الاثنين، ديسمبر ٢٦، ٢٠٠٥

الله لبوش: اخرج من العراق..!

ربما علينا ألا ننتظر شيئاً لافتاً من مراهق سياسي مثل سعد الحريري..وأيضاً سيكون مضيعة للوقت ,وأذىً للسمع أن تعطي أذناً لرجل متقلب مثل جنبلاط!! فهؤلاء مثل كومبارس, عندما يقرر (المخرج) أن يصمتوا.. فلن نراهم إلاّ في برامج (الطرائف).‏

ما ننتظره الآن هوموسم اعترافات بالأخطاء.‏

فالله الذي قال لبوش اذهب الى العراق, وانشر الديمقراطية..لن يتأخر كثيراً ليقول له: بوش, هذا يكفي, لقد أخطأت كثيراً, وعليك أن تجلس على كرسي الاعتراف,وتقول:أسف أيها العراقيون,ثمة خطأ بسيط,فبدلاً من نشر الديمقراطية...نشرت البؤس وأشياء أخرى.‏

اعترافات بوش-القريبة- لها كثير ما يبررها:‏

فالأصوات الأميركية عادة ما تبدأ (بشيء) من الاعترافات بالمشكلة,ثم يصبح من الممكن انتظار الآخرين, الذين يشجعون أويدفعون باتجاه واحد, لنصل الى مرحلة الاعتراف الكلي بالخطأ.‏

والشيء الآخر,وربما هو الأهم, أن فترة تصحيح الأخطاء أصبحت ضرورة مع اقتراب الاحتكام الى الانتخابات الجزئية للكونغرس العام القادم.‏

ولعل النكسات التي منيت بها ادارة بوش في الفترة الأخيرة في (الكونغرس) ليست مجرد خسارات طفيفة في لعبة الديمقراطية, إنما هي مؤشرات ليس من الممكن تجاهلها,خاصة أن موسم الفضائح في الرئاسات الأمريكية أوشك أن يبدأ.‏

كل هذا مجرد دوائر تأتي من (مركز المعضلة) في العراق, هذه المعضلة التي تنكشف يوماً اثر يوم, رغم ما يغطيها من الحديث عن خطة النصر, التي ستكون بالدرجة الأولى خطة انسحاب, بدأت عملياً باعلان تقليص عدد القوات, وإن كان محدوداً.‏

إذاً..انتظروا الاعترافات.‏

وقتها سيكون بالامكان أن تعيد أمريكا لنفسها وجهاً آخر, ويصبح (الحلم الأمريكي) حلماً لتحسين أوضاع العالم, والعمل على انهاء الصراعات,وقيادة العالم بعقل ديمقراطي, يقبل الآخر ويحاوره, ويؤمن بخصوصيته.‏

عندها.. فإن الارهاب لن يحتاج الى كل هذه الأخطاء التي تّولد من الارهاب أكثر مما تلغيه.‏

ما نقوله عن انتظار الاعترافات الأمريكية من باب الأماني,وإن كنا نأمل ذلك فعلاً.,لكن توقعات مثل هذه إنما تعود أصلاً لمعطيات بدأنا نلمس آثارها.,وربما كان كولن باول الأسرع في الاعتراف,ثم جاء اعتراف بوش الخجول, ليفتح باباً أوسع لكثير من الخبراء الأمريكيين ليعلنوا أن لحظة مواجهة الواقع كما هو أمر لا مفر منه.‏

إنها ليست نبوءة.. فالنبوءات لم تعد في الشرق, بل أصبحت هناك خلف الأطلسي.‏

لكن الذي يحدث يتوافق مع طبيعة التاريخ, بل يتسق مع فكرة الديمقراطية, التي تسمح بالتصحيح الذاتي للأخطاء.‏

صحيح.. أن ثمن هذه الأخطاء هو دم بشر, ومصائر شعوب, لكن من قال إن التاريخ كان دوماً قصة رومانسية!.‏

ميزة سورية كانت على الدوام أنها تتعامل مع عمق الأشياء, وليس مع ظواهرها الخارجية.‏

ودوماً كانت النتيجة أن تخرج سورية البلد الذي يتمتع بالحكمة, وسيكون من السذاجة أن نعتقد أن القصة (انتهت)... لكن من الواضح أن حبكة القصة (فشلت).‏

هذا لن يدعونا (للاسترخاء) وسيكون من باب الوهم الاعتقاد أن الاعتراف بكل الأخطاء بحق سورية ستأتي دفعة واحدة.‏

فثمة مكابر,وآخر مثابر على العداء..لكن أصواتاً كثيرة بدأت تعي أن هذا الوطن يسير على الطريق الصحيح.‏

ذات مرة قال بوش شبه مازح :أنا لاأقرأ الكتب,أنا أقرأ الأشخاص.‏

يبدو أنه حتى في قراءة الأشخاص..ثمة قراءات خاطئة!.‏

الثورة .. بقلم : عبد الفتاح العوض

ليست هناك تعليقات: