لقد اتسع المستنقع .
وكأن الفساد الوبائي في القطاع العام لا يكفي. وكأن السرطان المستشري في مؤسسات الدولة لايكفي. فانضم القطاع الخاص إلى كرنفال الزوال. فجأة مزق الإعلام السوري الوهم وكشف حقيقة القطاع الخاص أيضا. كبار رجال الأعمال هم كبار الفاسدين.
أكبر المؤسسات الخاصة مؤسسات احتيال. هؤلاء الأثرياء الذين لايحتاجون لم يشبعوا وإذا بهم أكثر فسادا من غيرهم. وجاءت بعض عناوين صحيفة الثورة يوم الثلاثاء مرعبة: "رجال أعمال كبار في مستنقع الفساد" . "تهرب من دفع مليارات الليرات السورية بالتزوير والكذب". "سيارات مهربة ومزورة" و "تهرب ضريبي من الوزن الثقيل".
وهكذا انتشر الفساد أفقيا في القطاعين العام والخاص. وانتشر عمقيا ليشمل الصفوة النخبويين الذين عقدت عليهم الآمال. في هذه المرحلة التي ينادي فيها البعض بالخصخصة توهما أنها الخلاص يتبين أنها ستكون الضربة القاتلة إذا كان رجالاتها حيتان السرطان.
ولكن ما الذي فعلته سورية لأبنائها حتى تستحق هذا القدر منهم؟
ما الذي فعلته سورية حتى ينقض عليها الكبير قبل الصغير والثري قبل الفقير؟ انقضوا عليها جميعا ينهشونها ويلتهمونها وكأن أكلها حلال.
ما الذي يجعل مواطنا سوريا من والدين سوريين شخصا فاسدا؟
سورية تفعل المستحيل لتبقى رؤوس أبنائها عالية. وبعضهم يفعل المستحيل لينهبوا مايستطيعون.
سورية تفعل المستحيل لتحصين أبنائها بالعزة والكبرياء وهم عن عمد وإصرار يهدمون القلاع والحصون.
القيادة تفعل المستحيل لتنتقل بسورية إلى دول الصف الأول وهؤلاء لا يدخرون جهدا ليعيدوها إلى وراء الوراء.
هل هؤلاء الفاسدون حقا سوريون أم أنهم سوريون بالتبني؟ هل هم سوريون أصلاء أم مجموعة من اللقطاء؟
فهؤلاء الفاسدون لغز الألغاز وأحجية الأحاجي. إنهم كائنات غريبة. يتعاملون مع الوطن وكأنه دولة معادية. يخربون ويدمرون وكأن لهم ثأرا قديما مع الشعب. حقدهم بلا حدود. لا يرون في العام إلا الخاص ولا في المؤسسات إلا متاجر ولا في المعاملات إلا التزوير ولا في الحدود إلا مناطق للتهريب ولا في البلاد إلا ساحة للفساد.
ما سرُّ فساد الفاسدين؟
لا يستطيع العقل أن يستوعب كيف يتحول واحد منا وفينا إلى عدو من أعدائنا.
و لا يمكن للمخيلة أن تتصور كيف يصبح من يحمل هويتنا وحشا همجيا يفترس يخضور حياتنا.
هل من المعقول أن تنجب الأم السورية الطاهرة الشريفة العفيفة شيطانا؟
هل من المعقول أن يقوم واحد من لحمنا ودمنا بنهش لحمنا ومص دمنا؟
أي نوع من الكائنات هذا الذي كأنه ما ذاق ملح سورية وخبزها؟
أي نوع من الكائنات هذا الذي بأمه سورية حرَّة الحرائر يرتكب الكبائر؟
إذا كان البشر جميعا قد خلقوا من طين الأرض المقدسة فمن أي مادة جُبل الفاسدون؟ هل جُبلوا من روث أو قمامة أو فضلات أو نفايات؟
وإذا كان الخلق يتكونون في أرحام إنسانية دافئة مقدسة ففي أي مكان تكون الفاسدون؟ في أي حاوية أو حفرة امتصاصية أو مستنقع أو دمنة تكون الفاسدون؟
إذا كان الأطفال جميعا قد رضعوا حليب الأمهات المقدس المبارك فماذا رضع الفاسدون؟ هل أتخموا قيحا أو حُقنوا قيئا أو شُحنوا سمّا ؟ هل عاشوا على الأفاعي والعقارب؟
وإذا كان البشر يترعرعون ويكبرون في أجواء أسروية مفعمة بالمحبة والخير والإنسانية ففي أي محيط نشأ الفاسدون؟ هل عاشوا في جحر أو وكر أو غاب أو يباب أو خراب؟
وإذا كان أبناء الوطن يتلقون معارفهم وتمييز الصواب من الخطأ والخير من الشر في مدارس الوطن وجامعات الوطن أين تلقى فسادهم الفاسدون؟ في أي قطيع أو عصابة أو مافيا أو ماخور؟
وإذا كنا جميعا نحصن أنفسنا وأرواحنا بالكتب المقدسة والتعاليم الإلهية التي تسمو بنا وترقى بنا وتؤنسننا وتحمينا وتصوننا فأي كتاب قرأ الفاسدون؟ هل قرأوا ماكيافيللي أم قرأوا هتلر أو بروتوكولات آل صهيون؟
لو كان النشيد الوطني يباع لباعوه.
ولو كان العلَم يُقدر بثمن لهدروا دمه.
هل هم حقا سوريون؟
ما سرُّ الفاسدين؟
بقلم : د. أحمد العيسى
الخميس، مارس ٠٢، ٢٠٠٦
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
MR Esa your post is peotic but lacks the reality that every human is corruptable and Syria needs laws to keep people honest,the problem in Syria is the unfair tax system which is significantly high and encourage people to avoid paying taxes they can do that because taxes are paid at the end of the year estimated by a poorly paid finance minestry employee whose resposibilty is taking care of his family therefore he is an easy target to bribery the buisness owners justify their tax avoidance by the fact that many govorment politians are corrupt and it is better in their pockets than in the politians pockets ,to correct these problems Syria needs few steps ,1-Fair tax Syatem with about 40,000 syrian pound free of tax which will make it easier for the govorment employees and the poor to live with the new prices the 18% after that with no taxes for one year on small buisnesses to encourage small buisness and lower tax rate for one year for companies with 50 employees and no corporate taxes for 2 years on companies with 100 employees other incentive will be given to companies which provide health care insurence and pentin plans 2- Good wages and benifit to govoverment empolyees the makig bribery a crime for the giver and the reciever with anonymous reporting and whistle blower law which protect employees who tell of course making it a crime to report faulse crimes so people will not make up accusations against others 3- all these rules need legal system applied by local prosecuters in each county (Muhafaza) appointed by the president from the best and most honest lawers to prosecute law breakers one more thing about corruption at higher level contracts should be put to bid and announced in the official news paper and opened by a commitee and decided on and announced in the offocial news paper with an explanation on the reason for the choice ,price ,shorter time ,expertise,and with a chance for losing companies to chalenge the decision .Naim Nazha MD.
إرسال تعليق