في البداية عمل كمراقب إنتاج في قسم الغزل . كان هادىْ الطباع كثير الابتسام طيب المعشر . . . بعد فترة من الزمن, توقف القسم الذي يعمل فيه عن الإنتاج , فزكاه أحدهم عند المدير العام , فتم تكليفه برئاسة شعبة مراقبة الدوام. .
وهو منصب لو تعلمون عظيم, صاحبه ليس مديراً ولكن المدراء تطلب رضاه, وليس وسيماً, ولكن العاملات يطلبن وده ووصاله, وقامته ليست طويلة, ولكن يده ولسانه أطول من أطول موظف في الشركة, انه . . (أبو وعد) ذلك المغوار صاحب الصولة والجولة صاحب الكلمة التي لاتكسر, والقوة التي لا تقهر فهو المنتصر دوماً في جميع المعارك والرابح في جميع المواقف .
أبو وعد في خدمتكم دوماً مادامت أيديكم في فمه, دوماً وجميع طلباتكم مجابة, تعيين ,نقل, فرز, تفييش لعدة أيام, تفييش لعدة أشهر, صرف عمل إضافي بدون عمل إضافي ,وتسجيل دوام بدون دوام, عدم تنفيذ عقوبة, تدبير مرضية بدون مرض, خروج أثناء الدوام بدون خروج, انه أبو وعد, عدو الروتين والبيروقراطية حلال المشاكل فاتح للأبواب المغلقة ومغلق الأبواب المفتوحة ومفرج الهموم وهادم اللذات .
لقد حاز أبو وعد وخلال فترة بسيطة على ثقة المدير العام ومعاونه وذلك حين أبدى استعداده بتنفيذ جميع تعليماتهم الشفهية بدون شفافية فأصبح كاتم الأسرار ومنبع الأشرار انه أبو وعد غضبه وعد ورضاه سعد.
ونظراً للخدمات الجليلة التي قدمها للوطن وتقديراً لوفائه لمدرائه وللعاملين في الشركة وبعد تشكيل لجنة تضم جميع الانتهازيين والوصوليين والمرتشين واللصوص المتخفيين وراء مكاتبهم و مصالحهم الشخصية تقرر منحه شهادة وعلامة الجودة الايزو .
وتم ترشيحه كعضو في نقابة الشركة وقام الشبيحة بعمل الدعاية المناسبة له وفاز بالأغلبية الساحقة وأصبح أبو وعد رئيس الّلجنة النقابية للشركة بالإضافة لعمله الأصلي فعمل على فرض سيطرته على جميع أعضاء النقابة واستقوى بالمدير العام ومعاونه للسيطرة عليهم وتهميشهم وجعل جلّ أعمالهم تقديم التعازي وزيارة المرضى والقيام بالرحلات الترفيهية وابعادهم عن مهمتهم الاساسية برعاية العمال وحفظ مصالحهم ورد المظالم عنهم أو انتقاد تجاوزات الإدارة وفساد بعض المدراء .
واستمر أبو وعد على حالته تلك لفترة طويلة دون أن يقف أحد في طريق صولجانه فاسترخى واطمئن واستطاع الحصول على مكاسب إضافية كدعم بعض الصفقات المشبوهة وتسهيل إخراج مواد بقصد السرقة لقاء عمولة , حماية بعض المشبوهين من المساءلة بالإضافة للرشاوى والهدايا التي تقدم له عربون محبة ووفاء.
وبمقدار المكاسب المادية التي اقتنصها أبو وعد والمدير العام ومعاونه والمدير التجاري و. . . و. . . و. . . و. وبمقدار الخوف الذي كم الأفواه والهروب من المواجهة للوقوف في وجه كل باع الوطن بحفنة من الليرات وأفسد جيل بأكمله وجعل همه الأول حب السلطة وامتلاك المال بمقدار كل ذلك خسرت شركتنا وأصبحت مرتعاً خصباً لكل أشكال الفساد وأصبح الكلام عن مصلحة الشركة من قبل الغيورين يثير سخرية الفاسدين واشمئزازهم ويوغر في صدرهم الضغينة والحقد عليهم ووضع العراقيل أمامهم والضغط عليهم وتهميشهم .
بقدر كرهي لكل من باعكم وبثمن بخس أحبكم يا أبناء وطني وسأظل أفضح وأحارب كل الذين حاربوكم بلقمة عيشكم وبكرامتكم حاربوكم بكل صفاقة ووقاحة لم يردعهم دين ولا مبدأ أو عقيدة ولم يحسبوا حسابا لأحد وجعلوا قرارات قيادتهم وراء ظهورهم لأنها لا تتفق ومصالحهم الوضيعة .
وعتبي على بلدي الذي يحتضن الخائنين والجهلة ويلفظ المثقفين والأوفياء
يقرب المنافقين والأفاقين ويبعد الصادقين والصدوقين يتهمهم بالوقاحة حيناً وبالغباء حيناً آخر وبالخيانة أحياناً. . أنت تخاف الله وتعبده فأنت أخونجي وذاك إمبريالي وهذا عميل للسي آي ايه أو الموساد وذاك مناهض للاشتراكية وآخر متآمر ويهدد الوحدة الوطنية والثاني طائفي زئبقي . . تهم جاهزة لكل الشرفاء. . فإلى أين تسير يا وطني . . وأي طريق تسلك . . اللهم احم الوطن وقائد الوطن وأبناء الوطن
جواد خير بك
السبت، سبتمبر ١٠، ٢٠٠٥
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق