اشكالية الانترنت في سورية
الانفجار المعلوماتي ، من الممكن أن يكون اخطر من انفجار البارود بالنسبة إلى الحكومات في البلدان العربي والدول المتخلفة على وجه الخصوص. ومن المؤكد أن الانترنت ستحدث تغيرات كبيرة في جميع مناحي الحياة في مثل هذه الدول ومنها سورية.
وهنا يجب الانتباه على ان الانترنت لا تأخذ موقع الفاعل بل هي الوسيلة ، لان الانترنت لن تغير شيئا بدون الفاعلين الحقيقيين في كل الميادين من كتاب ومفكرين وصحفيين ومبدعين ورجال اعمال وشركات .. الخ.
ولكن كل هؤلاء لن يستطيعوا احداث تغيرات بالحجم ذاته الذي يمكن ان يكون في حال توفر ( وسيلة ) الانترنت.
واهمية الانترنت في سورية وبدون مواربة تأتي من خلال قدرتها على احداث التغيير السياسي ، وتأثير هذا التغير في باقي القطاعات.
بالطبع لا ننكر ان الانترنت سيكون وسيلة فاعلة في كل مناحي الحياة للمواطن السوري في المستقبل القريب ، ولكن بالضبط ما سيجعل السيطرة الحكومية على الحياة العامة تضعف شيئاً فشيئاً ، والرقابة والتقييد بدون شك مع الزمن ستذهب الى غير رجعة.
ولكي نكون قادرين على رسم صورة واقعية لحياة السوريين في المستقبل القريب بدخول هذه الوسيطة في كل مناحي حياتهم يجب علينا ان نستعرض امكانياتها واين وصل العالم اليوم من خلالها.
الانترنت الى اين ؟
خارج سيطرة الحكومات
لم تعد الحكومات بعد اليوم قادرة على احتكار وسائل التعبير ، ومع ازدياد عدد الناس الذين سيستخدمون الانترنت ، اصبح من شبه المستحيل اليوم منع الناس من التعبير عن ذاتهم.
وقد أثبتت الدراسات ان الانترنت اتاحت للمستخدمين ( والعرب بالتحديد ) إمكانيات هائلة للإفلات من اوجه السيطرة والتحكم المختلفة في تدفق المعلومات.
فإذا أخذنا واحدا من اكثر المجتمعات المغلقة مثل ايران ، فاننا سنجد الجيل الجديد من الشباب والبنات اليوم يأخذ من الانترنت وسيلة لانشاء بطاقات شخصية تستخدم في التعارف واجراء اللقاءات بين الشباب والبنات في مجتمع يحد بشدة التلاقي العلني.
وتظهر القوة الجبارة لشبكة الانترنت حقيقة بانتشار ما بات يعرف بالمذكرات الالكترونية ( بلوكز ) حيث وبحسب كتاب " نحن ايران المذكرات الايرانية الفارسية " بلغت هذه المذكرات 64000 مذكرة ايرانية على شبكة الانترنت تشكلت خلال اقل من خمس سنوات تضم عدد هائلا من الافكار والطروحات والتنوع الذي لا يمكن وضعه ضمن اطار او تقيده بحدود ، كما ان الخطر الذي تشكله الحرية غير المقيدة للتعبير عن الرأي ، على النظام ، في بلد وصفته منظمة مراسلون بلا حدود بانه " اكبر سجن للصحفيين في الشرق الاوسط " هو خطر ينشأ من الداخل ويكون بفعل الايرانيين انفسهم ، وغير مرتبط بالـ " بعبع " التقليدي الولايات المتحدة ولا يمكن التعامل معه على انه الشر القادم من الغرب.
وكمثال آخر على صعوبة السيطرة على حرية التعبير يمكن ان نأخذ الصين ، التي ما زالت المعركة فيها محتدمة بين الصحفيين وبين الحكومة التي ما زالت تقاوم لتجعل الامور تحت سيطرتها دون ان تنجح تماما في ذلك.
فقد اصدر الحزب الشيوعي منذ فترة قريبة ، تعليمات مشددة عرفت باسم الوثيقة 16 ، تثبت مدى الجدية التي تتعامل بها حكومة بكين مع سيطرتها على الامور التي بدأت تتلاشى.
ورغم ان الحكومة هناك ما زالت تخوض حربا ضروس للحد من الحرية المنفلتة التي تشهدها البلاد من خلال الانترنت ، الا انها لم تنجح في احكام سيطرتها على هذا القطاع ، وتمضي الصحافة في الصين في طريق التخلص من قيود الرقابة مع وجود الديناميكية السريعة لنقل الاخبار والتي غالبا ما تتفوق على القدرات الرقابية الموجودة في " مكتب الدعاية الحكومي " الذي يحاول ( دون ان ينجح ) في مراقبة الصحافة الصينية ، والسبب بكل تأكيد يعود الى وسائل الاتصال الحديث وعلى رأسها الانترنت والخدمات المتفرعة عنه ( البريد الالكتروني ، غرف الدردشة .. ).
واذا كانت هذه الصورة التي نقلناها تعطي صورة جيدة عما ستؤول اليه الامور في المستقبل ، فاننا نقول بان هذه ما زالت البداية وبان التطورات السريعة والمتلاحقة ستأخذنا الى اكثر من ذلك ..
الحرية تمتد الى الصوت والصورة..
تشير الدراسات الحديثة الى ان التلفزيون يخسر مشاهديه لمصلحة شبكة الانترنت ، ولا سيما فيما يتعلق بامور مثل الاخبار العاجلة ، حيث ان المستهلكين دون سن الـ 34 يلجأون اولا الى الانترنت للاطلاع على الاخبار.
ومن خلال مجموعة من البحوث الحديثة فقد تم إثبات بأن متابعة الأحداث المهمة غالبا كانت زيارات مواقع الانترنت تضاهي نسبة مشاهدة التلفزيون او تفوقها عددا.
وكمثال على ذلك تشير احصاءات حديثة عن زيادة عدد زوار موقع الـ بي بي سي الاخباري من 1.6 مليون زائر في العام 2000 الى 7.8 مليون زائر في العام 2005.
هذا الاتجاه في الاعتماد على الانترنت كمصدر رئيسي للاخبار جعل نسبة القراءة الكلية للصحف التقليدية تنخفض بنسبة 30 % لصالح صحافة الانترنت.
الانفجار المعلوماتي ، من الممكن أن يكون اخطر من انفجار البارود بالنسبة إلى الحكومات في البلدان العربي والدول المتخلفة على وجه الخصوص. ومن المؤكد أن الانترنت ستحدث تغيرات كبيرة في جميع مناحي الحياة في مثل هذه الدول ومنها سورية.
وهنا يجب الانتباه على ان الانترنت لا تأخذ موقع الفاعل بل هي الوسيلة ، لان الانترنت لن تغير شيئا بدون الفاعلين الحقيقيين في كل الميادين من كتاب ومفكرين وصحفيين ومبدعين ورجال اعمال وشركات .. الخ.
ولكن كل هؤلاء لن يستطيعوا احداث تغيرات بالحجم ذاته الذي يمكن ان يكون في حال توفر ( وسيلة ) الانترنت.
واهمية الانترنت في سورية وبدون مواربة تأتي من خلال قدرتها على احداث التغيير السياسي ، وتأثير هذا التغير في باقي القطاعات.
بالطبع لا ننكر ان الانترنت سيكون وسيلة فاعلة في كل مناحي الحياة للمواطن السوري في المستقبل القريب ، ولكن بالضبط ما سيجعل السيطرة الحكومية على الحياة العامة تضعف شيئاً فشيئاً ، والرقابة والتقييد بدون شك مع الزمن ستذهب الى غير رجعة.
ولكي نكون قادرين على رسم صورة واقعية لحياة السوريين في المستقبل القريب بدخول هذه الوسيطة في كل مناحي حياتهم يجب علينا ان نستعرض امكانياتها واين وصل العالم اليوم من خلالها.
الانترنت الى اين ؟
خارج سيطرة الحكومات
لم تعد الحكومات بعد اليوم قادرة على احتكار وسائل التعبير ، ومع ازدياد عدد الناس الذين سيستخدمون الانترنت ، اصبح من شبه المستحيل اليوم منع الناس من التعبير عن ذاتهم.
وقد أثبتت الدراسات ان الانترنت اتاحت للمستخدمين ( والعرب بالتحديد ) إمكانيات هائلة للإفلات من اوجه السيطرة والتحكم المختلفة في تدفق المعلومات.
فإذا أخذنا واحدا من اكثر المجتمعات المغلقة مثل ايران ، فاننا سنجد الجيل الجديد من الشباب والبنات اليوم يأخذ من الانترنت وسيلة لانشاء بطاقات شخصية تستخدم في التعارف واجراء اللقاءات بين الشباب والبنات في مجتمع يحد بشدة التلاقي العلني.
وتظهر القوة الجبارة لشبكة الانترنت حقيقة بانتشار ما بات يعرف بالمذكرات الالكترونية ( بلوكز ) حيث وبحسب كتاب " نحن ايران المذكرات الايرانية الفارسية " بلغت هذه المذكرات 64000 مذكرة ايرانية على شبكة الانترنت تشكلت خلال اقل من خمس سنوات تضم عدد هائلا من الافكار والطروحات والتنوع الذي لا يمكن وضعه ضمن اطار او تقيده بحدود ، كما ان الخطر الذي تشكله الحرية غير المقيدة للتعبير عن الرأي ، على النظام ، في بلد وصفته منظمة مراسلون بلا حدود بانه " اكبر سجن للصحفيين في الشرق الاوسط " هو خطر ينشأ من الداخل ويكون بفعل الايرانيين انفسهم ، وغير مرتبط بالـ " بعبع " التقليدي الولايات المتحدة ولا يمكن التعامل معه على انه الشر القادم من الغرب.
وكمثال آخر على صعوبة السيطرة على حرية التعبير يمكن ان نأخذ الصين ، التي ما زالت المعركة فيها محتدمة بين الصحفيين وبين الحكومة التي ما زالت تقاوم لتجعل الامور تحت سيطرتها دون ان تنجح تماما في ذلك.
فقد اصدر الحزب الشيوعي منذ فترة قريبة ، تعليمات مشددة عرفت باسم الوثيقة 16 ، تثبت مدى الجدية التي تتعامل بها حكومة بكين مع سيطرتها على الامور التي بدأت تتلاشى.
ورغم ان الحكومة هناك ما زالت تخوض حربا ضروس للحد من الحرية المنفلتة التي تشهدها البلاد من خلال الانترنت ، الا انها لم تنجح في احكام سيطرتها على هذا القطاع ، وتمضي الصحافة في الصين في طريق التخلص من قيود الرقابة مع وجود الديناميكية السريعة لنقل الاخبار والتي غالبا ما تتفوق على القدرات الرقابية الموجودة في " مكتب الدعاية الحكومي " الذي يحاول ( دون ان ينجح ) في مراقبة الصحافة الصينية ، والسبب بكل تأكيد يعود الى وسائل الاتصال الحديث وعلى رأسها الانترنت والخدمات المتفرعة عنه ( البريد الالكتروني ، غرف الدردشة .. ).
واذا كانت هذه الصورة التي نقلناها تعطي صورة جيدة عما ستؤول اليه الامور في المستقبل ، فاننا نقول بان هذه ما زالت البداية وبان التطورات السريعة والمتلاحقة ستأخذنا الى اكثر من ذلك ..
الحرية تمتد الى الصوت والصورة..
تشير الدراسات الحديثة الى ان التلفزيون يخسر مشاهديه لمصلحة شبكة الانترنت ، ولا سيما فيما يتعلق بامور مثل الاخبار العاجلة ، حيث ان المستهلكين دون سن الـ 34 يلجأون اولا الى الانترنت للاطلاع على الاخبار.
ومن خلال مجموعة من البحوث الحديثة فقد تم إثبات بأن متابعة الأحداث المهمة غالبا كانت زيارات مواقع الانترنت تضاهي نسبة مشاهدة التلفزيون او تفوقها عددا.
وكمثال على ذلك تشير احصاءات حديثة عن زيادة عدد زوار موقع الـ بي بي سي الاخباري من 1.6 مليون زائر في العام 2000 الى 7.8 مليون زائر في العام 2005.
هذا الاتجاه في الاعتماد على الانترنت كمصدر رئيسي للاخبار جعل نسبة القراءة الكلية للصحف التقليدية تنخفض بنسبة 30 % لصالح صحافة الانترنت.
كيف ستغير الانترنت سوريا ؟
من الناحية السياسية
ستلعب شبكة الانترنت وسيلة مهمة للقوى المتعددة في التأثير في الرأي العام المحلي في سورية ، وستكون الوسيلة الأهم في مجال التعبير عن الذات وتبادل الأفكار ووجهات النظر ، وستلعب دورا مهما في استطلاعات الرأي العام وتشكيل تصور شبه آني لاتجاهات الرأي حول الأحداث والتغيرات التي تمر فيها سورية من خلال مراجعة التعليقات التي تتبع الأخبار ، المساهمات وصفحات المذكرات الالكترونية بالإضافة إلى زوايا التصويت وزوايا الحوار والمنتديات الالكترونية.
وببساطة يمكن القول بان الانترنت سيشكل نقطة تحول كبير في دور وسائل الاعلام في رسم السياسات العامة وتشكيل الاتجاهات والمواقف تجاه القضايا المختلفة ، وتعزيز موقعها كوسيلة فعالة لمراقبة الاداء وكشف التجاوزات وتوفير المعلومات عن الممارسات الخاطئة وتكريس مبدأ الشفافية وتفعيل دور المحاسبة .. ببساطة سيعمل الانترنت على تعزيز دور الاعلام كسلطة رابعة في المجتمع ، دون ان يستطيع احد ان يحد من قوة هذه السطلة او التحكم في هذه القوة الجبارة.
بدأت الصحافة الالكترونية تأخذ خطوات جدية باتجاه تعزيز مكانة هذا النوع من العمل الصحفي على حساب الوسائل الاعلامية الاخرى ، ومنذ عدة سنوات أوجدت الصحف الرسمية بالاضافة الى التلفزيون السوري مواقعا لها على الانترنت ، وظهرت بعض الصحف الالكترونية التي شكلت مزيجا من محركات البحث عن المواد الصحفية اليومية المتصلة بالشأن السوري في بعض المواقع ، وبداية عمل صحفي يمكن ان يصل الى مرحلة الاحتراف في مواقع اخرى.
هذا بالاضافة الى استغلال هذه الوسيلة بشكل جيد من خلال كثير من قوى المعارضة والاحزاب المحظورة ، والتيارات المناهضة للنظام وجماعات حقوق الانسان والمجتمع المدني في كشف الكثير من الممارسات التي تعتبرها هذا الجماعات خاطئة والضغط على السلطات للتحرك باتجاه الاستجابة لمطالبها.
وهؤلاء بالاضافة الى نجاحهم في انشاء مواقع ( اخبارية ) خاصة بهم ، الا انهم اعتمدوا بشكل كبير على البريد الالكتروني لتوزيع نشراتهم الإخبارية اليومية على مجموعة كبيرة ( تقدر بالآلاف ) من مستخدمي الانترنت في سورية.
وفي الوقت الراهن تصل يوميا العديد من الرسائل الالكترونية الى عدد كبير من مستخدمي الانترنت في سورية ، من قبل جماعات حقوق الانسان وقوى المعارضة ، واحزاب وحركات متعددة الاتجاهات والاهداف ، والتي تحمل البيانات والاخبار وتناول أي موضوع يخدم اهدافها دون وجود أي امكانية للسيطرة على هذه الرسائل.
في المستقبل ، ستزداد قوة مستخدمي سلاح الانترنت ، لان مما لا شك فيه بان عدد مستخدمي الانترنت في سورية سوف ينمو بمعدلات عالية ، وسيكون احد أهم أسباب النمو السريع هذا هو توق المواطن للحصول على المعلومات والاطلاع على كل ما يخص حياته وأخباره المحلية بدون ان يكون للرقابة الحكومية أي دور في تحديد ماهية المعلومات والاخبار المنشورة.
ومثلما قوبلت الطباعة بالرفض والتشدد عندما بدأت انتشارها بين نهاية القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر ، فان الانترنت لن يكون محط ترحيب الحكومة والسلطات السورية ، حيث ستكون وسيلة سهلة الاستخدام بأيادي جماعات الضغط المتعددة لممارسة الضغوط على الحكومة والنظام ، الأمر الذي سيجعل الحكومة في مشكلة حقيقية في كيفية مواجهة هذه القوة الكبيرة المنفلتة من زمام السيطرة.
و سيكون بمقدور هذه القوة ، ان تنقل الكثير من الأحداث فيما يجري في المحيط وتعري الحقائق وتكشف التجاوزات بالصوت والصورة ، وليس ذاك في الزمن البعيد الذي من الممكن أن نبدأ الرؤية من خلاله ، مقاطع مصورة لشرطي يتقاضى رشوى أو لعملية اعتقال تعسفي ، تجاوزات سيارة حكومية لاشارة المرور ، لقطات لاحداث مهمة مغايرة للقصة الرسمية .. الخ.
والحقيقة ان مثل هذه الظواهر بدأت بالظهور وهي آخذة في التنامي ، وقد شهدنا العديد من الصور التي رصدت احداث القامشلي في العام الماضي ( 2004 ) والتي بثت عن طريق الكثير من المواقع الكردية ، كذلك الاعتصامات التي قام بها الطلاب احتجاجا على الغاء قانون يلزم الدولة بتشغيل المهندسين ..
وهنا وظيفة الحكومة ستكون في غاية الصعوبة او من المؤكد ان مستحيلة ، في مراقبة وضبط كل هذه الامكانيات الهائلة وتحجيمها في اطار المسموح وغير المسموح في القوانين الوضعية.
ولكن في النهاية سيكون تأثير الانترنت من خلال كونها وسيلة إعلامية غير مقيدة ، ايجابيا وسيدعم تعزيز الديموقراطية في سورية ويلعب دورا مهما في نشر ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر ، وممارسة الرقابة ومحاربة الفساد وتحديد مواطن الخطأ وكل هذا لا شك بأنه سيحسن من الحياة السياسية في سورية بالاتجاه الذي يخدم المصالح الوطنية.
من الناحية الاقتصادية
عندما نريد التحدث عن تأثير الانترنت في الاقتصاد ، يجب دوما ان ننظر اولا الى الفرص الكبيرة التي وفرتها الشبكة في اتجاهات مختلفة وخلقت شركات عملاقة تعتمد بشكل كلي على الفضاء الافتراضي وتدور في فلك الخدمات التي ادمن عليها ملايين المستخدمين وهنا لا يمكننا تجاهل تجربة (جيري يانج) و(ديفيد فيلو) خريجا كلية الهندسة بجامعة ستانفورد بتأسيس موقع ( ياهو ) الشهير عام 1995 ، مدعومين برأسمال بلغ مليون دولار ، وقد استطاع المشروع الدخول في مرحلة الارباح في غضون 10 اشهر فقط وبعد 13 شهر طرحت الشركة اسهماً قدرها 2.6 مليون سهم للبيع مقابل 13 دولار للسهم الواحد.
واليوم يمتلك فيلو ( 38 عاما ) 6.4 % من قيمة اسهم " ياهو " تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار ، ويمتلك يانج ( 36 عاما ) 4.8 % بقيمة 2.1 مليار دولار هذا بعد ان باع كلاهما عددا كبيرا مما يملكاه من اسهم على مدى سنوات.
مثال اخر يمكن ان نسوقه في هذا الاطار وهو شركة ebay التي تحولت من شركة صغيرة أسسها مهندس كمبيوتر بهدف تمكين بعض الاشخاص من الاتجار بالسلع على شبكة الانترنت ، الى شركة مساهمة ضخمة ويصفها البعض بانها اصبحت نظاما اقتصاديا قائما بحد ذاته ، حيث يبلغ حجم المبيعات التي أنجزت من خلال موقعها العام الماضي حوالي 40 مليار دولار وحقق ارباحاً تقترب من الـ 1 مليار دولار.
ويبلغ عدد الزائرين المسجلين حاليا في الموقع 150 مليون مستخدم يصنف من بينهم حوالي 60 مليون مستخدم " نشط " وهؤلاء اما قدموا عروضا للشراء او أدرجوا موادا للبيع خلال العام الماضي.
ما نريد قوله انه بوجود الانترنت كوسيلة ذات قدرات هائلة ، ادى بالنتيجة الى تغير مفاهيم العمل الاقتصادي في العالم ، وما زال هذا التغيير مستمرا في اتجاه خلق المزيد من الفرص وتغير الكثير من الآليات التي كانت تحكم العمل الاقتصادي فيما مضى.
ويقوم الانترنت على مستوى الاقتصاد العالمي بدور في غاية الاهمية يتمثل في احتدام المنافسة ، وذلك من خلال الغاء المسافات ، فلم يعد المستهلك النهائي مقيد بحدود جغرافية واصبح يستطيع شراء ما يريد من أي مكان في العالم من خلال موقع مثل (أي بيه) .. ، واحتدام المنافسة يؤدي الى ظهور ابتكارات معززة للانتاج ، وهذه الابتكارات تنتشر بسرعة لتعمل على تحسين الانتاجية حتى في المجال الصناعي ، ومع اشتداد المنافسة ستأتي موجة جديدة من الاتبكارات.
كما تلعب الانترنت اليوم دورا حيويا في سوق الاوراق المالية ، حيث يتم حاليا في الولايات المتحدة الاميركية حوالي اربعة ملايين صفقة اوراق مالية في اليوم بينما في العام 1995 لم يكن يجري أي تداول الكتروني على الاطلاق.
الانترنت لن يشكل فقط عنصراً ضاغطاً على النظام ، بل على الحكومة أيضا ، حيث ان كثير من المصالح ستتأذى من خلال انتشار الانترنت في سورية ، وستتعرض الكثير من الصناعات والخدمات للمنافسة الشديدة ، مع افتقارنا للكفاءة في موضوع الابتكار الامر الذي سيدفع باتجاه خسارتنا لفرص الكسب وتحقيق التفوق على المنافسين.
في نفس الوقت توفر الانترنت فرصا كبيرة لانجاز مشاريع ناجحة وضخمة بإمكانيات صغيرة ، وقد تكون هي الحل الوحيد لتوفير اكثر من 200.000 فرصة عمل سنويا حاجة السوق السورية ، ومثل هذا النموذج نجده في الهند ومصر التي بدأت صادراتهما من البرمجيات المتعلقة بالانترنت تتزايد باطراد ، وأصبحت كبريات الشركات في العالم تعتمد على الخبرات الموجودة ، في الهند مثلا إذ يتوقع اتحاد شركات البرمجيات الهندية (ناسكوم) أن تبلغ صادرات الهند من البرمجيات نحو خمسين مليار دولار عام 2008، في حين أنها كانت عام 2003 نحو سبعة مليارات دولار.
وفي بلد مثل سورية ، لا تمتلك الكثير من الموراد الطبيعية ، يبقى الاستثمار في الموارد البشرية هو الفرصة الوحيدة لتخفيض معدلات البطالة ودعم معدلات النمو ، وهنا يمكن ان يؤمن الانترنت ( كوسيلة ) كثيراً من الفرص لانتاج خدمات تكون فيها نسبة القيمة المضافة كبيرة وهذا يعزز اتجاه خلق فرص عمل اضافية تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
من الناحية الثقافية
من الصعب جدا فصل التغيرات الثقافية التي ستحدثها الانترنت عن التغيرات السياسية ، لان التطور الثقافي قد يعطي فرصة عظيمة لهؤلاء الذين يمتلكون حسا ثقافيا وسياسيا عاليا ، ويؤمنون بتطبيق روح القانون ويسعون الى نشر الحريات ، وهذا سيدفع باتجاه نقل المجتمع من مرحلة العيش في عقلية الماضي المتخلفة ومراحل محاكم التفتيش ، الى عهد جديد تتراجع فيه سطوة القوى التقليدية المتحالفة سواء كانت سياسية او دينية او اجتماعية بحكم مجموعة من المصالح ، وبروز تيار يجنح نحو تعليم الجيل الجديد فنون الحياة والتعامل مع المستقبل بعقول مفتوحة ، دون وجود خوف او توجس من البوح ، والنظر الى الحرية على انها عامل مهم ومحرك ومحفز للابداع ومصدر قوة للدول والمجتمعات.
الدفع باتجاه هذا التغيير لا بد ان يكون له أثار كبيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية وحتى دينية ، وسيواجه بمقاومة كبيرة من قبل القوى التقليدية المتحالفة كما ذكرنا ، وانتصار طرف على الاخر يأتي من خلال استغلال عناصر القوة الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا ، وبالاخص تكنولوجيا الاتصالات وعلى رأسها الانترنت ، وعلى الاقل فان الفوارق في هذا الصراع ستتقلص الى ادنى حد ممكن ، والامكانيات المادية التي تمتلكها السلطات والقوى التقليدية ، يمكن التغلب عليها من خلال الديناميكية والتفاعل والمهارة في التعامل مع الوسائل الحديثة واستغلال السبق في التعامل مع المبتكرات التي ستعطي دفعا مهما لحركة التغيير في مواجهة الواقع المتخلف الغارق في البيروقراطية والتخلف والمركزية.
خاتمة
العرض الذي قدمناه من خلال هذا التقرير ، هو رؤية معتمدة على الحقائق والتطورات التي تطرأ في المحيط الذي نعيش فيه ، وهي بحاجة بدون أدنى شك للتوسع والدراسة ، لرسم صورة أكثر دقة للمستقبل.
ولكن ما حاولنا التأكيد عليه من خلال هذه الدراسة هو أهمية الانترنت كوسيلة لها دور فاعل في إحداث التغيير ، والشيء المثبت هو الإمكانيات الهائلة التي توفرها هذه الوسيلة والتي تجبرنا أن ننظر إليها كقوة هائلة لا يمكن احتكارها من قبل السلطة ولا يمكن حجزها في مكان دون أن تصل الى مكان آخر ، هي بداية لعصر سيكون فيه " اللعب على المكشوف " ، والغلبة للكفاءة والإبداع والحوار والإقناع وقوة التأثير من خلال العقل.
يجب علينا أن نعي هذه الحقائق جيدا ، وأي تجاهل أو تأخير في إدراك ما ورد في هذا التقرير سيفوت على صاحبه فرصة قد لا تتكرر وسيعطي للطرف الآخر سبقاً من المؤكد انه سيكون كبيراً بحيث لا يمكن تداركه ، وان غداً لناظره قريب .
ستلعب شبكة الانترنت وسيلة مهمة للقوى المتعددة في التأثير في الرأي العام المحلي في سورية ، وستكون الوسيلة الأهم في مجال التعبير عن الذات وتبادل الأفكار ووجهات النظر ، وستلعب دورا مهما في استطلاعات الرأي العام وتشكيل تصور شبه آني لاتجاهات الرأي حول الأحداث والتغيرات التي تمر فيها سورية من خلال مراجعة التعليقات التي تتبع الأخبار ، المساهمات وصفحات المذكرات الالكترونية بالإضافة إلى زوايا التصويت وزوايا الحوار والمنتديات الالكترونية.
وببساطة يمكن القول بان الانترنت سيشكل نقطة تحول كبير في دور وسائل الاعلام في رسم السياسات العامة وتشكيل الاتجاهات والمواقف تجاه القضايا المختلفة ، وتعزيز موقعها كوسيلة فعالة لمراقبة الاداء وكشف التجاوزات وتوفير المعلومات عن الممارسات الخاطئة وتكريس مبدأ الشفافية وتفعيل دور المحاسبة .. ببساطة سيعمل الانترنت على تعزيز دور الاعلام كسلطة رابعة في المجتمع ، دون ان يستطيع احد ان يحد من قوة هذه السطلة او التحكم في هذه القوة الجبارة.
بدأت الصحافة الالكترونية تأخذ خطوات جدية باتجاه تعزيز مكانة هذا النوع من العمل الصحفي على حساب الوسائل الاعلامية الاخرى ، ومنذ عدة سنوات أوجدت الصحف الرسمية بالاضافة الى التلفزيون السوري مواقعا لها على الانترنت ، وظهرت بعض الصحف الالكترونية التي شكلت مزيجا من محركات البحث عن المواد الصحفية اليومية المتصلة بالشأن السوري في بعض المواقع ، وبداية عمل صحفي يمكن ان يصل الى مرحلة الاحتراف في مواقع اخرى.
هذا بالاضافة الى استغلال هذه الوسيلة بشكل جيد من خلال كثير من قوى المعارضة والاحزاب المحظورة ، والتيارات المناهضة للنظام وجماعات حقوق الانسان والمجتمع المدني في كشف الكثير من الممارسات التي تعتبرها هذا الجماعات خاطئة والضغط على السلطات للتحرك باتجاه الاستجابة لمطالبها.
وهؤلاء بالاضافة الى نجاحهم في انشاء مواقع ( اخبارية ) خاصة بهم ، الا انهم اعتمدوا بشكل كبير على البريد الالكتروني لتوزيع نشراتهم الإخبارية اليومية على مجموعة كبيرة ( تقدر بالآلاف ) من مستخدمي الانترنت في سورية.
وفي الوقت الراهن تصل يوميا العديد من الرسائل الالكترونية الى عدد كبير من مستخدمي الانترنت في سورية ، من قبل جماعات حقوق الانسان وقوى المعارضة ، واحزاب وحركات متعددة الاتجاهات والاهداف ، والتي تحمل البيانات والاخبار وتناول أي موضوع يخدم اهدافها دون وجود أي امكانية للسيطرة على هذه الرسائل.
في المستقبل ، ستزداد قوة مستخدمي سلاح الانترنت ، لان مما لا شك فيه بان عدد مستخدمي الانترنت في سورية سوف ينمو بمعدلات عالية ، وسيكون احد أهم أسباب النمو السريع هذا هو توق المواطن للحصول على المعلومات والاطلاع على كل ما يخص حياته وأخباره المحلية بدون ان يكون للرقابة الحكومية أي دور في تحديد ماهية المعلومات والاخبار المنشورة.
ومثلما قوبلت الطباعة بالرفض والتشدد عندما بدأت انتشارها بين نهاية القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر ، فان الانترنت لن يكون محط ترحيب الحكومة والسلطات السورية ، حيث ستكون وسيلة سهلة الاستخدام بأيادي جماعات الضغط المتعددة لممارسة الضغوط على الحكومة والنظام ، الأمر الذي سيجعل الحكومة في مشكلة حقيقية في كيفية مواجهة هذه القوة الكبيرة المنفلتة من زمام السيطرة.
و سيكون بمقدور هذه القوة ، ان تنقل الكثير من الأحداث فيما يجري في المحيط وتعري الحقائق وتكشف التجاوزات بالصوت والصورة ، وليس ذاك في الزمن البعيد الذي من الممكن أن نبدأ الرؤية من خلاله ، مقاطع مصورة لشرطي يتقاضى رشوى أو لعملية اعتقال تعسفي ، تجاوزات سيارة حكومية لاشارة المرور ، لقطات لاحداث مهمة مغايرة للقصة الرسمية .. الخ.
والحقيقة ان مثل هذه الظواهر بدأت بالظهور وهي آخذة في التنامي ، وقد شهدنا العديد من الصور التي رصدت احداث القامشلي في العام الماضي ( 2004 ) والتي بثت عن طريق الكثير من المواقع الكردية ، كذلك الاعتصامات التي قام بها الطلاب احتجاجا على الغاء قانون يلزم الدولة بتشغيل المهندسين ..
وهنا وظيفة الحكومة ستكون في غاية الصعوبة او من المؤكد ان مستحيلة ، في مراقبة وضبط كل هذه الامكانيات الهائلة وتحجيمها في اطار المسموح وغير المسموح في القوانين الوضعية.
ولكن في النهاية سيكون تأثير الانترنت من خلال كونها وسيلة إعلامية غير مقيدة ، ايجابيا وسيدعم تعزيز الديموقراطية في سورية ويلعب دورا مهما في نشر ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر ، وممارسة الرقابة ومحاربة الفساد وتحديد مواطن الخطأ وكل هذا لا شك بأنه سيحسن من الحياة السياسية في سورية بالاتجاه الذي يخدم المصالح الوطنية.
من الناحية الاقتصادية
عندما نريد التحدث عن تأثير الانترنت في الاقتصاد ، يجب دوما ان ننظر اولا الى الفرص الكبيرة التي وفرتها الشبكة في اتجاهات مختلفة وخلقت شركات عملاقة تعتمد بشكل كلي على الفضاء الافتراضي وتدور في فلك الخدمات التي ادمن عليها ملايين المستخدمين وهنا لا يمكننا تجاهل تجربة (جيري يانج) و(ديفيد فيلو) خريجا كلية الهندسة بجامعة ستانفورد بتأسيس موقع ( ياهو ) الشهير عام 1995 ، مدعومين برأسمال بلغ مليون دولار ، وقد استطاع المشروع الدخول في مرحلة الارباح في غضون 10 اشهر فقط وبعد 13 شهر طرحت الشركة اسهماً قدرها 2.6 مليون سهم للبيع مقابل 13 دولار للسهم الواحد.
واليوم يمتلك فيلو ( 38 عاما ) 6.4 % من قيمة اسهم " ياهو " تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار ، ويمتلك يانج ( 36 عاما ) 4.8 % بقيمة 2.1 مليار دولار هذا بعد ان باع كلاهما عددا كبيرا مما يملكاه من اسهم على مدى سنوات.
مثال اخر يمكن ان نسوقه في هذا الاطار وهو شركة ebay التي تحولت من شركة صغيرة أسسها مهندس كمبيوتر بهدف تمكين بعض الاشخاص من الاتجار بالسلع على شبكة الانترنت ، الى شركة مساهمة ضخمة ويصفها البعض بانها اصبحت نظاما اقتصاديا قائما بحد ذاته ، حيث يبلغ حجم المبيعات التي أنجزت من خلال موقعها العام الماضي حوالي 40 مليار دولار وحقق ارباحاً تقترب من الـ 1 مليار دولار.
ويبلغ عدد الزائرين المسجلين حاليا في الموقع 150 مليون مستخدم يصنف من بينهم حوالي 60 مليون مستخدم " نشط " وهؤلاء اما قدموا عروضا للشراء او أدرجوا موادا للبيع خلال العام الماضي.
ما نريد قوله انه بوجود الانترنت كوسيلة ذات قدرات هائلة ، ادى بالنتيجة الى تغير مفاهيم العمل الاقتصادي في العالم ، وما زال هذا التغيير مستمرا في اتجاه خلق المزيد من الفرص وتغير الكثير من الآليات التي كانت تحكم العمل الاقتصادي فيما مضى.
ويقوم الانترنت على مستوى الاقتصاد العالمي بدور في غاية الاهمية يتمثل في احتدام المنافسة ، وذلك من خلال الغاء المسافات ، فلم يعد المستهلك النهائي مقيد بحدود جغرافية واصبح يستطيع شراء ما يريد من أي مكان في العالم من خلال موقع مثل (أي بيه) .. ، واحتدام المنافسة يؤدي الى ظهور ابتكارات معززة للانتاج ، وهذه الابتكارات تنتشر بسرعة لتعمل على تحسين الانتاجية حتى في المجال الصناعي ، ومع اشتداد المنافسة ستأتي موجة جديدة من الاتبكارات.
كما تلعب الانترنت اليوم دورا حيويا في سوق الاوراق المالية ، حيث يتم حاليا في الولايات المتحدة الاميركية حوالي اربعة ملايين صفقة اوراق مالية في اليوم بينما في العام 1995 لم يكن يجري أي تداول الكتروني على الاطلاق.
الانترنت لن يشكل فقط عنصراً ضاغطاً على النظام ، بل على الحكومة أيضا ، حيث ان كثير من المصالح ستتأذى من خلال انتشار الانترنت في سورية ، وستتعرض الكثير من الصناعات والخدمات للمنافسة الشديدة ، مع افتقارنا للكفاءة في موضوع الابتكار الامر الذي سيدفع باتجاه خسارتنا لفرص الكسب وتحقيق التفوق على المنافسين.
في نفس الوقت توفر الانترنت فرصا كبيرة لانجاز مشاريع ناجحة وضخمة بإمكانيات صغيرة ، وقد تكون هي الحل الوحيد لتوفير اكثر من 200.000 فرصة عمل سنويا حاجة السوق السورية ، ومثل هذا النموذج نجده في الهند ومصر التي بدأت صادراتهما من البرمجيات المتعلقة بالانترنت تتزايد باطراد ، وأصبحت كبريات الشركات في العالم تعتمد على الخبرات الموجودة ، في الهند مثلا إذ يتوقع اتحاد شركات البرمجيات الهندية (ناسكوم) أن تبلغ صادرات الهند من البرمجيات نحو خمسين مليار دولار عام 2008، في حين أنها كانت عام 2003 نحو سبعة مليارات دولار.
وفي بلد مثل سورية ، لا تمتلك الكثير من الموراد الطبيعية ، يبقى الاستثمار في الموارد البشرية هو الفرصة الوحيدة لتخفيض معدلات البطالة ودعم معدلات النمو ، وهنا يمكن ان يؤمن الانترنت ( كوسيلة ) كثيراً من الفرص لانتاج خدمات تكون فيها نسبة القيمة المضافة كبيرة وهذا يعزز اتجاه خلق فرص عمل اضافية تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
من الناحية الثقافية
من الصعب جدا فصل التغيرات الثقافية التي ستحدثها الانترنت عن التغيرات السياسية ، لان التطور الثقافي قد يعطي فرصة عظيمة لهؤلاء الذين يمتلكون حسا ثقافيا وسياسيا عاليا ، ويؤمنون بتطبيق روح القانون ويسعون الى نشر الحريات ، وهذا سيدفع باتجاه نقل المجتمع من مرحلة العيش في عقلية الماضي المتخلفة ومراحل محاكم التفتيش ، الى عهد جديد تتراجع فيه سطوة القوى التقليدية المتحالفة سواء كانت سياسية او دينية او اجتماعية بحكم مجموعة من المصالح ، وبروز تيار يجنح نحو تعليم الجيل الجديد فنون الحياة والتعامل مع المستقبل بعقول مفتوحة ، دون وجود خوف او توجس من البوح ، والنظر الى الحرية على انها عامل مهم ومحرك ومحفز للابداع ومصدر قوة للدول والمجتمعات.
الدفع باتجاه هذا التغيير لا بد ان يكون له أثار كبيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية وحتى دينية ، وسيواجه بمقاومة كبيرة من قبل القوى التقليدية المتحالفة كما ذكرنا ، وانتصار طرف على الاخر يأتي من خلال استغلال عناصر القوة الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا ، وبالاخص تكنولوجيا الاتصالات وعلى رأسها الانترنت ، وعلى الاقل فان الفوارق في هذا الصراع ستتقلص الى ادنى حد ممكن ، والامكانيات المادية التي تمتلكها السلطات والقوى التقليدية ، يمكن التغلب عليها من خلال الديناميكية والتفاعل والمهارة في التعامل مع الوسائل الحديثة واستغلال السبق في التعامل مع المبتكرات التي ستعطي دفعا مهما لحركة التغيير في مواجهة الواقع المتخلف الغارق في البيروقراطية والتخلف والمركزية.
خاتمة
العرض الذي قدمناه من خلال هذا التقرير ، هو رؤية معتمدة على الحقائق والتطورات التي تطرأ في المحيط الذي نعيش فيه ، وهي بحاجة بدون أدنى شك للتوسع والدراسة ، لرسم صورة أكثر دقة للمستقبل.
ولكن ما حاولنا التأكيد عليه من خلال هذه الدراسة هو أهمية الانترنت كوسيلة لها دور فاعل في إحداث التغيير ، والشيء المثبت هو الإمكانيات الهائلة التي توفرها هذه الوسيلة والتي تجبرنا أن ننظر إليها كقوة هائلة لا يمكن احتكارها من قبل السلطة ولا يمكن حجزها في مكان دون أن تصل الى مكان آخر ، هي بداية لعصر سيكون فيه " اللعب على المكشوف " ، والغلبة للكفاءة والإبداع والحوار والإقناع وقوة التأثير من خلال العقل.
يجب علينا أن نعي هذه الحقائق جيدا ، وأي تجاهل أو تأخير في إدراك ما ورد في هذا التقرير سيفوت على صاحبه فرصة قد لا تتكرر وسيعطي للطرف الآخر سبقاً من المؤكد انه سيكون كبيراً بحيث لا يمكن تداركه ، وان غداً لناظره قريب .
المركز الاقتصادي السوري 17/8/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق