إذا كان أعضاء مجلس الشعب قد إكتشفوا متأخرين أن البرنامج الذي قدمته وزارة السياحة يغلب عليه الطابع النظري ، ماذا يقول المواطن الأشد قربا ًبالواقع ممن تكلموا تحت قبة المجلس ، فإلى الأن لم تأخذ السلطة التشريعية دورها الفاعل والأساسي في بنية الدولة وفي المحاسبة والتقصي فمايبدو أن السلطة التنفيذية هي التي تهيمن على السلطة التشريعية وعلى قراراتها .
فالسلطة التشريعية والتي من المفترض أنها منتخبة من الشعب فهي بشكل أو بأخر تعبر عن نبض الشعب ولكنها لم تنجح لأنه واقعياً لم تعطى من صلاحيات أكثر مما أعطي للمواطن من "ميزات" جبارة
فعندما يكون صوت المواطن مسموع ..يسمع عندئذ صوت أعضاء مجلس الشعب ‘أما الميزات الأخرى المكتسبة بحكم "الجلوس" تحت قبة المجلس ، فما هي إلا مكافأت لسماع الكلمة والجلوس بهدوء بدون شغب طوال أربعة أعوام ، وهذه المكاسب لا "يطاحشه" عليها المواطن الذي إنتخبه لأنه وبشكل لاإرادي ينسى بعد "جعجعة" الإنتخابات من هو النائب الذي حظي بصوته شرف الدخول إلى قبة مجلس الشعب ، لإنه يحتار من أعطى صوته هل لمن أخذ هويته بحكم القرابات المستفاقة فجأة لدواعي إنتخابية ،أو لمن قدم له "سمنة ورز وسكر وشاي وزيت"أو لمن قدم "ولائم طعام" في خيم منصوبة من بداية الحملة الإنتخابية إلى لحظة قفل باب الإنتخاب أو.. أو.. أو .....،بإختصار هذه هي البرامج الإنتخابية "العينية" التي يقدمها حضرات النواب لمن سيمثلونهم اللهما إلا بعض الشعارات التي يكتب تحت صورة النائب ، حتى أن تلك الشعارات لاتنفع حتى للنقع بالماء لإنها "مجنزرة"، فالشعارات مجرد واجهة شكلية لايعول عليها أمام الأساليب الأكثر نفعاً للوصول للهدف المنشود .
ولاننسى طبعاً وجود نواب "مدللين" ينامون قريري العين مرتاحي البال فأسمائهم جاهزة تدخل ضمن قوائم معلبة ناجحة سلفاً
وبعد الدخول إلى عالم النيابة أعضاء مجلس الشعب تتشكل القناعة المبهجة وهي أن كثرة الكلام لاتقدم ولاتؤخر ، فالسلطة التنفيذية هي المهيمنة على السلطة التشريعية ومايريد أن يمرره أي وزير يتم وبموافقة الأكثرية ، وإن غضب منهم أي وزير قاموا بإرضائه بشتى الوسائل لأن زعله "صعب" .
وهذا الغياب القسري للسلطة التشريعية جعل هيبة أعضاء مجلس الشعب أمام مواطنيهم ضعيفة ومشكوك فيها غالب الأحيان .
ولقد أوردت جريدة الثورة أن السيد وزير السياحة سئل من قبل مجلس الشعب عن" الجدول الزمني للتنفيذ الغائب من البرنامج المقدم افاد السيد الوزير انه ينتظر صدور قرار "وصائي" حتى يبدأ الجدول الزمني, ورداً على ماقيل بأن ماقدمه عبارة عن بحث قال: يجب ان يكون هناك بحث لانني لاأستطيع ان اعطي قرارات بدون بحث".
سأقف عند كلمتين مما ورد وهما "وصائي" و"بحث"، فهاتين الكلمتين باتتا الوصفة السحرية للتنويم المغناطيسي الطويل الأمد لتيرير التباطئ اللاحق .
وزارة السياحة ليست بخير كباقي غالبية الوزارت التي تعاني من الترهل في الأداء بسبب وفرة الروتين الداء المستعصي والذي ينهش جدران الدوائر الرسمية ويسطو على مقدرات وطاقات الموظف العام ومعه المواطن، ورغم محاولات الحكومة التقليل منه إلا أن كل محاولاتها ترميمية لم تدخل إلى عمق المشاكل الإدارية وصياغة جديدة لعملية التواصل بين قمة الهرم الإداري وقاعدته .
وبعد كل ذلك هل سيغير أعضاء مجلس الشعب الصورة المأخوذة عنهم أم أن الوقت قد فات ، وهل ستظل السلطة التنفيذية هي المسيطرة ، في وقت بات من الضروري إحياء السلطات الثلاث بشكل منظم فلاتطغى سلطة على أخرى ، لأن التكامل هو أساس النجاح .
شــام برس - بقلـم : خولة غازي
الخميس، مارس ٠٩، ٢٠٠٦
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق