السبت، أكتوبر ٢٢، ٢٠٠٥

رسالة مفتوحة إلى أحزاب الوطن ، والمثقفين

( المشكلة ليست في المعارضة ، وليست مع النظام ، وليست مع الخارج الإستعماري ، فقط .
المشكلة فينا نحن ... انه وخلال مائة عام من العزلة الفكرية والمعرفية والثقافية ، والتحجر والتشبث بالصالح والطالح ، فإن العمل السياسي على مداه ، يعيد إنتاج نفسه ليس إلا ....
ومع ضرورة المسار على طريق العمل السياسي ، إلا أنه وحده لا يكفي ، لأننا سنبقى نراوح في مكاننا وفي زماننا السابقين .
العمل السياسي هو نتاج البيئة والمجتمع والفكر والمعرفة . والدعوة اليوم هي في ضرورة التوجه وإعطاء التوازن ، إن لم يكن التغليب ، " للعمل الإجتماعي " ) .
[ من رسالة لي ، إلى صديقة ]
كمواطن عربي سوري ، أتوجه لكم بهذه الرسالة / الأسئلة . وحقس عليكم كمواطن من هذا المجتمع ، أن أجد الإجابة مع باقي أفراد الشعب .
1- مدى حقيقة تمثيل المثقفين والأحزاب للشعب ؟ مع ضرورة التأكيد على حقيقة أن الحزبي يجب أن يكون مثقفآ ، والمثقف ليس بالضرورة أن يكون حزبيآ . ( المثقف ) وفي أهم تعاريفه ليس بباعه في المعرفة فقط . وإنما بكيفية إستخدام هذه المعرفة وهذا " الإسم " لخدمة أهداف ما . إن كان كاتب أو أديب أو فنان ، حتى برفضه جائزة ما ، أو تكريمآ ما ، إنطلاقآ من موقف ، هو مثقف بالتأكيد . ولا أدري كيف إشتققنا نحن العرب مفهوم " المثقف " من كلمة الثقافة .
إن ( المشروع السياسي معياره الجدوى ومقدار ما يفعله في الشعب ، ويشير إليه من حركة الجماهير ) – جمال الأتاسي - .
2- لماذا الفصل بين العمل الإجتماعي والعمل السياسي ؟ في حراك المثقفين والأحزاب ، والتعالي عن المجتمع البسيط ، للمحافظة على " سويتهم " التي ستتأثر بالنزول إلى قاع المجتمع ، ومحافظتهم بالبقاء في أبراج المقالات والخطب والتصريحات والإنتقادات والمطالبات ، فقط ؟ ..
3- ماذا قدم المثقفون للشعب على طريق النهوض الفكري والمعرفي ؟ الآن يمكن لمعظم الشباب أن يذكروا أكثر من مائة أغنية لمطربين ومطربات مع كلماتها ، بينما لايعرف معظمهم من أين ينبع نهر العاصي وأين يصب . ويذكر كثيرآ منهم أن عبد الناصر هو زميل لعرابي في ثورته " العرابية " ، بل لا يستطيعون تعداد محافظات القطر السوري ، وليس لهم في معظمهم آمال وتطلعات وأحلام على المستوى الإجتماعي والسياسي الذين لا يأبهون له ، بل أيضآ على مستوى شخصي كما يرغبون أن يكونونه .
4- إلى متى سيظل دور ( النخبة ) هو مطالبة وإستجداء السلطات على مدى المسار التاريخي بأمور ما ؟ بمعزل عن هموم الشعب ومطالباته ؟ فرغيف الخبز مع الأسف ، أصبح همآ لمعظم الجماهير ، وأكثر أهمية من الوحدة والقومية وتحرير فلسطين !! . وغير منطقي كلام من يقول : ان تلك " المطالبات الكبرى " ستحقق تلك " المطالب الأخرى " . لأنه يصبح من حقنا التساؤل مع كل الأهمية لتلك المطالبات الكبرى : وإذا لم تتحقق في مائة عام قادمة كما لم تتحقق في مائة عام سابقة ؟ هل ستبقى الأسرة الجائعة ، المريضة ، الجاهلة ، في إنتظار ؟ ..
5- إلى متى ستظل ( النخبة ) عاجزة عن التفاعل مع الشعب ، وأن تكون المعبرة عنه كنخبة موثوقة منه ، لا كنخبة مفروضة عليه ؟ إلى متى خاصة مع فشل تلك النخبة ومهما كانت الأسباب ، في خلق ذلك الرباط المتين بينها وبين المجتمع ، بل ولا تزال أصابع الإتهام بالفشل ، والإحباط ، وتحميل المسؤولية ، سيف مسلط من معظم المجتمع عليها؟ لماذا هذا الفصل ، بل لماذا فشلت النخبة مع عظم أفكارها ؟
( لأن الفكرة مهما عظمت تبقى بحاجة للشعب ، للناس ، كي تنتقل من عالم القوة إلى عالم الفعل ، من عالم الفكر إلى عالم الواقع ) – جمال الأتاسي - .
6- ماهو دور ( النخبة ) : مثقفون وأحزاب في عملية التنمية البشرية ، وبقاؤها في دور " النداهة " لتحفيز النظم للعب هذا الدور ، وإنتظارها ليقترب المجتمع منها بدلآ أن تقترب منه ؟ . ومع ضرورة تلازم دور " السلطة " مع دور " النخبة " في هذه العملية التنموية ، إلا أن تقصير السلطة في ذلك أو ضعف دورها ، ليس مبررآ للنخبة عن التخلي عن دورها هنا وبكل الأساليب الممكنة ، وبكل التصميم والإيمان المستمر والغير متوقف ، مهما كانت المعوقات .
إن ( الدرس الذي يمكن أن تعلمنا إياه التجربة ومسار التاريخ السياسي لقطرنا ولأمتنا العربية ، منذ خمسيت عامآ وحتى اليوم ، هو اننا لم نتقدم في أية مرحلة ، ولم نقم بأية خطوة ناجحة على طريق التحرر والتقدم والوحدة ، إلا عندما كان هناك نهوض شعبي وإرادة شعبية جماعية تتحرك وراء مطلب وتدفع نحو هدف ) – جمال الأتاسي - .
7- متى تقتنع الأحزاب والنخبة المثقفة بأن التقدم والتطور ، بأن التنمية بكل أشكالها ، بأن الديمقراطية لا تأتي لتسود مجتمع ما ، من أعلى . بل يجب أن تبدأ من الأسفل من الأسرة متصاعدة وحتى السلطة ضمن عملية تربوية واعية ؟ إن كسر إشارة مرور ، السير عكي الإتجاه المروري ، رمي القمامة من الشرفات ، فمع المرأة : أم ، زوجة ، أخت ، أبناء ، عدم الإلتزام بالدور والطابور في المراجعات وفي المشتريات ، الواسطة والرشوة ليمر باص مدرسة لأبنائي أمام منزلي حتى لو غير مساره وتعلم الجيل ذلك ، فرض فرع دراسي على أبنائي لا يريدونه ، والكثير الكثير . هو المراوحة في المكان ، والحفاظ على التخلف والجهل ، ومحاربة الديمقراطية . فكيف الأمر في المدارس والجامعات وأماكن العمل والمؤسسات ؟
( ليس من مجتمع أو من شعب جبل بالأصل على الديمقراطية . بل هي حركة نضج وتقدم في الوعي البشري وفي تشكل المجتمعات الإنسانية ) – جمال الأتاسي - .
8- لم لا تقتنع السلطة والمعارضة بأنهما وجهان لعملة واحدة ، مع تغير الشكل لا المضمون ، عندما يوضعا في مواجهة المجتمع ؟ . لم لا نسلم ونقر لنستطيع الإنطلاق على الدرب الصحيح الموصل ؟ . ان السلطة والمعارضة ومعظم المثقفين ، ورجالات الدولة ، هم ناتج البئة والمجتمع والتربية والسلوك والمعرفة . لم لا نجيب على سؤال : إن كانت السلطة ، أو المعارضة قد أتى أحدهما من سويسرا أو من المريخ ، لتكون واحدة أفضل من الأخرى ؟ . أليس الإنسان هو ناتج بيئته ومجتمعه وظروفه ؟ .
إذا أقررنا بذلك ... فلنبدأ جميعآ في بناء مجتمع وبيئة جديدين ، متحكمين قدر الإمكان في ظروفنا .
فائز البرازي

ليست هناك تعليقات: