سيادة الرئيس... أعتذر لتوجيه خطابي هذا إليك مباشرة نظراً لأن أصحاب الشأن من دونك من السادة الوزراء ومن ساواهم بلا آذان أو عيون أو أنوف: فهم لا يسمعون ما يدور حولهم في هذا العالم،
ولا يرون إلى أي حضيض هم بنا سائرون ، ولا يشمون روائح ما خلّفوه لنا من فساد وتعفن في مجتمعنا وفي جميع مؤسساتنا. لديهم فقط أفواه شرهة تلتهم الأخضر واليابس من حولها دون أن تفرز أو تخلف شيئاً للآخرين.
لا أريد أن أتحدث عن كل شيء فذلك يحتاج إلى موسوعات، بل أريد أن أتحدث فقط عن بعض هموم جامعاتنا – مصانع الأجيال والكوادر في هذا اليلد، وعن أساتذتها – صانعي هذه الكوادر كوْني ابن لهذه المؤسسة التي أفتخر بالانتماء إليها.
في 1/1/1986 صدر فانون العاملين الموحد الذي حقق في حينه إنجازات مهمة وقدم عطاءات جيدة للعاملين. استثني من هذا القانون آنذاك أساتذة الجامعات على أمل تكريمهم لاحقاً بقانون يليق بهم (ولم يصدر هذا التكريم حتى تاريخه). وفي 1/1/2005 عدّل قانون العاملين الأساسي السابق ليساير التطور التاريخي والمنطقي، وكثرت الإشاعات آنذاك عن أن قانوني تنظيم الجامعات والتفرغ اللذين طال انتظارهما سيصدران بالتزامن مع هذا القانون، وكثرت المراهنات، وأصبح الحديث عن هذا الموضوع الهمّ الأول لأساتذة الجامعات، وبدأ بعضهم يفكر جدياً بالتخلي عن إعارته ودولاراته التي يجنيها من غربته الإلزامية ويعود إلى جامعته الأم ليخدم وطنه ويعيش بين طلابه الذين تخلى عنهم لسنوات عديدة ضمن سياسة التهجير القسري والمبرمج لعلمائنا ومفكرينا، وتفريغ الوطن من كل ذي علم وعقل.
سيدي الرئيس ... يحز بنفسي أن أقول أن أساتذة الجامعات مهانون في عقر دارهم وفي وطنهم، ومكرمون في بلاد الاغتراب بالرغم من كل ما يرافق ذلك من مآسي – وهكذا نرى أن جامعاتنا قد فَُرّغت فعلاً من الاختصاصات النادرة، وحتى غير النادرة باستثناء من لم يتمكن إيجاد عمل خارج جامعته أو لسبب قاهرٍ آخر. دعني أفصّل ذلك قليلاً:
- أستاذ الجامعة مُهان براتبه الذي لا يُحسد عليه. ///راجع لا اصلاح قبل زيادة الدخل///
أتدري سيدي الرئيس أن راتب رئيس الجامعة (وهو يمثل سقف الراتب لجميع أساتذة الجامعة) لا يتجاوز 13,000 ل. س. إلا قليلاً، وأن بدل المسؤولية لا يتجاوز مئتي ليرة عداّ ونقداً. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لرئيس الجامعة فكيف سيكون الأمر بالنسبة لبقية الأساتذة، وبالأخص حديثي العهد منهم؟ أتعلم سيدي الرئيس أن الترفيعة الدورية للأستاذ الجامعي ما والت بحدود 90-500 ليرة (وذلك بحسب مرتبته) بينما ترفيعة أي موظف في الدولة لا تقل عن 1000 ليرة، وأن مهمة السائق الذي يرافق مثلاً رئيس الجامعة إلى دمشق تتعدى ثلاثة أضعاف مهمة رئيس الجامعة نفسه؟- ألا يحق لي ولأي شخص آخر أن يتساءل بأية نزاهة سيدير رئيس الجامعة جامعته وكيف؟.
- مُهان بوسائط النقل
إذ على الرغم من كل ما نراه من تطوير وتحديث طال جميع مناحي الحياة (على الرغم من محدوديته) إلا أن هذا الموضوع لم يمس أساتذة الجامعات أبداً، وما زالت السيارة حلماً غير قابل للتحقيق حتى ولو كان بمستوى بيك-آب سكودا – التي حوّلت ساحات جامعاتنا إلى ما يشبه أسواق الخضرة. أتساءل ألا يحق لنا تكريم أساتذة الجامعات (أو على الأقل من حاز منهم مرتبة أستاذ وأستاذ مساعد) برخصة استيراد سيارة يدفع جماركها بشكل نظامي وذلك أسوة ببقية القطاعات؟ ولنتخلص بذلك من ظاهرة تنقّل الأستاذ في وسائط النقل العامة واقفاّ – هل سيكون برأيكم مثل هذا الأستاذ محترماً من قبل طلابه، وبالأخص بعد أن يدفعوا عنه أجرة الباص؟
- مُهان بالقوانين التي تحكم عمله في الجامعة وبالأخص قانون التفرغ وقانون تنظيم الجامعات
الذي بات من أكثر القوانين الجامعية تخلفاً في العالم. أتصدق يا سيادة الرئيس أن أجرة الساعة التدريسية للأستاذ ذي الكرسي ما زالت خمسون ليرة سورية (أي أقل من دولار واحد) في وقت استطاعت فيه بقية الوزارات أن تُعدّل وتطور قراراتها لتواكب التطور بسرعة ولتصبح أجرة الساعة التدريسية لديها ضعف هذا المبلغ؟ عداك عن أن الأستاذ الجامعي لا يحق له التدريس المأجور في جامعته (مهما كان عدد الساعات الإضافية التي يدرّسها زيادة على نصابه) بل عليه أن يتشرشح ويتشنشط إلى جامعة أخرى تبعد عن جامعته مئات الكيلومترات ليدعم راتبه الذي بات لا يطعمه. أسأل أي مواطن عادي عن أجرة الساعة الخصوصية التي يدفعها لتدريس ابنه في مرحلة التعليم الأساسي وقارنها مع هذا المبلغ لترى العجب العجاب.
- الأستاذ الجامعي مُهان ليس خلال سنوات خدمته فقط بل بعد التقاعد أيضاً.
انظر سيدي الرئيس إلى الراتب التقاعدي لأي أستاذ جامعي (سيكون طبعاً بمرتبة أستاذ وعمره 65 عاماً) وقارنه مع أي راتب تقاعدي لأي موظف من الفئة الأولى بعد صدور قانون العاملين الجديد وسترى ما لا تستطيع تصديقه ولا يقبل به منطق. إن من يتقاعد الآن يا سيادة الرئيس ينزف قلبه دماً ويتألم حسرة على راتبه التقاعدي الذي يقل ثلاثة آلاف ليرة على الأقل عن الراتب التقاعدي لموظف من الفئة نفسها وله سنوات الخدمة نفسها.
- ......
لا نريد أن نتوسع أكثر في شجوننا فهي كثيرة جداً، بل نريد أن نزرع الأمل. ويحق لنا في الوقت ذاته أن نتساءل من الذي يضع العصي في الطاحون؟ ولمصلحة من عرقلة قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات؟ من يعمل جاهداً لتفريغ جامعاتنا من خيرة كوادرها وتسريبها إما إلى جامعات خارجية أو إلى الجامعات الخاصة والتعليم المفتوح وما شابه ذلك؟ وهل هناك خطة معينة مجهولة الهوية للقضاء على التعليم الجامعي الرسمي- الحكومي لصالح التعليم الجامعي الخاص ولتكتمل بذلك حلقة وانهيار السلسلة من التعليم ما قبل الابتدائي وحتى التعليم العالي؟
بعد كل ذلك ألا يحق لنا أن نطالب بالإسراع بإصدار قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات ومساواة أساتذتنا مع غيرهم من موظفي الدولة؟ مع منحهم جزءاً يسيراً من الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الدول المجاورة وذلك للحد من النزيف المؤلم لأساتذتنا؟
أوردت وسائل الإعلام المختلفة أكثر من مرة أن مجلس الوزراء أقر قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات !!!!!!!، وبعد كل إقرار في مجلس الوزراء كان القراران يعودان ثانية ليدوران في الحلقة المفرغة ذاتها. ومن الواضح سيدي الرئيس أن القانونين يحتاجان إلى تدخل مباشر منكم كما فعل الرئيس حسني مبارك الذي اجتمع مع أساتذة الجامعات يومين متتالين لدراسة وإصدار قانون تنظيم الجامعات في مصر.
د. مصطفى دليلة
ولا يرون إلى أي حضيض هم بنا سائرون ، ولا يشمون روائح ما خلّفوه لنا من فساد وتعفن في مجتمعنا وفي جميع مؤسساتنا. لديهم فقط أفواه شرهة تلتهم الأخضر واليابس من حولها دون أن تفرز أو تخلف شيئاً للآخرين.
لا أريد أن أتحدث عن كل شيء فذلك يحتاج إلى موسوعات، بل أريد أن أتحدث فقط عن بعض هموم جامعاتنا – مصانع الأجيال والكوادر في هذا اليلد، وعن أساتذتها – صانعي هذه الكوادر كوْني ابن لهذه المؤسسة التي أفتخر بالانتماء إليها.
في 1/1/1986 صدر فانون العاملين الموحد الذي حقق في حينه إنجازات مهمة وقدم عطاءات جيدة للعاملين. استثني من هذا القانون آنذاك أساتذة الجامعات على أمل تكريمهم لاحقاً بقانون يليق بهم (ولم يصدر هذا التكريم حتى تاريخه). وفي 1/1/2005 عدّل قانون العاملين الأساسي السابق ليساير التطور التاريخي والمنطقي، وكثرت الإشاعات آنذاك عن أن قانوني تنظيم الجامعات والتفرغ اللذين طال انتظارهما سيصدران بالتزامن مع هذا القانون، وكثرت المراهنات، وأصبح الحديث عن هذا الموضوع الهمّ الأول لأساتذة الجامعات، وبدأ بعضهم يفكر جدياً بالتخلي عن إعارته ودولاراته التي يجنيها من غربته الإلزامية ويعود إلى جامعته الأم ليخدم وطنه ويعيش بين طلابه الذين تخلى عنهم لسنوات عديدة ضمن سياسة التهجير القسري والمبرمج لعلمائنا ومفكرينا، وتفريغ الوطن من كل ذي علم وعقل.
سيدي الرئيس ... يحز بنفسي أن أقول أن أساتذة الجامعات مهانون في عقر دارهم وفي وطنهم، ومكرمون في بلاد الاغتراب بالرغم من كل ما يرافق ذلك من مآسي – وهكذا نرى أن جامعاتنا قد فَُرّغت فعلاً من الاختصاصات النادرة، وحتى غير النادرة باستثناء من لم يتمكن إيجاد عمل خارج جامعته أو لسبب قاهرٍ آخر. دعني أفصّل ذلك قليلاً:
- أستاذ الجامعة مُهان براتبه الذي لا يُحسد عليه. ///راجع لا اصلاح قبل زيادة الدخل///
أتدري سيدي الرئيس أن راتب رئيس الجامعة (وهو يمثل سقف الراتب لجميع أساتذة الجامعة) لا يتجاوز 13,000 ل. س. إلا قليلاً، وأن بدل المسؤولية لا يتجاوز مئتي ليرة عداّ ونقداً. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لرئيس الجامعة فكيف سيكون الأمر بالنسبة لبقية الأساتذة، وبالأخص حديثي العهد منهم؟ أتعلم سيدي الرئيس أن الترفيعة الدورية للأستاذ الجامعي ما والت بحدود 90-500 ليرة (وذلك بحسب مرتبته) بينما ترفيعة أي موظف في الدولة لا تقل عن 1000 ليرة، وأن مهمة السائق الذي يرافق مثلاً رئيس الجامعة إلى دمشق تتعدى ثلاثة أضعاف مهمة رئيس الجامعة نفسه؟- ألا يحق لي ولأي شخص آخر أن يتساءل بأية نزاهة سيدير رئيس الجامعة جامعته وكيف؟.
- مُهان بوسائط النقل
إذ على الرغم من كل ما نراه من تطوير وتحديث طال جميع مناحي الحياة (على الرغم من محدوديته) إلا أن هذا الموضوع لم يمس أساتذة الجامعات أبداً، وما زالت السيارة حلماً غير قابل للتحقيق حتى ولو كان بمستوى بيك-آب سكودا – التي حوّلت ساحات جامعاتنا إلى ما يشبه أسواق الخضرة. أتساءل ألا يحق لنا تكريم أساتذة الجامعات (أو على الأقل من حاز منهم مرتبة أستاذ وأستاذ مساعد) برخصة استيراد سيارة يدفع جماركها بشكل نظامي وذلك أسوة ببقية القطاعات؟ ولنتخلص بذلك من ظاهرة تنقّل الأستاذ في وسائط النقل العامة واقفاّ – هل سيكون برأيكم مثل هذا الأستاذ محترماً من قبل طلابه، وبالأخص بعد أن يدفعوا عنه أجرة الباص؟
- مُهان بالقوانين التي تحكم عمله في الجامعة وبالأخص قانون التفرغ وقانون تنظيم الجامعات
الذي بات من أكثر القوانين الجامعية تخلفاً في العالم. أتصدق يا سيادة الرئيس أن أجرة الساعة التدريسية للأستاذ ذي الكرسي ما زالت خمسون ليرة سورية (أي أقل من دولار واحد) في وقت استطاعت فيه بقية الوزارات أن تُعدّل وتطور قراراتها لتواكب التطور بسرعة ولتصبح أجرة الساعة التدريسية لديها ضعف هذا المبلغ؟ عداك عن أن الأستاذ الجامعي لا يحق له التدريس المأجور في جامعته (مهما كان عدد الساعات الإضافية التي يدرّسها زيادة على نصابه) بل عليه أن يتشرشح ويتشنشط إلى جامعة أخرى تبعد عن جامعته مئات الكيلومترات ليدعم راتبه الذي بات لا يطعمه. أسأل أي مواطن عادي عن أجرة الساعة الخصوصية التي يدفعها لتدريس ابنه في مرحلة التعليم الأساسي وقارنها مع هذا المبلغ لترى العجب العجاب.
- الأستاذ الجامعي مُهان ليس خلال سنوات خدمته فقط بل بعد التقاعد أيضاً.
انظر سيدي الرئيس إلى الراتب التقاعدي لأي أستاذ جامعي (سيكون طبعاً بمرتبة أستاذ وعمره 65 عاماً) وقارنه مع أي راتب تقاعدي لأي موظف من الفئة الأولى بعد صدور قانون العاملين الجديد وسترى ما لا تستطيع تصديقه ولا يقبل به منطق. إن من يتقاعد الآن يا سيادة الرئيس ينزف قلبه دماً ويتألم حسرة على راتبه التقاعدي الذي يقل ثلاثة آلاف ليرة على الأقل عن الراتب التقاعدي لموظف من الفئة نفسها وله سنوات الخدمة نفسها.
- ......
لا نريد أن نتوسع أكثر في شجوننا فهي كثيرة جداً، بل نريد أن نزرع الأمل. ويحق لنا في الوقت ذاته أن نتساءل من الذي يضع العصي في الطاحون؟ ولمصلحة من عرقلة قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات؟ من يعمل جاهداً لتفريغ جامعاتنا من خيرة كوادرها وتسريبها إما إلى جامعات خارجية أو إلى الجامعات الخاصة والتعليم المفتوح وما شابه ذلك؟ وهل هناك خطة معينة مجهولة الهوية للقضاء على التعليم الجامعي الرسمي- الحكومي لصالح التعليم الجامعي الخاص ولتكتمل بذلك حلقة وانهيار السلسلة من التعليم ما قبل الابتدائي وحتى التعليم العالي؟
بعد كل ذلك ألا يحق لنا أن نطالب بالإسراع بإصدار قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات ومساواة أساتذتنا مع غيرهم من موظفي الدولة؟ مع منحهم جزءاً يسيراً من الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الدول المجاورة وذلك للحد من النزيف المؤلم لأساتذتنا؟
أوردت وسائل الإعلام المختلفة أكثر من مرة أن مجلس الوزراء أقر قانوني التفرغ وتنظيم الجامعات !!!!!!!، وبعد كل إقرار في مجلس الوزراء كان القراران يعودان ثانية ليدوران في الحلقة المفرغة ذاتها. ومن الواضح سيدي الرئيس أن القانونين يحتاجان إلى تدخل مباشر منكم كما فعل الرئيس حسني مبارك الذي اجتمع مع أساتذة الجامعات يومين متتالين لدراسة وإصدار قانون تنظيم الجامعات في مصر.
د. مصطفى دليلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق