الأفضل ان نبدأ وألا نتردد، فقد حان الوقت منذ مدة لطرح مشروع قانون للاحزاب السياسية للنقاش العام واستخلاص حصيلة هذا النقاش في بلورة قانون عصري يؤطر للاحزاب السياسية في سورية.
ففي اجتماعها الاخير اقرت اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي طرح المشروع في وسائل الاعلام المختلفة للنقاش العام، وكان احد القرارات البارزة المؤتمر القطري العاشر للحزب هو اصدار قانون للاحزاب السياسية، وقامت القيادة المركزية للجبهة الوطنية بمناقشة عدد من الصيغ تصلح قاعدة للحوار والنقاش والشعبي ومنطلقا لتبادل الافكار بين مختلف القوى الاجتماعية والمهنية والسياسية وقد تشكل اطارا عاما يتم استكماله واغناؤه بآراء الفعاليات الاقتصادية والثقافية والنخب الفكرية وجميع اطياف المجتمع.
ان احد اهم الاهداف للقانون المطروح هو تطوير صيغة التعددية السياسية في سورية، هذه الصيغة التي ظلت محصورة لمدة تزيد على الثلاثة عقود من الزمن في اطار الجبهة الوطنية التقدمية التي تنضوي تحت الميثاق المعروف للجبهة الذي تم الاتفاق عليه منذ بداية السبعينيات ولم تطرأ عليه اية تعديلات تذكر في الجوهر،رغم الاجتماعات العديدة والمؤتمرات السنوية التي عقدتها احزاب الجبهة من اجل تطوير العمل الجبهوي وتفعيله وظل الحراك السياسي في سورية دون المستوى المطلوب والفاعل.
وإذا كانت التوجهات السابقة قد ركزت على اولوية الاصلاح الاقتصادي مع اعطاء جرعات قليلة للاصلاح السياسي، فإن ما يظهر في الافق الوطني السوري الآن هو ضرورة المبادرة لخلق مناخ عام يشجع الحراك السياسي على قاعدة المشاركة الواسعة للحوار الوطني لرسم مستقبل سورية وتعزيزخياراتها السياسية والوطنية والقومية في التغيير الديمقراطي والتحولات الاقتصادية والعلمية والثقافية.
وتنبع هذه الضرورة من ان جميع الخيارات لايمكن ان تأخذ ابعادها دون تفعيل الحياة السياسية داخل البلاد بعيدا عن النمطية والركود والقوالب الموحدة الجامدة، فلايمكن ان نتصور تقدما حقيقيا في التوجهات الاقتصادية الجديدة دون منافسة وسباق جاد لتقديم الافضل والاحسن على خلفية اطلاق المبادرات الابداعية، كما لايمكن ان نتصور تطويرا ولاتطورا في الحياة الاجتماعية والثقافية وتسريع وتائر التنمية دون مشاركة وطنية تتسع للجميع وتقدم فرصا لجميع افراد المجتمع دون استثناء وهذا لايحصل بل يبقى قاصرا جدا اذا لم يتمتع بالحيوية السياسية التي تنهض بتكوينها بصورة اساسية في المجتمع الاحزاب السياسية المتعددة والمختلفة في الآراء والنظرات ولكنها تبقى مؤتلفة تحت السقف الوطني ولاتخرج عن دائرة الوحدة الوطنية للشعب والبلاد.
لقد اجتمعت الصيغ المطروحة للنقاش حول قانون جديد للاحزاب السياسية على امرين جوهريين، الاول ألا يرخص للاحزاب الدينية والثاني ألا يرخص للأحزاب العرقية وفق هذا القانون وماعدا ذلك مفتوح لكل انواع الحوار والنقاش من حذف واضافة وتعديل والغاء، وقد يكون هنالك من يعترض على هذين الاساسين، ولكن السوريين في غالبيتهم العظمى يرفضون التقوقع في اطار النظرة الدينية او المذهبية او الطائفية الضيقة ويستنكرون على انفسهم العيش في الدائرة العرقية او الاقليمية او العشائرية المحدودة، وتاريخهم المديد وثقافتهم وتراثهم وحتى تقاليدهم قد تجاوزت منذ زمن بعيد هذه المحددات التي تشدهم الى الوراء وتلغي اسباب تفاعلهم الحيوي
ومشاركتهم الرحبة في بناء وطنهم الذي كان ومازال يتسع للجميع في العمل والأمل والأخذ والعطاء.
وعندما يتم طرح مشروع قانون للأحزاب السياسية تمهيداً لإصداره وإصدار قانون جديد للانتخابات فهذا يعني ليس فقط تطويراً لصيغة التعددية السياسية في سورية بل تأكيداً على أن هذه الصيغة المعمول بها حالياً قد استنفذت ولم تعد كافية أو قادرة على تلبية متطلبات المرحلة الراهنة والمقبلة وما تحمله من تطورات متسارعة.
ولا نبالغ إذا قلنا إن طرح مسودة القانون الخاص بتأسيس الأحزاب السياسية للنقاش العام الشعبي والجماهيري فرصة نادرة لانضاج تجربة سورية خاصة في ممارسة حرية التعبير وحرية الرأي بكل ماتحمله هذه التجربة من اتساع الصدور للرأي والرأي الآخر واحترام آراء الجميع وأفكارهم والتقاط أكثر التوجهات التصاقاً بالواقع وقابلية للتحقيق وقرباً من مصالح المواطنين على مختلف مواقعهم. ولايفوتنا أن ننوه إلى إشارة طالما كانت تتكرر في كل ندوة أو ملتقى أننا في سورية بحاجة إلى تنمية ثقافة الحوار وتعزيز روح المشاركة في الرأي وتلاقح الأفكار المتناقضة والمختلفة وتكريس حق الاختلاف وقبول الرأي المخالف وهذا الأمر يتصل بحالة عامة سادت طويلاً وهي أن ثقافة «المونولوج» أي الواحدية في الرأي كانت طاغية على ماعدا ها ولقد حان الوقت أن نهجر هذه الثقافة ونعد العدة لأصوات حوارية قوية تضاهي حضور الأصوات التي تتزاحم في فضائيات اليوم، وعندما نقول فرصة نادرة فهذا يعني أن التقصير مرفوض في فتح أبواب الحوار والنقاش على مصاريعها أمام كل الآراء ومن كل الاتجاهات حول قانون الأحزاب كما يعني إتاحة كل وسائل الإعلام لخدمة هذا الهدف كبداية لاستحقاقات قادمة في فضاء وطني يتسع لأفكار الجميع ورؤى الجميع في تعزيز منعة سورية وكرامة ابنائها .
د . تركي صقر : تشرين 8/11/2005
ففي اجتماعها الاخير اقرت اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي طرح المشروع في وسائل الاعلام المختلفة للنقاش العام، وكان احد القرارات البارزة المؤتمر القطري العاشر للحزب هو اصدار قانون للاحزاب السياسية، وقامت القيادة المركزية للجبهة الوطنية بمناقشة عدد من الصيغ تصلح قاعدة للحوار والنقاش والشعبي ومنطلقا لتبادل الافكار بين مختلف القوى الاجتماعية والمهنية والسياسية وقد تشكل اطارا عاما يتم استكماله واغناؤه بآراء الفعاليات الاقتصادية والثقافية والنخب الفكرية وجميع اطياف المجتمع.
ان احد اهم الاهداف للقانون المطروح هو تطوير صيغة التعددية السياسية في سورية، هذه الصيغة التي ظلت محصورة لمدة تزيد على الثلاثة عقود من الزمن في اطار الجبهة الوطنية التقدمية التي تنضوي تحت الميثاق المعروف للجبهة الذي تم الاتفاق عليه منذ بداية السبعينيات ولم تطرأ عليه اية تعديلات تذكر في الجوهر،رغم الاجتماعات العديدة والمؤتمرات السنوية التي عقدتها احزاب الجبهة من اجل تطوير العمل الجبهوي وتفعيله وظل الحراك السياسي في سورية دون المستوى المطلوب والفاعل.
وإذا كانت التوجهات السابقة قد ركزت على اولوية الاصلاح الاقتصادي مع اعطاء جرعات قليلة للاصلاح السياسي، فإن ما يظهر في الافق الوطني السوري الآن هو ضرورة المبادرة لخلق مناخ عام يشجع الحراك السياسي على قاعدة المشاركة الواسعة للحوار الوطني لرسم مستقبل سورية وتعزيزخياراتها السياسية والوطنية والقومية في التغيير الديمقراطي والتحولات الاقتصادية والعلمية والثقافية.
وتنبع هذه الضرورة من ان جميع الخيارات لايمكن ان تأخذ ابعادها دون تفعيل الحياة السياسية داخل البلاد بعيدا عن النمطية والركود والقوالب الموحدة الجامدة، فلايمكن ان نتصور تقدما حقيقيا في التوجهات الاقتصادية الجديدة دون منافسة وسباق جاد لتقديم الافضل والاحسن على خلفية اطلاق المبادرات الابداعية، كما لايمكن ان نتصور تطويرا ولاتطورا في الحياة الاجتماعية والثقافية وتسريع وتائر التنمية دون مشاركة وطنية تتسع للجميع وتقدم فرصا لجميع افراد المجتمع دون استثناء وهذا لايحصل بل يبقى قاصرا جدا اذا لم يتمتع بالحيوية السياسية التي تنهض بتكوينها بصورة اساسية في المجتمع الاحزاب السياسية المتعددة والمختلفة في الآراء والنظرات ولكنها تبقى مؤتلفة تحت السقف الوطني ولاتخرج عن دائرة الوحدة الوطنية للشعب والبلاد.
لقد اجتمعت الصيغ المطروحة للنقاش حول قانون جديد للاحزاب السياسية على امرين جوهريين، الاول ألا يرخص للاحزاب الدينية والثاني ألا يرخص للأحزاب العرقية وفق هذا القانون وماعدا ذلك مفتوح لكل انواع الحوار والنقاش من حذف واضافة وتعديل والغاء، وقد يكون هنالك من يعترض على هذين الاساسين، ولكن السوريين في غالبيتهم العظمى يرفضون التقوقع في اطار النظرة الدينية او المذهبية او الطائفية الضيقة ويستنكرون على انفسهم العيش في الدائرة العرقية او الاقليمية او العشائرية المحدودة، وتاريخهم المديد وثقافتهم وتراثهم وحتى تقاليدهم قد تجاوزت منذ زمن بعيد هذه المحددات التي تشدهم الى الوراء وتلغي اسباب تفاعلهم الحيوي
ومشاركتهم الرحبة في بناء وطنهم الذي كان ومازال يتسع للجميع في العمل والأمل والأخذ والعطاء.
وعندما يتم طرح مشروع قانون للأحزاب السياسية تمهيداً لإصداره وإصدار قانون جديد للانتخابات فهذا يعني ليس فقط تطويراً لصيغة التعددية السياسية في سورية بل تأكيداً على أن هذه الصيغة المعمول بها حالياً قد استنفذت ولم تعد كافية أو قادرة على تلبية متطلبات المرحلة الراهنة والمقبلة وما تحمله من تطورات متسارعة.
ولا نبالغ إذا قلنا إن طرح مسودة القانون الخاص بتأسيس الأحزاب السياسية للنقاش العام الشعبي والجماهيري فرصة نادرة لانضاج تجربة سورية خاصة في ممارسة حرية التعبير وحرية الرأي بكل ماتحمله هذه التجربة من اتساع الصدور للرأي والرأي الآخر واحترام آراء الجميع وأفكارهم والتقاط أكثر التوجهات التصاقاً بالواقع وقابلية للتحقيق وقرباً من مصالح المواطنين على مختلف مواقعهم. ولايفوتنا أن ننوه إلى إشارة طالما كانت تتكرر في كل ندوة أو ملتقى أننا في سورية بحاجة إلى تنمية ثقافة الحوار وتعزيز روح المشاركة في الرأي وتلاقح الأفكار المتناقضة والمختلفة وتكريس حق الاختلاف وقبول الرأي المخالف وهذا الأمر يتصل بحالة عامة سادت طويلاً وهي أن ثقافة «المونولوج» أي الواحدية في الرأي كانت طاغية على ماعدا ها ولقد حان الوقت أن نهجر هذه الثقافة ونعد العدة لأصوات حوارية قوية تضاهي حضور الأصوات التي تتزاحم في فضائيات اليوم، وعندما نقول فرصة نادرة فهذا يعني أن التقصير مرفوض في فتح أبواب الحوار والنقاش على مصاريعها أمام كل الآراء ومن كل الاتجاهات حول قانون الأحزاب كما يعني إتاحة كل وسائل الإعلام لخدمة هذا الهدف كبداية لاستحقاقات قادمة في فضاء وطني يتسع لأفكار الجميع ورؤى الجميع في تعزيز منعة سورية وكرامة ابنائها .
د . تركي صقر : تشرين 8/11/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق