هل صحيح أن زيادة الأجور والرواتب, تعطي الفرصة لتحسين الوضع المعاشي للموظفين والعاملين لدى الدولة فقط?!
أنا بصراحة أختلف مع السيد وزير المالية حول هذه النقطة.. وإن كنت أوافقه الرأي أنه ليس بزيادة الرواتب والأجور وحدها يتحسن الوضع المعاشي للمواطن.
وفي الارقام التي طرحها السيد الوزير أن عدد العاملين في الدولة مليون و325 ألف عامل يضاف لهم نحو (500) ألف متقاعد.. وهؤلاء بطبيعة الحال يتأثرون مباشرة بزيادة الأجور والرواتب, وإذا حسبنا العدد على أساس متوسط عدد أفراد الأسرة السورية سنكتشف ببساطة أن نحو نصف سكان سورية يتأثرون بزيادة الأجور وربما أكثر.
في كل الأحوال فإن زيادة الأجور والرواتب لاتقف في تأثيرها عند حدود المتأثرين مباشرة بها.. فهي نقط الارتكاز الاساسية في أي تفكير بتحسين الوضع المعاشي للناس- بل وفي رأيي- أنها نقطة ارتكاز أساسية في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في سورية.. وعندما قال أحد مشاريع الاصلاح الاقتصادي -الشهيدة على درب النضال الاصلاحي- أن الرواتب يجب أن تزيد بسبعة أمثال.. لم يكن هذا الكلام وارداً من السحب.. بل كان له معناه ومؤداه في دور سياسة الأجور بعملية الاصلاح بغض النظر عن النسب.
والمسألة تبدأ من كون انخفاض الأجور والرواتب لدى الموظفين هو العنوان الأساسي لتردي الوضع المعاشي.. طبعاً يأتي قبله مسألة البطالة.. فالعاطل عن العمل أفقر مهما كان راتب الموظف. وبالتالي فإن زيادات الأجور تدخل في إطار إصلاح الأجور وليس في إطار التحسين التجميلي.
وقبل أن أخرج من علاقة زيادة الأجور في تحسين الوضع المعاشي عبر دورها في الإصلاح الاقتصادي . لابد من الإشارة أن الأجور الجيدة الكافية لمواجهة متطلبات الحياة الحديثة, هي العامل الأول والأهم في مكافحة الفساد? ففساد صغار الموظفين ومتوسطيهم أيضاً وحتى يبدأ من عجز الأجور عن تأمين الحياة.. فماذا يفعل الخفير الجمركي مثلاً بأربعة أو خمسة آلاف ليرة.. أقل قليلاً أو أكثر قليلاً.. وهو يحرس منافذ حدودية لساعات طويلة يعبر منها مليارات الليرات?! أنا أفترضه مواطناً شريفاً نظيفاً , هكذا جاء إلى العمل.. لكن.. هل يتركه العمل بأجور منخفضة ,مواطناً شريفاً نظيفاً..وطبعاً أنا ضربت مثالاً بالخفير الجمركي.. فقط لأنه تابع للمالية والمثال عام وشامل لكل موظفي الدولة في كل المواقع.. وكلهم سيفسدون إما بمد اليد وبالتالي في هذه الحالة هم يفسدون ذاتياً ويسهلون الفساد لأنهم يسهلون القفز فوق القانون..وإما بإهمال أعمالهم لدى الدولة والبحث عن أعمال أخرى تساعدهم.. هذا عام وشامل بكل الدولة حتى المسؤولين الكبار.. هذا شريك هنا وهذا صاحب دكان هناك.. وثالث يتحدث عن مشاريع ينفذها أولاده..
وبالتالي لا أستطيع أن أتخيل اتجاهاً حقيقياً للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وضمن مكافحة الفساد, دون سياسة أجور أخرى مختلفة. تتضمن زيادات متتالية للوصول بها إلى مستوى يجعلها قادرة على تأمين حياة عامل أو موظف غير مضطر إلا لراتبه.
هذا من ناحية التأثير المباشر لزيادة أجور ورواتب العاملين أما من ناحية التأثير غير المباشر.. فيجب أن نلحظ ما يلي:
1- إن رواتب وأجور العاملين في الدولة تعتبر المرتكز المعياري الأول للأجور بشكل عام.. أي لأجور العاملين في القطاع الخاص.. ونادراً ما نجد القطاع الخاص يقدم أجوراً أقل من أجور الدولة.. هو على العكس يحفظ فارقاً بين ما يقدمه وبين ماتقدمه الدولة يضمن له اختيار الكوادر الأفضل.. وبالتالي فإن العاملين في القطاع الخاص يستفيدون بشكل غير مباشر من زيادة أجور العاملين في الدولة ويدفعون بالنص التشريعي المحدث للزيادة في وجه أرباب العمل لزيادة أجورهم.
2- إن معيار الحد الأدنى للأجور في سورية , يحدد عملياً من أجور العاملين لدى الدولة.. وهذا يمكن أن يكون نصاً ملزماً للجميع خاص وعام.. بحيث يرتفع الحد الأدنى في جميع المواقع مع زيادة الأجور.
3- إن زيادة أجور العاملين في الدولة-1,35 مليون عامل و500 ألف متقاعد- هي قوة شرائية هامة تطرح إلى السوق فتحرك فيه وتساعد بالقضاء على الكساد.. وهذا ملحوظ بالعين المجردة عند كل زيادة.. حيث ينشط السوق بعدها على الفور. وبالتالي يستفيد منها من يعملون لتغذية السوق إنتاجاً وتوزيعاً وتوضيباً وبيعاً ومحاسبة.
4- لامجال لإنكار أن السوق النشط بطاقة استهلاكية عالية , هو ضرورة عندما نقول: اقتصاد السوق. سميناه اجتماعياً أم غيره.
5- إن السوق النشط بقوة شرائية جيدة, عامل جاذب للاستثمارات نتيجة الشروط الأفضل لعملية التسويق.. أكثر من انخفاض الأجور كعامل مساهم في خفض التكلفة..
وهكذا نرى إن زيادة الرواتب والأجور هي المحدد الأساسي والرئيسي والأول لتحسين الوضع المعاشي للمواطن.. وهي بالتمام مايدور في ذهن المواطن كلما ذكرت عبارة تحسين الوضع المعاشي.. لقد صدف أنني تطرقت للموضوع مراراً خلال هذا الشهر.. وكان آخرها منذ أيام وبعنوان ( زيادة الأجور استثمار وليس نفقة إدارية فقط).
أما لماذا لم أحاور السيد الوزير في الموضوع خلال ندوته فلأنه كان يفترض أنني أدير الندوة-على الرغم من أن الثورة لم تشر لذلك- وكان يجب علي ألا أخضع الندوة لمداخلاتي..
الثورة
أنا بصراحة أختلف مع السيد وزير المالية حول هذه النقطة.. وإن كنت أوافقه الرأي أنه ليس بزيادة الرواتب والأجور وحدها يتحسن الوضع المعاشي للمواطن.
وفي الارقام التي طرحها السيد الوزير أن عدد العاملين في الدولة مليون و325 ألف عامل يضاف لهم نحو (500) ألف متقاعد.. وهؤلاء بطبيعة الحال يتأثرون مباشرة بزيادة الأجور والرواتب, وإذا حسبنا العدد على أساس متوسط عدد أفراد الأسرة السورية سنكتشف ببساطة أن نحو نصف سكان سورية يتأثرون بزيادة الأجور وربما أكثر.
في كل الأحوال فإن زيادة الأجور والرواتب لاتقف في تأثيرها عند حدود المتأثرين مباشرة بها.. فهي نقط الارتكاز الاساسية في أي تفكير بتحسين الوضع المعاشي للناس- بل وفي رأيي- أنها نقطة ارتكاز أساسية في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في سورية.. وعندما قال أحد مشاريع الاصلاح الاقتصادي -الشهيدة على درب النضال الاصلاحي- أن الرواتب يجب أن تزيد بسبعة أمثال.. لم يكن هذا الكلام وارداً من السحب.. بل كان له معناه ومؤداه في دور سياسة الأجور بعملية الاصلاح بغض النظر عن النسب.
والمسألة تبدأ من كون انخفاض الأجور والرواتب لدى الموظفين هو العنوان الأساسي لتردي الوضع المعاشي.. طبعاً يأتي قبله مسألة البطالة.. فالعاطل عن العمل أفقر مهما كان راتب الموظف. وبالتالي فإن زيادات الأجور تدخل في إطار إصلاح الأجور وليس في إطار التحسين التجميلي.
وقبل أن أخرج من علاقة زيادة الأجور في تحسين الوضع المعاشي عبر دورها في الإصلاح الاقتصادي . لابد من الإشارة أن الأجور الجيدة الكافية لمواجهة متطلبات الحياة الحديثة, هي العامل الأول والأهم في مكافحة الفساد? ففساد صغار الموظفين ومتوسطيهم أيضاً وحتى يبدأ من عجز الأجور عن تأمين الحياة.. فماذا يفعل الخفير الجمركي مثلاً بأربعة أو خمسة آلاف ليرة.. أقل قليلاً أو أكثر قليلاً.. وهو يحرس منافذ حدودية لساعات طويلة يعبر منها مليارات الليرات?! أنا أفترضه مواطناً شريفاً نظيفاً , هكذا جاء إلى العمل.. لكن.. هل يتركه العمل بأجور منخفضة ,مواطناً شريفاً نظيفاً..وطبعاً أنا ضربت مثالاً بالخفير الجمركي.. فقط لأنه تابع للمالية والمثال عام وشامل لكل موظفي الدولة في كل المواقع.. وكلهم سيفسدون إما بمد اليد وبالتالي في هذه الحالة هم يفسدون ذاتياً ويسهلون الفساد لأنهم يسهلون القفز فوق القانون..وإما بإهمال أعمالهم لدى الدولة والبحث عن أعمال أخرى تساعدهم.. هذا عام وشامل بكل الدولة حتى المسؤولين الكبار.. هذا شريك هنا وهذا صاحب دكان هناك.. وثالث يتحدث عن مشاريع ينفذها أولاده..
وبالتالي لا أستطيع أن أتخيل اتجاهاً حقيقياً للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وضمن مكافحة الفساد, دون سياسة أجور أخرى مختلفة. تتضمن زيادات متتالية للوصول بها إلى مستوى يجعلها قادرة على تأمين حياة عامل أو موظف غير مضطر إلا لراتبه.
هذا من ناحية التأثير المباشر لزيادة أجور ورواتب العاملين أما من ناحية التأثير غير المباشر.. فيجب أن نلحظ ما يلي:
1- إن رواتب وأجور العاملين في الدولة تعتبر المرتكز المعياري الأول للأجور بشكل عام.. أي لأجور العاملين في القطاع الخاص.. ونادراً ما نجد القطاع الخاص يقدم أجوراً أقل من أجور الدولة.. هو على العكس يحفظ فارقاً بين ما يقدمه وبين ماتقدمه الدولة يضمن له اختيار الكوادر الأفضل.. وبالتالي فإن العاملين في القطاع الخاص يستفيدون بشكل غير مباشر من زيادة أجور العاملين في الدولة ويدفعون بالنص التشريعي المحدث للزيادة في وجه أرباب العمل لزيادة أجورهم.
2- إن معيار الحد الأدنى للأجور في سورية , يحدد عملياً من أجور العاملين لدى الدولة.. وهذا يمكن أن يكون نصاً ملزماً للجميع خاص وعام.. بحيث يرتفع الحد الأدنى في جميع المواقع مع زيادة الأجور.
3- إن زيادة أجور العاملين في الدولة-1,35 مليون عامل و500 ألف متقاعد- هي قوة شرائية هامة تطرح إلى السوق فتحرك فيه وتساعد بالقضاء على الكساد.. وهذا ملحوظ بالعين المجردة عند كل زيادة.. حيث ينشط السوق بعدها على الفور. وبالتالي يستفيد منها من يعملون لتغذية السوق إنتاجاً وتوزيعاً وتوضيباً وبيعاً ومحاسبة.
4- لامجال لإنكار أن السوق النشط بطاقة استهلاكية عالية , هو ضرورة عندما نقول: اقتصاد السوق. سميناه اجتماعياً أم غيره.
5- إن السوق النشط بقوة شرائية جيدة, عامل جاذب للاستثمارات نتيجة الشروط الأفضل لعملية التسويق.. أكثر من انخفاض الأجور كعامل مساهم في خفض التكلفة..
وهكذا نرى إن زيادة الرواتب والأجور هي المحدد الأساسي والرئيسي والأول لتحسين الوضع المعاشي للمواطن.. وهي بالتمام مايدور في ذهن المواطن كلما ذكرت عبارة تحسين الوضع المعاشي.. لقد صدف أنني تطرقت للموضوع مراراً خلال هذا الشهر.. وكان آخرها منذ أيام وبعنوان ( زيادة الأجور استثمار وليس نفقة إدارية فقط).
أما لماذا لم أحاور السيد الوزير في الموضوع خلال ندوته فلأنه كان يفترض أنني أدير الندوة-على الرغم من أن الثورة لم تشر لذلك- وكان يجب علي ألا أخضع الندوة لمداخلاتي..
الثورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق