الاثنين، جمادى الأولى ٣٠، ١٤٢٧

لقاء السيد الرئيس مع صحيفة الحياة - الجزء الأول

> سيادة الرئيس، أتيتُ الى دمشق من عمان ولمست لدى الملك عبدالله الثاني قلقاً عميقاً مما يعتبره تراجع الدور العربي لمصلحة الدور الإيراني في المنطقة، فهل لديكم انطباع بأن هذا الدور تراجع الى هذا الحد؟

- أولاً، علينا أن نحدد إن كان الدور العربي موجوداً أم لا. لا أعتقد بأننا كنا نرى دوراً عربياً مهماً عدا الدور الشكلي. الدور الإعلامي في ما يخص لقاءات وزيارات الوفود والتصريحات يظهر دوراً عربياً. لكن لا اعتقد أنه كان هناك دور عربي حقيقي في المضمون. في كل الأحوال ليس هناك ما يمنع أي دولة اخرى في المنطقة أن تلعب دوراً فاعلاً، ومنها إيران كدولة مهمة. لكن الأهم من ذلك اذا كنا نقلق أو نخشى أو نعترض على دور أي دولة في هذه المنطقة فالحل هو بأن يكون هناك دور عربي. كي نبتعد عن الطريقة العربية التقليدية، وهي البكاء على الأطلال، فلنتحرك في شكل فاعل وليكن هناك دور عربي. لا أحد يمنعنا من ان نقوم بدور عربي فاعل. اما الدور الإيراني فأعتقد بأنه دور مهم وإيران دولة مهمة في المنطقة ودورها ضروري لاستقرار المنطقة بالتكامل مع دور عربي وليس بديلاً عن دور عربي. الدور العربي مهم جداً بالتوازي مع أي دور آخر لإيران أو لغيرها، لكن بشرط أن نقرر نحن أننا نريد أن نلعب هذا الدور. إذا لم نقرر هذا الشيء لا يحق لنا أن نتحدث عن أي دور آخر، سلباً أم ايجاباً.

> هل نستطيع القول إن الدور الإيراني في المنطقة ضروري لاستقرارها لكنه ليس بديلاً عن الدور العربي؟

- تماماً

> سألتُ الملك عبدالله الثاني عن سبب الفتور في العلاقات السورية - الاردنية، وإذ به يفاجئني بالقول إنه قبل نصف ساعة كان في محادثة هاتفية معكم؟

- صحيح

> هل هناك توجه لإعادة شيء من الدفء الى هذه العلاقات؟

- العلاقات العربية ـ العربية في شكل عام ينقصها التواصل. نقوم بعملنا ونحتفل به. وإذا كان هناك حدث أو أكثر، سواء كان لقاء قمة أو اجتماع لجنة مشتركة او اتصالاً هاتفياً، فلا تكون له متابعة وتبقى الامور على مستوى القمة. لذلك في أغلب العلاقات يظهر هذا الفتور ليس فقط بين سورية والأردن وإنما في معظم العلاقات العربية - العربية. نحن نسعى لإعادة الحيوية الى هذه العلاقة، خصوصاً أننا مقبلون على اجتماع اللجنة المشتركة السورية - الأردنية، لكن الهدف منه ان نستمر بمتابعة هذا الاجتماع من خلال علاقة بين الملك والرئيس. وأنا دعوت الملك عبدالله الثاني في هذا الاتصال لزيارة دمشق في الوقت الذي يراه مناسباً.

> هل العتب الأردني على سورية ينطلق من ملفات أمنية؟

- أحياناً لا نرى سبباً لخلاف جوهري بين الدول العربية. لا يوجد خلاف جوهري بيننا وبين الأردن. لدينا وجهات نظر في السياسة تختلف قليلاً أو كثيراً مع الأردن أو مع غيره. هناك علاقة بين الأجهزة الامنية تتأثر سلباً وإيجاباً، بحسب الأداء المشترك بين هذه الأجهزة. لا أعتقد بوجود عتب لأن الهدف مشترك. لا يوجد عتب فعلاً. في الموضوع الأمني تحديداً كل الأنظمة العربية الآن لديها القلق نفسه، وخصوصاً بعد حرب العراق، هناك تطرف وهناك إرهاب ينتشر، الجميع يعاني منه. ففي الملف الامني لا توجد خلافات، بل أخطاء تحصل نحمّل مسؤوليتها لموظف أو مسؤول بمستوى معين. يحصل هذا الشيء وتتم تسويته. الآن نحاول إعادة الحرارة من خلال الملف الاقتصادي والعلاقة السياسية، وأيضاً الملف الأمني.


الحوار المصري - السوري

> هل لمستم لدى الرئيس حسني مبارك نوعاً من القلق من تصاعد الدور الايراني في المنطقة في لقائكما الأخير؟

- لا يمكنني أن أتحدث نيابة عن الرئيس حسني مبارك. طبعاً، أنا والرئيس مبارك نتحدث بصراحة في كل الأمور، وقد تطرقت الى الدور الإيراني في الجواب عن السؤال الأول. وتحدثت مع الرئيس مبارك حول الدور العربي، وقلت بصراحة إن هناك من يتحدث عن دور ايراني في شكل سلبي، فالحل يكون في وجود دور عربي، لذلك دعونا نتحرك عربياً في الاتجاه العراقي لأنه هو المحور الأساس للحديث عن الدور الإيراني. وتحدثنا في الموضوع الفلسطيني، لكن هذا كان المدخل الى موضوع الدور الإيراني من خلال الحديث عن دور عربي.

> هل لنا أن نعرف المزيد عن لقائكم مع الرئيس مبارك؟ هل حاول بذل جهود لتحسين العلاقة السورية - الاردنية؟

- تحدثنا بهذا الموضوع، لكن كان الاتصال بيني وبين الملك عبدالله الثاني قد حصل قبل ذلك بيوم، فكانت الامور تسير في شكل طبيعي باتجاه إعادة الحرارة، كي لا اقول تحسين العلاقة وهي ليست سيئة إنما فيها بعض الثغرات. لكن الرئيس مبارك كان حريصاً، من خلال حديثه على الاطمئنان على هذا الجانب وشرحت له أن الامور تسير باتجاه طبيعي.

> لا شك في ان موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية كان حاضراً في القمة؟

- مرور الكرام. كان الحديث الأساسي الموضوع الفلسطيني والعراقي. قد تتساءل لماذا، ليس لأن لبنان غير مهم. إنه مهم لسورية ولمصر ولكل الدول العربية والجميع يحاول الاطمئنان على العلاقة السورية ـ اللبنانية في شكل عام. لكن الحقيقة ان اداء كثر من السياسيين، أفقد لبنان على المستوى السياسي الصدقية على الساحة العربية. والشيء الذي نسمعه من اغلب الرؤساء والملوك والأمراء العرب الذين زاروا سورية اخيراً يصب في هذا الاتجاه. هذا ليس محوراً سياسياً وإنما موضوع يتم تداوله في شكل عاجل.

> هل تمنى الرئيس مبارك مجدداً عليكم استقبال رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة؟

- الرئيس مبارك يتحدث ويسأل دائماً: ماذا تستطيعون ان تفعلوا لتحسين هذه العلاقة؟ وأنا اشرح له. أما بالنسبة الى السنيورة، فالكل يعرف أننا قلنا له تفضل مرتين. المرة الأولى عندما كنا في القمة العربية وقال لي بعد السلام: اريد أن آتي الى دمشق. فقلت له: أهلاً وسهلاً، لكن ضع جدول أعمال واصدقوا معنا وأهلاً وسهلاً بكم. فلم يأت ولم يضع جدول أعمال ولم يطلب أي موعد. في المرة الثانية بعد زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري. قال الرئيس بري: نريد أن يأتي الرئيس السنيورة ومن دون جدول أعمال. قلنا: لا مانع بعد جلسة الحوار التي كانت تجرى في ذلك الوقت حيث أعلن الرئيس بري للإعلام ان أبواب دمشق مفتوحة، ولم يأت الرئيس السنيورة، فماذا تفعل سورية أكثر من ذلك؟
> هل نفهم ان مسؤولية عدم حصول الزيارة تقع على الرئيس السنيورة؟

- طبعاً. سورية رحبت به مرتين على لساني أنا. لم يكن هناك شخص ثان أو ثالث، لم يكن هناك وسيط في هذا الموضوع.

> الرئيس نبيه بري قال ان ابواب دمشق مشرّعة أمام كل اللبنانيين وكان يقصد الرئيس السنيورة. هل أبواب دمشق مشرعة أمام العماد ميشال عون؟

- طبعاً. بكل تأكيد.

> هل هناك اتصالات لترتيب مجيئه الى دمشق؟

- ليس بعد، خصوصاً أننا ننتظر نتائج الحوار اللبناني. أحياناً نبتعد عن بعض التفاصيل لئلا تتهم سورية بأنها جزء من الحوار. وبالتالي ستتهم بأنها الجزء المعرقل في حال حصلت عرقلة أو انها توقف الحوار أو أي شيء من هذا القبيل. لكن، كمبدأ، أبواب سورية مفتوحة بكل تأكيد.
الرئيس الأسد يتحدث الى «الحياة» وبدا الزميلان غسان شربل وابرهيم حميدي (الحياة)

> هناك جلسة قريبة للحوار، لو سألناكم نصيحة لإنجاح الحوار من دون أن نضعها في خانة التدخل السوري في الشؤون اللبنانية، ما هي نصيحتكم للمتحاورين اللبنانيين كرئيس لدولة مجاورة؟

- أولاً، أن يكونوا صادقين. ثانياً، أن يكون الحوار انطلاقاً من الإيمان بلبنان الوطن وليس لبنان الطائفة، ولا لبنان المصالح المحلية التي ربما لا تتجاوز بضع حارات. هذا هو المبدأ الأساسي. هذا لا يعتبر تدخلاً وكل شيء يصب في هذا الاتجاه سيكون جيداً.

> نُقل اليوم عن النائب سعد الحريري قوله للرئيس جاك شيراك او تلميحه، ان سورية تحاول تعميق الانقسامات في لبنان؟

- هل الانقسام الحالي الموجود في لبنان هو وليد الأيام والاشهر والسنوات الأخيرة؟ انه جزء من تاريخ لبنان. لم ينشأ لا في الحرب الأهلية ولا في وجود سورية. انه موجود قبل الوجود الفرنسي نفسه. فأولاً، الحديث عن الانقسام مستحدث ومختلق وهو كلام غير واقعي. النقطة الثانية، ماذا تربح سورية؟ هذا سؤال بسيط. أول سؤال يجب ان تسأله: ما هي مصلحة سورية في تعميق الانقسام؟ سورية دفعت دماء في لبنان. لم تقبض أموالاً بل دفعت دماء، وهي أغلى شيء، وتحملت ضغوطاً دولية لعقود من اجل لبنان. فلنفترض الآن أنها ستقوم بهذا العمل - أي تعميق الانقسام - وهذا سيعني أن يؤدي الوضع من جديد الى حرب أهلية، فهل كانت الحرب الأهلية عندما بدأت في 1975 ضارّة لسورية واليوم أصبحت مفيدة لها؟ هذا كلام غير منطقي، أي انقسام مع تبعاته هو ضرر مباشر لسورية.

> لو تولى سعد الحريري رئاسة الحكومة، هل يبقى كلام الرئيس بري عن الأبواب المشرّعة صالحاً؟

- نعم. وهذا الكلام طرح علينا منذ خمسة أو ستة أشهر وقلنا الكلام ذاته بمعزل عن المنصب. طُرح الكلام حول إذا أتى، تحديداً، سعد الحريري الى سورية، فهل يُستقبل، فقلنا طبعاً. لم يكن يشكّل لنا مشكلة. نحن في سورية لن ننزل في سياستنا الى مستوى التصريحات اللبنانية. أبقينا أنفسنا أعلى. ودائماً في السياسة لا توجد عوامل شخصية وإنما مصالح عامة.

> هل نفهم أن جهة عربية حاولت ترتيب العلاقة بينكم وبين النائب سعد الحريري؟

- لم تصل الى مستوى ترتيب العلاقة، وإنما طُرح هذا السؤال كما هو، أي: هل تستعدون لاستقباله؟ ولم نكن نعرف إذا كانت هناك رغبة حقيقية فعلاً بأن يأتي أم كان مجرد استفسار. لا أعرف ولا نسأل بالتفاصيل.

> حتى نكمل المحور اللبناني، أشادت سورية بتقرير المحقق سيرج براميرتز وبمهنيته وحرفيته، وهناك رأي بين منتقدي سورية يقول إن لبنان قرر الفصل بين التحقيق والعلاقات اللبنانية ـ السورية، لكن سورية لا تزال قلقة من التحقيق. هل هذا صحيح؟

- القلق ليس من التحقيق حتى الآن. صدرت اربعة تقارير حتى الآن، اثنان منها أيام اللجنة السابقة وكان الهدف منها إدانة سورية، ومع ذلك التقريران الأول والثاني لم يتمكنا من إدانة سورية. اتهما سورية من دون أي شيء وبالتالي كان التقرير ضعيفاً. والتقريران الآخران يبدو أنهما مهنيان كما تقول سورية ولم يتهما سورية. إذاً، في المضمون سير التحقيق بمراحله المتناقضة هو مطمئن لسورية وليس العكس. أنا اقول أحياناً ان القسم الأول مطمئن ربما كالقسم الثاني لأنه عندما أتى بهدف الإدانة لم يتمكن من ذلك. فعندما يكون مهنياً سيكون طبعاً لمصلحتنا أكثر. لكن القلق ليس من هذا الموضوع لأننا اتخذنا موقفاً منذ البداية ولن نغيره منذ اتهام سورية في المرة الأولى، وإنما القلق هو من حجم الضغوط الدولية التي تحصل من أجل حرف مجرى التحقيق. نتمنى ألاّ ينجحوا في التدخل وفي حرفه عن المهنية وهذا هو القلق الوحيد. نحن لسنا قلقين من سير التحقيقات، لأننا نرى الامور تسير باتجاه توضيح أن سورية ليس لها يد في هذا الموضوع، خصوصاً مع ازدياد الاحتمالات. وهذا هو السير الطبيعي للتحقيق أن تكون هناك احتمالات مختلفة كما يوردها التقرير الأخير.

> بما فيها الاحتمال الانتحاري؟

- كل الاحتمالات، نحن لم نقل أن لا يضعوا سورية كاحتمال، لكن ليس من المعقول أن تكون سورية الاحتمال الوحيد. هذا هو الفرق بين التقرير الحالي وبقية التقارير.

> سيادة الرئيس، اعلنتم انه إذا ثبتت علاقة أي شخص سوري سيسلّم؟

- هو خائن، وقبل ان يسلّم سيحاسب بالقانون السوري، والقانون السوري قاسٍ جداً تجاه هذا الموضوع.


> هل هناك زيارة جديدة لبراميرتز الى سورية، هل طلب المجيء؟

- كلا، لم يطلب.

> هل كنتم مرتاحين بعد لقائكم معه؟

- قبل اللقاء وبعد اللقاء، لأنه، بالأساس، كان توجهنا نحن كسورية بأن المحقق عندما يأتي ليسمع وجهة نظرك فأنت رابح. فميليس طلب مرتين أن يلتقي بي ورفضت في المرتين. حتى اننا لم نعطه جواباً، بغض النظر عن أي وضع دولي وغيره، مثل مجلس الأمن لأن الهدف معروف. عندما أتى براميرتز كان الوضع مختلفاً بالنسبة إلينا، إذ كنت أنا شخصياً متحمساً لأن الخلفية السياسية مهمة في مثل هذا النوع من التحقيقات. كنت مرتاحاً قبل اللقاء وخلاله وبعده. وكان اللقاء جيداً.
> كم دام اللقاء؟

- حوالى الساعة.

> هل لديه طلبات من سورية لم تلبّ بعد؟

- كلا، كان واضحاً في التقرير عندما قال إن تعاون سورية مرضٍ. وفي ظل الظروف السياسية الحالية هذا جيد. لا يمكن أن يقول ان التعاون مرضٍ وسورية لم تتعاون ولو في بند واحد ولو كان بنداً بسيطاً. كان سيذكر عدم تعاون سورية، عندما لم يذكر عدم تعاون سورية فهذا معناه ان سورية تعاونت في كل شيء، وهذا التعاون مستمر ومفتوح ضمن إطار التحقيق وضمن إطار المهنية في التحقيق.

> لماذا هناك مخاوف من ان تكون القوى الحليفة لسورية في لبنان تسعى الى إسقاط الحكومة لتعقيد قصة المحكمة الدولية في المرحلة المقبلة؟

- لم اسمع بهذا الكلام باستثناء طروحات غير واسعة. ولكن في شكل منطقي هدف المحكمة الدولية هو الوصول الى نتائج بنيت على تحقيقات. لم تنته التحقيقات. عادة عندما تحصل جريمة تأتي الشرطة أو المحققون ويعطون المعطيات للمحكمة، كيف تُشكل المحكمة ولم ينته التحقيق ولا توجد معطيات بناء على أي شيء. الهدف منها سياسي، واللعبة واضحة.

> إذا تولى غداً رئاسة الحكومة سياسي لبناني صديق لسورية، فهل نرى سفارة لسورية في لبنان؟

- بالنسبة الى موضوع السفارة، أنا الذي طرحت موضوع السفارة في الاجتماع الأخير للجنة العليا السورية - اللبنانية عندما كان الرئيس إميل لحود والرئيس بري والرئيس (عمر) كرامي في دمشق في آذار (مارس) 2005، ولم تكن هناك ضغوط لبنانية، وقلت: نحن لا توجد لدينا مشكلة، إذا كنتم تعتقدون بأن هناك حاجة لسفارة ادرسوها ولنر ما هو التعارض بينها وبين المجلس الأعلى السوري - اللبناني. نحن كمبدأ لا نرفض سفارة، ومن غير المنطقي ان ترفض سفارة او تقول لا يجوز أن تكون هناك سفارة، وسورية لم ترفض في يوم من الأيام فكرة سفارة في لبنان، بل كانت تقول ليست ضرورية، خصوصاً أن المسافة بين بيروت ودمشق هي أقرب من المسافة بين دمشق وحمص. هذا هو المبدأ، أي ان العلاقات تسير من دون هذه السفارة، إذاً لا يوجد مبدئياً اعتراض على السفارة، لكن لا يمكن أن تأتي السفارة بفرض، لا دولي ولا محلي ولا اقليمي، هذه هي وجهة نظرنا بالنسبة الى السفارة.

> يُطرح موضوع ترسيم الحدود، والقرار 1680 يطالب سورية بترسيم الحدود، ما هو موقفكم؟

- في تشرين الثاني (نوفمبر) قبل القرار، جاء الرد مباشرة من رئيس الوزراء السوري على رسالة الرئيس السنيورة بموافقة سورية على ترسيم الحدود. لكن اللعبة واضحة، حتى عندما وافقنا كنا نعرف ما هي اللعبة التي يرغب بها السنيورة. كان الموضوع في ذلك الوقت موضوع مزارع شبعا. بالنسبة إلينا مزارع شبعا لا يمكن تحديدها الآن. عليك أن تبدأ من الشمال أولاً أو أي مكان آخر. لكن ليس مزارع شبعا في ظل الاحتلال الإسرائيلي. هذا هو موقفنا في شكل واضح. أما موضوع ترسيم الحدود فكما تعلم حصل ترسيم حدود مع الأردن منذ سنتين ولم تكن هناك أي مشكلة.


> الوزير وليد المعلم تحدث في القاهرة عن لجان تعمل، هل هناك فعلاً لجان تعمل أم ماذا؟

- بحسب المعلومات، هذا موضوع قديم، منذ عقود. فعلاً كانت هناك لجان، لا أعرف الآن إذا كانت تجتمع أم لا. لكن فعلاً هذا الموضوع أعتقد انه من السبعينات. كمبدأ لا توجد لدينا مشكلة، لكنهم يريدون خلق مشكلة من هذا الموضوع.

> عودة الى الموضوع اللبناني، هل ستنتظر سورية نتائج الحوار اللبناني أم ستنتظر تدهوراً في لبنان والطلب إليها لاحقاً ان تسهّل لملمة الأوضاع في لبنان؟

- عندما كانوا يطرحون سؤالاً عن كيفية تعاملنا مع لبنان، حتى قبل الخروج السوري، كنت أقول لهم أي لبنان؟ بالنسبة إلينا من خلال الطبقة السياسية نرى لبنانات. فالآن عندما نتحاور مع طرف لا يعني ذلك أننا نتحاور مع بقية الأطراف. على اللبنانيين أولاً أن يوحدوا أنفسهم. وهذا الكلام أعتقد بأنك تسمعه حتى في بعض الإعلام العربي وفي مقالات صحافية أو غيرها، لأن المشكلة هي في لبنان. أولاً، على اللبناني أن يحسم مشكلته ويضع تصوراً واضحاً ونحن مستعدون عند ذلك للقيام بمبادرة للتعامل معه باتجاه معين. لكن هناك الآن اتجاهات وتناقضات في ما بينها، وأي اتجاه تتعامل معه يعتبر الطرف الآخر أنك تتعامل مع الطرف الذي لا يمثله. عندما يتفق اللبنانيون على الشكل النهائي والتفاصيل النهائية لكل المواضيع المطروحة، تستطيع سورية عند ذلك ان تتعامل معه وهي مرتاحة من دون عقد.

> هل أدى خروج القوات السورية من لبنان إلى تغيير في علاقة دمشق مع «حزب الله»؟

- لا، أبداً. العلاقة لم تكن مبنية على الوجود العسكري إطلاقاً.

> معنى ذلك ان الحرارة التي ميزت علاقتكم بالسيد حسن نصر الله ما زالت مستمرة؟

- مستمرة كما هي ولم تتغير على الإطلاق، على الإطلاق.

> هل قلّت الأوراق التي في يد سورية بعد انسحابها من لبنان؟

- بالعكس، لأننا كنا نحمَّل كل السلبيات، حتى ولو لم تكن لنا علاقة بها. الآن من الصعب تحميلنا كل السلبيات بكل التفاصيل. الآن واضح تماماً أين هي المشكلة على رغم الاتهامات الإعلامية، لكن في المضمون بالنسبة الى المواطن في لبنان فهو يعرف أن سورية لم تعد لها علاقة بمعظم الأمور. وحتى إن كانت هناك أخطاء، تحدثتُ عنها في السابق، فهي غير موجودة الآن. كانت هذه الأخطاء موجودة عندما كنا موجودين في لبنان. الآن غير موجودة، إذاً من يتحمل الأخطاء؟ الأمور لم تتحسن ولم يظهر أن هذه القضايا التي كانت تُحمّل لسورية، أن سورية مسؤولة عنها. بل على العكس أنا أعتقد، حتى بالنسبة الى الشعب السوري، كان البعض منهم يسأل ماذا نفعل في لبنان؟ الآن أصبح الجواب واضحاً، أين تكمن المشكلة.

> هل كانت ليلة اتخاذ قرار الخروج من لبنان صعبة؟

- لا. ليس لأن القرار صعب، وإنما لأن ظروف الخروج كانت على خلاف مع القواعد اللبنانية وليس مع السياسيين. السياسيون لهم مصالحهم ويبقون محدودين، لكن عندما تكون لديك شريحة واسعة من الشعب اللبناني تعتقد بأنك سبب مشكلة في لبنان أو بأنك خلف اغتيال الحريري، أو بأنك كنت محتلاً، أو كل هذه الاتهامات... فهذا بكل تأكيد يسبب جرحاً لكل سوري من دون استثناء. ومن يقول لك غير هذا الكلام يكذب عليك. هنا كانت الصعوبة. وعندما كنا نقرر خروج القوات السورية على مراحل، فإن وجود القوات في أي مكان هو عبء. عبء على القوات وعلى الدولة وعلى البلد الآخر. هذا شيء طبيعي، ومن الطبيعي ان تعود القوات. كلما سحبنا المزيد من القوات كنا نرتاح أكثر بالممارسة، لكن شكل العلاقة مع الشعب اللبناني هو الذي آذى السوريين كثيراً.


> هل نستطيع القول ان سورية لا تحنّ للعودة إلى لبنان، سواء كان عسكرياً أم إدارياً؟

- أقول لك لو سألت العسكريين السوريين سيقولون لك لا، قبل غيرهم. لأنها كانت مهمة صعبة، كانت مسؤولية كبيرة ولم تكن قضية نزهة. إذا كان البعض مرتاحاً، فلا يعني ذلك أن عشرات الألوف من المقاتلين السوريين كانوا مرتاحين. كانوا يعيشون في العراء ولم تكن هناك لا مخيمات ولا شيء في العراء. عندما يوجدون في بلدهم تكون هناك معسكرات وتأمينات مستمرة، أما في لبنان فعلى العكس كانت الظروف صعبة. طبعاً هذا لا يعني أن سورية لن تقف مع لبنان، أنا لا أتحدث الآن عن الشكل السياسي. لكن أقف عند كلمة الحنين. الحنين شيء وأن تقوم سورية بمساعدة لبنان في ظرف ما شيء آخر. لكن ربما يخلط القارئ بين الاثنين. فقضية الحنين بمعنى أنها قضية عاطفية، لا. كانت لدينا مهمة وسورية ستبقى مسؤولة عن مهماتها في المستقبل في أي ظرف.


> هل التواصل مع الرئيس اميل لحود قائم؟

- لم يتوقف ولم يتغير، كل سبت نتصل صباحاً، واليوم صباحاً تحدثنا مع بعضنا بعضاً.

> كيف أحواله؟

- لم يتغير. الرئيس لحود معنوياته لا يمكن أن تنزل تحت اي ظرف من الظروف.

> لو تساعدونني في مسألة بسيطة: من سيكون الرئيس المقبل في لبنان؟

- الآن نستطيع ان نجيب بكل سهولة لأنه لم يعد واضحاً الآن. الحوار هو الذي سيحسم مستقبل الأمور في لبنان. لا أعرف إذا كانوا لم يتفقوا حتى الآن حول أي موضوع من القضايا الجوهرية. ولنقل على سبيل المثال موضوع قانون الانتخاب. الشرخ الطائفي كان موجوداً حتى خلال وجود سورية وحتى بعد الطائف. ونراه يكبر الآن. كيف سيتعاملون مع كل هذه المواضيع؟ الطائف لم يطبق منه أي بند من بنوده، وفي مقدمها إلغاء الطائفية. كل هذه الأمور ستلعب دوراً في تحديد شكل لبنان وسرعة انتخاب الرئيس المحتمل. ولا أعتقد بأن هناك أحداً يستطيع أن يحدد من هو الرئيس المقبل، ومن المبكر الحديث عن هذا الموضوع.


العلاقة مع لحود

> هل لديكم شعور بأنه يمكنكم أن تقيموا مع العماد ميشال عون علاقة شبيهة بتلك التي تقيمونها مع الرئيس لحود كونهما عسكريين؟

- نحن لدنيا مبدأ بالنسبة الى الرئيس لحود، يعني لم تكن علاقة شخصية. المبدأ بالنسبة إلينا هو مبدأ مؤسساتي. الرئيس لحود حقيقة كان من أصعب الاشخاص الذين من الممكن لسورية أن تتعامل معهم، على عكس ما يعتقد الآخرون، وهو يستطيع أن يشرح لك الكثير من المواقف التي حصلت بين سورية وبينه.

معروف عن الرئيس لحود أنه صلب لا يتراجع عن مواقفه بسهولة، ولا يقوم بعمل غير مقتنع به. هذه هي الميزة الأولى للرئيس لحود، والميزة الثانية انه وطني، والثالثة أنه غير طائفي، والرابعة أنه، طبعاً بمعزل عن التسلسل، يؤمن بالعلاقة العربية وبلبنان العربي. كل هذه الأمور أساسية لاستقرار لبنان. أي رئيس يأتي بهذه المواصفات سنتعامل معه بالحد الأقصى. أما بالنسبة الى العماد عون، فأنا لا أعرفه شخصياً، ولكن لو أجرينا مقارنة منطقية، فمن كانوا يسمون أنفسهم حلفاء سورية هم الذين يتآمرون على سورية.

العماد عون كانت علاقتنا به غير جيدة وصدامية في بعض الأحيان، هو لا يحاول الانتقام من سورية، ولا الإساءة إليها. على العكس يدافع عن سورية، وهذا شيء لا نستطيع إلا أن نراه، ولا نستطيع ان ننكره، وبالتالي لا نفكر هنا بالمنصب وإنما بالشخص أولاً.

> هل هناك مشروع زيارة لعون الى سورية، وهل هناك اتصالات معه؟

- الآن، كما قلت، نحن قبل أن ينتهي الحوار اللبناني لا نحاول أن نقحم أنفسنا بعلاقات واسعة جداً مع الأطراف اللبنانية، ولكن لدينا مصلحة في أن نقيم أوسع العلاقات مع اللبنانيين، وطبعاً مع تياراتهم السياسية المختلفة، ومنها العماد عون.

> هل باب العلاقات مقفل نهائياً مع النائب وليد جنبلاط؟

- لم نقفله، هو من أقفله. أُقفل سياسياً ومن ثم أُقفل أخلاقياً. تم تجاوز كل الحدود. لا يوجد أي اتصال على الإطلاق.

> ألا يوجد مجال لذلك؟

- صعب.

> يتحدث جنبلاط كثيراً عن مخاوفه الأمنية.

- هذه مشكلته.

> في موضوع آخر، هل من الصعب على رئيس الجمهورية العربية السورية إقامة علاقات نديّة مع لبنان كالتي يطالب بها الرئيس السنيورة؟

- على العكس، عندما تكون العلاقات ندية، فمعنى ذلك أن لبنان ليس بحاجة الى أمهات حنونات، أي يصبح عربياً. أما عندما لا يكون ندياً فسيبقى الوضع على هذا الشكل. على العكس، سورية كانت دائماً، حتى خلال الوجود العسكري، تحاول أن تبني هذه العلاقة الندية، لكن قسماً كبيراً من السياسيين اللبنانيين لا يؤمن بقوة بلده أو لا يراها ربما أو لا يهتم. هذه هي المشكلة لدى بعض السياسيين في لبنان وليست المشكلة في إيمان سورية. يريدون من سورية أن تؤمن باستقلالية لبنان، هل يؤمنون هم باستقلالية لبنان؟ هم أنفسهم الذين يتحدثون عن الندية، هل هم نديون بعلاقتهم مع فرنسا أو مع أميركا. يأخذون الأوامر من السفراء أو من بعض المسؤولين، فقضية الندية هي عبارة عن كذبة، قناع. كان يقال ان الرئيس السوري لا يزور لبنان لئلا يحيي العلم، لأنهم (السوريون) لا يعترفون بلبنان. فقمت أنا بزيارة لبنان عام 2002 ونزلت في المطار وحييت العلم. انتقلوا الآن الى موضوع السفارة. لكنهم هم أنفسهم هؤلاء المجموعة. نحن لا نخسر من وجود سفارة، لكن ربما هم يقولون ليتنا لم ننشئ سفارة.

> نفهم من كلامكم، ان العلاقة مع فرنسا لا تزال سيئة جداً؟

- تحديداً فقط مع الرئيس (جاك) شيراك. أما مع المؤسسات الفرنسية فالعلاقات جيدة، وهذا هو الشيء الغريب لم تتأثر العلاقة مع فرنسا ككل.

> هل هناك شق سياسي ممتزج بشق شخصي في موقف الرئيس شيراك؟

- هذا ما نسمعه في شكل مستمر من أصدقاء الرئيس شيراك الأجانب والعرب.

> إذاً، العلاقات السورية - الفرنسية تنتظر انتهاء عهد الرئيس شيراك؟

- لا يهمنا هذا الموضوع ونعتبره شأناً داخلياً فرنسياً. قلنا للفرنسيين في شكل واضح في أكثر من رسالة: لا يمكن ان نسمح لعلاقتنا مع أي دولة أخرى بأن تمر عبر دولة ثالثة. وبالتالي إذا كانت فرنسا تريد ان تبني علاقة جيدة مع سورية فيجب أن تبنيها مع سورية وليس عبر لبنان. هذا هو جوهر المشكلة. أما بالنسبة الى الجانب الشخصي أو غير الشخصي، فأنا لا أعرف في هذا الإطار تحديداً.
لسنا قلقين من تسوية إيرانية – أميركية وحصولها يخدم الاستقرار وسورية... إعلان بيروت – دمشق يمس الأمن القومي والمعنيون نُبِهوا ثم تحرك القضاء

ليست هناك تعليقات: