سألت أحد أقاربي عن وظيفته الجديدة والتي انتقل إليها مؤخراً، وهل يجد فيها متعة ونشاطاً؟ فكانت إجابته إيجابية ومتفائلة تجاه عمله الجديد، سألته عن عملية تقييم الموظف، كيف تتم؟ قال: بالطريقة المعروفة، التقارير السرية، استغربت من هذا أشد الاستغراب، مؤسسة مواكبة للتطورات الحديثة في مجال الإدارة والتقنية، وتسعى دائماً إلى أن تكون متفوقة على نفسها، بل وأعلم أنها من أفضل المؤسسات في مجال خدمة الجمهور، وما زالت تستخدم أسلوب التقارير السرية، شيء يدعوا إلى العجب فعلاً.
إن الموظف في عمله لا يبحث عن الراتب الكبير والعلاوات الكثيرة المتنوعة، بل إن ما يبحث عنه قبل كل شيء هو المتعة في العمل، والاحترام المتبادل بينه وبين الإدارة، ووجود الفرصة الحقيقية لإظهار الإبداع والأفكار المفيدة، هذا ما أثبتته دراسة أجريت على مجموعة من الموظفين والمدراء، حيث سؤل الموظفون عن أهم المميزات التي يريدون الحصول عليها من عملهم، فكان الراتب في الاختيار الثاني عشر وتتبعه العلاوات، أما الاختيار الأول هو المتعة في العمل، ويتبعه احترام الموظف وشخصيته من قبل الزملاء والإدارة، ويتبعه وجود فرصة لتنفيذ الأفكار والمقترحات.
أما المدراء فإنهم حصلوا على هذا السؤال: ما هي المميزات المهمة في رأيك التي يريدها الموظف في مؤسستك؟ فكانت إجابتهم مخالفة لإجابة الموظفين، حيث وضعوا الراتب والعلاوات والبدلات المالية في المراتب الأولى، وهذا يبين لنا اختلاف نظرة الإدارة للعمل وبيئة العمل عن نظرة الموظفين أنفسهم، وهذا الاختلاف سيؤدي وبلا شك إلى وجود إشكاليات كثيرة تؤدي بدورها إلى تدني الإنتاجية في العمل.
أعتقد أنكم تتساءلون عن الرابط بين التقارير السرية التي تحدثت عنها في أول المقال وعن الدراسة؟ ما يربط بين الأمرين هو ما أريد أن أتحدث عنه بشكل موسع وربما على عدة مقالات، وهو بيئة العمل، وفي بيئة العمل أفضل الحديث عن ثلاثة أمور. الأول منها تقييم الموظفين.
إن كل موظف أو مدير أو عامل في أي مؤسسة يحتاج إلى التقييم لكي يحسن أداءه، وهذا أمر بديهي، والذي يرفض أن يقوم شخص آخر بتقييمه فإنه لن يعرف أخطائه وبالتالي سيبقى في مكانه من غير تطور في أداءه، أما الشيء الذي أريد التركيز عليه هو وسيلة التقييم نفسها.
التقارير السرية لتقييم الموظفين وسيلة متخلفة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، التقييم إن لم يكن فورياً ومباشراً وواضحاً للموظف فلن يستفيد منه، وما فائدة التقرير السري الذي لا يستطيع الموظف الإطلاع عليه؟ هذه التقارير تستخدم عادة على مزاج المشرف أو المدير المسؤول المباشر عن الموظف، فإن كان راضياً عنه فالتقرير أيضاً راض عن الموظف! وإن كان غير ذلك فويل ثم ويل للموظف من قائمة الأخطاء والسلبيات التي أحصها المدير فلم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا كتبها في التقرير.
لنترك واقعنا قليلاً ونذهب لنرى بعض الأمثلة الإيجابية لمسألة تقييم الموظف، وهي أمثلة من مؤسسات أمريكية ويابانية لها باع كبير في مجال الإدارة، إحدى المؤسسات تزرع الثقة في الموظفين وتطلب منهم تقييم أنفسهم أمام زملائهم وذلك من خلال ألواح بيضاء يكتب فيه الموظف قيمة المبيعات التي كان له دور فيها، ويقارن أداءه في اليوم مع الأيام السابقة ليصبح لديه رسم بياني يبين له ارتفاع أو انخفاض مستواه، وكل هذا يراه الزملاء في الوظيفة، فإذا ما تقدم أحدهم وأرتفع مستواه في الإنتاجية، يحاول الآخرين لحاقه والتفوق عليه، وليس في هذا التقييم خاسر، بل الكل يربح، فليس الهدف أن أتفوق على الآخرين، بل أن أتفوق على نفسي ويرتفع أدائي مقارنة مع اليوم السابق.
هذا مثال لمؤسسة أمريكية معروفة، مؤسسة أخرى يابانية، قامت بعمل لوحات إلكترونية رقمية أمام كل عامل في المصنع، بحيث يستطيع أن يعرف كمية الوحدات التي أنهاها وعدد الوحدات المعيبة، وارتفاع عدد الوحدات التي ينهيها مع انخفاض الوحدات المعيبة هو الهدف الذي يريد كل موظف الوصول له، وأقصد بالوحدات هنا جزء من منتج أو حتى منتج كامل.
بهذه الطريقة يحصل الموظف على تغذية مرتجعة فورية لأدائه فيعمل فوراً على تصحيح الخطأ والإسراع والجد في الإنتاج، لنقارن هذا مع التقارير السرية، في كل شهر يتم إعداد تقرير سري لكل موظف، ويطلع عليه المدير والمسؤول فيتخذ الإجراء المناسب، ولا أدري ما هو هذا الإجراء، هل هو إخبار الموظف بسلبياته؟ لماذا لا يتم ذلك مباشرة وخلال العمل؟ أم الهدف من التقرير هذا إنزال العقوبات على الموظف؟ فيصبح الهدف منها مجرد العقاب للعقاب ذاته لا لتطوير أداء الموظف.
وهناك أمر آخر، لماذا تركز هذه التقارير على السلبيات فقط؟! لماذا ينظر من أعد التقرير إلى الموظفين بمنظار أسود ويحاول أن يتصيد أخطائهم ليدونها في التقرير؟ التقرير بدون هذه السلبيات لا يفيد ولا يشبع؟!
لذلك علينا أن ننظر إلى طريقة التقييم وننظر قبل هذا إلى أمر أهم، وهو الغاية من التقييم، فبعض المدراء لا يريدون الخير لموظفيهم ويضمرون لهم العداء وهذه التقارير وسيلة فعالة لإلحاق الضرر بالموظفين، وعلينا أن ننتزع ثقافة المدير الذي لا يجب أن يقترب منه الموظف، فمن حق الموظف أيضاً أن ينتقد ويقيم المدير، فالمؤسسات ليست ثكنات عسكرية يأتي الأمر فيها من الأعلى إلى الأسفل بدون نقاش أو حوار.
إن الموظف في عمله لا يبحث عن الراتب الكبير والعلاوات الكثيرة المتنوعة، بل إن ما يبحث عنه قبل كل شيء هو المتعة في العمل، والاحترام المتبادل بينه وبين الإدارة، ووجود الفرصة الحقيقية لإظهار الإبداع والأفكار المفيدة، هذا ما أثبتته دراسة أجريت على مجموعة من الموظفين والمدراء، حيث سؤل الموظفون عن أهم المميزات التي يريدون الحصول عليها من عملهم، فكان الراتب في الاختيار الثاني عشر وتتبعه العلاوات، أما الاختيار الأول هو المتعة في العمل، ويتبعه احترام الموظف وشخصيته من قبل الزملاء والإدارة، ويتبعه وجود فرصة لتنفيذ الأفكار والمقترحات.
أما المدراء فإنهم حصلوا على هذا السؤال: ما هي المميزات المهمة في رأيك التي يريدها الموظف في مؤسستك؟ فكانت إجابتهم مخالفة لإجابة الموظفين، حيث وضعوا الراتب والعلاوات والبدلات المالية في المراتب الأولى، وهذا يبين لنا اختلاف نظرة الإدارة للعمل وبيئة العمل عن نظرة الموظفين أنفسهم، وهذا الاختلاف سيؤدي وبلا شك إلى وجود إشكاليات كثيرة تؤدي بدورها إلى تدني الإنتاجية في العمل.
أعتقد أنكم تتساءلون عن الرابط بين التقارير السرية التي تحدثت عنها في أول المقال وعن الدراسة؟ ما يربط بين الأمرين هو ما أريد أن أتحدث عنه بشكل موسع وربما على عدة مقالات، وهو بيئة العمل، وفي بيئة العمل أفضل الحديث عن ثلاثة أمور. الأول منها تقييم الموظفين.
إن كل موظف أو مدير أو عامل في أي مؤسسة يحتاج إلى التقييم لكي يحسن أداءه، وهذا أمر بديهي، والذي يرفض أن يقوم شخص آخر بتقييمه فإنه لن يعرف أخطائه وبالتالي سيبقى في مكانه من غير تطور في أداءه، أما الشيء الذي أريد التركيز عليه هو وسيلة التقييم نفسها.
التقارير السرية لتقييم الموظفين وسيلة متخلفة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، التقييم إن لم يكن فورياً ومباشراً وواضحاً للموظف فلن يستفيد منه، وما فائدة التقرير السري الذي لا يستطيع الموظف الإطلاع عليه؟ هذه التقارير تستخدم عادة على مزاج المشرف أو المدير المسؤول المباشر عن الموظف، فإن كان راضياً عنه فالتقرير أيضاً راض عن الموظف! وإن كان غير ذلك فويل ثم ويل للموظف من قائمة الأخطاء والسلبيات التي أحصها المدير فلم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا كتبها في التقرير.
لنترك واقعنا قليلاً ونذهب لنرى بعض الأمثلة الإيجابية لمسألة تقييم الموظف، وهي أمثلة من مؤسسات أمريكية ويابانية لها باع كبير في مجال الإدارة، إحدى المؤسسات تزرع الثقة في الموظفين وتطلب منهم تقييم أنفسهم أمام زملائهم وذلك من خلال ألواح بيضاء يكتب فيه الموظف قيمة المبيعات التي كان له دور فيها، ويقارن أداءه في اليوم مع الأيام السابقة ليصبح لديه رسم بياني يبين له ارتفاع أو انخفاض مستواه، وكل هذا يراه الزملاء في الوظيفة، فإذا ما تقدم أحدهم وأرتفع مستواه في الإنتاجية، يحاول الآخرين لحاقه والتفوق عليه، وليس في هذا التقييم خاسر، بل الكل يربح، فليس الهدف أن أتفوق على الآخرين، بل أن أتفوق على نفسي ويرتفع أدائي مقارنة مع اليوم السابق.
هذا مثال لمؤسسة أمريكية معروفة، مؤسسة أخرى يابانية، قامت بعمل لوحات إلكترونية رقمية أمام كل عامل في المصنع، بحيث يستطيع أن يعرف كمية الوحدات التي أنهاها وعدد الوحدات المعيبة، وارتفاع عدد الوحدات التي ينهيها مع انخفاض الوحدات المعيبة هو الهدف الذي يريد كل موظف الوصول له، وأقصد بالوحدات هنا جزء من منتج أو حتى منتج كامل.
بهذه الطريقة يحصل الموظف على تغذية مرتجعة فورية لأدائه فيعمل فوراً على تصحيح الخطأ والإسراع والجد في الإنتاج، لنقارن هذا مع التقارير السرية، في كل شهر يتم إعداد تقرير سري لكل موظف، ويطلع عليه المدير والمسؤول فيتخذ الإجراء المناسب، ولا أدري ما هو هذا الإجراء، هل هو إخبار الموظف بسلبياته؟ لماذا لا يتم ذلك مباشرة وخلال العمل؟ أم الهدف من التقرير هذا إنزال العقوبات على الموظف؟ فيصبح الهدف منها مجرد العقاب للعقاب ذاته لا لتطوير أداء الموظف.
وهناك أمر آخر، لماذا تركز هذه التقارير على السلبيات فقط؟! لماذا ينظر من أعد التقرير إلى الموظفين بمنظار أسود ويحاول أن يتصيد أخطائهم ليدونها في التقرير؟ التقرير بدون هذه السلبيات لا يفيد ولا يشبع؟!
لذلك علينا أن ننظر إلى طريقة التقييم وننظر قبل هذا إلى أمر أهم، وهو الغاية من التقييم، فبعض المدراء لا يريدون الخير لموظفيهم ويضمرون لهم العداء وهذه التقارير وسيلة فعالة لإلحاق الضرر بالموظفين، وعلينا أن ننتزع ثقافة المدير الذي لا يجب أن يقترب منه الموظف، فمن حق الموظف أيضاً أن ينتقد ويقيم المدير، فالمؤسسات ليست ثكنات عسكرية يأتي الأمر فيها من الأعلى إلى الأسفل بدون نقاش أو حوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق