الاثنين، مارس ٠٦، ٢٠٠٦

البلد الذي يصنع الأمل ..

هل يحتاج الآخرون لعشر سنوات ليقولوا بعدها.. فعلاً سورية كانت على حق?!‏
وهل يلزم عقود من الزمن للاعتذار عن سوء قراءة الموقف السوري?!‏

ففي كل مرة يتكرر السيناريو ذاته.. والتاريخ يعيد نفسه.. والعرب أيضاً يعيدون أخطاءهم!‏
ولكن تبدو الشعوب ممثلة هذه المرة‏ - بأحزابها- أكثر إدراكاً لصحة الموقف السوري وأكثر توافقاً وتطابقاً معه.‏

ومن هنا جاء مؤتمر الأحزاب العربية بدمشق ليرسخ حقيقة اقتراب الخط السياسي السوري من نبض الشعوب العربية.. اقتراباً يتخطى التقاليد العربية التي تصرّ على وضع مسافة بين المسؤول والشعب.‏

لهذا كان حديث السيد الرئيس بشار الأسد متميزاً بعدة جوانب, أولها أنها سابقة في أسلوب افتتاح المؤتمرات العربية, أن يتحول (الخطاب) إلى (حوار) ولهذا أكثر من دلالة تحدث عن إحداها السيد الرئيس عندما ربط نجاح الإصلاح ( بالحوار) .. ثم ليجعل من مهمة (الأحزاب العربية) إدارة حوار مع الشارع.‏

وهذا الحديث أيضا متميز باختلافه عن نمط ( الخطابات) العربية شكلاً ومضموناً.‏
فمن حيث الشكل يقوم على مبدأ عرض للحالة كما هي, بلغة لا تتعالى على إدراك الناس للحقائق. وتقترب أكثر مما يدور على ألسنة الناس من مفردات ومصطلحات, مرة ليصحح ما اعتراها من تشويه ,ومرات لتوضيح أبعاد جعل المصطلح سلعة رائجة في لغة الإعلام والثقافة.‏

أما من حيث المضمون.. فأول ما يمكن تلمسه أن مفهوم الواقعية يأخذ بعداً جديداً.‏
فالواقعية هنا هي عرض حقيقي بلا تجميل للواقع العربي, بكل ما فيه وكل ما عليه.. إلا أن هذه الواقعية لا تأخذنا -كما أرادها البعض- إلى الاستسلام وإعلان أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان, بل تقودنا إلى استنهاض امكانات أوصلنا البعض إلى حالة (تناسيها)!.‏

إن المكاشفة هي سمة أحاديث السيد الرئيس, وفي حديثه أمام مؤتمر الأحزاب العربية ارتبطت هذه المكاشفة بمحاربة حالة الإحباط التي أصابت الشارع العربي.‏

وهنا تأخذ سورية دور (صانعة الأمل) لدى الشعوب العربية, التي يراد لها أن تعيش حالة من الوهن, الذي يفقدها القدرة على التحرك لتدارك الأخطاء وما أكثرها.‏

وخاصة من خلال رؤية (الصور البيض) في واقعنا, ممثلة بنجاح فكر (المقاومة) مقابل خسارة فكر (الخوف).‏
إن تميز الخطاب السياسي السوري هو في واقع الأمر انعكاس لتميز الموقف السوري من القضايا الساخنة, والتي أثبتت الأيام صوابية هذا الموقف, وتوافقه مع مبدأ (الرابح الأخير).‏

لهذا فإن ( الواقعية السورية) التي رآها البعض (تشدداً), هي بالمحصلة أعطت نتائج إيجابية فيما كانت واقعية الآخرين التي هي ( استسلاماً) كانت سجلاً متتالياً من الخسارات.‏

واذا كان ما يبعث على ( الرضا) كما قال السيد الرئيس أن يعترف الآخرون (متأخرين) بصحة الموقف السوري, فإننا نأمل الآن أن يصبح الموقف السوري منارة للاهتداء بها لكن ليس بعد فوات الأوان.

الثورة - بقلم : عبد الفتاح العوض

ليست هناك تعليقات: