الثلاثاء، سبتمبر ٢٠، ٢٠٠٥

قضية فساد مع سبق الإصرار والاستمرار

تعكف الحكومة السورية وقبل زمن من انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم الى رفع سقف حديث ما يسمى بالتصدي للفساد والمفسدين . حيث جاءت بقرارات المؤتمــر المذكور ليكرس هذا التسويق دون تحديد آليات ولا برنامج عمل يحقق من حيث النتيجة توازيا لما هو معلن ولما هو قائم بالفعل ... ولتتجذر تبعا لذلك أزمة الثقة المستمرة بين المواطن والمسؤول أو بين الحاكم والمحكـوم ـ ليعلو ـ تبعا لذلك الافتراض الذي يؤكد أن هناك ـ مافيا ـ لا تريد الإصلاح ،لا تريــد العمل ، لا تريد التحديث .
... وفوق هذا وذاك يأتي قانون الطوارئ ليغتال كل الإرادات التي تنشد نقل الإنسان السوري من طور الرعية إلى طور المواطنة . بحسبان إن أصحاب تلك الإرادات مجرمــــون ـ " يمارسون دعارة الفكر " فوجب تحطيمهم ... الخ
... منذ قرابة العامين بدأت الرؤية تتضح .... وإلى الآن لم تنتهي .
... معركة تعددت جولاتها ـ وهذه الكتابة تبدو لي بمثابة محاولة لكسب الجولة الأخيرة ,والخوف هنا من " الحاكم " إن يستمال لفريق ضد آخر فيهدي ـ القاتل ـ ثوب المقاتل ويحرم القتيل الصلاة عليه .
... في صيف عام 2003 قام فرع الأمن السياسي في محافظة حلب وبناء على معلومــات وتقارير حصل عليها بالتحقيق في قيام نقيب المقاولين بحلب المدعو " حاج " محمـد أديب داية باختلاس أموال النقابة وقيامه بتزوير محاضر جلسات مجلس الإدارة وقبضــه مبالغ من أعضاء الجمعية المقاولين دون وجه حق . والذي استوثقناه هنا أن جميع موظفي الجمعية الذين تم استجوابهم في الفرع المذكـــور أكدوا " للسائل " صدقية تلك المعلومات لترتفع بذلك أسهم الذين آمنوا بقوة القانون .
وتم تحويل الملف إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
لكــن الذي حدث كرس باختصار تلك المقولة " القانون خيط من العنكبوت لا يعلق فيه ســـوى الضعيف " بل وزاد في ذلك انتفاض " الحاج " مفترسا جميع الموظفين الذين شهدوا ضده بمن فيهم بن أخيه " ناصر " حيث تجلى ذلك بصرف المذكور من عمله والادعاء على غيره أمام القضاء الجزائي بدعاوى واهية .
... في جولة جديدة انتقل ملف التحقيق إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في محافظـة حلب ليبدأ
فصلا جديدا في تقصي الحقائق وتنفتح هنا أمام المفتش المعني بالأمر كـــل الخزائن الموصدة وبمشاركة فريق عمل متخصص قام بإعداد تقرير كامل شامل لكـــل ممارسات " الحاج " وشركائه في مجلس الإدارة وأولاده وذويه خلال الأعوام المنصرمـة ليؤكد الإدانة ويوثق الجرم ويقترح المفتش باختصار ما يلي " حل مجلس النقابة وتعييـن مجلس مؤقت وحجز أموال المذكورين المنقولة وغير المنقولة ومحاكمتهم أمام محكمــة الأمن الاقتصادي " ـ 19/1/2004 ".
إلا أن هذا التقرير بما تضمن من مقترحات كان لا بد من تصديقها لدى الهيئة العامـة للرقابة والتفتيش بدمشق إلا أن ذلك لم يحدث أبدا فقد اختفى التقرير ولا ندري لماذا أو لا ندري من وراء اختفائه ولا ندري من المستفيد غير " الحاج " من ذلك .
والجدير ذكره هنا أن جريدة الاقتصادية التي تصدر بدمشق وفي عددها رقـم /153/الصادر بيوم 4/7/2004 . قد تناولت في جنبات صفحاتها هذا الموضوع . حينها حتـى إن سيادة وزير الإسكان والتعمير لم يحرك ساكنا بل اكتفى ردا على تجاوزات " الحاج " في إغرامه بالسرقة بمخاطبته ناصحا " بإلغاء العمل بإيصالات الأمانة لرخص البناء وعـدم تدخل النقابة بين صاحب الرخصة والمقاول "
(رقم الكتاب 7207/ص./) إن كتاب الوزير المذكور جاء ليؤكد هنا قيام " الحاج " بتقاضيه مبالغ لا أساس قانوني لها .
... وفي خطوة تعتبر سابقة بتاريخ القضاء في سورية يقوم " الحاج " برفع دعوى أمـــام القضاء على المفتش بجرم سرقة وثائق رسمية حيث حدد موعد 25/5/2005 في النظــر فيها دون حصول المدعي على إذن رسمي يخوله رفع الدعوى .
إذ " أن قرار لجنة الإذن ذو الرقم 30/12 تاريخ 7/11/2004 والذي استند إليه النائـب العام في إقامة وتحريك دعوى الحق العام على المفتش ـ يخلو ـ من توقيع عضوي اللجنة ولا يحمل سوى توقيع رئيس اللجنة بينما من المتوجب قانونا إن يصدر قرار اللجنة بالإجماع .
... لا بد من التنويه هنا لتتضح ـ الجريمة ـ أن المفتش بحكم القانون بتمتع بحصانـــة القاضي بل وأكثر . إذ أن المادة /37/ من قانون الهيئة رقم /24/ لعام 1981 نصت : " لا تقبل مخاصمـة العاملين بالتفتيش إلا في حالتي الغش والتدليس " .
ووضحت المادة /46/ من قانون الهيئة رقم /24/ لعام 1981 الفقرة / آ / " للعامليـن بالتفتيش في موصد قيامهم بمهامهم طلب الوثائق والأوراق الرسمية وغير الرسميـــة والإطلاع عليها أو الاحتفاظ بها أو بصور عنها , ولو كانت هذه الوثائق لها طابع سـري وفق ما أكدته المادة /123/ من النظام الداخلي للهيئة .
ناهيكم عن أن المدعي " الحاج " لم يرفق بدعواه وثائق تشير إلى قيام المفتش باستـلامة الوثائق التي يدعي سرقتها !!.
... وبعد كل ذلك من حقنا أن نتساءل بصوت عال :
هل بات " الحاج " فوق القانون ؟
هل بتنا في وطن يمارس ازدواجية المعايير بين أبنائه ؟.
هل تلك الواقعة تمثل قاعدة في تصدي المسؤول للجريمة ؟.
ونتساءل أيضا هل قانون الطوارئ وجد لكم الأصوات وتقييد الأيدي واغتيال الضمائر ؟.
وإذ نذكر أيضا إن تلك الأموال التي تم سرقتها من قبل المدعو محمــد أديب داية وشركائه وأبناءه وأقاربه والتي بلغت الملايين ـ إنها أموال عامة أوجب القانـون حمايتها وصونها . وإن أي تستر على تلك الجريمة يعتبر انتهاكا صارخا للدستور والقانـون ويعتبر ظاهرة في غاية الخطورة تنذر بالدولة إلى الهاوية والشعب إلى الجريمة .

المحامي ثائر خطيب ..

ليست هناك تعليقات: