الثلاثاء، رجب ٢١، ١٤٢٧

كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في افتتاح أعمال المؤتمر العام الرابع للصحفيين

أيتها الأخوات والأخوة أعضاء المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين أيها السيدات والسادة
يسعدني أن ألتقيكم في افتتاح أعمال مؤتمركم الرابع وأن أتوجه إليكم بالتحية والتقدير ومن خلالكم إلى الصحفيين العرب
الشرفاء الذين خاضوا بالأمس ويخوضون اليوم حربًا اعلامية وثقافية لاتقل شراسة وخطورة عن المعارك العسكرية التي
يخوضها إخوان لكم في ساحة الشرف والكرامة ومعركتكم هي معركة الأمة لصون عقلها وروحها والزود عن هويتها
وتراثها ضد ما تتعرض له من غزو منهجي يستبيح كرامتها ويمزق وحدتها ويشوه قضيتها ويضرب إرادة المقاومة فيها من
خلال الترويج لثقافة الانهزام والرضوخ والانقياد الأعمى في الاتجاهات التي يحدد سنتها العدو ومن يقف في خندقه ويسوق
لمشاريعه.
يسعدني أن ألتقي بكم في هذا الشرق الأوسط الجديد بالمعنى الذي نفهمه وبالشكل الذي نريده ولو لم يكتمل بعد جديد
بإنجازات المقاومة جديد بفرز القوى الواضح للعيان جديد بافتضاح ألعابيه ومؤامراته وبانكشاف أقنعته وزيف مصطلاحته
بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، هذا الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به سورية مرارًا وتكرارًَا على أنه الأمل الوحيد
للعرب لكي يكون لهم مكان على هذه الأرض بالمعنى السياسي وبالمعنى المادي ولا يخفى على أحد منكم أنه لم يكن من
السهل أبدًا أن نتمكن من إقناع الكثيرين برؤيتنا للمستقبل بل كان علينا انتظار هذا المستقبل لكي يصبح حاضرًا ويتحدث عن
نفسه. واليوم تتحدث الوقائع عن نفسها ليس كما تصورناها في الماضي فحسب، بل بشكل أكثر وضوحًا وتعبيرًا. نلتقي
اليوم وشرق أوسطهم المنشود المبني على الخنوع والمذلة وحرمان الشعوب من حقوقها وهويتها قد أصبح وهمًا. بل انقلب
إلى نهضة شعبية عارمة على مستوى الساحة العربية موسومة بالكرامة موسومة بالعروبة موسومة برفضها لكل ما قدم لها
من أعذار وحجج تبرر بقائنا أزلاء خانعين نقتل صامتين بنفس الطريقة التي كانت تقدم فيها الأضحية من أجل إرضاء
الآلهة واتقا ء لغضبها. ولكن تقديم الأضحية كانت يعتبر في تلك العصور كان يعتبر حكمة، فهل من المفترض أن نتبع هذه
الحكمة اليوم وهل من معنى للحكمة مفصولة عن الشجاعة والإقدام. لو أردنا أن نقتضي بغزو العراق هذا الغزو الذي
يذكرنا بالعصور الغابرة للبشرية ولو أردنا أن نقتضي بنتائج هذا الغزو، من تدمير وخراب للعراق يذكرنا بالعصور
الحجرية للبشرية فأنا أعتقد بأن هذه الحكمة ما زالت سارية المفعول والدليل أن بعض من حكماؤنا العرب ما زال يتبع هذه
الحكمة اليوم، فلكي تتواجد الحكمة لا بد من وجود الشجاعة معها لكي تعطي صاحبها الاستقرار الضروري لكي يكون
حكيمًا أما عندما يوجد الخوف فلا مكان سوى للحكمة الزائفة التي تدفع بصاحبها للهزيمة والمذلة تحت عنوان الحكمة، وفي
عالمنا العربي الراهن ربما يتحقق النصر لنا تحت عنوان مزيف آخر هو المغامرة أو التهور يعني إذا كانت الحكمة قد
اصبحت في قواميس البعض من العرب هي الهزيمة والذل؛ فبشكل بديهي في نفس هذه القواميس سنرى الانتصار يعادل
المغامرة والتهور.
2
ولكي لا نغرق في الكلام النظري لنسأل أنفسنا ماذا حقق لنا الانقياد اللا حكيم واللا عقلاني والمتهور خلف بعض حكماؤنا
الافتراضيين وعقلاؤنا الشكليين خلال عقود مضت. حقق الكثير لكن ضد مصالحنا، ولنأخذ عملية السلام تحديدًا كمثال
ولنتساءل إن كانت فشلت أم لا، نحن نتحدث بشكل مستمر مؤخرًا عن موت عملية السلام وقبل ذلك كنا نتحدث عن فشل
عملية السلام وكل هذا الكلام صحيح لا شك فيه، لكن الأكثر دقة من أن نقول بأن عملية السلام فشلت وهي فاشلة وميتة كما
يقال، الأكثر دقة هو أن نقول أن العرب هم الذين فشلوا في عملية السلام عندما لم يفهموا معنى الخيار الاستراتيجي في
السلام، يعني لم يفرقوا بين خيار السلام الاستراتيجي وخيار السلام الوحيد عندما يكون هناك خيار استراتيجي ما فلا يعني
أنه لا يوجد خيارات استراتيجية أخرى أو أنه لا يوجد خيارات تكتيكية ليس بالضرورة استراتيجية أخرى، نحن العرب
خلال مسيرة عملية السلام تبنينا الخيار السلام الوحيد وألغينا كل الخيارات الأخرى ومن ثم استبدلنا مضمون السلام الوحيد
بخيار السلام الرخيص أو المجاني وفي هذا يفترض أن نقدم كل شيء لاسرائيل وأن نأخذ القليل، وفي الواقع ومن خلال
الممارسة قدمنا الكثير وربما قدم البعض كل شيء ولكن حتى القليل لم نحصل عليه، بل لم نحصل على شيء على الإطلاق
ولذلك نرى اليوم بأن الفلسطينيين يدفعون ثمن ذلك الواقع في الماضي ولهذا السبب رفضت سورية من خلال رؤيتها في
ذلك الوقت أن تتنازل عن أي من حقوقها.
فعندما نقول اخترنا السلام كخيار استراتيجي، فهذا لا يعني أننا ألغينا الخيارات الأخرى، بل بالعكس فكلما ابتعد السلام عن
التحقيق كلما ظهرت أهمية وضرورة البحث عن طرق وحلول أخرى لاستعادة حقوقنا، وبالمقابل أكدنا في سورية على هذا
الخيار أي خيار السلام منذ بدء عملية السلام مع تمسكنا بخيار المقاومة طالما أن السلام لم يتحقق وخصوصًا أن الشريك
المفترض في السلام هو طرف لا يؤمن بهذه المقولة أص ً لا وقدم لنا الدليل تلو الدليل بما يؤكد ذلك بمعزل عن المجازر
العديدة في تاريخ إسرائيل تجاه العرب وغيرها من الأدلة الأخرى لكن هناك دليل واضح على لسان رئيس الوزراء
الإسرائيلي إسحاق شامير عند بدء عملية السلام عندما قال في عام ١٩٩١ سنجعل هذه العملية تستمر لعشر سنوات، يعني
لن يتحقق السلام، وفع ً لا صدق الآن بعد خمسة عشر عامًا لم يتحقق السلام، كانت إسرائيل تسوق قبل عملية السلام دائمًا في
العالم بأن إسرائيل تريد السلام وبأن العرب يريدون الحرب وكانت مفاجأة لهم أن العرب قبلوا الدخول في عملية السلام
فكانت رد الفعل هو هذا التصريح العنيد. ولكن الحكمة العربية السائدة كانت تقول بأنه علينا أن نغمض أعيننا لكي نحرج
إسرائيل أمام المجتمع الدولي الذي تم اختصاره ببضع دول موالية لإسرائيل مهملة ومهمشة كل ما تبقى من دول هذا العالم
والتي تقف في معظمها معنا وتدعم قضايانا والنتيجة أننا نحن الذين أصبحنا محرجين أمام شعبنا العربي وفقدنا احترامنا
ومصداقيتنا أمام أصدقاؤنا وخصومنا في آن واحد، هذه كانت المسؤولية العربية في فشل عملية السلام، ولكن ماذا عن
مسؤولية الآخرين طبعًا باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة في سلة واحدة. دول العالم بعد حرب تشرين التحريرية اهتمت
بالشرق الأوسط ركزت كل اهتمامها على منطقتنا وبدأ الحديث عن السلام، واستمر هذا الحديث عن السلام حتى وصلنا إلى
عملية السلام في مدريد. ومر هذا الموضوع في مراحل مختلفة، عندما اطمأنت معظم دول العالم المهتمة بأن عملية السلام
أقلعت من خلال المفاوضات سلمت العملية برمتها إلى الولايات المتحدة وبقيت الولايات المتحدة الراعي الوحيد لهذه العملية
والتي بدورها سلمتها لإسرائيل وبالتالي كان كل مقترح يأتي للعرب خلال تلك الفترة إما أن يكون مقترح إسرائيلي أو
مقترح صادق عليه الإسرائيليون. وعندما أدركت معظم دول العالم أن العرب أسقطوا خيار السلام الحقيقي واستبدلوه بخيار
سلام لاسترضاء إسرائيل والولايات المتحدة أداروا ظهرهم لعملية السلام ولنا واليوم فقط في هذه المعارك تذكروا عملية
السلام وتذكرونا. طبعًا نستبعد إسرائيل والولايات المتحدة من موضوع السلام لأن إسرائيل عدو وكما قلت لا تريد السلام
والسلام يفرض على إسرائيل إعادة الأراضي المحتلة لأصحابها وإعادة الحقوق بينما هي عدو بنية ولم يتغير على أساس
3
العدوان والتوسع. أما الولايات المتحدة فدائما نقول بأنها ضرورية لعملية السلام وأساسية من خلال موقعها كقوة عظمى
ومن خلال علاقاتها مع الأطراف المختلفة لكن ليس أي ولايات متحدة هذه الإدارة تتبنى مبدأ الحرب الاستباقية وهو حرب
مناقض تماما لمبدأ السلام وثبت بعد ست سنوات من مجيء هذه الإدارة بأنه لا يوجد سلام وبالتالي لا نتوقع سلامًا قريبا في
المدى المنظور وهنا نتساءل هل تذكرونا وتحركوا مؤخرًا بسبب القتل والدمار الذي سببه الإرهاب الإسرائيلي في لبنان بكل
تأكيد لا. فسنوات من القتل والتدمير ضد الفلسطينيين لن تجعلنا نسمع عن مبادرات وحلول ونشاط مكثف لمجلس الأمن كما
هو الحال اليوم. هل تحركوا خوفًا من الفوضى أو قلقًا على أمن المنطقة الذي يعنيهم مباشرة أمن المنطقة بكل تأكيد هو
سبب كاف لهم لكي يتحركوا لكن المنطقة على حافة التفجير والانفجار منذ عدة سنوات فلماذا لم يتحركوا حتى هذه المرحلة.
الحقيقة أنهم لا يتحركوا إلا عندما تتألم إسرائيل وإسرائيل لا تتألم إلا عندما نمتلك القوة، هذا يعني بالمحصلة النهائية أن
العالم لن يهتم بنا وبمصالحنا ومشاعرنا وحقوقنا إلا إذا كنا أقوياء. سوى ذلك فإنهم لا يفعلون شيئا إلا أن يدفعون بأقوالهم
باتجاه السلام ولكنهم يدفعون بأفعالهم باتجاه الحرب وهنا يتحملون مسؤولية ما يحصل أقصد الدول المهتمة بعملية السلام
والمعنية وبمعظمها دول أوروبية. وهنا نتساءل ما هو الدافع الذي يحرك البعض من مسؤولي تلك الدول لكي يرسل
الرسائل ويصدر البيانات بشأن شخص دخل إلى السجن عندما خالف القانون. ولاحقًا نفاجأ بأنهم يرسلون لنا رسائل بأن
شخص موجود في السجن وهو مصاب بوعكة صحية وهم قلقون جدًا على الوضع الصحي لهذا الانسان، ما هذا النبل ما
هذه الانسانية ما هذه العظمة الآن أين هؤلاء من المجازر التي حصلت في لبنان. كل هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ
والدمار لم نر منهم شيء لم نسمع أي تحرك، لم تصلنا أية رسالة ولا احتجاج إلا بعض البيانات الخجولة، أنا اقول إن هذا
أصاب مصداقيتهم بالصميم هذا يعني بأن هناك أهداف أخرى لهذه الرسالة نحن نعرفها ولكن أعتقد أن الأمور أصبحت
واضحة، أيضًا نسأل ذلك المسؤول الفرنسي المتقد حماسة بشكل دائم ومستمر، خاصة تجاه سورية، ونسأل هل سيطالب
بلجنة تحقيق دولية كي تحقق بمجزرة قانا ولن نتحدث عن بقية المجازر كما طالبوا بالتحقيق باغتيال الرئيس الحريري. أم
أن السبب والدافع كان هو أن المتهم الأول هو سورية وهذا دافع ومبرر، والآن المتهم هو إسرائيل وهذا مانع أم أن أطفال
قانا والآخرين هم من الفقراء الذين لا يستحقون نظرة من هذا المسؤول. نحن مقتنعون بأن الطريق الطبيعي لتحقيق السلام
هو المفاوضات ولكن عندما يفشل هذا الطريق أو لا يتوفر أص ً لا فالمقاومة بأشكالها المختلفة هي البديل من أجل استعادة
الحقوق والمقاومة ليست بالضرورة أن تكون فقط مقاومة مسلحة وإنما ثقافية وسياسية وممانعة بالأشكال المختلفة، فإذًا دعم
المقاومة هدفه السلام وليس الحرب، وذلك من خلال الردع لمنع العدوان وإن لم ينفع فمن خلال الحرب لتحرير الأرض
وبالتالي فالمقاومة ليست نقيض السلام ولا بدي ً لا عنه بل هي على الأقل في ظروفنا الحالية ضرورية من أجل تحقيقه وإلا
فالنتيجة ستكون خسارتنا معركة الحرب وخسارتنا معركة السلام، خاصة وأن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة قد انتقلا
نهائيًا إلى اعتماد الخيار العسكري المبني على مذهب الحرب الاستباقية. بينما بقينا نحن كعرب في مكاننا نتحاور ونتفاوض
مع أنفسنا مقتنعين بسلام موعود مع طرف وهمي يحضر نفسه يوميًا من أجل عدوانه القادم على المواطنين العرب، هذا
الموضوع موضوع المقاومة وضرورتها كان محل نقاش طويل وعبر سنوات وأكثر من عقد من الزمن مع المسوؤلين
الأجانب والعرب وفي المرحلة قبل تحرير القسم الأكبر من الأراضي اللبنانية في العام ٢٠٠٠ كنا نناقش هؤلاء المسؤولين
العرب والأجانب طبعًا لا نستغرب أن لا يفهم الأجنبي منطقنا ولكن في نقاش مع العرب وهو ما يهمنا كنا نقول لهم بأن هذه
المقاومة ستحرر لبنان، كانوا يقولون طبعًا البعض، بأنها لا تشكل أكثر من خرمشة قط وفي عام ٢٠٠٠ تحرر لبنان بفضل
المقاومة وثبت بأنهم كانوا على خطأ وبأننا كنا على حق. بعد العام ٢٠٠٠ تكرر هذا النقاش بما أننا نحن العرب نحب أن
نكرر تاريخ بتفاصيله من دون تطوير أحيانًا، تكرر نفس النقاش من خلال الضغوط على سورية في نفس الشأن. فكان
4
جوابنا بأن المقاومة هي قوة رادعة لأي عدوان إسرائيلي فكان أيضًا جوابهم الرفض لهذا المنطق الآن المعارك الأخيرة
تثبت نفس الشيء، كانوا على خطأ وكنا على حق، خطأ مربع بالرياضيات ولو أردنا أن نحسب نفس النقاشات السابقة
بالنسبة لمواضيع أخرى ابتداء من موضوع الإرهاب مرورًا بحرب العراق وإيران لوضعنا رقم كبير. ولقد أثبتت الأحداث
الأخيرة في لبنان صحة ذلك فالعدوان على لبنان ليس مرتبطًا بخطف العسكريين بشكل أساسي بل هو محضر قبل ذلك
بزمن بهدف استعادة التوازن للمخطط الإسرائيلي الذي أصيب بنكسات عديدة سواء بهزيمة الجيش الإسرائيلي أمام ضربات
المقاومة وانسحابه عام ٢٠٠٠ أو بفشل حلفاؤه في لبنان في القيام بالمهام التي كلفوا خلال الفترة القصيرة الماضية، أما
الأسر فكان بالنسبة لهم مجرد عذر أمام العالم للبدء بهذا العدوان ولكن النتيجة كانت عبارة عن مزيد من الفشل لإسرائيل
ولحلفائها ولأسيادهم والمزيد من الرسوخ للقوى الوطنية الملتفة حول المقاومة وتجذر فكر المقاومة في عقول وقلوب مئات
الملايين في المنطقة العربية والإسلامية.
الكل يعلم الآن بأن الخطة كانت محضرة وكتب الكثير عن أن هذه الخطة أي خطة الحرب كانت محضرة قبل ذلك بسنوات
ويقال في الإعلام الغربي والعربي بأن الإسرائيليون حضروا أنفسهم بشكل جيد لهذه المعارك. ويقال أيضا بأن المخطط
انتهى بشكل نهائي بشكل حزيران الماضي وكان منتظرًا أن يبدأ التنفيذ في الخريف المقبل، البعض يقول حفاظًا على الموسم
السياحي طبعا من غير الممكن أن تكون إسرائيل قلقة على الموسم السياحي ولكن ربما قلقة على مصالح عملائها في لبنان
في هذا المجال.
هذا يذكرنا بما قلته أنا في خطابي أمام جلس الشعب في ٥ آذار من العام الماضي ٢٠٠٥ عندما قلت بأن ما يحصل الآن
هو ١٧ أيار والكثير من الأجيال الحالية لا تذكر ما حصل في ١٧ أيار الحقيقي في العام ٨٣ عندما كان قبل غزو لبنان في
ال ٨٢ كان هناك قوى عميلة لإسرائيل تفشل في مخططاتها لضرب المقاومة الفلسطينية واللبنانية المشتركة في ذلك الوقت
فبدأت تحرض وتدعو إسرائيل لإنقاذها من خلال الحرب وفع ً لا تمت الحرب وكان الهدف منها ضرب المقاومة وإلحاق
لبنان بالركب الإسرائيلي وفشل ١٧ أيار، اليوم تتكرر نفس التداعيات مجموعات لبنانية تفشل في تحقيق مخططها لمصلحة
إسرائيل فتحرض لمجيء إسرائيل عسكريًا لإنقاذها من الورطة ولضرب المقاومة وبالتالي إلحاق لبنان بالركب الإسرائيلي
في ذلك الوقت كان هناك غطاء عربي وفي هذه المرة كان هناك غطاء عربي فأنا أؤكد على فكرة ١٧ أيار وكما قلت أنا
دائما أقول عن هذه المجموعات ١٧ أيار لا يهم ما هي التسميات التي يستخدمونها مرة يقولوا شباط ومرة آذار هذه على
طريقة عالم الأعمال في عالم الأعمال عندما يفشل المنتج يعيدوا طرحه بالسوق بعنوان آخر مع بعض التبديلات الشكلية
ونحن نؤكد أن المنتج هو منتج ١٧ أيار وهذا المنتج هو منتج إسرائيلي، طبعًا الآن ستسمعوا الكثير من الهجوم في شاشات
التلفزيون ولكي نقيم الخطاب إن كان مفيدًا أم لا كلما كان الهجوم شرس أكثر كلما كان الخطاب جيد. وطبعا سنضحك كثيرًا
لأن هناك الكثير من الكوميديا السياسية الآن في الطبقة السياسية اللبنانية. فإذا الآن نستطيع أن نقوم بعملية ربط بين القرار
٥٩ والقرارا ١٦٨٠ والقرار الأخير ١٧٠١ واغتيال الحريري والحرب الأخيرة ودور هذه القوى اللبنانية ودور بعض
القوى العربية أصبح الربط واضحًا تذكرون منذ سنتين أو أقل طبعًا كنا نقول بأن القرار ٥٩ لا علاقة له بالتمديد للرئيس
لحود كان من الصعب إقناع الناس، كان من الصعب تمامًا إقناع الناس، الآن نفس الشيء يتكرر لا علاقة للحرب بأسر
الجنديين والآن العالم يعترف بهذا الجانب، فإذًا لا شيء له علاقة بشيء، هناك مخطط محضر مسبقًا ومن لا يرى هذه
الحقيقة لديه مشكلة بالرؤية بعد كل هذه الأحداث والوضوح في الأمور الرؤيا بالألف الممدودة في العقل وليست في العين.
فإذًا هذه المقاومة ضرورية بمقدار ما هي طبيعية وشرعية وشرعيتها تأتي من كون الاعتداءات الإسرائيلية لم تتوقف منذ
العام ٢٠٠٠ من خلال الخرق شبه اليومي للطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية كما أن إسرائيل ما تزال تحتل جزء من
5
الأراضي اللبنانية بالإضافة إلى استمرار أسر مواطنينا لبنانيين في سجونها منذ زمن طويل، أما ضرورتها فلنتأمل فقط فيما
حققته المعارك الأخيرة من إنجازات مباشرة على الواقع كان أعظم ما في هذه المعارك أنها أتت ردًا قوميًا على الطروحات
الانهزامية التي تم الترويج لها في منطقتنا وخاصة بعد غزو العراق، وزادها عظمة رد فعل الشعب العربي بشكل عام.
والذي أتى جوابه عروبيًا خالصًا على الطروحات البغيضة المثيرة للفتنة التي سمعناها مؤخرًا وعلى من يقف خلفها، وكأنه
يقول لهؤلاء نحن عرب وهذه مقاومتنا ومن لا يقف معها ليس منا. هذا يعني أن الشعور القومي بخير وهو لن يتراجع كما
يدعي البعض بل هو في أوج اندفاعه متجاوزًا كل الأفكار الهدامة التي تحاول أطراف مشبوهة لا تخفى غايتها تسويقها بين
المواطنين العرب لقد اثبتت المعارك المجيدة التي خاضتها المقاومة بإيمان وكفاءة نادرة عددًا من الحقائق.
الحقيقة الأولى: أن القوى العسكرية مهما عظمت عندما لا تمتلك عقيدة وأخلاقًا ولا تستند إلى حقوق مشروعة ولا تبنى على
سياسة مبدئية تنتج الهزيمة.
الحقيقة الثانية: أن المقاومة التي تمتلك الإيمان والعزيمة والصمود وتحتضن رؤية ومبادئ وأهداف الشعب ويحتضنها
الشعب ويتبناها تنتج الانتصار وفي هذه الحالة لا يتعدى انتصار العدو المدجج بالسلاح كونه تدميرًا للحجارة وقت ً لا للمدنيين
وبما أن كل احتلال هو عمل غير أخلاقي فلا بد له بل يجب أن يفشل ويهزم وإسرائيل هي النموذج فالقوة العسكرية ليست
كل شيء والقوى التدميرية للسلاح ليست كل شيء وإسرائيل لا تمتلك سوى القوى التدميرية على المستوى العسكري
وبعض العناصر الأخرى على المستوى الدولي ولكنها بالمقابل تمتلك نقطة قوة كبيرة هي ضعف العرب المعنوي قبل
المادي وعندما نقرر والقرار بيدنا أن نتلافى هذه الثغرة فلا شك أن التوازن هو في مصلحتنا وهنا تكمن الحقيقة الثالثة: التي
تؤكد محدودية القوى الإسرائيلية رغم تفوقها وتحددها بقوة إيماننا وثباتنا وإرادة القتال لدينا وهذا الأمر يجب أن يعزز الثقة
في نفوسنا ويمحو كل أثر للهزيمة النفسية التي عززتها الدعاية المعادية والتي يرى أصحابها أن المعركة محسومة مسبقًا
لصالح إسرائيل أو أن الهزيمة قدر محتوم على العرب، كما يجب أن يدفع اسرائيل إلى التفكير في عواقب سياستها
الإرهابية تجاه العرب في المستقبل، هنا نستطيع أن نجري مقارنة ما بين حرب ٨٢ منذ ٢٤ عامًا والحرب الأخيرة في
لبنان منذ لبنان، في عام ٨٢ بدأت إسرائيل حربها أو دخولها إلى لبنان البري في ٦ حزيران وصلت إلى بعبدا المشرفة على
بيروت في ١٣ حزيران يعني في اليوم السابع كانت إسرائيل على مشارف بيروت ومن ثم تابعت عملية تطويق بيروت
واحتلالها، اليوم بعد خمسة أسابيع تقريبًا إسرائيل وتجاهد وتعاني لكي تحتل بضعة من الأمتار هنا وبضعة من الأمتار
هناك، وتحاول أن تصل لأقرب نقطة من الليطاني وهي ستة كيلومترات ولا تتمكن وأنا متأكد لو كان هناك نبع لليطاني
على الحدود الإسرائيلية على الحدود الفلسطينية اللبنانية أو كان هناك جدول لوضعوا قدمهم في الماء وقالوا لقد وصلنا إلى
الليطاني.
اصبحوا محل سخرية وفقدوا مصداقيتهم وبالأساس لا توجد لديهم هذه المصداقية، يقولون احتلينا موقع ثم يقولوا قصفنا
الموقع، المفروض بالعكس هذه بديهية أن نقصف بالأول ومن ثم نحتل. على كل الأحوال ما يهمنا ما هو الفرق بين الحرب
الأولى والثانية أو لماذا. حقيقة في عام ٨٢ كانت الفجوة التقنية بين إسرائيل وبين الطرف المقابل الفلسطيني اللبناني كانت
أقل من الفجوة اليوم، إسرائيل تضاعفت قوتها في هذه المراحل عدة مرات والفرق كبير بينها وبين المقاومة اليوم، لكن
الفرق هو إرادة القتال الحقيقة في العام ٨٢ كان هناك مقاتلين فلسطينيين ولبنانيين أشداء وقاتلوا فع ً لا ولكن هذا لا يكفي
إرادة القتال لدى بعض القيادات في ٨٢ لن تكن موجودة على الإطلاق أما الآن فهناك إرادة قتال موجودة لدى القاعدة ولدى
القمة وهناك احتضان شعبي ساعد هذه المقاومة على هذا النجاح، هذا فرق أساسي يجب أن نعرفه على الفرق بين الحربين.
6
من الجوانب الأخرى الإيجابية أيضا لهذه الحرب أنها عرضت الوضع العربي بشكل كامل طبعا لو سألنا أي مواطن عربي
قبل هذه الحرب عن الوضع العربي سيقول الوضع العربي سيء وهذا الكلام صحيح ولكن كان المواطن يرى الوضع مع
مساحيق تجميلية الآن يراه صافي من دون هذه المساحيق هذه الحرب منعت استخدام هذه المساحيق لأنها فرزت المواقف
بشكل كامل لم يكن هناك من إمكان لحلول وسط في مثل هذه الحرب، أسقطت أصحاب أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال
وأسقطت كل المواقف المتأخرة يعني من كان ينتظر ميزان القوى ليرى أين تميل الكفة وأين ترجح سقط وسقطت معه
مواقفه، فهذه من الميزات الهامة جدًا بكل ما سبق اعتبرت هذه المعركة بالنسبة لإسرائيل معركة حياة أو موت، لأنها تفقد
إسرائيل هيبتها وتأثيرها المعنوي علينا وبالتالي تفقد دورها التاريخي الذي أنشئت من أجله ووظيفتها بالنسبة للغرب، لذلك
بدأ العمل الحفيف من أجل التعويض عن هزيمتها العسكرية وفشلها في تحقيق أهدافها على الأرض بأي إنجاز سياسي دولي
يبرر بقاء إسرائيل ودورها أمام مواطنيها وقيادتها وحلفائها وكما هي العادة لم يجدوا سوى مجلس الأمن الذي حولته
الولايات المتحدة من مجلس لحفظ الأمن إلى مجلس لتقويضه من خلال قيامه بإصدار قرار يلبي مطالب إسرائيل وينقذها
من ورطتها على حساب لبنان مهيئًا المناخ للمزيد من الانقسام وعدم الاستقرار لو عدنا إلى قرارات مجلس الأمن التي
صدرت خلال العامين الماضيين القرار ٥٩ و ١٨٦٠ و ١٧٠١ والقرارات المتعلقة بدارفور على سبيل المثال وغيرها من
القرارات لفهمنا تماما إلى أين يتوجه مجلس الأمن بأدائه، طبعا باتجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول وخلق الاضطراب
البعض يقول مجلس الأمن عاجز هذا الكلام غير صحيح، مجلس الأمن كان عاجزًا عندما كان هناك توازن دولي أما الآن
فلو كان هذا المجلس عاجز لما اعتمدت عليه الولايات المتحدة لإلحاق الأذى والضرر في أماكن مختلفة من هذا العالم.
الحقيقة أن بقية العالم او معظم العالم هو الذي أصبح عاجزًا أمام مجلس الأمن نقول مجتمع دولي المجتمع الدولي عبارة عن
مجموعة دول جزء منها موجود في مجلس الأمن وجزء منها حلفاء لها من خارج مجلس الأمن. يحاربوننا من خلال
قرارات مجلس الأمن أو بدونها يعني بكل الأحوال سيحاربوننا ولكن قرارات مجلس الأمن تعطيهم هامش حركة أكثر
وسهولة في هذه الحرب، ضعفنا يتجلى في أننا عندما نتحدث عن مجلس الأمن يقولون البعض طبعًا ليس فقط في العالم
العربي وربما في أماكن أخرى من العالم يقولون قرار مجلس الأمن أو هكذا يريد مجلس الأمن، وكأن مجلس الأمن هو
مجلس ذو سلطة إلهية وكأن قرارات مجلس الأمن هو كلام منزل وهذا الكلام خطير، لذلك الحل يكون هو بأن القرار
الوطني دائما أعلى من أي قرار دولي حتى لو أدى هذا الموضوع للقتال وللحرب فلا خيار لنا وهذا ما قلناه من خلال
اتصالاتنا الأخيرة لكل من اتصل بنا واتصلنا به ولكل من التقينا به في هذه المرحلة خلال المعارك كنا نقول أي قرار
سيصدر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع أو أي فصل آخر لا يهم سيكون أمامه مصيرين إما عدم التنفيذ أو عدم
الاستقرار عندما يحاولوا تنفيذه بقوة وغصبًا عن دول المنطقة وتحديدًا هنا خارج الاجماع اللبناني، عندها يتغير الوضع
بالنسبة لمجلس الأمن، عندما تقرر كل الدول أن يكون القرار الوطني هو الأعلى لا خوف علينا من مجلس الأمن لأنه
يعكس توازن القوى ونحن قررنا أن نكون ضعفاء عندما نكون أو عندما نقرر أن نكون أقوياء سيتغير هذا التوازن بقرارات
وبدون قرارات، فإذا علينا أن لا نضيع الوقت ونتحدث في ظل هذا التوازن الدولي عن قرار جيد وقرار سيء وهنا نبتعد
عن التعابير الدبلوماسية التي تستخدمها وزارة الخارجية كما في البيان الأخير ونقول هناك قرار سيء وقرار أسوأ وقرار
أقل سوءًا طالما القرار يخص إسرائيل ويخص العرب وأمريكا هي الحكم والخصم فستكون التقييمات بهذا الشكل لكن هل
هذا يعني أن القرار الأخير لا يوجد فيه إيجابيات على الإطلاق فيه إيجابيات بالنسبة لنا أهم شيء هو أن تتوقف الحرب
ويتوقف تدمير لبنان ويتوقف قتل المدنيين الأبرياء كالأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم هذا هدف أساسي بالنسبة لكل العرب
للبنان وسورية وكل العرب وأعتقد الكثير من الدول والشعوب في العالم، لكن التجربة علمتنا أن الإيجابيات في الشكل
7
والسلبيات في المضمون هذه هي المشكلة الوحيدة في هذا القرار، هذا القرار حمل المسؤولية للمقاومة، أنا لا أريد أن أدخل
في تفاصيله، ولكن هذه النقطة من الأشياء الفاقعة والصارخة التي لا يمكن أن نقبلها، من يتحمل المسؤولية بشكل بديهي أن
لا أعطي موقف هنا هو إسرائيل بالنسبة لأي شخص حتى خارج المنطقة العربية والإسلامية إسرائيل هي من يتحمل
المسؤولية ولكن علينا أن نضيف عليها، من يتحمل المسؤولية هم من شجعوا إسرائيل على المجيء إلى لبنان ووقفوا معها
ودعموها جماعة ١٧ أيار يتحملون مسؤولية الدمار والمجازر والحرب من أولها إلى آخرها. لذلك أتى هذا القرار كرافعة
سياسية لهذه القوى، طبعًا هدفه إنقاذ إسرائيل سياسيًا مما لم تحققه مما خسرته عسكريًا ولكن أيضا أتى كرافعة سياسية دولية
لماذا دولية لأنه لم يعد هناك رافعة وطنية تستطيع أن تحمل هؤلاء فاضطروا لإيجاد رافعة دولية ستشكل هذه الرافعة
الدولية منصة لهم لكي يبدؤوا الهجوم على المقاومة وكلنا رأينا مباشرة قبل أن يجف الدم قبل أن يحصل أي شيء آخر قبل
أن يعود اللاجئين إلى ديارهم بدؤوا مباشرة بالحديث عن سحب نزع سلاح المقاومة، فإذًا من مهامهم المستقبلية الآن بعد
الحرب وبعد فشل الحرب هو إنقاذ الوضع الداخلي في إسرائيل وللحكومة الحالية إما من خلال إيجاد فتنة في لبنان وبالتالي
نقل المعارك باتجاه آخر من الداخل الإسرائيلي إلى الداخل اللبناني أو من خلال إمكانية تحقيق نزع سلاح المقاومة ولكن أنا
أبشرهم أنهم فشلوا والسقوط لا يبدو لنا بعيدًا.
أيضًا أظهر هذا القرار بأن كلمة العرب غير مسموعة أيضا أثبتت هذه المعارك أن كلمة العرب لا قيمة ولا وزن لها في
المحافل الدولية فهي من المرات النادرة التي نجمع كعرب ونتفق على شيء من ألفه إلى يائه وذهب الوفد العربي إلى
نيويورك ممث ً لا كل الدول العربية من دون استثناء وقوبل بالرفض وبالإهمال طبعًا ليس إهما ً لا للوفد وإنما إهما ً لا لمن يقف
خلفه وهو نحن كدول عربية، الحقيقة ما غير وضع القرار السابق المقترح إلى الوضع الحالي وهو أقل سوءًا هو الوضع
الميداني وصمود الشعب اللبناني وصمود المقاومة وليس الأداء السياسي العربي هذه نقطة هامة يجب أن نعرفها، الحقيقة في
كل هذه الأمور نصل لنتيجة بأن الاعتماد على الوضع الدولي إن لم نقم بالبحث عن عوامل القوة كعرب فلا قيمة لنا ولا
أداء سياسي ولا كل هذا الكلام هو عبارة عن كلام وهمي، وأنا أعتبر بأن المعركة الحقيقية ابتدأت الآن ليس بالمعركة
العسكرية الآن المعركة بعد كشف هذه المواقف والفرز الذي حصل بدأت المعركة الحقيقية وبكل تأكيد بدأت المعركة من
لبنان ونحن نرى وسمعنا كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أرسل لهم الجواب من يقرأ الرسائل يفهم
المضمون ونعتقد بأن ليس فقط في سورية نحن معهم وإنما كل الشعب العربي الآن موقفه منحاز
فإذا من الناحية العسكرية حسمت النتيجة لصالح المقاومة وإسرائيل هزمت منذ بداية العدوان وليس في نهايته بكل المقاييس
العسكرية ولكن الحرب تحمل معها الويلات ولبنان دفع ثمنًا كبيرًا ماديًا وبشريًا وعلينا أن نقف معه كعرب لبناء ما تهدم،
ولكن هل تذهب دماء الشهداء والأبرياء مجانًا علينا بالحد الأدنى أن نحول النصر العسكري إلى ربح سياسي أقله في عملية
السلام فالنتائج الأولية للمعارك على المستوى السياسي كانت عودة الحديث عن ضرورة إنجاز السلام وعودة الأراضي
والحقوق وتمت مشاورتنا كعرب في كل ذلك طبعًا بعد زمن طويل، وهذا يعني أن جزءًا من هذه القضية عاد لأيدينا
طبعًا جزء بسيط لكي لا نبالغ والفضل كله للمقاومة والوقوف معها الآن ودعمها هو ما سيمكننا من امتلاك الجزء الأكبر
من هذا الملف وبالتالي يجعل الدول المعنية والمهتمة تأخذ رأينا ومصالحنا بالاعتبار بمعنى آخر المقاومة والسلام هما
محور واحد لا محوران ومن يدعم جزءًا منه عليه أن يدعم الجزء الآخر، ومن يدعي الخبرة وامتلاك الرؤية في السلام
فليعرض علينا إنجازاته في مجال المقاومة عدا عن ذلك فالخبرة ناقصة لكي يؤخذ بها وبما أننا نعيش الآن ظرفًا استثنائيًا
ومفصليًا فلا مكان للمجاملات والمساومات والتسويات وعلينا أن نتحدث بصراحة نحن في سورية ولبنان وفلسطين ما يزال
لنا أراض لن تحرر هذا يعني أننا نحن المعنيون بالحرب والسلم ونحن نريد طبعًا بالمقام الأول ونحن نريد من أشقائنا
8
العرب أن يقفوا معنا ونرحب بكل من يريد أن يقف معنا ولكن من خلال رؤيتنا وتقديرنا لمصالحنا فنحن من عانى في
الحرب وفي مفاوضات السلام خلال العقود الماضية ومن لا يقتنع برؤيتنا فلا نطلب منه سوى إفساح الطريق لكي نقوم بما
يجب علينا القيام به ولا نطلب من أحد أن يحارب معنا ولا نيابة عنا ولكن.....بأنه كلما حصل اضطراب نسمع بأن مسؤول
يقول لماذا ورطونا لا أحد يورط أحد الحقيقة كل بلد مسؤولة عن نفسها. ولن يقولوا لنا هذا الكلام طبعًا ولكن قالوه للمقاومة
لكن كمبدأ عام لا أحد يورط أحد كل واحد مسؤول عن بلده كما قلت، لكن عليه بالحد الأدنى أن لا يتبنى رؤية العدو
لقضايانا وألا يكون دوره على حساب مصالحنا فكل من لم يختبر الحرب لا يحق له أن يضع نفسه معلمًا ومرشدًا في السلام
ومقاومة اليوم هي التي ستحدد الاتجاه السياسي للغد والموقف منها اليوم هو الذي سيحدد الأدوار التي ستلعب في الغد
بمعنى آخر زمن الاسترزاق السياسي والتطفل السياسي على القضايا انتهى خاصة بعد هذه المعارك وبهذا الظرف الجديد
انتهى، من يريد أن يلعب دور لأسبابه الداخلية على حساب قضايانا هذا الموضوع غير مقبول أو من يريد أن يلعب دور
من أجل أن يرضي الخارج أيضا على حساب قضايانا هذا الموضوع أيضا غير مقبول، لم نقرر في سورية أن نعرض
قضيتنا للبيع في السوق الدولية ولا في أي سوق ولا أعتقد أن الفلسطينيين بعد أوسلو وواي ريفر (وي بلانتيشن) وكل هذه
التسميات قرروا أن يبيعوا القضية ولا نرى هذا الشيء في لبنان دور المقاومة في المرحلة المقبلة سيكون أساسيًا على
مستوى الساحة العربية ولا أقصد الآن المقاومة اللبنانية أقصد المقاومة كفكر بعدما توسع بهذا الشكل الكبير خاصة مؤخرًا
لكن لنأخذ دورها في لبنان أولا دورها على سبيل المثال في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير قبل هذا الاجتماع في
بيروت بثلاثة أسابيع كنا مجتمعين في القاهرة وكانت الأجواء في هذا الاجتماع تشبه تماما الأجواء التي سبقت الغزو
الأمريكي للعراق انقسام شبه مطلق بين الدول العربية فجأة خلال ثلاثة أسابيع لم يتبدل الوزراء ولا الحكومات أصبحنا
متفقين على ماذا أو لماذا، السبب هو الإجماع اللبناني الجوهر في الإجماع اللبناني هو موقف المقاومة لو أرادت المقاومة
أن تقول لم أقبل بهذه النقاط أو نتحفظ على نقطة ما فلا قيمة لهذا الاجتماع لن يحصل ولو حصل وقالوا بعد الاجتماع
الأفكار مرفوضة فسقطت شرعية الاجتماع وسقط كل شيء فهذا دور على سبيل المثال نذكره لكن هناك دور أكبر سيكون
جزء من الوضع الداخلي للدول العربية كلنا كمسؤولون عرب نريد الاستقرار لبلداننا ولكن لا يمكن للاستقرار أن يتحقق أو
أن يستمر في ظل الافتراق المستمر بين المواقف الرسمية والمواقف الشعبية وفي هذه المرحلة وصل هذا الافتراق إلى
ذروته. الشعب العربي انحاز بشكل واضح وربما بشكل شبه مطلق ليس مطلق لا يوجد شيء مطلق وإنما بشكل كبير
بمعظمه انحاز إلى جانب المقاومة وتحدانا كمواقف رسمية تحدى صمت البعض منا وتحدى انحياز البعض منا وقرر
الوقوف في هذا الاتجاه، فأنا أدعو كل الرسميين كل مسؤول عربي لكي ينحاز لجانب شعبه ولكي ينحاز بالتالي لجانب
المقاومة لأن هذا الشعب هو أساس الاستقرار الذي نتحدث عنه ونبحث عنه خاصة في هذه الظروف وخاصة بعد الحرب
على العراق ومخططات التفتيت المطروحة في المنطقة والتجربة علمتنا أن القوى الدولية المهيمنة التي ربما يركن إليها
البعض هذه القوى تستخدم المسؤولين وتستخدم الحكومات لمصالحها الخاصة ضد مصالح تلك الحكومات وأحيانا لمصلحة
أعداء تلك الحكومات وتلقي بكل هؤلاء في أول هاوية بعد أن ينتهي استخدامهم ويكونوا قد خسروا الخارج بعد أن يكونوا قد
خسروا الداخل.
أيها الأخوة لقد أحاطت الحرب الأخيرة الكثير من الطروحات التي تجاوزت في بعض الأحيان حدود المقبول بل هي اقتربت
أو تطابقت مع حدود المحظور قوميًا وأخلاقيًا والذي قد يوحي ويشير إما إلى خلفيات مثيرة للشك أو إلى جهل كبير بحقائق
الأمور. فمن الخطأ أن نستسلم في تقييمنا لهذه الحرب إلى رؤى ضيقة الأفق تفصل هذه المواجهة عن السياق العام لتاريخ
الصراع العربي الإسرائيلي وعملية السلام وانتكاساتها وتتعامل معها بعيدًا عن تقدير مضامين المخططات الأمريكية
9
والغربية وما يحصل في العراق وفلسطين ولبنان خلال السنوات الأخيرة. كل ذلك يؤكد التخطيط المسبق للعدوان ويوضح
أن العدوان إسرائيلي في أدواته لكنه أمريكي تشاركه بعض الدول الغربية في قراره، أما أن يعتقد البعض أنه رد فعل على
خطف الجنديين فهذه سذاجة لا مثيل لها. أول هذه الطروحات وردت في بعض الكتابات والتصريحات كأن يقال بأن
المقاومة يجب أن تأخذ إذن من الحكومة، الحقيقة أن المقاومات تأخذ غطاء وشرعية من الحكومة والشعب لكن لا تأخذ إذن
من الحكومة ولو افترضنا بأنها ستقوم بهذا الشيء فالجواب سيكون بشكل واضح الظرف لا يسمح الآن والآن هذا
الموضوع يعني لن يكون هناك مقاومة لو أرادت أن تعتمد على الحكومات، طرح كلمة مغامرون، إذا كان المقاومون
مغامرون فهل نستطيع أن نقول أن يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش والخراط وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي
هؤلاء مغامرون هل سعد زغلول في مصر وسليمان الحلبي الذي قتل كليبر في مصر أيضا هو سوري وجول جمال الذي
فجر نفسه كان أول استشهادي في المنطقة العربية بإحدى السفن الإسرائيلية أيضا هو من سورية هل كل هؤلاء مغامرون
إذا كان الوضع كذلك فلنطلب من وزارات التربية في الوطن العربي أن تغير المناهج ولنطلب أن نغير كل هذه
المصطلحات. طبعا هذا الكلام غير مقبول.
طبعا نلاحظ دائما في الطرح بعض الطروحات الغربية العنصرية التي ما تزال موجودة تجاه العرب يقولون الرد
الإسرائيلي غير متكافئ يعني لو ردت إسرائيل بمقدار معين فعدوانها مقبول هم ليسوا ضد مبدأ العدوان هم ضد المقدار فلا
بد أن يأتي يوم ويضعوا لنا جداول يحددوا فيها ما هو المقبول بالنسبة لاسرائيل أن تحققه من دمار وقتل لكي لا تعتبر
متجاوزة لربما الجانب السياسي أو الحد الإنساني أو الأخلاقي أو المواثيق الدولية المختلفة أيضا طرح بأنه يحق لإسرائيل
أن تدافع عن نفسها كرد فعل نتيجة الاعتداء الذي قامت به المقاومة لو طبقنا وهنا نرى ازدواجية المعايير، لو طبقنا نفس
هذه الفكرة بمعادلة رياضية وطبقناها على الفلسطينيين لو أرادوا أن يقوموا برد فعل فكم يحق لهم أن يدمروا أن يقتلوا في
إسرائيل لو طبقناها من الناحية الفعلية لما بقي شيء في إسرائيل على كل الأحوال ما أظهرته الوقائع الاخيرة بالنسبة
للتحقيقات التي تمت مع شبكة العملاء التي ألقي القبض عليها مؤخرا في لبنان وربطت هذه المعطيات مع مواقف جماعة
١٧ أيار قبل العدوان وبعد العدوان تؤكد أن هذا المخطط كما قلت محضر مسبقا ونضعه في ثلاثة مسارات.
المسار الأول هو القرار ١٥٥٩ واغتيال الرئيس الحريري والضغوط على سوريا والمقاومة من أجل الإذعان، والمسار
الثاني هو فشل الاحتلال الأميركي في العراق والمسار الثالث هو دفن عملية السلام والانتقال إلى الخيار العسكري لإخضاع
العربي ومن ثم كنتيجة طبيعية إعفاء إسرائيل من التزاماتها تجاه العرب.
أمام هذا الواقع المأساوي نشأت المقاومات في الساحة العربية كحل وحيد لاستعادة الحقوق المسلوبة ، وبعد كل ذلك لابد أن
تستنتج إسرائيل شيئا ويبدو أنهم لا يحللون وضع المقاومة أو قوتها ويبدو أن الإنسان عندما يصبح قويا جدا لا يستطيع أن
يرى الواقع بشكل دقيق وعقلاني إسرائيل حاولت ومازالت تحاول خلال عقود أن تكون جزء من المنطقة عبر مخطط كان
يسمى في السابق الشرق الأوسط الكبير لا اعرف إذا نفسه الجديد مع بعض التعديلات يقضي بأن تكون إسرائيل هي القوة
المهيمنة في المنطقة العربية والعرب هم عبارة عن مال وعبيد يدورون في الفلك الإسرائيلي .
اعتمدوا على فكرة أساسية أن كل جيل من الأجيال العربية التي ستأتي سيكون أكثر قبولا لإسرائيل من الجيل الذي سبقه
وبالتالي أكثر إذعانا فإذا القضية هي قضية زمن والزمن لمصلحة إسرائيل ، لنرى على الواقع لو افترضنا أن الزمن الذي
يفصل بين جيلين من ١٥ إلى ٢٠ عاما فأنا اعتبر نفسي من الجيل الثالث الذي أتى بعد اغتصاب فلسطين ؟، كما أن هناك
جزء من الجيل الرابع في القاعة وهو شاب واكتمل وعيه السياسي فيجب أن تعرف إسرائيل أن كل جيل يكره إسرائيل أكثر
من الجيل الذي قبله .
10
والكره ليس كلمة جيدة ونحن لا نشجع العالم على الكره لكن الحقيقة أن إسرائيل لم تترك مكانا إلا للكره ونحن نقرأ عن
مجازر دير ياسين وغيرها والأشياء التي قامت بها إسرائيل ضد العرب ولكن جيلي أنا عاش مجازر صبرا وشاتيلا وقانا
الأولى والآن يعيش قانا الثانية فالجيل الرابع يذكر مجزرة قانا الأولى والثانية والأطفال اليوم يقولون لماذا هؤلاء الأطفال
يموتون هم يتكون وعيهم للحياة عبر مجزرة قانا الثانية فإذا يجب أن تعرف إسرائيل بأن الزمن ليس في مصلحتها بل في
العكس سيأتي جيل سيكون اشد تصميما على ضرب إسرائيل وسينقم لكل ما قامت به في الماضي وسيدفع الثمن أبناءكم
الإسرائيليين .
٨٢ والصدام مع المقاومة في -٧٣-٦٧- ٥٦- إذا أرادت إسرائيل أن تحلل عليهم أن يحللوا الحروب العربية الإسرائيلية ٤٨
٩٣ و ٩٦ والحرب الأخيرة هم إذا حللوها سيلاحظوا أن المقاتل العربي في هذه الحروب التي تمثل الأربعة أجيال ازداد
تصميما وهذه الحروب تعكس الواقع العربي تجاه إسرائيل ونحن نقول لهم لقد
تذوقتم الذل في المعارك الأخيرة في لبنان وبالتالي في المستقبل أسلحتكم لن تحميكم لا الطائرات ولا الصواريخ ولا حتى
القنابل الذرية والأجيال تتطور والأجيال المستقبلية في العالم ستجد طريقا لهزيمة إسرائيل بطريقة أشد وطأة من المعارك
الماضية .
فإذا على قياداتهم أن تتخلى عن حماقتها وغرورها وتعرف بأنها الآن أمام مفصل تاريخي فإما أن تذهب باتجاه السلام
وعودة الحقوق أو الذهاب باتجاه الاستقرار المستمر حتى يحسم في جيل من الأجيال .
أيها الإخوة لقد سطرت المقاومة الوطنية اللبنانية بدمها وتضحيات أبنائها ملحمة خالدة في حياة الأمة وحطمت أسطورة
الجيش الذي لا يقهر ودفنت تحت أقدامها سياسة الاستسلام والهوان وبرهنت أن قوة الإيمان بالأرض والوطن تهزم قوة
السلاح مهما كبر وتعظم وإنني أتقدم بتحية إكبار وتعظيم لرجال المقاومة وأقف إجلالا لشهدائها البررة واحيي الشعب
اللبناني الشقيق الذي كان بصموده الحاضن له ونقول لكل من يهتم سوريا بأنها تقف مع المقاومة وهذه تهمة قديمة وليست
جديدة نقول لكل من يتهم سوريا إذا كان الوقوف مع المقاومة تهمة وعار فهي بالنسبة للشعب السوري شرف وافتخار .
هذه المقاومة هي وسام يعلق على صدر كل مواطن عربي ليس فقط في سوريا مع ل قطرة عرق مع كل قطرة دم مع كل
صاروخ يدمر دبابة ومع كل جندي إسرائيلي يهزم في ارض لبنان فنحن نعتبر أن وساما يعلق على صدر كل مواطن
عربي .
أما أنت أيها الشعب العربي السوري فكلمة فخور اقل من أن تعبر عن عظمة وقوفك مع أخوتنا اللبنانيين فقد كنت كبيرا
فحين أرادك البعض صغيرا غارقا في الأحقاد والكبير يفاجئ الخصم بما لا يتوقعه ، وجهت صفعة لمن أرادوا خلق شرخ
بين سوريا ولبنان فكنت رائعا في استيعابك لحجم المؤامرة وقويا بردك عليها ، باختصار كنت قلب العروبة النابض بكل ما
تحمله هذه الكلمة من حرارة سترتفع عندما نحرر الجولان بأيدينا وعزيمتنا وتصميمنا .
إن قدر سوريا هو الاعتزاز بالعروبة والدفاع عنها وصونها لأنها الأساس الوحيد لمستقبل مشرق ومشرف نبنيه من اجل
أبنائنا ونغرس في قلوبنا وعقولنا أن لا مكان في هذا العالم لغير الأقوياء والقوة تبدأ بقوة العقل وقوة الإرادة وقوة الإيمان
وهي أساس المقاومة والطريق الوحيد للنصر أما انتظار الحلول لقضايا من قبل الآخرين والإيمان بقدرة المجتمع الدولي
بديلا عن الإيمان بقدراتنا وتسليم عقولنا للخوف وارادتنا للغير فهو نقيض الحكمة بل هو الجهل بعينه أكرر تحياتي لكم أيها
الإخوة الصحفيون وتمنياتي لمؤتمركم بالنجاح والسلام عليكم .

ليست هناك تعليقات: