الخميس، شعبان ٢٥، ١٤٢٦

المواطن السوري و الاصلاح ..بقلم : خولة غازي

وجع الناس لاحدود له ممزوج بين الاحباط والغضب والاستكانة والانتظار الذي طال ، هل من فرج قريب سؤال يتبادر الى الذهن آلاف المرات بل بات ينام معه ، سلوك الافراد والمسؤولين بات على مسافة واحدة من الوطن ، منذ مدة قريبة كنت استقل سيارة اجرة وتحدث السائق عن ازمة البنزين بكثير من الاستضافة وقال انه على مرأى من عينيه عبئت خمسة سيارات تحمل نمرة تركية اكثر من مئة وخمسين ليترا من البنزين مع العلم ان اكبر سيارة تتسع الى اقل من ذلك ، واضاف "اخ لو كنت على الحدود " صراحة توقعت انه سوف يقوم بإلقاء القبض على المهربين ، ولكن ظني كان في غير محله، اذ قال "كنت شاركت المهربين وصرت فوق الريح" قلت له بلا شعور "لعمى ماعاد حدا قلبو على هالبلد" ، فزادت عقيرة صوته وقال "شو خيتو وقفت عليي " .
احزنني هذا الشعور اذ يبدو ان الفساد بدأ ينخر كالسوس في المبادئ الاولية التي من المفترض انها امر واقع ، وتسائلت ماالذي يدفع المواطن الى التفكير بهذا الاسلوب اذ بات المال العام مستهدفا من الصغير قبل الكبير ، الشاطر "هو من يهبش الهبرة الكبيرة قبل غيره"، عمليا هناك اكثر من سبب حيث بات وللاسف من المسلمات ان الفساد "عام طام" ولايوجد من يحاسب والحساب يكون على محصورا على صغار المفسدين
نهاري السئ الحظ لم ينتهي بكلام السائق بل زاد عليه احدهم عندما قال لي ان مسؤولا في المرور بحلب وخلال لقائه مع اعضاء مجلس مدينة حلب رد على الاعتراضات التي طالت الباصات الغير مؤهلة لنقل "البشر" وان السيارات البيضاء "السرافيس" افضل منها بكثير ،(بان الباصات افضل بكثير لان المواطن عزيز علينا ولايضطر باستخدام الباص لان يحني ظهره بعكس "السرافيس" ، والتي يضطر فيها المواطن لان ينحني ) من المؤسف حقا ان نسمع هذه التعليلات الغير منطقية والمضحكة والتي يدلل من خلالها ان سياسة الاختباء وراء الاصبع باتت سائدة ومتداولة بدون اية احساس بالحياء، وكأن من يصدر مثل تلك التعليقات وان قيلت من باب المزاح ، لايعرف ان المواطن بات يفرق بين كونه من الرعية وكونه من المواطنين ، وان المواطنة تفترض الاحترام المتبادل ،وعلى كل مسؤول ان يضع نفسه مكان المواطن عند اصدار كل قرار"حكيم" ، كما ان للمواطن حق على المسؤول وان تغاضى عنها الان لاسباب لن ادخل فيها ، يجعل المواطن يدخل بدون سابق تخطيط في بوابة التهرب من الاحساس بالمسؤولية ،واعتقد ان بمجرد غياب الاحساس بهاستتركب اخطاء كثيرة اهمها التعامل مع المال العام باستهتار ،
ودخولنا في هذه المتاهة يعني اننا بدانا في مرحلة الخطر لن اقول ان على الدولة ان تنمي الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن ، لان المواطن بدأ يمل هذه الاسطوانة بل لان مؤسسات الدولة حقيقة لاتقدر لوحدها ان تعمل على هذا المحور لسبب بات واضحا وملموسا ومتداولا بين الجميع هو غياب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة مع غياب شبه تام غياب للمؤسسات الاهلية التيمن المفترض ان يكون لها دورها الفاعل والرديف وبالاخص ان المنظمات الشعبية الرسمية والتي اصبح ينظر المواطن لها على انها من البراويظ المعلقة ليس على الحائط بل في "السقيفة" لم تعد قادرة على التأثير بسبب تحول القائمين عليها الى موظفين ينتظرون اخر الشهر لقبض الرواتب مع بعض النشاطات الضعيفة التأثير ،
فالى الان لم يتم الاعداد بشكل سليم ومنطقي للتعامل مع المواطن وبكثير من الدراسة التفصيلية لشرائح المجتمع المختلفة والمتباينة فلكل فئة خطابها الخاص ، وهذا ليس بالامر الصعب فسوريا تملك الكثير من الموارد البشرية المؤهلة ولكنها مع الاسف مغيبة بسبب ضعف المردود المادي لدى مؤسسات الدولة لذا يهاجر الكثير منهم ،مع غياب فرص العمل وسوق البطالة المتنامي خير دليل على عدم التعامل بمسؤولية تجاههم على الرغم من التصريحات المتلاحقة من المسؤولين ان هناك فرص عمل "بالهبل"بانتظار طوابير الشباب العاطلين عن العمل ،
تستحق سوريا الافضل والعمل بيد واحدة على كل المستويات هو سبيلها لتحصينها من كل الضغوط الداخلية والخارجية ،
ومن المفترض ان تدخل حيز التنفيذ تصريحات المسؤولين مع الانفتاح بالحوار مع كافة شرائح المجتمع لاان تقتصر اجتماعاتهم على الطابع الرسمي بالانتقال من مدينة الى اخرى ، فمشاكل الداخل السوري يعرفها الصغير قبل الكبير والتطبيق العملي للاصلاحات الموعودة هي مايأملة المواطن السوري كما ان سياسة البطئ في الاصلاح " خوفا من الصدمة " التي يكررها المسؤولين، باتت لاتوافق منطق وتفكير السوري

المدير العام للمؤسسة العربية للإعلان أمام القضاء !!!!

مثل مناف الفلاح المدير العام للمؤسسة العربية للاعلان وستة من الموظفين في المؤسسة امام القضاء السوري وذلك لمواجهة التهم المنسوبة اليهم من قبل صحيفة الاقتصادية السورية المستقلة بتهمة التزوير والقدح والذم و طالبو الصحيفة بمبالغ مالية كبيرة نتيجة تزوير بيانات مالية حسبما ما زعمت الصحيفة.

وقالت مصادر مواكبة انه و رداً على سؤال : من الذي أمر بإعادة فتح حسابات الصحيفة بعد تسليمها براءات ذمة؟

اجاب المدير العام: تلقيت توجيهات مباشرة وشفهية من وزير الاعلام مهدي دخل الله ونفى التهم المنسوبة إليه وقال انه لم يفعل سوى تنفيذ الانظمة والقوانين

//شام برس.///

الأربعاء، شعبان ٢٤، ١٤٢٦

أضواء...على مذكرة الجبهة الوطنية التقدمية حول مكافحة الفساد

لنبدأ من حيث انتهت المذكرة حيث جاء فيها ما يلي: إن القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية تهيب بأحزابها وقواعدها أن تقوم بدورها في هذا المجال( مكافحة الفساد ) وأن تعمل على تفعيل وجودها بين جماهير الشعب لتكون المعبر الآمن عن تطلعاته وآماله في تحقيق اللحمة الداخلية,وتعزيز الوحدة الوطنية خلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجبهة الوطنية التقدمية..

فهمت مما جاء في هذه المذكرة كما فهم واستوعب الغالبية العظمى من قواعد الأحزاب التسعة المشكلة للجبهة بما فيها حزب البعث العربي الاشتراكي. إن تمت قراءتها من قبلهم أو أتيح لهم القراءة بأنه قد بلغ السيل الزبى من انتشار الفساد وتموطنه في القلب والمفاصل وكافة أطراف الجسد الحكومي بدءا من أصغر درجة وظيفية إلى ما شاء الفساد أن يصل ويصل.. وكم هي جديرة فعلاً هذه المذكرة بالقراءة والتمعن والتبصر, والتوقف عند الكثير من الإشارات والاقتراحات وان كانت قد ذكرت مراراً وتكراراً وخاصة في كلمات السيد رئيس الجمهورية وخطاب القسم وبعدها تم تناقلها في الصحافة. ومع هذا جاءت مذكرة الجبهة الوطنية التقدمية هامة وجادة كل الجدة والتي تعتبر الأولى من نوعها على مدى 33 عاما لما ورد فيها من تفصيلات عن انتشار الفساد واتساع قاعدته إبراز لحالة الفساد الذي زاد ورمه عن الحد الممكن استئصاله إلا بتضافر الجهود كافة حكومة وشعباً كباراً وصغاراً,مدنيين وعسكريين. وما اتفاق الأمناء العامين للأحزاب كافة على تشخيص هذا المرض العضال من خلال إصدار هذه المذكرة إلا دليلاً آخر على أن الحل هو فقط بأيدينا نحن حكومة وشعباً.

وهنا لست بصدد ذكر مسببات الفساد فالكل أصبح يعلم علم اليقين بأن شعار الرجل المناسب للمكان المناسب لم يطبق ولن يطبق مادامت هناك أيدي خفية مستعصية لا تريد الخير لهذا الوطن, وهذه الأيدي بأفعالها وتقويضها لمكونات المجتمع من أخلاق وقيم ونزاهة وشفافية , لأن مكافحة الفساد والفاسدين إنما يعني قطع هذه الأيادي الخفية ...هذه الأيادي لا يجوز وصفها إلا بالخيانة العظمى وعقوبتها البتر من الجذور. من خلال التشدد في العقوبات وأنه لا أحد فوق سقف القانون والنظام والمساءلة

نصل إلى جملة مفيدة جداً جاءت في مذكرة الجبهة ألا وهي تجفيف مستنقع الفساد.

و قد يكون مضى وقت طويل , دون أن نسمع أو نقرأ أو نرى خبرا يفيد بان مسؤولا ما سيقدم إلى المحاكمة بتهمة الكسب غير المشروع أو نهب المال العام أو بتهمة الفساد والتخمة المالية , فلم تظهر على مدى الأشهر القليلة الماضية أية تشكيلات للجان تعمل على محاربة الفساد , الأمر الذي بات محيراً بل مثيراً جدا , هل انتهي الفساد ؟ وهل رحل الفاسدين عن هذا الوطن؟ هل عادت الطهارة بقدرة قادر إلى بعض المسؤولين المعروفين للجميع بسرقاتهم وجرائمهم التي ارتكبوها بحق شعبهم عبر مناصبهم في أغلب مفاصل الدولة التي اثروا وسمسروا فيها بما فيه الكفاية لسنين طويلة ؟ فجأة يخطر سؤال وثيق الصلة مفاده....

أين أسطول المفتشين في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يبدو أنهم نائمون أو تائهون أو غائبون أو مغيّبون ؟ أو ربما فاتهم قطار العمر! كل شئ جائز في هذه الأيام ! هي أسئلة من باب الحيرة والقلق لااكثر ولا اقل .

الرئيس القائد الراحل حافظ الأسد طيب الله ثراه ، حينما وجّه بتشكيل لجنة الكسب غير المشروع ( وهي تعني فيما تعنيه لجنةً لمحاربة الفساد والفاسدين أينما وجدوا وأينما حلو) كان يسعى إلى تحقيق المصلحة العليا للمواطن السوري عبر محاربة الفساد الذي استشرى في الجسد الحكومي على مر الزمن , غير أن المتتبع لسير الأحداث المتعلقة بمحاربة الفساد لا يرى أي تقدم أو نتيجة ترضي أحدا من عبادا لله الصابرين الكادحين الفقراء المحرومين الذي يبحثون عن كسرة الخبز في ظل هذا الغلاء الفاحش والفاقة والاستغلال والجشع الحكومي والترهل الإداري الواضح وضوح الشمس في كبد السماء.

حينما بدأ كتاب المقالات التي فيها نفس محاربة الفساد والفاسدين والبعض منهم في الصحف الجبهوية كانت مقالاتهم تنم عن خجل أواستحياء ليس محاباة لا سمح الله ولكن من باب التروي عسى ولعل أن الله يهدي هؤلاء الفاسدين ويكفوا عن سرقة العباد أناء الليل وكل النهار وتماما بدأ التوقف البطيء لنقد الفساد والفاسدين مع الإعلان عن موعد المؤتمر القطري الذي عقد منتصف هذا العام !! ومع انتهاء أعمال المؤتمر بدأت تظهر على السطح السياسي والاقتصادي لقطرنا العزيز بوادر ايجابية قد تكون بطيئة ولكنها بالمجمل كخطوة أولى أكثر من جيدة جيدة نحو بداية تطهير البلد من الفساد والفاسدين.

وفي عودة إلى بعض الكتابات النقدية التي كانت تتناول الفساد والفاسدين والتي نشرت تباعاً في الصحف الرسمية الثلاث( البعث – تشرين – الثورة ) وأغلب الصحف الجبهوية لم يكن له أي قصد سوي فتح ملفات الحرامية والنصابين والفاسدين ولو بشكل مبطن أو ترميز لحالات استشرى البعض إلى درجة سميت بانتشار السرطان في الجسد في أغلب مواقع العمل الحكومي وتتبع خيوط المافيات الإدارية التي تنهب المال العام جهارا نهارا.

إلا أن الإحباط بدأ يضرب أطنابه في الساحة وبدأت الحيرة تخيم علي العقول المتوجهة لفتح ملف الفاسدين ومحاكمتهم . ولأن الأمر وصل إلى حد النهاية ولا رجوع عن الإصلاح مهما كلف ذلك جاءت إشارات قوية في مذكرة أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وأهمها:

1 - التصدي لظاهرة الفساد مهمة وطنية يجب أن يضطلع بها أبناء الوطن.

2 - تعزيز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بعيداً عن الانتماءات السياسية والحزبية وصولا إلى اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب.

تجفيف مستنقع الفساد يتطلب جملة من السياسات والإجراءات منها:

أ – تأمين مناخات الحرية والرقابة الشعبية الدائمة والمستمرة

ب – توفر الجرأة والصراحة والموضوعية

ج - ضرورة أن تضطلع وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي بدور مهم ليس في كشف مواطن الفساد فحسب, بل وفي فضح الفاسدين والمفسدين وتعريتهم,

د- التشهير بالفاسدين والمفسدين حتى يسقطوا اجتماعيا,

هـ – لا بد من تساوي الجميع أمام القانون في المساءلة والمحاسبة دون استثناء لصغير أو كبير مهما كانت حدود مسؤوليته وصفته .

إذا والحال هكذا وصل إلى ما وصل إليه....أرجو أن يتسع صدر الحكومة لما سأورده:

1- إذا كانت المشكلة هي الخوف من الاصطدام مع اللصوص من عتاة الفاسدين في السلطة وخارجها الذين امتصوا دم المواطن وقوته اليومي فيجب أن يرفض المسؤول بقاءه أفراد أو مجتمعين في السلطة التنفيذية وكان الأولى أن تكون حكومتنا مع القيادة السياسية لتجنيب البلد ويلات البطالة وتفاقم حالة الفقر الداخلي أقول كان من المفروض أن تكون الحكومة مع القيادة السياسية لا عليها.

2- انه إذا كانت تنقص الخبرة القانونية فعلى الحكومة الاستعانة بقضاة ومحامين ومستشارين قانونيين وإداريين ومحاسبيين لتتبع خيوط الفساد فهم وما شاء الله يملاؤن ساحات الوطن بكل أركانه وما على الحكومة إلا أن تشير بإصبعها حتى تمتلئ أروقة مبنى رئاسة مجلس الوزراء بهؤلاء


2- لا أعلم لماذا لم نتقدم قيد أنملة فيما ذكره السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم ،والذي أكّد عليه مراراً وتكراراً في اجتماعاته مع الحكومة والقيادة ،ألا وهو مسألة توصيف المناصب الحكومية في كافة الوزارات والقطاعات وما هي المؤهلات الذي يجب أن يتمتع بها الشخص لشغل هذا المنصب أو ذاك.هنا البداية الصحيحة، ومن هنا بدأت كل دول العالم التي أرادت أن تنجز عملية الإصلاحيين في الإدارة والاقتصاد.أمّا أن نترك الأمور بدون تحديد وبدون أية معايير تذكر ،عندها تبدو لي المسألة ليست أكثر من عملية توزيع لمغانم السلطة والمنصب،وليست أكثر من عملية تكريس للفساد الإداري والو ولاءات الشخصية فقط التي تسمح بتأمين غطاء واسع لعمليات الفساد والإفساد التي تنخر مجتمعنا وتفرمل عملية الإصلاح المنشودة فيه


4 لماذا لا تبادر الحكومة برفع مذكرة إلى القيادة السياسية بطلب تشكيل لجنة مستقلة وتكون علاقتها بالسيد رئيس الجمهورية مباشرة, مزودة بكفاءات علمية عالية ولها صلاحية مساءلة أيّ سياسيّ أو مسؤول حكومي وان تعلن على الملأ برنامج عمل اللجنة , وبالمقابل تعلن أسماء الفاسدين الكبار وليس رموز أسمائهم أسوة بالموظفين الصغار عندما تتسابق الصحف لنشر أسمائهم وماذا ارتكبت أياديهم الصغيرة أصلاً


5- إذا كانت الحكومة عاجزة عن ترجمة توجهات سيادة القائد الرئيس بشار الأسد في محاربة الفساد فنرجو التوضيح أين يتموقع هذا العجز ولماذا؟؟ وإذا ثبت أنه لا مجال للإصلاح في ظل إجراءات هذه الحكومة من بطء وتباطؤ أليس من الأفضل أن تبدأ هذه الحكومة سريعا برفع أيدي الاستسلام للأمر الواقع وإفساح المجال لنخب علمية واقتصادية جديدة بل وتبدأً بتسليم سياراتها إلى مرائب الوزارات أصولاً


6 - إن الشيء الذي يجب تكريسه في الإدارة لدينا هو أن الشخص الجيد مهنياً وأخلاقياً يمثل الجميع بغض النظر عن أصله وفصله، وبغض النظر عن طائفته وعشيرته ومذهبه أو منطقته. أو لأي اعتبار آخر كفيل بإنجاز عملية الإصلاح والتطوير التي أضحت مظلة يسعى الجميع للاختباء تحتها والاحتماء بها رغم أنه مرتكب للموبقات وفاسد حتى العظم

7- الإعلان بأن محاربة الفساد سوف يتم بأثر رجعي , لأننا نطالب بمحاكمة الفاسدين ولا نريد أن بل ولا نتمنى أن يعفو الله عما سلف. ولا بد من أن تتم مساءلة الفاسدين في المراحل السابقة ومحاسبتهم لاستخلاص المال العام من بين أيديهم لأنه وكما جاء بالمذكرة أن في معالجة الماضي ضرورة لضمان الحاضر كما أن معالجة الحاضر تؤسس لمستقبل أفضل للناس جميعاً .

شكري شيخاني

الثلاثاء، شعبان ٢٣، ١٤٢٦

لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

استيقظ ذات يوم و شعر في نفسه بطاقة إيجابية كبيرة و حسٍ عالٍ بالمسؤولية و علو الهمة فقرر أن ‏يفعل شيئاً إيجابياً في هذا العالم، قرر أن يلعب الدور الأهم في تغيير العالم نحو الأفضل.. انطلق.. ‏بحث ، نصح ، قرأ ، حاور ، حاول ، ابتسم ، تعب ، تشتت ، غضب..

يأس لم يتغير معه شيء ‏أو أحد، قال لنفسه ربما العالم كبير علي لأغير وطني .. انطلق ، بحث ، نصح.... يأس فلم يتغير معه ‏شيء أيضاً، فقال لنفسه ربما وطني كبير لأهتم ببلدتي فقط ..انطلق ، بحث ، .. لم يتغير شيء.

فقال ‏لأهتم بالحي الذي أقطنه فلا بد أن أستطيع .. انطلق.. بحث.... لم يتغير شيء، فقال لنفسه لا بد أن ‏أستطيع تغيير أسرتي فأنا أملك السلطة عليها ..نصح ، هدد ، حاور ، ضغط ، هادن ، ساوم ، ... لم ‏يستجب أحد و لم يتغير أحد ، فقال لنفسه لماذا لا أبدأ بتغيير نفسي أولا و بدأ بنفسه و وجد صعوبة و ‏ضغطاً و تعباً لكنه صمم و صمم و بدأ بالتغير و بدأ يرى العالم بطريقة مختلفة، و بدأ الآخرون ‏يرونه بطريقة مختلفة، لقد بدأ العالم يتغير من حوله، لقد غير العالم لوحده .‏

" لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".‏

يقول كونفوشيوس: لا تغضب عندما لا تستطيع تغيير الآخرين، لأنه من الصعب عليك حتى تغيير ‏نفسك كما تريد أن تكون.‏


د. عماد

المواطنة أولا المواطنة أو.... لا

لا أعتقد أننا بحاجة إلى إيراد التعريفات العديدة للمواطنة فهي بالعشرات، وسأفترض أنها معروفة، ولكني أعترف بانحيازي إلى تعريف علم الاجتماع للمواطنة في المجتمع الحديث بصفتي اعمل في هذا الحقل، وباعتبارنا، كما يفترض، أننا نعيش في مجتمع حديث، ونحاول تعزيز بناء الدولة الحديثة من جهة، ولما للأخذ بهذا التعريف من عواقب هامة على صعيدي المفهوم والواقع الاجتماعي والسياسي من جهة أخرى.

وفي علم الاجتماع يمكن تعريف المواطنة في المجتمع الحديث نموذجيا (أي كنموذج نظري) على أنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)، حيث تقدم الدولة الحماية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأفراد، عن طريق القانون والدستور الذي يساوي بين الأفراد ككيانات بشرية طبيعية، ويقدم الأفراد الولاء للدولة ويلجؤون إلى قانونها للحصول على حقوقهم. ومن مميزات هذا التعريف انه بالإضافة إلى كونه نمطياً من الناحية النظرية فهو في الوقت نفسه إجرائي منهجي يتيح دراسة المواطنة وقياسها وتحديد مستوياتها والتنبؤ بأبعادها وآفاقها وتقييم وتقويم أدائها في أي مجتمع. ‏

فمن الواضح في هذا التعريف أنه يتضمن آلية التعاقد (العقد الاجتماعي) فحين يفترض أن تكون الحكومة التي تسير الدولة هي المسؤولة عن ترسيخ الشعور بالمواطنة، فإنها إذا أخلت بشروط العقد، أي إذا لم تؤمن الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأفراد ولم تساو بينهم عمليا أمام القانون، كان من الطبيعي أن يخف إحساس الأفراد بشعور المواطنة والولاء لقانون المجتمع ـ الدولة التي يعيشون في ظهرانيها، وأن يبحثوا عن مرجعية أخرى تحميهم، أو تقدم لهم شعورا ولو كان وهميا بهذه الحماية، كالعودة إلى الارتباط بالجذور الدينية أو الطائفية والعائلية والقبلية والعرقية والإقليمية. ولتوضيح ما هو واضح فيما نرمي إليه، دعونا نقوم بتمرين بسيط بواسطة طرح مثل الأسئلة التالية: ‏

- ماذا يفعل المواطن الذي يتقدم لمسابقة انتقاء عمال أو موظفين حين يجد أن المواطن الآخر الأقل كفاءة أو الأقل تمتعا بشروط المسابقة قد قبل وهو غير مقبول؟ بأي جهة انتماء يستنجد وبماذا سيشعر؟ ‏

ـ ماذا يفعل أبناء المنطقة الإقليمية من الوطن عندما يشعرون بالغبن من الخدمات التنموية للدولة في منطقتهم مقارنة بمناطق أخرى من البلاد؟ ‏

ـ ما نوع الانتماء الذي يشعر الناس به أو الذي سينمو لديهم، والى أين يتوجهون باختياراتهم، عندما يجدون القوائم الانتخابية مهيأة على أساس الطائفة أو العشيرة أو القبيلة، ولو كانت باسم أحزاب ومنظمات وقنوات حديثة، أو عندما يصر المرشح على الإيحاء بعشيرته أو قبيلته في إعلانه الانتخابي؟ ‏

ـ ما نوع الانتماء والشعور الذي سيستمر لدى الناس المهاجرين إلى ضواحي المدن الكبرى وأطواق الفقر عندما لا يجدون العمل ولا يتمتعون بالخدمات التي يتمتع بها مواطنوهم في المدينة نفسها؟ وما دلالة تجمعهم على أسس طائفية أو مناطقية أو عرقية؟ ‏

ـ ما شعور المختص الجدير العالي الأداء والكفاءة عندما يجد نفسه مستبعدا لأنه ليس خبيرا ولماحا بالتملق والانبطاح والتسلق والزيارات والمعايدات في الوقت المعلوم؟ ‏

ـ بماذا سيشعر المثقف الحر النابه الناقد المتوقد الذهن الواسع الأفق عندما يشاهد المدعين وأنصاف المثقفين ـ أنصاف الجهلة هم الأعلون؟ ‏

ـ بماذا سيشعر الأكاديمي القدير علميا وثقافيا، وماذا سيقول، وبماذا يهجس ويفكر عندما يجد نفسه مضطرا للدفاع عن نفسه أمام إدارته بسبب "تقرير" واضح التهافت، فيذهب العلم ويبقى التهافت والمتهافت؟ ‏

ـ .......الخ ‏

إن الفرد الذي يلمس أنه ليس في حماية القانون المدني للدولة، وأن هذا القانون مفتح عليه وأعمى على غيره، يظلمه ويحابي أصحاب النفوذ، لن يشعر بالأمن ولا بثقافة الانتماء إلى الدولة الوطن وسيبحث عن أي جذر آخر للارتباط والانتماء يؤمن له الشعور بالحماية والأمن والانتماء. ‏

إن المشترك والمهم في مفهوم المواطنة هو ما يشير إلى مساواة جميع الأفراد في المجتمع الدولة أمام القانون والدستور وفرص العمل والعيش الحر الكريم بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية والجنسية والطبقية...الخ. ويتضمن هذا التعريف جميع الميزات الأساسية للعقد الاجتماعي وأي إخلال بشروط هذا العقد يترتب عليه اختلال في الاندماج الوطني وتراجع في علاقة المواطنة وانخفاض في المستوى المؤسساتي للدولة. ‏

إن مبدأ المواطنة نظريا هو مبدأ أساسي في الدولة الحديثة، وسنجد النص عليه موجودا في معظم وربما في جميع الدساتير والقوانين في البلدان اليوم، ولكن المهم هو الانتقال من الواقع إلى الفعل وتلك هي المشكلة، وذلك هو التحدي، في تعزيز الشعور بالمواطنة، وسأزعم أن أهم ما يمكن العمل عليه لترسيخ حالة المواطنة هو عدم التساهل على الإطلاق في تطبيق المعايير المؤسساتية بالفعل، والابتعاد عن الفكرة الانطباعية للمدير القوي العادل واستبدالها بفكرة المدير المزود بدستور المؤسسة، إن المواطنة هي جوهر البناء الديمقراطي والضامن القوي لبنياته ومؤسساته. ‏

إن أهم مهمة يفترض بنا تحقيقها هي تعميق الشعور بالمواطنة لدى الأفراد والجماعات في المجتمع، فالمواطنة هي أكثر أشكال العضوية في المجتمع الحديث اكتمالاً وتطورا، وهي أكثر حالات المجتمع السياسي والمدني تقدما، وهي الأساس الراسخ للديمقراطية دون حزلقة ورتوش. ففي إطار حل مسألة المواطنة، أي ترسيخها، يندرج حل جملة من القضايا والمشكلات التي بقينا نعاني منها حتى الآن: ‏

1 ـ فهي البديل الحاسم والعقلاني لصراع وتنافس الهويات والانتماءات المختلفة التي مافتئت تثير المصاعب أمام الاندماج والتكامل الوطني، وتهدد استقرار الدولة الحديثة، التي يفترض أن يتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية والجنسية... الخ. ‏

2 ـ وهي بما تتضمنه من حقوق وواجبات محددة دستوريا ومؤسسيا وبما تتضمنه من مساواة الأفراد أمام القانون والدستور تؤدي إلى الارتقاء إلى هوية مشتركة مشكلة الأساس الراسخ للديمقراطية والحرية. ‏

3-وبترسيخ وتطبيق حالة المواطنة يمكن الحد من الشكوك وانعدام الثقة بين الجماعات والفئات الاجتماعية المختلفة، وتخطي العقبات الذهنية والثقافية العتيقة المتولدة عن الانتماءات التقليدية ما قبل الوطنية والتي تعوق تكوين الدولة والمؤسسات والعقلية المؤسساتية. ‏

4 ـ إن ترسيخ مبدأ المواطنة لدى جميع أفراد المجتمع وفئاته يقطع الطريق على من يريد العبث بتماسك الوطن والوحدة الوطنية، وتفتيت الوطن وتقسيمه إلى قبائل متحاربة. ‏

هنا ولإزالة التباس ممكن فإننا نسارع إلى القول بأن مبدأ المواطنة لا يعني إلغاء الانتماءات الأخرى، بقدر ما يعني إعادة ترتيبها في الحس العام حيث يكون الانتماء إلى الوطن والدولة والقانون المدني، متقدما على أي انتماء آخر كالعائلة والعشيرة والإقليم والدين والطائفة والعرق، كما يعني معاملة الأفراد في المجتمع على هذا الأساس. ومن هنا الصلة الوثيقة بين الديمقراطية والمواطنة التي تفترض معاملة الناس بالنظر إلى انتمائهم إلى الدولة وخضوعهم للقانون المدني الوضعي والى كفاءاتهم كمواطنين، وليس إلى انتماءاتهم أو هوياتهم الدينية أو العرقية، وذلك هو ما يتيح للأفراد والجماعات في المجتمع الدولة حرية التعبير عن هوياتهم وممارسة حياتهم المدنية والسياسية في حدود واجبات وحقوق المواطن المحددة في دستور علماني. ولتوضيح التباس محتمل، فان العلمانية، في اعتبارنا، ليست ضد الدين، كما قد يفهم الساذجون أو المغرضون، بل هي المجال الثقافي الاجتماعي الذي في إطاره وحده يمكن أن تتعايش الأديان والطوائف الدينية وتتسامح وتثرى امكاناتها وتتكامل ‏

ولرفع التناقض الممكن بين الهويات والانتماءات التقليدية وبين مفهوم المواطنة والانتماء إلى الوطن لابد أولا من ترسيخ العقلانية في المجتمع ومؤسساته ونشر ثقافة المواطنة والتربية المدنية بالتنشئة الاجتماعية والتعليم والإعلام لتهيئة الظروف والرأي العام لقبول الاختلاف في الهويات والانتماءات المدنية والدينية والاثنية باعتباره تنوعا لا تناقضا وباعتباره حقا من حقوق الإنسان. ‏

«وسأهمس في أذن جميع المواطنين المسؤولين والسياسيين وجميع السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية والإعلامية وكل أبناء القبائل الأخرى: إذا كان الأمر يهمكم، فإن المواطنة بالمعنى الذي تحدثنا به عنها إذا كانت بالفعل، وليس نظريا أو في النصوص، تحل جميع "المشاكل" و"المنغصات" و"الإزعاجات" الممكنة للنظام السياسي، وتكون ضامنا لعدم انقسام المجتمع الوطن إلى قبائل متحاربة، في الوقت نفسه الذي تكون فيه مؤشرا على نجاح الحكومة والمؤسسات والنظام السياسي وجدارته وحسن أدائه. ‏

د.سمير إبراهيم حسن -عميد كلية الآداب في جامعة دمش

رؤيا اصلاحية

رسالة عبر الانترنت مرفوعة إلى سيادة رئيس الجمهورية العربية السورية
الدكتور الشاب الواثق بشار الأسد معقد الأمل والرجاء في زمن اللامعقول

تحيات معبرة واحتراماً جزيلاً وأملاً كبيراً، ممن لم يعرفكم إلا بالعينين والأذنين، وباستشعار وعن بعد، أما بعد، فبدافعٍ من الإحساس بآلام وآمال الوطن والمجتمع، وبغمرة من العفوية والصدق، وبوطنية ومجتمعية، صافية من كل أنانية، أو نفعية، أو وصولية، وبمنطق العدالة البعيد عن الرواسب والفئوية، ومؤثرات المال والغرائز، أحاول استقراء الواقع بكل روافده ومؤثراته، ولأنني وأنا ابن السبعين قضيت منها الخامسة والخمسين عاماً الأخيرة، أنهل من آلام الوطن، وأستلهم آمال المجتمع، وأتعامل مع قضاياهما في ظلٍ واقع ٍ شعبي داخلي تحكمه الأنا والمصالح الشخصية الضيقة، والمفاهيم الوراثية والمكتسبة الخاطئة، ويجمع في صفوفه مواطنين شرفاء، عاقلين، نظفاء، يحيط به جيران هم من لحمته وسداه، وجيران من أسرته وجلدته، يليهم عالم يخوض عمار حروب شرسة وهائلة، إن في السلاح المدّمر، وإن في الثقافة الهادمة للقيم الأخلاقية والعواطف الانسانية، والأنظمة الاجتماعية، وإن في اختراعات العصر المدهشة في المعلوماتية والاتصالات والحرب التقنية بوجه عام، وإن في الانقلاب في المفاهيم الاعتبارات، والانسياق وراء المال وحق القوة، ونظام السلاح في يد، والمال في اليد الخرى، أو...، أو... ينتصب شخصكم الواعي الحكيم، والملتزم بأمته شعباً ووطناً، والواهب كل وقته وعلمه وفكره ومواهبه وإلهاماته و قدراته لهما.
وأمام هذا الحضم الهائل والمعترك بكل صنوف الأسلحة وفتكها، أراني كأي جندي مجهول، يعطي بصمت من علمه وعقله وأمانة انتمائه، وصدق أحاسيسه، أراني مدفوعاًً لأن أقدم لسيادتكم بعض الرؤى التي تراءت لي وانطلقت من ذاتي وأنا في زيارة عمل وأسرة إلى جنيف – سويسرا) زيارةً حركت أنبل المشاعر في نفسي وفكري رغبةً مني بالمساهمة وأداء واجبي الوطني، فكانت هذه الرؤى الخمس:
الرؤية الأولى: أن أبعث خطاباً إلى السيد رئيس البلاد وربان سفينتها، بعيداً عن أية رقابة، غير الضمير والواجب.
الرؤية الثانية: أن أكتب ما أرى وأشعر به، في مجال العمل الوطني والاجتماعي والقانوني، بحرية وصدق بعيداً عن كل مظاهر الأنانية.
الرؤية الثالثة: أن أوجّه هذه الرسالة إلى سيادته، وإلى شعبي من خلاله، لحظة توارد هذه الرؤى والخواطر، ومن جنيف التي ترمز إلى الحياد، والنزاهة والنظافة، والحضارة والسلام، ودون خوف أو تردد، وبلا مطمع أو مطلب على أي صعيد وأن أحمّلها بعض ما أشعر وأفكر ومن ثم أقترح.
الرؤية الرابعة: أن أضع نفسي وما أستطيع في تصرفة وتصرف الشعب والوطن للخدمة العامة، وفي ظل مسيرة الإصلاح والتغيير، والحرب على الفساد، ومعالجة المرض المشّخص جيداً، والسير على طريق النظام والقوة، وسيادة القانون، والأخذ بالمقاييس الأخلاقية والمعايير العلمية والعملية، ومفهوم الصالح العام، وبناء الدولة العصرية على الأسس الدميقراطية والاجتماعية، على قواعد الحرية، والواجب، والعدل، والحق والمساواة، وإشاعة الوحدة الاجتماعية الشعبية والحقيقية، وبناء الانسان العلمي النهضوي النابذ لكل أشكال الفئوية والتجزيئية، والغرائزية، والاتفلاش القومي، الانفلات الانتمائي، بدءاً من الطفل في مدرسته، والقاضي في محكمته، مروراً براجال الأمن الداخلي والخارجي.
الرؤية الخامسة: أن أقدم لسيادته ما أقترح اتخاذه لتحقيق أهداف مسيرته العليا، وهو الأعرف والأقدر، والأحرص، والأفعل.
وألخص هذه المقترحات العجلى فيما يلي:
أولاً: البدء باتخاذ خطوات الاصلاح السياسي والتشريعي كأصل وأساس لكل إصلاح، ولكن على قياس الوطن والشعب، لا استجابةً لرغبات، أو تلبيةً لمسلمات مستوردة، وتتمثل أهم أوجه هذا الإصلاح فيما يتمثل برأي فيما يلي:
1. مراجعة الدستور وتعديله، وإلغاء نص وروح المادة الثامنة منه، وتضمينه الأسس والأحكام التالية:
- الحكم للشعب بواسطة ممثليه المنتخبين في جو تنافسي وتعددي، وبانتخاب مباشر وحر ومتساوٍ وديمقراطي وفق قانون انتخابي جديد، يأخذ بمبدأ النسبية المدروسة وإلغاء مبدأ الدائرة الانتخابية لكل محافظة وأكثر من دائرة لدمشق على أساس الأكثرية الفردية.
- تحقيق مبدأ فصل السلطات، مع الأخذ بخيار النظام الرئاسي.
- رفع مستوى السلطة التشريعية الذي سيحققه ترسيخ مبدأ تمثيلها للشعب، وحصر التشريع الأساسي (القوانين) فيها، والتركيز جيداً على جودة التشريع الجديد والمجدد معنىً ومبنىً.
- تحقيق مبدأ ووحدة واستقلال القضاء والقضاة، وتعديل قانون السلطة القضائية، والتشديد على شروط تعيين القضاة، والتأكيد على المواصفات العلمية، والأخلاقية، والثقافية الواجب توافرها في القاضي، وإخضاع القاضي المحصّن من تصرفات السلطة التنفيذية والإدارية، إلى محاسبة دقيقة وعادلة وقاسية من قبل الجهة القضائية المختصة، وإخضاعه لدوراتٍ إطلاعية وتدريبية داخلية وخارجية، إدخال التقنية والمعلوماتية إلى دوائر وزارة العدل والأعمال القضائية.
- رفع مستوى أجهزة السلطة التنفيذية، وترسيخ مبدأ التمثيل الحقيقي للقوى المحركة والمكونة للعمل الوطني والسياسي والاجتماعي في أنسجتها الأساسية، مع مراعاة مبدأ المساواة وتكافؤ الفرض، والخيار للأكفأ والأفضل.
- تقرير وتطبيق مبدأ حرية الانسان في التفكير والتعبير ومساواة المواطنين أمام القانون دون تمييز في الجنس أو الطائفة أو الدين أو المكان الجغرافي، أو الموقع الاجتماعي أو الاقتصادي، أو الانتماء الفكري أو السياسي.
- إطلاق حرية تأسيس الأحزاب الني تستهدف مصلحة الشعب والوطن، بعيداً عن كل أشكال الفئوية الدينية أو الإثنية وعن أشكال التمييز العنصري أو الاجتماعي فيما ينظمه قانون خاص.
- العمل على توفير وضع قانوني يكرّس حرية الصحافة في الاخبار والإعلام والرأي والتعبير وفقاً لقانون متقدم، يجعل الرقابة في خدمة الحقيقة وأمن الوطن، وعن طريق مجلس وطني للاعلام يتمتع بصلاحيات معينة، وتأسيس محكمة خاصة للمخالفات والجرائم الصحفية.
- حرية التملك وإدارة الملكية في العقارات ووسائل الانتاج ومختلف أشكال الاستثمارات والتوظيفات المالية والاقتصادية في حدود القانون الذي يحدد إطار الوظيفة الاجتماعية للملكية وأوجه التكافل والتضامن الاجتماعي، ضمن قاعدة حرية العمل والتعاقد، والتعددية الاقتصادية، والاعتماد جيداً على رأس المال الوطني، والقطاع الخاص الممثل لأبناء الوطن وهيئاته، وجذب الاستثمارات في جميع قطاعات الانتاج والخدمات.
- حرية العبادة والشعائر الدينية وفصل الدين عن السياسة والادارة (علمانية الدولة ووحدة المجتمع أمامها).
- التأكيد والأخذ بمبدأ أن العمل حق للمواطن وواجب عليه، وأن الدولة تكفل العمل لكل مواطن، وتضمن له تعويض البطالة، وربط الأجر بالانتاج وبالاقتصاد الوطني، وتحقيق العدالة في توزيع الثروة الوطنية.
- وضع سياسة ضريبية تعتمد العدالة في التكليف والمساواة في التحصيل، وربط السياسة الضريبية برفاه الشعب و خدمته وزيادة انتاجه، والتقليل ما أمكن من الفوارق المادية والاجتماعية لتكون ما يسمى (بالطبقة الوسطى) هي النسيج الأوسع في المجتمع.
- اعتماد التربية والتعليم على قيم محبة الوطن والمجتمع، وترسيخ المبادىء الأخلاقية، وقيم العلم والعمل، والصدق، والصالح العام، ومبادىء الحرية والمساواة والمحبة واحترام الانسان والحرص على حقه في حياة مرضية وبنظام يحترمه ويصون حقوقه الطبيعية والوضعية المتعارف عليها دولياً والمكرسة باتفاقات عالمية وثنائية.
- التركيز في بناء الغد على الطفل والمرأة وتحضيرها لقيادة المجتمع المتحد
- تشجيع التعامل والتعاون مع وبين كل أشكال المتحدات الاجتماعية اللاحكومية (أحزاب – جمعيات، نواد، نقابات، منظمات، تجمعات، هيئات مختلفة، في إظهارها أفكارها واحترام مشاريع أعمالها، وإسهامها في حركة الحياة الاجتماعية والسياسية والمواقف الوطنية، وكل ذلك في حدود القانون المؤسساتي الذي يكفل الحرية وينظم حدودها وعدم الوصول بها إلى ملامسة دائرة الجريمة، والاعتداء على حريات الآخرين أو مقتضيات النظام الاجتماعي والأمن العام.
- غرس مبادىْ الحق والخير والجمال والغيرية والمحبة والحرية والعدل واحترام الرأي الآخر وتفهمه والمساواة، واحترام قيم العلم والعمل وتكافؤ الفرص وتعميم ثقافة المعرفة والتقانة، ومعطيات الحضارة، مع الأخذ بقواعد مكارم الأخلاق التي أجمعت عليها مختلف الأديان والنظريات الاجتماعية.
- كل ذلك مع مراعاة جانب الأحكام والقواعد الأساسية لدساتير العالم المتقدم الناهض الآخذ بمقتضيات حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية، والآخذ بمبدأ الديمقراطية الاجتماعية، في السياسة والاقتصاد والثقافة والادارة، والتشريعات بعامة، مع المحافظة على خصوصياتنا ومبادئنا.
2 – إعلان إنهاء حالة الطوارىء والأحكام العرفية.
- ذلك لأن الأسباب الاستثنائية لهما قد انتهت، ولأن البلاد تعيش واقعاً طبيعياًوما يسمى بحالة الطوارىء انصهرت بواقع الحياة ودورتها ويمكن مواجهتها والتعامل معها بالتشريعات العادية، ولابدّ من سدّ الذرائع ورفع الغطاء الاستثنائي عن عمل السلطة، ولأن المعطيات تبدّلت بشدة وبكل المواقع والاتجاهات، ولأنه بزوال المانع يعود الممنوع، ولأنه على الشيء يبنى مقتضاه، ولأن في استمرار قيام حالة الطوارىء والأحكام العرفية بعد سوادها /42/ عاماً إضعافاً لنظام الحكم وتهديداً لأساسات ومبررات وجوده، ولأن مجرد الاستمرار النظري وحده ولو بدون تطبيق لا يلغي الآثار السلبية والعديدة لهما، ولا يلبي أو يحقق الفوائد ويستجيب للضرورات، ولأنه يمكن تحقيق وتوافر الأساليب الناجعة، بخصوص الحالات الاستثنائية الخطرة، عن طريق القانون العام.
- ذلك لأنه يمكن إضافة مادة أو بعض المواد على قانون العقوبات النافذ تتضمن وتضمن مكافحة الإرهاب ومعاقبة الارهابيين، وتطبيق قواعد قانونية و إجرائية جديدة أثناء التعقب، والمواجهة المسلحة، والاعتقال والمحاكمة، فضلاً عن حق اتخاذ إجراءات إدارية وتحفظية ومالية، وقانونية وعقابية في التعامل مع الارهاب والارهابيين، والمنتهكين لأمن الدولة والمجتمع. وهذا ما تأخذ به وتقننه معظم الدول الآخذة أو المتذرعة بأوسع مظاهر وأشكال الديمقراطية.
- إلغاء كل أشكال التنظيم والأحكام القانونية الاستثنائية في مجال القضاء الاستثنائي، والاجراءات الادراية والأمنية الاسثنائية.
3 – وضع قانون جديد يوحّد للسطلة القضائية، وإعادة النظر في الدوائر القضاية وأشكال وصلاحيات المحاكم ودرجاتها وأحكامها والتقاضي أمامها وإدخال المعلوماتية إلى عمل الدواوين وتسجيل الأحكام وإعطاء الصور عنها وعن المستندات، واشتراط المواصفات التي يجب توافرها في القضاة ورفع مستوى حقوقهم، وتحديد طرق وأشكال تأهيلهم ومحاسبتهم، مع المحافظة على تحصين مراكزهم وتحسين مستوى أدائهم وظروف عملهم، وبحيث يشمل ذلك إعادة النظر في وجود وتنظيم القضاء الاداري (مجلس الدولة) والعسكري – وأمن الدولة – والمحاكم الميدانية، وفي ضوء مراعاة الأفكار المثارة سابقاً والمتصلة في هذا المجال، مما يؤول إلى إلغاء كل أشكال القضاء الاستثنائي واللجان والمجالس التي أعطيت صلاحية القضاء وفض النزاعات.
- تحديث التشريع بشكل عام وبخاصة ما يتعلق منه بإجراءات التقاضي نظرياً وعملياً وإصدار قانون خاص بالتحكيم بهدف التوسع في اللجوء إليه وجوباً وجوازاً وبخاصة ما تيعلق بالمعاملات المدنية والتجارية والشركات التجارية وإعادة النظر بالتشريعات الاجتماعية (العمل – التأمينات، الضمان الصحي – إلخ).
4 – فرض مبدأ سيادة القانون، ومساواة المواطنين جميعاً أمام سلطات الدولة الثلاث ومهامها الادارية والرسمية وبالبطبع إقرار مبدأ مساواة المواطنين، كل المواطنين دون تمييز، في جميع الحقوق والواجبات، وإجراء مسحٍ عام على القوانين السائدة ومراجعتها بدقة بهدف تعديلها وتطويرها.
5 – اعتماد مبدأ أن الإصلاح يبدأ وينتهي بتطبيق القانون ومراعاة الدستور وحيث يكون القانون بحاجة إلى إصلاح نصلحه، لكننا لا نتساهل أبداً، بل ونجري المحاسبة ثواباً وعقاباً، على هذا الأساس والميزان. و ينبغي أن تكون كل جهات الرقابة، بل وكل حلقات النظام الاداري والهرمي التسلسلي محكومه وساتره تحت علم وشعار "الحكم للقانون والسيادة له والحساب عسير بموجبه لمن يخالفه" وهذا يستدعي:
- تعميم الثقافة القانونية، والبدء بتدريس مادة "النظام الاجتماعي" كمادة إلزامية بعد انتهاء مرحلة التعليم الأساسي، ليتعلم الطالب الأحكام القانونية والأخلاقية الأساسية للعلاقات بين الناس وبينهم وبين الدولة، وفق برنامج مدروس مع مراعاة الاعتبارات الجوهرية، وبحيث يحيط الطالب بمرحلة ما قبل الجامعة بأهم المبادىء القانونية التي ينطوي عليها القانون المدني وقانون العقوبات والعمل والمرور والأحوال الشخصية، إضافةً إلى المبادىء الأساسية التي تضمنها الدستور أو التي تتضمنها العلاقات والمواثيق الدولية.
- كما يستدعي ذلك أيضاً الاعتماد على معلمين ومدرسين وطنيين واجتماعيين وأخلاقيين وأكفاء لتدريب وتعليم وتربية الأجيال وتأهيلهم لأخذ دورهم المنتظر في الدولة والمجتمع.
- وبطبيعة الحال يقتضى أن تيعلم الطلاب خلاصة عن الدولة وسلطاتها وأجهزتها وآلية عملها.
- وعندما نطبق القانون على الجميع تسود الثقافة القانونية وتنتهي حالة الضياع والكفر بالقوانين والأنظمة، وتتسع دائرة التطبيق الطوعي لأحكام الآنظمة والقوانين بدل البحث والسعي والعمل على مخالفاتها، حيث أن القاعدة السائدة حالياً هي مخالفة القوانين وإهمالها وانتهاكها، وضياع وإغفال العمل القانوني إما لأغراض هدامة، أو لتححقيق مكاسب ومنافع خاصة، أو... وتتزايد هذه المخالفات رغم تعدد الأجهزة الرقابية اللأمنية، التي يرى واحدنا أن الإصلاح والعمل على تطبيق القوانين والأنظمة على وجه صحيح إنما يبدأ عندها أولاً وأخيراً مثلها في ذلك مثل القضاء والقضاة، وسائر الأجهزة الادارية والتنفيدذية الأخرى.
- إشاعة الضمان الاجتماعي والصحي بأحكام قانونية علمية وعملية.
- تأمين فرص العمل أفقياً وعمودياً وتأهيل العمالة وقوى العمل المختلفة.
- التركيز على اعتماد الانتاج الوطني على ثروة الوطن الهائلة في الأرض زراعة ونفطاً ومعادن ومياهاً، وسياحة وآثاراً وخدمات.
6 – التأكيد على أنفاذ قاعدة "الرجل المناسب في المكان المناسب" وأن الموظف هو خادم للشعبلا مخدوماً منه، بدءاً من الأشخاص القياديين ومواقع العمل والأداء بكل مستوياته (الوزير- المحافظ – القاضي – المعلم – الاداري – مستويات العمل التشريعي والقضائي والتنفيذي والبلدي والعشبي، واعتبارعمليات التأهيل والتدريب للعاملين في الدولية وسائر الهيئات تقليد يسبق ممارسة العمل ويواكب مسيرته وبشكل دوري مع توسيع دائرة البحث العلمي والابتكار.
7 – الاهتمام بالأسرة – أصولاً وفروعاً – والمحافظة على نظام الأسرة الخلية الاجتماعية الأولى والمتحد الاجتماعي الأساسي في صورة الدولة والمجتمع بحاضره ومستقبله، كما المدرسة ودائرة العمل وكما الهيئات والمتحدات الاجتماعية، وهذا يقتضي:
- العناية والاهتمام بالمرأة (الزوجة والأم، والابنة، والأخت، والمربية والعاملة، وبالطفل والفتى والمراهق والشاب وكذلك تأمين رعاية المسنين والاعتناء بصحتهم الجسدية النفسية.
- تحديد النسل ووضع ضريبة مالية واجراءات إدارية، على من ينجب أكثر من ثلاثة أولاد، من زوجة واحدة أوخمسة من أكثر من زوجة.
- منع تعدد الزوجات فيما يرضى الله وعباده الصالحين، فلا تجتمع زوجتان لزوج.
- وضع فيود على الطلاق فيما لا يخالف روح الفقه الإسلامي ومقاصده ونصوصه الآمرة.
- رفع السقف المعفى للضريبة لمن لا تعمل زوجته بأجر خارج منزلها، ورفع مبلغ التعويض العائلي للزوجة عير العاملة.
- الاعتماد على اقتصاد الأسرة في الريف بالنسبة للأعمال الزراعية والريفية ولأشغال المؤداة داخل البيت، وتشجيع ذلك بالقروض والهبات المالية العينية، مما يقضي على الكثير من حالات البطالة الظاهرة والمقنقة، ويساعد على الموازنة الديمغرافية وأنعاش وازدهار الريف.
8 – إعادة النظر بتشريعات العمل الزراعي والتشريعات المتعلقة بملكية الأرض والتعامل معها ومع مظاهرها وبعلاقات العمل والانتاج بكامله بما يكفل:
- زيادة الانتاج وتحسينه كماً ونوعاً، ورفع نسبة الريعية والعائد الاقتصادي.
- العدالة في توزيع الانتاج بين المساهمين فيه، وتوزيع الثروة بين مكونيها.
- حرية التعاقد فيما لا يتنافى والوظيفة الاجتماعية لإدارة الملكية المحددة في الدستور والقانون وبمبادىء النظام العام الأساسية والمتعارف عليها.
- حماية العمال (أطفالاً وأحداثاً ونساءً) من شروط تعسفية في حدود المعايير الدولية الحضارية بخصوص سير العمل وشروط وحماية العمل وتأمين شروط الوقاية والسلامة والحد الأدنى للأجر والأقصى لساعات العمل الموازية له، ووضع نظام للأجور والترفيع والمكافأة والعقاب والضمان الاجتماعي والتسريح ونهاية الخدمة ونظام سهل وسريع وآمن لحل الخلافات العمالية على جميع الأصعدة والمستويات.
9 – رسم سياسة اقتصادية وتوضيع معالم الاقتصاد الجديد حول الملكية وادارتها والأعمال الاقتصاية، وتنظيم عناصر الانتاج وتحقيق عدالته (تكويناً وتوزيعاً بين عناصره والضرائب الموضوعة عليه لصالح الخزينة (ضريبة دخله أو أرباحه) على أساس الشرائح وتوسيع ساحة الإعفاء الضريبي.
10 – الاستفادة وإدخال معطيات الثورة التقنية في جميع مستويات الدولة وبخاصة في مجالات وسائل الاتصال النظري والسمعي (الكمبيوتر – الحاسوب) بكل أنواعه وأشكاله – الصور الفضائية والتلفزيونية – الاتصالات الهاتفية السمعية البصرية، السلكية واللاسلكية والاتصالات بالهواتف الخلوية السمعية والمرئية، وتوضيح أثر ذلك في أحكام الحقوق والالتزامات والاثبات والبينات، والجريمة والعقاب، وفي أنظمة العمل بالسجلات والقيود وإعطاء المستندات (في الأعمال المدنية والتجارية والعقارية والمصرفية والمالية والحسابات...)
11- و لا أنسى يا سيدي أهمية الخبرة والخبراء والاداريين والمستشارين كماً ونوعاً واختياراً على كل مستويات العمل وخاصة في النسيج الهرمي وفي سائر هيئات الدولة وأجهزتها واعتماد وسائل التقنية الحديثة في الأداء، فهذا في حد ذاته يبعد الفساد والمفسدين ويختصر دورهما أو يجعله في حده الأدنى، إلى جانب الدور الذي تلعبه الصحافة ووسائل التعبير ومؤسسات وهيئات النظام الاجتماعي في الحد من الفساد (هنا أقترح مصطلح امؤسسات لنظام الاجتماعي بديلاً لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني).
12 – وإن صدقنا القول يا سيدي، علينا أن أن نعترف أن لا ديمقراطية دون معارضة، ولا معارضة مع الفوضى ومرحباً بمعارضة وطنية تتنافس في خدمة الدولة والمجتمع مع السلطة الحاكمة إن في المنهج وإن في الأداء، إن في الأهداف وإن في الوسائل.
13 – وكم أتمنى يا سيدي أن يعمل المستشارون لدى سيادتكم وفي مكاتبكم وبخاصة في المستويات العليا في الشئون السياسية والتشريعية والادارية طبقاً للأهداف والوسائل المتوخاة.

سيادة الرئيس: إنها خواطر أملت على قلمي ما كتب بعجالة وكثافة ولكن بصدق وبحنين وبالتزام كامل وأنا دوماً في خدمة بلدي الحبيب.
وليسد القانون النظام والحق والواجب ودمتم ودامت سورية .
جنيف في 25/9/2005

الأحد، شعبان ٢١، ١٤٢٦

الهروب من غربة..إلى غربة أخرى..!

أكاد أقول إن الأغلبية العظمى من العاملين في الدولة لا ترفض ترك عملها الحكومي والهجرة الى عمل خاص داخل البلد أو خارجه, ولا نستثني من ذلك سوى بعض أصحاب المناصب!.. الجميع يشكو!.
فخلال كل حواراتي مع زملاء إعلاميين وغير إعلاميين لم أجد واحدا منهم يرفض الهجرة الى عمل آخر غير حكومي..! حتى أولئك الذين يحققون دخلا مرتفعا ولهم امتيازات يحسدهم عليها الكثيرون من زملائهم!!. سواء أكان هذا العمل غير الحكومي داخل البلد, أم خارجه!
لم يرفض إعلامي واحد عرضا قدم له, حتى قبل أن يعرف مقدار ما سيحصل عليه من راتب أو أجر, لذلك- مثلا - تتسرب كوادر التلفزيون العربي السوري, ولاسيما مذيعاته الناجحات الى محطات عربية مختلفة!.
وأذكر هنا أنه قبل نحو عام حصلت عملية خداع.. أو ربما يمكن وصفها بعملية نصب معروفة مرت دون أن يتحدث عنها أحد, عندما ادعى شخص انه يمثل محطة فضائية خليجية سيتم افتتاحها في دبي باسم (إفرست) وافتتحت موقعا لها على الانترنت, وبدأت لجنة تقبل الطلبات وتجري المقابلات, وقد تقدم للعمل في تلك المحطة الوهمية العشرات من العاملين في الأقسام المختلفة للتلفزيون السوري, قبل أن يختفي هذا الشخص, ويختفي موقع الانترنت, وتتبخر أحلام العشرات..
فهل سألت القيادات الإعلامية المعنية عندنا لماذا محاولة الهروب هذه؟!.. ولا أقول الهجرة, لأنها هروب بالفعل!..
الآن هناك محطات تلفزيونية جديدة سيتم افتتاحها وستكون لسوريين, ويقال إن في الأفق نحو خمس محطات فضائية جديدة قادمة.. وهذه المحطات ستأخذ كوادرها غالبا من التلفزيون السوري.
فهل بدأ أحد في التلفزيون يسأل نفسه عن مصير هذا التلفزيون بعد رحيل العديد من كوادره.؟ وهل فكر أحد كيف يمكن المحافظة على هذه الكوادر.. محررين ومعدين ومذيعين وفنيين؟!.. والمحطات الخاصة ستختار الأفضل بالتأكيد..! أم أنه سيتم منعهم من العمل خارجه بالأمر العسكري؟!, إلا اذا رأت هذه القيادات الإعلامية انها ستكون فرصة للتخلص من كوادر غير مرغوب بها لأسباب شتى, وفرصة للتعويض عنها بمحاسيب وأقرباء وأصحاب واسطات!.
والإعلام ليس القطاع الوحيد الذي تسعى كوادره للرحيل منه, وقد سبق لإحدى الصحف المحلية الخاصة أن نشرت بتاريخ 6/7/5002 تحقيقا تحت عنوان لافت هو( لماذا تتخلى الدولة عن كوادرها؟)..) وفيه يعترف السيد وزير الإسكان والتعمير بنزيف المهندسين والفنيين من شركة الدراسات كمثال! ويطلب التريث قبل منح أي موافقات جديدة على طلبات الاستيداع أو الاستقالة, وقد امتنع السيد الوزير في حينه عن اجراء حوار حول هذا الموضوع رغم أهميته..
لذلك نكرر التساؤل ذاته:
- هل سأل أحد: ما الذي يدفع مهندسا يعمل في شركة دراسات فنية ذات سمعة جيدة لترك عمله؟!.
- ودائما نسمع عن هروب الكفاءات من القطاع العام الى الخاص!.. وهنا نسأل نحن:
- هل الأجر فقط - رغم أهميته - هو العامل الحاسم في اتخاد قرار الرحيل.. أو الهروب من الحكومي الى الخاص..؟
- أم أن هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي تدفع اعلاميا أو مهندسا أو استاذا جامعيا أو فنيا لترك عمله الرسمي الى العمل في القطاع الخاص؟!.
وفي معرض الإجابة على هذه التساؤلات لا أعتقد أننا بحاجة الى كبير عناء للقول إن الأسباب الحقيقية التي تدفع كوادرنا وعقولنا وخبراتنا وفنيينا الى عمل آخر, سواء خارج الوطن أو داخله, تتمحور حول أمرين أساسيين هما:
1- الإحباط.
2- التهميش..
ومن ثم يأتي الأجر...! والمحسوبيات!.. والشللية.. والتعامل حسب معايير غير صحيحة.. الخ...
فلا أحد راضيا في عمله؟.. أو عن عمله؟.. والشكاوى من الإحباط والتهميش والإقصاء وعدم كفاية الأجر.. وعدم احترام الخبرات والكفاءات, هذه الشكاوى نسمعها أينما ذهبنا, في مؤسسة إعلامية, أو إنتاجية, أو خدمية..!
لقد جاء في تبرير نزيف المهندسين المنشور في التحقيق الصحفي المشار اليه أن المكاتب الهندسية الخاصة تغري المهندسين, لكن الزميل كاتب التحقيق لم يأت على وسائل الإغراء, وربما جاء ذلك عمدا , ليجعل كلا منا يفكر بوسائل الإغراء التي يقدمها له صاحب العمل الخاص, ولن يكون الراتب هو وسيلة الإغراء الوحيدة, أو الوسيلة الأهم, بل التعامل مع الشخص من موقع خبراته, وكفاءاته, وجهده, هو برأيي عامل الإغراء الأول!. فالقطاع الخاص, ومهما كان العمل الذي يمارسه يأخذ جهدك, لكنه يقدره ويحترمه, وهذا هو الأهم..
فابحثوا عن أسباب رغبة الجميع- ربما- بهجرة أعمالهم الى غيرها..! وغيرها قد يكون في اغتراب..! وقسوة الاغتراب خارج الوطن ليست أشد قسوة من قسوة التغريب داخل الوطن.
وكثيرون يعيشون الغربة.. أو التغريب داخل مؤسساتهم وشركاتهم وإداراتهم الرسمية..!
فلا أحد يترك مكانا تآلف معه.. وعملا أعطاه أحلى سنوات عمره إلا اذا أوصلوه لمرحلة لم يعد يستطيع فيها التحمل, فيسعى الى غربة أخرى, لكنها ستكون أخف وطأة من تغريب يعيشه..!

د. سمير صارم

الإصلاح الاقتصادي السليم يتطلب إصلاحاً سياسياً

إبان الحديث المسهب عن الإصلاح الإداري في السنوات السابقة، أطلقنا كما العديد من الغيورين نداءات تؤكد "أنّ أي إصلاح إداري لن يصل إلى مبتغاه، إن لم يترافق مع الإصلاح السياسي"... ولم تلق تلك النداءات آذاناً صاغية... وتمت والاستعانة بخبراء محليين و أجانب (فرنسيين) لوضع الخطط والبرامج للقيام بذلك الإصلاح، وهدر الكثير من المال والوقت والآمال... دون جدوى، وبدلاً من إجراء حساب لتحديد من يتحمل مسؤولية ذلك الهدر في المال، والطاقات، والمقدرات، والزمن، الذي يتكبده الوطن والشعب نتيجة تجاهل الحقائق، نادى البعض مجدداً بضرورة الاستعانة بخبراء (ماليزيين) لوضع خطط في الإصلاح الإداري، دون أي حديث عن الإصلاح السياسي!!!؟؟؟
ومع خفوت الحديث عن الإصلاح الإداري الذي (لم يصل إلى مبتغاه) حسب اعتراف الجميع، دون محاسبة أحد عن ذلك الهدر الذي أنفق بحجته... يجري الحديث بنبرة عالية حول الإصلاح الاقتصادي، دون أي ذكر للإصلاح السياسي!!!... وهنا الطامة الكبرى.
ومع تأكيدنا على أنّ أحد أسباب فشل الإصلاح الإداري هو عدم ترافقه مع إصلاح سياسي، نؤكد أنّ مصير هكذا إصلاح اقتصادي لن يكون أفضل.
هل يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة؟!
إنّ تلامذة السنوات الأولى في دراسة علم الاقتصاد يعلمون حقيقة الترابط بين الاقتصاد والسياسة... فالسياسة هي ركن أساسي من أركان الاقتصاد السياسي.. ويردد المفكرون والمهتمون منذ قرون مقولة أن "السياسة هي تعبير مكثف عن الاقتصاد"، حتى أصبحت بديهية تلهج بها ربات المنازل... في الوقت الذي يصرّ فيه البعض ـ ربما لغاية في نفس يعقوب ـ على تجاهل العلاقة بين السياسة والاقتصاد! فلماذا؟
قد يكون خوف البنية المهيمنة من الحرية والديموقراطية ومن المستقبل، وذلك لأسباب متعددة ومتنوعة، هو أحد أسباب إصرارها على استبعاد أي إصلاح سياسي... ومع ذلك وعند البحث عن أسباب تجاهل الحديث عن الإصلاح السياسي، المترافق مع الإصلاح الاقتصادي، لا بد من معرفة من سيخدم هذا الإصلاح الاقتصادي، ومن يوجهه، وموقف مختلف القوى والطبقات من مسألة علاقة الاقتصاد بالسياسة...
لا نأتي بجديد عندما نقول: إنّ هدف السياسي يعكس إرادة ورغبة طبقة أو جماعة ما لاكتساب والسيطرة على شيء ما، بما في ذلك السلطة، والدفاع عن تلك المكاسب والحفاظ عليها، وتعزيز تلك السيطرة بإيهام المجتمع وكأنّها من نتاج نظام طبيعي أو إلهي. وتتنوع وسائل الوصول إلى المصالح والسلطة، من اقتصادية، أو تنظيمية، أو عسكرية، أو وسائل الوصول إلى المعلومات، وسبل معالجتها ونقلها، أو بالتلاعب بوعي المجتمع في حدود معينة وتوجيهه.
من المعروف تاريخياً أن البرجوازية تستخدم أساليب التضليل الفكري المغلف بالشعارات الديموقراطية، للوصول إلى أهدافها، دون أن تواجه مقاومة اقتصادية وسياسية. وتستخدم لهذه الغاية لغة سياسية، تقدم من خلالها قيماً وهمية، يتلقاها الكادحون بوصفها مثلاً عليا، ومبادئ راسخة تشكل القاعدة المطلوبة للمجتمع العادل. فتزدهر التصريحات الطنانة في البرلمانات، والمقالات الفارغة في الصحف، حول المستقبل الوضاء، وتنتشر الشعارات البراقة، التي تداعب المشاعر مثل: "دولة الرفاه والمجد"...الخ لخلق وعي اجتماعي مضلل...
ولما كانت بعض السياسات الاقتصادية التي تخدم مصالح الفئات المستغلة تقود إلى ردود أفعال وتشكل صدىً سلبياً لدى المضطهدين، لذلك تضع الطبقة السائدة منظومة من الأهداف، وتحاول فرضها، وتصويرها وكأنّها لخدمة الجماهير الشعبية المضللة. ولا تتورع عن استخدام سلطة الدولة لتحقيق مصالحها الطبقية، والدفاع عنها... وفي هذا السياق يبذل مفكرو الرأسمالية جهوداً حثيثة لفصل العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، ولا يكتفون بكسائها بأقنعة مموهة، بل ويجهدون لإنكارها أيضاً. في الوقت الذي تعمل فيه الاحتكارات جاهدة لامتلاك القوة السياسية، مستندة على قوتها الاقتصادية، واستغلالها لتحقق مكاسب جيدة لها. ويتعمد مفكرو الرأسمالية عندما يتحدثون عن الاقتصاد، لأسباب تضليلية تعكس مصالح البرجوازية الخاصة، استعمال لغة العموميات غير المحددة... المليئة بالكلمات متعددة الدلالات... ويبقى المجال الاقتصادي أهم المجالات العملية الذي تظهر فيه حقيقة النفاق الرأسمالي، أكبر مثال وبرهان على ذلك الجملة الشهيرة، التي تلخص نشاط البرجوازية المالي والصناعي؛ ألا وهي: "ما يناسب روكفلر، يناسب الولايات المتحدة الأمريكية". تصور البرجوازية نشاطها وكأ نّه يخدم الشعب والرفاه والحرية والديموقراطية وليس مصالحها الخاصة... إنّها تستغل كافة السبل المتاحة وخاصة وسائل الإعلام لنشر المزاعم والأيدولوجيا التي تفصل بين نشاطها الاقتصادي وبين السياسة، خاصة في تلك الحالات التي يتعارض نشاطها الاقتصادي مع مصالح أغلبية أبناء المجتمع... وتكثف نهجها التضليلي للتأثير في الرأي العام وغرس خرافة فصل الاقتصاد عن السياسة في الوعي الاجتماعي.
تبين دراسة التجربة التاريخية للأنظمة الرأسمالية أنّه ونظراً لما يستدعي مفهوم "السوق الحرة" من عدم ثقة لدى أغلبية أبناء المجتمع، ولربط أغلبية الكادحين والمنتجين هذا المفهوم باستغلال الرأسماليين لهم، سعياً منهم لتحقيق أعلى حد من الربح، فقد تم الاستعاضة عن هذا المفهوم بمفاهيم أكثر قبولاً مثل "الشراكة الاجتماعية"، "دولة الرفاه"، "اقتصاد السوق الاجتماعي"، وغيرها... السؤال الذي يفرض نفسه، والذي تترك الإجابة عليه آثاراً كبيرة على تطور المجتمع، هو: ما مدلول هذه المفاهيم؟ بالأحرى هل ما يفهمه ويتصوره العمال والفلاحون والمنتجون من هذه المفاهيم، هو ما يفهمه ويتصوره البرجوازيون ورجال الأعمال منها؟!
إذا أردنا لبحثنا أن يكون أكثر دقة وتحديداً نعود إلى وضع الأنظمة التي تدعو إلى الإصلاح الاقتصادي متجاهلة الإصلاح السياسي، متسائلين عن مستقبل هذا الإصلاح وعن الطبقات والفئات التي سيخدمها. علماً بأنّ بحثنا سيبقى ناقصاً ومبتوراً نظراً للأجواء التي يجري فيها ـ في بلدان تفرض عليها حالة موات إجباري في أوائل القرن الواحد والعشرين ـ، تلك الأجواء الخاصة التي تحد من إمكانية إجراء البحث العلمي السليم، الذي حدد أبو علي الحسن بن الهيثم (965-1039) أهم أسسه منذ عشرة قرون، والتي تتلخص في العالمية، والجماعية، والتجرد عن الهوى، والنقد والشك المنظم، فضلاً عن حرية وسهولة الحصول على المعلومات، وأنىّ لنا من إمكانية توفر هذه الأسس... وعلى الرغم من ذلك تجدنا ملزمين في البحث في الأمور التي تخطط لنا ولشعوبنا... أو على الأقل الدعوة لمناقشة هذه المسائل المصيرية... آملين أن نكون قد بينا الجهة المستفيدة من فصل السياسة عن الاقتصاد...
نرى واجباً شكر كل الذين يبذلون جهوداً على طريق الإصلاح الاقتصادي، ونقدر لهم غيرتهم على المصلحة الوطنية وسعيهم لإخراج البلاد من الأزمات التي تعيشها، وفي الوقت نفسه نرجو أن يتسع صدرهم للنظرة النقدية، وسماع الرأي الآخر...
إنّ الدعوة للإصلاح الاقتصادي بمعزل عن الإصلاح السياسي، تعني أنّ جميع المسائل المطروحة ستتم مناقشتها في الأجواء السابقة نفسها، ووفق الآليات السياسية السابقة لعملية الإصلاح، التي تطغى عليها قوانين حالة الطوارئ التي بينت التجربة أنّها تستعمل لكم أفواه الأحرار وتحمي الفساد والمفسدين، فضلاً عن أنّ الإصلاح سيتم في الظروف والشروط السياسية والدستورية والقانونية السابقة له، بالتالي فهو سيخدم الفئات والطبقات المهيمنة والمستفيدة من البنية السابقة، هكذا تسد أية أفق لهذا الإصلاح، لأنّ الظروف التي يحصل فيها تتناقض مع أسس الحياة الجديدة التي يتطلبها...
ولمّا كان النهج الاقتصادي الذي يتم اعتماده هو بناء "اقتصاد السوق الاجتماعي"، فسيترك هذا النهج آثاره على كافة شرائح المجتمع... وكل فئة ستحاول الاستفادة من هذا النهج لتلبية مصالحها، ولن تنعدم التناقضات على الرغم من تدخل الدولة...
لا أعتقد أنّ مهتماً عاقلاً بالشأن الاقتصادي يستطيع، في الظروف الدولية السائدة في هذه المرحلة، الدعوة لنهج سياسة اقتصادية لا تنسجم مع متطلبات هذه المرحلة... ويبقى "اقتصاد السوق الاجتماعي" أهون التسميات على تجرع معطيات هذه المرحلة... ولكن هذا النهج يتطلب تأمين أجواء سياسية سليمة متكافئة للجميع، وخاصة للمنتجين والكادحين، كي يستطيعوا أن يدافعوا عن مصالحهم، ولتحقيق عملية التقدم الاجتماعي... ومن المعروف أن المناخ السياسي السليم لهذا التطور هو الديموقراطية... إن لم تتوفر الأجواء الديموقراطية الصحيحة والسليمة التي تسمح بالتعددية السياسية وحرية تشكل الأحزاب على أسس وطنية وحرية المعارضة والصحافة والإضراب والتظاهر، ولمؤسسات المجتمع المدني أن تتفتح، لن يستطيع المنتجون والكادحون الدفاع عن مصالحهم، وستبقى مسيرة التطور والتقدم الاجتماعي عرجاء... بالتالي لا بد من إعادة الاعتبار إلى علاقة الاقتصاد بالسياسة، لأنّ فصل الاقتصاد عن السياسة يشوه عملية التطور ويخدم بالدرجة الأولى الفئات المهيمنة...
في ظل الدعوة إلى الإصلاح الاقتصادي المبتور، نتيجة عدم ترافقه بإصلاح سياسي، تجري في السنوات الأخيرة عملية إدخال مفاهيم ومصطلحات اقتصادية هدفها تضليل الرأي العام والتأثير في الوعي الاجتماعي، مثل مفهوم خط الفقر للناس الذين لا يموتون جوعاً، فضلاً على القيام بعمليات إحصائية مفبركة تعطي النتائج التي يريدها الدارس، ومنها تلك التي توصلت إلى أنّ نسبة من يعيشون دون خط الفقر 9% في عام 2004 على اعتبار أن كل مواطن يزيد دخله عن 1331 ل.س، أي أقل من دولار واحد يومياً، لن يموت من الجوع... هكذا يجري الإيهام بأنّ غالبية المجتمع تعيش فوق خط الفقر، أي في حالة تفوق الكثير من البلدان، دون تسليط الضوء على حجم البطالة، وخطأ الأرقام المفبركة، وعلى تلك الفئة الطفيلية التي تشكل حوالي 5% من السكان وتستأثر بنسبة 90% من الدخل الوطني... فضلاً عن إغلاق وملاحقة أي منبر صحفي يشير إلى حجم ملكية الفاسدين من الفئات المهيمنة ومصادرها، وقمع كل من تسول له نفسه الإشارة إلى مصدر ثروات هؤلاء، نتيجة عدم وجود المناخ السياسي الديموقراطي السليم، الذي يسمح بالإشارة إلى مكامن الضعف والفساد... ومن الخطورة بمكان استغلال المنظمات الدولية كبعض منظمات الأمم المتحدة وإقحامها في هذه الإحصائيات، التي تذكرنا بالإحصائيات التي كانت تجري في دول المعسكر (الاشتراكي) سابقاً، والتي كانت تصل إلى نتيجة مفادها أنّ مستوى حياة الناس في أفقر دولة (اشتراكية) يفوق مستوى معيشة السكان في الدول الغربية، كالفرنسيين على سبيل المثال...
ونتيجة لغياب الأجواء السياسية الديموقراطية السليمة، تعلن هذه الإحصائيات، وتصور وكأنّه حقيقية، دون أن تجد مراكز أبحاث مستقلة تدحضها... بل تجد الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والتقدمية تفغر فاهها مؤيدة لها... أجل إنّ الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والتقدمية الرسمية تتجاهل أيضاً ضرورة الدعوة إلى الإصلاح السياسي... وإن دلّ هذا الأمر، الملفت للانتباه، على شيء فهو يدل على إفلاس تلك الأحزاب، وخيانتها لفكرها، وللجماهير التي تزعم الدفاع عن مصالحها... وينعكس ذلك في انكفاء الجماهير عنها، وزيادة عزلتها، فضلاً عن أن ذلك سيحد من مستقبلها...
إنّ مفهوم "اقتصاد السوق الاجتماعي" يحمل في طياته مدلولات متعددة ومتباينة... فهو يطبق في بلدان أوربا الغربية الرأسمالية، بالتالي هو اقتصاد رأسمالي، مع إعطاء الدولة هامش للحد من بؤس الطبقات المضطهدة... وهذا الدور لا تستطيع حتى الدولة الرأسمالية المتطورة وذات التقاليد العريقة، وحدها القيام به، بل هي تحتاج، وتساعدها منظومة وبنية اجتماعية ديموقراطية، ومؤسسات مجتمع مدني تتيح لأبناء المجتمع المساهمة بدورهم في هذه المهمة الإنسانية الهامة... ففي "اقتصاد السوق الاجتماعي" تسود العلاقات الرأسمالية، ويتمتع رأس المال بحرية الحركة والاستثمار، ومن الضروري أن تترافق حرية رأس المال مع حرية المنتجين والكادحين، وهذا يتطلب بدوره بنية سياسية ديموقراطية جديدة تنسجم مع متطلبات هذا التطور، أي تتطلب إصلاحاً سياسياً...
الذي نسمعه حتى الآن هو الدعوة لحرية رأس المال، بدعوى جذب الرساميل وزيادة مجالات الاستثمار، وهذا أمر ليس بالخاطئ في الظروف الحالية، بل هو أمر ضروري، إنما نرى فيه نقصاً، وتجريداً للمنتجين من سلاح الدفاع عن مصالحهم... قد يقول البعض، ها هي الصين (الاشتراكية) تفتح الباب للاستثمارات الرأسمالية، وتبقي على البنية السياسية السابقة (الاشتراكية)، وهنا لا يسعنا إلاّ أن نقول إنّه، أولاً، لا مجال للمقارنة، ولقد سئمنا من نقل التجارب ودفعنا ثمنها غالياً، هذا من ناحية، وثانياً، هل هناك دراسات حول درجة الاستغلال والفساد هناك؟ حيث يعشش الفساد لا مجال للحديث عن العدالة والاشتراكية! هل يكفي أن ننادي (حرية، عدالة، مساواة، اشتراكية، شيوعية) حتى يتحقق ذلك؟؟!! ألا تدخل مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة في دساتير أكثر الأنظمة ديكتاتورية؟! نحن لا نصدر أحكاماً، ونتمنى للصين التطور والازدهار، وأن تتبوأ أفضل موقع في العالم، وأن يعيش شعبها الصديق أفضل حياة، لكننا نقول، في الوقت نفسه، المنهج العلمي يتطلب النقد، لا التسليم والنقل...
يتطلب الإصلاح الاقتصادي السليم مشاركة فعالة من قبل مختلف شرائح المجتمع، لن يتم أي إصلاح دون فعالية حقيقية من قوة الإنتاج الأولى وعنصرها الأساسي ألا وهي الإنسان، ما هو موقع الإنسان في منظومة هذا الإصلاح؟! كي يقوم عنصر الإنتاج الرئيسي بمهامه من الضروري تأمين ظروف ومناخ ملائمين له، كي يعطي ويتطور ويتجدد، ويتزود باستمرار بالمعرفة والوعي، ووسائل الدفاع عن مصالحه، وهل يمكن الوصول إلى ذلك دون إصلاح سياسي؟ تقاس فعالية أي إصلاح بمدى خدمته للمجتمع وتطوره ورقي أبنائه، وتلبيته لمتطلبات التقدم الاجتماعي، فضلاً عن ضرورة بذل كل الجهود لتلافي ومعالجة أي نوع من أنواع الانقسامات والنزاعات التناحرية، بما فيها التناقضات التناحرية الطبقية في المجتمع... ويبقى الدينامو والمحرك الرئيسي لأي إصلاح إداري أو اقتصادي سليم، هو الإصلاح السياسي الديموقراطي الذي يلبي متطلبات إنسانية الإنسان وحريته وتقدمه الاجتماعي.

المهندس شاهر أحمد نصر: ( كلنا شركاء ) 25/9/2005

اقتراح للتخفيف من الحوادث

باعتبار أنه من الصعب الوصول إلى حلول سريعة لمشكلة الطرق ،أقتر ح العمل باتجاه توعية السائقين -
لم لا نضع مثلا في موقع كل حادث لوحة سوداء تشير إلى عدد ضحايا ذلك الحادث عبرة للآخرين

السبت، شعبان ٢٠، ١٤٢٦

مأساة ؟؟؟؟

نتفاعل جميعاً مع أي حدث مأساوي تنجم عنه خسائر في الأرواح والممتلكات ، سلباً أو إيجاباً بمقدار إنسانيتنا ومعرفتنا ، ونتفاعل أكثر مع ما يحصل في بلادنا بالطبع وبخاصة ما هو ناجم منها عن الإهمال والتسيب ، والحوادث المرورية جزء لا يتجزء منه ....

آخر حادث مأساوي سلطت الأضواء عليه قد حصل في منطقة " نزول التنايا " ، وردت تعليقات كثيرة تحمّـل جميعها المسؤولية على أجهزة شرطة المرور أولاً وعلى من هو مسؤول عن التخطيط والتنفيذ للحركة المرورية ضمن الاوتوسترادات والطرق الرئيسية بغض النظر عن صفته الوظيفية .

هذا صحيح تماماً وبالمطلق ولا يمكن القبول بأية أعذار ، لكنه ليس بموضوع جديد أو مستجد بل إنه موضوع قديم لا يزال يتكرر وبصورة شبه مستمرة ومنذ عقود ...... وكأنه اليوم .

تم تنفيذ الطريق المستخدم حالياً منذ ثلاث عقود تقريباً ، ثم نفذ خلاله عدة نقاط للطوارئ مزودة ببعض التجهيزات – المقبولة – في حينه ، ثم وضعت ضمنه عدة " نقاط " هاتفية تبين أن أغلبها لا يعمل بعد فترة من وضعها بالخدمة .

وكان يتم إتحافنا جميعاً بالكمّ الكبير من "الإنجازات" التي تتمنن بها علينا من تطلق على نفسها تعبير"الجهات الوصائية" ، رغم العديد من الأصوات "الخجولة المترددة" التي تنادي بعدم الوقوف عندها طويلاً بل ضرورة العمل المستمر في سبيل تطويرها بما يلائم التطورات المجتمعية في بلادنا .

وعلى سبيل المثال أيضاً : تم تنفيذ طريق – اوتوستراد - ضمن محافظة حماه تصل ما بين مركز المحافظة ومنطقة الغاب دون النظر نهائياً إلى أهمية مداخل ومخارج المدن الكبيرة الواقعة على مساره ، وإلى تجمعات القرى والبلدات والمزارع المتوضعة على جانبيه ، كما دون النظر نهائياً إلى الإشارات المرورية اللازمة ، الأمر الذي تسبب ولا يزال يتسبب بالكثير من الحوادث المؤسفة ، وينهال سيل من الشكاوى من أهالي المدن والتجمعات المذكورة إلى الأجهزة التنفيذية بالمحافظة مطالبة بمعالجة الوضع ، وتكتب الصحافة المحلية عن ذلك ، لكي يتم لحط ضرورة إدراج دراسة معالجة الأمر ضمن الخطة ولكي يتم مراسلة الجهة المعنية ومن ثم رصد الاعتماد اللازم وصولاً إلى الإعلان ثم التعاقد والتنفيذ .. وهات يا زمن ..... ليس الموضوع عند الإدارات المحلية التي تتحمل أخطاء الجهات "الوصائية" والإدارات المركزية ، وليس هو من مسؤوليتها المباشرة بقدر ما هو مسؤولية الجهة الدارسة والجهة المنفذة والجهة "الوصائية" .....

يمكن لنا جميعاً إظهار العديد من الأمثلة وحتى ضمن المدن ، لأنه يمكن معرفة الخطأ والصواب بواسطة الانتباه والملاحظة والمحاكمة العقلية لا بالتخصص فقط ، ففي حماه مثلاً يوجد عدد من الدوارات التي يفترض أنها صممت ونفذت لتنظيم الحركة المرورية لكن الواقع يقول العكس تماماً لأنها قد لحظت أساساً ضرورة تسهيل الحركة المرورية لسيارات المسؤول (؟؟) دون النظر إلى المشاة ، وكمثال أذكر : دوار العجزة ، دوار بلال ....إلخ .

نتكلم عن دولة المؤسسات ؟ إنها تعني بداية المشاركة في الرأي والتخطيط والمسؤولية وليس من قبل "الأوصياء" بمجموعهم فقط .... كما أنها تعني أساساً أن من يعتبر نفسه مسؤولاً فإنه مسؤول عن تحقيق مصلحة المواطن بمقدار مسؤوليته عن خدمة المواطن دون أن يعتبر نفسه أكبر من المواطن ... إضافة أقول بأنها تعنى إعلام المسؤول بأننا كمواطنين نساهم فيما يستحقه من راتب مادي من الضرائب التي ندفعها جميعاً إيراداً للخزينة العامة .

نتكلم عن دولة المؤسسات ؟ إنها تعنى المحاسبة والمساءلة لمن خطط ولمن ساعد ولمن تجاهل ولمن نفذ ولمن سرق ولمن تجاهل ( مالنا علاقة باغتيال الحريري ) . إنها تعني مصلحة المواطن أساساً ، عملاً لا قولاً ... لا ترفيعاً وظيفياً لمن أخطأ وشارك في إهمال حق الوطن والمواطن .

استغرب ممن يسمي نفسه "وصياً" على المواطن - لأنه يهتم بمصلحة المواطن ولأنه الأقدر على معرفتها وتنفيذها- نسيانه وعدم اهتمامه بمصلحة المواطن ؟؟؟؟؟ استغرب بمن هو مسؤول عن تطبيق القانون نسيانه أو تجاهله للقانون ؟؟؟؟؟ ثم استغرب من المواطن إهماله لمتطلباته ولحقوقه وانجراره وراء فرديته فقط ...

واستغرب أخيراً نسيان الجميع لعامل الوقت الذي قالت عنه العرب – ولا نزال نتغنى بالأمجاد العربية؟ - أنه كالسيف إن لم تقطعه قطعك ........ !

لا أعلم إن كان السيد رئيس الجمهورية مطلعاً على هذا الموقع أم لا ، في كلا الأحوال أقول أن ما قد يطلق عليه تعبير "نكته" في مصر ، هو أن المسؤول القديم ذاته والذي لم يكن يستخدم تعبير المواطن سابقاً ضمن خطاباته التوجيهية أو ضمن اجتماعاته ، أصبح وكأنه لا يمل من تكرارها وكأنها أصبحت لازمة ضمن كلامه .

سبق لي وأن كتبت عن جهاز الشرطة بشكل عام خلال العام السابق ، وطالبت خلاله بتعديل الوضع المالي الوظيفي لهم لأنهم الجهاز الضائع ما بين قانون العاملين الموحّـد والجيش والقوات المسلحة ، سواء من حيث الراتب أم من حيث طبيعة العمل ، كما طالبت بإعادة التأهيل لهم وبخاصة عناصر شرطة المرور ، ثم عدم التهاون في محاسبة ومعاقبة المخطئ والمسيء منهم واعتبار المواطن الركن الأساس في التعامل لا العكس .

قد يستطيع جميعنا كتابة صفحات وصفحات عما نعانيه كمواطنين من التسيب والإهمال وعدم المبالاة ، ومن الارتزاق على حسابنا من الأجهزة المذكورة ،
إضافة إلى ما تسببه تصرفات بعض عناصرها من تشويه لبلادنا تجاه الغير، ذلك مع الجزم بأن جميع ما ذكرت ليس ببعيداً عن مسامع "الجهات الوصائية" و"المسؤولين" ، فماذا عن التنفيذ ؟.

نزار صباغ

الرشوة واللعنة

يُحكى أن رجلاً كان له معاملة في دائرة من الدوائر الرسمية وطلب من أحد الموظفين أن يساعده في إنجازها وبعد أن انتهى الأمر حسب الأصول وبشكل قانوني 100% قام الرجل بفك كيسه وقدم منه شيئاً للموظف الذي تقبل (الهدية) بوجه بشوش وعندما خرج المواطن صاحب المعاملة لحق به الموظف وأعاد له تلك الهدية فاستغرب الرجل هذا التصرف واستوضح الموظف فيما يفعل لكي يفهم على الأقل، فقال له الموظف: كنت مضطراً لذلك أمام زملائي الموظفين حتى لا يقال أنني أزاود عليهم بنظافة اليد والشفافية.. وقد حذروني من ذلك وإلا كادوا لي وحفروا لي وربما تخلصوا مني، وبهذا الفعل أبيع ضميري أمامهم ثم أعود وأشتريه خارج المكتب الوظيفي، فتعجب الرجل وقال له: إنه آخر الزمان. هذه الحادثة ليست جديدة ووقعت في القرن السابع عشر للميلاد أي أيام العثمانيين كما رواها الكاتب المعروف أمين معلوف في واحدة من رواياته المتميزة.. أما اليوم فحدث ولا حرج عن بيع الضمير والذمم ولأتفه الأسباب.. ف الرشاوى تضرب أطنابها من المستخدم ((البواب ))إلى المدير ورئيس الدائرة ولصاحب الفضل والمنة في تعيين هذا المدير وذاك المسؤول نصيب وافر من الرشوة التي أصبحت قاعدة وليست استثناء كما هو الحال أيام العثمانيين.
ويحكى أن أحد المراجعين لدائرة من الدوائر الرسمية وبعد أن ((شنشطه و مرمطه ))الموظف وهو يقول له: تعال بكرة تكون معاملتك جاهزة اضطر إلى أن يمد يده إلي جيبه ويكرم الموظف المسكين.. وبعد أن أنجز له معاملته القانونية التي لا غبار عليها دفع الموظف 100 ليرة غير أن الموظف نهره ولم يرض بالمبلغ طالبا ((أم الطربوش)) فقال المواطن: بضميرك هل تستحق المعاملة 500 ليرة.. فرد الموظف: لا تأتي على ذكر المرحوم!! فقد مات ضمير هذا الموظف منذ أن قبض أول هدية مقابل عمله الذي يقوم به ووظيفته التي يقبض راتبه مقابل أداء تلك الأعمال.. وقديماً- وهذا القديم ليس ببعيد- كان يُنظر للموظف المرتشي بإزدراء وكان منبوذاً من زملائه في العمل وكان استثناء وليس قاعدة كما هو الحال.. كان الموظف يطلب الرشوة على استحياء وبتلميحات وبأسلوب سري كان يترك أحد أدراج مكتبه مفتوحاً ويومئ للمواطن أن ينظر إلى الدرج فيجد فيه النقود ليفهم المطلوب.. أما اليوم فالموظف الشريف الذي لا يأكل الحرام استثناء وليس قاعدة وطلب الرشوة علني وليس ضمنياً معاملتك تكلف كذا.. إدفع بالتي هي أحسن.. وروح وين ما بدك اشتكي.. بدنا نعيش .
وهكذا هو الواقع المأساوي الذي نعيشه.. الرشوة تنتشر كالسرطان الخبيث في الدوائر والمديريات والجهات الحكومية يجبروك على الدفع مهما كانت معاملتك بسيطة ونظيفة أحد الأصدقاء روى لي أنه اضطر إلى أن يدفع المعلوم لموظف النفوس عندما قصد دائرة الأحوال المدنية مكرهاً ومجبراً وذلك من أجل تقديم شهادة وفاة لأبيه الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية فلم يستلم الموظف في تلك الدائرة معاملة الوفاة ولم ينجزها إلا بعد أن طلب منه (باكيت مالبورو أحمر ).. فتصوروا حالة انعدام الضمير.. وصدق أحد مشايخنا عندما وصف أمتنا بأنها أصبحت أمة ملعونة لأن الله تعالى لعن الراشي والمرتشي.. فهل من صحوة تنبش الضمائر من القبور؟!

العنوان الأصلي : أمتنا الملعونة ! .. بقلم : أسامة سعد الدين

الأربعاء، شعبان ١٧، ١٤٢٦

ارحم أساتذة الجامعات ... يا سيادة الرئيس!

سيادة الرئيس... أعتذر لتوجيه خطابي هذا إليك مباشرة نظراً لأن أصحاب الشأن من دونك من السادة ‏الوزراء ومن ساواهم بلا آذان أو عيون أو أنوف: فهم لا يسمعون ما يدور حولهم في هذا العالم،

ولا ‏يرون إلى أي حضيض هم بنا سائرون ، ولا يشمون روائح ما خلّفوه لنا من فساد وتعفن في مجتمعنا ‏وفي جميع مؤسساتنا. لديهم فقط أفواه شرهة تلتهم الأخضر واليابس من حولها دون أن تفرز أو ‏تخلف شيئاً للآخرين. ‏

لا أريد أن أتحدث عن كل شيء فذلك يحتاج إلى موسوعات، بل أريد أن أتحدث فقط عن بعض هموم ‏جامعاتنا – مصانع الأجيال والكوادر في هذا اليلد، وعن أساتذتها – صانعي هذه الكوادر كوْني ابن ‏لهذه المؤسسة التي أفتخر بالانتماء إليها.‏

في 1/1/1986 صدر فانون العاملين الموحد الذي حقق في حينه إنجازات مهمة وقدم عطاءات جيدة ‏للعاملين. استثني من هذا القانون آنذاك أساتذة الجامعات على أمل تكريمهم لاحقاً بقانون يليق بهم (ولم ‏يصدر هذا التكريم حتى تاريخه). وفي 1/1/2005 عدّل قانون العاملين الأساسي السابق ليساير ‏التطور التاريخي والمنطقي، وكثرت الإشاعات آنذاك عن أن قانوني تنظيم الجامعات والتفرغ اللذين ‏طال انتظارهما سيصدران بالتزامن مع هذا القانون، وكثرت المراهنات، وأصبح الحديث عن هذا ‏الموضوع الهمّ الأول لأساتذة الجامعات، وبدأ بعضهم يفكر جدياً بالتخلي عن إعارته ودولاراته التي ‏يجنيها من غربته الإلزامية ويعود إلى جامعته الأم ليخدم وطنه ويعيش بين طلابه الذين تخلى عنهم ‏لسنوات عديدة ضمن سياسة التهجير القسري والمبرمج لعلمائنا ومفكرينا، وتفريغ الوطن من كل ذي ‏علم وعقل.‏

سيدي الرئيس ... يحز بنفسي أن أقول أن أساتذة الجامعات مهانون في عقر دارهم وفي وطنهم، ‏ومكرمون في بلاد الاغتراب بالرغم من كل ما يرافق ذلك من مآسي – وهكذا نرى أن جامعاتنا قد ‏فَُرّغت فعلاً من الاختصاصات النادرة، وحتى غير النادرة باستثناء من لم يتمكن إيجاد عمل خارج ‏جامعته أو لسبب قاهرٍ آخر. دعني أفصّل ذلك قليلاً:‏

‏-‏ أستاذ الجامعة مُهان براتبه الذي لا يُحسد عليه. ///راجع لا اصلاح قبل زيادة الدخل///

أتدري سيدي الرئيس أن راتب رئيس ‏الجامعة (وهو يمثل سقف الراتب لجميع أساتذة الجامعة) لا يتجاوز 13,000 ل. س. إلا ‏قليلاً، وأن بدل المسؤولية لا يتجاوز مئتي ليرة عداّ ونقداً. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لرئيس ‏الجامعة فكيف سيكون الأمر بالنسبة لبقية الأساتذة، وبالأخص حديثي العهد منهم؟ أتعلم ‏سيدي الرئيس أن الترفيعة الدورية للأستاذ الجامعي ما والت بحدود 90-500 ليرة (وذلك ‏بحسب مرتبته) بينما ترفيعة أي موظف في الدولة لا تقل عن 1000 ليرة، وأن مهمة السائق ‏الذي يرافق مثلاً رئيس الجامعة إلى دمشق تتعدى ثلاثة أضعاف مهمة رئيس الجامعة نفسه؟- ‏ألا يحق لي ولأي شخص آخر أن يتساءل بأية نزاهة سيدير رئيس الجامعة جامعته وكيف؟.‏

-‏ مُهان بوسائط النقل

إذ على الرغم من كل ما نراه من تطوير وتحديث طال جميع مناحي ‏الحياة (على الرغم من محدوديته) إلا أن هذا الموضوع لم يمس أساتذة الجامعات أبداً، وما ‏زالت السيارة حلماً غير قابل للتحقيق حتى ولو كان بمستوى بيك-آب سكودا – التي حوّلت ‏ساحات جامعاتنا إلى ما يشبه أسواق الخضرة. أتساءل ألا يحق لنا تكريم أساتذة الجامعات ‏‏(أو على الأقل من حاز منهم مرتبة أستاذ وأستاذ مساعد) برخصة استيراد سيارة يدفع ‏جماركها بشكل نظامي وذلك أسوة ببقية القطاعات؟ ولنتخلص بذلك من ظاهرة تنقّل الأستاذ ‏في وسائط النقل العامة واقفاّ – هل سيكون برأيكم مثل هذا الأستاذ محترماً من قبل طلابه، ‏وبالأخص بعد أن يدفعوا عنه أجرة الباص؟

‏-‏ مُهان بالقوانين التي تحكم عمله في الجامعة وبالأخص قانون التفرغ وقانون تنظيم ‏الجامعات

الذي بات من أكثر القوانين الجامعية تخلفاً في العالم. أتصدق يا سيادة الرئيس أن ‏أجرة الساعة التدريسية للأستاذ ذي الكرسي ما زالت خمسون ليرة سورية (أي أقل من ‏دولار واحد) في وقت استطاعت فيه بقية الوزارات أن تُعدّل وتطور قراراتها لتواكب ‏التطور بسرعة ولتصبح أجرة الساعة التدريسية لديها ضعف هذا المبلغ؟ عداك عن أن ‏الأستاذ الجامعي لا يحق له التدريس المأجور في جامعته (مهما كان عدد الساعات الإضافية ‏التي يدرّسها زيادة على نصابه) بل عليه أن يتشرشح ويتشنشط إلى جامعة أخرى تبعد عن ‏جامعته مئات الكيلومترات ليدعم راتبه الذي بات لا يطعمه. أسأل أي مواطن عادي عن ‏أجرة الساعة الخصوصية التي يدفعها لتدريس ابنه في مرحلة التعليم الأساسي وقارنها مع ‏هذا المبلغ لترى العجب العجاب.

‏-‏ الأستاذ الجامعي مُهان ليس خلال سنوات خدمته فقط بل بعد التقاعد أيضاً.

انظر سيدي ‏الرئيس إلى الراتب التقاعدي لأي أستاذ جامعي (سيكون طبعاً بمرتبة أستاذ وعمره 65 ‏عاماً) وقارنه مع أي راتب تقاعدي لأي موظف من الفئة الأولى بعد صدور قانون العاملين ‏الجديد وسترى ما لا تستطيع تصديقه ولا يقبل به منطق. إن من يتقاعد الآن يا سيادة الرئيس ‏ينزف قلبه دماً ويتألم حسرة على‎ ‎راتبه التقاعدي الذي يقل ثلاثة آلاف ليرة على الأقل عن ‏الراتب التقاعدي لموظف من الفئة نفسها وله سنوات الخدمة نفسها.‏‎ ‎

‏-‏ ‏......‏

لا نريد أن نتوسع أكثر في شجوننا فهي كثيرة جداً، بل نريد أن نزرع الأمل. ويحق لنا في الوقت ذاته ‏أن نتساءل من الذي يضع العصي في الطاحون؟ ولمصلحة من عرقلة قانوني التفرغ وتنظيم ‏الجامعات؟ من يعمل جاهداً لتفريغ جامعاتنا من خيرة كوادرها وتسريبها إما إلى جامعات خارجية أو ‏إلى الجامعات الخاصة والتعليم المفتوح وما شابه ذلك؟ وهل هناك خطة معينة مجهولة الهوية للقضاء ‏على التعليم الجامعي الرسمي- الحكومي لصالح التعليم الجامعي الخاص ولتكتمل بذلك حلقة وانهيار ‏السلسلة من التعليم ما قبل الابتدائي وحتى التعليم العالي؟

بعد كل ذلك ألا يحق لنا أن نطالب بالإسراع بإصدار قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات ومساواة أساتذتنا ‏مع غيرهم من موظفي الدولة؟ مع منحهم جزءاً يسيراً من الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في ‏الدول المجاورة وذلك للحد من النزيف المؤلم لأساتذتنا؟

أوردت وسائل الإعلام المختلفة أكثر من مرة أن مجلس الوزراء أقر قانوني التفرغ وتنظيم ‏الجامعات !!!!!!!، وبعد كل إقرار في مجلس الوزراء كان القراران يعودان ثانية ليدوران في الحلقة المفرغة ‏ذاتها. ومن الواضح سيدي الرئيس أن القانونين يحتاجان إلى تدخل مباشر منكم كما فعل الرئيس ‏حسني مبارك الذي اجتمع مع أساتذة الجامعات يومين متتالين لدراسة وإصدار قانون تنظيم الجامعات ‏في مصر.‏

د. مصطفى دليلة

السرعة في انجاز مشروع التطوير والتحديث والعصرنة يقوي سورية في وجه الضغوط

التحديث والتطوير والعصرنة خيار قيادي دخل مع تسلم رئيسنا الشاب الدكتور بشار الاسد مقاليد السلطة بعد رحيل القائد الخالد مبكيا عليه علما آن الخطوات العملية الاولى للتطوير والتحديث بدأت مع الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي اطلق مشروعه في تفعيل الرقابة والمحاسبة
وملاحقة المقصرين والهادرين للمال العام والمختلسين.
ثم عاد واشاع الرئيس الشاب بشار الاسد مشروع التطوير والتحديث لانه كان يدرك تماما ما كان يجري في البنية السورية الداخلية لا سيما الاقتصادية والادارية وكانت مؤسسة الرئاسة وبشكل خاص السيد الرئيس تراقب وتعرف كل الاتجهات والتحولات والاحتقانات وتزين الأمور بميزان ادق من ميزان الذهب

وحالما نضجت الظروف والمقدمات اطلقت الورشة بكل الاتجاهات وبشكل خاص رعاية الرئيس المباشرة للجمعية المعلوماتية وندوة الثلاثاء الاقتصادية .
آن برنامج التطوير والتحديث والعصرنة ليس مشروع لقيطا ولم يات لاسباب طارئة آو ضرورية وليس مفروض من الخارج بل له اب هو الرئيس بشار الاسد الذي يعرف ما يريد والذي يتسم بمنهجية علمية واتساع وعمق ومعرفة وامتلاك رؤية واضحة وقد كشفت كل المقابلات التي اجريت معه قبل الرئاسة وخلال الرئاسة ولا سيما خطاب القسم وكلمته الاولى والاخيرة في المؤتمر القطري العاشر للحزب آن الرئيس يهدف آلي تحقيق تغيير شامل في سورية تغيير في العقلية والمنهجية في التعليم والمدرسة والمصنع والمجتمع

التفاعل الاجتماعي مع الرئيس بشار الاسد

آن البيئة الاجتماعية مهيئة ومتفاعلة مع مشروع الرئيس التطويري على نحو مهم جدا ولقد توحدت جميع الفئات الاجتماعية والكتل حول برنامج وخيار الرئيس وتحولت سورية آلي ورشة حوار وعمل خلال السنوات الثلاث الاولى من عصر التطوير والتحديث وارتقى المشروع وصاحبه آلي مرتبة الحلم الجامع لكل السوريين

المطلوب حكومة تتفاعل مع الشعب

بما آن الحديث يجري الان عن تغيير وتشكيل الحكومة لذا المطلوب حكومة تتواصل مع الناس وتعمل من اجلهم وتستشيرهم بكل شيء لان المواطن السوري اليوم يعاني من ضغوط مالية كبيرة وارتفاع كبير في جميع اسعار السلع وفواتير ماء وهاتف وكهرباء وطوابع ورسوم ومعاملات ووووو

لذا يجب آن يشارك الشعب في اختيار الحكومة وان يكون رضى المواطن هو المؤشر والمقياس لتقييم عمل الحكومة وهناك اشياء كثيرة وملحة في سورية يجب انجازها وبشكل خاص توصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب لجهة وضع قانون جديد عصري للاحزاب وتعديل قانون المطبوعات المرعب لكثير من الاقلام والعقول كما لا بد من اعادة النظر بقانون الطوارىء ووضع اليات لمحاربة الفساد حتى لا يتحول آلي كارثة تدمر المجتمع وتقضي على خطط التنمية

الإصلاح لا يعني تغيير الاشخاص

آن كل تغيير لا يصل آلي عمق البنى الاجتماعية ولايشرك كافة القوى لا يمكن آن يؤدي آلي نتائج ايجابية كبيرة لذا يجب العمل على جميع الملفات والاستفادة من المجتمع كقوة دفع حيوية ويجب توفير جميع الشروط والعناصر لنجاح البرنامج وانتقاله بالسرعة القصوى من برنامج وافكار وقوانين ومراسيم آلي مجالات التطبيق والانتاج العملي وكما نجحت سورية في مختلف الملفات ستنجح في انجاز برنامج التطوير والتحديث وتدخل معه العصرنة من ابوابها لكن بشرط آن تستفيد من الخبرات السورية في الداخل والخارج وان تخلق حراك سياسي واداري وثقافي من خلال اصلاح القضاء واصلاح الاعلام بحيث يكون سلطة رابعة حقيقية تقف عند معاناة واحتياجات الناس وتراقب عمل الوزير والمسؤول ولا تقف على بابه من اجل تلميع صورته 0

خطة الإصلاح الطموحة

لا يمكن تحقيق برنامج التحديث والتطوير دون إدارة فاعلة تشاركية تعمل من اجل الوطن والناس لانه لا يوجد في العالم انظمة ناجحة واخرى فاشلة بل توجد إدارة ناجحة تصنع الانجازات وادارة فاشلة تصنع الفشل والادارة اليوم لم تعد استعراض لبطولات وانجازات شخصية بل هي علم وتخصص وفن وموهبة وتقنية لذا يجب الاهتمام بالعناصر التي لديها تاهيل أتداري وتقني والاستفادة منها لتحقيق خطة الإصلاح الطموحة التي براينا لا يمكن تحقيقها اذا لم يتم وضع معايير اداء موضوعية في الترفيع والمكافات وشغل الوظائف حيث تكون المعايير مرتبطة بكمية الجهد الذي يبذله الموظف ونشاطه في العمل ومبادرته المفيدة آلي جانب نظام الترفيع حسب الاقدمية لا آن نرفع جميع الموظفين 9% دون تمييز بين نشيط وكسول

وكذلك أقول لا نستطيع بجهازنا الإداري الحالي تحقيق برامج الإصلاح والتحديث والتطوير خاصة آن 75% من العاملين بالدولة يحملون شهادات ثانوية ومعاهد وما دون وهؤلاء لا يستطيعون بحكم تأهيلهم المنخفض المستوى آن يكونوا عدة تطوير في عصر المعلوماتية والانترنت وتفاعل الامم والشعوب والاقتصادات لان من لا يمتلك اقتصاديات المعلوماتية لن يستطيع امتلاك ناصية القرن الحادي والعشرين ولا ينتمي آلي المشروع التطويري والتحديثي للرئيس الشاب بشار الاسد

المسؤليات جماعية والواجبات مجتمعية

آن المهام التي حددها القائد الشاب بشار الاسد هي مهمات الجميع وهي مسؤولية كل وزير وكل مسؤول وكل رفيق ومواطن وموظف في موقع عمله وهي مسؤولية الحزب والحكومة والشعب بكاملها وسيتوقف كل تقدم لاحق في مسيرة التحديث والتطوير والعصرنة على مدى تمسكنا بهذه المهام وبالتنفيذ الامثل لها وبالتنفيذ الاسرع وبالتنفيذ الاوفر والاقل كلفة لذا على الجميع العمل بنفس ذهنية ورؤية السيد الرئيس التطويرية التي لا تحابي وانما تبحث عن الافضل والاكفا وعلى الحكومة الجديدة مراقبة وقياس الرؤية التطويرية للمدراء وفق مقاييس محددة تنطلق من خطاب القسم وكلمة الرئيس في مؤتمر الحزب ومعايير تطويرية ورقابية اخرى

فالجميع مسؤول وعليه دور ومهمة وواجب والجميع يتكاملون ويكملون بعض من اجل سورية حديثة متطورة عصرية مزدهرة يعيش فيها جميع السوريين بامان وسلام وطمانينة .

عبد الرحمن تيشوري

الثلاثاء، شعبان ١٦، ١٤٢٦

في المديح السلامة وفي نقد الحكومة الندامة

هائل اليوسفي محام معروف كثيرا في سورية لا لألمعيته، بل لأنه كاتب برنامج إذاعي بوليسي شعبي مشهور جدا اسمه حكم العدالة. وفي يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وما بين الواحدة والنصف والثانية والربع ظهرا، ما من مكرو باص أو سرفيس أو صاحب بسطة ولا ربة منزل أو صاحب دكان إلا ويتابع هذا البرنامج الذي يفوق قصص أرسين لوبين وشارلوك هولمز شعبية.

وفي مقاله المنشور في كلنا شركاء بتاريخ 18-9-2005 وهو بعنوان "هل يلفظ الفساد أنفاسه الأخيرة...!؟" (لاحظوا هذا العنوان المثير، مثل مواضيع برنامجه الإذاعي) كال صاحب حكم العدالة المديح الكبير لوزير العدل على حملته المناهضة للفساد واعتبر أنه "أول وزير للعدل ومنذ عدة عقود يمارس صلاحياته في مكافحة الفساد وعلى هذا النحو الجريء" ولا أدري إذا كان في ذلك إشارة لما جرى مؤخرا حينما تم توقيف رئيس محكمة النقض السابق ومعاونه - محمود سليمان وعلي الآغا - بعد مسيرة طويلة لهما في سلك القضاء دامت أربعين عاما كان مشهودا لهما في كل مكان خدما فيه بالاستقامة والشرف والأخلاق. (وللعلم هما وقعا على قرار سليم مائة في المائة يشهد له كل من يفهم بالقانون، وذلك إلى جانب خمسة قضاة آخرين – هم سبعة كامل أعضاء هيئة محكمة النقض في دعاوى المخاصمة - لكن لم يجر توقيف سوى هذين القاضيين، فهل من أحد من جهابذة التطبيل والتزمير يمكن له أن يعلل لنا ذلك لنقتنع معه؟).

لست مع هذا الوزير ضد ذاك الوزير، لكن يبدو أن حجم الفساد من حولنا، وخصوصا في السلطة القضائية هو أكبر من النوايا الحسنة لبعض الطيبين.
فمن له قضية في المحاكم في سورية يعرف جيدا أن نظام التقاضي قد يكون هو الأسوأ والأبطأ من نوعه في العالم على الإطلاق.
الرشوة على أشدها، بل وهي في ازدياد، القضاة يرتشون علنا كأي موظف صغير، أما عن كتاب المحاكم وموظفي دواوينها ومحضريها فعنهم سكتة.
يقف المحامي ذليلا أمام الموظف والمستخدم ويدفع له مائة ليرة كي يخرج له إضبارة من الخزانة أو ليعطيه موعدا أو ليستخرج له صورة عن وثيقة من وثائق الدعوى.
وفي محكمة النقض، وفي المكاتب المجاورة لمكتب وزير العدل يستحيل استخراج قرار أو نسخه أو تحريك الإضبارة قيد أنملة إلا بدفعات هي مئات الليرات وأحيانا آلاف، هذا فقط لنسخ القرار وإعادة الإضبارة لمصدرها ولا نتكلم عن عشرات الآلاف ومئات الآلاف لاستصدار القرار أو لتجاوز الدور الذي قد يسعى إليه المتخاصمون.
مأساة السلطة القضائية في سورية بدأت عام 1965 عندما تمت شرعنه تسليط السلطة التنفيذية من خلال وزير العدل على السلطة القضائية حينما تمت تسميته نائبا لرئيس مجلس القضاء الأعلى والذي هو رئيس الجمهورية، ونظرا لانشغال رئيس الجمهورية عادة بقضايا سياسية كبرى، فإن ا لمتابع والمتسلط على السلطة القضائية مباشرة عادة ما يكون وزير العدل الذي هو من السلطة التنفيذية، وفي ذلك تناقض مع مبدأ فصل السلطات الذي نص عليه الدستور السوري نفسه.
القاضي في بلادنا موظف عادي جدا ( بعضهم مرفوض شكلا ) وليس كما قال عنهم السنهوري بأنهم "نخبة من رجال الأمة اشرأبت نفوسهم بحب العدل"، بل يتم اختيارهم من الناس العاديين جدا، من يحبون وظائفهم وما تجره عليهم من منافع ومزايا، مشروعة كانت أم غير مشروعة، أكثر مما يحبون العدل والوطن.
في مقاله المذكور أعلاه يشيد المحامي هائل اليوسفي بالخطوات المتخذة حتى الآن على طريق إصلاح القضاء، لكنه هو يعرف أن ما كتبه غير مقنع، لكنه فعل ذلك فقط لينال حب وعطف وزير العدل، وهذا بعيد عنه، لأن السيد وزير العدل أكبر من ذلك بكثير، ولا شك بأن سيادة الوزير يحب من يوجه له النقد لكي يمكنه من الإصلاح ومتابعة الخطأ وذلك تماشيا مع المقولة الخالدة للرئيس الراحل "لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ ولا أن يتستر عن العيوب والنواقص" لكن للأسف، وفي حضور هذه الجوقة من المطبلين والمزمرين والمداحين بقيت تلك المقولة حبرا على ورق في أغلب الأحيان.
السقف في بلادنا أعلى من قامات الناس التي تكتب، فهم مثل بطل مقالنا يظنون "أن في المديح السلامة وفي نقد الحكومة الندامة" مع أن تاريخ سورية الحديث ليس على هذه الصورة التي يصورها البعض بأنه من يفتح فمه يضيع.
أبدا لم يكن الأمر كذلك، كان في سورية بدوي الجبل وعمر أبو ريشة وعبد الرحمن منيف وسعد الله ونوس ونزار قباني ومحمد الماغوط ولم يسجن أحد منه لنقد أو لمقال أو قصيدة أو رواية، بل نالوا رعاية كبيرة من الدولة ولا تزال الدولة توزع على من هو حيا منهم الأوسمة. وحتى اليوم لا تزال نخبة من الناس الشرفاء في سورية يكتبون بكل حرية على مواقع الإنترنت وفي بعض الصحف بما فيها الصحف المحلية التي نطمح أن تكون على مستوى أعلى مما هي عليه ولم يعترض لهم أحد.
يقول بريخت "أحب من النقد ما يظهر لي عيوبي ويأتي بأكبر الأدلة على ذلك" وهذا هو لسان حال كل إنسان رجل دولة في سورية.
بناء سورية الحديثة وإصلاح ما فسد فيها يتطلب نقادا وليس مداحين

المحامي ناصر الماغوط : ( كلنا شركاء ) 20/9/2005

السوريون يستحقون حكومة هم يختارونها ..

لا يختلف اثنان من السوريين على أن علاقة المواطن بحكومته يمكن تسميتها بعلاقة «اللاعلاقة» حيث تنعدم أي أشكال التواصل المباشر بين أعضاء الحكومة من الوزراء ومعاونيهم وما بين المواطنين، كذلك ثمة أفكار ومواقف مسبقة على المستوى الشعبي تجاه هذه الحكومة، وغالبية الحكومات السابقة ، التي تعمل في غالبية الأحيان على عكس مصالحهم، لناحية عدم ملامستهم منها الا ما يترتب عليهم من واجبات وأعباء التزامات مالية مرهقة ، كالضرائب والاضطرار لدفع الرشاوى حين الاقتراب من غالبية المؤسسات والمديرات العامة، هذا عدا عن البيروقراطية الثقيلة والمحسوبية المنفرة التي يمكن ملامستها عند أي احتكاك بين المواطن وتلك الوزارات والمؤسسات.
وحقا فان المواطن السوري اليوم يعيش تحت ضغوط مالية كبيرة تبدأ من الارتفاع الكبير في أسعار السلع ولا تنتهي عند أي حد، ولعل أقسى محطاتها ما يضطر لدفعه من التزامات للحكومة من ضرائب تطال كل مناحي حياته، فهو يدفع ضرائب عن البيت الذي يسكنه والطريق الذي يشق أمام هذا البيت مرورا بالأسعار الباهظة لفواتير الهاتف والكهرباء والماء وصولا الى الهواء الذي يتنشقه، ولا نبالغ هنا، فالجميع يعرف أن البيت الذي يشرف على حديقة تختلف ضريبته عن البيت البعيد عنها,! هذا هو المنظور من الضرائب، أما تلك المخفية منها في الطوابع والرسوم في المعاملات فحدث ولا حرج.
هذا عدا عن الفساد المعشش، والقضاء الاعرج، والاعلام الذي من المفترض أن يكون سلطة رابعة تقف عند معاناة واحتياجات الجمهور السوري وليس الوقوف على باب الوزير والمسؤول من أجل تلميع صورته والوقوف عند تحركاته وجولاته.
وما يزيد من مأسوية هذه «اللاعلاقة» بين الحكومة ومواطنيها، أن الحكومة غالبا ما تفرض على السوريين دون استشارتهم بعكس كل ما هو سائد في كل الأنظمة وعند الشعوب الأخرى ، فهنا لا يوجد صراع وتنافس بين الأحزاب يؤدي الى سقوط حكومة ومجيء أخرى تعد المواطن بالوقوف عند احتياجاته وتسعى لكسب وده عبر تقديم مزيد من الخدمات له، هنا يتم تعيين رئيس للحكومة، ويتم تعيين الوزراء على اسس ليس لها علاقة أبدا برأي الشعب وموقفه من هؤلاء، بل أسس الولاء للنظام السياسي قبل أي شيء آخر بغض النظر عن الكفاءة والمهارات والتجارب, وعليه فان أي «هفوة» في حياة الشخص تتعارض وهذا المعيار كفيلة بابعاده عن لعب أي دور رسمي، فالمطلوب «سيرة ذاتية» نظيفة مئة في المئة.
ربما بسبب ذلك لا يستطيع الوصول الى الوزارة الا من هم أثبتوا «حسن سلوك» طوال حياتهم، ومن أضطروا وفقا لهذا الشرط وهذه المناخات، لاتباع أساليب النفاق والمجاملة والتذلف والصمت عن كل المظاهر السلبية.
ربما سيأتي وزير ما ويقول: «لا على العكس تماما فأنا كتبت بعض المقالات النقدية وهي التي أوصلتني الى الحكومة وجعلتني وزيرا», نقول له « لا لم تصل بفضل تلك المقالات، بل وصلت لأنك التزمت بشرط الولاء أولا، وثانيا لأن مقالاتك أتت ضمن سياق جديد يسمح بالاختلاف وتقديم وجهات نظر مختلفة، لكن على قاعدة الولاء».
ما نريد قوله إن الشعب السوري يستحق حكومة تنبثق منه يختارها هو وتقف عند احتياجاته الاساسية ويستطيع اسقاطها عندما تبتعد عنده، هل هذا صعب ومستحيل في وقت هذا هو الايقاع العالمي والآليات المتبعة في غالبية دول العالم؟.
كذلك، وبغض النظر عن موعد مجيء الحكومة الجديدة وكيفية اختيار أعضائها، فقد آن الأوان للبدء بتطبيق ما كان حزب البعث الحاكم قد وعد به السوريين منذ نحو أربعة أشهر، حين أوصى بوضع قانون جديد للأحزاب، وتعديل قانون المطبوعات السيئ الصيت، واعادة النظر بقانون الطوارئ، ومنح الجنسية لعشرات الآلاف من المواطنين الأكراد السوريين المحرومين منها بفعل أوضاع سابقة، كذلك لن ننسى أبدا أن المؤتمر القطري لحزب البعث قد أوصى بمحاربة الفساد ووضع آليات لمحاربته, نقول لن ننسى لأن ذلك ما زال يداعب أحلامنا، وأمانينا.
من ناحية أخرى، لا بد أن تأتي الحكومة الجديدة مواكبة لما يجري من تطورات سياسية بشأن سورية، وخصوصا أن استحقاقات كبيرة باتت تنتظر الديبلوماسية السورية على طريق البحث عن مخارج لمجموع الأزمات التي تحاصر البلاد.
صحيح أن هناك ظروفا ضاغطة وأن هناك علاقة متوترة بين سورية والولايات المتحدة ترخي بظلالها على كل الحراك السوري بشقيه الداخلي والخارجي، لكن ذلك لا يمنع، ويجب ألا يمنع من العمل على ايجاد حكومة تقف عند المسار السياسي وتعمل على اعادة صوغ علاقات سورية الخارجية، اقليميا وعربيا ودوليا، بحيث يأتي تحسين العلاقة مع أوروبا وفك جدران العزلة على رأس اولوياتها, ما يدفع لذلك، هو الجدلية القائمة بين الداخل والخارج حيث لا يمكن فصل أحد المسارين عن الآخر.
تحديات كبيرة تنتظر الحكومة السورية القادمة التي نتمنى أن تكون قريبة منا، وقبل ذلك أن تأتي ويتم اختيارها بعيدا عن المعايير وآليات الاختيار القديمة, أما عكس ذلك، فلا يعني الا استمرارا في المشكلة ومزيدا من الجفاء والسلبية بين الحكومة وشعبها، وقبل ذلك لا يعني الا المراوحة في المكان في وقت مطلوب من سورية أن تحقق قفزات كبيرة ونوعية.
هل يمكن أن تتحقق رغبات السوريين عند تشكيل الحكومة ، أم أن القصة لن تتجاوز تغيير الطرابيش,,,؟

بقلم : شعبان عبود

إلى دولة الرئيس ..

بقلم : عبد السلام هيكل .... عن مجلة الاقتصاد والنقل

استهبت الموقف إذ جلست لأكتب إليكم هذه الرسالة، فأنتم رئيس وزراء الجمهورية العربية السورية، منصب رفيع سبقكم إليه رجال رجال، كبار كبار، يُشار إليهم بالبنان:
سعدالله الجابري، وخالد العظم، وفارس الخوري، وجميل مردم بك، وهاشم الأتاسي، وناظم القدسي، وقلّة غيرهم.
منصب رفيع في دولة المجد التليد، التي كانت عاصمتها دمشق مركز إحدى أكبر الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ، ومنصب رفيع في دولة المستقبل الزاهر التي تسعى لأن تكون عام 2025 مجتمعاً ديموقراطياً، ناضجاً، معاصراً، مستكملاً لمسيرة إقامة المؤسسات وإحقاق القانون، مثلما ورد في الخطة الخمسية العاشرة.
ومقامٌ سامٍ يستحقّ أن تسبقه كلمة "دولة" التي أستخدمها عمداً لدلالاتها، بالرغم من الاستغناء عن هذه المراسم قبل أربعين سنة.
استهبت الموقف فعلاً، وتدافعت الأفكار، ونسيت كيف أبدأ، وشعرت أني إن بدأت فلن أنتهي، فالتفاعل بين الحكومة وبين الإعلام، وبين الحكومة وقطاع الأعمال هو في حدّه الأدنى، وبالتالي فإن هناك أسئلة تنتظر أجوبة، وعيوناً خائبة تنتظر من يعيد إليها بريق الأمل، وعقولاً يائسة تنتظر من يقول لها إن هناك منظومة قيد الصنع ستشغلها لتنهض بالوطن وأبنائه يوماً ما.
هناك الكثير مما نودّ أن نقوله لكم، وهناك الكثير مما نودّ أن نسمعه منكم ومن وزرائكم الاثنين والثلاثين، وخاصة "الفريق الاقتصادي". بالرغم من أننا نعتقد بأنه في ظل عملية الإصلاح والخطة الخمسية الشاملة، وبحكم أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين يحتاج إلى انتشال سريع، فإننا نرى الحكومة بكاملها على أنها فريق اقتصادي.
فالتعليم العالي اقتصاد، والصحة اقتصاد، والأوقاف اقتصاد، والثقافة اقتصاد، والإعلام اقتصاد، والعدل اقتصاد، والتربية اقتصاد، والدفاع اقتصاد، والإدارة المحلية اقتصاد.
إلا أنني أعتقد أن عصب الإصلاح برُمته، والحكم على نجاحه أو فشله، هو في مقدار التفاعل بين الحكومة والمواطن: أن تعرف الحكومة ما يريده المواطن فتقوم به، وأن يعرف المواطن ما تقوم به الحكومة من أجله فيرضى، وللتفاعل بين الحكومة والمواطن أشكال عديدة من بينها البرلمان والنواب ممثلو الشعب، ومن بينها المجالس المحلية، ومن بينها الهيئات التمثيلية والنقابات وغرف التجارة والصناعة. إلا أن كل ما سبق هو وسائل اتصال نخبوية، هذا إن افترضنا سلامة عملها وصحة تمثيلها. ويبقى الإعلام هو صلة الوصل الرئيسية بين الحكومة والمواطن، بل وبين المواطن والهيئات التي تمثّله.
وهذا بالتحديد ما أريده أن يكون موضوع رسالتي هذه، التي ربّما لن تكون الأخيرة، وربّما تكون فاتحة لإثارة نقاش جدّي ومسؤول عن دور الإعلام في الإصلاح الاقتصادي والإداري والاجتماعي الجاري الآن.
دولة الرئيس: لن أتحدث عن الرقابة، فالحرية الموجودة الآن ربّما تكون كافية، والسقف يزداد ارتفاعاً، بالرغم من منغصات السحب المنع، وإلغاء التراخيص لأسباب واهية سخيفة لا تليق بالدولة التي نسعى إليها. إلا أنني أعيد سؤالاً ذكرته سابقاً: ما فائدة الحرية إن لم يكن هناك مستمع ولا قارئ ولا مشاهد؟ هذا ليس بداية لجدل حول عادات شعبنا بالقراءة (أو عدمها)، فأنا لا أعني ما فضحه تقرير التنمية البشرية السوري عن واقعنا المزري كمّا ونوعاً في الثقافة والتعليم المدرسي والجامعي. ولا أشير كذلك مباشرة لأرقام التوزيع الهزيلة التي تتحمل جزءاً من مسؤوليتها إحدى آخر ديناصورات الاحتكار في سورية اقتصاد السوق، ألا وهي المؤسسة العربية لتوزيع المطبوعات. بل أنبه حصراً إلى ما أفرزه احتكار الدولة للإعلام والصحافة، وتحديداً الجرائد العملاقة الثلاثة تشرين والثورة والبعث اللاتي أفقدن الصحافة مصداقيتها، وتجاهلن القارىء (وخاصة القارئ الاقتصادي) على مدى سنوات فتجاهلهن. الصحافة اليوم وخاصة الخاصة منها، ما عادت تتجاهل القارئ. إلا أنها ما زالت فاقدة للمصداقية باعتبارها "فشّة خلق" لا أكثر، وسمعة الصحافة الرسمية انسحبت على المطبوعات الخاصة كذلك بغير وجه حق.
ويؤسفني أن أختلف مع معاون وزير إعلامكم إذ حذرنا بحضور وزيره في جلسة توبيخ مغلقة (إثر تجاوز إحدى المطبوعات الزميلة الخطوط الحمر) من أن الإعلام مهنة خاسرة. خاسرة كيف؟ ربما في سورية وفي ظلّ الأنظمة الحالية المحروسة بعناية. وكان أفضل وأرقى لو قام مسؤولو وزارة الإعلام بالعمل على إعادة الثقة بين الإعلام السوري وجمهوره. وبدلاً من التنظير الخاطئ حول حتمية الخسارة المادية، ومن ثم كيل الاتهامات بأن وراء الإعلام الخاص رؤوس أموال "نقّاقة" هدفها الربح السريع. كان الأحرى بالوزارة أن تؤسّس لاستراتيجيات دعم الانطلاقة الجديدة للإعلام الخاص ومطبوعاته بشكل متساوٍ وبما يعطي كل ذي حق حقه قدر جهده وانتاجه، فلا تعامل المطبوعة الاقتصادية المتخصصة معاملة المطبوعات الإعلانية الخدمية. فالمطبوعة الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية هي منتج فكري، وهي مثل أي منتج آخر يعتمد نجاحه على جودة ترضي الزبون، ومن ثم على كلفته وتسويقه، بشرط أن يسدّ حاجة معينة موجودة في السوق.
ومن هو زبون المطبوعة؟ إنه القارئ الذي علينا أن نرضي رغباته ونتفاعل مع همومه ونلبي احتياجاته من المعلومات. والمقياس الأول الذي تورده أكبر المطبوعات في العالم عن مدى نجاحها هو عدد قرائها. وبالإضافة إلى البيع والاشتراكات، فإن عدد القراء هو مؤشر للمعلنين، فالمعلن يرغب في أن توجد منتجاته في مطبوعات واسعة الانتشار. وبوسع مقامكم الكريم المساعدة في كلا الأمرين، ولا يتعلق هذا بدعم مالي أو ميزات، وإنما بأن نعيد سوية الاعتبار للقارئ كشريك في العملية الإعلامية، وبالتالي كشريك في بناء الوطن. ودوره كشريك يختلف عن دوره الذي اعتدنا عليه خلال العقود الماضية، وهو دور المتلقي المصفق الذي بوسعنا أن نختار، ونقرّر، ونفكّر، ونحلُم بالنيابة عنه.
ولكي يكون القارئ الاقتصادي شريكاً، فلا بدّ من احترام رأيه، والردّ على أسئلته، والاستجابة إلى ما يطرحه من هموم. وهذا الأمر لا يحدث اليوم لا من قريب ولا من بعيد، بالرغم من الانتقادات اللاذعة بعض الأحيان، والتحقيقات التي تكشف السوء المستور، والاقتراحات بشؤون تهمّ الناس جميعهم، وفيها نوايا حسنة، ومصلحة عامة. فما من أحد في الحكومة يرد مؤيداً أو معارضاً، مؤكداً كان أم مصححاً، وكأن ما يكتب لا يعنيهم، أو كأننا نتحدّث عن بلدٍ آخر، نتسلّى بقراءة مشاكله، أونتحسّر على سوء حالته، أوننتشي شماتة بما يحلّ به. وهذه الحالة هي مزيج معقّد مركّز من عدة ثقافات تأصلت في بلدنا على مرّ السنين مثل طمر الرأس، والتطنيش، والاستخفاف بالآخر، والاستعلاء، وعدم الثقة بالنفس، وتعظيم الذات، والتردّد المرضي، والتي تؤدي جميعها إلى حالة سبات، وانعزال عن الواقع وبلادة مشاعر، أو مثلما يصف الناس الحكومة: "جناب مثل الطناب. "وقد تظنون أن الحكومة تتفاعل بشكل كافٍ، فالوزراء يقومون بمقابلات تلفزيونية وصحفية ويتحدثون في المؤتمرات بشكل مستمر، وكذلك المدراء وغيرهم من المسؤولين. ولكن إذا راجعنا تلك المقابلات لوجدنا أن مضمونها هو معلومات عامة لا أكثر، ولا تتميّز مقابلة عن أخرى أو مسؤول عن آخر إلا بجرأة الأسئلة وجرأة الأجوبة وكلاهما نسبي. ومن مراجعة بعض الحوارات يمكن ملاحظة حالات تناقضت فيها التصريحات للوزير نفسه في الوقت نفسه، وإنما لمطبوعتين مختلفتين.
والردّ هو أضعف الإيمان، أما الواجب الحقيقي فهو في المحاسبة، وتصحيح الخطأ أو إحقاق الحقّ، أو توضيح أسباب تعذّر القيام بذلك، وإلا فإن الردّ سيتحوّل إلى تخدير، أو تفريغ وقائي للاحتقانات لن يفيد إلا لفترة قصيرة. ويؤسفني أن أعتقد بأن الحكومة الحالية قد استنفدت فرصها من تصديق المواطن، وإيمانه بكلامها، ووعودها وأوهام إنجازاتها، وأخشى ما أخشاه أن يأتي الوقت الذي تبدؤون فيه بتحقيق الإنجازات دون أن يصدقكم أحد، كذلك مثلما حدث مع "الراعي الكذّاب"، القصة التي قرأناها جميعنا في الابتدائية أو قبل ذلك. وأودّ أن أطرح مثالاً لابدّ أنكم سمعتموه من قبل، وهو مثال الفساد. ففي عام 2000 بدأت الحكومة بالحديث علناً عن الفساد، فهلّل الشعب وتوقّع قرب سقوط "الرموز الكبيرة". مرت خمس سنوات اليوم، ومازالت الحكومة تتحدّث عن الفساد الذي زاد ليصبح "على عينك يا تاجر"، ولكن ما عاد أحد يهلّل بعد خيبة التوقعات، بل ويظهر العديدون تعاطفا مع "الفاسدين الصغار" الذين تنشر الجرائد أخبار الحجز على أموالهم، وذلك ضماناً لبضعة ألوف، أو حتى بضعة ملايين من الاختلاسات والتجاوزات. ومازال الفاسدون المفسدون الكبار يرتعون ويمرحون ويفسدون ملح الأرض. وقس على ذلك قضايا البطالة، والاستثمار، وتحسين معيشة المواطن وغيرها. مما جعل الحكومة عرضة للتهكّم والسخرية مرات بعد مرات بعد مرات.
وبالرغم من عدم الرضا العام عن الأداء الحكومي، والإشاعات التي تتردد عن قرب التغيير والتبديل، فإنني أعتقد أن المشكلة بشكل رئيسي هي قضية فشل ذريع في التواصل الإعلامي. والتواصل هو حق لكم وواجب عليكم. فالصراحة والوضوح والحوار مع الإنسان الذي وليتم عليه هو أمر أساسي وليس رفاهية يمكن التخلّي عنها. وأذكر حديث الرئيس بشار الأسد مع الشرق الأوسط عام 2001 عندما قال: "الإعلام هو جانب من جوانب دعم التطوير. ولاتعني عدم مواكبته المفترضة أن مسيرة التطوير لاتتقدم. الإعلام مهمته دعم وشرح عملية التطوير. قد يكون الدّعم أضعف. وهذا يؤثر، ولكنه لايمنع. " كلام الرئيس صحيح وأكيد. وسبب الضعف هو فقدان الإعلام السوري لاحترامه ولمصداقيته ولمهنيته. ولكن الإصلاح دون مواكبة ومساندة الإعلام سيبقى ضعيفاً مشكوكاً فيه، ولن يحظى بالدعم اللازم من قطاع الأعمال، وعلى المدى البعيد سيكون الضعف الإعلامي مانعاً وعائقاً، لأن الصورة الحقيقية لا تصل للمتلقين. ومساندة الإعلام للإصلاح هي ليست بخطوات متفرقة مشرذمة، وإنما بخطة ونهج عمل واضح وثابت ومستمر. والإعلام هو أحد الوسائل لنعرف توافق الحكومة مع رغبات مجتمع الأعمال وتوجهاته وقدراته، ولتعرف آراءه وطلباته، بعيداً عن الفرضيات غير الدقيقة، وغير المؤكدة التي تملأ الحياة السورية، ما يؤدي إلى ظهور الحكومة بمظهر انغلاقي وانعزالي. وكما قال نائبكم الاقتصادي عبدالله الدردري، الذي استطاع كسب ثقة قطاع الأعمال بتواصله الحميم والشفاف معنا: "من لا يسمع آراء الآخرين، لا يمكن أن يكون لرأيه قيمة. "
التفاعل مع الإعلام سيضع مجتمع الأعمال (والشعب بشكل عام) بصورة الإنجازات والمعوقات، وسيجيب عن الأسئلة الذي تؤرق الكثيرين إلى درجة الإحباط والخمول والتقوقع على الذات: ما الذي يحدث؟ ومن يقوم بالإصلاح؟ وما هي خطة الإصلاح؟ وإلى أين تسير بنا الحكومة؟ هذه الأسئلة التي بدأت لدى الكثيرين تتحوّل إلى اتهامات. وكما تعرفون، فإن ثقافة الاتهام تتعزز في سورية يوماً بعد يوم، والاتهام بين الحكومة والشعب يصبح أمراً طبيعياً عندما تكون الثقة بينهما مفقودة، وعندما تتصرف الحكومة وكأن الشعب ملكها، وعندما يعتقد الشعب أن الحكومة تتربّص به وتكايده، بل وتهدر أمواله. هذه ليست تخيلات أو افتراءات، وأتذكر بحزن أمرّ من العلقم أن ثقافة الاتهام، وصلت لأن يسألنا معاون وزير الإعلام في اجتماع لرؤساء التحرير أن الحكومة "بدأت فعلاً بالشك: لمصلحة من تكتبون؟". ونحن نسأل: "بل لمصلحة من التخوين؟" هذه ثقافة سورية بامتياز: التنافس في "الوطنية" ليس بحكم العمل لفائدة الوطن والمواطنين، وإنما بحكم القرب من الحكومة، وكأن الحكومة هي أكثر وطنية من مواطنيها، فما زالت الحكومة تتصرّف بأسلوب الوصاية، وليس أسلوب الشراكة. فإذا رغبت الحكومة حقاً في أن تكون أباً وأماً، فذلك يلقي على عاتقها مسؤوليات هي ليست قادرة عليها. ولا ألقي كل اللوم على الحكومة، فالتشاركية هي ثقافة تفترض قدرة جميع الأطراف على القيام بمتطلباتها. والتعتيم هو الثقافة التي تتطلبها الأحادية في القرار والتنفيذ، وكل ذلك يؤدي إلى فقدان الثقة بين المواطن والحكومة، ما يعيق التخطيط والتنمية والإصلاح، وينشر الإحباط بدل التفاؤل.
والتفاعل مع الإعلام سيغطّي على ضعف ثقافة الشراكة الحقيقية، ومثال ذلك أن الدولة أوصلتنا إلى قرار مصيري سيغيّر وجه سورية، ألا وهو الشراكة السورية -الأوروبية دون أن تسألنا ودون -على الأقل- أن تحذرنا من مخاطرها على صناعتنا وتجارتنا. ووقّعت الحكومة الاتفاقية، ولم تكترث لاظهار القدر الأدنى من الاحترام لشرح هذه الاتفاقية عبر وسائلها الإعلامية الاحتكارية. ومثال ذلك أيضاً هو تبنّي الدولة اقتصاد السوق الاجتماعي، والذي أصبح مادة للتندّر ظناً من الشعب أن هذا النظام الاقتصادي هو اختراع جديد للحكومة وأنه "ضحك على اللحى"، وأن الحكومة "مستحية" أنها غيّرت دينها من الاشتراكية إلى الرأسمالية، فألصقت بمصطلح "اقتصاد السوق" صفة "الاجتماعي". لماذا لا تعلن الحكومة ما الأسباب الموجبة لتبنّي هذا النهج؟ ألا يفيدها أن يعلم قطاع الأعمال أن هذا الاقتصاد اعتُبر معجزة اقتصادية أنقذت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؟ أليس في مصلحتها أن تعلن أن أحد أهم عناصر هذا الاقتصاد هو المبادرة الفردية الاقتصادية والاجتماعية -على الأقل- لتضع الأفراد أمام مسؤولياتهم؟
نحن نفترض أنه بوجود اثنين وثلاثين وزيراً وأربعة عشر محافظاً، لابدّ أن يكون هناك على الأقل ست وأربعون دائرة رئيسية للعلاقات العامة والإعلام تعمل دون كلل أو ملل ليل نهار، لمتابعة كل ما يصدر في الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والالكتروني، وتحيل جميع ما يُكتب إلى الأشخاص المختصّين للتدقيق، ومحاولة إيجاد الحلول، ومن ثم الردّ والتوضيح أو مناقشة هذه الحلول إعلامياً. وهذه المكاتب الصحفية بعملها الإعلامي التواصلي لها أهمية توازي أهمية العمل الحكومي، وينطبق ذلك على مؤسسات الدولة الرئيسية الأخرى، مثل مصرف سورية المركزي، ومصارف الدولة، ومؤسسة السكك الحديدية، ومؤسسة الطيران العربية السورية، والمؤسسة العامة للاتصالات، وغيرها من منشآت القطاع العام الاقتصادي والصناعي والخدمي. وأقترح عليكم أن تكون دائرة العلاقات العامة والإعلام لرئاسة الوزراء خلية نحل تُشرف على عمل المكاتب الصحفية جميعها، وأن تكون متفاعلة مع الإعلام بشكل يومي من خلال ناطق رسمي لديه أكثر مما لدى الناطق الرسمي الحالي، ومن خلال موقع إلكتروني تفاعلي (أوسع من موقع سورية التشاركية). وهناك مؤسسات وطنية وإقليمية يمكنها أن تساعد في عملية تأسيس تلك المكاتب، وتدريب كوادرها لكي يتحقق التفاعل المطلوب، وتظهر الحكومة بالمظهر الذي يليق بها، وبسورية، وبما يستحق المواطن.
دولة الرئيس: إن تفاعل الحكومة مع الإعلام سيساعدنا على المحافظة على ما تبقى من القرّاء، وفي سعينا لأن نكتسب قراء جدداً كل يوم. وفي هذا دعم اقتصادي طويل الأمد للعملية الإعلامية يفوق أي دعم مادي أو مالي مؤقت. كما أنه سيساندكم ويعطيكم حقكم في تقدير الجهد المضني الذي يفرضه عليكم موقعكم ومنصبكم. وكما ترون فإن في هذه الرسالة ما يثير الردّ ليس منكم فقط، وإنما من دوائر أخرى طالتها تعليقاتنا، وأتمنى أن يكون الردّ حضارياً يأتي مكتوباً، وليس قمعياً بمنع، أو سحب، أو غير ذلك. وبالرغم من بشاعة ما نقل عنكم مؤخراً بحق الإعلام السوري في حديث لمطبوعة عربية، فإننا ندعوكم لإرسال ردّكم ليحتلّ المساحة نفسها والمكان ذاته في العدد القادم. ومشاركةً منا في همّكم للنهوض بالإعلام السوري ونشر ثقافة التفاؤل وليس الإحباط، فإننا نعلمكم بأن لكم إن أردتم رأياً في هذه المجلة مثلما للقطاع الخاص، فالهدف واحد، وهو وطن أكثر ازدهاراً ومنعةً. نحن متفائلون بأننا سنسمع توجيهاتكم إلى جميع إدارات الدولة ومؤسساتها للتفاعل مع الإعلام الخاص. والمخلص الأمين منهم لن يخشى سلطة الإعلام أو المساءلة، والرجل الجدير لن يخجل من الاعتراف بالخطأ، أو تحمّل مسؤولياته وتبعات أخطائه، بل ويتخلّى عن موقعه عندما لا يبقى لديه شيء يعطيه، فيدخل التاريخ من أوسع أبوابه.
آملين أن يوفّقكم الله إلى المدخل الآخر للتاريخ، فيعينكم لتكونوا على قدر الحمل والمسؤولية، وعلى قدر شرف خدمة المواطن السوري ذي القلب الواسع والبال الطويل، وعلى قدر التاريخ الذي كان والمستقبل الذي سيكون، وعلى قدر إرادة التغيير الآتي لا محالة.

قضية فساد مع سبق الإصرار والاستمرار

تعكف الحكومة السورية وقبل زمن من انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم الى رفع سقف حديث ما يسمى بالتصدي للفساد والمفسدين . حيث جاءت بقرارات المؤتمــر المذكور ليكرس هذا التسويق دون تحديد آليات ولا برنامج عمل يحقق من حيث النتيجة توازيا لما هو معلن ولما هو قائم بالفعل ... ولتتجذر تبعا لذلك أزمة الثقة المستمرة بين المواطن والمسؤول أو بين الحاكم والمحكـوم ـ ليعلو ـ تبعا لذلك الافتراض الذي يؤكد أن هناك ـ مافيا ـ لا تريد الإصلاح ،لا تريــد العمل ، لا تريد التحديث .
... وفوق هذا وذاك يأتي قانون الطوارئ ليغتال كل الإرادات التي تنشد نقل الإنسان السوري من طور الرعية إلى طور المواطنة . بحسبان إن أصحاب تلك الإرادات مجرمــــون ـ " يمارسون دعارة الفكر " فوجب تحطيمهم ... الخ
... منذ قرابة العامين بدأت الرؤية تتضح .... وإلى الآن لم تنتهي .
... معركة تعددت جولاتها ـ وهذه الكتابة تبدو لي بمثابة محاولة لكسب الجولة الأخيرة ,والخوف هنا من " الحاكم " إن يستمال لفريق ضد آخر فيهدي ـ القاتل ـ ثوب المقاتل ويحرم القتيل الصلاة عليه .
... في صيف عام 2003 قام فرع الأمن السياسي في محافظة حلب وبناء على معلومــات وتقارير حصل عليها بالتحقيق في قيام نقيب المقاولين بحلب المدعو " حاج " محمـد أديب داية باختلاس أموال النقابة وقيامه بتزوير محاضر جلسات مجلس الإدارة وقبضــه مبالغ من أعضاء الجمعية المقاولين دون وجه حق . والذي استوثقناه هنا أن جميع موظفي الجمعية الذين تم استجوابهم في الفرع المذكـــور أكدوا " للسائل " صدقية تلك المعلومات لترتفع بذلك أسهم الذين آمنوا بقوة القانون .
وتم تحويل الملف إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
لكــن الذي حدث كرس باختصار تلك المقولة " القانون خيط من العنكبوت لا يعلق فيه ســـوى الضعيف " بل وزاد في ذلك انتفاض " الحاج " مفترسا جميع الموظفين الذين شهدوا ضده بمن فيهم بن أخيه " ناصر " حيث تجلى ذلك بصرف المذكور من عمله والادعاء على غيره أمام القضاء الجزائي بدعاوى واهية .
... في جولة جديدة انتقل ملف التحقيق إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في محافظـة حلب ليبدأ
فصلا جديدا في تقصي الحقائق وتنفتح هنا أمام المفتش المعني بالأمر كـــل الخزائن الموصدة وبمشاركة فريق عمل متخصص قام بإعداد تقرير كامل شامل لكـــل ممارسات " الحاج " وشركائه في مجلس الإدارة وأولاده وذويه خلال الأعوام المنصرمـة ليؤكد الإدانة ويوثق الجرم ويقترح المفتش باختصار ما يلي " حل مجلس النقابة وتعييـن مجلس مؤقت وحجز أموال المذكورين المنقولة وغير المنقولة ومحاكمتهم أمام محكمــة الأمن الاقتصادي " ـ 19/1/2004 ".
إلا أن هذا التقرير بما تضمن من مقترحات كان لا بد من تصديقها لدى الهيئة العامـة للرقابة والتفتيش بدمشق إلا أن ذلك لم يحدث أبدا فقد اختفى التقرير ولا ندري لماذا أو لا ندري من وراء اختفائه ولا ندري من المستفيد غير " الحاج " من ذلك .
والجدير ذكره هنا أن جريدة الاقتصادية التي تصدر بدمشق وفي عددها رقـم /153/الصادر بيوم 4/7/2004 . قد تناولت في جنبات صفحاتها هذا الموضوع . حينها حتـى إن سيادة وزير الإسكان والتعمير لم يحرك ساكنا بل اكتفى ردا على تجاوزات " الحاج " في إغرامه بالسرقة بمخاطبته ناصحا " بإلغاء العمل بإيصالات الأمانة لرخص البناء وعـدم تدخل النقابة بين صاحب الرخصة والمقاول "
(رقم الكتاب 7207/ص./) إن كتاب الوزير المذكور جاء ليؤكد هنا قيام " الحاج " بتقاضيه مبالغ لا أساس قانوني لها .
... وفي خطوة تعتبر سابقة بتاريخ القضاء في سورية يقوم " الحاج " برفع دعوى أمـــام القضاء على المفتش بجرم سرقة وثائق رسمية حيث حدد موعد 25/5/2005 في النظــر فيها دون حصول المدعي على إذن رسمي يخوله رفع الدعوى .
إذ " أن قرار لجنة الإذن ذو الرقم 30/12 تاريخ 7/11/2004 والذي استند إليه النائـب العام في إقامة وتحريك دعوى الحق العام على المفتش ـ يخلو ـ من توقيع عضوي اللجنة ولا يحمل سوى توقيع رئيس اللجنة بينما من المتوجب قانونا إن يصدر قرار اللجنة بالإجماع .
... لا بد من التنويه هنا لتتضح ـ الجريمة ـ أن المفتش بحكم القانون بتمتع بحصانـــة القاضي بل وأكثر . إذ أن المادة /37/ من قانون الهيئة رقم /24/ لعام 1981 نصت : " لا تقبل مخاصمـة العاملين بالتفتيش إلا في حالتي الغش والتدليس " .
ووضحت المادة /46/ من قانون الهيئة رقم /24/ لعام 1981 الفقرة / آ / " للعامليـن بالتفتيش في موصد قيامهم بمهامهم طلب الوثائق والأوراق الرسمية وغير الرسميـــة والإطلاع عليها أو الاحتفاظ بها أو بصور عنها , ولو كانت هذه الوثائق لها طابع سـري وفق ما أكدته المادة /123/ من النظام الداخلي للهيئة .
ناهيكم عن أن المدعي " الحاج " لم يرفق بدعواه وثائق تشير إلى قيام المفتش باستـلامة الوثائق التي يدعي سرقتها !!.
... وبعد كل ذلك من حقنا أن نتساءل بصوت عال :
هل بات " الحاج " فوق القانون ؟
هل بتنا في وطن يمارس ازدواجية المعايير بين أبنائه ؟.
هل تلك الواقعة تمثل قاعدة في تصدي المسؤول للجريمة ؟.
ونتساءل أيضا هل قانون الطوارئ وجد لكم الأصوات وتقييد الأيدي واغتيال الضمائر ؟.
وإذ نذكر أيضا إن تلك الأموال التي تم سرقتها من قبل المدعو محمــد أديب داية وشركائه وأبناءه وأقاربه والتي بلغت الملايين ـ إنها أموال عامة أوجب القانـون حمايتها وصونها . وإن أي تستر على تلك الجريمة يعتبر انتهاكا صارخا للدستور والقانـون ويعتبر ظاهرة في غاية الخطورة تنذر بالدولة إلى الهاوية والشعب إلى الجريمة .

المحامي ثائر خطيب ..