ـــ ما ردكم على مطلب لجنة التحقيق الدولية بمقابلتكم والسيد فاروق الشرع وزير الخارجية؟
- نحن دائمًا طرحنا واعلنا اكثر من مرة عن موافقتنا على مبدأ التعاون مع لجنة التحقيق الدولية‚ ولكن التعاون كما قلت يجب ان يرتكز على القاعدة القانونية‚ ولذلك فان اي طلب من هذا النوع يرتكز على هذه القاعدة القانونية فنحن معه‚ وهذا الطلب ليس هو الطلب الاول‚ هناك طلب سابق‚ عندما طرحت اللجنة ان تأتي إلى سوريا في نهاية الصيف الماضي لتستمع إلى شهود سوريين كما اسموهم‚ وفي هذا الوقت طلبوا اللقاء مع الرئيس بشار ورئيس الجمهورية لديه حصانة دولية كما تعرف‚ ومع ذلك فقد ارسلنا لهم ردًا عن طريق اللجنة القضائية السورية بدعوة رئيس اللجنة الحالي والقادم لزيارة دمشق وتوقيع بروتوكول مع اللجنة يحدد آلية التعاطي مع سوريا على كل المستويات‚
ـــ إلى أي مدى ترون ان التصريحات الاخيرة التي أدلى بها نائب رئيس الجمهورية السابق عبد الحليم خدام يمكن ان تخدم المخططات التي تستهدف سوريا؟
- علينا ان نركز على المشروع بدلاً من الشخص‚ فالشخص في النهاية هو مجرد اداة‚ وهو على المستوى الشخصي الناس تدرك حقيقته جيدًا في سوريا‚ لذلك يبقى علينا ان نفكر بالمشروع‚ والمشروع معروف ولم يتغير وهو مستمر‚ اما اضافة ادوات جديدة إلى هذا المشروع فهي لا تؤثر الا بمقدار مصداقية هذه الادوات بالداخل السوري‚ فما بالك والناس تعرف حقيقة هذه الادوات ودوافعها‚
واذا كان هدف هذا المشروع هو تفتيت الداخل السوري‚ وانا سبق ان قلت في خطابي في الجامعة ان الهدف هو خلق انقسام بين الدولة والشعب وانقسام داخل المجتمع‚ وبما ان هذه الشخصية لا تحوز على اي مصداقية في المجتمع السوري على كافة المستويات فهي لن تزيد كثيرًا‚
ـــ لقد اعتبرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية ان قصر عبد الحليم خدام في باريس قد تحول إلى «محج» للمخابرات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية ومخابرات بعض الدول الاخرى‚ هل تعتبر ان خدام ضالع في المخطط الآن ام قبل ذلك بكثير؟
- باعتقادي انه ضالع في المخطط من قبل وهو طرف أساسي فيه ولكن ليس لدينا تفاصيل محددة حتى الآن‚ ولكن اود ان اشير هنا إلى ان كثيرًا من الاطروحات التي كان يطرحها داخل الاجتماعات او خارجها كانت تخدم هذا المخطط‚
ـــ مثل؟
- مثل الانبطاح الكامل‚ التنازلات الكبيرة‚ عرقلة كثير من المشاريع الوطنية والقومية‚ هذه كلها عناوين لمواقف عديدة كانت تدفعنا دومًا إلى طرح المزيد من التساؤلات حول حقيقة اهدافه‚
ـــ منذ فترة من الوقت اقدم وزير الداخلية السوري غازي كنعان على الانتحار‚ وتردد انه اقدم على هذه الخطوة بعد كشف ضلوعه في المخطط‚ هل تعتقد ان ثمة تنسيقًا بين خدام وكنعان؟!
- ليست لدينا اية معطيات من هذا النوع‚ وحتى الآن لا توجد لدينا اية معطيات عن اسباب انتحار غازي كنعان‚ ولكن لدينا معطيات قبل ذلك حول علاقة خاصة بهذا الاتجاه‚
ـــ كيف ترون السيناريوهات المقبلة على صعيد الوضع في لبنان في ضوء تقرير ميليس؟!
- لبنان لديها تاريخ من الاضطرابات عمرها مئات السنين‚ وقد طبعت عليه هذه الاضطرابات الطابع الطائفي بدأت بين الموارنة والدروز‚ ثم انتقلت إلى فئات اخرى‚ ومن الواضح ان هناك من يحاول استغلال الاوضاع الراهنة ليأخذها باتجاهات اخرى طائفية مثل ما يحدث في العراق حالياً‚
ودعنا ننطلق من هذه النقطة لنؤكد انه عندما يكون هناك مجتمع يموج بالتناقضات فلن يوجد سوى مشروع وطني‚ ولذلك فالسيناريو في لبنان يجب ان يكون سيناريو وطنيا اولاً وقوميا ثانيا ولنستقرئ في ذلك تاريخ لبنان‚ لقد كان تاريخ لبنان بشكل عام داعمًا للقضية الفلسطينية وكان داعما للعلاقة الخاصة مع سوريا وكان داعمًا للعمق العربي‚ وعندما اتجه لبنان باتجاه آخر وهو التدويل والعلاقة مع الغرب والخروج عن جذوره حصل الانقسام في المجتمع اللبناني‚ اذن انا لا ارى المستقبل اللبناني ينفصل عن تاريخه‚ ومن هذا المنطلق اذا اردنا الخروج من الازمة فيجب الاتفاق حول ثوابت معروفة: التوحد حول دور المقاومة‚ حول دور إسرائيل في المنطقة‚ حول العلاقة مع سوريا والعمق العربي‚
ـــ اذن بماذا تفسرون الانقلاب الفكري لمواقف بعض النخب اللبنانية التي كانت فيما سبق تزايد على الآخرين في دعمها لسوريا واقصد تحديدًا وليد جنبلاط؟
- دون الدخول في الاسماء‚ ولكن هؤلاء كنا نتحدث عنهم في اكثر من لقاء ونقول ان هؤلاء الاشخاص يقومون بكل الاعمال السلبية في لبنان باسم سوريا‚ وامثال هؤلاء هم الذين نصفهم بالانتهازيين‚ ومن الطبيعي ان يلجأ الانتهازي إلى الانقلاب على مواقفه كل يوم‚ فاليوم هو مع سوريا وغدًا ضدها وقس على ذلك كثيرًا‚ نحن لسنا متفاجئين بهذه الانقلابات لان هؤلاء يعيشون الامور دائمًا بالقياسات الدولية وليس بالقياس الوطني او القومي‚‚ وحتى قياساتهم الاقليمية تحسب بالحساب الدولي‚ ومع تغير الظروف الدولية وانقلاب الوضع الدولي ليس ضد سوريا فقط وانما ضد لبنان وضد الدول العربية بشكل عام فمن الطبيعي ان ينقلبوا مع التيار الدولي لان هؤلاء جزء منه بالاساس وليسوا جزءًا من الحالة الوطنية او القومية‚
ـــ تحدثتم امام مجلس الشعب باخلاق الفرسان عن اخطاء سورية ارتُكبت على الساحة اللبنانية‚‚ ما هذه الاخطاء؟ وهل حاسبتم مرتكبيها؟
- البعض فهم هذا الموضوع بشكل خاطئ‚ لقد اعتقدوا ان الاخطاء تعني تجاوزات فردية‚ هذه التجاوزات موجودة في سوريا وفي كل مكان‚ ولكن ما قصدته هو الاخطاء التي تتعلق بتطبيق الاستراتيجية السورية التي طرحها الرئيس الراحل حافظ الأسد التي نجحت في لبنان والتي ارتكزت على ان لبنان عمقه عربي وجذوره عربية وارتكزت ايضًا على منع تقسيمه ومواجهة المخططات الرامية لعزل بعض الفئات اللبنانية عن محيطها الطبيعي في لبنان والعالم العربي‚
وهذه الاستراتيجية نجحت من خلال توحيد لبنان في عام 1990 وارتكزت في اتفاق الطائف‚ ولكن بعد اتفاق الطائف فان التكتيكات التي استُخدمت من قبل بعض المسؤولين السوريين لم تخدم هذه الاستراتيجية وبالتالي اوقفوا النجاح السوري عن توحيد لبنان‚ وفي الحقيقة فقد تحولت هذه الاستراتيجية الكبيرة الهامة في تاريخ لبنان إلى علاقات شخصية اوصلتنا إلى ما اوصلتنا اليه بعد فترة من الوقت‚ هذه هي الاخطاء التي قصدتها في خطابي‚ من المسؤول عن ذلك؟ اعتقد ان الشارع السوري يعرف الاسماء جيدًا وقد تمت معاقبتها‚
ـــ اين الحقيقة في الرواية التي تحدث عنها الاعلام وايضًا عبد الحليم خدام حول تهديد قد صدر منكم إلى الرئيس الحريري؟!
- انا انسان مباشر وصريح ولا اعرف ماذا يقصد البعض بالتهديد‚ هذا امر لم يحدث‚ الهدف من ترويج هذه الادعاءات هو ربط التهديد بعملية الاغتيال‚ واللعبة واضحة‚ واود ان اقول هنا ان اللقاء الاخير بيني وبين الحريري لم يحضره احد سوانا فمن اين جاءوا بهذه الادعاءات؟
ـــ يقال ان الرئيس الحريري سجل هذا اللقاء من خلال جهاز تسجيل صغير كان يحمله في جيبه؟
- هذا شيء عظيم‚ اين هو هذا التسجيل؟ ولماذا لا يذيعونه؟‚‚ لقد قلت للحريري صراحة: نحن لا نريد ان نضغط عليك بخصوص قضية «التمديد» للرئيس لحود‚ اذهب وفكر يومًا او عدة ايام ثم رد علينا اما عن طريق رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري واما عن طريق المخابرات السورية في لبنان‚ ان اللقاءات بيني وبين الحريري كثيرة وهي تعود إلى سنوات وانا دائمًا اكون واضحًا في كلامي اما قضية التهديدات فهذا لم يحدث‚
ـــ لكنهم يربطون التهديد بالتمديد؟
- نعم اذا كانوا يتحدثون عن ربط التهديد بالتمديد للرئيس لحود‚ فانا اقول ان الرئيس الحريري وافق على التمديد للرئيس لحود‚ اذن ما هي المشكلة بين الحريري وسوريا اذا كان ذلك قد حدث؟ انه حتى من الناحية الجنائية فهذا الكلام غير صحيح‚ لان التهديد دومًا مرتبط بشيء لم يقم به الشخص‚ لكن الحريري تجاوب مع المطلب السوري ولم يكن عنيدًا ولا متعبًا ولا اي شيء‚ إذن لم تكن هناك مشكلة بالاساس حتى يكون هناك تهديد‚
ـــ اذن ما هو تفسيرك لعمليات الاغتيال التي وقعت ضد شخصيات مناوئة لسوريا على الساحة اللبنانية؟
- بعض الشخصيات التي جرى اغتيالها لم تكن مناوئة‚ خذ مثلاً «جورج حاوي» وحتى «الياس المر» لم يكن مناوئًا لسوريا‚ لا يوجد لدينا تفسير سوى ان هناك عمليات اغتيال تقف وراءها قوى مشبوهة‚ لقد وقعت هناك عملية اغتيال لأحد كوادر حزب الله الهامة وكذلك اغتيال «ايلي حبيقة» وهو كان مساندًا لسوريا‚ وكذلك اغتيال «داني شمعون» وغيره وقد جرى كل ذلك في ظل الوجود السوري على ارض لبنان‚ فمن هو صاحب المصلحة؟
انني اعتقد ان لبنان لم يستقر امنيا لاسباب كثيرة اللبنانيون يعرفونها اكثر من اي أحد آخر‚ ذلك ان اي حالة امنية لا يمكن ان تكون الا نتاج حالة سياسية‚ والفوضى السياسية تؤدي دومًا إلى فوضى امنية والدليل العراق‚ اما الاستقرار السياسي فهو يخدم الاستقرار الامني والدليل سوريا ودول اخرى على سبيل المثال‚ اذن عندما نرى حالة امنية متردية بهذا الشكل فيجب ان نبحث اولاً في السياسة فهي التي تحقق الاستقرار وتمنع الاختراق الخارجي لامن البلاد‚
ـــ اذن من هو صاحب المصلحة الاساسي في اغتيال الحريري؟
- ليست لدى ادلة او معطيات‚ المستفيد قد تكون «إسرائيل» سواء بشكل مباشر او غير مباشر‚ وهناك ايضًا مستفيد آخر‚ وعلينا ان نقول اذا كانت هناك قوى لبنانية بعينها يمكن ان تقوم بهذا العمل ايضًا‚ وعادة من يفجر او يلجأ إلى هذه الاساليب هو من يعيش في ورطة‚ واعتقادي ان القوى الوطنية اللبنانية ليست في ورطة‚ اذن علينا ان نبحث عن قوى اخرى لها مصلحة في الاغتيالات وفي توقيتات محددة‚
مثلاً ما هي مصلحة سوريا في اغتيال «جبران تويني» على سبيل المثال؟ قد يكون لهذه الشخصية وزن في لبنان ولكن ليس لها وزن بالنسبة لسوريا‚ فهي لا تعرقل المشروع القومي لسوريا ولا تشكل تهديدًا ضدها‚ ومن ثم فليست لنا مصلحة مباشرة او غير مباشرة في اغتياله‚
ـــ هناك من يقول ان حالة من التهدئة سادت ملف العلاقة السورية - الأميركية نتج عنها عدم استجابة واشنطن لمطلب رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في قضية الاغتيالات‚ هل توجد تفاهمات مشتركة على خلفية مشاركة السنة في الانتخابات العراقية وبعضالقضايا الاخرى؟
- لا‚ موقفنا اساسًا لم يتغير بالنسبة للعراق‚ وكذلك موقف أميركا لم يتغير بالنسبة للعراق‚ لكن بالمظهر الولايات المتحدة تتحدث عن انتخابات لدعم العملية السياسية‚ ونحن قبل الولايات المتحدة تحدثنا عن انتخابات لدعم العملية السياسية ولكن بالمضمون هم لا يرغبون بالتعاون ومن ثم لم تحدث اية صفقة بين سوريا والولايات المتحدة‚‚ نحن لا نتدخل في التفاصيل‚ نحن نتحدث في قضية اساسية وهي عروبة العراق‚ لان انتفاء العروبة يعني تفتيت العراق‚ والعروبة لا تعني العرب وتستثني الاخرى الاكراد او غيرهم من التقسيمات العرقية‚ بل العروبة تعني مفهومًا حضاريا‚ فالعراق هو بلد عربي هذا بالتاريخ او الاكثرية وهذا لا يتنافي مع وجود ثقافات وقوميات اخرى كما في كل الدول العربية ومنها سوريا‚ وهذا هو الموقف الوحيد الذي نتحدث فيه مع العراقيين‚
ـــ لقد حذرت خلال القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ من خطورة مخطط ما بعد احتلال العراق‚ والآن بعد مرور نحو عامين على الاحتلال‚‚ كيف ترى الاوضاع على الساحة العراقية؟! وهل ترى ان ما حذرت منه يحدث على ارض الواقع؟
- ارى ان ما حذرت منه اقل بكثير مما يحدث على ارض الواقع وهذا هو ما فاجأني‚ لقد كنت اقول هذا الكلام في القمة وللوفود الأميركية التي كانت تزور سوريا وتتحدث عن الانتصار الحتمي‚‚ كنت اقول لهم: لا احد يشك في انتصاركم في المعركة ولكن بعد المعركة ستغرقون في المستنقع‚ لم نكن نقدر لا الزمن ولا الحجم‚ لقد فوجئنا بالزمن القصير لظهور هذا المستنقع وبالحجم الكبير لهذا المستنقع‚ ونعتقد ان الوضع الآن اسوأ بكثير مما كنا نتوقعه اولا بالنسبة للامن والاستقرار في العراق وسلامة وامان الشعب العراقي وثانيا بالنسبة لوضع المحتلين في العراق‚
ـــ اذن كيف الهروب للامام؟ ما المخرج في تقديركم؟
- المخرج هو في وضع جدول زمني لانسحاب القوات المحتلة من العراق وثانيا في الدستور‚ والدستور هو الذي سيحدد مصير العراق ومستقبله وامكانية ان يتوحد او يتفتت‚ اي ان يكون العراق وشعبه مجتمعًا وموحدًا او ان يدخل في اطار الفتن والصراعات الداخلية‚ ومن ثم فان الانتخابات ايضًا ضرورة بشرط ان تكون معبرة حقيقة عن الشعب العراقي وافكاره ورغبته ودون تدخل‚ نفس الشيء بالنسبة للدستور يجب ان يعبر ايضًا عن وجهة نظر العراقيين‚ لا ان يكون مقتبسًا من رغبات البعض او من دفاتر اخرى في هذا العالم‚ الدستور الصحيح هو الذي يعبر فقط عن آمال الشعب وطموحاته‚ فيما عدا ذلك فسوف يكون مشروع فتنة‚
ـــ اذا طلبت الجامعة العربية ارسال قوات إلى العراق‚ ما شروط سوريا في ذلك؟!
- ان يكون هناك مطلب عراقي اولاً‚
ـــ ومن يقدم هذا المطلب: هل هي المقاومة‚ ام الحكومة؟
- هذا يعود إلى فكرة التوحد العراقي‚ ليست لنا مصلحة ان ندخل العراق وهناك انقسام لدي شرائح الشعب العراقي‚ ولا يجوز ان تكون هناك قوات عربية في وقت لا يزال العراقيون منقسمين حول وجود هذه القوات‚
ـــ الا ترى ان ايران هي المستفيد الاكبر من كل ما يحدث على ارض العراق؟
- ايران دولة جارة للعراق خاضت معها حربًا لمدة 8 سنوات‚ ولا شك انها ستضع في رؤيتها المستقبلية الا يكون العراق عدوا خطيرًا عليها في يوم من الايام‚ هذا شيء طبيعي فالحرب تترك تاثيراتها‚ لكن علينا ان نتساءل عن الاداء العربي‚ هناك دول محيطة بالعراق‚ وهناك دول غير محيطة بالعراق لكنها تشكل عمقًا عربيا هامًا للعراق‚ ان المطلوب هو التواجد فالعراق جزء غالٍ من الامة‚‚ اما عن التدخل فلا يمكن ان يكون هناك تدخل من دون ان يكون هناك قبول لهذا التدخل‚
وعندما تكون هناك شرائح تقبل بهذا التدخل فهذا سؤال يوجه للشعب العراقي‚ بالمقابل نقول: هل قمنا نحن بفتح علاقات سليمة مع الشعب العراقي بمختلف شرائحه؟‚‚ ان اي دولة بحاجة إلى جوارها ولذلك من الطبيعي ان تكون هناك علاقات طبيعية بين العرب وايران‚ وعندما تتدخل سوريا بشكل ايجابي من خلال قناعات ورغبة ومطالب الشعب العراقي فهذا سيكون لصالح العراق وسوريا‚ نفس الامر بالنسبة لتركيا والسعودية وكذلك الدول العربية الاخرى‚ فعندئذ لن يطرح احد ان ايران تتدخل وتستفيد لمصلحتها والا فتركيا يجب ان تستفيد والسعودية يجب ان تستفيد والشعب العراقي يجب ان يستفيد‚‚ ومع كل ذلك فلا يجب ابدًا تبرير الغياب العربي بان نقول ان ايران تتدخل‚ هذا في تقديري هروب من قضية الغياب العربي‚ كذلك الامر عندما يطرح البعض طرحًا طائفيا فيقول ان ايران لها علاقة مع شريحة من ابناء الشعب العراقي والعرب لهم علاقة مع شريحة اخرى‚‚ هذا طرح خطير‚
ـــ هذا يدعونا للحديث عن مخطط التفتيت واعادة رسم خريطة المنطقة الذي تسعى واشنطن إلى ترسيخها على ارض الواقع؟
- المنطقة العربية تتعرض لتدخلات مباشرة في شؤونها الداخلية بهدف تنفيذ هذه الاجندة‚ ولكن في المقابل علينا ان نسأل: ما الذي يوحدنا؟ والاجابة: ثقافتنا‚ والثقافة تعتمد بالاساس على الفكر القومي‚ والمنطقة العربية يوحدها بالاساس الفكر القومي‚ قد يختلف البعض مع هذا الكلام ولكن لا يوجد شيء يثبت عكس ذلك حتى الآن‚
ـــ وماذا عن النمو المتصاعد لظاهرة الاسلام السياسي؟
- كل يرى الاصولية بطريقته‚ وتصاعد هذه الظاهرة جاء نتيجة غياب الفكر القومي الذي لا يتعارض اطلاقًا مع الفكر الاسلامي‚ ان الفصل بين العروبة والاسلام شيء خطير‚ وهو الذي يؤدي بالتيار الاصولي المتطرف إلى النمو‚ وعندما نتحدث عن ارتباط العروبة بالاسلام‚ فليس معنى ذلك ان المسيحية غير مرتبطة بالعروبة‚ بل العروبة هي التي تربط بين الجميع وتوحد الجميع‚
ـــ ما شروط سوريا للعودة إلى طاولة المفاوضات مع «إسرائيل»؟
- عندما تصبح «إسرائيل» مهتمة فعلاً بالسلام‚ وعندما يعود اهتمام الادارة الأميركية بعملية السلام‚ فالسلام هو تعبير عن قناعة وليس اتفاقية توقع بين طرفين‚
ـــ ولكن «إسرائيل» تحمّل سوريا دومًا المسؤولية عن عمليات المقاومة في فلسطين؟
- هذا فيه تقزيم للنضال الفلسطيني‚ الشعب الفلسطيني يقاوم دفاعًا عن اراضيه وهذا حقه‚ اما سوريا فهي تشكل عمقًا للشعب الفلسطيني‚ كما هي مصر وغيرها‚‚ وضرب هذا العمق يؤدي لاضعاف الفلسطينيين‚ ومع ذلك فهذه الاتهامات التي تساق جزافًا لا تعنينا‚
ـــ الشارع العربي يسأل عن طبيعة ومدى العلاقة بينكم وبين الرئيس مبارك خصوصًا ان هناك تباينًا في وجهات النظر باتجاه العديد من القضايا؟
- العلاقة المصرية ــ السورية تضرب بجذورها في العمق‚ والعلاقة بين الرئيس حافظ الأسد والرئيس مبارك كانت لها خصوصيتها‚ اننا نعتقد كعرب اننا يجب ان نكون متفقين بنسبة 100% لكي تكون علاقتنا جيدة‚ العلاقة بيني وبين الرئيس مبارك اعتمدت على الصراحة قد نختلف ربما حول بعض او كثير من الامور ولكن عندما نجلس نتحدث بصراحة‚ فاقول له بماذا افكر‚ ويقول لي بماذا يفكر‚ وقد نختلف ولكن بالنتيجة نصل لتصور مشترك وهذه هي العلاقة المفهومة‚
ان الرئيس مبارك حريص جدًا على سوريا وجولاته واتصالاته المستمرة مع كافة الاطراف الاقليمية والدولية تصب في مصلحة سوريا‚ انه يتحرك على كافة الصعد دون اعلان وعندما نلتقي يروي لي تفاصيل هذه الاتصالات‚ والرئيس يعرف منذ ايام الرئيس حافظ الأسد ماذا تريد سوريا‚ وهو يقول دومًا: هذه ثوابت سوريا ولن نغيرها‚ من هنا فنحن نقدر صراحة الرئيس وحرصه على سوريا‚ ولكن يبقى ان مصر لديها تكتيكات وسوريا لديها تكتيكات‚ وكل يلعب دوره من موقعه وبعلاقاته التي تختلف عن الآخر‚
ـــ واذا حدث نوع من الاعتداء على سوريا‚ كيف تتوقعون رد الفعل المصري الرسمي؟
- مصر تأخذ الآن موقفًا قويا إلى جانب سوريا‚ ولكن للحقيقة ان مصر تتعرض لضغوط‚ نعرف هذا ونراه‚ ونحن نتعرض في سوريا لضغوط‚ لكن احيانًا مصر بالمضمون وبشكل غير معلن تتعرض لضغوط اكبر من سوريا‚ ولذلك نحن نعتقد ان مصر لن تقف مكتوفة الايدي اذا ما تعرضت سوريا للعدوان لان مصر تدرك ان امن مصر لا ينفصل عن امن سوريا‚
ـــ في المؤتمر العاشر لحزب البعث تحدثتم عن قانون للاحزاب متى يرى النور؟
- نحن مهتمون بهذا الموضوع‚ وقد جرى تكليف لجنة لدراسته منذ حوالي شهرين ولكن كما تعرف فان قانون الاحزاب هو الذي يحدد شكل الحياة السياسية في البلاد في المستقبل‚ سوريا تعيش دون قانون احزاب منذ عدة عقود‚ لدينا احزاب ولكن ضمن اطار الجبهة الوطنية‚ ولذلك فالقانون في حاجة إلى حوار على مستوى الشارع‚ لان الحكومة لن تستطيع اصدار قانون بمعزل عن الشارع‚ نحن نسعى حاليا لوضع تصور اولي وسيتم طرحه للنقاش‚ وسوف نعطي هذا النقاش وقتًا طويلاً وعندما نرى الصورة بشكل اوضح فسوف نصدر القانون الذي يجب الا يكون محل خلاف بين السوريين‚ الفساد في سوريا
ـــ متى تصدرون عفوًا رئاسيا عن المسجونين السياسيين؟
- لقد جرى الافراج عن عدد كبير من المسجونين السياسيين ومنهم العناصر قامت باعمال عنف ولم يتبق سوى القليل‚
ـــ هل هناك نية لاستحداث آلية لمكافحة الفساد في المجتمع السوري؟
- هذا الموضوع حاز نقاشات واسعة في مؤتمر الحزب وقد احتل الصدارة على بقية القضايا المطروحة على جدول الاعمال‚ وقد طرحت في هذا افكارا عديدة ‚ لكن كل هذه الافكار لم تتوصل إلى آليات فاعلة لمكافحة الفساد‚ هناك رغبة قوية لدى الناس لمكافحة الفساد ولذلك يجب ان تكون لدينا انظمة ادارية سليمة ومؤسسات تمنع الفساد وتحاصره‚‚ الآن قطعنا شوطًا كبيرًا لاختيار اشخاص جدد يتميزون بالطهارة‚ لكن لا يكفي ان يكون المسؤول شخصًا نظيفًا‚ بل عليه ان يجعل الاخرى ممن حوله يتمتعون بنفس الطهارةوالنظافة‚ نحن مقصرون حتى الآن في تطوير المؤسسات‚ واي آلية دون مؤسسات سليمة وفي مقدمتها القضاء فلن تمكنا من مكافحة الفساد‚
ـــ في المؤتمر القُطري وجه الشرع انتقادات حادة لعبد الحليم خدام بالفساد ومع ذلك سمح له بالسفر إلى الخارج؟
- انا بالنسبة لي جئت إلى الحكم واستندت إلى مبدأ اساسي وقلت: سأفتح صفحة جديدة مع الجميع‚ وقلت: كل من يريد ان يعمل معي يجب ان يكون نظيفًا‚ لم ارد ان اعود إلى الماضي‚ فالفساد حالة منتشرة واذا اردنا ان نمثل هذه الحالة ببرميل مثقوب فيه عدة ثقوب وانت تريد ان تملأ هذا البرميل بالمياه‚ وهذا الماء يتسرب فعليك اولاً ان تسد الثقوب واما ان تضيع وقتك في لملمة الماء فسوف تبقى الثقوب موجودة ولن تحل المشكلة‚‚ لقد انطلقت من هذا المبدأ لمكافحة الفساد‚ والحقيقة ان كثيرًا من الحالات تم وقفها‚ ولكن نتيجة غياب الآلية لمواجهة انتشار الفساد غاب منطق التعامل‚
ـــ هل هناك نية لانشاء وزارة لحقوق الانسان؟
- الآن نحن نناقش هذا الموضوع وقد طرحنا خلال الاسبوع الاخير عدة آليات بهذا الاتجاه‚ وهل تكون هذه الآلية من داخل الحكومة او من داخل مجلس الشعب ام جمعيات اهلية‚‚ لدينا جمعيات اهلية مسموح بها وهي غير مرخصة لكن الدولة لا تمنعها‚ الآن نبحث عن آلية اكثر قانونية تحقق النتائج بالنسبة لهذا الموضوع ولا تسمح بالاستغلال الشخصي ولا الخارجي‚
ـــ اخيرًا‚‚ هل هناك اتجاه لتغيير وزاري قريب؟
- بعد المؤتمر العاشر كانت هناك نية لاجراء التغيير‚ ولكن جرى التأجيل بسبب الضغوط التي نمر بها‚ وان كان هذا لا يعني اننا ابتعدنا عن التفكير بعيدًا عن عملية الاصلاح الحكومي او غيره‚ ولكن عندما نبدل حكومة باخرى لا يجوز فقط ان نستند إلى فكرة تغيير الاشخاص‚ لكن القضية ما هي الرسالة التي نريدها خاصة اننا قد دخلنا هذا العام في خطة خمسية جديدة تختلف عن كل ما سبقها‚‚ نحن نبحث الآن عن اشخاص يتوافقون مع هذه الآلية الجديدة‚
الاثنين، يناير ٠٩، ٢٠٠٦
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق