عندما تصبح المؤسسات الحكومية مترهلة و قاصرة في تقديم مايطمح له "الموظف" في ظل قوانين إدارية"معترة" غير مواكبة للتطور الإداري ،تجعل الموظف يتحول إلى صفة لا لزوم لها ضمن تضاريس الهوية الإنتاجية الحقيقية، فنصبح بالالي أمام مجتمع"وظيفي"جديد مفرز بشكل إعتباطي ومنفصل عن محيطه ولكنه مؤثر فيه بشكل أو بأخر ،
وينسحب التقسيم الطبقي إلى داخل المؤسسات فينقسم الموظفين إلى طبقات "متسيبة"و "نفعية"و"متسلقة"وطبقة" لامن شاف ولامين دري "السائرة على مبدأ "الحيط الحيط وياربي السترة "وينطوي تحت لواء هذه الطبقة طوابير من البطالة المقنعة .
وضمن هذه المنظومة الجديدة بات وجود موظف نزيه يستدعي أن تشكر ربك سبعين ألف مرة ، وعندما تسمع بموظف "منتفع " تقرأ المعوذتين سبعين مليون مرة ، وعند تسمع بالتسيب الوظيفي تضرب كفاً بكف وتصرخ بأعلى صوتك حسبي الله ونعم الوكيل .
سمعت من وقت قريب إحدى السيدات تقول الحمد لله "إبني شهريته مئتي ألف ليرة" ، لن أقف عند المبلغ بل عند "حمد" السيدة "لله" على نعمه على إبنها "الشًغيل" ، والتي تدلل على أن ثقافة الفساد أصبحت نعمة يتباهى بها البعض وأصبح للفساد ابتكارات وأساليب منها الضخ من المنبع إلى أصغر "جيب" عبر سلسلة متراصة ومتينة لايمكن لأحد أن يفلت منها أو يسمع عنها إلا إذا تصارعت "مصارين البطن ".
و هؤلاء المتسلقين لا يقفون عند حدود بل إنهم يتباهون بفلسفتهم التي تحلل المال العام ولاتوفرطبعاً المال الخاص وتطرحه أمام سوق من آلاف العاملين العاطلين والعاجزين عن السير على خطاهم إما رفضاً بقناعة أو بعجز بسبب عدم إملاكهم مفاتيح "الهبش"السريع .
ومن التعابير المتداولة لتوصيف هؤلاء كأن يهمس المفتاح في إذن المسلوب "هادا لقمتو صغيرة" ، أو أن يوصف أخر "دير بالك هادا لقمتو كبيرة".
ومابين "اللقمة "الكبيرة والصغيرة يتوه "الطعم " ويأخذ حسبه ويرضى بما يخشاه الضمير لا حباً بل خوفاً من عرقلة أموره .
ومع أن هؤلاء باتوا يشعرون السامع بهم بالتقزز إلا أن هناك من يسعى ضمن هذه الثقافة الفاسدة أن يثبت أقدامه بأي طريقة للوصول إلى منصب ما ، وغالباً مايكون ذاك الطامح وديع وداعة الحمام ومشهر سيف القضاء على البيروقراطية ومحاربة المارقين ولكن ما إن يصل إلى الكرسي حتى تنقلب مفاهيمه ويدخل قسراً أو طوعاً في منظومة الدفاع عن الوجود المتمثلة في بقائه أطول فترة ممكنة على كرسيه ولو على حساب مبادئ كان قد نقضها قبل أن ينط على الكرسي ،
فيبدأ بتمسيح "الجوخ" والتزلف لإرضاء مخترعي القفزات السريعة أو بما يعرفوا "مهندسي التسلق السحري".
هذا يدعونا بألم إلى تحسس النقص الكبير في إعداد القيادات الإدارية المؤهلة تأهيلاً أكاديمياً عملياً لزجها في العمل بعيداً عن أية محسوبيات قائمة على ترشيحات عفا عنها الزمان والتي باتت تنعت بها الدول المتخلفة فقط ، و هنا إفترضت مسبقاً أننا سنسير بعون الله نحو تغيير سياسة التعيينات القائمة على أساليب إستقصائية يلعب فيها العامل الشخصي والمزاجي والمصلحي دوراً رئيساً .
هذا غيث من فيض عوارض المتسلقين في بلدنا والتي تبدأ بالزحف على "كواعو ورباعو"حتى تحين الفرصة للقفز على أول كرسي والتشبث به ولو كان الكرسي "نطاطة"..و.....و..و.!؟
شام برس - بقلم :خولة غازي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق