الأربعاء، أغسطس ٣١، ٢٠٠٥

السحر والمنهج العلمي المدروس - صناعة القرار؟

ينتظر سواد الشعب دوماً من الحكومة الجديدة أن تقدم برنامجها. ولغاية تاريخ يومنا هذا يتضح أن أية حكومة ما أن تتسلم مهام عملها حتى تصل إلى حد العجز في التطبيق. وهذا يجب أن لا يدعو للغرابة لسبب بسيط أن المؤسسات التابعة لها تفتقد لرؤية منهجية للواقع لكن ما الذي يقرر أن تلك الحكومة نجحت أم أخفقت؟ وما الذي يقرر أن تلك المؤسسات تفتقد لهذه الرؤية؟!
فالجميع يتحدث عن الإخفاق فقط، وذلك أيضاً لسبب بسيط وبالغ الأهمية وهو الاعتقاد السائد بأن ثمة عصا سحرية . فكيف لنا أن نتجه نحو المنهج العلمي المدروس ما دمنا نؤمن بالسحر؟!
ينتظر الجميع المراسيم الرئاسية والحكومية ويطالب الجميع بشرح مضامينها مع أن إصدار تلك المراسيم يفترض أنها جاءت نتيجة مطالبة شعبية كانت أم " مؤسساتية " وهذا يؤكد على خلل قائم قد يكون معلوماً أو متجاهلاً أو غير ذلك.. يبدو لي أننا كمؤسسات، أعني لا كعشائر، بحاجة ماسة لمراجعة مصطلحاتنا فماذا تعني الكلمات التالية الرئيس، الحكومة، الوزير، المدير العام... إلى ما هنالك.
فإذا أخذنا وسطياً الحكومة فمن المؤكد أن أبسط تعريف لها بأنها خادمة الشعب، وعلى طريقة الدمشقي في الكلام المعسول ( أنا خادم الطيبين ) أو على طريقة فيروز " تعبك للناس، فرحك للناس " ودورها أن تكون ضميره لا تاجره . وأسأل هل العلاقة ما بين الحكومة وسيدها الشعب تدلل على ذلك؟ حتماً هناك خلل في المفاهيم ونظراً لأن منطقتنا عبر الحقب الطويلة لم تعرف علاقة ما بين الله والشعب إلا الوسيط وهو إما الحاكم أو الكاهن، ولا ننسى ما وصلت إليه مصر زمن الحاكم بأمره بعد أن كان الحاكم بأمر الله!
ولأن التدين صفة واقعنا الإيجابية بينما أساه التطرف مما جعل المفهوم العشائري هو السائد وجعل كل مسؤول ينظر إلى مؤسسته كأنها ملكية خاصة بكل ما تحتويه من الموظفين وحتى القرطاسية مروراً بالميزانية أو حتى الهبات أو ما تسمى بالمنح الخارجية ولكي لا نسهب في التحليل نرى أن المعضلة الحقيقية في مجتمعنا السوري اليوم تتمثل في ما هو موجود على الأرض ولقبه صحيح لكن حسن التنفيذ واستثمار جميع الطاقات، قبل أن ندعو الآخرين للاستثمار في وطننا، وتأهيلها لا يتجه في ما يساهم في رفعة الوطن ومجده وإن ساهم فبكثير من اللف والدوران وفي أحسن حال لا يتم استثمار الطاقات على أساس الزمن بل على أساس " دلّني على مثال واحد وأنا أتبعه ". والكلام عن قدوة فقط، هذه الأيام، لا يجدي مع عمل مؤسساتي بينما أحد المستخدمين قد يدلك على الوجهة الصحيحة!!
يجب النظر في مسار العلاقة ما بين الهرمي والقاعدة. فلا يمكن تقديم ورقة عمل إلا من خلال القاعدة وتلك الورقة تعتمد الحوار والحوار يعني كل اختصاص بحد ذاته ومن هذا التخصيص يبدأ الاقتراح الصحيح بالتداول ويأتي دور الهرم في كل قطاع بدعم هذا الاقتراح مبدئياً ومن ثم المطالبة بإعداد الدراسة التحليلية لواقع العمل وعلى هذا الأساس يمكن توجيه عمل الحكومة باعتماد الميزانيات لخلق المناخ الحقيقي لاستثمار الأفكار.
نهايةً نجد بأن اعتماد المسار يجعلنا نقترب من الزمن الحقيقي. فالأفكار لا يمكن أن تتحرر إلا في الحوار مع القواعد ولا يمكن أن تصبح واقعاً بدون تبني المسؤول لها وأخلص للقول إذا لم تقد القواعد العمل بحيث تفرض على الإدارة ومن ثم الوزارة فالحكومة فالشعب لا يمكن أن نمضي قدماً. ولا يمكن بأي حال انتظار الحكومة حتى تجترح رؤى تعجيزية لتقول سوف وسوف وأخواتها.

وعد المهنا

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

سلامي للاستاذ وعد المهنا
لا اشك يوما واحدا بانك لن تيأس من هذا الموضوع السرمدي. وكما يقولون في دمشق (كلام لابيقدم و لا بيأخر) ولكن المهم بان تتكاثر اعداد المناضلين امثالك
من دبي مهند هاشم - Picasoo7@hotmail.com
sghld g; dh hf, ugd