الخميس، رجب ٣٠، ١٤٢٧

حديث السيد الرئيس لقناة دبي الفضائية

أدلى السيد الرئيس/بشار الاسد/ بحديث شامل الى قناة دبى الفضائية اجراه الاعلامى المصرى المعروف /حمدى قنديل/ وفيما يلى نص الحديث..
سؤال..
أهلا بكم.. بعد الانتصار الحاسم للمقاومة فى لبنان.. وأنا أقول الانتصار الحاسم ويقول غيرى.. للاسف الصحف الاجنبية منها /الايكونومست/.. تقول.. حزب الله يكسب الحرب فى الوقت الذى تشكك فيه صحف عربية بهذا الانتصار. بعد الانتصار الحاسم للمقاومة فى لبنان.. وتعلق أبصارنا وقلوبنا بلبنان قلب المقاومة.. أظن كان من البديهى أن نتجه الى سورية قلب الممانعة باللغة السياسية العربية الجديدة.. فى سورية قلب الممانعة ضيفنا الليلة الرئيس السورى الدكتور /بشار الاسد/.
الدكتور بشار أشكرك على المقابلة.. وكنت أتكلم عن الانتصار الحاسم للمقاومة فى لبنان.. وهذا الانتصار الحاسم سموه فى بعض الاحيان منعطفا تاريخيا.. لكن سيادة الرئيس منذ وعيت على الدنيا دائما يقال لنا.. اننا فى منعطف تاريخى وراء منعطف تاريخى.. لدرجة أننا لم نعد نصدق تماما اذا كنا نعيش لحظة تاريخية.. مفصلا تاريخيا أم لا. هل انتصار المقاومة فى لبنان هو مفصل تاريخى فعلا أم مجرد هبة مؤقتة.. مهما كان لها قيمة ستعود فيها الامة الى النوم الذى كانت مستغرقة فيه...
الرئيس الاسد..
أهلا وسهلا بك فى سورية ليس كضيف.. وانما ابن لخط قومى معروف على مستوى الساحة الاعلامية العربية. كل شىء جديد يحصل بالنسبة لاى دولة أو لاى شعب أول مرة فى التاريخ هو تاريخى.. لكن أن نقول.. مفصل تاريخى علينا أن نحدد أين يذهب بنا هذا المفصل التاريخى غزو العراق هو مفصل تاريخى.. لكن هل تعنى كلمة تاريخى شيئا ايجابيا.. ليس بالضرورة. غزو العراق مفصل تاريخى باتجاه الوراء.. باتجاه الخسارة.. باتجاه التخلف.. باتجاه الدمار بكل معانيه السلبية.. لا شك أن ما حصل فى لبنان هو مفصل تاريخى.. ربما تسمع اراء مختلفة على الساحة السياسية العربية.. لا أريد ان أحدد بأى اتجاهات.. ولكن أعتقد أن الساحة الشعبية بشكل عام تنظر اليها كمفصل تاريخى بالاتجاه الايجابى وبالاتجاه الصحيح وباتجاه مصلحة الامة العربية بشكل عام. مهما قلنا بأن اندفاع هؤلاء الناس كان عاطفيا.. لكن لا شك بأن الشعب العربى عبر تجارب العقود الماضية تكون لديه حس عفوى بالاتجاه الصحيح.. أحيانا يسبقنا كسياسيين.. ولا نستطيع لو استبعدنا الاراء السياسية للعاملين فى هذا الحقل الا أن نأخذ بالاعتبار هذه الرؤية. فنعم أعتقد أن ما حصل هو شىء تاريخى.. ولكن أيضا التاريخى يكتمل بكيف تستفيد من نتائجه.. كيف تحول النتائج السلبية لهذا الحدث بالاتجاه الايجابى الذى تريده.
سؤال..
يبدو أن النتائج سيادة الرئيس ستكون بأى شكل من الاشكال /شرق أوسط جديد/.. لكن هنا سيادة الرئيس تصادم الرؤى ما بين رؤية أمريكية
ل/شرق أوسط جديد قائم على الديمقراطية/ وبين رؤية سورية.. /شرق أوسط جديد قائم على المقاومة/.. أى /شرق أوسط جديد/ تريد سيادة الرئيس... وهل ممكن تحقيق هذا /الشرق الاوسط الجديد/....
الرئيس الاسد..
هى ليست قضية أى شرق أوسط نريد على طريقة صناعة أى منتج أو أى منتج مخبرى فى المخبر.. هنا واقع.. والواقع هو الذى يفرض عليك أى شرق أوسط..
وهذا الواقع فيه شعوب.. فيه مئات الملايين.. فى المنطقة العربية على الاقل.. وأكثر من مليار فى المنطقة الاسلامية.. فهذا الواقع سيفرض نفسه بهذا الاتجاه. وما أثبتته التجارب خلال السنوات الاخيرة منذ بدىء بطرح هذا المفهوم /الشرق الاوسط الجديد/ أن ما يطرح فى الخارج هو طرح نظرى لا يمكن تطبيقه بمعزل عن الاخطاء الكثيرة التى يقومون بها.. فالشىء المؤكد فى هذه النقطة لا يمكن أن يكون هناك شرق أوسط الا كما يريده أبناء الشرق الاوسط.. هذا ما تحسمه الوقائع وليس وجهة النظر السورية.
سؤال..
ماذا يريدون سيادة الرئيس...
الرئيس الاسد..
شرق أوسط.. وربما عالم.. وليس فقط شرق أوسط.. خاضع خانع يقبل بما يريدون دون تردد.. كالكمبيوتر تضع فيه معلومات فيعطيك نتائج. هذا ما يريدونه بكل وضوح.
سؤال..
شرق أوسط خاضع لهيمنة أمريكية أم هيمنة اسرائيلية. سيادتك تعرف أن
النقاش القديم.. هل أمريكا تحرك اسرائيل أم اسرائيل تحرك أمريكا على
الاقل فى منطقة الشرق الاوسط....
الرئيس الاسد..
هناك علاقة تبادلية.. فى الانتخابات شىء وفى الحرب شىء اخر.. وأنا لست خبيرا بالساحة الامريكية.. لكن واضح أن هذه الحرب كانت حربا.. فى جانب كبير منها.. أمريكية.. فى القرار.. وفى المماطلة بالنسبة لوقف اطلاق النار.. كان فيها جانب أمريكى يخدم قضية /الشرق الاوسط الجديد/.. لكن صمود المقاومة أفشل هذا الموضوع ورد فعل الشارع العربى أيضا أفشل هذا الموضوع أو سيفشله فى المستقبل.
سؤال..
أين إيران من هذا /الشرق الأوسط الجديد/. هل هو /شرق أوسط جديد/ اللاعب الرئيسي فيه أمريكا وإسرائيل كما كنا نقول.. أم أن اللاعب الرئيسي فيه إيران.. أم اللاعب الرئيسي فيه هم العرب...
الرئيس الأسد..
ما يهمني هو العرب.. طبعاً إسرائيل لاعب رئيسي من خلال العدوان.. والولايات المتحدة من خلال موقعها كقوة عظمى ومن خلال دعمها غير المحدود لإسرائيل.. أما بالنسبة لإيران فهي دولة في هذه المنطقة منذ الأزل. لكننا نريد أن نقول.. الأهم من أن نرى إن كانت إيران لاعباً رئيسياً.. أن نرى بأننا الغائب الرئيسي كعرب عن الساحة السياسية في منطقتنا.. في صناعة القرار وفي صياغة مستقبل هذه المنطقة.. هذه النقطة التي يجب أن نراها.. أهم من أن نضيع وقتنا في الحديث عن أن إيران تلعب دوراً يجب أن يكبر أو يصغر. الأفضل أن نقول ما هو دورنا. لا يحق لنا أن نتحدث عن أدوار الآخرين ولا نستطيع أن نراها بحجمها الحقيقي إن لم نمتلك دوراً.
سؤال..
بالتأكيد أنا متفق معك سيادة الرئيس بأن دورنا هو الأول.. إنما إيران تبعث لدى البعض بعض المخاوف. في منطقة الخليج مثلاً إيران محتلة جزرا من الإمارات.. الدور الإيراني في العراق. كل هذا يثير بعض الشكوك والمخاوف من إيران في الوقت الذي تأخذ فيه إيران دوراً متميزاً في الوقوف إلى جانب المقاومة.. في الوقوف إلى جانب الصمود والممانعة العربية...
الرئيس الأسد..
يجب أن نسأل الدول العربية مم تتخوف؟ رأيت أن البعض يتخوف من هذا الدور الذي سألت عنه.. وأنا قلت بأن الخوف هو من غياب الدور.. نعود لنفس النقطة. ولكن إن كانت إيران تلعب دوراً أساسياً وكبيراً فهذا لمصلحة المنطقة.. نحن ليس لنا مصلحة بأن نكون دولا ضعيفة.. الدول القوية إن كانت تلعب دوراً عادلاً أو دوراً أساسياً إيجابياً فهذا يحقق استقرار المنطقة. التخوف من ماذا... من دور ايراني في العراق... علينا أن نسأل العراقيين. لا يمكن لإيران أن تلعب دوراً في العراق من دون العراقيين.
إذاً علينا أن نسأل العراقيين عن هذا الموضوع قبل أن نتحدث من خارج العراق عن دور إيران في العراق على سبيل المثال ربما يتخوف البعض من المشروع النووي الإيراني.. وإيران تقول إنها لا تريد قنبلة نووية.. وبالقانون الدولي لديها الحق كأي دولة بأن تمتلك مفاعلاً للأغراض السلمية.. مم التخوف... أنا شخصياً لم أر شيئاً واضحاً موضوعياً.. وبنفس الوقت طرحنا هذا الموضوع مع الإيرانيين.. قالوا إنهم مستعدون.. وتحركوا لطمأنة الدول العربية.. كما رأينا مؤخراً.. فالحل هو بالحوار مع ايران.
سؤال..
سيادة الرئيس.. ألا تخاف من نمو النفوذ الإيراني مما يؤدي إلى نمو التيار الديني في المنطقة كلها.. وربما القضاء على التيار القومي الذي تنتمون إليه والذي ازدهر لعقود في المنطقة العربية ويبدو أنه يتراجع حالياً كما يقال أمام التيار الديني....
الرئيس الأسد..
نحن دولة قومية ودولة علمانية.. ومع ذلك لا توجد أي مشكلة بالتعاون بيننا وبين إيران.. لم نر بأنهم ضد الدولة القومية أو أنهم لا يستطيعون التعاون معها.. فلا أعتقد أن هذا الكلام كلام موضوعي. انظر الى ما يحدث في العراق.. أعتقد بأن القوى الغربية التي تتحدث عن العلمانية بشكل مستمر هي التي تعمل لتقوية تيار التطرف.. ولا أتحدث عن تيار ديني.. نحن مجتمع في معظمنا مسلم.. وطبعاً لدينا مسيحيون.. ومعظمنا مؤمن وملتزم بدينه فلا يوجد تناقض بين الأولى والثانية.. ولكنني أرى أن بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة هي التي تكرس التطرف في منطقتنا وهذا هو ما يقلقنا.
سؤال..
اسمح لي.. سيادة الرئيس.. الحكام عادة يخشون من نمو التيار الديني بصرف النظر عن التطرف.. يخشون من نمو التيار الديني في بلدانهم في معظم الأحوال...
الرئيس الأسد..
خارج إطار التطرف هذا شيء جيد.. الدين أخلاق.. والدين محبة وتعاون وفيه كل الأشياء التي نتحدث عنها في خطابنا السياسي فلماذا نرفض التيار الديني... ولكنني أعتقد بأن الغالبية تقصد تيار التطرف الذي يسمى تيار تطرف ديني.. لكنني أنا أقول التطرف.. والتطرف هو الخروج عن الدين.
سؤال..
وطبعاً كانت الخشية من الانتصار الذي أحرزه حزب الله مؤخراً وهنا الموضوع الثاني الذي سنتطرق إليه.. انتصار حزب الله في الواقع ليس فقط كما أراه أنا انتصارا عسكريا.. وإنما انتصار مؤسسي.. انتصار تنظيمي.
حزب الله الذي لم يتفوق فقط في الحرب وإنما تفوق في السلم بعد الحرب.. وأظن أن الكفاءة كانت بالغة بعدما انتهت الحرب في إصلاح ما تهدم وفي صرف التعويضات وإلى آخره. إنما لفت نظري قصة سمعتها البارحة قبل أن نلتقي.. وهي قصة أحد إخواننا السوريين هنا وتصادف أنه التقى تسعة أيتام لبنانيين فقدوا الأب والأم وأحب أن يستضيفهم وأن يصبحوا جزءاً من عائلته ليستمروا معه لكنه تفاجأ بعد أن اتخذ هذا القرار بأن رجال المقاومة في لبنان قالوا إن أبناء رجال المقاومة.. أبناء الجنوب.. حتى ولو كان الأمر في سورية.. حتى ولو كان أحد اخواننا.. نحن نريد لهم آباء وأمهات في المقاومة. رفضوا أن يستضافوا في أي مكان آخر. الحقيقة.. لفتت نظري هذه القصة البسيطة.. إنما دلت على أنهم ينتبهون إلى أولادهم الصغار أين ذهبوا ومن أين أتوا ومن فقد أباه ومن فقد أمه.
أريد أن أسأل سؤالاً.. لمن هذا الانتصار الذي حققته المقاومة... هل هو انتصار للبنان... هل هو انتصار لسورية... هل هو انتصار لفريق من العرب... هل هو انتصار لإيران... أم لمن بالضبط هذا الانتصار...
الرئيس الأسد..
من دون أدنى شك.. هو انتصار للبنان. ولا داعي لأن نوسع أكثر من ذلك مساحة الانتصار.. لأن من قاتل هم اللبنانيون.. ومن دفع ثمن العدوان الإسرائيلي هو لبنان. أغلبنا شاهد ما حصل عبر شاشات التلفزيون.. ولكن يحق لكل الدول العربية أن تفرح بهذا الانتصار.. وأن تعتبر بأنها تستطيع أن تربح من نتائج الانتصار.. أن تحقق شيئاً لمصلحتها. بالمحصلة.. قد يكون هناك انتصار غير مباشر للدول العربية.. أما الانتصار المباشر.. فلا أحد يستطيع أن يشارك اللبنانيين به. وهذا يرتبط بالقصة التي ذكرتها.
طبعاً هي درس لنا كدول عربية.. ويجب أن نستفيد منها أيضاً في سورية.
واضح تماماً أن صمود حزب الله السياسي قبل صموده العسكري.. وأن كل ما بناه حزب الله في الماضي.. هو الذي جعله يحقق هذا النصر اليوم.. ولكن لم
يكن بالإمكان تحقيق هذا الشيء.. السياسي أو العسكري.. من دون الاحتضان الشعبي. وهذا مؤشر صغير أو نموذج صغير للدول الأكبر لتعرف أن القرارات
الكبرى والانجاز الحقيقي والربح إنما يحصل بهذا الاحتضان.
سؤال..
عدد غير قليل من الحكام العرب لم يعتبروا أن هذا الانتصار لهم.
الرئيس الأسد..
من يحق له أن يقول بأن له دورا معنويا.. أو أقل أو أكثر من معنوي بهذا الانتصار.. من يحق له أن يقول هذا الكلام.. هم المقاومون. ربما تقوم أنت بالوقوف مع المقاومة.. ولكن يبقى دورك من دون تأثير.. وربما تقوم بدور بسيط ويكون له تأثير. من يحق له أن يحدد من ساهم في هذا الانتصار.. إن كانت هناك مساهمة.. هم المقاومون اللبنانيون.. ولبنان بشكل عام. أما نحن في سورية.. فلم نعتبر أنفسنا سوى جزء من الشعب العربي السعيد بهذا الانتصار. وبنفس الوقت قلت في خطابي أنه يجب أن نستفيد من هذا الانتصار لمصلحة عملية السلام. ونحن جزء من الدول العربية التي تستطيع أن تستفيد من هذه الحالة.
سؤال..
سيادة الرئيس في الحديث عن لبنان.. يجب أن أقول في البداية.. أنا كنت هنا في سورية منذ حوالي عشرة أيام أو أسبوعين. تشرفنا بلقائك وقتها.. وزرنا بعض الأماكن التي استضفتم فيها الوافدين. والحقيقة أعجبنا جميعا.. الوفد الشعبي المصري.. إعجاباً كبيراً بما قامت به سورية في هذا الوقت.
ونرجو أن يتذكره اللبنانيون دائماً. نحن كنا عبرنا عن امتناننا الكبير لكم وللدور الذي قمتم به في ذلك الوقت. طبعاً سورية تحملت مع لبنان عواقب ما حدث في الأسابيع الأخيرة.. لكن السؤال هو.. لماذا يتحمل لبنان لوحده.. أو في المقدمة.. لماذا يتحمل كل هذا العبء نيابة عن الأمة كلها.
أليس هذا سؤال يطرح في الوقت الحالي.. ويطرحه أكيد اللبنانيون...
الرئيس الأسد..
هذا يطرحه اللبنانيون عندما يفترضون أن ما يحصل في لبنان إنما يحصل بتكليف من دول عربية.. أو يقصدون من خلاله الإيحاء بأن هناك مقاومة في لبنان.. ربما فقط تحمل الجنسية اللبنانية من خلال أشخاصها.. ولكنها لم تصنع في لبنان ولا تقاتل من أجل لبنان وإنما تقاتل من أجل دول إقليمية أو صراعات دولية وما إلى ذلك. هذا الكلام غير صحيح هذا الكلام أنا
أرفضه طبعاً كنتائج.. وكما قلت هذه الحرب تستفيد منها كل الأمة العربية.. إن عرفت كيف تستفيد. لكن الثمن لا تدفعه الدول العربية.. بنفس الوقت لو كان هناك إجماع عربي ودعم للبنان خلال هذه الحرب لتحول الوضع وخفف عبئاً كبيراً عن لبنان.. بمعنى كي أوضح هذه النقطة.. لا شك بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تمادوا في العدوان على لبنان نتيجة الموقف العربي أو الوضع العربي أو التفكك العربي.. هذه حقيقة.. لو كان هناك موقف عربي موحد صلب لما كان بالإمكان لإسرائيل أن تقوم بهذا النوع من العدوان الذي لم نره في السابق.. فإذاً هناك جوانب.. أنا أرى الموضوع من جانبين أردت أن أتحدث عن الجانبين.
سؤال..
سيادتك قلت في خطابك الأخير أمام اتحاد الصحافيين أن العدوان كان مخططاً مسبقاً.. كيف...
الرئيس الأسد..
أولاً.. من خلال المعلومات التي سربت من تحقيقات حصلت مع شبكة العملاء اللبنانيين لصالح إسرائيل.. سواء التي كشفت قبل الحرب أم التي كشفت خلال الحرب.. هذا دليل صارخ ودليل ملموس على أن الحرب محضرة وعلى أن الأهداف موجودة. النقطة الثانية.. هناك أحاديث أو مقالات تظهر في معظم الصحف الأميركية والبريطانية تتحدث عن هذا الموضوع ويقال بأن التخطيط بدأ فعلياً في عام /2004/.. ومن جانب آخر كان هناك قبل الحرب أحاديث عن شيء سيحصل.. وأعتقد بأن المقاومة في لبنان كانت محضرة لشيء ما ولكن لم يكن هناك وضوح.. ما أوضح الأمر بشكل كامل هو موضوع العملاء.
سؤال..
سيادتكم قلتم في خطابكم الأخير إن بعض الأطراف اللبنانية شاركت في هذا الإعداد.. ووصفت هذه الأطراف التي توصف بأنها الأكثرية أو الأكثرية النيابية بأنها منتج إسرائيلي.. في نفس الخطاب أيضاً تنبأت بأن حديثك عن هذا المنتج الإسرائيلي سيثير ضجة في وسائل الإعلام.. يعني أنكم كنتم تعرفون مسبقاً أنك وأنت تقول ما قلته ستثير ضجة هل كان المقصود عمداً استفزاز هذه القوى في لبنان...
الرئيس الأسد..
لا.. أنا كنت أوجه خطابي للشعب السوري.. نحن الآن في مفصل كبير جداً كما قلت عنه أنت في بداية الحديث.. مفصل تاريخي.. في هذه الحالة لا أستطيع أن أتكلم كلاماً دبلوماسياً.. وعموميات.. الأفضل ألا نتحدث.. أنا الآن أريد أن أعطي حقائق للشعب.. يجب أن يعرف كل مواطن في سورية من يتآمر علينا ومن لا يتآمر. وأريد أن أوضح نقطة عندما قلت جماعة إسرائيل لا اقصد تحديداً الأكثرية.. الأكثرية هي أكثرية منتخبة.. هناك من ينطبق عليه هذا القول وهناك من لا ينطبق عليه ذلك.. على سبيل المثال كان وزير الخارجية السوري في زيارة للبنان منذ أسابيع قليلة خلال الحرب والتقى رئيس الحكومة وهو من الأكثرية.. قبلها اتصل به رئيس الوزراء السوري وأيضاً تحدث معه عن التعاون وماذا يمكن أن تقدم سورية للبنان خلال الحرب.. لذلك قصدت بهذا التيار بعض الرموز المعروفة وجزء منها له تاريخياً علاقة مع إسرائيل منذ الغزو الإسرائيلي للبنان.. البعض الآخر بدأ بالتعامل مع الموقف الإسرائيلي وليس بالضرورة إسرائيل.. ليس بالضرورة أن تكون لدينا معطيات كاملة.. من خلال القرار /1559/ والذي قال المسؤولون الإسرائيليون بأنهم هم من سعوا من أجله.. وهم تبنوا هذا القرار.. القرار /1680/ الذي يضرب العلاقة السورية اللبنانية لمن هذا القرار... هل هو من أجل سورية أو من أجل لبنان... من أجل إسرائيل.
الحرب الأخيرة فضحت هذه المواقف لذلك كان لا بد من الحديث بشكل واضح.. هذا بالنسبة لنا في سورية. من جانب آخر عندما نقول بأن ما قامت به هذه المقاومة منذ بداية الحرب حتى نهايتها بمعزل عن الانتصار أو النتائج..
لا أريد أن أقول أن ما قامت به هو من أجل العرب.. وإنما كان هناك تعاطف عربي ودعم عربي شعبي وأكثر من شعبي حتى رسمي في كثير من الأحيان لهذه المقاومة.. المعروف بأنهم تبنوا الورقة الأمريكية الفرنسية الأولى.. ولولا تغير الأوضاع الميدانية لكانت هي القرار /1701/.. فهذه القوى سارت بكل هذه المخططات ضد المقاومة فهي من ناحية المقاومة التي تعنينا كعرب.. ولا أتحدث عن المقاومة كموضوع داخلي لبناني.. وإنما كموضوع يعني الآن أي مواطن عربي.. وترى أنت الآن أعلام حزب الله في كل مكان.. فهم تآمروا مع إسرائيل بهذين الاتجاهين.
سؤال..
سيادة الرئيس.. السيد /حسن نصر الله/ حاول أن يستوعب هذه القوى وربما كان هناك اتجاه ضمن هذه القوى أن يقبل بالموقف الراهن ويقبل بانتصار المقاومة بل حتى ويشيد بانتصار المقاومة. فقيل إن خطابك في ذلك الوقت حرك هذه القوى مرة أخرى وأظهرها على الساحة مرة أخرى واستفزها لترد ردوداً قوية مرة أخرى وربما كان من الأوثق أن نلملم الجراح بدلاً من أن ننكأ هذه الجراح.
الرئيس الأسد..
الجراح ستبقى موجودة.. والكلام لن يغير من الجراح. أن يكون هناك شخص يتعامل مع إسرائيل.. فالجراح موجودة.. إن لم تتحدث عنها أو إذا أغفلتها لن تحقق شيئاً.. وهذا ما قمنا به في المرحلة الماضية.. أغفلنا كل هذا الموضوع.. ما الذي حصل... بقيت الجراح كما هي. أما بالنسبة لحزب الله.. فهذا دليل أن حزب الله ليس صنيعة سورية أو إيرانية.. هو حزب لبناني.. ويتعامل مع الموضوع من منطلق لبناني.. أما نحن فنتعامل مع الموضوع من وجهة نظر سورية التي ربما تختلف.. هذا شيء طبيعي.. وهذا شيء جيد.
سؤال..
سيادة الرئيس.. هل تعتقد بأن العلاقات ممكن أن تتطور ايجابياً بينكم وبين الأكثرية اللبنانية في الوقت الحالي بعد هذا التوتر...
الرئيس الأسد..
حاولنا كثيراً أن نغض النظر عن كل ما حصل سابقاً تجاه سورية.. وخاصة في موضوع التحقيق بمقتل الحريري.. هذه المجموعة لم توفر فرصة لكي تضرب سورية بشكل مباشر من خلال التحقيق أو غيره.. وأصبحت هذه القضايا مفضوحة.. والكل يعرف هذا الشيء حتى خارج المنطقة العربية. مع ذلك غضضنا النظر.. وقلنا نحن نريد علاقة جيدة مع لبنان.. وما يهمنا هو لبنان..
العلاقة تبنى بين البلدين.. وليس بين الحكومتين تحديداً.. ولكن الحكومتين لهما دور أساسي في هذا الموضوع.. طبعاً ممكن لكن بشرط أن تكون الأمور واضحة وأن تكون الطروحات صادقة من دون استخدام لغتين ومن دون وضع أقنعة على الوجه.. لا توجد مشكلة وكما قلت أنت استقبال الشعب السوري للشعب اللبناني بشكل عفوي دليل بأن الشعب السوري يريد علاقة جيدة مع لبنان.
سؤال..
لكن يبدو أن الأمور لن تكون واضحة إلا لو حسم التحقيق في مقتل الرئيس الحريري.. أليس كذلك...
الرئيس الأسد..
فإذاً المشكلة عندهم.. ليس عندنا.. نحن لا توجد لدينا مشكلة.. نحن لم نربط شيئا بالتحقيق.. هم يربطون الموضوع بالتحقيق.. فإذاً حتى ينتهي التحقيق لن تكون هناك علاقات جيدة بكل وضوح.
سؤال..
إذا تجاهلنا موضوع التحقيق هناك موضوع مزارع شبعا.. وهنا يلاحظ أنه يوجد تضارب في الموقف الرسمي السوري.. بمعنى أن بعض المسؤولين السوريين قالوا بصراحة إن مزارع شبعا لبنانية وبعض المسؤولين السوريين قالوا إن موضوع مزارع شبعا لن يحل إلا ضمن إطار حل شامل يتناول الجولان.
لماذا سيادة الرئيس لا تقدمون صكا أو وثيقة إلى الأمم المتحدة تعترف فيها سورية بمزارع شبعا صراحة...
الرئيس الأسد..
أولاً.. لا يوجد تناقض بين النقطتين.. بالعكس يوجد تكامل.. أنا قلت في أحد الخطابات بأن مزارع شبعا لبنانية.. لكن ما هي حدود مزارع شبعا... ما هي الحدود... ألا يوجد ترسيم! كيف يحصل الترسيم... هم يطرحون الآن الترسيم على الخريطة لكي يخدموا إسرائيل.. هذا أيضاً في نفس الموضوع.. هذه هي الحقيقة. وكانت بعض القوى الدولية تضغط على سورية في المرحلة الماضية من أجل تحقيق هذا الشيء.. لا يوجد ترسيم بين دولتين على الخريطة.. الخريطة هي التي تعكس الأرض وليس العكس.. الترسيم يحصل على الواقع من خلال إحداثيات معينة هناك جانب تقني.. فأولاً تحدد هذه الإحداثيات ثم تثبت هذه الإحداثيات على الخريطة.. ومن ثم يسجل الاتفاق النهائي على هذه الإحداثيات لدى الأمم المتحدة بالاتفاق بين الدولتين.
في موضوع الاتفاق لا تدخل الأمم المتحدة..أي موضوع حدود هو علاقة بين دولتين.. وهذا تم مع الأردن منذ سنتين.. رسمنا الحدود خلال عام تقريباً.. وأنهينا الموضوع.. وعادت الأراضي إلى الطرفين.. وهناك وثائق تحضر.. إذاً لا توجد مشكلة ولكن هذا لا يمكن أن يتم وإسرائيل موجودة في شبعا.. وإسرائيل موجودة.. بمعنى هل المشكلة بين سورية ولبنان أم
المشكلة بين لبنان وسورية وإسرائيل... هم نقلوا المشكلة باتجاه سورية ولبنان.. وأصبحت إسرائيل كأنها المقيم الشرعي في هذه الأرض.
سؤال..
ولكن المسألة أيضاً وضع العربة أمام الحصان أم وضع الحصان أمام العربة.. بمعنى أنه يتم جلاء إسرائيل عن المنطقة أولاً أم يتم الترسيم أولاً حتى في وجود الاحتلال الإسرائيلي بمعرفة أو بشهادة من الأمم المتحدة...
الرئيس الأسد..
بكل الأحوال المطلوب من سورية أن تدخل إلى مزارع شبعا وترسم والإسرائيلي موجود.. وكأن الأمور طبيعية.. الأولوية للتحرير هذا أولاً.
السؤال الثاني.. ما هي القضية الهامة في شبعا لكي يركزوا عليها في لبنان ما هي المشكلة... المالكون للأراضي موجودون إن كانوا من سورية أو لبنان فالجميع موجود في أرضه بمعنى لا توجد مشكلة حقيقية.. القضية هي طرح إسرائيلي كي يسحبوا المبرر من المقاومة.. هذه هي اللعبة وهي واضحة.. الكل يعرف هذه القضية.. فإذاً لا يمكن أن يكون هناك ترسيم
لمزارع شبعا.. وهذا بلغ للبنانيين في زيارة وزير الخارجية الأخيرة إلى لبنان.. لا ترسيم لمزارع شبعا قبل خروج القوات الإسرائيلية.. هذا الموضوع محسوم بالنسبة لنا.
سؤال..
وهل قبل هذا الموضوع من الطرف الآخر...
الرئيس الأسد..
البعض يقول نعم. السبب أن هناك أكثر من طرف.. هذه هي المشكلة.
سؤال..
سيادة الرئيس مادمنا نتكلم عن الحدود فهناك موضوع قوات الأمم المتحدة اليونيفيل.. يقال في الوقت الحالي أنها لن تقف بعد أن تكبر هذه القوة وتصل إلى 15 ألفا.. ولو كان ممكن وصولها إلى 15 ألفا.. لن تقف فقط على الحدود الفلسطينية اللبنانية وإنما أيضاً على الحدود اللبنانية السورية.. وسوف يكون هناك حسب تيري رود لارسن أربعة آلاف جندي مقرر وقوفهم على الحدود السورية اللبنانية. كيف تنظرون إلى هذا الموقف وقوف اليونيفيل على الحدود بينكم وبين لبنان.
الرئيس الأسد..
هذا يعني خلق حالة عداء بين سورية ولبنان.. أولاً.. هذا ينفي سيادة لبنان.. لا توجد دولة في العالم تقبل أن تضع على منافذها الحدودية جنوداً من خارج جنسيتها إلا إذا كانت هناك حرب مع دولة أخرى كما هي الحال في الجولان أو الحال في جنوب لبنان.. هذا طبيعي. فهذا أولاً سحب للسيادة اللبنانية.. وهم يتحدثون عن السيادة اللبنانية بشكل مستمر.. وتسليمها لجهات أخرى. النقطة الثانية هي موقف عدائي تجاه سورية ومن الطبيعي أن تخلق مشاكل بين سورية ولبنان.
سؤال..
لكنهم يتخوفون من أن تستخدم سورية ممراً لدخول السلاح إلى جهات لا يرغبون أن تصل إليها هذه الأسلحة.. كذلك تسرب عناصر من هذه الحدود تساند فريقاً من اللبنانيين إزاء فريق آخر. وربما هذا مبرر لهواجسهم تبرر وجود مثل هذه القوة...
الرئيس الأسد..
إذا كان هناك جيش لبناني فهو مسؤول عن هذا الموضوع.. لماذا الجيش اللبناني مسؤول عن حراسة اسرائيل....
سؤال..
هل تدعو سيادة الرئيس الحكومة اللبنانية إلى رفض وجود قوة دولية على الحدود بين لبنان وسورية...
الرئيس الأسد..
نحن ندعوها لتحمل مسؤولياتها كأي دولة أخرى.. وهي ستحمل مسؤولية إذا كانت تريد أن تخرب العلاقة بين سورية ولبنان.. هي حرة.. تستطيع أن تتحمل المسؤولية.. وهناك تيار في الحكومة اللبنانية وفي تيار الأكثرية يسعى لهذا الشيء.
سؤال..
سيادة الرئيس.. الفرقاء الموجودون في لبنان الذين أشرت إليهم عدة مرات.. ماذا تتصور أن يكون عليه الموقف بينهم... هل تعتقد أن هؤلاء الفرقاء في لبنان سوف يتصادمون بأسلوب آخر... هل تعتقد سيادة الرئيس أن الأمر سيتطور في لبنان بالأسابيع وربما الشهور القادمة إلى ما يشبه الحرب الأهلية أو إلى حرب أهلية...
الرئيس الأسد..
نتمنى ألا يحصل هذا الشيء لأن سورية دفعت ثمناً غالياً من أجل وقف الحرب الأهلية في السابق.. فعندما تحصل هذه الحرب الأهلية سنشعر بأننا دفعنا ثمناً مقابل لا شيء.. فإذاً نتمنى ألا يحصل هذا الشيء.. ولكن لا تكفي التمنيات لتحقيق هذه الحالة المستقرة التي نراها اليوم.. حتى هذه الوحدة الوطنية.. هذا يعتمد على بعض القيادات السياسية التي مازالت مصرة أن تأخذ الأوامر من الخارج.. لا يمكن أن يستقر بلد طالما أن الأوامر تأتي من خارج الحدود.. بكل بساطة لا توجد أية عوامل أخرى أهم من هذا العامل.. عدا عن ذلك أنا لا أرى أية مؤشرات لحرب أهلية أو انقسام.
سؤال..
سيادة الرئيس خلال حديثنا حتى الآن عبر إجابة وأخرى أشدت بالمقاومة الإشادة المتوقعة.. إنما قد يخطر ببالي سؤال هنا مادمتم إلى هذا الحد معجبين بالمقاومة اللبنانية وتشيدون بها لماذا أو كيف تكون هذه المقاومة في لبنان دليلاً لكم للحصول على حقوقكم في سورية... كيف ستواجهون الاحتلال الإسرائيلي بالاستفادة من تجربة المقاومة اللبنانية...
الرئيس الأسد..
كما قلت في البداية الدولة تبني جيشاً.. والجيش من مهامه تحرير الأرض.. حرب /1973/ التي خاضتها سورية ومصر بنيت على هذا الأساس.. لكن الجيش عندما يخوض حرباً يجب أن تكون الأمور محضرة بشكل جيد.. نحن نعرف أن هناك
حصارا شبه كامل.. خاصة في التسعينيات.. على سورية.. وبالمقابل هناك إمداد كبير لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة.. والأسواق الأخرى مفتوحة لها وأحياناً بالمجان. هذا يعني بأننا غيرنا مهام الجيش.. هذه من مهامه.. ونحن نسعى بشكل مستمر.. وفي السنوات الأخيرة قطعنا خطوات جيدة باتجاه التحضير.. على الأقل في المرحلة الأولى للدفاع عن أرضنا لأن
إسرائيل بلد توسعي.. وبمرحلة لاحقة إن لم يتحقق السلام.. فعندما تقول اللاحرب واللاسلم سيأتي إما حرب وإما سلم.. فإن لم تتحرك عملية السلام من أجل عودة الحقوق.. فالحرب هي المستقبل الطبيعي في هذه المنطقة.. وسورية هي المعني الأول في هذا الموضوع. أما من الناحية السياسية كما قلت علينا أن نرصد أولاً الجو العربي واستعداده للتحرك على أرضية الانتصار.. وليس على أرضية اللامنتصر واللامهزوم.
سؤال..
إلى أي حد ستصبرون على الاحتلال الإسرائيلي سيادة الرئيس...
الرئيس الأسد..
هذا ما ستحدده المرحلة القصيرة المقبلة.. وأنا قلت في هذا الخطاب بشكل واضح بأن الأجيال الحالية ربما تكون آخر أجيال تقبل السلام.. فإذاً سينتهي هذا الصبر مع انتهاء صبر هذه الأجيال. بمعنى أن عملية المقاومة هي عملية شعبية.. ليست قرار دولة أن تبدأ بالمقاومة.. فعندها ربما تتجاوز الناس حكوماتها أو دولها وتقوم هي بهذا العمل المقاوم.. فتحرك عملية السلام كما نسمع الآن.. في منطقتنا وفي الغرب.. هناك حديث مكثف عن عملية السلام.. إن تحركت فربما تذهب العملية باتجاه المفاوضات.
سؤال..
سيادة الرئيس.. الكثيرون كانوا يتوقعون أن تنتفض سورية وتهب لنجدة المقاومة اللبنانية التي حاربت وحدها طيلة هذه الأسابيع.. كان البعض يتوقع أن تتخذ سورية إجراءً عسكرياً ما.. ليس فقط عندما حلقت بعض الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الضيافة في اللاذقية وإنما حتى منذ سنتين عندما أغارت إسرائيل على موقع عين الصاحب التي كانت فيه الجبهة
الشعبية.. كانوا يتوقعون عندما قصفت القاع وذهب في هذه المجزرة عشرات من المواطنين السوريين.. ولكن سورية حافظت على أعصابها بشكل أثار الاستغراب...
الرئيس الأسد..
أولاً.. حزب الله لم يطلب النجدة من أحد.. وواضح تماماً بأنه حزب محضر بشكل جيد لخوض معركة قاسية جداً.. فهو لم يطلب النجدة من أحد.
ثانياً.. كما قلت قبل قليل الحزب والمقاومة اللبنانية.. والآن ربما هما جهة واحدة.. هما من يحق لهم أن يتحدثوا عمن قام بواجبه ومن لم يقم بواجبه.. لا يحق لنا أن نتحدث عن مدى ما قمنا به.. على الأقل من الناحية السياسية والمعنوية.. أما بالنسبة للقاع فهي ارض لبنانية في قلب لبنان..
من الجانب الآخر إسرائيل كانت تريد هذا الشيء.
سؤال..
كانت تريد استفزازكم...
الرئيس الأسد..
كانت تريد ذلك في المراحل الأولى.. هذه مجرد معطيات غير مدققة.. لكن نحن نعتقد أن انتصار حزب الله كان كافياً لتلقين إسرائيل الدرس.. وكما قلت قبل قليل عندما يخوض الجيش معارك.. يجب أن يخوضها لتحقيق هدف.. وعندما لا تكون الأمور مكتملة باتجاه تحقيق هذا الهدف يجب ألا تكون الحرب قضية انفعال.. بمعنى أن لها متطلبات معقدة.
سؤال..
أليس في سورية غيرة أن حزب الله حقق ما حققه وأن كل السوريين يجب أن تكون لديهم الغيرة أننا لم نستطع أن نحرر الجولان حتى تاريخه بأي وسيلة سواء كان بالجيش أم بالمقاومة...
الرئيس الأسد..
قبل هذه الحرب بعدة أشهر بدأ الحديث في سورية عن موضوع تحرير الجولان ولو انه بدىء على شكل حديث سياسي تثقيفي للأجيال الجديدة التي لا تعرف سوى عملية السلام ولا تعرف شيئاً عن المراحل التي سبقتها.. يسمعون الكثير عن السلام.. ولكن في الحقيقة لا يعرفون الكثير عن التحرير.. فبدأ طرح هذا الموضوع لأن عملية السلام متوقفة.. ماذا ننتظر! لا خيار سوى المقاومة أو الحرب.. إن لم نكن نرغب بالحرب فلنتجه باتجاه المقاومة.
هذا حديث بدأ ينتشر.. خاصة مع الذكرى الستين لعيد الجلاء في سورية في شهر نيسان الماضي.. هذه الحرب كرست هذه المقولة.. وأنا ذكرتها في الخطاب.. قلت إن تحرير الجولان بأيدينا وبعزيمتنا.. لكن هذه العزيمة بالنسبة لنا كدولة تأخذ الاتجاه السياسي وتأخذ الاتجاه العسكري.. كما قلت بالعودة لموضوع المقاومة هو قرار شعبي لا تستطيع أن تقول دولة ما.. نعم.. سنذهب باتجاه المقاومة.. هذا كلام غير منطقي.. الشعب يتحرك للمقاومة بمعزل عن دولته عندما يقرر هذا الشيء.
سؤال..
هل يمكن أن نشهد مقاومة مسلحة في الجولان...
الرئيس الأسد..
ذكرت الجواب سابقاً.. الشعب هو الذي يقرر.. أعود وأقول إذا لم يحقق السلام عودة الحقوق فهذا هو الخيار الطبيعي والبديهي.. والأمور ستذهب بهذا الاتجاه شئنا أم أبينا.
سؤال..
سيادة الرئيس.. تقول إن الشعب هو الذي يقرر.. هل الشعب مستعد.. كما تحس.. وأنت تعرف إحساس الشعب بالتأكيد.. هل الشعب مستعد للمقاومة المسلحة في الجولان...
الرئيس الأسد..
دائماً هناك تيارات وهناك رؤى.. هناك من يتحدث بشكل حماسي عن الدخول اليوم في هذا الموضوع.. وهناك من يقول يجب أن نحضر أنفسنا.. لكن هذه الحرب كرست هذا الخيار.. ويبقى ماذا تفعل أنت كدولة وكشعب لكي تحضر نفسك للحظة قد يكون فيها عدوان.. ليس بالضرورة أن يكون موضوع التحرير مهماً فقط لأن العدوان هو أيضاً أحد الاحتمالات العسكرية الهامة وماذا ستفعل لتحرير أرضك بالتوازي مع المسار السياسي.
سؤال..
سيادة الرئيس.. الشعب يكون مستعداً للتضحية عادة عندما يحس حقيقة أن البلد بلده.. وأنا أقدر إلى حد كبير قيمة الحريات وأحس ببلدي عندما أحس بالحرية فيها وعندما أحصل على حقوقي فيها.. ومن ضمن حقوقي في بلدي أن أتحدث بحرية. تتذكر سيادتكم عندما التقينا منذ عدة شهور وقلت لك أنه أين /بشار الأسد/ الذي كان يظهر دائماً بين الناس.. هذه هي الصورة التي رأيتها منذ ست سنوات في بداية حكمكم كنا دائماً نراك بين الناس..
العائلة الشابة التي تبشر بأنه يوجد دم جديد يمشي في أوردة الوطن.. لكن هذه الصورة غابت بعد وقت.. وأنا أقرن هذه الصورة مع الحديث عن الحريات لأنه في اعتقادي ليس كل المواطنين في سورية متمتعين بما يريدونه من حريات...
الرئيس الأسد..
هذه الصورة لم تتغير.. وأنا قبل الحرب بأسبوع كنت بين الناس.. دائماً أعيش حياة أقرب ما تكون إلى الطبيعية.. لم تتغير هذه الصورة.. ولم يتغير شيء سوى هذا الشهر الأخير نتيجة الظروف وضغط العمل في هذه الظروف الخاصة. وهذا شيء جيد.. عندما تعيش بين الناس تعرف حاجات الناس.. وتفهم المجتمع بشكل أكبر. لا تستطيع أن تطور بلداً فيه ملايين الناس..
فقط من خلال وجهة نظر شخصية.. بكل الأحوال أن تعيش في عائلة ومجتمع صغير.. مهما وسعت علاقاتك.. تبقى لديك رؤية محدودة نسبة إلى حجم الوطن الكبير.. فلا يكفي أن يكون هو الرئيس الشاب أو الرئيس الذي يعيش مع الناس لكي يكون قادراً على تحقيق كل ما يريده في زمن قصير.. هذا الشيء بحاجة لزمن طويل. نحن قطعنا خطوات.. نسير في هذا المجال بخطوات ثابتة.. لكن لدينا أيضاً وضوح في الأسس التي تسير عليها هذه العملية.. بمعنى أن هناك حريات في دول مجاورة أنت تعرفها ولكن لا نريد الحريات التي تستغل من الخارج.. وهذه موجودة.. الحريات ضمن إطار الوطن من
يعرف الإطار الوطني أيضاً... هذا موضوع آخر.. ولكن نحن كدولة علينا الآن أن نعرف هذا الموضوع لكي لا ندخل في إطار الفوضى ولا في إطار التبعية ولاحقاً في إطار التلاعب في وضعنا الداخلي.
سؤال..
طبعاً سيادة الرئيس.. أنا لا أتحدث دفاعاً عن جماعة الغادري أو الخدم.. جماعة خدام وغيرهم من الذين يتغطون بغطاء أجنبي.. ولا بالإخوان المسلمين الذين يرتكبون هذا الخطأ الاستراتيجي بالانضمام إلى فئات يغطيها الغرب.. وإنما أنا أتحدث عن الناس العاديين من المثقفين مثل جماعة منتدى الأتاسي والأعضاء في الاتحاد الاشتراكي وأشخاص آخرين قد يكونون أكثر ولاء للبلد وهم في المعتقل من بعض الذين هم خارج السجون...
الرئيس الأسد..
هذا ما قلت بأنه الحد الواضح.. الولاء للبلد ليس فقط بألا تكون عميلاً معلناً لدولة أجنبية.. الولاء للبلد يكون بعدم القبول بتدخلات أجنبية من خلال أي سفارة.. وأنا واضح في هذا الموضوع دائماً.. أو من خلال أية حكومة أجنبية تتدخل بنا مباشرة.. وأنا قلت هذا الموضوع للأوروبيين بشكل واضح عدة مرات.. قلت لهم.. كل شخص ستتدخلون أنتم من أجله سنضعه في خانة اللاوطنية.. فعليكم أن تتوقفوا عن التدخل وإرسال الرسائل.. هذا الكلام محسوم بالنسبة لنا.. لدينا حساسية عالية جداً تجاه التدخلات الأجنبية..
عدا عن ذلك.. الكل موجود.. ولو أردنا أن نمنعهم عن الكلام كما يشيع البعض لكانوا كلهم في السجن.. الحقيقة ليست كذلك.. نحن قطعنا خطوات ولا ندعي بأننا حققنا الكثير.. قطعنا خطوات معقولة ضمن الظروف التي نعيشها.. البعض يراها أقل من اللازم.. البعض يراها أكثر من اللازم.. دعنا نقف في الوسط.. ولكن علينا أن نسير بشكل حذر.. نحن لا نسير بجو طبيعي.. ولا يشك أحد.. حتى من السوريين أو غير السوريين.. بأن هناك تدخلاً أو محاولات تدخل يومياً في الشأن الداخلي السوري. لا نستطيع أن نكون ساذجين ونقول الأمور جيدة أو الكل وطني.. القضية ليست قضية حسن نية.. بالعكس تماماً.. لا بد أن نرى الأمور بالمنظار الآخر.. ولكن نحن مررنا بظروف كثيرة.. خاصة في السنة الأخيرة من أصعب الظروف التي يمكن أن تمر بها دولة ما.. ولو لم تكن لدينا وحدة وطنية لما كنا تجاوزنا هذه الظروف بهذه الطريقة.. فإذاً لا نستطيع أن نقول بأن الصورة سلبية.. هي صورة إيجابية ولكن فيها سلبيات وهذا شيء طبيعي.. وإلا لماذا نتحدث عن التطوير إذا كان كل شيء
ممتازا... فإذاً نحن لا ننكر ما تقوله ولكن يجب أن نضعه في الإطار الواقعي والموضوعي.. هذا ما أريده.
سؤال..
في الحقيقة إنني أتفهم كثيراً الحساسية تجاه الجهات الأجنبية عندما تتدخل إنما أرجو ألا تكون هناك مثل هذه الحساسيات عندما تكون جهات عربية تتدخل وأظن أن سيادتك التقيت بحركات شعبية متعددة سواء المحامين أو الأحزاب أو الصحفيين وقدموا لك مجموعة من المطالب...
الرئيس الأسد..
ولبينا لهم عدداً من تلك المطالب.
سؤال..
وأعرف أنكم لبيتم مطالبهم وأرجو أن تلبى باقي المطالب.. إن لم يكن هناك مانع أمني كبير.
الرئيس الأسد..
المهم ألا يكون هناك مانع وطني.
سؤال..
سيادة الرئيس.. لا أريد التطرق كثيراً للقوانين الجديدة كما أنني لم أكن أرغب أن أتطرق كثيراً إلى المواضيع الداخلية لأن الموقف العربي والموقف الدولي هو الذي يستحق منا أكبر قدر.. لكن آخر سؤال لي في الوضع الداخلي يتعلق بالقوانين الجديدة التي وعدتم بإصدارها ولم يصدر منها شيء هام حتى الآن مثل قانون الأحزاب ...
الرئيس الأسد..
هناك كثير من القوانين تصدر. وقانون الأحزاب كان بحاجة لوضع رؤية معينة.. ومن ثم عرضها على المواطنين في سورية.. لأن هذا القانون هام جداً. في الحقيقة نحن أخذنا قراراً في مؤتمر الحزب في الشهر السادس من العام الماضي عام/2005/.. ومباشرة بدأت الهجمة علينا وموضوع التحقيق وكل القضايا الأخرى التي تعرضت لها سورية. لا شك بأن الهجوم الذي نتعرض له أخر الكثير من القضايا الداخلية التي كنا سنقوم بها على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى السياسي وعلى المستويات المختلفة.. لكن هذا الموضوع لم يتوقف.. وبكل تأكيد أنت الآن في هذا الظرف تسألني عما نقوم به الآن.. الآن كنا متفرغين تماماً للمعركة التي كانت تحصل في لبنان ولتداعياتها.. وهي لم تنته بعد.. لكن نحن مستمرون وأخذنا قراراً.. يبقى
أن تسمح لنا الظروف أن نتفرغ أكثر لإنجازه.
سؤال..
سيادة الرئيس.. لقد استفضت في حديثك فيما يتعلق بالعلاقة بين الدولة والشعب.. أنت في خطابك الأخير وجهت دعوة كانت غريبة على زعيم عربي أن يوجهها.. وجهت دعوة إلى الأنظمة العربية أن تنحاز إلى الشعوب وهذه دعوة خطيرة توجهها سيادتكم إلى زملائك القادة العرب.. هل تعتقد أن نتائجها ممكن أن تكون كبيرة بالنسبة للعلاقات السورية العربية.. هل هذا سيسهم في عزل سورية عن محيطها العربي...
الرئيس الأسد..
لا.. نحن نتحدث من تجربة واقعية عمرها عقود.. في كل المراحل والأزمات التي مرت بها سورية.. تحديداً ما بعد حرب عام/1973/ ودخول مصر في كامب ديفيد والصراعات التي دخلت فيها المنطقة العربية.. وكانت سورية دائماً في قلب العاصفة.. وتعرضت لمؤامرات خطيرة داخلية وخارجية.. من حمى سورية كوطن هو الشعب.. ولم نعتمد على جهة خارجية.. دول كثيرة أخرى في العالم اعتمدت على الدعم الخارجي فلم تنجح.. أنا الآن أتحدث عن الاستقرار.. نحن نريد الاستقرار.. نحن الآن تعلمنا أيضاً من بعد حرب العراق.. نحن نعيش ما بين حرب العراق وما بين الانقسامات الحاصلة أو الخلافات الحاصلة في لبنان والتي تؤثر في لبنان وفي محيط لبنان وفي كل ما نعيشه كلنا كعرب.. الأوضاع غير مريحة ومع ذلك ما يساعدنا هو الحالة الشعبية.. لا يمكن أن يكون هناك استقرار وحالة شعبية مستقرة من دون أن تنحاز الدولة إلى حد ما إلى جانب الشعب.. فهي نصيحة أنا طرحتها على المستوى العام من خلال تجربة ولا أعتقد بأنها خطيرة.. الاستقرار ليس خطيراً.. أعتقد العكس.
سؤال..
الاستقرار ليس خطيراً.. ولكن توجيه النصح هذا كان مستغرباً.
الرئيس الأسد..
وأنا أنصح نفسي على كل الأحوال.. وأضع نفسي معهم.
سؤال..
هل حرقت سورية أوراقها العربية بالملاحظة الشديدة التي قلتها في خطابك.. الملاحظة المتعلقة بأن الحرب أسقطت أنصاف المواقف أنصاف الرجال...
الرئيس الأسد..
دعني فقط أكمل نقطة بالنسبة للسؤال السابق.. لست أنا الوحيد الذي ينصح بهذه النصيحة.. هناك رؤساء عرب يطبقون هذه الفكرة.. لا أريد أن أقول أنهم الأكثرية ولكن هناك من طبقها فلست أنا الوحيد.. أما بالنسبة لسؤالك حول ما إذا كنا حرقنا أوراقنا العربية.. فلم يحصل ذلك لأن أنصاف الرجال موجودون دائماً في كل المواقف وفي كل الأماكن وهي كلمة عامة ربما تشمل مسؤولاً أو صحفياً أو كاتباً.. وكان التفسير واضحاً بالنسبة لهذه النقطة في الخطاب.. هؤلاء من يأتون متأخرين بالموقف بعد أن تظهر موازين القوى.
سؤال..
وهل يوجد أحد يتخذ موقفاً.. باستثناء القادة والحكام...
الرئيس الأسد..
هؤلاء أخذوا موقفاً منذ البداية.. وربما تعارضت مواقف البعض مع موقف سورية.. ولكن الإعلام اتهم تلك الدول.. الحقيقة كانت المواقف موجودة منذ البداية.. ولنتحدث عن الطبقة السياسية.. الطبقة السياسية أصحاب المصالح السياسية ينتظرون.. ليس بالضرورة أن يكون الآن مسؤولاً.. لكن ربما هو فاعل في السياسة أو هو زعيم سياسي وهكذا.. البعض منهم ربما
يكون مسؤولاً يأخذ موقفاً.
سؤال..
سيادة الرئيس.. بعد هذا التصريح بالذات.. وهذه الجملة بالذات.. أثارت الصحف في دول بعينها وبصراحة في مصر والسعودية والأردن.. وردت بهجوم على الموقف السوري بردود شديدة.. هل أثرت هذه الردود في مواقفكم.. هل عمقت هذه الردود من الهوة بين موقفكم وبعض المواقف الرسمية العربية الأخرى...
الرئيس الأسد..
الحقيقة لم تؤثر.. لأن من أثارها هو جزء من الإعلام العربي.. وهذا الجزء بالأساس يقف في الموقع المخالف لموقعنا.. بالأساس هذا الإعلام أو الإعلاميون ربما.. هم أشخاص في الإعلام العربي.. هم من الخاسرين باعتقادهم من انتصار المقاومة لأنهم كانوا يسوقون العكس.. فتركوا كل ما ورد في الخطاب ولجؤوا إلى هذه الجملة.. وتفسيرهم خاطئء.. لأنه كما قلت
من لا يأخذ الموقف هو غير من يأخذ الموقف.. هذه الدول التي ذكرتها أخذت موقفاً ولكن كان يختلف عن موقفنا.. أو موقفنا يختلف عن موقفها.. لكن أنا تحدثت عن من لا يأخذ موقفاً على الإطلاق ومن يأتي لاحقاً.. وأنا عندما أتحدث في خطاباتي.. أتحدث عن عموميات.. عن مبادئء نرفضها أو نقبلها.. ونحدد بوضوح ما نقبل وما نرفض.. أما عندما أريد أن أتحدث فأنا
لست بحاجة إلى التلميح.. أنا في نفس الخطاب قلت المسؤول الفرنسي..
كلامي واضح.. وفي خطاب سابق ذكرت مسؤولاً عربياً في دولة بالاسم.. بمعنى أنني لست مضطراً للتلميح.. ولكن هذا التعميم أو هذا الحديث أو هذا المصطلح بعمومياته ربما يشمل كما قلت شرائح مختلفة.. فأنا شملت كل هذه الشرائح.. جزء منها نعرفهم بالاسم وأجزاء كبيرة لا نعرف من هم.. ولكنهم يأتون في نفس هذا الإطار.. أنا كنت أريد أن أحمل المسؤولية
لهؤلاء غير الواضحين في مرحلة تتطلب الوضوح لعدم أخذهم المواقف ونطلب منهم أو على الأقل نقول لهم في المستقبل.. لن يكون لكم دور.. هذا هو الهدف.
سؤال..
هل حصلت اتصالات بعد الخطاب بينكم وبين مصر بينكم وبين السعودية وأنا أذكر هاتين الدولتين بالاسم لأنهما معكم ب/دول إعلان دمشق/ هل انهار هذا الإعلان.. انتهى...
الرئيس الأسد..
لا أعرف ماذا كان منه فعلياً.. العمل بإعلان دمشق هو بالأساس توقف منذ سنوات طويلة.. ولكن نعم.. حصلت اتصالات.. مؤخراً أنا قلت دائماً في عدة تصريحات صحفية.. هناك دائماً خلافات تحصل بيننا وبين الدول العربية.. مثل هذا الموقف.. موقفنا من المقاومة.. موقفنا من الحرب.. كان هناك خلاف واضح.. بين موقف سورية وعدد من الدول العربية منها السعودية ومصر.. وعلينا دائماً أن نتواصل لكي يفسر كل واحد موقفه.. وبالمحصلة ربما نبقى على موقفنا.. وربما هم يبقون على موقفهم. ولكن تحصل هذه الاتصالات وحصلت.
سؤال..
وهل أدت إلى استيعاب التباين في المواقف.. وقبول مثل هذا التباين في المواقف من جانبك ومن جانب قادة مصر والسعودية...
الرئيس الأسد..
حتى الآن.. الاتصالات على مستوى السفراء.. بمعنى أنه لم يتضح شيء.. ولكن لم نعد نسمع مواقف جديدة تجاه الحرب من تلك الدول.. فلا نعرف ما هو الموقف النهائي ولا بد أن نسأل.. بمعنى أنني لا أستطيع الآن أن أعطيك جواباً نهائياً.. لا يوجد شيء واضح.
سؤال..
ونحن نتكلم عن سورية وإيران.. ما يلفت النظر أن جيرانكم العرب علاقتكم بهم متردية.. دعنا نقل.. سواء كانت مع لبنان أو مع الأردن أو مع العراق.. وتكادون تكونون معزولين.. محاصرين جغرافياً على الأقل.. وليس لكم من منفذ إلا الجار غير العربي تركيا...
الرئيس الأسد..
ليس بالضرورة أن تكون الصورة مئة بالمئة كذلك.. لأن التواصل يحصل من خلال المواطنين.. بمعنى أن المواطن العراقي.. يأتي بشكل مستمر إلى سورية.. ويرغب عدد من المسؤولين في العراق أن تكون هناك علاقة جيدة مع سورية لكن الاحتلال يمنعهم من هذا الشيء.. هناك شرائح كبيرة في لبنان تريد علاقة جيدة مع سورية.. شرائح سياسية وغيرها.. في الأردن نفس الشيء. ليست الصورة تماماً بهذا السواد ولكن الشيء الصحيح بأن الدولة التركية هي كانت الأكثر تعاوناً مع سورية في المراحل السابقة ولا زالت.. خاصة في مرحلة التحقيق الدولي.. عندما تهرب البعض من العرب من قيامه بواجباته كما نتوقع منه.. على الأقل بالنسبة إلى موقع التحقيق.. بينما تركيا وافقت ولم نطلب منها.. هي بادرت.. بينما العرب طلبنا منهم.
سؤال..
بالتأكيد الحصار ليس عربياً فقط على سورية.. وإنما الحصار الأساسي من الغرب والحصار من أمريكا.. وبالطبع الحصار أيضاً فرنسي خاصة بعد التطورات الأخيرة في لبنان.. كان الملفت للنظر أن الحصار أيضاً يمتد إلى المانيا التي كانت تتخذ موقفاً في السابق أفضل من الموقف الحالي..بعد أن ألغى وزير الخارجية الألماني زيارته لسورية بعد تصريحاتكم الأخيرة...
الرئيس الأسد..
لا.. موقف ألمانيا لم يتغير.. وتصريحاته بعد إلغاء الزيارة بقيت إيجابية.. بأنهم يريدون الحوار مع سورية.. والاتصالات بينهم وبيننا الآن مستمرة ولم تنقطع. طبعاً هم اتصلوا بنا.. اتصل وزير خارجية ألمانيا بوزير خارجيتنا وقال له أنا كنت أتيت بمهمة سلام.. ولكن أنا فهمت بأن الخطاب هو خطاب حرب.. وأن سورية لا ترغب بالسلام.. لا أذكر حرفياً ما الذي قال.. طبعاً تم توضيح هذه النقطة لاحقاً.. مع أن الخطاب واضح. هو خطاب يتحدث عن السلام.. فلا يوجد قلق من هذه الناحية.. لا توجد عزلة.
وزير الخارجية السوري ذهب إلى فنلندا والتي هي الآن رئيسة الاتحاد الأوروبي.. والأمور تسير بشكل طبيعي.. ولكن طبعاً علينا أن نتوقع أن البعض لم يفهم تماماً موقفنا.. وعلينا أن نتحاور معه ونشرح له ماذا نقصد بكل كلمة وبكل موقف.
سؤال..
يبدو أن سيادتكم متفائل.. بأن هذا الحصار سيزول قريباً...
الرئيس الأسد..
في الحقيقة.. أولاً.. أنا قلت لبعض المسؤولين الاوروبيين الذين التقيت بهم أن موضوع عزل سورية فشل.. هذه حقيقة من يعزل سورية سيعزل نفسه عن القضايا الأساسية.. هذا الموضوع.. الواقع يفرضه وليست مناوراتنا السياسية.. أو تكتيكاتنا.. وهم فهموا هذا الموضوع. الحقيقة أن العزل الأوروبي كان بضغط فرنسي / أمريكي.. الآن تحدثوا بشكل واضح بأن هذا
الموضوع لن يقبلوا به بعد الآن.. ولن يؤدي إلى نتائج.. بالعكس سيؤدي إلى تراجع الأمور.. فهم متحمسون إلى الحوار ولكن علينا أن نخلق أرضية لهذا الحوار مع الأوروبيين.
سؤال..
سيادة الرئيس ونحن نتكلم عن الوضع العربي والأوضاع المحيطة بكم.. خطابك الأخير مرة أخرى.. وكان خطاباً هاماً.. قلت فيه أن الجانب الإيجابي من الحرب في لبنان كان تعرية الوضع العربي.. أو رأينا العرب دون مساحيق..
وفي واقع الأمر.. الحال هو كذلك بالتأكيد. هل انفرط العقد العربي من وراء هذه الحرب....
الرئيس الأسد..
أيضاً عندما نتحدث عن شيء.. ربما تكون هناك وجهات نظر مختلفة. ما هو العقد العربي... إذا كان هذا العقد موجوداً ما هي وظيفته... إذا كان هذا العقد من أجل أن أتغنى به.. فهذا موضوع شكلي وحينها لا يهم إذا كان موجوداً أو غير موجود. أما إذا كانت له وظيفة فعلينا أن نحدد متى تكون وظيفة العقد العربي.. أو الإجماع العربي.. مطلوبة.. في حالة الراحة أم في حالة الشدة. في حالة الشدة هناك تجارب قريبة.. الحرب الأخيرة وغزو العراق. في الحالتين عندما بدأ الحديث عن الحرب في العراق وفي لبنان.. انقسمنا كعرب. فإذاً ربما هو يكون موجوداً ولكنه هش.. ولنقل بأنه غير فاعل.. فما قيمة أن يكون موجوداً وهو غير فاعل...! هذا هو السؤال. أما أن يكون موجوداً وانفرط في الحرب الأخيرة فهذا يعني أنه غير موجود في
الواقع وهو مجرد عنوان نضعه.. وهذا نفسه ما يصل إلى فكرة المساحيق. نحن نجمل هذا العقد العربي.. هذا ما أقصده. ونعتبره موجوداً من خلال البيانات التي تأتي كحل وسط لإرضاء مواقف كل الدول.. لكنها بالنتيجة تخرج بدون موقف واضح.. هذا في السابق.. فإذاً هذه هي وجهة نظري بأن العقد العربي من الناحية الفاعلة غير موجود. والدليل أيضاً ما حصل في نيويورك عندما لم يهتموا بالموقف العربي. الدول الكبرى لعبت لعبتها.. والآن الصراع على القوات الدولية في لبنان هو صراع بين دور فرنسا ودور أمريكا.
سؤال..
ألم يستطع العرب على الأقل عندما وحدوا إلى حد ما وجهة نظر موقفهم وذهبوا إلى نيويورك أن يبدلوا قليلاً في القرار الدولي.
الرئيس الأسد..
لا. ما بدله هو الوضع الميداني. هو الذي أثر في تبديل المواقف. طبعاً نحن جزء من العرب.. عندما أقول وفد عربي.. ذهب باسمنا جميعاً.. لكن الوضع الميداني هو الذي بدل. والتوحد لمرحلة واحدة.. فترة قصيرة.. لن يخلق التأثير المطلوب في الساحة الدولية. يجب أن نكون موحدين في معظم القضايا ولفترة طويلة كي يبدأ الوجود العربي بأخذ مداه على الساحة
العربية. الحقيقة هو غير موجود.
سؤال..
بالتأكيد لأنه يبدو أنه ليس هناك توحد على الإطلاق.. بالعكس.. كما يتراءى لي هناك جبهتان على أصعدة مختلفة.. هناك مثلاً جبهة الصمود وجبهة الاستسلام أو السلام كما يقال.. أمام جبهتين مرة ثانية جبهة للشعوب وجبهة للحكام.. هناك جبهة العرب الذين يستقوون بإيران.. وجبهة العرب الذين يستقوون بأمريكا.. هناك جبهات متعددة يبدو معها أن العقد قد انفرط.
الرئيس الأسد..
ليس بالضرورة أن تكون جبهة بمعنى محور سياسي بين دول.. هذه الجبهة دائماً تكون موجودة بين من يريد أن يصمد ومن يريد أن يستسلم.. حتى في الدول التي تصمد.. هذا التيار موجود.. أي هي حالة عامة. نحن في سورية قررنا منذ زمن طويل ألا نتنازل عن حقوقنا فنحن نصمد. جبهة الشعب وجبهة الدولة هي حالة من اللاثقة بين الشعب والدولة. في معظم الدول العربية نتيجة تراكمات تاريخية معينة.. ولكن ربما تظهر هذه الانقسامات أكثر في هذه الظروف. لذلك أعود وأقول بأن ما نراه الآن هو الوضع الطبيعي سواء الوضع على مستوى العلاقات الداخلية للدول العربية أم بين الدول العربية.. ولكنه ظهر وانكشف في هذه الحرب.. وهذا ما قصدته أنا بتعرية الوضع العربي.
سؤال..
في تعرية الوضع العربي الذي لفت نظري جداً في خطابك هو قولك أن هناك جبهة المعنيين بقضية الحرب والسلام ووضعت تحت هذا العنوان المعنيين سورية ولبنان وفلسطين بصفتنا لنا أراض محتلة.. ووضعت الباقين كلهم في سلة واحدة.. أنتم لستم معنيين لا بحرب ولا بسلام.. ليس لكم شأن.. أتيحوا لنا الفرصة. هل حقيقة أنتم فقط المعنيون بقضية الحرب والسلام...
الرئيس الأسد..
لا. أنا قلت تتمة الكلام بأننا نريد دعم إخوتنا العرب وكل من يريد أن يقف معنا من غير العرب.. بالعكس أنا قلت نحن نريد وهذا أساسي.. ونحن لا يمكن أن نكون أقوياء من دونهم. ونحن إذا كنا إخوة ونعيش في المنزل الواحد.. لا يوجد بيننا رسميات وربما حواجز.. ولكن يوجد أصول للتعامل..
بمعنى إذا كان أحد الإخوة لديه مشكلة.. لا يمكن أن تجتمع العائلة وتحل المشكلة بمعزل عن صاحب المشكلة الذي هو واحد من هذه العائلة. ما يحصل أحياناً بأن البعض من المسؤولين العرب يتصرف بهذا الموضوع وكأننا غير موجودين.. بتصريح.. بمبادرة.. بتحرك. ما هي الخسارة لو أتى هذا المسؤول إلى سورية وسألها ما هي تصوراتها عن عملية السلام...! كان
لدينا على سبيل المثال وزير الخارجية التركي لأنه المثال الأخير.. وقبله كان لدينا الأخ الشيخ حمد أمير دولة قطر.. تحدثنا في كل هذه القضايا ولكنهم أتوا إلى سورية وقالوا.. ما هو الموقف... كيف تعتقدون بأننا نستطيع أن نتحرك... ووضعنا تصوراً. والآن يستطيعون أن يتحركوا معنا.. وأحياناً من دوننا.. في مواقع ربما لا نستطيع أن نتحرك فيها.. في هذا الموضوع. تخيل لو أردنا أن نحل قضية دارفور أن نقوم باجتماع قمة على سبيل المثال.. بما أنها قضية ساخنة.. ولا نسأل السودان ما الذي تريده... هذا ما نقصده. أحد الأمثلة هي خارطة الطريق.. حيث وضعوا فيها سورية ولبنان ولم يأخذوا رأي سورية أو لبنان.. وكانت هناك أطراف عربية مساهمة في خارطة الطريق.. لم نسأل.. رفضنا الدخول فيها بشكل كامل منذ
البداية. فما أردت أن أحدده للمرحلة المقبلة.. أن هناك أسسا لا نستطيع أن نتجاوزها.. لا يمكن أن نتحدث عن إجماع عربي.. في غياب الطرف العربي الأساسي.. أبقى أنا صاحب القضية.. أنا من سأفاوض.. وإذا لم تنجح المفاوضات وحصل حرب.. فأنا من سيحارب.. فهذا ما أردت أن أضعه كأسس ولكن الدور العربي أساسي.. ولكن علينا أن نحدد كيف يسير الدور العربي
بالاتجاه الصحيح.. لكي لا يكون ضاراً.
سؤال..
ذكرت زيارة أمير قطر لدمشق.. وما نشر بواسطة الوكالات والصحف السورية بأنها زيارة عمل. أي عمل...
الرئيس الأسد..
قطر طبعاً الدولة العربية الوحيدة الآن في مجلس الأمن.. ودورها أساسي. علاقتنا مع قطر تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة.. ولقطر مصداقية بالنسبة لنا بدورها السياسي. لقطر علاقات مختلفة.
سؤال..
سيدي الرئيس.. قلتم مصداقية...
الرئيس الأسد..
نعم بالنسبة لتعاونهم معنا.. بالنسبة لنا في سورية.
سؤال..
أنا أعتقد بأن هذا سيكون مستغرباً قليلاً أن تكون قطر على نفس الخط مع سورية. يعني أنا محتار في وضع قطر على الخريطة السياسية. فبما أن سيادتكم التقيتم بهم عدة مرات ولكم صداقات.. في السنين الأخيرة.. ماذا تفعل قطر بالضبط...
الرئيس الأسد..
نحن لا نطلب من قطر أن تكون سورية.. ولا من مصر والسعودية والمغرب أن يكونوا سورية. كل دولة تختلف عن الأخرى بجوانب.. لكن على الأقل إن لم تكن قادراً أن تكون مثلي أو أن تقدم ما أريد.. كن واضحاً معي.. لا تقدم وعوداً وفي المرحلة الصعبة نرى شيئاً آخر. ما قامت به قطر أنها كانت واضحة معنا.. الأمور واضحة على الطاولة.. فعندما وصلنا إلى المفاصل
المختلفة لم نر منهم أي شيء يختلف عما قالوه.. هذا كاف. قد لا تكون دولة كبيرة ولكن المصداقية مطلوبة الآن.. ويجب أن تلعب كل الدول دوراً.. الكبيرة والصغيرة. من جانب آخر لديهم علاقات.. حاولوا أن يساعدونا بشكل جدي في مواقع مختلفة.. وتمكنوا ضمن إمكاناتهم أن يقدموا شيئا.
مداخلة..
كان موقف أمير قطر في بيروت / الكلام الذي قاله هناك / كان موقفاً حاسماً وواضحاً وقوياً في واقع الأمر.
الرئيس الأسد..
تماماً. فآليات العمل كانت في هذا الإطار.
سؤال..
هل تقوم قطر في الوقت الحالي /من ضمن أهداف الزيارة/ بالمساعدة على عقد قمة عربية... أم أنهم لا يرون جدوى من مثل هذه القمة...
الرئيس الأسد..
يبدو أن هذا الطرح تراجع مؤخراً.. ولكن أيضاً السؤال البديهي ما هو الهدف من القمة... لماذا تجتمع... ما هي النقاط المطروحة... لا توجد لدينا أية معطيات في سورية. لا نعرف ما هو الهدف من هذه القمة. قمة بدون مضمون.. بدون نتائج.. فالأفضل ألا تعقد. ويبدو الآن أن الطرح تراجع من خلال الاجتماع الأخير. أما في لقائي مع الشيخ حمد.. فلم نطرح
هذا الموضوع.. نعتقد أنه تراجع كما قلت.
سؤال..
إنما سيكون استنتاجا بديهيا من قبلي على الأقل أن أقول أنه طرح موضوع الحرب والسلام بين سورية وإسرائيل.. وقطر لها علاقاتها المعروفة بإسرائيل.
هل هناك مقترح طرح في هذا اللقاء الأخير بشأن السلام مع إسرائيل..
الرئيس الأسد..
أولاً أنا لا أعرف حجم العلاقات بين قطر وإسرائيل.. ما نعرفه هو المكتب.. متى تزداد.. متى تنقص.. أنا لا أعرف.
مداخلة..
نحن نقرأ جرائد فقط.
الرئيس الأسد..
وأنا أقرأ مثلك. ولكن ما يهمنا في الموضوع هو دور قطر في مجلس الأمن وعلاقاتها الدولية. عملية السلام بحاجة لعلاقات دولية.. وهذه العلاقات تخدم في وضع التصور العربي لدى المسؤولين الأجانب الذين يتبنون غالباً الطرح الأمريكي المتطرف أو الإسرائيلي. فدور قطر هنا مهم جداً من خلال معرفة وجهة نظر سورية ومن ثم نقلها إلى الدول الأخرى. هذا هو التصور.
سؤال..
هل هناك مقترح محدد طرحه عليك سمو أمير قطر..
الرئيس الأسد..
لا. بالنسبة لسورية لا يوجد شيء محدد يختلف عما طرح في مؤتمر مدريد. لا توجد لدينا أية اقتراحات إضافية. مؤتمر مدريد كأسس كان كافياً.. ونستطيع أن نستمر فقط على هذه الأسس.
سؤال..
الأستاذ محمد حسنين هيكل في حديث له مؤخراً الأسبوع الماضي قال دون أن يحدد المصدر إن هناك اقتراحا وجه إلى سورية.. ولم يذكر مصدر هذا الاقتراح.. بأن تحرك جبهة الجولان وأن تحريك جبهة الجولان سوف يساعد على بدء عملية السلام الحقيقية.
الرئيس الأسد..
كمقترح من دولة..
مداخلة..
مقترح يبدو أنه من دولة ما.
الرئيس الأسد..
كما قلت لك هناك طرح شعبي أحياناً باتجاه هذا الموضوع لأهداف أخرى وليس بهدف أن يكون عملية تحريك. ولكن كما تعرف هناك حوارات تحصل على مستويات مختلفة بين مسؤولين أجانب ومسؤولين سوريين ربما طرح أحد المسؤولين
هذا الموضوع على مستوى ما.. ولكن لم نأخذه بشكل جدي.. وأنا لم أسمع به..أي لم يصلني أي شيء من هذا القبيل.
سؤال..
يبدو أن هناك بشائر لحل ما.. لحركة ما. أول شيء لوحظ على خطاب سيادتكم الأخير بالرغم من أنه كان خطاباً قوياً ويمكن أن يوصف بأنه عنيف وفي بعض الأحيان بأنه مستفز لبعض الفرقاء.. إنما البعض لاحظ أيضاً أن هذا الخطاب هو خطاب سلام. كررتم كلمة السلام في أكثر من موقع / طبعاً بشروط ما / إنما كان الخطاب على ما يبدو خطاب سلام. عندما صدر هذا الخطاب من هنا.. من دمشق.. خطاب السلام هذا.. وصدر من إسرائيل بعض التصريحات التي تقول إننا شكلنا لجنة خبراء في وزارة الخارجية.. أو البعض الآخر الذي يقول سلموا الجولان لسورية وننتهي من هذا الموضوع.. وهذا ما قاله وزير
الأمن الإسرائيلي.. وننتهي من الموضوع.. بدا أمام العامة.. وليس أمام الصحفيين والمراقبين.. أن هناك عملياً شيئاً يتحرك في الخفاء أو في العلن حتى.
الرئيس الأسد..
القاعدة العامة بالنسبة لنا في سورية.. كل شيء في العلن. لا نقوم بأي شيء مخفي.. لسنا مضطرين.. لدينا الدعم الشعبي في هذا الاتجاه. لكن بالنسبة للخطاب.. هو ليس خطاب حرب بكل تأكيد.. وكان واضحاً هذا الكلام.
وأنا سعيد أن أسمع منك هذه الرؤيا لأن البعض أراد.. ربما بشكل مقصود أو غير مقصود.. أن يراه كخطاب حرب.. وغير واقعي.
مداخلة..
أنا رأيته خطاب سلام مشروط.
الرئيس الأسد..
هو سلام مشروط مع أسس واضحة ولكن هو خطاب الفرص الأخيرة.. عندما تحدثت عن الأجيال.. هذا يعني بأن هذه الأبواب المفتوحة الآن هي تضيق.. ومع الزمن لن نرى هذه الأبواب. وعلى الطرف الآخر الرافض للسلام / وهو إسرائيل / أن يستغل هذا الموضوع. لا أضع الخطاب في الإطار لا العنيف ولا كل هذه المواصفات. هو خطاب واضح.. إذا أردت الدعم الشعبي عليك أن تقول لهم كل شيء.. ونحن لم نتعود في المنطقة العربية على كلام واضح.. تعودنا دائماً على المجاملات.. بالرغم من أن البعض بحسب ما سمعت وقيل لي كان عاتباً لأنه لم يكن واضحاً كفاية.. هناك من يريد وضوحاً أكثر.
سؤال..
كل شيء في العلن. إنما كيف يتحرك هذا الشيء.. كيف تتحرك مبادرة جديدة للسلام في ضوء المعطيات الجديدة... كيف ترى سورية بداية لهذا التحرك...
هناك مثلاً طرحت مؤخراً فكرة أن مصر والأردن والسعودية سوف يقدمون مقترح سلام جديدا إلى مجلس الأمن.. هل أبلغتم بهذا... ألم تستشاروا...كما لم تستشاروا في مواقف سابقة...
الرئيس الأسد..
لا. لم نستشر بهذا الموضوع.. لكن قيل مؤخرا.. في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير أن هذا الموضوع كان مجرد طرح.. وربما لو كان هذا الطرح سيستمر.. فربما كانوا شاوروا سورية والأطراف الأخرى.. الفلسطينيين واللبنانيين في هذا الموضوع. ولكن هذا يؤكد ما قلته أنا.. أي طرح لا يمكن أن يسير بدون العودة لأصحاب العلاقة.. هذا ما أكدته.. وأتمنى من
الإخوة العرب أيا كان.. أن يشاورونا في هذا الموضوع.. ولكن المعطيات الأخيرة أن هذا الموضوع متوقف.
سؤال ..
سيادة الرئيس.. هناك موضوع أخير.. الحرب طرحت عدة ثنائيات. رأيتها أنا على الأقل على الشكل التالي.. رأيت ثنائية السلام والمقاومة.. نظرية السلام ونظرية المقاومة .. ثنائية الحكمة والتهور .. من يطالبون بالحكمة ومن لا يرون غضاضة في المغامرة أو أن المغامرة مطلوبة. رأيت ثنائية القرار الوطني.. وهذا من خلال خطابكم سيادة الرئيس.. القرار الوطني
مقابل القرار الدولي .. أنتم طالبتم في خطابكم .. قلتم القرار الوطني هو الذي يسود.. مقابلك مباشرة تيري رود لارسن في تصريحه الأخير ببيروت.. قال ان القرار الدولي يجب أن ينفذ ...
الرئيس الأسد..
أولاً كل هذا خروج عن دور الأمم المتحدة. ومجلس الأمن.. هو مجلس لحفظ الأمن وليس مجلس ذراع أمريكي للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. لا يمكن أن نلجم هذا المجلس إن بقينا نخضع له بشكل مطلق.. أي أوصينا بإطاعة الوالدين.. بكل شيء ولكن ليس ضد الدين.. فنحن نتعامل مع مجلس الأمن وكأنه أعلى من كل هذه الأسس. هذا شيء خطير غير مسبوق.. وهذا سيشجع الدول الكبرى .. بعضا منها تحديدا.. على أن تستغل مجلس الأمن لكي يكون لديها غطاء شرعي لاعتداءاتها وتدخلاتها. الآن الإخوة في السودان أخذوا قراراً منذ أشهر بأنه لن تدخل قوات أجنبية إلى دارفور.. هذا الشيء أعلن ومعروف. هذا هو الحل الوحيد. فإذا كنا نريد أن نقول بأن مجلس الأمن أعلى من القرار الوطني.. لماذا نوجد قرارا وطنيا... لنتنازل عنه منذ البداية..ونعتبر محافظة في دولة الأمم المتحدة.. هذا كلام غير مقبول.
سؤال ..
الثنائية الأخرى.. سيادة الرئيس.. هي ثنائية التضامن القومي مقابل الاعتزاز الوطني.. القطري.. مثلاً الأردن أولاً / أنا لا أقصد الأردن بالذات لأن هناك عددا من الدول العربية.. أولاً / وأضحت العروبة هي آخراً والتضامن القومي هو في المؤخرة.. ماذا ترى في التضامن العربي مقابل الاعتزاز القطري ...
الرئيس الأسد..
بمعزل عن التنظير والقواميس التي تتحدث عن هذه التفاصيل.. أنت تحب قريتك ومدينتك وهذا لا يمنعك من أن تحب بلدك.. وأنا أحب بلدي سورية.. بكل تأكيد أنا أعمل من أجلها كل يوم أكثر من عملي لبقية الدول العربية.. وهذا لا يمنعني من أن أعمل من أجل بقية الدول العربية. قلت سابقاً بأن تكون بلدي أولا..، ليس شيئاً خاطئاً.. إذا كانت الدول العربية هي
ثانياً.. ولا أحد يتوقع من مواطن في بلد عربي أن يحب بلداً عربياً أكثر من بلده. هكذا نراه.. بالمختصر لا يوجد تعارض.
سؤال ..
سيادة الرئيس.. ونحن متجهون إلى نهاية الحديث بما يسمح به وقتك.. السؤال الذي يجب أن يطرح قبل أن ينتهي الحديث ما هي انعكاسات الوضع كله على العراق وفلسطين.. فعلى ما يبدو ونحن في غمار الاهتمام بما يحدث بلبنان.. وضعنا جانباً أو نسينا قليلاً أو كثيراً ما يحدث في فلسطين وما يحدث في العراق. انتصار المقاومة الحاسم بلبنان.. كيف سيؤثر على الوضع
في فلسطين والوضع في العراق...
الرئيس الأسد..
لا شك بأن انتصار المقاومة في عام 2000 أثر في موضوع الانتفاضة التي اندلعت بعد ذلك بأشهر.. وفي تصميم الفلسطينيين على الاستمرار بالمقاومة..كنا نتوقع بأن تستمر الانتفاضة أسابيع ومن ثم أشهرا.. فاستمرت سنوات. ما حصل في العراق.. المقاومة العراقية أيضاً أثرت بشكل آخر باتجاه لبنان وباتجاه فلسطين.. وفلسطين تؤثر في كلا الجانبين. هناك
تبادل في التأثير بينهما.. ولكن هذا الانتصار بهذا الشكل وبهذه النوعية.. سيؤثر بشكل مباشر في ما يحصل في العراق.. ويقال بأنه أثر من خلال ارتفاع نسبة العمليات في شهر تموز أو ربما ليس بالضرورة شهر تموز وإنما شهر الحرب في لبنان.. بنسبة 4. بالمئة حسب الإحصائيات الأجنبية.. فكان هناك تأثير مباشر.. وأعتقد بأن ثقافة المقاومة انتشرت الآن بشكل
كبير في العالم العربي وأنت تراها من خلال أعلام المقاومة.. أعلام حزب الله.. صور السيد حسن نصر الله.. الخطابات التي ألقاها البعض يسعى للاحتفاظ بها.. الأناشيد الوطنية أو القومية التي ظهرت.
سؤال ..
هل أدى انتصار المقاومة في لبنان إلى تحرك مواقف لبعض الأطراف في العراق...
الرئيس الأسد ..
لا أستطيع أن أعطي جواباً الآن.. لم نرصد الساحة العراقية بعد.. ولكن رأينا مسيرة المليون دعماً للمقاومة.. كما قلت نتائج العمليات تصاعد.. وهذا دليل آخر.. فإذاً هناك تغير في العراق.. ولو لم نرصده فأنا أتوقع بأن يكون هناك تغير وبوادر هذا التغير ظهرت من خلال ثقافة المقاومة وانتشارها.
سؤال ..
الأمريكان سكتوا أخيراً عن اتهامهم الدائم لكم بمناسبة وبغير مناسبة أنكم أنتم من تحركون الأمور في العراق بشكل أو بآخر.. سكتوا عنكم فيما
يتعلق بموضوع العراق قليلاً.. في الفترة الأخيرة.. هل لهذا تفسير...
الرئيس الأسد..
أولاً لم يعد مقنعاً لأحد في هذا العالم هذا الكلام. أذكر في البداية بعد احتلال العراق كان كثير من المسؤولين الأجانب غير الأمريكان يأتون
إلينا ويتحدثون عن هذا الموضوع.. هم أنفسهم الآن يقولون أنهم يعرفون أن هذا الكلام غير صحيح.. أصبح واضحاً أن المشكلة هي مشكلة الأداء الأمريكي في العراق ومشكلة الحرب نفسها.. لذلك لم يعد مقنعاً هذا الشيء.
من جانب آخر بالنسبة للشعب الأمريكي أغلب المقالات تهاجم أداء الإدارة الأمريكية.. وأصبح هناك تصور واضح داخل الولايات المتحدة بأن الفشل في العراق سببه أداء الإدارة الأمريكية وليس أية دولة أخرى.. لذلك أعتقد بأنهم توقفوا عن الهجوم على سورية.
سؤال ..
بالنسبة لفلسطين.. لا زالوا يثيرون استضافتكم لفصائل المقاومة الفلسطينية منها حماس والجهاد وغيرهما..
الرئيس الأسد..
طبعاً بعد فوز حماس بالانتخابات خف هذا الشيء إلى درجة كبيرة.. وخاصة من الأوروبيين. الأوروبيون الآن مقتنعون أنها حكومة منتخبة ولا بد من التعامل معها.. فهموا بأن تمسكنا بالتعامل مع هذه الفصائل لأننا نعرف ما هي توجهات الشعب الفلسطيني.. وليست قضية علاقة بمنظمات أو بفصائل..أغلب أعضائها هم في الداخل الفلسطيني وليسوا في الخارج.
سؤال ..
في الحقيقة أنا لست أفهم لماذا تتحمل سورية هذا وحدها... طبعاً سورية تشكر انها استضافت فصائل المقاومة الفلسطينية.. إنما لماذا هذا العبء على سورية لوحدها... لماذا لا تستضيف دول عربية أخرى بعض هذه الفصائل...ألم يجر نقاش بينكم وبين آخرين حول هذا الموضوع...
الرئيس الأسد..
أولاً.. هل تريد الفصائل أن تخرج من سورية ...
مداخلة ..
ربما تريد أن تخفف عن سورية المسؤولية ...
الرئيس الأسد..
حتى لو أرادت ذلك.. أي إنسان يريد أن يخرج من بلد آخر يعود إلى بلده. هذا شيء طبيعي.. إسرائيل طردتهم.. فما الفرق في أن يكونوا في سورية أو أي بلد آخر.. بالنتيجة هم خارج الأراضي الفلسطينية.. هذه هي القضية.. وهذا ما طرحناه مع الأجانب قلنا لهم بأنهم طردوا من أراضيهم.. حتى لو أرادت سورية فرضاً أن تقوم بطرد.. فهي تطرد شخصا إلى بلده.. أما أن تطرده إلى بلد آخر فهذا شيء غير منطقي. هذا الكلام أعتقد بأنهم تجاوزوه.. ولديهم الآن مشاكل أكبر بكثير عليهم أن يقنعوا العالم بها قبل أن يتحدثوا عن قضية وجود منظمة في سورية تتهم بالإرهاب ومن ثم يتهمون سورية بدعمها للإرهاب.
سؤال ..
كيف ترى.. سيادة الرئيس.. الموقف في فلسطين في الفترة القادمة بعد ما حدث في لبنان.. هل هو إلى تصعيد أكبر.. تصعيد مقاوم أكبر.. أم إلى اعتراف إسرائيل بأن شيئاً ما يجب أن يتخذ لكي ننهي هذه القضية ...
الرئيس الأسد..
لا أستطيع أن أحدد إلى أين تسير الأمور.. ولكن كما قلنا بما أن المقاومة في لبنان حققت شيئا فسينعكس باتجاه مماثل في الأراضي الفلسطينية إلا إذا فهمت إسرائيل بأن القوة لا تنفع. المشكلة هي إسرائيل وليس الفلسطينيين ولا اللبنانيين ولا سورية ولا غيرها.. المشكلة هي إسرائيل.. هل فهمت إسرائيل الدرس... الآن نسمع حديثا عن طروحات لها علاقة بالسلام في إسرائيل..ولكن التجربة علمتنا ألا نكون ساذجين.. فأولاً هناك تصريحات متناقضة من قبل مسؤولين إسرائيليين مختلفين.. ربما لأسباب داخلية.. ربما هي بوالين اختبار لجس النبض.. ونحن نقوم برد فعل من دون حسابات.. فيبنون موقفهم في المستقبل على رد الفعل العربي.. أو ربما الدولة المعنية.. فإذاً علينا أن ننتظر وألا نتسرع لنرى تماماً ما هو بالون الاختبار النهائي الذي ستطلقه إسرائيل والذي سيكون هو الموقف النهائي.. وتكون استقرت الأمور الداخلية في إسرائيل بعد هذه الحرب.. عندها نستطيع أن نحدد كيف ستسير الأمور.. سواء بالنسبة لفلسطين أم بالنسبة لسورية أم بالنسبة للبنان. لكن هناك جانب إيجابي في فلسطين سمعنا به مؤخراً أمس.. هو عن العمل باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية.. وهذا ما كنا ننصح به منذ أشهر قليلة.. وكنا نعتقد بأنه هو الحل وهو أيضاًَ يوجه رسالة لإسرائيل.
أيضاً الانقسام الفلسطيني لن يغير الاتجاهات الإسرائيلية.. توحد الفلسطينيين سيغير الأداء الإسرائيلي وربما سيخدم اتجاه مفاوضات السلام أو أي شيء آخر لا نعرف.. لكن بالاتجاه الأفضل.
سؤال..
السؤال الأخير.. سيادة الرئيس.. هو ما نسأله عادة من عامة الناس.. نحن الصحفيين.. وأنا بدوري أسألك إياه.. حرب أم سلام... ماذا سيحصل في المنطقة بعد الذي حصل في الفترة الأخيرة... هل ستحارب المنطقة كلها.. العراق أم لبنان أم سورية أم مصر أم غيرها ...
الرئيس الأسد..
طالما تحدثنا عن خيار السلام الاستراتيجي وتبنيناه منذ سنوات.. وكما قلنا قبل قليل فإن خطابي كان خطاب السلام.. فإن ما نرغبه وما نتمناه هو أن يتحقق السلام.. لأنه يعني عودة الحقوق بدون ثمن باهظ. أما الحرب.. أية حرب.. ففيها ثمن باهظ.. ولكن أيضاً النتيجة هي استعادة الحقوق.. فإذاً الهدف هو استعادة الحقوق إذا كان بالسلام فهو الحل الأفضل.. لا يوجد إنسان عاقل يسعى باتجاه الحرب إذا كانت هناك بدائل أخرى. فإذاً علينا أن نستنفد نهائياً الفرص المتعلقة بالسلام قبل أن نتحدث عن الحرب.
مداخلة ..
أن نستنفدها في وقت قصير وقريب...
الرئيس الأسد..
لذلك بدأت الحركة الدولية التي نتحدث عنها في هذا الاتجاه.. لذلك أقول الأسابيع المقبلة ربما شهر أو أشهر قليلة جداً هي التي ستحدد الرؤية النهائية بهذا الاتجاه. كما قلت نحن نتمنى أن تكون عودة الحقوق عن طريق السلام ولكن بالواقع الأشهر القليلة المقبلة ستحدد الحرب أو السلم وسيعتمد ذلك على الإسرائيليين بالدرجة الأولى.. وعلى عودة الوعي للبعض من المحافظين الجدد والمتطرفين في الإدارة الأمريكية الذين يدفعون باتجاه الحرب وليس باتجاه السلام.
سؤال ..
أرى في ذلك الفرصة الأخيرة التي ربما تكون لعدة شهور أو ربما لعدة أسابيع فقط.. عندها ستتحدد فرص الحرب و فرص السلام في المنطقة ...
الرئيس الأسد..
صحيح.
تعليق ..
شكراً سيادة الرئيس.
الرئيس الأسد..
شكراً.. وأهلاً وسهلاً بكم في سورية.

الثلاثاء، رجب ٢١، ١٤٢٧

كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في افتتاح أعمال المؤتمر العام الرابع للصحفيين

أيتها الأخوات والأخوة أعضاء المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين أيها السيدات والسادة
يسعدني أن ألتقيكم في افتتاح أعمال مؤتمركم الرابع وأن أتوجه إليكم بالتحية والتقدير ومن خلالكم إلى الصحفيين العرب
الشرفاء الذين خاضوا بالأمس ويخوضون اليوم حربًا اعلامية وثقافية لاتقل شراسة وخطورة عن المعارك العسكرية التي
يخوضها إخوان لكم في ساحة الشرف والكرامة ومعركتكم هي معركة الأمة لصون عقلها وروحها والزود عن هويتها
وتراثها ضد ما تتعرض له من غزو منهجي يستبيح كرامتها ويمزق وحدتها ويشوه قضيتها ويضرب إرادة المقاومة فيها من
خلال الترويج لثقافة الانهزام والرضوخ والانقياد الأعمى في الاتجاهات التي يحدد سنتها العدو ومن يقف في خندقه ويسوق
لمشاريعه.
يسعدني أن ألتقي بكم في هذا الشرق الأوسط الجديد بالمعنى الذي نفهمه وبالشكل الذي نريده ولو لم يكتمل بعد جديد
بإنجازات المقاومة جديد بفرز القوى الواضح للعيان جديد بافتضاح ألعابيه ومؤامراته وبانكشاف أقنعته وزيف مصطلاحته
بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، هذا الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به سورية مرارًا وتكرارًَا على أنه الأمل الوحيد
للعرب لكي يكون لهم مكان على هذه الأرض بالمعنى السياسي وبالمعنى المادي ولا يخفى على أحد منكم أنه لم يكن من
السهل أبدًا أن نتمكن من إقناع الكثيرين برؤيتنا للمستقبل بل كان علينا انتظار هذا المستقبل لكي يصبح حاضرًا ويتحدث عن
نفسه. واليوم تتحدث الوقائع عن نفسها ليس كما تصورناها في الماضي فحسب، بل بشكل أكثر وضوحًا وتعبيرًا. نلتقي
اليوم وشرق أوسطهم المنشود المبني على الخنوع والمذلة وحرمان الشعوب من حقوقها وهويتها قد أصبح وهمًا. بل انقلب
إلى نهضة شعبية عارمة على مستوى الساحة العربية موسومة بالكرامة موسومة بالعروبة موسومة برفضها لكل ما قدم لها
من أعذار وحجج تبرر بقائنا أزلاء خانعين نقتل صامتين بنفس الطريقة التي كانت تقدم فيها الأضحية من أجل إرضاء
الآلهة واتقا ء لغضبها. ولكن تقديم الأضحية كانت يعتبر في تلك العصور كان يعتبر حكمة، فهل من المفترض أن نتبع هذه
الحكمة اليوم وهل من معنى للحكمة مفصولة عن الشجاعة والإقدام. لو أردنا أن نقتضي بغزو العراق هذا الغزو الذي
يذكرنا بالعصور الغابرة للبشرية ولو أردنا أن نقتضي بنتائج هذا الغزو، من تدمير وخراب للعراق يذكرنا بالعصور
الحجرية للبشرية فأنا أعتقد بأن هذه الحكمة ما زالت سارية المفعول والدليل أن بعض من حكماؤنا العرب ما زال يتبع هذه
الحكمة اليوم، فلكي تتواجد الحكمة لا بد من وجود الشجاعة معها لكي تعطي صاحبها الاستقرار الضروري لكي يكون
حكيمًا أما عندما يوجد الخوف فلا مكان سوى للحكمة الزائفة التي تدفع بصاحبها للهزيمة والمذلة تحت عنوان الحكمة، وفي
عالمنا العربي الراهن ربما يتحقق النصر لنا تحت عنوان مزيف آخر هو المغامرة أو التهور يعني إذا كانت الحكمة قد
اصبحت في قواميس البعض من العرب هي الهزيمة والذل؛ فبشكل بديهي في نفس هذه القواميس سنرى الانتصار يعادل
المغامرة والتهور.
2
ولكي لا نغرق في الكلام النظري لنسأل أنفسنا ماذا حقق لنا الانقياد اللا حكيم واللا عقلاني والمتهور خلف بعض حكماؤنا
الافتراضيين وعقلاؤنا الشكليين خلال عقود مضت. حقق الكثير لكن ضد مصالحنا، ولنأخذ عملية السلام تحديدًا كمثال
ولنتساءل إن كانت فشلت أم لا، نحن نتحدث بشكل مستمر مؤخرًا عن موت عملية السلام وقبل ذلك كنا نتحدث عن فشل
عملية السلام وكل هذا الكلام صحيح لا شك فيه، لكن الأكثر دقة من أن نقول بأن عملية السلام فشلت وهي فاشلة وميتة كما
يقال، الأكثر دقة هو أن نقول أن العرب هم الذين فشلوا في عملية السلام عندما لم يفهموا معنى الخيار الاستراتيجي في
السلام، يعني لم يفرقوا بين خيار السلام الاستراتيجي وخيار السلام الوحيد عندما يكون هناك خيار استراتيجي ما فلا يعني
أنه لا يوجد خيارات استراتيجية أخرى أو أنه لا يوجد خيارات تكتيكية ليس بالضرورة استراتيجية أخرى، نحن العرب
خلال مسيرة عملية السلام تبنينا الخيار السلام الوحيد وألغينا كل الخيارات الأخرى ومن ثم استبدلنا مضمون السلام الوحيد
بخيار السلام الرخيص أو المجاني وفي هذا يفترض أن نقدم كل شيء لاسرائيل وأن نأخذ القليل، وفي الواقع ومن خلال
الممارسة قدمنا الكثير وربما قدم البعض كل شيء ولكن حتى القليل لم نحصل عليه، بل لم نحصل على شيء على الإطلاق
ولذلك نرى اليوم بأن الفلسطينيين يدفعون ثمن ذلك الواقع في الماضي ولهذا السبب رفضت سورية من خلال رؤيتها في
ذلك الوقت أن تتنازل عن أي من حقوقها.
فعندما نقول اخترنا السلام كخيار استراتيجي، فهذا لا يعني أننا ألغينا الخيارات الأخرى، بل بالعكس فكلما ابتعد السلام عن
التحقيق كلما ظهرت أهمية وضرورة البحث عن طرق وحلول أخرى لاستعادة حقوقنا، وبالمقابل أكدنا في سورية على هذا
الخيار أي خيار السلام منذ بدء عملية السلام مع تمسكنا بخيار المقاومة طالما أن السلام لم يتحقق وخصوصًا أن الشريك
المفترض في السلام هو طرف لا يؤمن بهذه المقولة أص ً لا وقدم لنا الدليل تلو الدليل بما يؤكد ذلك بمعزل عن المجازر
العديدة في تاريخ إسرائيل تجاه العرب وغيرها من الأدلة الأخرى لكن هناك دليل واضح على لسان رئيس الوزراء
الإسرائيلي إسحاق شامير عند بدء عملية السلام عندما قال في عام ١٩٩١ سنجعل هذه العملية تستمر لعشر سنوات، يعني
لن يتحقق السلام، وفع ً لا صدق الآن بعد خمسة عشر عامًا لم يتحقق السلام، كانت إسرائيل تسوق قبل عملية السلام دائمًا في
العالم بأن إسرائيل تريد السلام وبأن العرب يريدون الحرب وكانت مفاجأة لهم أن العرب قبلوا الدخول في عملية السلام
فكانت رد الفعل هو هذا التصريح العنيد. ولكن الحكمة العربية السائدة كانت تقول بأنه علينا أن نغمض أعيننا لكي نحرج
إسرائيل أمام المجتمع الدولي الذي تم اختصاره ببضع دول موالية لإسرائيل مهملة ومهمشة كل ما تبقى من دول هذا العالم
والتي تقف في معظمها معنا وتدعم قضايانا والنتيجة أننا نحن الذين أصبحنا محرجين أمام شعبنا العربي وفقدنا احترامنا
ومصداقيتنا أمام أصدقاؤنا وخصومنا في آن واحد، هذه كانت المسؤولية العربية في فشل عملية السلام، ولكن ماذا عن
مسؤولية الآخرين طبعًا باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة في سلة واحدة. دول العالم بعد حرب تشرين التحريرية اهتمت
بالشرق الأوسط ركزت كل اهتمامها على منطقتنا وبدأ الحديث عن السلام، واستمر هذا الحديث عن السلام حتى وصلنا إلى
عملية السلام في مدريد. ومر هذا الموضوع في مراحل مختلفة، عندما اطمأنت معظم دول العالم المهتمة بأن عملية السلام
أقلعت من خلال المفاوضات سلمت العملية برمتها إلى الولايات المتحدة وبقيت الولايات المتحدة الراعي الوحيد لهذه العملية
والتي بدورها سلمتها لإسرائيل وبالتالي كان كل مقترح يأتي للعرب خلال تلك الفترة إما أن يكون مقترح إسرائيلي أو
مقترح صادق عليه الإسرائيليون. وعندما أدركت معظم دول العالم أن العرب أسقطوا خيار السلام الحقيقي واستبدلوه بخيار
سلام لاسترضاء إسرائيل والولايات المتحدة أداروا ظهرهم لعملية السلام ولنا واليوم فقط في هذه المعارك تذكروا عملية
السلام وتذكرونا. طبعًا نستبعد إسرائيل والولايات المتحدة من موضوع السلام لأن إسرائيل عدو وكما قلت لا تريد السلام
والسلام يفرض على إسرائيل إعادة الأراضي المحتلة لأصحابها وإعادة الحقوق بينما هي عدو بنية ولم يتغير على أساس
3
العدوان والتوسع. أما الولايات المتحدة فدائما نقول بأنها ضرورية لعملية السلام وأساسية من خلال موقعها كقوة عظمى
ومن خلال علاقاتها مع الأطراف المختلفة لكن ليس أي ولايات متحدة هذه الإدارة تتبنى مبدأ الحرب الاستباقية وهو حرب
مناقض تماما لمبدأ السلام وثبت بعد ست سنوات من مجيء هذه الإدارة بأنه لا يوجد سلام وبالتالي لا نتوقع سلامًا قريبا في
المدى المنظور وهنا نتساءل هل تذكرونا وتحركوا مؤخرًا بسبب القتل والدمار الذي سببه الإرهاب الإسرائيلي في لبنان بكل
تأكيد لا. فسنوات من القتل والتدمير ضد الفلسطينيين لن تجعلنا نسمع عن مبادرات وحلول ونشاط مكثف لمجلس الأمن كما
هو الحال اليوم. هل تحركوا خوفًا من الفوضى أو قلقًا على أمن المنطقة الذي يعنيهم مباشرة أمن المنطقة بكل تأكيد هو
سبب كاف لهم لكي يتحركوا لكن المنطقة على حافة التفجير والانفجار منذ عدة سنوات فلماذا لم يتحركوا حتى هذه المرحلة.
الحقيقة أنهم لا يتحركوا إلا عندما تتألم إسرائيل وإسرائيل لا تتألم إلا عندما نمتلك القوة، هذا يعني بالمحصلة النهائية أن
العالم لن يهتم بنا وبمصالحنا ومشاعرنا وحقوقنا إلا إذا كنا أقوياء. سوى ذلك فإنهم لا يفعلون شيئا إلا أن يدفعون بأقوالهم
باتجاه السلام ولكنهم يدفعون بأفعالهم باتجاه الحرب وهنا يتحملون مسؤولية ما يحصل أقصد الدول المهتمة بعملية السلام
والمعنية وبمعظمها دول أوروبية. وهنا نتساءل ما هو الدافع الذي يحرك البعض من مسؤولي تلك الدول لكي يرسل
الرسائل ويصدر البيانات بشأن شخص دخل إلى السجن عندما خالف القانون. ولاحقًا نفاجأ بأنهم يرسلون لنا رسائل بأن
شخص موجود في السجن وهو مصاب بوعكة صحية وهم قلقون جدًا على الوضع الصحي لهذا الانسان، ما هذا النبل ما
هذه الانسانية ما هذه العظمة الآن أين هؤلاء من المجازر التي حصلت في لبنان. كل هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ
والدمار لم نر منهم شيء لم نسمع أي تحرك، لم تصلنا أية رسالة ولا احتجاج إلا بعض البيانات الخجولة، أنا اقول إن هذا
أصاب مصداقيتهم بالصميم هذا يعني بأن هناك أهداف أخرى لهذه الرسالة نحن نعرفها ولكن أعتقد أن الأمور أصبحت
واضحة، أيضًا نسأل ذلك المسؤول الفرنسي المتقد حماسة بشكل دائم ومستمر، خاصة تجاه سورية، ونسأل هل سيطالب
بلجنة تحقيق دولية كي تحقق بمجزرة قانا ولن نتحدث عن بقية المجازر كما طالبوا بالتحقيق باغتيال الرئيس الحريري. أم
أن السبب والدافع كان هو أن المتهم الأول هو سورية وهذا دافع ومبرر، والآن المتهم هو إسرائيل وهذا مانع أم أن أطفال
قانا والآخرين هم من الفقراء الذين لا يستحقون نظرة من هذا المسؤول. نحن مقتنعون بأن الطريق الطبيعي لتحقيق السلام
هو المفاوضات ولكن عندما يفشل هذا الطريق أو لا يتوفر أص ً لا فالمقاومة بأشكالها المختلفة هي البديل من أجل استعادة
الحقوق والمقاومة ليست بالضرورة أن تكون فقط مقاومة مسلحة وإنما ثقافية وسياسية وممانعة بالأشكال المختلفة، فإذًا دعم
المقاومة هدفه السلام وليس الحرب، وذلك من خلال الردع لمنع العدوان وإن لم ينفع فمن خلال الحرب لتحرير الأرض
وبالتالي فالمقاومة ليست نقيض السلام ولا بدي ً لا عنه بل هي على الأقل في ظروفنا الحالية ضرورية من أجل تحقيقه وإلا
فالنتيجة ستكون خسارتنا معركة الحرب وخسارتنا معركة السلام، خاصة وأن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة قد انتقلا
نهائيًا إلى اعتماد الخيار العسكري المبني على مذهب الحرب الاستباقية. بينما بقينا نحن كعرب في مكاننا نتحاور ونتفاوض
مع أنفسنا مقتنعين بسلام موعود مع طرف وهمي يحضر نفسه يوميًا من أجل عدوانه القادم على المواطنين العرب، هذا
الموضوع موضوع المقاومة وضرورتها كان محل نقاش طويل وعبر سنوات وأكثر من عقد من الزمن مع المسوؤلين
الأجانب والعرب وفي المرحلة قبل تحرير القسم الأكبر من الأراضي اللبنانية في العام ٢٠٠٠ كنا نناقش هؤلاء المسؤولين
العرب والأجانب طبعًا لا نستغرب أن لا يفهم الأجنبي منطقنا ولكن في نقاش مع العرب وهو ما يهمنا كنا نقول لهم بأن هذه
المقاومة ستحرر لبنان، كانوا يقولون طبعًا البعض، بأنها لا تشكل أكثر من خرمشة قط وفي عام ٢٠٠٠ تحرر لبنان بفضل
المقاومة وثبت بأنهم كانوا على خطأ وبأننا كنا على حق. بعد العام ٢٠٠٠ تكرر هذا النقاش بما أننا نحن العرب نحب أن
نكرر تاريخ بتفاصيله من دون تطوير أحيانًا، تكرر نفس النقاش من خلال الضغوط على سورية في نفس الشأن. فكان
4
جوابنا بأن المقاومة هي قوة رادعة لأي عدوان إسرائيلي فكان أيضًا جوابهم الرفض لهذا المنطق الآن المعارك الأخيرة
تثبت نفس الشيء، كانوا على خطأ وكنا على حق، خطأ مربع بالرياضيات ولو أردنا أن نحسب نفس النقاشات السابقة
بالنسبة لمواضيع أخرى ابتداء من موضوع الإرهاب مرورًا بحرب العراق وإيران لوضعنا رقم كبير. ولقد أثبتت الأحداث
الأخيرة في لبنان صحة ذلك فالعدوان على لبنان ليس مرتبطًا بخطف العسكريين بشكل أساسي بل هو محضر قبل ذلك
بزمن بهدف استعادة التوازن للمخطط الإسرائيلي الذي أصيب بنكسات عديدة سواء بهزيمة الجيش الإسرائيلي أمام ضربات
المقاومة وانسحابه عام ٢٠٠٠ أو بفشل حلفاؤه في لبنان في القيام بالمهام التي كلفوا خلال الفترة القصيرة الماضية، أما
الأسر فكان بالنسبة لهم مجرد عذر أمام العالم للبدء بهذا العدوان ولكن النتيجة كانت عبارة عن مزيد من الفشل لإسرائيل
ولحلفائها ولأسيادهم والمزيد من الرسوخ للقوى الوطنية الملتفة حول المقاومة وتجذر فكر المقاومة في عقول وقلوب مئات
الملايين في المنطقة العربية والإسلامية.
الكل يعلم الآن بأن الخطة كانت محضرة وكتب الكثير عن أن هذه الخطة أي خطة الحرب كانت محضرة قبل ذلك بسنوات
ويقال في الإعلام الغربي والعربي بأن الإسرائيليون حضروا أنفسهم بشكل جيد لهذه المعارك. ويقال أيضا بأن المخطط
انتهى بشكل نهائي بشكل حزيران الماضي وكان منتظرًا أن يبدأ التنفيذ في الخريف المقبل، البعض يقول حفاظًا على الموسم
السياحي طبعا من غير الممكن أن تكون إسرائيل قلقة على الموسم السياحي ولكن ربما قلقة على مصالح عملائها في لبنان
في هذا المجال.
هذا يذكرنا بما قلته أنا في خطابي أمام جلس الشعب في ٥ آذار من العام الماضي ٢٠٠٥ عندما قلت بأن ما يحصل الآن
هو ١٧ أيار والكثير من الأجيال الحالية لا تذكر ما حصل في ١٧ أيار الحقيقي في العام ٨٣ عندما كان قبل غزو لبنان في
ال ٨٢ كان هناك قوى عميلة لإسرائيل تفشل في مخططاتها لضرب المقاومة الفلسطينية واللبنانية المشتركة في ذلك الوقت
فبدأت تحرض وتدعو إسرائيل لإنقاذها من خلال الحرب وفع ً لا تمت الحرب وكان الهدف منها ضرب المقاومة وإلحاق
لبنان بالركب الإسرائيلي وفشل ١٧ أيار، اليوم تتكرر نفس التداعيات مجموعات لبنانية تفشل في تحقيق مخططها لمصلحة
إسرائيل فتحرض لمجيء إسرائيل عسكريًا لإنقاذها من الورطة ولضرب المقاومة وبالتالي إلحاق لبنان بالركب الإسرائيلي
في ذلك الوقت كان هناك غطاء عربي وفي هذه المرة كان هناك غطاء عربي فأنا أؤكد على فكرة ١٧ أيار وكما قلت أنا
دائما أقول عن هذه المجموعات ١٧ أيار لا يهم ما هي التسميات التي يستخدمونها مرة يقولوا شباط ومرة آذار هذه على
طريقة عالم الأعمال في عالم الأعمال عندما يفشل المنتج يعيدوا طرحه بالسوق بعنوان آخر مع بعض التبديلات الشكلية
ونحن نؤكد أن المنتج هو منتج ١٧ أيار وهذا المنتج هو منتج إسرائيلي، طبعًا الآن ستسمعوا الكثير من الهجوم في شاشات
التلفزيون ولكي نقيم الخطاب إن كان مفيدًا أم لا كلما كان الهجوم شرس أكثر كلما كان الخطاب جيد. وطبعا سنضحك كثيرًا
لأن هناك الكثير من الكوميديا السياسية الآن في الطبقة السياسية اللبنانية. فإذا الآن نستطيع أن نقوم بعملية ربط بين القرار
٥٩ والقرارا ١٦٨٠ والقرار الأخير ١٧٠١ واغتيال الحريري والحرب الأخيرة ودور هذه القوى اللبنانية ودور بعض
القوى العربية أصبح الربط واضحًا تذكرون منذ سنتين أو أقل طبعًا كنا نقول بأن القرار ٥٩ لا علاقة له بالتمديد للرئيس
لحود كان من الصعب إقناع الناس، كان من الصعب تمامًا إقناع الناس، الآن نفس الشيء يتكرر لا علاقة للحرب بأسر
الجنديين والآن العالم يعترف بهذا الجانب، فإذًا لا شيء له علاقة بشيء، هناك مخطط محضر مسبقًا ومن لا يرى هذه
الحقيقة لديه مشكلة بالرؤية بعد كل هذه الأحداث والوضوح في الأمور الرؤيا بالألف الممدودة في العقل وليست في العين.
فإذًا هذه المقاومة ضرورية بمقدار ما هي طبيعية وشرعية وشرعيتها تأتي من كون الاعتداءات الإسرائيلية لم تتوقف منذ
العام ٢٠٠٠ من خلال الخرق شبه اليومي للطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية كما أن إسرائيل ما تزال تحتل جزء من
5
الأراضي اللبنانية بالإضافة إلى استمرار أسر مواطنينا لبنانيين في سجونها منذ زمن طويل، أما ضرورتها فلنتأمل فقط فيما
حققته المعارك الأخيرة من إنجازات مباشرة على الواقع كان أعظم ما في هذه المعارك أنها أتت ردًا قوميًا على الطروحات
الانهزامية التي تم الترويج لها في منطقتنا وخاصة بعد غزو العراق، وزادها عظمة رد فعل الشعب العربي بشكل عام.
والذي أتى جوابه عروبيًا خالصًا على الطروحات البغيضة المثيرة للفتنة التي سمعناها مؤخرًا وعلى من يقف خلفها، وكأنه
يقول لهؤلاء نحن عرب وهذه مقاومتنا ومن لا يقف معها ليس منا. هذا يعني أن الشعور القومي بخير وهو لن يتراجع كما
يدعي البعض بل هو في أوج اندفاعه متجاوزًا كل الأفكار الهدامة التي تحاول أطراف مشبوهة لا تخفى غايتها تسويقها بين
المواطنين العرب لقد اثبتت المعارك المجيدة التي خاضتها المقاومة بإيمان وكفاءة نادرة عددًا من الحقائق.
الحقيقة الأولى: أن القوى العسكرية مهما عظمت عندما لا تمتلك عقيدة وأخلاقًا ولا تستند إلى حقوق مشروعة ولا تبنى على
سياسة مبدئية تنتج الهزيمة.
الحقيقة الثانية: أن المقاومة التي تمتلك الإيمان والعزيمة والصمود وتحتضن رؤية ومبادئ وأهداف الشعب ويحتضنها
الشعب ويتبناها تنتج الانتصار وفي هذه الحالة لا يتعدى انتصار العدو المدجج بالسلاح كونه تدميرًا للحجارة وقت ً لا للمدنيين
وبما أن كل احتلال هو عمل غير أخلاقي فلا بد له بل يجب أن يفشل ويهزم وإسرائيل هي النموذج فالقوة العسكرية ليست
كل شيء والقوى التدميرية للسلاح ليست كل شيء وإسرائيل لا تمتلك سوى القوى التدميرية على المستوى العسكري
وبعض العناصر الأخرى على المستوى الدولي ولكنها بالمقابل تمتلك نقطة قوة كبيرة هي ضعف العرب المعنوي قبل
المادي وعندما نقرر والقرار بيدنا أن نتلافى هذه الثغرة فلا شك أن التوازن هو في مصلحتنا وهنا تكمن الحقيقة الثالثة: التي
تؤكد محدودية القوى الإسرائيلية رغم تفوقها وتحددها بقوة إيماننا وثباتنا وإرادة القتال لدينا وهذا الأمر يجب أن يعزز الثقة
في نفوسنا ويمحو كل أثر للهزيمة النفسية التي عززتها الدعاية المعادية والتي يرى أصحابها أن المعركة محسومة مسبقًا
لصالح إسرائيل أو أن الهزيمة قدر محتوم على العرب، كما يجب أن يدفع اسرائيل إلى التفكير في عواقب سياستها
الإرهابية تجاه العرب في المستقبل، هنا نستطيع أن نجري مقارنة ما بين حرب ٨٢ منذ ٢٤ عامًا والحرب الأخيرة في
لبنان منذ لبنان، في عام ٨٢ بدأت إسرائيل حربها أو دخولها إلى لبنان البري في ٦ حزيران وصلت إلى بعبدا المشرفة على
بيروت في ١٣ حزيران يعني في اليوم السابع كانت إسرائيل على مشارف بيروت ومن ثم تابعت عملية تطويق بيروت
واحتلالها، اليوم بعد خمسة أسابيع تقريبًا إسرائيل وتجاهد وتعاني لكي تحتل بضعة من الأمتار هنا وبضعة من الأمتار
هناك، وتحاول أن تصل لأقرب نقطة من الليطاني وهي ستة كيلومترات ولا تتمكن وأنا متأكد لو كان هناك نبع لليطاني
على الحدود الإسرائيلية على الحدود الفلسطينية اللبنانية أو كان هناك جدول لوضعوا قدمهم في الماء وقالوا لقد وصلنا إلى
الليطاني.
اصبحوا محل سخرية وفقدوا مصداقيتهم وبالأساس لا توجد لديهم هذه المصداقية، يقولون احتلينا موقع ثم يقولوا قصفنا
الموقع، المفروض بالعكس هذه بديهية أن نقصف بالأول ومن ثم نحتل. على كل الأحوال ما يهمنا ما هو الفرق بين الحرب
الأولى والثانية أو لماذا. حقيقة في عام ٨٢ كانت الفجوة التقنية بين إسرائيل وبين الطرف المقابل الفلسطيني اللبناني كانت
أقل من الفجوة اليوم، إسرائيل تضاعفت قوتها في هذه المراحل عدة مرات والفرق كبير بينها وبين المقاومة اليوم، لكن
الفرق هو إرادة القتال الحقيقة في العام ٨٢ كان هناك مقاتلين فلسطينيين ولبنانيين أشداء وقاتلوا فع ً لا ولكن هذا لا يكفي
إرادة القتال لدى بعض القيادات في ٨٢ لن تكن موجودة على الإطلاق أما الآن فهناك إرادة قتال موجودة لدى القاعدة ولدى
القمة وهناك احتضان شعبي ساعد هذه المقاومة على هذا النجاح، هذا فرق أساسي يجب أن نعرفه على الفرق بين الحربين.
6
من الجوانب الأخرى الإيجابية أيضا لهذه الحرب أنها عرضت الوضع العربي بشكل كامل طبعا لو سألنا أي مواطن عربي
قبل هذه الحرب عن الوضع العربي سيقول الوضع العربي سيء وهذا الكلام صحيح ولكن كان المواطن يرى الوضع مع
مساحيق تجميلية الآن يراه صافي من دون هذه المساحيق هذه الحرب منعت استخدام هذه المساحيق لأنها فرزت المواقف
بشكل كامل لم يكن هناك من إمكان لحلول وسط في مثل هذه الحرب، أسقطت أصحاب أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال
وأسقطت كل المواقف المتأخرة يعني من كان ينتظر ميزان القوى ليرى أين تميل الكفة وأين ترجح سقط وسقطت معه
مواقفه، فهذه من الميزات الهامة جدًا بكل ما سبق اعتبرت هذه المعركة بالنسبة لإسرائيل معركة حياة أو موت، لأنها تفقد
إسرائيل هيبتها وتأثيرها المعنوي علينا وبالتالي تفقد دورها التاريخي الذي أنشئت من أجله ووظيفتها بالنسبة للغرب، لذلك
بدأ العمل الحفيف من أجل التعويض عن هزيمتها العسكرية وفشلها في تحقيق أهدافها على الأرض بأي إنجاز سياسي دولي
يبرر بقاء إسرائيل ودورها أمام مواطنيها وقيادتها وحلفائها وكما هي العادة لم يجدوا سوى مجلس الأمن الذي حولته
الولايات المتحدة من مجلس لحفظ الأمن إلى مجلس لتقويضه من خلال قيامه بإصدار قرار يلبي مطالب إسرائيل وينقذها
من ورطتها على حساب لبنان مهيئًا المناخ للمزيد من الانقسام وعدم الاستقرار لو عدنا إلى قرارات مجلس الأمن التي
صدرت خلال العامين الماضيين القرار ٥٩ و ١٨٦٠ و ١٧٠١ والقرارات المتعلقة بدارفور على سبيل المثال وغيرها من
القرارات لفهمنا تماما إلى أين يتوجه مجلس الأمن بأدائه، طبعا باتجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول وخلق الاضطراب
البعض يقول مجلس الأمن عاجز هذا الكلام غير صحيح، مجلس الأمن كان عاجزًا عندما كان هناك توازن دولي أما الآن
فلو كان هذا المجلس عاجز لما اعتمدت عليه الولايات المتحدة لإلحاق الأذى والضرر في أماكن مختلفة من هذا العالم.
الحقيقة أن بقية العالم او معظم العالم هو الذي أصبح عاجزًا أمام مجلس الأمن نقول مجتمع دولي المجتمع الدولي عبارة عن
مجموعة دول جزء منها موجود في مجلس الأمن وجزء منها حلفاء لها من خارج مجلس الأمن. يحاربوننا من خلال
قرارات مجلس الأمن أو بدونها يعني بكل الأحوال سيحاربوننا ولكن قرارات مجلس الأمن تعطيهم هامش حركة أكثر
وسهولة في هذه الحرب، ضعفنا يتجلى في أننا عندما نتحدث عن مجلس الأمن يقولون البعض طبعًا ليس فقط في العالم
العربي وربما في أماكن أخرى من العالم يقولون قرار مجلس الأمن أو هكذا يريد مجلس الأمن، وكأن مجلس الأمن هو
مجلس ذو سلطة إلهية وكأن قرارات مجلس الأمن هو كلام منزل وهذا الكلام خطير، لذلك الحل يكون هو بأن القرار
الوطني دائما أعلى من أي قرار دولي حتى لو أدى هذا الموضوع للقتال وللحرب فلا خيار لنا وهذا ما قلناه من خلال
اتصالاتنا الأخيرة لكل من اتصل بنا واتصلنا به ولكل من التقينا به في هذه المرحلة خلال المعارك كنا نقول أي قرار
سيصدر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع أو أي فصل آخر لا يهم سيكون أمامه مصيرين إما عدم التنفيذ أو عدم
الاستقرار عندما يحاولوا تنفيذه بقوة وغصبًا عن دول المنطقة وتحديدًا هنا خارج الاجماع اللبناني، عندها يتغير الوضع
بالنسبة لمجلس الأمن، عندما تقرر كل الدول أن يكون القرار الوطني هو الأعلى لا خوف علينا من مجلس الأمن لأنه
يعكس توازن القوى ونحن قررنا أن نكون ضعفاء عندما نكون أو عندما نقرر أن نكون أقوياء سيتغير هذا التوازن بقرارات
وبدون قرارات، فإذا علينا أن لا نضيع الوقت ونتحدث في ظل هذا التوازن الدولي عن قرار جيد وقرار سيء وهنا نبتعد
عن التعابير الدبلوماسية التي تستخدمها وزارة الخارجية كما في البيان الأخير ونقول هناك قرار سيء وقرار أسوأ وقرار
أقل سوءًا طالما القرار يخص إسرائيل ويخص العرب وأمريكا هي الحكم والخصم فستكون التقييمات بهذا الشكل لكن هل
هذا يعني أن القرار الأخير لا يوجد فيه إيجابيات على الإطلاق فيه إيجابيات بالنسبة لنا أهم شيء هو أن تتوقف الحرب
ويتوقف تدمير لبنان ويتوقف قتل المدنيين الأبرياء كالأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم هذا هدف أساسي بالنسبة لكل العرب
للبنان وسورية وكل العرب وأعتقد الكثير من الدول والشعوب في العالم، لكن التجربة علمتنا أن الإيجابيات في الشكل
7
والسلبيات في المضمون هذه هي المشكلة الوحيدة في هذا القرار، هذا القرار حمل المسؤولية للمقاومة، أنا لا أريد أن أدخل
في تفاصيله، ولكن هذه النقطة من الأشياء الفاقعة والصارخة التي لا يمكن أن نقبلها، من يتحمل المسؤولية بشكل بديهي أن
لا أعطي موقف هنا هو إسرائيل بالنسبة لأي شخص حتى خارج المنطقة العربية والإسلامية إسرائيل هي من يتحمل
المسؤولية ولكن علينا أن نضيف عليها، من يتحمل المسؤولية هم من شجعوا إسرائيل على المجيء إلى لبنان ووقفوا معها
ودعموها جماعة ١٧ أيار يتحملون مسؤولية الدمار والمجازر والحرب من أولها إلى آخرها. لذلك أتى هذا القرار كرافعة
سياسية لهذه القوى، طبعًا هدفه إنقاذ إسرائيل سياسيًا مما لم تحققه مما خسرته عسكريًا ولكن أيضا أتى كرافعة سياسية دولية
لماذا دولية لأنه لم يعد هناك رافعة وطنية تستطيع أن تحمل هؤلاء فاضطروا لإيجاد رافعة دولية ستشكل هذه الرافعة
الدولية منصة لهم لكي يبدؤوا الهجوم على المقاومة وكلنا رأينا مباشرة قبل أن يجف الدم قبل أن يحصل أي شيء آخر قبل
أن يعود اللاجئين إلى ديارهم بدؤوا مباشرة بالحديث عن سحب نزع سلاح المقاومة، فإذًا من مهامهم المستقبلية الآن بعد
الحرب وبعد فشل الحرب هو إنقاذ الوضع الداخلي في إسرائيل وللحكومة الحالية إما من خلال إيجاد فتنة في لبنان وبالتالي
نقل المعارك باتجاه آخر من الداخل الإسرائيلي إلى الداخل اللبناني أو من خلال إمكانية تحقيق نزع سلاح المقاومة ولكن أنا
أبشرهم أنهم فشلوا والسقوط لا يبدو لنا بعيدًا.
أيضًا أظهر هذا القرار بأن كلمة العرب غير مسموعة أيضا أثبتت هذه المعارك أن كلمة العرب لا قيمة ولا وزن لها في
المحافل الدولية فهي من المرات النادرة التي نجمع كعرب ونتفق على شيء من ألفه إلى يائه وذهب الوفد العربي إلى
نيويورك ممث ً لا كل الدول العربية من دون استثناء وقوبل بالرفض وبالإهمال طبعًا ليس إهما ً لا للوفد وإنما إهما ً لا لمن يقف
خلفه وهو نحن كدول عربية، الحقيقة ما غير وضع القرار السابق المقترح إلى الوضع الحالي وهو أقل سوءًا هو الوضع
الميداني وصمود الشعب اللبناني وصمود المقاومة وليس الأداء السياسي العربي هذه نقطة هامة يجب أن نعرفها، الحقيقة في
كل هذه الأمور نصل لنتيجة بأن الاعتماد على الوضع الدولي إن لم نقم بالبحث عن عوامل القوة كعرب فلا قيمة لنا ولا
أداء سياسي ولا كل هذا الكلام هو عبارة عن كلام وهمي، وأنا أعتبر بأن المعركة الحقيقية ابتدأت الآن ليس بالمعركة
العسكرية الآن المعركة بعد كشف هذه المواقف والفرز الذي حصل بدأت المعركة الحقيقية وبكل تأكيد بدأت المعركة من
لبنان ونحن نرى وسمعنا كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أرسل لهم الجواب من يقرأ الرسائل يفهم
المضمون ونعتقد بأن ليس فقط في سورية نحن معهم وإنما كل الشعب العربي الآن موقفه منحاز
فإذا من الناحية العسكرية حسمت النتيجة لصالح المقاومة وإسرائيل هزمت منذ بداية العدوان وليس في نهايته بكل المقاييس
العسكرية ولكن الحرب تحمل معها الويلات ولبنان دفع ثمنًا كبيرًا ماديًا وبشريًا وعلينا أن نقف معه كعرب لبناء ما تهدم،
ولكن هل تذهب دماء الشهداء والأبرياء مجانًا علينا بالحد الأدنى أن نحول النصر العسكري إلى ربح سياسي أقله في عملية
السلام فالنتائج الأولية للمعارك على المستوى السياسي كانت عودة الحديث عن ضرورة إنجاز السلام وعودة الأراضي
والحقوق وتمت مشاورتنا كعرب في كل ذلك طبعًا بعد زمن طويل، وهذا يعني أن جزءًا من هذه القضية عاد لأيدينا
طبعًا جزء بسيط لكي لا نبالغ والفضل كله للمقاومة والوقوف معها الآن ودعمها هو ما سيمكننا من امتلاك الجزء الأكبر
من هذا الملف وبالتالي يجعل الدول المعنية والمهتمة تأخذ رأينا ومصالحنا بالاعتبار بمعنى آخر المقاومة والسلام هما
محور واحد لا محوران ومن يدعم جزءًا منه عليه أن يدعم الجزء الآخر، ومن يدعي الخبرة وامتلاك الرؤية في السلام
فليعرض علينا إنجازاته في مجال المقاومة عدا عن ذلك فالخبرة ناقصة لكي يؤخذ بها وبما أننا نعيش الآن ظرفًا استثنائيًا
ومفصليًا فلا مكان للمجاملات والمساومات والتسويات وعلينا أن نتحدث بصراحة نحن في سورية ولبنان وفلسطين ما يزال
لنا أراض لن تحرر هذا يعني أننا نحن المعنيون بالحرب والسلم ونحن نريد طبعًا بالمقام الأول ونحن نريد من أشقائنا
8
العرب أن يقفوا معنا ونرحب بكل من يريد أن يقف معنا ولكن من خلال رؤيتنا وتقديرنا لمصالحنا فنحن من عانى في
الحرب وفي مفاوضات السلام خلال العقود الماضية ومن لا يقتنع برؤيتنا فلا نطلب منه سوى إفساح الطريق لكي نقوم بما
يجب علينا القيام به ولا نطلب من أحد أن يحارب معنا ولا نيابة عنا ولكن.....بأنه كلما حصل اضطراب نسمع بأن مسؤول
يقول لماذا ورطونا لا أحد يورط أحد الحقيقة كل بلد مسؤولة عن نفسها. ولن يقولوا لنا هذا الكلام طبعًا ولكن قالوه للمقاومة
لكن كمبدأ عام لا أحد يورط أحد كل واحد مسؤول عن بلده كما قلت، لكن عليه بالحد الأدنى أن لا يتبنى رؤية العدو
لقضايانا وألا يكون دوره على حساب مصالحنا فكل من لم يختبر الحرب لا يحق له أن يضع نفسه معلمًا ومرشدًا في السلام
ومقاومة اليوم هي التي ستحدد الاتجاه السياسي للغد والموقف منها اليوم هو الذي سيحدد الأدوار التي ستلعب في الغد
بمعنى آخر زمن الاسترزاق السياسي والتطفل السياسي على القضايا انتهى خاصة بعد هذه المعارك وبهذا الظرف الجديد
انتهى، من يريد أن يلعب دور لأسبابه الداخلية على حساب قضايانا هذا الموضوع غير مقبول أو من يريد أن يلعب دور
من أجل أن يرضي الخارج أيضا على حساب قضايانا هذا الموضوع أيضا غير مقبول، لم نقرر في سورية أن نعرض
قضيتنا للبيع في السوق الدولية ولا في أي سوق ولا أعتقد أن الفلسطينيين بعد أوسلو وواي ريفر (وي بلانتيشن) وكل هذه
التسميات قرروا أن يبيعوا القضية ولا نرى هذا الشيء في لبنان دور المقاومة في المرحلة المقبلة سيكون أساسيًا على
مستوى الساحة العربية ولا أقصد الآن المقاومة اللبنانية أقصد المقاومة كفكر بعدما توسع بهذا الشكل الكبير خاصة مؤخرًا
لكن لنأخذ دورها في لبنان أولا دورها على سبيل المثال في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير قبل هذا الاجتماع في
بيروت بثلاثة أسابيع كنا مجتمعين في القاهرة وكانت الأجواء في هذا الاجتماع تشبه تماما الأجواء التي سبقت الغزو
الأمريكي للعراق انقسام شبه مطلق بين الدول العربية فجأة خلال ثلاثة أسابيع لم يتبدل الوزراء ولا الحكومات أصبحنا
متفقين على ماذا أو لماذا، السبب هو الإجماع اللبناني الجوهر في الإجماع اللبناني هو موقف المقاومة لو أرادت المقاومة
أن تقول لم أقبل بهذه النقاط أو نتحفظ على نقطة ما فلا قيمة لهذا الاجتماع لن يحصل ولو حصل وقالوا بعد الاجتماع
الأفكار مرفوضة فسقطت شرعية الاجتماع وسقط كل شيء فهذا دور على سبيل المثال نذكره لكن هناك دور أكبر سيكون
جزء من الوضع الداخلي للدول العربية كلنا كمسؤولون عرب نريد الاستقرار لبلداننا ولكن لا يمكن للاستقرار أن يتحقق أو
أن يستمر في ظل الافتراق المستمر بين المواقف الرسمية والمواقف الشعبية وفي هذه المرحلة وصل هذا الافتراق إلى
ذروته. الشعب العربي انحاز بشكل واضح وربما بشكل شبه مطلق ليس مطلق لا يوجد شيء مطلق وإنما بشكل كبير
بمعظمه انحاز إلى جانب المقاومة وتحدانا كمواقف رسمية تحدى صمت البعض منا وتحدى انحياز البعض منا وقرر
الوقوف في هذا الاتجاه، فأنا أدعو كل الرسميين كل مسؤول عربي لكي ينحاز لجانب شعبه ولكي ينحاز بالتالي لجانب
المقاومة لأن هذا الشعب هو أساس الاستقرار الذي نتحدث عنه ونبحث عنه خاصة في هذه الظروف وخاصة بعد الحرب
على العراق ومخططات التفتيت المطروحة في المنطقة والتجربة علمتنا أن القوى الدولية المهيمنة التي ربما يركن إليها
البعض هذه القوى تستخدم المسؤولين وتستخدم الحكومات لمصالحها الخاصة ضد مصالح تلك الحكومات وأحيانا لمصلحة
أعداء تلك الحكومات وتلقي بكل هؤلاء في أول هاوية بعد أن ينتهي استخدامهم ويكونوا قد خسروا الخارج بعد أن يكونوا قد
خسروا الداخل.
أيها الأخوة لقد أحاطت الحرب الأخيرة الكثير من الطروحات التي تجاوزت في بعض الأحيان حدود المقبول بل هي اقتربت
أو تطابقت مع حدود المحظور قوميًا وأخلاقيًا والذي قد يوحي ويشير إما إلى خلفيات مثيرة للشك أو إلى جهل كبير بحقائق
الأمور. فمن الخطأ أن نستسلم في تقييمنا لهذه الحرب إلى رؤى ضيقة الأفق تفصل هذه المواجهة عن السياق العام لتاريخ
الصراع العربي الإسرائيلي وعملية السلام وانتكاساتها وتتعامل معها بعيدًا عن تقدير مضامين المخططات الأمريكية
9
والغربية وما يحصل في العراق وفلسطين ولبنان خلال السنوات الأخيرة. كل ذلك يؤكد التخطيط المسبق للعدوان ويوضح
أن العدوان إسرائيلي في أدواته لكنه أمريكي تشاركه بعض الدول الغربية في قراره، أما أن يعتقد البعض أنه رد فعل على
خطف الجنديين فهذه سذاجة لا مثيل لها. أول هذه الطروحات وردت في بعض الكتابات والتصريحات كأن يقال بأن
المقاومة يجب أن تأخذ إذن من الحكومة، الحقيقة أن المقاومات تأخذ غطاء وشرعية من الحكومة والشعب لكن لا تأخذ إذن
من الحكومة ولو افترضنا بأنها ستقوم بهذا الشيء فالجواب سيكون بشكل واضح الظرف لا يسمح الآن والآن هذا
الموضوع يعني لن يكون هناك مقاومة لو أرادت أن تعتمد على الحكومات، طرح كلمة مغامرون، إذا كان المقاومون
مغامرون فهل نستطيع أن نقول أن يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش والخراط وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي
هؤلاء مغامرون هل سعد زغلول في مصر وسليمان الحلبي الذي قتل كليبر في مصر أيضا هو سوري وجول جمال الذي
فجر نفسه كان أول استشهادي في المنطقة العربية بإحدى السفن الإسرائيلية أيضا هو من سورية هل كل هؤلاء مغامرون
إذا كان الوضع كذلك فلنطلب من وزارات التربية في الوطن العربي أن تغير المناهج ولنطلب أن نغير كل هذه
المصطلحات. طبعا هذا الكلام غير مقبول.
طبعا نلاحظ دائما في الطرح بعض الطروحات الغربية العنصرية التي ما تزال موجودة تجاه العرب يقولون الرد
الإسرائيلي غير متكافئ يعني لو ردت إسرائيل بمقدار معين فعدوانها مقبول هم ليسوا ضد مبدأ العدوان هم ضد المقدار فلا
بد أن يأتي يوم ويضعوا لنا جداول يحددوا فيها ما هو المقبول بالنسبة لاسرائيل أن تحققه من دمار وقتل لكي لا تعتبر
متجاوزة لربما الجانب السياسي أو الحد الإنساني أو الأخلاقي أو المواثيق الدولية المختلفة أيضا طرح بأنه يحق لإسرائيل
أن تدافع عن نفسها كرد فعل نتيجة الاعتداء الذي قامت به المقاومة لو طبقنا وهنا نرى ازدواجية المعايير، لو طبقنا نفس
هذه الفكرة بمعادلة رياضية وطبقناها على الفلسطينيين لو أرادوا أن يقوموا برد فعل فكم يحق لهم أن يدمروا أن يقتلوا في
إسرائيل لو طبقناها من الناحية الفعلية لما بقي شيء في إسرائيل على كل الأحوال ما أظهرته الوقائع الاخيرة بالنسبة
للتحقيقات التي تمت مع شبكة العملاء التي ألقي القبض عليها مؤخرا في لبنان وربطت هذه المعطيات مع مواقف جماعة
١٧ أيار قبل العدوان وبعد العدوان تؤكد أن هذا المخطط كما قلت محضر مسبقا ونضعه في ثلاثة مسارات.
المسار الأول هو القرار ١٥٥٩ واغتيال الرئيس الحريري والضغوط على سوريا والمقاومة من أجل الإذعان، والمسار
الثاني هو فشل الاحتلال الأميركي في العراق والمسار الثالث هو دفن عملية السلام والانتقال إلى الخيار العسكري لإخضاع
العربي ومن ثم كنتيجة طبيعية إعفاء إسرائيل من التزاماتها تجاه العرب.
أمام هذا الواقع المأساوي نشأت المقاومات في الساحة العربية كحل وحيد لاستعادة الحقوق المسلوبة ، وبعد كل ذلك لابد أن
تستنتج إسرائيل شيئا ويبدو أنهم لا يحللون وضع المقاومة أو قوتها ويبدو أن الإنسان عندما يصبح قويا جدا لا يستطيع أن
يرى الواقع بشكل دقيق وعقلاني إسرائيل حاولت ومازالت تحاول خلال عقود أن تكون جزء من المنطقة عبر مخطط كان
يسمى في السابق الشرق الأوسط الكبير لا اعرف إذا نفسه الجديد مع بعض التعديلات يقضي بأن تكون إسرائيل هي القوة
المهيمنة في المنطقة العربية والعرب هم عبارة عن مال وعبيد يدورون في الفلك الإسرائيلي .
اعتمدوا على فكرة أساسية أن كل جيل من الأجيال العربية التي ستأتي سيكون أكثر قبولا لإسرائيل من الجيل الذي سبقه
وبالتالي أكثر إذعانا فإذا القضية هي قضية زمن والزمن لمصلحة إسرائيل ، لنرى على الواقع لو افترضنا أن الزمن الذي
يفصل بين جيلين من ١٥ إلى ٢٠ عاما فأنا اعتبر نفسي من الجيل الثالث الذي أتى بعد اغتصاب فلسطين ؟، كما أن هناك
جزء من الجيل الرابع في القاعة وهو شاب واكتمل وعيه السياسي فيجب أن تعرف إسرائيل أن كل جيل يكره إسرائيل أكثر
من الجيل الذي قبله .
10
والكره ليس كلمة جيدة ونحن لا نشجع العالم على الكره لكن الحقيقة أن إسرائيل لم تترك مكانا إلا للكره ونحن نقرأ عن
مجازر دير ياسين وغيرها والأشياء التي قامت بها إسرائيل ضد العرب ولكن جيلي أنا عاش مجازر صبرا وشاتيلا وقانا
الأولى والآن يعيش قانا الثانية فالجيل الرابع يذكر مجزرة قانا الأولى والثانية والأطفال اليوم يقولون لماذا هؤلاء الأطفال
يموتون هم يتكون وعيهم للحياة عبر مجزرة قانا الثانية فإذا يجب أن تعرف إسرائيل بأن الزمن ليس في مصلحتها بل في
العكس سيأتي جيل سيكون اشد تصميما على ضرب إسرائيل وسينقم لكل ما قامت به في الماضي وسيدفع الثمن أبناءكم
الإسرائيليين .
٨٢ والصدام مع المقاومة في -٧٣-٦٧- ٥٦- إذا أرادت إسرائيل أن تحلل عليهم أن يحللوا الحروب العربية الإسرائيلية ٤٨
٩٣ و ٩٦ والحرب الأخيرة هم إذا حللوها سيلاحظوا أن المقاتل العربي في هذه الحروب التي تمثل الأربعة أجيال ازداد
تصميما وهذه الحروب تعكس الواقع العربي تجاه إسرائيل ونحن نقول لهم لقد
تذوقتم الذل في المعارك الأخيرة في لبنان وبالتالي في المستقبل أسلحتكم لن تحميكم لا الطائرات ولا الصواريخ ولا حتى
القنابل الذرية والأجيال تتطور والأجيال المستقبلية في العالم ستجد طريقا لهزيمة إسرائيل بطريقة أشد وطأة من المعارك
الماضية .
فإذا على قياداتهم أن تتخلى عن حماقتها وغرورها وتعرف بأنها الآن أمام مفصل تاريخي فإما أن تذهب باتجاه السلام
وعودة الحقوق أو الذهاب باتجاه الاستقرار المستمر حتى يحسم في جيل من الأجيال .
أيها الإخوة لقد سطرت المقاومة الوطنية اللبنانية بدمها وتضحيات أبنائها ملحمة خالدة في حياة الأمة وحطمت أسطورة
الجيش الذي لا يقهر ودفنت تحت أقدامها سياسة الاستسلام والهوان وبرهنت أن قوة الإيمان بالأرض والوطن تهزم قوة
السلاح مهما كبر وتعظم وإنني أتقدم بتحية إكبار وتعظيم لرجال المقاومة وأقف إجلالا لشهدائها البررة واحيي الشعب
اللبناني الشقيق الذي كان بصموده الحاضن له ونقول لكل من يهتم سوريا بأنها تقف مع المقاومة وهذه تهمة قديمة وليست
جديدة نقول لكل من يتهم سوريا إذا كان الوقوف مع المقاومة تهمة وعار فهي بالنسبة للشعب السوري شرف وافتخار .
هذه المقاومة هي وسام يعلق على صدر كل مواطن عربي ليس فقط في سوريا مع ل قطرة عرق مع كل قطرة دم مع كل
صاروخ يدمر دبابة ومع كل جندي إسرائيلي يهزم في ارض لبنان فنحن نعتبر أن وساما يعلق على صدر كل مواطن
عربي .
أما أنت أيها الشعب العربي السوري فكلمة فخور اقل من أن تعبر عن عظمة وقوفك مع أخوتنا اللبنانيين فقد كنت كبيرا
فحين أرادك البعض صغيرا غارقا في الأحقاد والكبير يفاجئ الخصم بما لا يتوقعه ، وجهت صفعة لمن أرادوا خلق شرخ
بين سوريا ولبنان فكنت رائعا في استيعابك لحجم المؤامرة وقويا بردك عليها ، باختصار كنت قلب العروبة النابض بكل ما
تحمله هذه الكلمة من حرارة سترتفع عندما نحرر الجولان بأيدينا وعزيمتنا وتصميمنا .
إن قدر سوريا هو الاعتزاز بالعروبة والدفاع عنها وصونها لأنها الأساس الوحيد لمستقبل مشرق ومشرف نبنيه من اجل
أبنائنا ونغرس في قلوبنا وعقولنا أن لا مكان في هذا العالم لغير الأقوياء والقوة تبدأ بقوة العقل وقوة الإرادة وقوة الإيمان
وهي أساس المقاومة والطريق الوحيد للنصر أما انتظار الحلول لقضايا من قبل الآخرين والإيمان بقدرة المجتمع الدولي
بديلا عن الإيمان بقدراتنا وتسليم عقولنا للخوف وارادتنا للغير فهو نقيض الحكمة بل هو الجهل بعينه أكرر تحياتي لكم أيها
الإخوة الصحفيون وتمنياتي لمؤتمركم بالنجاح والسلام عليكم .

الاثنين، رجب ٢٠، ١٤٢٧

سماحة السيد ... في اطلالة النصر



في هذا اليوم العظيم والجليل، والذي يعود فيه أهلنا الشرفاء والاطهار الى قراهم وديارهم واحيائهم، أتوجه اليكم برسالتي هذه، وأود في هذه الرسالة أن أركز على بعض العناوين والمواضيع.
اولا: ما نحن اليوم فيه، لا اريد ان ادخل في تقييمه ولا في الحديث التفصيلي عنه، وانما استطيع ان اقول بكلمة مختصرة أننا امام نصر استراتيجي وتاريخي، وليس في هذا اي مبالغة للبنان كل لبنان، وللمقاومة وللامة كل الامة، ما معنى هذا المختصر، ما هي آفاقه، وما هي ادلته، وما هي وقائعه، هذا ما سأتركه للحديث في الأيام المقبلة لأن الحديث في هذا السياق يتوجه بالدرجة الاولى الى الشهداء، الى تضحيات الشهداء من شهداء المقاومة، من كل الأحزاب والقوى المقاومة الشريفة الى شهداء الجيش، وشهداء القوى الامنية وشهداء الدفاع المدني وشهداء وسائل الاعلام الى الرجال والنساء والاطفال المدنيين، الذين قتلوا وخصوصا شهداء المجازر، ابتداء من مروحين في الايام الاولى، انتهاء بيوم أمس في بريتال ومحلة صفير ومحلة الرويس ومجمع الامام الحسن عليه السلام، في الضاحية الجنوبية، لان الحديث في هذا السياق هو حديث عن المقاومين والتضحيات والثبات والصمود والناس والاهل والاحبة والاصدقاء والصبر والثقة والتحمل والاوفياء الذين وقفوا معنا في لبنان وفي خارجه طيلة هذه الحرب لا اعتقد انني مؤهل واستطيع ان اعبر عما يجول في عقلي ومشاعري، وان اشرح هذا الامر وانا اجلس على كرسي في قبالة الكاميرا، وانما المكان المناسب هو اللقاء القريب مع الناس، مع الاحبة، مع المجاهدين، والخطاب المباشر معهم. لذلك، ما يرتبط بهذا الموضوع سأتركه لتلك المناسبة القريبة، ان شاء الله، لنتحدث عن هذا كله عن الاسرى، عن معاناة بقية الارض المحتلة، عن غزة معاناة أهلها، عن فلسطين، عن التضحيات، عن المظلومية عن المسؤولية التاريخية عن المفصل التاريخي عن المرحلة المقبلة. الموضوع الثاني الذي اود ان اتحدث عنه، ما يرتبط بالنازحين وعودتهم الى ديارهم وما بعد هذه العودة بالتأكيد وبالدرجة الاولى يجب ان اتوجه بالتحية الى كل الذين صمدوا في ارض المواجهة. وفي الحقيقة، تحملوا ما لا يطاق لان حجم القصف من الجو والبر والبحر لا سابقة له في تاريخ لبنان،
وان حجم الدمار الذي الحقه العدو الاسرائيلي بالبيوتن اضافة الى البنية التحتية، ولكن البيوت يعني يلحق الاذى المباشر بالعائلات لا سابقة له في اي حرب اسرائيلية على لبنان، وهناك دمار وخراب كبيران خلفهما هذا العدو الذي عبر لنا عن حقده ووحشيته وعجزه فقط في الايام القليلة الماضية قام بتدمير آلاف المنازل في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع وفي مختلف المناطق اللبنانية ولكن كان هناك تركيز كبير جدا على مناطق الجنوب اللبناني وعلى الضاحية الجنوبية والهدف طبعا هو إيلام الناس ومعاقبتهم على موقفهم على شرفهم على شهامتهم على التزامهم على ايمانهم على انسانيتهم وعلى شموخهم. في كل الأحوال الشكر يجب أن نوجهه والتحية الى الذين صبروا في مرحلة النزوح والتهجير وعادوا اليوم الى مناطقهم والى أرضهم والى ديارهم حتى ولو كانت مهدمة. وأخص ايضا بالشكر كل السكان وأهالي المناطق وكل الطوائف وكل التيارات السياسية والدولة ومؤسسات الدولة وكل الهيئات الانسانية وكل من ساعد وساهم في احتضان أهلنا المهجرين والنازحين خلال فترة الحرب الصعبة. وأتوجه الى العائدين والى الصامدين والى الباحثين في مسألة ما هدم من بيوت أو لحق به الضرر من البيوت هنا صنفان ونوعان وأنا سأتحدث عن الوحدات السكنية والبيوت وما سواها من أمور ترتبط بالبنية التحتية بالأوضاع الاقتصادية بالأمور الأخرى التي لحق بها خرابا ودمارا. أؤجل الحديث عن هذا الأمر الى مرحلة لاحقة وأعتقد ان ما هو ملح الآن هو مسألة المنازل والبيوت لأنها المكان الذي يؤوي هذه العائلات الشريفة.
بالنسبة للبيوت التي لحق بها أذى أو ضرر ولكن ما زالت صالحة للاستخدام والسكن ابتداء من الغد صباحا، إن شاء الله الأخوة في البلدات، في القرى، وفي المدن أيضا هم سيبادرون ويتصلون ويجولون على أصحاب هذه المنازل لتقديم العون المباشر والسريع للبدء بترميم هذه المنازل والسكن فيها في أسرع وقت ممكن. بالنسبة للبيوت المهدمة وهي الموضوع الأصعب أود أن أؤكد أولا وأن أطمئن هذه العائلات الشريفة أن عليها ألا تقلق، يعني ما قلته في الأيام الأولى للحرب لم يكن هو كلام فقط لتصمدوا، اليوم هو يوم الوفاء في هذا الكلام وبهذا الوعد وأنتم إن شاء الله لن تحتاجوا لأن تطلبوا من أحد ولا أن تقفوا في أي صف أو أن تذهبوا الى أي مكان. إخواننا الذين هم إخوانكم وأبناؤكم في كل المناطق والبلدات والقرى سيكونون في خدمتكم وايضا ابتداء من غد صباحا وسنتعاون نحن وإياكم في هذه المسألة.
لا نستطيع أن ننتظر طبعا أمر الحكومة والمعدات المعتمدة لديها وما قد تستهلك وتحتاج لبعض الوقت. بكل الأحوال ما ستقوم به الحكومة ويمكن متابعته خلال الفترة القريبة المقبلة ولكن ما يمكن أن نتعاون به هو أن نعمل سويا على خطين وفي وقت واحد وابتداء من الغد. الخط الأول هو تأمين مبلغ مالي معقول لكل عائلة يساعدها على أن تستأجر منزلا لمدة سنة وتشتري أثاثا للمنزل، أثاثا لائقا ومناسبا لهذا المنزل لأن عملية إعادة بناء البيوت والمنازل والأبنية وبالتأكيد هي تحتاج الى شهور ومن الطبيعي في هذه المرحلة أن يستأجر الانسان منزلا ويشتري أثاثا لهذا المنزل وهذا ابتداء من غد. إن شاء الله وخلال أيام قليلة أستطيع القول انه سوف يتم تغطية كل هذه الحالات وإن كانت حالات كبيرة وخطيرة. حتى هذه اللحظة الاحصاء الأولي المتوفر لدينا في ما يتعلق بالبيوت المهدمة تهديما كاملا يتجاوز الخمس عشرة ألف وحدة سكنية وأنا أعرف ان هذا أمر كبير وخطير ولكن إن شاء الله نحن نملك إرادة هذا العمل وهذا الانجاز. والخط الثاني هو البدء برفع الأنقاض وأعمال البناء عسى ولعل أن نتمكن نحن وإياكم إن شاء الله وخلال شهور قليلة من بناء كل هذه المنازل التي هدمت، هنا المسألة أيضا هي مسألة إرادة. الارادة والايمان والصبر والتحمل والجدية والتخطيط والدقة والعمل الدؤوب الذي من خلاله استطعنا أن نواجه العدوان وأن نصمد وأن ننتصر بنفس هذه المعاني وبنفس هذه القيم والمشاعر نستطيع أن نخوض محنة وتجربة إعادة البناء وننتصر بها إن شاء الله. في هذا السياق أدعو جميع المهندسين ونحن هنا لا يكفي أن نوفر المال إنما هناك حاجة الى التضامن والتطوع والتعاون من المهندسين وتجار البناء وتجار مواد البناء وتجار الأثاث المنزلي، يعني لا يجوز أن يقدم أحد على رفع الأسعار نتيجة ازدياد الطلب، يجب ان يتصرف الكل بمسؤولية وبمسؤولية وطنية ايضا. نحن في حاجة الى الجهد المباشر، الى اليد العاملة امام هذا الحجم من اعمال البناء التي نحتاج اليها. قد لا تتوافر اليد العاملة الكافيه بسبب الظروف التي عاشتها البلد خلال الشهور الماضية، هنا جميعا يجب ان نتطوع ونعمل الى جانب اصحاب هذه المنازل في اعادة البناء. وهنا، ادعو الشباب اللبناني الى التطوع بالروح الوطني نفسها، التي شاهدناها خلال مرحلة المواجهة والاحتضان والاندفاع المدني والغيرة والحمية مع المودة والمحبة واللهفة على الناس، واوجه النداء بالتحديد الى شباب "حزب الله" الى اخواننا في كل المؤسسات والاطر والمجاهدين الى شباب التعبئة والطلاب والنقابيين والمهن الحرة، الى الجميع يجب ان ننزل الى الارض في معركة البناء وفي كل قرية وفي كل حي وفي كل مدينة، فلندع اعتباراتنا الشخصية جانبا وما يحتاجه هذا البناء حتى على مستوى العمل العادي البسيط يجب ان نساهم فيه، وان نكون حاضرين فيه، واعتقد ان الاعداد الكبيرة والالوف المؤلفة التي نعبر عنها لو اخذنا من كل اخ ومن كل شخص يوم او يومين او أيام عدة او ساعات عدة في كل يوم نستطيع ان نقدم جهدا كبيرا ونوفر امكانات مالية كبيرة. في كل الاحوال، هذا جهد عظيم وضخم، وايضا المتبرعون والمغتربون الذين اعتدنا على دعمهم في كل انحاء العالم، المجال مفتوح امامهم ايضا لهذه المساهمة والمشاركة لان استكمال النصر انما يكون باعادة البناء، وخصوصا بناء البيوت والمنازل، كما كانت وافضل مما كانت ليعود اليها هؤلاء الشرفاء الذين لولا صمودهم لما كان هذا النصر.
الموضوع الأخير في رسالتي هذه يرتبط بمسألة الجدل الذي بدأ قبل أيام حول سلاح المقاومة، وأنا بالتأكيد لا أريد أن أدخل في هذا الجدل وإنما أريد أن أقارب المسألة بطريقة مسؤولة وحريصة. أيها الأخوة والأخوات، أثناء القتال وعندما كان أحباؤكم وأعزاؤكم مجاهدو المقاومة يسطرون البطولات والملاحم ويصنعون المعجزات كان هناك نقاش في الغرف المغلقة والقنوات الخاصة حول صورة الوضع الذي يمكن أن يكون عليه الجنوب ومنطقة جنوب نهر الليطاني بالتحديد وحول مسألة المقاومة والجيش اللبناني هناك ومسألة الحدود وقوات الطوارىء الدولية، وفي حال حصول هذا الانتشار ما هو مكان المقاومة وموقعها وسلاحها وكيف ستتصرف المقاومة؟ وكانت هذه النقاشات مسؤولة وجادة وحريصة وكانت تدار هذه النقاشات في الحقيقة من خلال أخينا الأكبر الرئيس نبيه بري الذي يشكل بحق ضمانة وطنية كبرى، وأنا آمل من كل أولئك الذين فتحوا هذا الملف في الاعلام أن يصغوا اليه ويستمعوا الى صوته ويقفوا عند كلمته في معالجة هذا الأمر الحساس والخطير والمصيري. في كل الأحوال هذه النقاشات كانت قائمة قبل صدور القرار عن مجلس الأمن وبعد صدور القرار الى آخر جلسة للحكومة اللبنانية، طرح هذا الأمر وحصل نقاش ما حوله وفوجئنا أن بعض الوزراء في الحكومة قاموا بتسريب هذا الأمر أمر النقاش والاختلاف في وجهات النظر الى بعض محطات التلفزة المحلية والعربية وبدأ الجدال والنقاش يتسع ويتسع ويكبر، وما كان ينبغي أن يبقى نقاشه في الغرف المغلقة تحول الى نقاش علني وهذا طبعا برأيي ليس فيه مصلحة وطنية وليس مناسبا على الاطلاق. لكن في كل الأحوال أدعو مجددا الى إعادة هذا النقاش الى قنواته الطبيعية المسؤولة وهي معروفة. في كل الأحوال نحن فضلنا أن لا ندخل في هذا السجال لأننا نعتبر انه لا يخدم المصلحة الوطنية وإنما يخدم العدو, العدو الذي الآن بدأ بالداخل سجالات حادة في داخل المؤسسة العسكرية بين المستوى العسكري والمستوى السياسي وبين الحكومة والمعارضة بين اليمين واليسار في الصحافة في الشارع ويبدو ان البعض يريد أيضا أن يدخل لبنان في سجالات هي ليست لمصلحة لبنان.
أنا هنا بكل حرص ومحبة وهدوء ومسؤولية أريد أن ألفت بعض هؤلاء السادة والجهات السياسية الذين نقلوا النقاش الى المستوى الاعلامي والعلني وأود ان ألفتهم الى بعض الأمور حول خطئهم في هذا المجال. أولا هناك خطأ في التوقيت على المستوى النفسي والاخلاقي، يعني اليوم وخصوصا عندما بدأ النقاش يعني قبل وقف إطلاق النار أو ما سمي بالأعمال الحربية فتح هذا النقاش، لبنان كان يقصف، تدمر بناه التحتية، كل المناطق أصيبت كل اللبنانيين أصيبوا ولكن بالتحديد كان الحظ الأوفر هو لأهل الجنوب وأهل البقاع وأهل الضاحية الجنوبية، وهؤلاء يعبرون عن شريحة كبيرة جدا من اللبنانيين في الوقت الذي يعني هنا أريد أن ألفت الى التوقيت النفسي الخاطىء، في الوقت الذي كانت هذه الشريحة الكبيرة المؤمنة بالمقاومة كغيرهم من بقية اللبنانيين والمتمسكة بسلاح المقاومة والمعتزة بالمقاومة والتي تقدم تضحيات جسيمة في الوقت الذي كان ما يقارب المليون نازح عن بيته، في الوقت الذي كانت بيوت هؤلاء تدمر وقلت قبل قليل لقد تجاوز العدد التقريبي حتى الآن ما يزيد عن خمس عشرة ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي غالبية الشهداء المدنيين والمجازر هم من أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية في الوقت الذي شاهدتم فيه العائلات على شاشات التلفزة تنزح وغالبيتها من النساء، الأطفال والشيوخ، الذين بقوا في جبهات القتال هم الشباب الذين كانوا يقاتلون بشهامة وبشجاعة وبصمود ويصنعوا معجزة حقيقية ويقف العدو الاسرائيلي أمامهم حائرا خائرا ضعيفا جبانا مهزوما لا يستطيع أن يحقق شيئا من أهدافه، في هذه اللحظة النفسية العاطفية الصعبة والمصيرية يأتي بعض الأشخاص ويجلسون خلف مكاتبهم وتحت المكيف ويتحدثون بأعصاب هادئة وينظرون على الناس بسلاح المقاومة ويتكلمون بلغتهم الخشبية. هم دائما يقولون عنا اننا نتكلم بلغة خشبية، بينما هم الذين يتكلمون باللغة الخشبية، ولم أدخل الآن في مادة هذه اللغة الخشبية هذا أمر غير أخلاقي وغير صحيح وخطأ وغير مناسب بمعزل عن صحة الفكرة التي يتكلمون فيها او لا هل يتصورون ان هؤلاء الناس هذه الشرائح الكبيرة جدا من المجتمع اللبناني ومن يحتضنها ومن يؤمن بها ومن يدعمها اهؤلاء بلا مشاعر بلا عواطف هل يمكن ان يتصور ان هؤلاء كلهم يعني هم قادة سياسيون على درجة عالية من الوعي يتجردون من عواطفهم واحاسيسهم ومشاعرهم، ماذا يفعل هؤلاء ماذا يقول هؤلاء، هل هؤلاء الناس مجرد يعني احجار او مجرد عبيد عندما تكلم بعض النخب السياسية في لبنان عليها ان تسمع وان تصغي وان تطيع هذا خطأ هذا خطأ كبير، طبعا نحن بذلنا جهدا كبيرا حتى لا تكون هناك ردات فعل بأن ما حصل مسيئا، وانا ادعو الناس وجمهور المقاومة ومحبي المقاومة مؤيدي المقاومة الى تجاوز ما سمعوه وما يمكن ان يسمعوه لان التضامن في البلد ووحدة البلد هو اغلى ما يجب ان نحرص عليه، نحن صبرنا على القتل وعلى الهدم وعلى التدمير وعلى الجراح وعلى التهجير، يمكننا ان نتحمل بعض الاذى ممن يصدر عنه الاذى في هذا المجال وان كنت انا ادعو هؤلاء الى الكف عن هذا الاذى ادعوهم بكل حرص وبكل مسؤولية ومحبة ان يستوعبوا جيدا الوضع القائم،الوضع النفسي والوضع العاطفي وايضا الوضع المعنوي، يعني هم لا يتحدثون مع قوم صحيح دمرت بيوتهم وقتل اطفالهم ولكنهم خرجوا منتصرين في معركة كانت تهزم فيها جيوش عربية طويلة عريضة، نحن اليوم خرجنا من معركة مرفوعي الرأس وعدونا هو المهزوم وهو الذي سيشكل لجان تحقيق وهو وهو وهو.
اذا انتم هناك وتتحدثون مع اناس منتصرين ولكن يوجد تضحيات كبيرة في ثمن هذا النصر الذي حصل عليه لبنان والامة والجميع. هذا امر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار من جهة اخرى. ثانيا في المضمون، المستغرب انه ما كان يدور النقاش حوله هو وضعية السلاح والمقاومة في منطقة جنوب الليطاني الان لا يطلب احد حتى العدو هو الان لا يطالب لبنان ولا المجتمع الدولي يطالب لبنان بأن يسارع الى نزع سلاح المقاومة، هذه المسألة وضعت في اطار المعالجة البعيدة الامد والحل الدائم وما شاكل ولكن للاسف الشديد وجدنا بعض الاصوات التي جاءت لتقول اذا كان المطلوب ان يكون جنوب النهر منزوع السلاح اذا ما هي فائدة السلاح شمال النهر وما هي فائدة سلاح المقاومة في كل لبنان اذا فلنبادر من الآن ونناقش كل هذا السلاح ليس لنناقشه، هم يطالبون بإنهاء وحسم هذه المسألة، هذا الأمر يا أحباءنا ويا أعزاءنا لا يحسم بهذه الطريقة وبهذه العجلة وأنا أنصح بأن لا يلجأ أحد الى الاستفزاز والى التهويل أو الضغط للاعتبارات الانسانية والاعتبارات الأمنية، نحن نعرف أن من أهم الأهداف الحقيقية للحرب الاميركية الاسرائيلية التي قامت في لبنان مؤخرا من جملة أهدافها هو نزع هذا السلاح وإنهاؤه وعزله وأنا أدعوكم أيضا الى ان تقرأوا وتسمعوا ما قالته وزيرة خارجية العدو أن أقوى جيش في العالم لا يستطيع نزع سلاح حزب الله. ثم هذا الأمر لا يعالج لا بالاستفزاز ولا بالتهويل ولم يعالج لا بهدم المنازل ولا قتل الأطفال والنساء ولا بخوض أشرس معركة في تاريخ لبنان.
وفي هذه النقطة يجب أن نكون دقيقين، المطروح للنقاش هو الوضع في منطقة جنوب النهر ونحن كنا وما زلنا نناقش هذا الموضوع في الأطر المسؤولة والجادة ولذلك ايضا في المضمون أنتم ترتكبون خطأ أنتم تذهبون أبعد مما يطلبه الاميركي والاسرائيلي الآن من لبنان وهذا أمر مستغرب في الحقيقة. وثالثا في حيثيات المسألة يعني الذين جاؤوا اليوم ليقولوا نحن نطلب من حزب الله أن يسلم سلاحه للدولة، هؤلاء العظماء هل جاؤوا ومعهم أرض مزارع شبعا وسيتمكن أصحاب هذه الأراضي من العودة اليها، هل جاؤوا وهم يطلبون منا ذلك ومعهم الأسرى في الجنوب، هل جاؤوا ومعهم ضمانات حقيقية بحماية لبنان وان العدو الاسرائيلي الذي ما زال يهدد والآن قبل أن أدخل الى التسجيل كان اولمرت يهدد لبنان الذي ما زال في دائرة التهديد واحتمال الاعتداء عليه في أي وقت.
من الذي يدافع عن هذا البلد من الذي يلقن العدو درسا من الذي يجعل هذا العدو يدفع ثمنا باهظا. اليوم نعم نحن نستطيع أن ندعي بالاعتزاز أما أي قرار تريد أن تأخذه الحكومة الاسرائيلية في المستقبل ستأخذ بعين الاعتبار أن الحرب مع لبنان ليست نزهة وان الحرب مع كل لبنان مكلفة جدا في البشر وفي الحجر وفي الاقتصاد والكرامة وفي الصورة في الحيثية هذا الأمر الآن يدرس في كيان العدو في شكل دقيق والأيام المقبلة سوف تكشف الخسائر الحقيقية على أكثر من صعيد نتيجة هذه المواجهة القائمة،اذا ما هي البدائل التي جئتم بها. الجيش اللبناني نحن نؤيد انتشاره في الجنوب اللبناني لكن الجيش اللبناني في وضعه الحالي في إمكاناته وقدراته الحالية هل يستطيع أن يخوض حربا لو فرضت الحرب على لبنان قوات الطوارىء الدولي لو عززت بعشرة آلاف أو عشرين ألفا أو خمسين ألفا عندما تعتدي اسرائيل على لبنان سوف تقف قوات الطوارىء الدولية لتدافع عن لبنان وتحمي لبنان، هذا أمر غير مطروح إذ هناك مسألة ترتبط بمصير البلد بحماية البلد ولا يجوز أن نتعامل معها بهذه العجلة وبهذا التبسيط، هذه المسألة معقدة ونحن قلنا كلنا جاهزون للحوار وما زلنا جاهزين للحوار، الى طاولة الحوار تحدثنا طويلا ودائما الحجة الدائمة وأنا أعتقد هذا دخل باللغة الخشبية.
نحن موافقون على بسط سلطة الدولة ونحن أصلا في الدولة هل نحن خارج الدولة نحن في الحكومة ونحن في المجلس النيابي ونحن جزء أساسي من هذا البلد ونؤمن بالدولة لكن أي دولة، الدولة القوية القادرة العادلة المقاومة المطمئنة التي يشعر كل اللبنانيين انها تمثلهم وهذا ما أجمعنا عليه على طاولة الحوار هل الدولة القائمة الآن هي هذه الدولة القوية القادرة المقاومة العادلة المطمئنة لكل الشرائح والتيارات السياسية في لبنان هذا يحتاج الى تأمل على طاولة الحوار، دائما كان النقاش وأنا أصر على هذا المعنى، البعض يأتي ويقول ان سحب سلاح المقاومة شرط أساسي لبناء الدولة القوية القادرة وأنا أقول العكس ان بناء الدولة القوية والقادرة والمقاومة المطمئنة هو المقدمة الطبيعية لتأتي هذه الدولة الى الشعب اللبناني والى أهل الجنوب وتقول لهم يا أهلنا نحن دولة قوية مقتدرة ومقاومة نستطيع أن نحمي كرامتكم ودماءكم وأعراضكم وعزتكم وشرفكم ولستم بحاجة الى أن تكونوا في أطر شعبية اسمها مقاومة أو سلاح خاص اسمه او سلاح المقاومة.
ا لبداية تبدأ من بناء دولة قوية قادرة على حماية الناس وكرامة الوطن ولا تنتهي هنا هذه مغالطة كبيرة جدا في كل الأحوال أريد أن أختم بالقول فلنعد النقاش الى مكانه الطبيعي والاستمرار في سجال حول هذا الموضوع أنا أتصور أنه يفقد لبنان قوته الآن قوة لبنان في مقاومته ليس بالمعنى الخاص مقاومته العامة التي تشمل الصمود والتضامن وايضا الحضور المباشر في الميدان والمقاومة الخاصة المقاومة والوحدة الوطنية واذا حافظنا على عنصري القوة نستطيع أن نبني الدولة القوية القادرة بجيشها ومؤسساتها الأمنية ومؤسساتها السياسية والمدنية، وبالتالي تشكل الحل لكل المشكلات القائمة حاليا في البلد.
لا تضيعوا عنصر القوة الحالي في البلد، يعني لا تدخلوا في امور وفي سجالات تضيعوا المقاومة وتضيعوا الوحدة وان هذا لا يساعد على بناء الدولة القوية والقادرة التي نجمع جميعا على لانها الحل والمخرج الوحيد لمستقبل لبنان لنعيش جميعا في لبنان في ظل هذه الدولة التي تحمي الجميع وتحافظ على كرامة الجميع وتدافع عن الجميع وتطمئن الجميع اذا فلنعد هذا النقاش الى دوائره الطبيعية والى نقطة النقاش الحقيقية الان وبالتالي انا اقول من خلال المناقشة الجديدة من خلال الحكماء الموجودين لدينا في البلد احساسنا جميعا بالمسؤولية وبعيدا عن المناقشات الاعلامية والعلنية والمزايدات انا واثق اننا نستطيع ان نصل الى المعالجات المناسبة التي تحقق المصلحة الوطنية من جهاتها المختلفة. ختاما، ابارك للعائدين الى ديارهم عودتهم المنتصرة واطمئنكم واطمئنهم.انتم اهل هذه الارض انتم اصحابها انتم شرفها انتم كرامتها بكم تعمر الديار وتقوم الكرامة ويصنع التاريخ