبالاجمال ان خطوة السيد بشر الصبان محافظ دمشق، تنتظر اجراءات اضافية، بالرغم من الخطوة الأخيرة، قد تكون مست بجوانب منها بعض الصالحين الذين ضاعوا بين فساد الطالحين.
من جانب، وفي مجال الحديث عن الفساد، نتوجه للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لنسألها عن رئيس احدى الجمعيات التعاونية السكنية القائمة على جبل قدسيا ( جمعية الســ)، حيث خضع للتساؤل من قبلها بناء على شكاوى أعضاء الجمعية، وتم اقصائه لفترة قصيرة لاتتعدي شهر ونصف ثم أعيد لرئاسة الجمعية، وكأن اجراء الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لم يكن سوى " تكحيلة عين " فقط. فعاد الى رئاسة الجمعية " كعودة حليمة لعادتها القديمة "، وقد أعمى قلبه الفجع، يمارس الفساد بشكل متقن متقن متقن جداً جداً جداً، كالحاصل على شهادة البورد الأمريكية في أي اختصاص يتطلب مهارات عالية. فهل تتدخل وتسأل الهيئة المركزية لانصاف المواطن البسيط الذي قال عنه الشاعر سليمان العيسى ما أوردناه أعلاه، وتخضع رئيس الجمعية للسؤال بشأن المقاسم القديمة المسلمة للمواطنين منذ 14 عاماً، حيث مازال يحاول ابتزاز المواطنين بأن حساباتها لم تغلق بعد، أم يبقى المواطن خائفاً من هذا الوحش الآدمي الذي يوميء لمن حوله بأنه " محمي " ويحجز أرقاماً سكنية لأفراد يستطيعوا أن يدافعوا عنه في المشروع الجديد للجمعية.
ان الوفاء للوطن، وتفويت الفرصة على اللعبة الدو لية الأمريكية بحق بلدنا، تحثنا وتدعونا لتطهير صفوفنا من أصحاب اللغة البائدة / لغة المدعومين، ولغة المحميين، ولغة الالتفاف المدروس على القانون …/، فهم بكل الحالات أقزام في وطنيتهم وأخلاقهم، ولاضمير لهم حين يستهدفون الغلابى والأرامل والولايا وذوي الدخل المحدود من أبناء وطننا.
اننا نناشدكم، ونعتب عليكم من موقع الحرص، وأنتم حراس الحق في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أن تعيدوا للمواطن الثقة بكم، وبنزاهة دوركم وعملكم، وسموه، باعتباره دوراً وطنياً بامتياز،
ولتتوحد كل الأيدي من أجل سوريا الغد، بأبنائها وقيادتها الشابة التي تقود السفينة نحو الانتقال بسوريا الى الآفاق المفتوحة للقرن الجديد. كما نأمل أن تترجم التوجهات التي تقضي يعدم جواز البقاء في موقع معين لمدة تزيد عن أربع سنوات.
د. هدى حوتري: مثقفة وجامعية سورية ـ دمشق

الاثنين، صفر ٢٧، ١٤٢٧

كيف نجير فشلنا على الغير ... مثال معمل بطاريات القدم

بعنوان : القرض الفرنسي يُخسِر معمل بطاريات القدم 49 مليون ليرة سنوياً - كتبت تشرين:

ذكرت المؤسسة العامة للصناعات الهندسية ان التزام معمل بطاريات القدم التابع للمؤسسة بالقرض الفرنسي وفوائده الكبيرة أدى الى خسارة المعمل بمقدار 49 مليون خلال العام الماضي ما اثر سلبا على الاداء الانتاجي والتسويقي للمعمل.

بالاضافة الى ان البطاريات المهربة والتي تدخل السوق المحلي بشكل غير نظامي تغرق السوق المحلي وبأسعار زهيدة منتهية الصلاحية وعدم قيام المؤسسة الاستهلاكية باستجرار البطاريات وعرضها في مراكزها المنتشرة في جميع محافظات القطر اسوة بفرع دير الزور المستجر الوحيد من مراكز الاستهلاكية وبشكل دائم نظراً لحاجة المناطق الشرقية والشمالية للبطارية. ‏

السؤال الأن:
هل تمت دراسة جدوى القرض ؟
من أجبركم على قبول القرض ؟
ألم يكن من المفترض أن يتحسن انتاجكم وتخف كلفكم ؟ وتصبحون منافسين ؟
أليس من الطبيعي أن يكون هناك بيئة منافسة؟
أم تريدون انتاج اسوء الأنواع وبكلف عالية واجبار المستهلك بها..... مهزلة .... لكن الحق على الوصي عليكم
المفروض محاسبة من قبل القرض ... ومن أدار صرفه ؟؟ ليس فقط بكف اليد ... بل بالقضاء

هل القصة حقيقية؟ :عندما يتم التعيين بالتبعية .... .. جامعة حلب

حين تموت آخر أحلامنا في جامعة حلب: الدكتور وزير التعليم العالي أين أنت؟

ما حصل في جامعة حلب و تحديداً في معهد تعليم اللغات ليس بفيلمٍ مكسيكي و إنما حقيقةٌ كان بطلها المطلق و كاتبها و مخرجها الدكتور أحمد قطب مدير معهد اللغات في الجامعة المذكورة. فالواقعة حدثت على مرأى و مسمع من العشرات من الطلاب و الموظفين يوم الثلاثاء المنصرم بتاريخ 21/3/2006 حوالي الساعة السادسة مساءً.

فإنه و في إطار تحسين أداء الموظفين و تقديم المزيد من الخدمات العملية و العلمية قامت شركة توليد الطاقة الكهربائية بحلب بالاتفاق مع معهد اللغات على إرسال مايقارب 96 عاملاً لديها من مختلف الكفاءات لإتمام دورة تقوية في اللغة الانكليزية. و ماحدث في ذلك اليوم أن اثنين من المهندسين الكهربائيين كانوا في طريقهم إلى قاعة الدرس فاقتربوا لاستخدام المصعد فما كان من مستخدم المعهد إلا أن تقدم منهم آمراً إياهم بعدم الصعود لأن معلمه (الدكتور أحمد قطب) سينزل في الحال و لايجوز أن ينتظر!!!!

قام المهندسان بتجاهل الكلمات و استعملا المصعد و حين و صلا إلى الطابق المنشود كان في انتظارهم مدير المعهد الذي بدأ بالصراخ عليهما لتجرئهما على استعمال المصعد و استغربا و هما في الخمسين من العمر مثل هذا التصرف الذي يبتعد كل البعد عن القيم و الأخلاقية و الاجتماعية و الأكاديمية و طلب منه أحدهم ألا يسترسل في الإهانة لأنه من غير المعقول أن يشتما لاستخدامهما مصعداًًً و ذكره أحدهم أنهم في مؤسسة أكاديمية حكومية و ليس في معهدٍ خاصٍ و بعد هذه الملاسنة الكلامية توجه الاثنان إلى قاعة الدرس ولدهشة جميع الذين كانوا في قاعة الصف دخل مدير المعهد بعد قليل و معه ثلاثة من الحرس الجامعي و بيد أحدهم رشاش. طلب من المهندسين الذين استعملا المصعد الخروج و تم تهديدهم باستعمال القوة إن لم يمتثلا للأمر. و بدأ الاحتجاج و الأخذ و الرد و علا الصياح و ارتفعت نبرات التحدي. تدخل باقي الطلبة من أفراد الشركة المذكورة و البالغ عددهم في ذلك الصف حوالي 17 طالب تقريباً للدفاع عن زميليهم فما كان من الحرس إلا أن سحب رشاشه و بدأ الصراخ من كل حدب و صوب تراكض الموظفون إلى القاعة خرج الطلبة من أربع شعب مجاورة ساد الهرج و المرج في المكان. حاولت المدرسة (ب س) تلطيف الجو و رجا محاسب المعهد الطلبة الهدوء والتزام الأوامر حتى لا يقع قتيلاً و أحكم المهندسان العقل و طلبا من باقي الزملاء عدم الدفاع عنهما حتى لاتتسع رقعة الخلاف و غادرا القاعة و اقتادهم الحرس كما يقتاد المجرمون إلى مكتب مدير المعهد الذي شمخ مزهواً و الذي بدأ باتصالاته الخلبية ليقطع ما بقي من أوصال المتمردين و أمسك سماعة الهاتف و بدأ بالكلام و أخبرهم أنه اتصل بوزير الكهرباء فتشجع أحدهم و سأله و هل ستخبره بأننا استعملنا المصعد قبلك فأحضرت الحرس الجامعي ليخرجنا من قاعة الدرس بقوة الرشاش؟ رد الدكتور قطب ستعرف من أنا و ماذا أستطيع أن أفعل بكم. كي لا نسهب في السرد أكثر يكفينا القول أن الدكتور قطب قام فيما بعد بالاتصال برئيس جامعة حلب و بفرع الجامعة لإطفاء الشرعية على سلوكه, ثم قام بإيقاف دورة اللغة الإنكليزية لموظفي الشركة المذكورة لمدة أسبوع ليسدل الستار الأخير على فيلمه المكسيكي.


الدكتور قطب بطل الطواحين الكلامية الذي تروى عنه عشرات الانتهاكات التي طالت طاقم الموظفين في المعهد و الطلبة و المدرسين قد تم تعيينه كما يدعى نفسه و يتشدق دائماً أمام الجميع من قبل وزير التعليم العالي و مساعده الدكتور نجيب عبد الواحد وأنه المتحدث باسمهما في الجامعة و ربما هذا ما يجعله يلوح بالرشاش لمن عصاه فأصدقائه أصحاب تواقيع خضراء قادرة على تثبيته و قلب باطله حقيقية حين تعلو الشارة الحمراء ولكن إلى أي مدى هو صادق في ادعاءاته الخطيرة هذا مانتمنى أن تحمل جوابه الأيام القادمة.

ما يهم القارئ الآن أن معهد اللغات يدر شهرياً على الدكتور قطب ما يفوق ال 190 ألف ليرة سورية كبدل إشراف على الدورات التدريسية (دورات في اللغة الإنكليزية و الفرنسية و التركية و الإسبانية و الروسية و الإيطالية و العربية لغير الناطقين بها) علاوةً على راتبه الشهري و على واردات تدريس بعض الدورات التخصصية و دورات أعضاء الهيئة التدريسية و هذه المعطيات تدخل في باب الحقائق التي يمكن لأية لجنة تفتيشية رصدها. أضف إلى ماسلف منحه لزوجته ساعات تخصصية في المعهد و هي متقاعدة منذ أكثر من عام و من حملة الإجازة الجامعية التي لا يحق لها قانونا الحصول على أية ساعة تدريسية أو التمديد بعد التقاعد. و على ضوء ماسلف فقد حاولت إدارة جامعة حلب ممثلةً برئيسها ووكيليها أن تجعل العائد من الدورات و الذي يستأثر به قطب دون وجه حق يدخل في خزينة الجامعة و يقسم ريعه بالتساوي على أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الآداب لكن محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح. و لا ريب في أن انتهاج الكثير من قطاعات الدولة مبدأ تقوية اللغة الإنكليزية للعاملين فيها لخطوةٌ على طريق بناء غدٍ صحيحٍ في عصر التكنولوجيا و ريادة اللغة الإنكليزية و لا ريب أيضاً في أن اختيارهم لجامعة حلب و لمعهد اللغات كمكان لهذه الدورات لخطوةٌ مشكورةٌ على طريق التكامل الاقتصادي الداخلي. إذ أن افتتاح مثل هذه الدورات قادرٌ على أن يدر على الجامعة مئات الآلاف من الليرات السورية و هذه حقيقة رقمية و ليست قيمة تقديرية و بالتالي يكون لأعضاء الهيئة التدريسية في كلية الآداب مجال للعمل الإضافي و لتحسين واقعهم المادي هذا إن أُحسن توزيع الساعات التدريسية بينهم جميعاً. و أيضا تساهم هذه الدورات كما أوضحنا في زيادة ثراء الدكتور أحمد قطب و ازدياد طغيانه و معارفه فمثلاً ما يتقاضاه كعائد من افتتاح دورة اللغة لشركة توليد الطاقة الكهربائية يتجاوز ال150 ألف ليرة سورية فقط دون أن يكلف نفسه عناء التدريس لساعةً واحدةً!!!. و لكن ماذا سيحدث إذا توقفت هذه الجهات عن إرسال موظفيها بعد هذه الحادثة الفريدة و ما هو حجم الخسارة التي تتوقعها جامعة حلب على مختلف الأصعدة؟ الجميع يعلم و القائمين على الأمر أن هناك العشرات من معاهد تعليم اللغات و الجامعات الخاصة و ليازو اوفس ( المركز البريطاني) في مدينة حلب و التي يمكن أن تكون أكثر من مستعدةٍ لتقبل افتتاح دورات تقوية للعاملين في قطاعات الدولة و بأجورٍ أقل من تلك التي يتقاضاها معهد تعليم اللغات و تدار من قبل كفاءاتٍ تحترم العقل و الإنسان و لايتعرض أحدٌ لتهديد السلاح و بالتالي تحرم الجامعة من الكثير من العائدات المادية و السمعة المعنوية.

المعادلة صعبةٌ و تقبل الواقع الراهن أصعب لأننا نتحدث عن مؤسسة أكاديمية تخرّج العقول المدبرة للبلد و لكن و بهذه النفسيات المتهرئة التي تقود العمل الأكاديمي و البحث العلمي يصعب التكهن بما سيؤل إليه الحال في جامعاتنا. قد ينظر البعض إلى الموضوع على أنه لايستحق اللغط المسار حوله و لكن كيف سنتمكن من الارتقاء بسلوكنا الشخصي ليكون موضوعيًا بعيداً عن الإسفاف و سلطان المحسوبية إذا تم التهديد بالرشاش و استقدم الحرس الجامعي لإخراج مهندسين استعملا المصعد قبل مدير المعهد و هل مثلاً نتوقع أن تحدث معركة أو أن يستدعى الحرس الجمهوري لو كان أحدهم قد شتم مدير المعهد لا قدر الله و يقع بالفعل قتلى؟ أليس في الأمر تحدٍ سافرٍ لكل القيم العلمية و القوانين الأمنية؟ أوليس من السوابق الخطيرة التي تستحق فتح الكثير من ملفات الفساد الإداري في جامعاتنا و اعتماد مبدأ المحاسبة بصدق و موضوعية؟ متى يا رئيس جامعة حلب و يا وزير التعليم العالي ستكون جامعاتنا منبراً لثقافة الحوار الموضوعي التي تفرضها و بإلحاح ظروف المرحلة الراهنة؟ متى سيربأ أصحاب القرار عن دعم من حوّل مؤسساتنا التعليمية إلى منابر للشيخوخة العقلية و كفاءاتنا العلمية إلى كتب مهاجرة تساهم في بناء حضارات الدول الأخرى و تحرم منهم سورية؟ متى ستنتفي سياسة الزعرنات و البهلوانيات من حرمات الجامعة لتحل مكانها سيادة العقل ويكون الإنسان المناسب في المكان المناسب؟ و أهمها ما هي المعايير التي يتم وفقها اختيار شخص في صفات الدكتور قطب ليكون ممثلاً لأحد بوابات الحضارة الجامعية؟

نتمنى أن يتم فتح تحقيق شفاف تكون الحقيقة هي الغاية و المرتجى دون تدخل أصحاب الشأن الرفيع لتمييع القضية و لأنه و بغير ذلك تزداد قتامه الرؤيا و حجم الخسارة المادية و العلمية و الإدارية. إن العشرات من الأحمدات مزروعين كالفطور في قلب مؤسساتنا التعليمية و آن الأوان لها أن تقتلع و إلا فإننا نكون قد أفرغنا التعليم العالي من محتواه و أبقيناه اسماً لأحد الوزارات. نتمنى أن يتم التحقيق مع ذات المعني للتأكد أولاً من صحة ادعاءاته العلنية من أن وزير التعليم العالي و مساعده و بعض قيادات فرع جامعة حلب هم من يمدونه بالقوة و يطيلون زمن حكمه الإداري لأنه و بكلماته "يقدم المعلوم و يقيم الولائم و يرفع الهدايا و يتقاسم حصته من معهد اللغات مع المعنيين في دمشق" و ثانيا لمحاسبته على سوء استعمال مكتبه لإرهاب الآخرين و ثالثاً لمعرفة ما فعلته جامعة حتى تاريخه لمعالجة الموضوع. و إننا إذ نشك في مزاعم الدكتور قطب حول من يدعمه إلا أننا نؤمن بخطورتها و ضرورة توصيفها حتى تسقط كل أوراق التوت عنها. آن لنا أن نعمل بصدق و ليتحمل كلٌّ منا مسؤوليته حسب موقعه و لنساهم في رأب الصدع الذي يستشري في جامعاتنا. فما ورد في هذه المقالة حادثة سويت على مبدأ الفتوات و تجنباً لتكرار مثل هذه الأحداث المحبطة ننظر إليكم لنرى ماأنتم فاعليه و كيف سيأخذ الحق مجراه.

أحمد الحسن - شام برس

الجمعة، صفر ٢٤، ١٤٢٧

في التغيير حياة : تسونامـي ...فـي محافظـة دمشــق

خاص ( كلنا شركاء) : 24/3/2006
أصدر الدكتور بشر الصبان ( محافظ دمشق ) يوم الأربعاء 22/3/2006 , الكثير من قرارات الإعفاء والتعيين والتي تعد الأكبر والأشمل بتاريخ محافظة دمشق وهو ما حدا بموظفي المحافظة بتشبيهها بظاهرة ( تسونامــي ) . مـا هـي القــرارات :
أولاً : قرارات الإعفــاء
1-القرار رقم ( 5748 ) وتضمن إعفاء العاملون من الفئة الأولى بمحافظة دمشق الواردة أسماءهم أدناه وتكليفهم بالعمل لدى مديرية مكتب المحافظ .
-م.سميح شربجي ( أمين السر ) .
-م.غياث قطيني ( مدير مكتب المحافظ ) .
-م.غسان نويلاتي ( مدير التنظيم والتخطيط العمراني ) .
-م.ابراهيم عيسى ( مدير الصيانة ) .
-م.هناء الأشمر ( رئيسة دائرة الترخيص والبناء ) .
2-القرار رقم ( 5749 ) وتضمن إعفاء العاملون من الفئة الأولى بمحافظة دمشق الواردة أسماءهم أدناه وتكليفهم بالعمل لدى مديرية دار الكرامة .
-م.أمير بخاري ( مدير النظافة ) .
-م.نبيل العشا ( مدير الحدائق ) .
3- القر ار رقم ( 5750 ) وتضمن إعفاء العاملون من الفئة الأولى بمحافظة دمشق الواردة أسماءهم أدناه وتكليفهم بالعمل لدى مديرية الإنتاج .
-م.محمد الحجة ( مدير دوائر الخدمات ) .
-مفيد طرابلسي ( رئيس دائرة المراسلات ) .
4-القرار رقم ( 5742 ) وتضمن إعفاء العاملون من الفئة الأولى بمحافظة دمشق الواردة أسماءهم أدناه وتكليفهم بالعمل لدى مديرية الخدمات الفنية .
-م.سامي الدبس ( مدير المركبات والرحبات ) .
-م.هشام بهنسي ( مدير المعلوماتية ) .
-ياسر الحمصي ( مدير الشؤون المالية ) .
-م.علي المبيض ( مدير شؤون الأملاك ) .
5-إضافة للقرارات التالية :
-إعفاء م.رياض قابقلي ( مدير مديرية معالجة النفايات الصلبة ) وتكليفه بالعمل لدى مديرية المنشآت الرياضية .
-إعفاء م.محمد بسام توبان ( مدير مديرية المهن والرخص ) وتكليفه بالعمل لدى مديرية معالجة الدباغة .
- إعفاء م.سمير شعبان ( مدير الخدمات الفنية ) وتكليفه بالعمل لدى مديرية شؤون البيئة .
- إعفاء مصطفى الخطيب ( مدير مديرية القضايا والشؤون القانونية ) وتكليفه بالعمل لدى مديرية السجل المؤقت .
ثانياً : قـرارات التعييـــن
-عمر سليمان الحلبي أميناً للسر لمحافظة دمشق .
-م.عبد الرزاق ضميرية مديراً لمكتب المحافظ .
- السيد نصوح نابلسي مديراً لمديرية الشؤون المالية .
-م.عبد الفتاح محمد صالح أياسو مديراً لمديرية التنظيم والتخطيط العمراني .
-م.بشار الدادا مديراً لمديرية الخدمات الفنية .
-م.غسان خليل الفريح مديراً لمديرية المركبات والرحبات .
-م.نذير أوضه باشي مديراً لمديرية دوائر الخدمات .
-م.محمود مالو مديراً لمديرية شؤون الاملاك .
-م.هاني مهنا مديراً لمديرية المهن والرخص .
-حسان عريقات مديراً لمديرية القضايا والشؤون القانونية .
-م.محمد بشار القدة مديراً لمديرية المعلوماتية .
-م.وليد حجا مديراً لمديرية النظافة .
-م.عادل أزهر مديراً لمديرية الصيانة .
-م.بشار بسطاطي مديراً لمديرية الحدائق .
-م.موريس حداد مديراً لمديرية معمل النفايات الصلبة .
-م.هدى ديار بكرلي رئيسة دائرة رخص البناء في مديرية التنظيم والتخطيط العمراني .
-علي الاتاسي رئيساً دائرة المراسلات .

شـو الحكـي الطـالــع ؟
جانـب المتضـر ريـن :
-هذا تسونامي وزلزال وليس تطوير وتحديث .
-الرئيس بشار الأسد أكد على التطوير من خلال الاستمرارية وليس هناك ثورة أو انقلاب وما حصل هو انقلاب بكل معنى الكلمة .
-هل يعقل أن يكون كل هؤلاء فاسدون ؟...وإذا كان الأمر كذلك فأين كانت أجهزة الرقابة ...وما هي مسؤولية المحافظين السابقين ؟.
-هذا القرار يوتر الكثير من العائلات الدمشقية المحافظة والتي النظام اليوم بأشد الحاجة لدعمها وتأييدها له ؟.
-كيف يمكن تعيين ثلاثة أشخاص لديهم أضابير بالتفتيش ؟.
الجـانـب المقـابــل
-لم يكن ممكناً إحداث أي تطوير أو إصلاح بدون عملية الاجتثاث هذه .
-كان هناك مجموعات مغلقة ذات مصالح وارتباطات وتشابكات مع قوى خارج المحافظة تستطيع أن تبتلع أي محافظ جديد مهما كانت خبرته وهو ما أدى إلى تغيير الكثير من المحافظين على دمشق دون جدوى أو نتائج تذكر .
-لا تعني هذه القرارات أن كل الدوائر والحلقات المسيئة قد ضربت ولكنها قد أحدثت على الأقل فتحات يمكن دخول النور والهواء منها لتحسين الواقع الإداري المتردي جداً في المحافظة .
-الارتباطات لدى البعض مع بعض جهات الإ سلام السياسي ساهمت كثيراً وعلى مدى سنوات طويلة بحرف العديد من القرارات وتأمين مزايا لتلك الجهات من أموال وممتلكات المحافظة .

هل تصلح العطار ماأفسده خدام ...

لم يكن إختيار السيد الرئيس بشار الأسد للدكتورة نجاح العطار كنائبة له بالخبر العادي الذي وقع على سمع المواطن السوري ، فلماذا العطار و في هذه الفترة بالذات وماهي الترتيبات الجديدة لإحياء الثقافة السورية
كل من سمع سأل هل السيدة العطار هي الوحيدة و الأنسب في سوريا لشغل هذا المنصب الرفيع ولابل تسآل كثيرون ألا يوجد كوادر شابة لشغل هذا المنصب ، ولماذا يتم إعادة ترتيب الأسماء ذاتها في مناصب الدولة ، إذ هل من المعقول أنه طوال سنوات طويلة لم تفرز الحياة السياسية السورية إلا أسماء محددة ، وهذه التساؤلات بمجملها ليس فيها إنتقاص من السيدة الدكتورة لإن الأسماء المتكررة لم تكن قاصرة عليها ، وهو مايدعو إلى سؤال يتردد بين المواطنين السوريين وهو لماذا ورغم كل السنوات الماضية لم يتم الإعداد لأسماء جديدة تغني المشهد السياسي السوري .

ترى هل أصبح مجتمعنا عقيماً إلى هذه الدرجة وهل كفت النساء عن إنجاب "مسؤولين" .
لايمكن بأي حال من الأحوال النظر إلى المواطن السوري على أنه ناقص الأهلية إلى الأن وبحاجة إلى وصاية الكبار على إعتبار أنهم أكثر دراية بمجريات الأمور ، وإن كانت ثمة عوائق سابقة أمام ظهور كوادر مؤهلة ، فيجب أن تكون إختفت أو في طريقها للزوال ، فحرام أن تظل إذن المواطن السوري تسمع نفس الأسماء تدور في فلكه منذ سنوات .
وبعد تجربة السوريين مع النواب الثلاثة للرئيس الراحل حافظ الأسد ، تجده ينظر إلى هذا المنصب على أنه مصدر للتعب أكثر منه مصدراً للإصلاح ، ولن نستبق الأحداث في مدى فاعلية النواب الجدد على ساحة الوطن ، إلا أنه من المفيد أن ننظر إلى الوراء في أعمال النواب الثلاثة وهم السادة رفعت الأسد وعبد الحليم خدام وزهير مشارقة ، بالنسبة للأول والثاني كنا نسمع عنهما أكثر من الثالث الذي فهمنا لاحقاً أنه معني بالثقافة وللحقيقة والإنصاف فقد شهدت الثقافة في ظل نيابته تقدماً غير ملحوظ ، لدرجة أننا لم نكن نراه إلا في المناسبات ، وبالنسبة للنائب الأول لم نستطع أن نحدد خطواته على أرض الواقع إلا من خلال ماتناقلته الأنباء بعد رحيله ، ولم يكن في الميدان إلا خدام الذي صال وجال في سوريا لوحده دون غيره مرتباً أوراقه حسب مصالحه بدهاء عن طريق شبكات إتصال داخل وخارج البلاد واللافت أنه وصف النائب السابق رفعت الأسد بأنه لايملك قاعدة شعبية وكأنه هو مالكها ، إلا إذا بات يعزف على الوتر الطائفي بعدما إستنذف طاقاته الخلاقة في التمويه والتحوير وقلب الحقائق .
فأمام هكذا نائب لابد أن نقف أمام المرآة عشرات المرات للمراجعة ، شخص كان يلعب بالبيضة والحجر خلف كواليس الأحداث لينال ماينال ولايكفيه ماأخذه وشفطه فهو يريد أيضاً أن يقلب الطاولة في دمشق كما فعل "نيرون" في روما ،حتى ترتاح نرجسيته وليثبت لنفسه "أنا في دمشق إذاً هي قوية وإذا خرجت تخرج دمشق من الخارطة الدولية" .
فهل تستطيع العطار أن تصلح ماأفسده خدام بأفعاله تلك والتي شوهت صورة النائب في نظر المواطن السوري ، أن الطريق ليست بالسهلة أمام السيدة الدكتورة التي تعرف أن محبيها في سوريا كثر ، لذا المطلوب منها ومن النائب الأول السيد فاروق الشرع كثير لإرضاء المواطن الذي يستحق النزول إليه فقد عانى الكثير وما تحمله ليس بالأمر الهين واليسير

شام برس - بقلم : خولة غازي

الخميس، صفر ٢٣، ١٤٢٧

من يفتح ملفات الفساد! ...

أتوقف كثيراً عند الدعوات التي نسمعها لفتح ملفات الفساد، ولا سيما تلك الدعوات التي تُوجّه إلى جهات أو هيئات ومنظمات شعبية، أو مؤسسات صحفية وغيرها! وأكاد أتساءل عن مدى جدية هذه الدعوات، ليس شكاً بنوايا من يطلقها، بل للشك في قدرة من توجه إليهم مثل هذه الدعوات، على فتح ملفات فساد فعلاً!

ومدى قدرتهم على جمع وثائق فساد وإدانة ضد زيد أو عمرو في هذه المؤسسة أو الوزارة أو تلك المحافظة، أو غيرها، وأيضاً ليس شكاً بقدرة هؤلاء على معرفة الفاسدين بأسمائهم ومواقعهم وبعض ما قاموا به، بل لاعتقادي أنهم على الأغلب غير قادرين على جمع الوثائق التي تثبت فساد هذا أو ذاك! وربما جلّ ما يعرفونه هو قيل عن قال، أو في أحسن الأحوال الإشارة إلى أن هذا المدير أو صاحب هذا ذاك المنصب الحكومي فاسد، وذلك لأن الفساد يفضح صاحبه من خلال وضوح تغيير الأحوال بعد زيادة الأموال!

لذلك أقول إنني أتساءل لماذا لا تُوجّه الدعوات إلى هذه الجهات، مع أنه لدينا ـ والحمد لله ـ جهات قادرة على أن تفتح الملفات في أية لحظة! ملفات الجميع، ولكل منا ملف، الغني والفقير! الموالي والمعارض وما بينهما! الجاهل والمثقف! ابن الريف وابن المدينة! وبالطبع في هذه الملفات الغث الكيدي، والثمين المفيد، والذي يمكن أن يكون نواة للتوسع والتدقيق ثم المساءلة!

بمعنى آخر:

ـ لماذا نطلب من غير القادر على اكتشاف الفساد بالوثائق والقرائن والشهود (مصطلحات جديدة بدأت تدخل قاموس لغتنا الصحفية منذ نحو عام)، أن يكتشف الفساد، ولدينا أجهزة من بعض أبرز وظائفها أن تفتح الملفات للجميع، وتهيئ ما يطلب منها من ملفات لأي شخص في أية ساعة! ولأي سبب كان، وفتح ملفات الفساد سبب وجيه، ولا سيما في المرحلة الراهنة!

ثم عن أي فساد يجب أن نتحدث، ونفتح ملفاته؟! أو بالأحرى:

ما مفهوم الفساد الذي يجب أن نحاسب عليه؟! هل هو ما يتعلق بجمع الثروات وتكديس الأموال عن طريق عمولات ورشا فقط؟ أم يمكن بل يجب أن تشمل مكافحة الفساد حتى الجوانب الإدارية لوزراء ومديرين عامين ومحافظين أعادوا وزاراتهم ومحافظاتهم ومؤسساتهم سنوات إلى الوراء، مما ساهم في عدم تحقيق البلد لطموحه؟

أم أن الفساد يمكن أن يكون قرارات اعتادت تعيين هذا أو ذاك في هذا المنصب أو غيره، لاعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة؟! أليس هذا فساداً أيضاً؟!

ثم، ألا يجب اعتبار الهدر بجميع أشكاله وصوره فساداً، يجب المحاسبة عليه؟!

إذن لنحدد الفساد والذي يجب أن نفتح ملفاته أولاً، ونحاسب عليه، ثم لتبدأ المحاسبة!

إننا نعيش (هوجة) محاربة الفساد، وقد أُقصي أشخاص في جهات مختلفة، وهذه بادرة جيدة ومطلوبة بغض النظر عن عدالتها التامة!
لكن،هل يمكن أن يقتنع أحد أن الفساد هو بين الموظفين العاديين وبعض المديرين الصغار فقط؟!

ثم من يضمن ألا تكون هناك تصفية حسابات في بعض الجهات التي يصرف عاملون منها أو قد يصرفون، ولا سيما بعد قرار رئاسة مجلس الوزراء إناطة مهمة صرف عاملين من الخدمة بالوزير، الذي قد يكلف معاونه أو مديراً عاماً عنده بهذه المهمة! والوزراء غالباً ليسوا على دراية بأوضاع وزاراتهم والعاملين فيها إلا من خلال معاونيهم ومديريهم العامين وتقاريرهم ومذكراتهم وأحاديثهم!

إن مشكلتنا كما أعتقد هي أحد أمرين:

الأول: حماسة زائدة عن الحد يذهب فيها الصالح مع الطالح! وهكذا بدأنا (هوجة) محاربة الفساد في بعض الجهات، حتى صرت أخاف، وأنا الذي لم يوقع يوماً على غير كشف راتبي، اتهامي بالفساد أو التقصير أو الإهمال بسبب غضب وزير أو مدير عام أو غيرهما!

الثاني: تباطؤ زائد عن الحد ننسى بسببه مشكلات أو أزمات يجب معالجتها!

باختصار..

محاربة الفساد ممكنة، والفاسدون هم كل موظف حكومي لديه قصور وفلل ومزارع وسيارات وأرصدة، لأن رواتبهم وتعويضاتهم وبدلات إيفاداتهم لا يمكن أن تحقق لهم ذلك مهما بلغت! بل أرى أنه حتى إذا جاءت بعض هذه القصور أو المزارع من قبل جهات عامة فهو فساد!
كما أنه لا يجوز أن نكتفي بمحاربة الفساد من خلال إقصاء أشخاص! فالفساد منظومة، ولا تصدقوا أن الصغير يستطيع أن يكون فاسداً إذا لم يكن وراءه أو قدّامه كبير يستفيد منه ويحميه، لكن الحساب والعقاب يقع على الصغير غالباً!

والله الموفق..

النور - بقلم : د. سمير صارم

الدكتورة نجداح العطار نائبا لرئيس الجمهورية مكلفة بالشأن الثقافي

أدت اليمين الدستورية أمام السيد الرئيس بشار الاسد فى قصر الشعب صباح اليوم السيدة الدكتورة نجاح العطار نائباً لرئيس الجمهورية .
بعد ذلك استقبل السيد الرئيس الدكتورة العطار وزودها بتوجيهاته وتمنى لها النجاح والتوفيق فى مهمتها وكان السيد الرئيس قد اصدر مرسوما بتسمية الدكتورة نجاح العطار نائبا ً لرئيس الجمهورية مفوضة بمتابعة تنفيذ السياسة الثقافية فى اطار توجيهات رئيس الجمهورية.

وفيما يلي نبذة عن حياة الدكتورة العطار...
تنتمى الدكتورة نجاح العطار الى بيت علم عريق وكان والدها شاعرا ومن رجال القضاء والثقافة . وشاركت منذ ايام الدراسة فى النضال ضد الاحتلال فى الوطن العربى وانتصارا لقضية فلسطين . تابعت الدكتورة العطار دراستها فى بريطانيا مع زوجها د. ماجد العظمة وحصلت على دبلوم الدراسات الاسلامية عام /1956/ ثم الدكتوراه فى عام /1958/ فى الادب كما حصلت على عدد من الدبلومات بعد ذلك فى العلاقات الدولية وفى النقد الادبى والنقد الفنى .
كانت عضوا فى المكتب التنفيذى لاتحاد الكتاب وعضوا فى المجلس الاعلى لرعاية الفنون والاداب وفى منتصف عام /1976/ اصبحت وزيرة للثقافة واستمرت حتى الثالث عشر من اذار عام /2000/.
وعلى مدار سنوات طويلة تابعت الدكتورة العطار كتابة الدراسات النقدية فى الشعر والرواية والمسرح وكتابة الزوايا الصحفية الاسبوعية ومقالات لاتحصى فى الادب السياسى واصدرت عددا من الكتب فى الادب والنقد والسياسة والدراسات المختلفة . احدثت نقلة نوعية فى عمل وزارة الثقافة وتغييرا جذريا فى بناها ومؤسساتها واتساعا فى ميادين عملها .
اسهمت الدكتورة العطار بشكل بارز فى مؤتمرات وزراء الثقافة العرب منذ منذ المؤتمر التأسيسى وكذلك بعدد لايحصى من المؤتمرات والندوات الثقافية العربية والدولية والمشتركة فى شتى بلدان العالم ورأست الكثير من المؤتمرات والندوات الفكرية والعلمية الهامة .
عملت كثيرا فى سبيل توسيع التبادل الثقافى بين سورية والبلاد العربية وبلدان العالم المختلفة . كما وحصلت الدكتورة العطار على عديد من الاوسمة الرفيعة:
1/ وسام /الصداقة بين الشعوب / الممنوح من رئيس مجلس السوفييت الاعلى لاتحاد الجمهوريات السوفييتية
الاشتراكية سابقا .
2/ وسام /الثقافة البولونية/ من حكومة الجمهورية الشعبية البولونية .
3/ وسام /الاستحقاق برتبة الضابط الكبير/ من الرئيس الفرنسى ميتران عام /1983/ .
4/ وسام /جوقة الشرف برتبة كوماندور/ من الرئيس ميتران عام /1992/ .
5 وسام/ السيدة العظيمة/ من فرسان مالطا .
6/ وسام /الصليب المقدس/ من رئيس جمهورية بولونيا عام /1999/ .
7/ /وسام الكنز المقدس ذو الوشاح الكبير/ وفى ارفع درجاته من امبراطور اليابان /2002/
8/ وميدالية الشرف من رئيس جمهورية تشيلى عام 2004/.
تتابع الدكتورة العطار الكتابة وتلقى المحاضرات فى سورية وخارجها وتشارك فى العديد من الملتقيات واللجان القومية والسياسية والثقافية . تؤمن ان المشروع الثقافى هو مشروع عصرنا الاول من اجل بناء عالم المستقبل .
سانا

الارتجال حكومي : وعود بقانون تقاعد مبكر...بدون دراسة ونقاش = الغاء ؟

"التقاعد المبكر"يدخل في حالة موت سريري .. 125 ألف عامل بانتظار من "يبق البحصة"! ..

يبدو أن قانون التقاعد المبكر دخل في حالة موت سريري, وأن أحداً من المعنيين بأمره لا يرغب أو لا يجرؤ على إعلان الوفاة!
فالقانون الذي كان من المفترض تطبيقه منذ بداية العام الجاري ضاع في متاهة إعادة الدراسة والتعديل, قبل أن يختفي أي تصريح رسمي عن صيغة جديدة للقانون العتيد أو عن موعد نهائي لتنفيذه, فيما تتراوح الإجابة عن مصيره بين حدي (ألغي- لم يلغ)!!
واللافات في الموضوع أن القانون الذي نظمت في مديحه القصائد, وقيل ما قيل عن توفيره لحوالي 27.55 مليار ليرة سنوياً على الجهات العامة, وهي عبارة عن أجور وتعويضات سيتوقف دفعها لما يقرب من 125 ألف عامل مؤهلين للخروج من الخدمة بموجب بنوده, وعن تخفيف وطأة البطالة المقنعة, هذا القانون تحول فجأة إلى عبء على الخزينة العامة لتصل تكاليفه إلى 100 مليار ليرة على مدار خمس سنوات!
ولا أحد يعرف طبعاً على ماذا استندت الدراسة الأولى, ولا كيف ومتى ومن توصل إلى النتائج الأخيرة!!

الاعتراض القاتل
وعلى كلٍّ, الناس تريد العنب, وبات واضحاً أنه سيبقى حصرماً إذ يقول الدكتور خلف العبد الله المدير العام لمؤسسة التأمينات الاجتماعية: إن ميزات القانون 78 أساساً تعطي للمتقاعدين السوريين أعلى المعايير وهي نادرة الوجود في العالم, وإن تلك الميزات امتصت الكتلة النقدية للمؤسسة التي لا تملك أي فوائض حالياً.
ويوزان العبد الله بين التشيك وسورية حيث لا يتجاوز المعاش التقاعدي للعامل هناك 60% قبل سن 61 عاماً مهما كانت سنوات الخدمة بينما يحصل المتقاعد السوري بعد خدمة 25 سنة على 62% كحد أدنى ليصل في حالة خدمة 30 سنة وبغض النظر عن السن إلى 75% معفاة من الضرائب والرسوم أي ما يعادل الراتب الحقيقي تقريباً!
وعندما يقول العبد الله ذلك, لا نطالبه بإجراء مراجعة لمستوى دخل ولظروف حياة المواطن التشيكي بقدر ما نلمح في كلامه (اعتراضاً قاضياً) على قانون التقاعد المبكر, وهو ما أكده زياد الخطيب مدير الشؤون القانونية في المؤسسة حين ذكر في (دردشة عابرة): إن تكلفة المشروع تقدر بنحو 83 مليار ليرة ترتفع إلى 100 مليار ليرة خلال خمس سنوات قائلاً: (هذا هو الاعتراض).
ويبدو أن وزارة المالية التي تحمست في بداية المشروع, وأخذت على عاتقها التغطية المالية على اعتبار أن لمؤسسة التأمينات الاجتماعية مبالغ كبيرة مدفوعة سابقاً لصندوق الدين العام, عادت وكبحت انفاعها بفعل اعتراض من وزن 100 مليار ليرة.

زلة لسان
وعموماً, شكل اعتراض التأمينات وكذلك تحفظات الاتحاد العام لنقابات العمال ما يشبه المقتل بالنسبة للقانون حيث يرى الاتحاد أن تطبيقه سيؤدي إلى خروج الخبرات المؤهلة من مؤسسات الدولة, وإلى تفاقم مشكلة البطالة للأعمار بين 40-60 سنة, وأن الوفورات المشار إليها وهمية لأن المعاشات التقاعدية المبكرة ستلتهم نسبة 24% التأمينية, عدا الأعباء المالية التي سيتحملها الاتحاد والمقدرة بنحو 3.75 مليار ليرة الناجمة عن الصرف الفوري لإعانات نهاية الخدمة وهي 30 ألف ليرة لكل عامل.
ولا شك أن هذا الكلام ليس جديداً إنما المثير أن اللجنة التي درست القانون وترأسها وزير الصناعة السابق ضمت أعضاء من وزارة الإسكان والتعمير ومؤسسة التأمينات الاجتماعية, هذه اللجنة وبحسب فدوى محمود مديرة الشؤون القانونية في وزارة الصناعة, كانت قد رفعت دراستها منذ بضعة أشهر إلى الجهات الوصائية التي دونت استفساراتها وملاحظاتها وأعادتها إلى اللجنة حيث قامت الأخيرة بضم الملاحظات إلى الدراسة, ورفعتها عن طريق الحكومة إلى مجلس الشعب, وحتى تاريخه (لا علم ولا خبر)!!
وما فهمناه بالقطارة من السيدة المديرة أن عمل اللجنة صار بحكم المنتهي قبل أن تفاجئنا وبزلة لسان أن مشروع القانون هو أقرب إلى الإلغاء.

"دويخة"
وفي تصريحات سابقة للدكتور خلف العبدالله أكد أن مشروع قانون التقاعد المبكر لم يلغ بل أعيد للدراسة بهدف تعديل بعض بنوده, لكنه يشير وبالتصريح نفسه إلى أن القانون المذكور طبق في دولتين فقط هما النرويج والسويد اللتين تراجعتا عنه بعد عامين بسبب أعبائه المالية الباهظة.
ولا يحتاج الأمر إلى عبقرية تكشف أن مشروع القانون على بعد خطوتين من حافة الإلغاء إن لم يكن بانتظار إعلان الوفاة رسمياً!
وبين (ألغ ولم يلغ) يقف حوالي 125 ألف مواطن سوري بانتظار أن يلهم الله أحد المسؤولين ويبق البحصة ليعرف هؤلاء هل سيدركهم التقاعد عاجلاً أم سيبقى آجلاً؟!

الحجر الكبيرة
لم يكن عجيباً دخول قانون التقاعد المبكر في عنق الزجاجة, لأن الحكومة كبًرت حجرها, والحجر الكبيرة غالباً لا تصيب الهدف بدقة, وكان بالإمكان أن يكون التقاعد على خدمة 23 أو 25 عاماً بدلاً من عشرين عاماً, ويضاف إليها خمس سنوات, أو إلغاء بعض التعويضات والعلاوات إذا ما اختار العامل التقاعد المبكر ما يسهم في تخفيض عدد الراغبين أو المستفيدين, ويقلص من حجم الأعباء المالية على الخزينة العامة وعلى اتحاد العمال, أو أن يطبق مشروع القانون بشكله الحالي لمدة عام واحد كمحاولة لحل مشكلة البطالة جزئياً, أو استصدار قانون خاص بالشركات المتخمة بالعمالة الفائضة والعاجزة عن سداد رواتبها كما في شركات الإنشاءات العامة.
ولعل تفعيل تأمين أو تعويض البطالة يفوق بالأهمية التقاعد المبكر, ولا أعتقد أن تطبيقه يوازي اختراع الذرة إذا يمكن إحداث صندوق يساهم فيه العمال أنفسهم وأرباب العمل والدولة, ويموّل من الجهات المذكورة لمدة ثلاث سنوات ثم يبدأ التنفيذ لتحقيق التوازن بين الوارد والمصروف على أن يتم تحديد حد أدنى للراتب, ويتدرج حسب الإجازات والفئات, ولا بأس من فرض طابع مالي خاص لدعم المشروع, ولا أظن أن أحداً من المواطنين سيتذمر.

ع الهامش
ما يحير أن موضوعاً بحجم التقاعد المبكر لم يحظ بجدل علني أن نقاش, والمشروع الذي ولد صاخباً هاهو يرحل مأسوفاً على شبابه!!

شــام برس - بقلــم : إياد عيسى

الثلاثاء، صفر ٢١، ١٤٢٧

القدرة على تحمل المسؤولية.... أهم المعايير في اختيار شاغلي المناصب العليا

التلكوء، التأخر، الروتين، المماطلة..... سمات أساسية للمسؤولين الغير قادرين على اتخاذ القرار، أو غير القادرين على تحمل مسؤولية الأفكار والحلول المبتكره.... وهذا ما نحن بأمس الحاجة له الأن.
لهذا اعتقد أنه من المفيد اللجوء إلى الخبراء وأصحاب الشهادات العلمية، ولكن ليس في المناصب العليا: أي وزراء ومدراء مؤسسات إلا بشرط تحقق معيار أساسي وهي مقدرتهم على تحمل المسؤولية وعلى اتخاذ القرارات.
علماً أن المكان الأنسب هو الأماكن الاستشارية الفنية : معاونين، مستشارين، لجان فنية،.... الخ.
الاداري القيادي

النجاح ... منوط بتحديد الهدف

قام أستاذ جامعي في قسم إدارة الأعمال بإلقاء محاضرة عن أهمية تنظيم وإدارة الوقت حيث عرض مثالاً حياً أمام الطلبة لتصل الفكرة لهم:
كان المثال عبارة عن اختبار قصير، فقد وضع الأستاذ دلواً على طاولة ثم أحضر عدداً من الصخور الكبيرة وقام بوضعها في الدلو بعناية، واحدةً تلو الأخرى، وعندما امتلأ الدلو سأل الطلاب: هل هذا الدلو ممتلئ؟ قال بعض الطلاب: نعم. فقال لهم: أنتم متأكدون؟ ثم سحب كيساً مليئاً بالحصيات الصغيرة من تحت الطاولة وقام بوضع هذه الحصيات في الدلو حتى امتلأت الفراغات الموجودة بين الصخور الكبيرة.
سأل مرة أخرى: هل هذا الدلو مملتئ؟فأجاب أحدهم: ربما لا.

استحسن الأستاذ إجابة الطالب وقام بإخراج كيس من الرمل ثم سكبه في الدلو حتى امتلأت جميع الفراغات الموجودة بين الصخوروسأل مرةأخرى: هل امتلأ الدلو الآن؟ فكانت إجابة جميع الطلاب بالنفي.
بعد ذلك أحضر الأستاذ إناءً مليئا بالماء وسكبه في الدلو حتى امتلأ.ثم سألهم: ما هي الفكرة من هذه التجربة في اعتقادكم؟
أجاب أحد الطلبة النجباء بحماس أنه مهما كان جدول المرء مليئاً بالأعمال، فإنه يستطيع عمل المزيد والمزيد بالجد والاجتهاد
أجابه الأستاذ: صدقت.. ولكن ليس ذلك ما أردته.. فهذا المثال يعلمنا أنه لو لم نضع الصخور الكبيرة أولاً، ما كان بإمكاننا وضعهاأبدا.
ثم قال: قد يتساءل البعض وما هي الصخور الكبيرة؟ ؟؟؟؟؟إنها هدفك في هذه الحياة أو أي مشروع تريد تحقيقه كتعليمك وطموحك وإسعاد من تحب أو أي شيءيمثل أهمية في حياتك.
فتذكروا دائماً أن تضعوا الصخور الكبيرة أولاً.. وإلا فلن يمكنكم وضعها أبدا .
فاسأل نفسك الليلة أو في الصباح الباكر.. ما هي الصخور الكبيرة في حياتنا؟ وقم بوضعها أولا
صفوان قطان

بوادر ظهور الطبقة الوسطى ...مؤهل + القطاع الخاص أو بعمل إضافي

الشباب السوري والمرتّب... لعبة القط والفأر ... الشاب يبحث عن منزل والفتاة تشترك في النادي قضايا الشباب


تظهر آثار التحول نحو اقتصاد السوق في سورية جلية في شرائح واسعة من الشباب، فمع عدم مقدرة الدولة على استيعاب عشرات الآلاف من هؤلاء الذين يدخلون سوق العمل سنوياً ثمة حضور متنام لشرائح تحقق نجاحات لم تكن مألوفة داخل البلد في السابق وبخاصة ما يتعلق منها بالراتب الشهري الذي يبلغ أضعاف حجمه في الوظائف المماثلة في القطاع الحكومي .

الشريحة على رغم ضآلة حجمها موجودة وتنمو باضطراد يومياً في قطاعات الاتصالات والمعلوماتية والإعلام والإعلان والوظائف الإدارية العليا مع ملاحظة احتكارها من شباب ذوي تأهيل مهني عال ممن تدربوا داخل سورية أو خارجها.

وعلى رغم تفاوت الاهتمامات من شاب الى آخر إلا أن غالبية هؤلاء يتقاطعون بجملة تصرفات بالمعنى الاقتصادي تتمحور حول اقتناء السيارة والمسكن الصحي والنظامي فضلاً عن ارتياد أماكن الترفيه والتسلية على تنوعها. غادة ( 28 عاماً) تعمل في أحد مصانع الأدوية بدأت مشوارها بشراء سيارة بالتقسيط على رغم معارضة والديها اللذين وجدا في هذا التصرف نوعاً من التبذير غير اللازم، وتضيف الصيدلانية التي بدأت عملها قبل نحو خمس سنوات براتب يصل إلى 25 ألف ليرة سورية ( 500 دولار) ارتفع تدريجياً حتى وصل ضعف ذلك المبلغ انها فضلت العمل في القطاع الخاص لأنه الأفضل «ليس بالمعنى المادي فقط بل وحتى طبيعة العمل الذي أديره». وترى غادة أن مرتبها المرتفع نسبياً والذي يعادل ضعف راتب والدها الذي أمضى 30 عاماً في وظيفته أتاح لها تحقيق كثير مما كانت تحلم به. فهي تصر على التسوق مرة كل أسبوع كما أنها تمارس الرياضة في ناد متخصص وتقضي إجازتها غالبا خارج دمشق وفي العام الماضي سافرت إلى تركيا مع صديقاتها.

ولا تختلف الحال كثيراً مع ماريا العاملة في أحد المصارف الخاصة التي دخلت السوق السورية أخيراً، مع تباين الأولويات، إذ تنفق ماريا جزءاً كبيراً من مدخولها لمساعدة عائلتها وأخضعت نفسها لدورات متقدمة في «البانكنغ» فيما تترك ما تبقى لإكمال دراستها العليا في جامعة دمشق. وتضيف ماريا التي يصل مرتبها إلى 30 ألف ليرة شهريا (نحو 600 دولار) أنها لا تجد أوقاتاً كافية للتسلية واللهو حالياً مع أنها ترغب كثيراً «في ممارسة الرياضة وتخسيس الوزن والتسوق كل يوم لو استطاعت».

ويتجه الشباب الذكور نحو أولويات مختلفة نسبياً عن الفتيات، فالأولوية غالباً لديهم تتركز على المنزل واللهو وارتياد النوادي كما يرى حسان العامل في إحدى الشركات الأجنبية، ويضيف الشاب الذي يصل دخله الشهري إلى نحو 35 ألف ليرة أن الأولوية لديه الآن بعد أن اشترى سيارة حديثة هي تعليم طفله في إحدى المدارس الخاصة « المحترمة « التي تدرس اللغات والمناهج المتطورة. ويقضي حسان أوقاتاً طويلة مع أصدقاء العمل في إحدى صالات البلياردو وهي لعبته المفضلة فيما يترك إجازته الأسبوعية للتنزه خارج دمشق بحثاً عن أجواء هادئة تريحه من ضغط ساعات العمل الطويلة. ويشكل عدنان (35 عاماً) نموذجاً لفئة الشباب الذين تمكنوا من القفز بمداخيلهم الى مستويات ممتازة نسبياً مقارنة بأصدقائه وزملائه، فالشاب الذي بدأ حياته المهنية محرراً في إحدى الصحف الرسمية تحول أخيراً بعد الخبرات التي راكمها للعمل مديراً للتحرير في إحدى المجلات الاقتصادية الخاصة. ويقول عدنان الذي تمكن أخيراً من اقتناء سيارة حديثة: «عملي الجديد هدفه تأمين معيشة معقولة بعدما تمكنت من المهنة وكانت الفرص أمامي معقولة ضمن الموجود». وأضاف: «دخلي الجديد بدأ ينعكس على حياتي بعمق بدءاً من مظهري الخارجي وتلبية احتياجات عائلتي على رغم ضغط العمل الهائل الذي يكاد لا ينتهي».

تلك الأمثلة التي تتسع باطراد لا يمكن التعامل معها كقاعدة فلا تزال نسب البطالة مرتفعة جداً كما متوسط الدخل الشهري لا يتخطى حاجز الـ 10 آلاف ليرة سورية (200 دولار).

ويرى البعض أن الظاهرة التي بدأت ملامحها تتحدد منذ سنوات قليلة فقط تؤشر الى مشروع طبقة وسطى تآكلت طوال العقدين الماضيين بسبب الغلاء وانتشار الفقر بنسب مرتفعة جداً.

ويعتقد أيمن (30 عاماً) الطبيب الذي تمكن من شراء منزل في ضاحية قريبة من دمشق وسيارة حديثة وبدأ مشروعاً طبياً صغيراً من دون مساعدة من أحد «أن الفرص متاحة للمجتهد في أي قطاع كان» لافتاً إلى أن معظم زملائه من أيام الدراسة حققوا ما حققه وربما أكثر بفضل عدم الاكتفاء بالوظيفة الرسمية.

ويضيف: «كنا ستة اصدقاء أيام الدراسة الثانوية وتخرجنا في الجامعة باختصاصات مختلفة: المهندس والصحافي والمحاسب ومعلم المدرسة وكلنا تمكنا من تحقيق مداخيل معقولة بموازاة الوظيفة الرسمية للبعض. وغالبيتنا لديها سيارة ومنزل خاص وبعضنا ينفق على أهله، وهذا يعتبر نجاحاً كبيراً ضمن موجة الغلاء والمداخيل الضعيفة نسبياً في سورية».

الحياة

مقايضة بيضاء تغذي الخزينة بمليارات تائهة

مليارات الليرات السورية باتت تحت سيطرة خزينة الدولة بعد أن ضمنت الحكومة قيام كبار رجال الأعمال (الذين جرى الحديث عن تهربهم من دفع الضرائب) بدفع الضرائب المستحقة عليهم مقابل عدم الاعلان عن اسمائهم.

خاصة وأن التهرب الضريبي الذين اتهموا به (والتهمة صحيحة طبعا) وضع تحت مظلة مكافحة الفساد مجازا .. لضمان إحداث الأثر المطلوب .. وكان للحكومة ما أرادت.. فهذه المليارات هي حق لخزينة الدولة التي فقدت من الموارد ما قد يحفز الحكومة أكثر فاكثرعلى مكافحة الفساد لتأمين النقص الحاصل نتيجة عمليات تحرير التجارة وخفض او إزالة الرسوم الجمركية وهكذا بادرت تلك الاسماء الكبيرة الى سداد ما تهربت منه طوال سنوات.‏

مصدر مسؤول في وزارة المالية قال( للثورة ) ان عام 2006 سيكون متميزاً بالارقام التي ستعلن فيه عن حجم التحصيل الضريبي والذي قد لا يتكرر في تاريخ سورية. لانه وبحسب قناعته فان رجال الاعمال سيحسبون ألف حساب قبل التاخر في تسديد اي ضريبة مستحقة عليهم. مؤكدا ان وزارة المالية جادة في احكام قبضتها في سبيل ضمان إيرادات الخزينة من الضرائب لتأمين الفواتير المستحقة على الحكومة من رواتب ومازوت ودعم وتعليم و و....‏

الا ان هذا المسؤول كان يفضل عدم الربط بين الفساد بمفهومه المعروف وبين التهرب الضريبي - لأن التهرب الضريبي يمكن معالجته ومعالجة مضمونه أما السرقات والاختلاسات فقد تكون صعبة لكثرة التشابكات حولها وتعدد الاطراف المشاركة فيها.‏

على كل فالاموال التي عادت بعد ان ضلت طريقها طويلا عن خزينة الدولة.. هي حق .. وأسلوب اقناع رجال الاعمال بالسداد بالتلميح عنهم في الإعلام تحت مسميات الفساد نجح وبامتياز.. والعملية في جزء منها أنصفت الموظف نوعا ما لأنه شعر ان هناك من يشاركه واجب دفع الضريبة المستحقة على الدخل مع مراعاة الفروق الشاسعة.‏

هيام علي

الأحد، صفر ١٩، ١٤٢٧

الفساد الكبرى بين حديثي النعمة ومن سبقهم...

بعض أحداث الأسبوعين الأخيرين أظهرت إلى السطح ملف «حديثي النعمة» من بعض وجوه القطاع الرأسمالي الخاص، الذين أثروا على حساب الاستثناءات والامتيازات التي أمنت لهم وضعاً احتكارياً في السوق التي ينادون بجعلها «حرة»، وهي مقيدة فعلاً بشروطهم المفروضة على المستهلكين والمجتمع ضد مصلحة البلاد والعباد.
لقد تبين أن دور هؤلاء في النهب والفساد كبير، ولا يقل عن دور مراكز الفساد الكبرى في جهاز الدولة، بل هو جزء مكمل له. إن تواطؤ الناهبين الكبار في جهاز الدولة وخارجه هو الآلية الأساسية التي يجري عبرها نهب الاقتصاد الوطني في قطاعاته كلها وهي تتطلب التكسير بالدرجة الأولى لمنع إعادة إنتاج الفساد، فالقضية لا تتوقف عند بعض رموز الفساد في جهاز الدولة وخارجه، بقدر ما تتعلق بتلك الآليات التي اصطنعوها والتي تعيد إنتاجهم كل لحظة.
وإذا كان البعض يظن، عن حسن نية أحياناً، ونتيجة للموجة السائدة في العالم اليوم، أنه من الضروري أن يصّنع رجاله «في اقتصاد السوق» كي يسمعوا كلمته ويدينوا له بالطاعة، ب عيداً عن قوى السوق الكبرى التقليدية، ذات الارتباطات التاريخية والعضوية بالسوق العالمية فإن التجربة الماضية القصيرة بينت أن هؤلاء الطارئين الجدد يميلون إلى التحليق خارج السرب والانفراد بقراراتهم الاقتصادية والسياسية بقدر سرعة نمو ثرواتهم دون أي رادع وطني أو أخلاقي، كي يثبتوا مرة أخرى أن الرأسمال الكبير لاوطن له، وإنهم قادرون على الارتباط بأصحاب السوق العالمية بأسرع مما اعتقد الكثيرون حفاظاً على ثرواتهم الجديدة ومصالحهم الضيقة، وهم بذلك يتحولون شأنهم شأن مراكز الفساد الكبرى إلى نقاط اختراق سهلة للعدو الأمريكي ـ الصهيوني الذي يحشد كل قواه اليوم من أجل إخضاع سورية بالضغط من الخارج والداخل.
وحين قلنا «إن الذي يملك يحكم وإن الذي لايملك لايحكم» إنما كنا نقصد أن تحويل الملكية إلى هؤلاء - ولو جزئياً- لن يضمن استمرار استقلال القرار الوطني ولن يعزز شروط المواجهة الوطنية، ولن يدعم الجبهة الداخلية، بل سيضعف الوحدة الوطنية وسيعمق التفاوت الاجتماعي الذي سيتحول إلى صدع أساسي، تهتز له أركان المجتمع، الأمر الذي سيكون فقط في مصلحة من لاينوون الخير لبلادنا، لأنهم حينذاك، وحينما يصبحون المالكين الحقي قيين الأساسيين، سيستطيعون إخضاع جهاز الدولة لمشيئتهم السياسية والاقتصادية.
والأنكى من ذلك أن سعي هؤلاء للاستيلاء على ملكية الدولة، بأشكال مباشرة أو غير مباشرة، وكذلك سعيهم لزيادة ثرواتهم التي بلغت أرقاماً فلكية، الأمر الذي يجري بتواطؤ مع مراكز الفساد الكبرى في جهاز الدولة، كل هذا يجري تحت حجة زيادة فعالية الاقتصاد وتطويره وتحديثه، والحقيقة أنهم يسيرون، إذا نجحت مساعيهم، بالبلاد إلى التهلكة، ففي حال تم لهم ماأرادوا، بسبب تكديسهم للثروات وهو ما اعتادوا عليه، فلن تجني البلاد إلا تباطؤاً أعلى في النمو الاقتصادي، وانخفاضاً أكثر في فعالية الإنتاج الوطني، وتراجعاً أكبر في مستوى معيشة المواطن.
إن التواطؤ بين حديثي النعمة ومن سبقهم... من مراكز الفساد الكبرى، واضح للعيان، ولاخيار أمام البلاد للحفاظ على استقلالها الوطني وتعزيز جبهتها الداخلية إلا إيقاف تدفق الثروات إلى أيديهم، وتحويلها إلى مصدر للاستثمار الحقيقي لصالح البلاد، وإلى مورد حقيقي لتحسين معيشة المواطن الذي ضحى وتحمل كثيراً في سبيل القضية الوطنية، وهو يستحق أن يعامل معاملة لائقة وفي ذلك ضمانة لكرامة الوطن والمواطن.
( افتتاحية قاسيون )

الأربعاء، صفر ١٥، ١٤٢٧

نفقات الأسرة الواحدة.. واحد وعشرون ألف ليرة شهرياً وسطياً...!!!!

أوضح الدكتور ابراهيم علي مدير المكتب المركزي للاحصاء أن دخل ونفقات الأسرة في سورية يكتسب أهمية خاصة لما يمكن أن تقدمه من بيانات ومؤشرات أساسية تلعب دوراً في رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية وبنفس الوقت ربط الدخل بالمؤشرات الاقتصادية الأخرى وبأنماط الاستهلاك.‏

وأشار الدكتور علي: من هنا لابد من تحقيق نوع من التوازن بين ما يخصص من الدخل للاستهلاك الضروري لرفع مستوى معيشة المواطن من جهة وبين ما يدخر منه لرفع وتائر التنمية من جهة أخرى.‏

عمق التطورات الاقتصادية أحدث تطوراً‏ جوهرياً في أوضاع السكان‏
وأضاف الدكتور علي أن عمق التطورات التي واكبت عملية التنمية الاقتصادية منذ تنفيذ عملية مسح دخل ونفقات الأسرة عام 1997 أدت إلى حدوث تغير نوعي وجوهري في الأوضاع الاقتصادية للسكان وأيضاً تغير في نمط وتركيب الاستهلاك الأسري حيث قام المكتب المركزي للإحصاء بتنفيذ مسح جديد حول دخل ونفقات الأسرة في سورية بين عامي 2003- 2004 والذي كان الهدف الأساسي لهذا المسح.‏

أولاً: الحصول على البيانات اللازمة لحساب الأرقام القياسية للأسعار وتكاليف المعيشة.‏
ثانياً: معرفة الأنماط وتركيب استهلاك الأسر والأفراد في الحضر والريف.‏
ثالثاً: معرفة نمط الاستهلاك السائد لمختلف السلع والخدمات وتوزيع الانفاق على السلع الرئيسية وتوفير المعطيات اللازمة لحساب تطور الانفاق والاستهلاك بالنسبة للدخل. وأخيراً توفير المؤشرات اللازمة لوضع خطة تموينية شاملة والتعرف على العلاقة بين الدخل والانفاق للأسر ورصد التوازن بينهما بالنسبة لبعض الفئات الاجتماعية خاصة من ذوي الدخل المحدود.‏

من هنا اتبع أسلوب الدورات في تنفيذ المسح المشار إليه والذي امتد على مدى سنة كاملة موزعة على أربع دورات كل دورة مدتها ثلاثة أشهر وغطى ذلك جميع مناطق سورية المناخية ومحافظاتها حضراً أو ريفاً واعتمدت في هذا المسح الأسرة المعيشية كوحدة إحصائية وتم اختيار عينة واحدة من أصل 7500 أسرة تقريباً في كل دورة روعي خلالها أن تكون العينة ممثلة للمجتمع.‏

وعن أهم النتائج التي تم التوصل إليها بعد إجراء المسح أجاب الدكتور علي قائلاً: جاءت النتائج كما يلي:
بلغ إجمالي انفاق الأسرة على مستوى القطر 21048 ليرة سورية شهرياً توزعت إلى :
8553 ليرة سورية على السلع الغذائية أي ما نسبته 40,6% من الانفاق
12495 ليرة سورية على السلع غير الغذائية والخدمات المختلفة أي ما نسبته 59,4% من إجمالي الانفاق.
وبناء على ذلك فقد بلغت نسبة السكان الذين يعيشون دون خطر الفقر 11,4% وفقاً للدراسة المشار إليها والتي اعدت بالاعتماد على نتائج المسح بالتعاون بين المكتب المركزي للاحصاء وهيئة تخطيط الدولة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي.
وبلغت نسبة السكان الذين ينفقون أقل من دولارين في اليوم الواحد 10,4% ونسبة الذين ينفقون أقل من دولار في اليوم 0,3% أي أقل من 1%.‏

تراجع الفقر‏
وحسب نتائج المسح فقد لوحظ تراجع معدلات الفقر بين الأعوام 1996-1997 و2003-2004 في جميع انحاء سورية حيث انخفضت من 14,3% عام 1997 إلى 11,4% عام 2004
وحول المعايير التي تم اعتمادها لتحديد نسبة الفقر أوضح الدكتور علي أن منظمة الأغذية والزراعة العالمية ومنظمة الصحة العالمية حددت عدد الحريرات اليومية اللازمة للإنسان واعتمدت نسبة كحد أدنى للفقر وأما البنك الدولي فيعتمد على أن خط الفقر هو دولار أو دولارين يومياً للشخص الواحد وبناء عليه ثم تحديد نسبة الفقر المشار إليها.‏

وختم الدكتور علي رداً على الانتقادات التي جرت على هذه النسبة بالقول: إذا عدنا إلى نسبة 11,4% من اجمالي السكان في سورية فإننا نجد أن الرقم يصل إلى حوالى 2 مليون نسمة وتساءل من يقول هذا الرقم قليل..!?‏

ومن هنا لا يمكن وضع خط فقر خاص بسورية دون الاعتماد على المعايير الدولية, وتوقع الدكتور علي لأن يكون هناك مع بداية تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة أن نسبة خط الفقر ستتجه نحو الانخفاض وخاصة أن موضوع سياسة الأجور والأسعار تعتبر من أولويات الحكومة ونحن كمكتب احصاء نرصد التغيرات التي تحصل على الأسعار والأجور سنوياً ومن خلالها يمكن الوصول إلى التقرير النهائي ومنه إلى الحكومة التي بدورها تقوم برسم السياسة واتخاذ الاجراءات الضرورية لخلق التوازن بين الاسعار والاجور في سورية.‏

الثورة

السبت، صفر ١١، ١٤٢٧

حالة طوارئ ضد الفساد

حلقة جديدة، هي الأولى من نوعها، وفصل مثير من مسرحية الفساد يتزعمه القطاع الخاص هذه المرة. فقد نشرت الزميلة "الثورة" في 28 شباط الماضي، تحقيقاً عن الفساد الذي يمارسه بعض رجال الأعمال، والكبار منهم بالذات! أولئك الذين يدعون الشفافية ويطالبون الحكومة بتقديم التسهيلات لهم، وما فتئوا يقدمون الطلب تلو الآخر والالتماس إثر الآخر لإعفائهم من الالتزامات التي تنص عليها القوانين والأنظمة النافذة.
وقد ذهب حسن ظن الحكومة بهم بعيداً، إذ فتحت لتلك "الفئة" الأبواب التي كانت مغلقة في وجهها بهدف تقديم التسهيلات ومدّ يد العون لها.
وفي المقابل أدارت الحكومة ظهرها في أحيان كثيرة لمطالب القطاع العام وتجاهلت مشكلاته والصعوبات التي تواجهه بعد أن انتشر الفساد في كل المؤسسات وصار جزءاً من ثقافة سائدة.
وفوجئ الجميع أن الفساد المنتشر لدى القطاع الخاص هو أكبر بكثير من الفساد المنتشر في القطاع العام وأخطر.
وكان لافتاً أن فساد "الخاص" يمثله رجال أعمال كبار من تجار وصناعيين.. إلخ يعدّون أنفسهم أمثولة للآخرين ومضرب المثل في النزاهة، كُشف زيفها على مرأى الجميع، وهم في الوقت نفسه يتبادرون في شتم القطاع العام.

التهرب الضريبي وممارسة التزوير والخداع وابتزاز الآخرين والتغرير بالبعض، كلها عناوين بارزة للفساد المنظم الذي يمارسه بعض رجال الأعمال المستترين خلف شعارات براقة والأسماء الوهمية والممارسات غير القانونية، لكنها النتيجة الحتمية لحالة التراخي والتساهل المصابة بها الأجهزة الحكومية مقابل حالة الجشع الذي يعمي أبصار بعض ممثلي القطاع الخاص، وما يمارسونه من ابتزاز مفرط. ويبدو أن لون الفساد المكتشف مؤخراً أثبت أن فساد "العام" لن يرقى أولاً وفي أي حال إلى فساد "الخاص"، وأن شبكة الفساد المحلي مترابطة ولها ممثلوها ورجالاتها في كلا القطاعين ثانياً.
لقد نادينا منذ زمن بعيد بضرورة إنجاز الإصلاح، وحذرنا أن الإصلاح لا يمكن تجزئته إلى إصلاح اقتصادي أو اجتماعي أو إداري أو سياسي.
فالإصلاح يجب أن يكون شاملاً ويسير بخطا متوازية على كل الصعد. ومن ناحية ثانية كان مطلبنا الدائم عدم النظر إلى القطاع العام بأنه قطاع فاشل وغير صالح والركون إلى القطاع الخاص فقط، بل أكدنا غير مرة أن "أزلام" القطاع الخاص الكبير، بعضهم وليسوا جميعاً، هم المسؤولون عن نشر ثقافة الفساد والرشا، ويمارسون الاستغلا غير الإنساني لعمالتهم. وخلصنا إلى نتيجة أن القطاع الخاص يحتاج إلى الإصلاح أولاً كما القطاع العام، لكننا لم نجد آذاناً مصغية، ولم تلق طروحنا اهتماماً، وكان نصيبها التجاهل و"التطنيش" أحياناً، والتشكيك بصدقيتها أحياناً أخرى.
قدّم ممثلو القطاع الخاص وعوداً براقة كثيرة مقابل أن يحصلوا على مطالب معينة وتسهيلات عديدة، وبعد أن نالوا ما أرادوا، تنكروا لوعودهم واختلقوا سلسلة جديدة من المطالب، وحصيلة المؤتمر الصناعي الأول تثبت ذلك.. فمتى سيتحول القطاع الخاص العائلي إلى شركات مساهمة؟ ومتى سيقوم القطاع الخاص بمأسسة شركاته وتنظيم أعماله؟
إن الفساد لا يجلب إلا الويلات، ويعد الفساد ابناً شرعياً لغياب المحاسبة وعدم تطبيق القوانين.
والسؤال الآن بعد أن عصف الفساد بالكثير من القطاعات وانتشر وتغلغل في كل الأماكن: ما الحل؟
ظهرت في السنوات القليلة الماضية طبقة من رجال الأعمال بشكل مفاجئ، وأثيرت حولها تساؤلات كثيرة تتعلق بمصادر ثرواتها ودخولها المرتفعة..
وظلت الأسئلة مبهمة والإجابات غائبة، كما الغموض الذي رافق ظهور تلك الطبقة، رغم اليقين الثابت أن الفساد هو الحامل الموضوعي والحاضن الرئيسي لها.
فمظاهر الترف الباذخ والغنى السريع والفاحش، لا يمكن النظر إليهما كنتيجة طبيعية لأعمال اقتصادية مشروعة، بل لابد من وجود أشياء غير مشروعة ترافق ذلك.
ويبدو أن تطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟" على الموظفين الرسميين لا يكفي بالنسبة لبعض رجال القطاع الخاص، فمصدر ثرواتهم الطائلة كان الفساد بالتأكيد.
إن تشكيل هيئة لمكافحة الفساد يكون اختصاصها القطاعات المختلفة ومجال عملها ملاحقة الفاسدين والمفسدين أينما وجدوا، هو مطلب رئيسي للشعب الذي انتظر طويلاً إجراءات فعلية على هذا الصعيد، وليس اتباع طرق "تنفيسية" تخفف من الاحتقان ليس أكثر.

إن تحصين الجبهة الداخلية ضد الأخطار الخارجية المحدقة بالوطن، هو من أقوى الأسلحة التي يجب استخدامها، والنظر بجدية وصرامة تجاه الشأن الداخلي وتلبية مطالب الجماهير هو الصواب بعينه في هذه المرحلة وغيرها.
ويبدو أن إعلان "الحرب" على الفساد هو الخطوة التي طال انتظارها، وأن تشمل مكافحة الفساد القطاعات المختلفة والمستويات المتعددة.. فهل ننتظر نتائج إيجابية ومثمرة لتلك الجهود؟ وهل تتحول حالة الطوارئ إلى حالة طوارئ ضد الفساد؟

نقلاً عن النور

التقييس في الفساد

الكل يتحدث عن مكافحة الفساد، عن ردعه ومنعه، عن تحميله مسؤولية الكثير من المصائب التي نواجهها في حياتنا اليومية، لكن الحديث عن هذه المكافحة لايوحي بأن تعريف الفساد عند البعض هو نفسه عند البعض الآخر.
لرشوة والغش والتدليس والسرقة والتهرب من الضرائب واللعب على القوانين والتهريب ... وما إلى ذلك، كلها تعني فساداً، لكن هل هذا هو التعريف الكامل للفساد؟ ‏
إذا حاولنا تعريف الفساد وفق منهجية تعتمد على نتائجه، فإننا نجد أن كل عملية أو منتج أو حالة تصيب الناس بالأذى هي نتاج عمل فاسد، وفي التعريف الكيميائي نقول عن أي مادة إنها أصبحت فاسدة إذا خرجت عن إمكانية التعامل معها لأهداف إيجابية، ونقول انها تحللت أو تفسخت أو فسدت وأصبحت غير قابلة للاستخدام. ‏
وهنا نسأل... أي فساد سوف نكافح؟ ‏
هل سنتفق على تعريف يقول إن الفساد هو فقط الالتفاف على القوانين لـ (لطش) أكبر كمية ممكنة من المال؟ ولنلاحظ هنا أن عملية الالتفاف قد تكون قادرة على عدم الإيقاع بالفاسد الحقيقي في قفص الاتهام بل ربما تستبدله بأجير أو بشخص آخر قد لايكون له في ذلك مايعني حقيقة اشتراكه في جرم الفساد. ‏
وبصورة أكثر شمولية... هل سنطلق تعبير الفساد على مايمكن أن نسميه الفساد المالي؟ ‏
إذا اتجهنا إلى هذا الرأي فإننا سنترك الفساد في الإدارة وفي تحمل المسؤولية والهدر في المال العام ونترك مع كل ذلك الفساد الأخلاقي وسبات الضمير وفساد التلوث (الهوائي والمائي والصوتي...) ، ونعطيها جميعاً البراءة من الفساد. ‏
الفساد يعمّ العالم، وربما يكون الفساد المالي أقل خطراً من نماذج الفساد الأخرى، أو لعل هذا النوع من الفساد هو نتاج فساد في جوانب حياتية مغايرة، وبالتالي فإن قطع دابر الفساد المالي لايعني تجفيف منابع الفساد، وهذا يوازي تماماً عملنا في مكافحة الفيروسات على أجهزة الحاسوب، فليس المهم أن نحذف من الجهاز ملفاً أصيب بالفيروس، لأن الفيروس قادر على إصابة ملف آخر، لكن المهم أن نحذف الفيروس نفسه، وحتى نفرق بين الفيروس وبين الملف الذي نحتاجه علينا أن نحدد عناصر الفيروس )نوعه ـ تأثيراته ـ موقعه ـ الطريقة الكفيلة بالقضاء عليه... إلخ( ‏
إذاً نحن بحاجة إلى تعريف محدد للفساد، ومن ثم إلى دراسة مسحية لمستوى انتشاره، وقياس هذا الانتشار وفق معاملات واضحة ومحددة، وبعدها يمكننا وضع الخطة القادرة على تحديد آليات عمل وفق نسب إنجاز تعتمد على التقييس الدقيق وفق برامج زمنية محددة، وهذا قد يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لكن كلاً منا سيكون على ثقة بأن الفساد سينتهي في يوم آت. ‏
في البحث عن حل عملي لايمكن لأي أسلوب أن يحقق هذا الإنجاز إذا تدخل فيه العامل الشخصي، ويبقى الأسلوب الوحيد هو الأتمتة التي تلغي كل مغريات الفساد ومقوماته. ‏

تشرين‏