الدكتور أمين الأصيل
ذكر ابن خلدون في مقدمته يشرح فيها معايير استخدام «الخديم» الموظف فصنفهم الى أربع حالات، فأما الأول وهو المطلع (ذو الخبرة في عمله) والموثوق (ذو الالتزام بحاكمه) فلا يمكن استعماله (استخدامه) اذا هو باطلاعه وثقته غني عن اهل الرتب. وأما الحالة الثانية فهو ليس بمضطلع ولا موثوق فلا ينبغي لعاقل استخدامه لأنه يجحف بمخدومه في الأمرين من قلة خبرته ويذهب مال مخدومه بالخيانة فهذان الصنفان لايطمع الحاكم في استعمالهما. وأما الحالة الثالثة فهو الموثوق غير المضطلع «غير ذي الخبرة في العمل» وهذا الصنف معتمد في سورية فهو مضيع «أي غير ذي خبرة فيضيع اموال حاكمه» ولو كان مأموناً فضرره في التضييع اكثر من نفعه على وجه الاجمال والحالة الرابعة وهي لذاك المطلع وغير الموثوق واستعماله ارجح لأنه يؤمن من تضييعه «اي فشله» ويحاول التحرز على خيانته جهد الاستطاعة.
لقد قرأ الغرب هذا واتبعوه بحذافيره فتطرفوا أحياناً حيث يمكن لشيوعي ملتزم على سبيل المثال قادم من الصين مثلاً ان يعمل في المصانع والجامعات الأميركية والاوروبية نظراً لخبرته فقط على وجه الاجمال، لقد مالت سورية منذ اواخر الخمسينيات الى اعتماد الحالة الثالثة في ذاك الموثوق ولو على حساب العلم والخبرة، إلا إذا كان ذا خبرة نادرة ثم يتم عادة استعاضته عندما يصبح بعض الموثوقين يتمتعون ببعض من علمه وخبراته ولقد شعرنا جميعاً ببداية التغييرات العميقة منذ بداية عام 2000 تأسيساً لاعتماد الحالة الرابعة وغير ذلك، إلا أن ذلك لم يكن «ولا يزال» موضوعاً سهلاً.
لقد اثلج صدرنا نشركم للآلية الجديدة لاختيار المديرين العامين بتاريخ 14/8/2005 من صحيفة تشرين والتي ابلغها نائب رئيس مجلس الوزراء للوزراء للالتزام بها والتي نعتبرها خطوة حداثية جدية، إلا ان لنا عليها الملاحظات التالية:
1 ـ في مجال التوصيف الوظيفي: لم يكن هناك تعريف لهذا التوصيف الذي يجب ان يحتوي على واجبات ومسؤوليات وحقوق التي يجب ان يتمتع بها شاغل هذه الوظيفة وان تحدد سقف سلطاته وماهية وسائله للتحكم والسيطرة والادارة. كما يجب ان يحتوي هذا التوصيف مستقبل هذه الوظيفة مالياً وادارياً. في حال احراز النجاحات في ممارستها، وما هي موجبات الترفيع والتحفيز والعقوبات، واهم من ذلك كله تحديد الدرجات العلمية والادارية المطلوبة، وما هي الخبرات السابقة اللازمة لشاغل هذه الوظيفة وغير ذلك مما يحدد مهام الوظيفة.
2 ـ في مجال انتقاء المرشحين : طالما هناك توصيف وظيفي معتمد فلماذا لا يسمح لأي كان من المواطنين ان يتقدموا عن طريق الاعلان مثلاً، وهنا فإن الخبرة المكتسبة في مكان العمل او حوله سوف تضيف للمرشح رصيداً أفضل في امكانية قبوله، كما أن فتح هذه الوظيفة للكفء فقط فإننا نكون قد حققنا شفافية وتفتح امام الوزير خيارات افضل، وكل ما تحتاجه هذه المرحلة اسقاط التوصيف الوظيفي في طلب توظيف يعتمد من الوزير يجب ان يحتوي على الأسئلة والجداول وطلب المعلومات اللازمة للتعرف تماماً على المتقدم للوظيفة وذلك من خلال اجابته على الأسئلة واملائه للجداول والمعلومات اللازمة في طلب الوظيفة.
3 ـ اللجنة المختصة: لم نتبين في الآلية الجديدة لاختيار المديرين العامين اياً من المعايير التي ستستخدمه اللجنة المختصة في انتقاء خمسة مرشحين حيث يمكن للجنة اعتماد طلب التوظيف المذكور سابقاً اضافة الى اجراء مقابلات مع المتقدمين لهذه الوظائف للاطلاع على الرؤى المستقبلية لآفاق الوظيفة التي تقدم لها ومدى حبه لعمله والاخلاص له إضافة الى التعرف على مصداقيته فيما قال وكتب: وهل يمكن للمرشح ان يرفع ويحسن مدى التزام موظفيه والتزامه للوصول الى الانتماء الكامل للعمل؟.
يمكن ان تكون نتيجة اللجنة علامات يتم الاتفاق على وضع سلمها من قبل اللجنة او محصلات تؤدي باللجنة الى قناعات في صلاحية المرشح او عدمه، فإذا اعتمدت اللجنة على العلامات فإن اعضاءها يجب ان لا يقلوا عن خمسة لفتح المجال لشطب العلامات الاعلى والادنى واخذ وسطي الثلاثة الباقين.
ان ما سبق هو اقتراح توافقي يمكن ان يناسب بنظرنا واقع قطرنا اما ذاك الذي يحصل في معظم الشركات الصناعية والتجارية والمالية في الغرب وفي بعض دول الخليج مؤخراً هو اعتماد خبير في الاختصاص في وجهة نظر ادارية اولاً وفي المقابلات بشكل خاص ثانياً ويجب ان يكون عدولاً لا يتأثر بشتى انواع الضغوط العاطفية او العائلية او المالية وهو ما يسمى بالقائم على المقابلة Interviewer يساعده عادة عدد من موظفي الشركة الطالبة للوظيفة وهو في كل مقابلاته يسقط الوصف الوظيفي على شكل اسئلة واستفسارات وطلب معلومات واملاء جداول وطلبات توظيف يطلبها من المتقدم للوظيفة، وقد يكون القائم على المقابلة مستعاراً من شركة اخرى او استشارياً وهو بالمجمل خبير في شؤون الموارد البشرية HR.
4 ـ مرحلة النائب الاقتصادي ورئيس مجلس الوزراء: وفي هذه الحالة هناك احتمالان:
الأول هو ان تعتمد اللجنة العلامات وفي هذه الحالة تصبح مهمة النائب الاقتصادي ورئيس مجلس الوزراء سهلة الى حد كبير وسوف تكون صعبة في حال تفضيلها انتقاء الثالث على الأول مثلاً دون ابداء الاسباب، فتفقد الشفافية والدقة، اما الاحتمال الثاني هو في اعتماد اللجنة للمحصلات من خلال تقديم آراء وتقييمات عامة وفي هذه الحالة فإن ذلك سوف يفتح للنائب الاقتصادي ورئيس مجلس الوزراء اعتماد المعايير الاقتصادية والسياسية المقرة من قبلهما سلفاً.
بشكل عام إن ما يتم اعتماده في شركات ومصانع وبيوتات المال الغربية هو الاحتمال الأول ويكون للقائم على المقابلة الارجحية في قبول الشخص المناسب وخاصة وان القائم هو الاحتمال الأول ويكون للقائم على المقابلة الارجحية في قبول الشخص المناسب وخاصة وان القائم على المقابلة سوف يتلقى اللوم والتهميش في حال فشله في انتقاء الشخص المناسب الذي سوف يتعرض لاختبار مدته ثلاثة اشهر لاختبار كفاءته وبالتالي كفاءة اللجان او القائمين على المقابلات
الأربعاء، أغسطس ١٧، ٢٠٠٥
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق