الخميس، أغسطس ١١، ٢٠٠٥

القيادة القطرية تدعو اللجنة المركزية للاجتماع بعد غد السبت

عن البعث.

عقدت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي خلال الشهرين الماضيين سلسلة اجتماعات تناولت واقع العمل الحزبي والحكومي وسبل تطويره وتفعيله، وذلك ضمن خطة عملها لتنفيذ توصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب وتوجيهات الرفيق الامين القطري السيد الرئيس بشار الاسد للمرحلة القادمة، وكانت اجتماعات القيادة القطرية شبه يومية منذ الاجتماع الاول بعد اختتام المؤتمر القطري العاشر الذي ترأسه السيد الرئيس بشار الاسد ، ووفق منهجية محددة وعلى اساس تعزيز عملية التطوير والاصلاح، ودرست القيادة القطرية المحاور الأساسية التالية:
1- تقارير المؤتمر القطري العاشر وتوصياته... وبعد مناقشاتها المعمقة تمت اعادة صياغتها وتحديد اولوياتها وعلى قاعدة تنفيذها بالكامل خلال الدورة الانتخابية الحزبية الراهنة، واخذ هذا الامر جهوداً كبيرة وركزت التقارير- حسب مصادر القيادة القطرية- على الهدف الاساسي للحزب من حيث رسم السياسات العامة للمرحلة القادمة، وآلية تنفيذ ما هو مقرر سواء لجهة القواعد الحزبية او لجهة السلطة التنفيذية، وفي هذا السياق طلبت القيادة القطرية من الحكومة وضع برنامج زمني محدد لتنفيذ توصيات المؤتمر وبخاصة للشهور المتبقية من العام الجاري.
2- المحور الثاني الذي ركزت عليه اجتماعات القيادة القطرية هو اعداد خطط المكاتب ، وحرصها ان تكون هذه الخطط غير تقليدية، وقد وزعت هذه الخطط على الفروع، ولذلك اتت الخطط مختصرة وعملية. ووفقاً لهذا المحور تم تناول العديد من المسائل الجوهرية وفي مقدمتها تنظيم وتحديد علاقة الحزب بالسلطة معتبرة اياها من المسائل الاساسية التي يجب معالجتها، ولذلك شكلت القيادة القطرية في اجتماعها الذي عقد الاربعاء الماضي لجنة من بين اعضائها من اجل تقديم مذكرة ترفع للقيادة حول هذه المسألة، وهذه اللجنة ستقدم رؤية جديدة للعلاقة السليمة بين المفاصل الحزبية من فروع وشعب وفرق، والسلطة من محافظات ومناطق ومجالس محلية مختلفة بحيث يصار الى مناقشتها بالقيادة وإقرارها بصيغتها النهائية. والهدف الاساس -حسب رأي القيادة- لتحديد صيغة العلاقة بين الحزب والسلطة، هو تقوية الحزب وتفعيل دوره وشد الجهاز الحزبي، يضاف الى ان الهدف الآخر من هذا التحديد هو تغليب العمل الجماهيري والاجتماعي، بدلاً من الانغماس في تفاصيل العمل الحكومي، وكذلك توسيع مشاركة البعثيين في الانشطة الاجتماعية المختلفة، وبما يعطي القوة اللازمة والفاعلية بين الجماهير، كما تم إيلاء مسألة التثقيف الحزبي والاعداد أهمية كبرى، والتأكيد على ضرورة عقد ندوات وحوارات ومشاركة الجهاز الحزبي في جميع الأنشطة الثقافية التي تقام في المجتمع، وتفعيل دور الرفاق البعثيين من عاملين وأنصار في مؤسسات المجتمع الأهلي.
3- المحور الثالث الذي حظي باهتمام كبير باجتماعات القيادة القطرية هو مسألة الفساد، حيث تم تدارس الآليات المناسبة لمكافحته، وقد عكست الاجتماعات جدية القيادة وعزمها للوصول الى آلية فاعلة من شأنها اجتثاث الفساد، وطرحت العديد من الصيغ منها: تكليف الجهاز الحزبي بالرقابة بشكل أكبر على المؤسسات والإدارات بمستوياتها المختلفة وتقديم معطياتهم الموضوعية حيال مظاهر الفساد بصورة موثقة على ان ترفع إلى القيادة القطرية لاتخاذ الإجراءات المناسبة وكذلك تفعيل اجهزة الرقابة القائمة « الهيئة المركزية للرقابة وللتفتيش، والجهاز المركزي للرقابة المالية». حيث هناك القضايا العديدة التي لابد من معالجتها.
وشددت القيادة على آليات التنفيذ والمتابعة للأجهزة الحكومية بما يضمن الحد من الفساد ومحاربته واعتبارها مهمة دائمة للهيئات والمؤسسات المختصة وكذلك للجهاز الحزبي ليكون قوة فاعلة في الرقابة الدائمة، وتطبيق الأنظمة والقوانين على الجميع دون استثناء، بحيث لا يكون أحد بمنأى عن المساءلة والمحاسبة.
4- المحور الرابع الذي أخذ حيزاً مهماً من اجتماعات القيادة القطرية اعداد مشروع اللائحة التنظيمية الداخلية للجنة المركزية للحزب التي ستجتمع يوم السبت القادم 13 من الشهر الجاري.
حيث سيعرض في هذا الاجتماع أيضاً ماتم الوصول اليه باجتماعات القيادة القطرية من خطط وتوجهات عامة، وبما يعمق مشاركتها الرقابية وتفعيل دورها وانتظام اجتماعاتها الدورية كما ناقشت القيادة في المجال الداخلي كيفية استثمار الطاقات البشرية والإمكانات المادية وطرق تطوير الانتاج بأنواعه المختلفة، وتعزيز دور القطاعات الانتاجية العام والخاص والمشترك والتعاوني.
5- اما المحور الخامس الذي كانت له اولوية في اجتماعات القيادة القطرية فهو تحسين الوضع المعاشي للمواطنين ورفع مستوى دخل الفرد، بالاضافة إلى إيجاد آلية جديدة للدعم الحكومي وايصاله إلى مستحقيه، وحسب مصادر القيادة فإن الحكومة جادة في تنفيذ هذا التوجه.
وعلمت مصادر صحفية ان القيادة القطرية ناقشت (في اجتماعاتها المتتالية) وضع خطط لتنفيذ توصيات المؤتمر في المجالات كافة، وأولويات الاصلاح القانوني كإعادة النظر بقانون الطوارىء، وقانون مناهضة اهداف الثورة، وقانون امن الحزب، وقانون الاحزاب، وقانون المطبوعات والمؤسسات الاعلامية، بالإضافة إلى قانون الإدارة المحلية.
6- أما المحور السادس في اجتماعات القيادة القطرية فقد تركز على الجانب التنظيمي والتثقيفي (الاجتماع الدوري للعاملين والأنصار والدورات التثقيفية والمهمات الحزبية) ، ووضع صيغ وآليات من شأنها الارتقاء بالاداء وتطويره، وكذلك اهمية تأهيل القيادات الحزبية ووضع معايير دقيقة له.

أحد مواطن التقدم الاتصالات: وجهة نظر : مؤسسة الاتصالات وتهريب المازوت

هذه وجهة نظر في أهم قطاعات النمو ونشر المعرفة في العصر الحديث للسيد الأيهم صالح. وأظن أن الاتصالات كما الانترنت هي من أهم حوامل التطور والنمو في العصر الحالي ويجب النظر اليها بشكل مختلف عن نظرة الجابي التي تلتزم بها مؤسسة الاتصالات حالياً.
مفارقة : الاتصالات والشبكة متاحة بأسعار بخسة في أغلب اللدول التي تريد أن تتقدم : في الصين الشبكة الاسلكية متاحة شبه مجاناً في أغلب المرافق العامة وبكامل خدماتها. ونظن أنه حان الوقت لتغيير جزري في العقلية وربما الطاقم.
مؤسسة الاتصالات وتهريب المازوت - الأيهم صالح

خلال الفترة الماضية كررت مؤسسة الاتصالات السورية فكرة أن استخدام تكنولوجيا VoIP في سوريا هو تهريب مكالمات، وشبهه مدير المؤسسة بتهريب المازوت. وفي تقرير حديث نشره حمود المحمود[1] في مجلة الاقتصاد والنقل أعاد تكرار مثل هذه الأفكار بدون تدقيق فيها، مما قد يدفع المواطنين السوريين لتصديق هذه الفكرة التي تحوي كمية كبيرة من المغالطات.

الاتصالات والمازوت
في بلدنا يعتبر المازوت مصدر الطاقة الإنتاجية الرئيسي، وهو مادة تدخل في صلب العملية الإنتاجية كلها، فالأفران تعتمد على المازوت لإنتاج الخبز، والمعامل تعتمد على مولدات الطاقة التي تحول المازوت إلى طاقة كهربائية أو ميكانيكية. وهكذا يعتبر المازوت أهم المواد الأولية اللازمة لكل أنواع الإنتاج في سورية، وسعر المازوت يؤثر على سعر الكلفة لأهم المنتجات في السوق، ومنها الخبز.

أما الاتصالات، فهي إحدى الحاجات الأساسية للإنسان، ربما لا تكون حاجة الإنسان للمازوت مباشرة، لأنه يدخل في عملية إنتاجية طويلة، أما الاتصالات، فهي حاجة أساسية لا يستطيع الإنسان الحياة بدونها. وتأثير الاتصالات على الاقتصاد يعادل تأثير المازوت، لأن نقص أي من المادتين يسبب إرباكا كبيرا للإنتاج والاستهلاك، وارتفاع كلفة أي منهما يؤدي حتما إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتكاليف الحياة اليومية للمواطن.

تدرك الحكومة السورية أهمية المازوت كمصدر للطاقة، ولذلك فهي تطرحه في السوق السورية بسعر أقل من سعره في السوق العالمية، ولا تعتبر الحكومة أنها تخسر في المازوت، لأنه أساسا من مشتقات النفط السوري وتنتجه مصفاتا حمص وبانياس، يعني بما أن سورية هي التي تنتجه، فهي تقرر سعره حسب متطلباتها وليس حسب السوق الدولية.

وحتى وقت قريب كانت الحكومة السورية تدرك أهمية الاتصالات كحاجة من حاجات الإنسان الأساسية، وتعاملها مثل المازوت، فتبيعها بسعر رخيص نسبيا للمواطن السوري، ولكن مؤخرا أخذت مؤسسة الاتصالات السورية ترفع أسعارها بشكل غير مألوف في السابق، فضاعفت سعر المكالمة الداخلية، والتي هي أهم خدمة اتصالات يستخدمها المواطن السوري، ليصبح 60 قرشا لكل 3 دقائق بعد أن كان 60 قرشا لكل 6 دقائق، وزادت كلفة الاشتراك السنوي الذي يدفعه كل مشترك ليصبح 480 ليرة بدلا من 400 ليرة، كما زادت أسعار الخدمات الإضافية بنسب متقاربة، وللتغطية على هذه الزيادات في الأسعار نظمت المؤسسة حملة إعلامية هائلة في سورية تروج لفكرة أن الحكومة خفضت كلفة المكالمات الهاتفية القطرية، رغم أنها لم تخفض فعلا في كل الحالات، فقيمة دقيقة المكالمة القطرية بين اللاذقية وطرطوس كانت قبل التخفيض المزعوم ليرة ونصف نهارا و75 قرش ليلا، وأصبحت ليرة ونصف دائما، كما أن قيمة دقيقة المكالمة القطرية بين اللاذقية ودمشق ليلا في فترة التخفيض الليلي كانت ليرة ونصف، وظلت ليرة ونصف بعض التخفيض المزعوم. هذا بالإضافة إلى فرض أسعار على عدد من الخدمات التي تقدم مجانا في كل العالم، وإلى انتقاص الكثير من ميزات خدمة الاتصالات الرقمية التي تقدمها المؤسسة.

كتبت الكثير من المقالات والدراسات حول هذه التسعيرة، ومن أهم ما كتب مقالة أيهم أسد[2] ومقالة بسام القاضي[3] ومقالة حسين الابراهيم[4] ومقالة فايز المعراوي[5]. مقالتا أيهم أسد وبسام القاضي وضحتا بالأرقام والحسابات الدقيقة الارتفاع الهائل في أسعار الاتصالات، وكان رد مدير مؤسسة الاتصالات بالغ الموضوعية عندما قال للصحفي أيهم أسد في حوار على هواء إذاعة صوت الشعب[6]: "من يقول مثل هذا الكلام هو شخص غير عاقل". أما عراب سياسات الاتصالات في سورية، وزير الاتصالات والتقانة، الدكتور بشير المنجد، فاعتبر أن سياسة التسعير الجديدة تناسب محدودي الدخل[7].

ما هو تهريب المازوت
بما أن الحكومة تبيع المازوت بسعر أقل من السعر العالمي للمواطنين السوريين، نشأت نشاطات شراء المازوت من سورية ونقله إلى تركيا أو لبنان أو العراق وبيعه هناك بسعر أعلى. تعتبر الحكومة هذه النشاطات تهريبا غير مشروع يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، وهي محقة تماما في ذلك، فالأسعار التي تبيع المازوت فيها للمواطنين ليست أسعار إعادة بيع، ولم يحتج أحد من السوريين على قيام الحكومة بمكافحة تهريب المازوت.

وبتحليل عملية تهريب المازوت نجد النقاط الأساسية التالية:

1- الحكومة السورية تنتج المازوت المشتق من النفط السوري

2- الحكومة السورية تبيع المازوت بسعر منخفض

3- سعر المازوت في الدول المجاورة أعلى بكثير

4- يقوم بعض الأشخاص بنقل المازوت السوري إلى الدول المجاورة لبيعه هناك

5- هذه العملية تلحق الضرر بالاقتصاد السوري

6- الشعب يؤيد سياسة الحكومة في مكافحة تهريب المازوت.

ما هي تقنية VoIP
تبيع الحكومة السورية خدمة الاتصالات بسعر أغلى كثيرا من سعرها في السوق العالمية، وتفرض الأسعار التي تريدها بحكم سياستها الاحتكارية. وبما أن خدمة الاتصالات ليست من إنتاج الحكومة السورية، بل تعتمد على التطور التقني الذي تنتجه الإنسانية كلها، فتطور الخدمة ليس مرهونا بالوكيل الاحتكاري لها، وهو مؤسسة الاتصالات. وخلال الأعوام الماضية تطورت الخدمة بشكل كبير على المستوى العالمي، وفشلت مؤسسة الاتصالات في اللحاق بهذا التطور العالمي السريع، وبالمقابل، فالمجتمع السوري ما زال قادرا على اللحاق بتقنية الاتصالات العالمية رغم الحصار والاحتكار الذي تفرضه مؤسسة الاتصالات، ولذلك بدأت المؤسسة تبذل جهودا حثيثة لمنع المواطن السوري من استخدام التقنيات المتطورة، وإبقائه متخلفا مثلها.

من التقنيات الحديثة التي تحاربها مؤسسة الاتصالات تقنية VoIP والتي تعني نقل الصوت عبر الإنترنت. ليست هذه التقنية حديثة بالمعني الحقيقي للكلمة، فقد شاع استخدامها منذ 6 سنوات، ورغم ذلك، فهي ما زالت في تطور مستمر. تسمح هذه الخدمة لمن يملك وصلة إنترنت أن يتصل بحاسب آخر ويفتح معه قناة اتصال رقمية تستطيع نقل الصوت، ويستطيع الحاسب الآخر أن يحول الصوت المنقول إلى رقم هاتفي عادي قريب منه، أو يدير عملية التواصل بين الحاسب ورقم الهاتف.

هذه التقنية لا تحوي أي اختراق لأي قانون في العالم[8]، فوصلة الإنترنت معدة لنقل البيانات الرقمية Digital، بينما وصلات الهاتف معدة لنقل البيانات التماثلية Analog (اهتزازات الصوت) والخدمتان مختلفتان من ناحية البنية، والعلاقة الوحيدة بينهما هي استخدام الأسلاك النحاسية للاتصال، وتحميل البيانات الرقمية على الشبكة التماثلية في حالة سورية، وهي الحالة الآيلة للانقراض في العالم كله، وفي سوريا أيضا.

ولفهم طريقة استخدام VoIP نقسم الاستخدام إلى المراحل التالية:

1- يحصل المشترك على حق استخدام الشبكة الرقمية (الإنترنت مثلا)

2- يفتح المشترك قناة اتصال رقمية مع حاسب بعيد موجود في مكان ما على الشبكة

3- يرسل المشترك للحاسب البعيد بيانات رقمية هي نتيجة ترقيم الصوت.

4- يستلم الحاسب البعيد البيانات ويحولها إلى بيانات صوتية، ثم يمررها إلى الشبكة التماثلية القريبة منه.

5- يستخدم الحاسب البعيد الشبكة الرقمية لنقل بيانات رقمية، والشبكة التماثلية لنقل بيانات تماثلية.

6- يستخدم المشترك الشبكة الرقمية لنقل بيانات رقمية فقط.

هل هناك أي تشابه بين تهريب المازوت واستخدام تقنية VoIP؟
1- الحكومة السورية تنتج المازوت، ولكنها لا تنتج الاتصالات، بل تقدم الخدمة مستفيدة من إنتاج الإنسانية لها.

2- الحكومة السورية تسعر المازوت الذي تنتجه بسعر مخفض، ولكنها تفرض أسعارا كبيرة على استخدام الاتصالات (التي لا تنتجها) مقارنة بالسوق العالمية[9].

3- سعر الاتصالات في العالم أرخص بكثير من السعر في سورية، وتقنياتها أكثر تطورا بكثير. على عكس حالة المازوت.

4- من يهربون المازوت يشترون المادة من الحكومة السورية بسعر رخيص، أما من يستخدمون خدمة VoIP في سورية فيشترون خدمة الاتصالات الرقمية التي تبيعها الحكومة السورية وبأسعار السوق السورية المرتفعة قياسا إلى أسعار السوق العالمية،

5- من يستخدمون خدمة VoIP يشترون الخدمة من شركات عالمية لأن الحكومة السورية لا تقدم هذه الخدمة، ولذلك فهي غير متضررة من شراء المشتركين خدمة لا تقدمها.

إن استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة حق من حقوق المواطن، وممارسة هذا الحق ليست اعتداء على أحد. ولكن بالمقابل، تقوم مؤسسة الاتصالات السورية ببيع خدمة الاتصالات التي يتم تطويرها خارج سوريا بأسعار عالية داخل سورية مقارنة مع سعر الخدمة الأصلي خارج سورية، وهي في ذلك تقوم بعمل مشابه للعمل الذي يقوم به مهربو المازوت من سورية إلى الخارج. وتسبب عملية تهريب الاتصالات التي تقوم بها المؤسسة بهذه الطريقة خسائر فادحة للاقتصاد السوري، لعل أهمها رفع كلفة الإنتاج بشكل عام، وعدم توفر مقومات إنشاء العديد من الصناعات التي تعتمد على الاتصالات بشكل أساسي[10].

ماذا تقصد مؤسسة الاتصالات بمصطلح "تهريب المكالمات"
تعتقد مؤسسة الاتصالات أن المواطن الذي يرغب بالاتصال بأحد في خارج سوريا ملزم أن يستخدم خدمة الاتصال الهاتفي التماثلية التي تقدمها، ولا يحق له استخدام التكنولوجيا الرقمية لفتح قناة الاتصال، حتى لو كان يدفع للمؤسسة أجرة استخدام قناة اتصال رقمية (مثل وصلة الإنترنت). وتدافع عن اعتقادها هذا بأن مصالحها تتأثر عندما يستخدم المواطن السوري تقنية الاتصالات الرقمية الرخيصة بدلا من استخدام اتصالاتها التماثلية الغالية الثمن.

هذه الفكرة تعبر بشكل واضح عن مدى استيعاب إدارة المؤسسة لأسس العمل التجاري وتقديم الخدمات، ولنوعية خدمات تقنيات الاتصالات، ولكي نفهمها بشكل جيد يمكننا أن نقارن الاتصال الصوتي الرقمي بالاتصال النصي الرقمي. فموقف مؤسسة الاتصالات يشبه أن تعتبر مؤسسة البريد أن استخدام البريد الالكتروني الرخيص يسبب ضررا لخدمات البريد العادي التي تقدمها؟ وبالتالي أن تفرض مؤسسة البريد حظرا على استخدام الشبكة الرقمية لتبادل الرسائل. وفي هذه الحالة، هل تستطيع شركة البريد أن تعتبر من يستخدمون البريد الالكتروني "مهربي رسائل؟" وهل يحق لها أن تطالب بتعويض عن كل رسالة بريد الكتروني بدل الطابع الذي يفترض أن يلصق على الرسالة؟

يكمن التشابه في الحديث عن خدمتين مختلفتين، إحداهما عصرية والأخرى متخلفة، أما الاختلاف فهو أن إدارة مؤسسة البريد في سورية كانت أكثر وعيا ورصانة، فقبلت أن يستخدم المواطن خدمات بريد من نوع مختلف لا تقدمها هي، بينما مازالت مؤسسة الاتصالات تدافع عن الخدمة المتخلفة وترفض تقديم الخدمة العصرية، وتبذل كل جهدها لمنع الناس من استخدامها، بل إنها مازالت تحجب بعض خدمات البريد الالكتروني لأسباب مجهولة.

تعرضت كل مؤسسات الاتصالات في العالم لهذه الإشكالية، ولكن حلها كان بسيطا جدا، الاتصالات الرقمية خدمة مختلفة عن الاتصالات التماثلية، ولا علاقة لأي منهما بالأخرى. ولذلك لا يحق لشركات الاتصالات التماثلية أن تحتج على تطور التقنية الرقمية، أو على خدمات الاتصالات الرقمية. وفي شهر آذار الماضي اكتشفت الحكومة الأمريكية شركة تحجب بعض خدمات VoIP في أمريكا، فتعرضت للمحاكمة وأجبرت على دفع غرامة[11] وعلى إزالة كل أنواع الحجب عن خدماتها.

أما في بلدنا، فالدكتور عماد صابوني مدير مسؤول عن كل أنواع الاتصالات، وبدلا من أن يعمل على مواكبة الاتصالات الرقمية، تقنية المستقبل، فهو يعاديها بكل طاقته ويمنع استخدامها ويفرض على زبائنه استخدام تقنيات الماضي. بل يتهم من يستخدمونها أنهم مهربون ومحتالون. وباءت كل محاولات التقنيين والصحفيين والمستثمرين السوريين للحوار[12] مع مؤسسته بفشل ذريع عندما اصطدمت بعقلية الدكتور صابوني الإدارية، وسياسته التسويقية. وأعتقد أن أية محاولة لتوضيح أن تقنية VoIP فرصة استثمارية، كما تراها مؤسسة الاتصالات البريطانية[13]، وليست تهديدا كما تراها مؤسسة الاتصالات السورية، ستشبه محاولة إقناع دون كيشوت أن طاحونة الهواء شيء مفيد، وليست عدوا.

هل المشكلة إدارية؟
نعم بالتأكيد، فإدارة مؤسسة الاتصالات السورية تخالف أبسط أسس علم الإدارة، وتتجاهل نمط عمل Business Model مؤسسات الاتصالات العالمية التي تركز على تطوير الخدمات وتخفيض الأسعار لزيادة الاستخدام ومضاعفة الأرباح. هذا النموذج المقلوب[14] للعمل في مؤسسة الاتصالات السورية هو ما يمكن أن يدفعها نحو الهاوية، ويفرض خصخصتها بشكل كامل خلال بضعة أعوام، خصوصا أن مرحلة الخصخصة قد بدأت فيها مع تعهيد الاتصالات الخليوية، ثم تعهيد إدارة الشبكة الذكية لشركة ZTE، والتخطيط لتعهيد الشبكة الرقمية PDN لإحدى شركات مؤسسة حمشو للاتصالات.

في هذه الحالة لن تكون الخصخصة حلا ناجعا، لأن بقاء إشراف إدارة المؤسسة الحالية على العمل، وإستراتيجية محاربة الخدمات المتطورة التي تنتهجها الإدارة الحالية، ستبقى حجر عثرة في وجه الشركات التي ستعمل تحت إشرافها.

يبدأ حل مشكلة تخلف الاتصالات في سوريا من إقالة كل طاقم إدارة مؤسسة الاتصالات، واستبدالهم بطاقم جديد يتبنى رؤية إنشاء خدمة اتصالات عصرية وتنافسية تدعم الصناعات التي تعتمد أساسا على الاتصالات. وفي هذا السياق يمكنني أن أشير إلى تغير الوضع المالي للمصرف التجاري السوري بعد تغيير إدارته، فتقرير عمله للعام الماضي[15] يشير إلى زيادة الربح الصافي من 311 مليون ليرة عام 2003 إلى 16 مليار ليرة عام 2004، أي بزيادة 15.7 مليار ليرة تقريبا، وهو ما يعادل تطورا بنسبة 5145%.

وفي انتظار إقالة إدارة المؤسسة، وهو انتظار قد يطول كما يبدو، سيبقى السوريون يعتبرون أن الرجل الذي حارب تطوير الاتصالات السورية، وبذل كل جهده لحرمان السوريين من ميزاتها المتقدمة، هو الدكتور عماد صابوني، الأكاديمي، والباحث العلمي في الاتصالات.

وقد يحاول بعضنا معرفة ماذا استفاد الدكتور صابوني من حراسة تخلف الاتصالات السورية، أو تذكر مدير المؤسسة السابق الذي أنهيت إدارته بطريقة مهينة للغاية.

الأيهم صالح

أعطوني إدارة حقيقية وسترون سوريا الجديدة

اسمحوا لي من خلال خبرتي المتواضعة في الحياة وبعد معاركة مع العديد من الشركات داخل وخارج سوريا أن أخبركم أن الأمر الأساسي الذي ينقصنا نحن العرب وسوريا بالأخص هو الإدارة الصحيحة والمؤهلة.

نعم إنها الإدارة أساس النجاح وأساس تطور المجتمعات, نعم إنها السبيل الوحيد للخلاص من المشكلات.

الإدارة ليست خاصة فقط بالدولة إنها إدارة المؤسسات العامة والخاصة وإنها إدارة المكاتب الكبيرة والصغيرة والمحلات التجارية و كذلك إدارة البيت وتنتهي بإدارة كل شخص لنفسه. إنها التنظيم ..

يمكنك التأكد من خلال مقارنة بسيطة بين أي دولة متخلفة وأخرى متقدمة أو شركة متطورة وأخرى فاشلة أو دائرة حكومية مضبوطة وأخرى متفلتة , بين أسرة منظمة و أخرى غارقة بالمشاكل سترى بالنهاية أن الفرق في الإدارة.

انظروا إلى تجربة ماليزيا واليابان وكوريا والصين وغيرها.. أن نصبح من الدول المتقدمة ليس مستحيلاً ولكن المستحيل أن نرقى بإدارة فاسدة.

وأنا أنصح كل مدير قبل أن يتسلم منصبه أن يعد للعشرة ويبدأ بدراسة قدرته على الإدارة وإلا!!!!! فالمصير الوحيد هو الفشل, لأن الإدارة ليست لعبة.

وكذلك لا أنصح أحداً أن يسعى أن يكون مديراً لأنها مسؤولية قبل أن تكون ميزة,, ولكن للأسف أرى أن الجميع يريدون أن يصبحوا مدراء,, والله يعين

مساهمة قارئ

حول الفساد . .

يعرف الفساد بأنه استغلال الوظيفة العامة من أجل المنفعة الخاصة. ومن الأنشطة التي تندرج تحت تعريف الفساد أن يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة ، كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية، ومن أوجه الفساد أيضاً تعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة.
ويظهر الفساد على مستويين. يعرف المستوى الأدنى بالفساد الصغير ،ويدخل في إطاره العمولات والرشاوى والإكراميات التي يبتزها صغار الموظفين من مراجعيهم لتمرير نشاطات غير قانونية أو حتى لقاء أداء واجبهم الوظيفي المعتاد.أما على المستوى الثاني والأعلى فنجد الفساد الكبير ،وهو الأخطر أثراً والأكبر حجماً وينتج عن تحالف رأس المال والسلطة، ويندرج تحت هذا العنوان العمولات والرشاوى التي يتلقاها الوسطاء ورجال الأعمال الجدد داخل جهاز الدولة وخارجه لقاء المناقصات والصفقات المشبوهة.
وتعكس درجة انتشار الفساد المستوى الأخلاقي السائد في المجتمع. فمع تواصل انتشار الفساد في المجتمع تتراجع مفاهيم كاحترام أخلاقيات العمل وتقديس العمل والنزاهة أمام تقدم مفاهيم جديدة تبرر الفساد وتشجع عليه كالواقعية والشطارة وركوب الموج والسير مع التيار.
علاقة الفساد بالاستبداد :
الفساد وليد الاستبداد. ففي ظل النظام الاستبدادي تغيب رقابة المجتمع على جهاز الدولة ويتم قمع الحريات فتفقد كافة القوى والهيئات من أحزاب سياسية ونقابات مهنية والمجلس التشريعي والإعلام دورها المفترض في الدفاع عن مصالح ممثليها والرقابة على السلطة التنفيذية لضمان عدم انحرافها عن المصلحة العامة، وتتحول هذه الهيئات إلى مجرد هياكل صماء غير فاعلة تتماهى مع جهاز الدولة وتأتمر بأمره وتفقد دورها في تمثيل مصالح التشكيلات الاجتماعية التي تمثلها. ويتم تسخير جهاز الدولة لصالح مجموعة أفراد على حساب مجتمع بأكمله بحيث تسن القوانين والأنظمة على مقاس مصالح الفئة الحاكمة والمالكة ، وتنساب الثروة الوطنية بسلاسة إلى جيوب هذه الفئة من خلال أقنية تزداد اتساعاً مع مرور الزمن، ويوضع المجتمع في خدمة الدولة لا العكس ، ويجد الفساد الكبير في هذه الظروف البيئة المناسبة لظهوره ونموه.
وفي ظل التوزيع غير العادل للدخل الوطني ومع تفاقم حدة الاستقطاب الاجتماعي واتساع دائرة الفقر والبطالة وتدهور مستوى المعيشة للطيف الأكبر من المجتمع ( وهي نتائج النهب الكبير ) تنشأ البيئة المحفزة للفساد الصغير.
وهكذا يمتد الفساد وينتشر في جميع مفاصل الحياة بتسارع بحيث يتحول مع الوقت إلى ظاهرة عامة تسم المجتمع بكامله.وهنا تكمن خطورة الفساد حيث يتم تسويقه وتبريره وتعميمه على كافة طبقات المجتمع مما يشكل تهديداً لمنظومة القيم والأخلاق في هذا المجتمع. ويجد ذوو النفوس الضعيفة من أصحاب الدخول المحدودة في انخفاض دخولهم عن مستوى تكاليف المعيشة وعدم قدرتهم على تلبية متطلباتهم الأساسية المبرر والعذر لدخولهم دائرة الفساد، بينما لا يجد كبار الناهبين والوسطاء والتجار الحاجة أصلاً لتقديم أية ذرائع لتبرير انغماسهم في الفساد.
النتائج التي يخلفها الفساد :
يتم عبر النهب المستمر والمنظم اقتطاع نسبة هامة من الدخل الوطني سنوياً وخروجها من الدورة الاقتصادية المحلية مما يؤدي إلى انخفاض الحصة المحجوزة للتراكم ( الاستثمار ) من الدخل الوطني وهذا بدوره يؤثر سلباً على عملية تجديد الإنتاج الموسع ويؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة بسبب عجز الاقتصاد الوطني عن استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل سنوياً.
كما يؤثر النهب أيضاً على معدل عائدية رأس المال ( العائد على الاستثمار ) بسبب ارتفاع كلفة الاستثمار حيث يتطلب إنتاج ما محدد حجماً أكبر من رأس المال لتغطية العمولات والرشاوى.
ومن جهة أخرى ، يؤدي النهب المستمر إلى تقليص الحصة المحجوزة من الدخل الوطني للاستهلاك ، ونعني هنا الاستهلاك الضروري لا الترفي، وذلك بسبب التمركز الشديد للثروة الذي يحرم أصحاب الدخول الضعيفة من حقهم في تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الاجتماعية الضرورية لتأمين حياة إنسانية كريمة ويخفّض استهلاكهم إلى مستويات غير لائقة إنسانياً.
وهكذا نجد أن الفساد ينعكس سلباً على مستوى المعيشة لغالبية فئات المجتمع وعلى مستوى التنمية البشرية كما يؤدي إلى تقليص حجم التراكم وانخفاض معدل عائدية رأس المال. وينتج عن كل ما سبق انخفاض معدلات النمو الاقتصادي لتصل إلى مستويات كارثية ( سالبة أحياناً ) مع امتداد الفساد على مساحة أكبر من الوطن.
فالنمو الاقتصادي والفساد إذن ضدان لا يجتمعان ، وبالتالي فإنه من المستحيل تحقيق تنمية اقتصادية – اجتماعية مستدامة أو حل المشكلات الكبيرة كالفقر والبطالة أو النهوض بالتنمية البشرية ورفع مستوى المعيشة ما لم يتم استئصال الفساد من جذوره.
ومن جهة أخرى ، يؤدي النهب المستمر للدخل الوطني من قبل الطغمة الحاكمة والمالكة إلى تعميق الهوة بين طبقات المجتمع مما يولد الشعور بالغبن لدى أصحاب الدخول الضعيفة ويضعف ارتباطهم بمجتمعهم ويخلق تناقضات حادة تطفو على سطح المجتمع وتؤدي تدريجياً إلى تهديد استقرار المجتمع وأمنه. والأخطر من ذلك ارتباط مصالح الناهبين الكبار بالمركز الرأسمالي مما يجعلهم يشكلون نقاط الارتكاز التي يعتمد عليها هذا المركز في نهب ثروات البلاد ومقدراتها ونقطة الضعف التي تسمح له بخرق السيادة الوطنية.
وهكذا يصبح القضاء على الفساد مطلباً وطنياً إضافة إلى كونه مطلباً اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً. فما هي الأدوات الضرورية للقضاء على الفساد ؟
آلية القضاء على الفساد :
الفساد هو ثمرة ذلك التحالف الخبيث ( والمعلن ) بين البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية والذي يتمركز في حلقة الوصل بين السوق الخارجية والداخلية من جهة ، وبين الإنتاج والاستهلاك من جهة أخرى. حيث يؤدي هذا التحالف البغيض إلى نمو طبقة اجتماعية فاسدة تطفو على سطح المجتمع وتغتني على حساب الدولة والمجتمع.ومع الزمن تتمكن هذه الطبقة من مد جذورها عميقاً داخل المجتمع وتنوّع في أساليب عملها وتعمّق ارتباطها بالمراكز الاحتكارية العالمية بحيث يصبح تغيير بعض الإدارات الفاسدة في جهاز الدولة هنا أو هناك ( أو مجرد تبديل مواقعها ) غير كافٍ لاجتثاث الفساد، فالقضاء على الفساد ووقف الاستنزاف المستمر للثروة الوطنية يتطلب كسر الآلية التي يعمل الفساد وفقها وهذا لا يمكن أن يتحقق ما لم يتم كسر المظلة التي تحميه وتمده بأكسجين الحياة ونعني بها الاستبداد. من هنا تصبح الديمقراطية ضرورة موضوعية للقضاء على الفساد كونها تمكّن المجتمع من أداء دوره بفاعلية في الرقابة على جهاز الدولة والإشراف على عمله ومن ثم مساءلته ومحاسبته في حال ميله عن المصلحة العامة وانحيازه لمصالح فئوية أو فردية. ويتم تعزيز الرقابة الشعب ية من خلال تأمين أوسع الحريات للأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمجلس التشريعي وهذا يتطلب إقرار مبدأ المساءلة والمحاسبة والشفافية، وسيادة القانون والمساواة أمامه والتي تعني أول ما تعنيه خضوع الدولة للقانون لا العكس ، وتوفر قضاء حر ونزيه يراقب ويضبط تطبيق هذا القانون ، و إعلام مستقل لتسليط الأضواء على بؤر الفساد.
وما لم تتوفر هذه الأدوات سيستمر النهب واستنزاف الثروة الوطنية في توليد كوارث لا تنتهي من تدهور معدلات النمو الاقتصادي وتفاقم الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة وتراجع في البنية القيمية والأخلاقية وسيستفحل الفساد ويستشري حتى يأكل الأخضر واليابس.

ضحى الشيخ حسن: ( كلنا شركاء) 31/7/2005


الأربعاء، أغسطس ١٠، ٢٠٠٥

مكافحة الفساد وآلياته

يعتبر الفساد وتناميه نتاج مجموعة من الأسباب التي تختلف بين بلد وآخر، نتيجة للظرف التاريخي والعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقيمية، ولذلك فإن آلية توضع لمكافحة الفساد لا بد ان تلحظ هذه الأسباب كي تؤتي ثمارها.

الفساد ليس ظاهرة مستجدة او طارئة، لكن هذا الفساد قد يتجاوز حدود الاستثناء ليصبح ظاهرة تهدد المجتمع في نظامه الاجتماعي والقيمي كما تهدد توازنه الاقتصادي، بل وكيانه بشكل عام.

وتختلف الأسباب التي تدفع بالفساد إلى التنامي والانتشار بين بلد وآخر، بل وتختلف هذه الأسباب في البلدان المتقدمة عنها في البلدان النامية، نتيجة للظرف التاريخي ونوع النظام السياسي والاقتصادي السائد والمستوى المعيشي والمنظومة القيمية والأخلاقية...الخ، ورغم ذلك فإن طرق ممارسة الفساد تكاد تكون متشابهة.

وفي مطلق الأحوال، فإن آثار الفساد وما يحمل من مخاطر أمر مجمع عليه وقلما يتم الاختلاف حوله، ولذا فإنه من المؤكد ان في مكافحة الفساد ووضع حد له مصلحة للفرد والجماعة، لا سيما على المستوى البعيد، إذ لا تخفى التداعيات المدمرة للفساد ونتائجه الخطيرة على الفرد والدولة والمجتمع، وهذا ما يكسب مكافحة الفساد أهميتها الكبيرة، لا سيما عندما يتجاوز الخطوط الحمراء، وينفلت من كل عقال.

وكل مكافحة للفساد لا بد ان تدخل في حسبانها ان الفساد هو نتاج تضافر عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية.

تستدعي مكافحة الفساد وتصفية آثاره السلبية، اتخاذ مجموعتين من الإجراءات:

- المجموعة الأولى:

الإجراءات التي تستهدف مكافحة الفساد الإداري من خلال:

1- التمسك بأخلاقيات الوظيفة العامة.

2- التدوير الوظيفي للمسؤولين الإداريين بين فترة وأخرى، لأن بقاء المسؤول الإداري فترة طويلة في الموقع نفسه، ولا سيما في بعض المؤسسات مثل الجمارك والمصالح الضريبية والعقارية...الخ، يتسبب في بروز ظاهرة الفساد.

3- رفع مستوى أجور العاملين والموظفين الحكوميين أسوة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، لأن تدني المستوى المعاشي للموظف سيؤدي إلى نزف الإدارات العامة للكوادر الكفوءة، وسيبقى فيها الموظفون غير الأكفاء وتستمر بذلك حالات الفساد الإداري.

4- تشديد العقوبات التأديبية للمرتكبين من الموظفين، والتشدد في فرض العقوبات الصارمة والزجرية بحق المخلين بالنظام العام.

5- التحقق من دقة القرارات الإدارية وتطوير منظومة المساءلة لتحسين الخدمات الحكومية والحد من ممارسات الفساد.

6- التوسع في أجهزة الرقابة الداخلية على مستوى الإدارات الحكومية، والتي أثبتت فاعليتها في العديد من الدول في مكافحة الفساد، ولا سيما إذا أعطيت صلاحيات واسعة في محاسبة المقصرين والمهملين في أداء واجباتهم الوظيفية.

7- توضيح القوانين والأنظمة وتعليمات العمل وتبسيطها.

8- سرعة عصرنة الأدوات الإدارية والاستمرار في البرنامج الوطني للمعلوماتية لمحو الأمية فيها وخاصة لدى كبار العاملين.

9- التدريب المستمر، فالإنسان عدو ما يجهل، وقد ينحرف دون قصد والمؤهل العاقل يصعب حرفه.

10- إجراء إصلاحات في التنظيم الهيكلي للإدارات الحكومية بما يحدد الصلاحيات في مقابل المسؤوليات، ويدرأ التنازع بين المستويات ويمنع بعثرة مراكز التخطيط والقرارات (كما هو الآن وجود كثرة من المجالس واللجان الوزارية المؤقتة العليا بتسميات متعددة إلى جانب المؤسسات الأساس).

11- ان تلعب السلطة الرابعة دوراً إيجابياً في تسليط الأضواء الموضوعة حول الإفساد والفساد.

وحتى تتحقق الإجراءات الإدارية في مكافحة الفساد، لا بد ان تطبق في إطار استراتيجية متكاملة للحد من الفساد على غرار تجربة الفلبين في مجال إدارة الضرائب، حيث كُلف قاضٍ يدعى (بلانا) بمعالجة مشكلة الفساد الضريبي، فأقدم على جمع المعلومات والمعطيات عن الفساد ثم استخدام نظام جديد لتقويم الأداء وفرض عقوبات صارمة وسريعة بحق المرتكبين من كبار المسؤولين، ولم يُكتف بذلك بل اتخذت مجموعة من التدابير العلمية التي ترقى بمستوى الأداء في مصلحة الضرائب، ومنها:

آ- التركيز على الجانب المهني في إسناد المنصب الإداري.

ب- حصر أسماء المتهربين من دفع الضرائب والمحتملين منهم.

ج- تغيير قانون الضرائب.

د- تناوب الإدارات وتداولها بين الموظفين الأكفاء.

هـ - تعيين مدققين من خارج الجهاز الضريبي.

ي- تشديد أنظمة الرقابة.

وبالفعل تم إصلاح النظام الضريبي في الفلبين، ولكنه سرعان ما رجع من جديد لعدم متابعة المهمة الشاقة في مكافحة الفساد، كما لا بد من الإشارة إلى تجربة سنغافورة عام 1959 في مكافحة الفساد، حيث أقدمت على إصدار قانون مكافحة الفساد، بالإضافة إلى إنشاء مكتب التحقيق في ممارسة الفساد، وترافق ذلك بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين وتحسين مستوى أدائهم في الخدمة، وبالفعل نجحت سنغافورة في مكافحة الفساد وأرجع رئيس وزرائها آنذاك (لي كوان يو) هذا النجاح إلى إصدار القانون الخاص لمحاربة الفساد وتعاون الجمهور في الإبلاغ عن حالات الفساد وإحداث مكتب التحقيق في ممارسة الفساد.

اما المجموعة الثانية من الإجراءات فهي:

التدابير والسياسات الوقائية التي تحد من الوقوع في مستنقع الفساد ومن بينها:

1- التركيز على الجانب الوظيفي للإدارات العامة للدولة من خلال توصيف الوظائف الإدارية ومنح الحوافز والمكافآت وإعادة الهيكلية بما يستجيب لاحتياجات الدولة.

2- تثقيف الجمهور وتوعيته وإطلاعه على القوانين والأنظمة المعول بها.

3- إخضاع موظفي الخدمة العامة وكبار المسؤولين للمساءلة عن مصدر ممتلكاتهم قبل وبعد إنهاء خدمتهم العامة.

4- تشديد الرقابة على خطوات طرح المناقصات العامة.

5- الحلول دون هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، وذلك بتطوير الأنظمة المالية المعمول بها.

6- تأسيس هيئة رقابية مستقلة تعنى برصد حالات الفساد ومساءلة مرتكبيه بما فيه مصادرة الممتلكات التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة.

يضاف إلى ذلك ويسبقه، توعية المواطن بحقوقه وما يترتب عليه من واجبات وبالآثار السلبية والمدمرة لإسهامه في الفساد وذلك درءاً لأية محاولة لابتزازه، وتبسيط القوانين والإجراءات وجعلها أكثر شفافية ووضوحاً، لأن في ذلك الأساس الذي تبنى عليه الآليات الناجعة لمكافحة الفساد.

أكرم مكنّا