السبت، يونيو ٠٤، ٢٠٠٥

ماذا يريد الشعب من مؤتمر الحزب؟ مساهمات القراء

فراس السيد احمد

الشعب السوري لا يهمه في النهاية من سيرحل أو من سيأتي لقيادة الحزب فالذي يعنيه أن يثمر هذا المؤتمر عن نتائج إيجابية ملموسة و قريبة على الصعيد الاقتصادي بما يسهم في تحسين الوضع المعيشي للمواطنين السوريين فلقمة العيش الكريمة أهم من كل الاعتبارات..



نحن نتمنى على الرفاق أعضاء المؤتمر العاشر ألا ينسوا في غمرة حماسهم و توقعاتهم بمن سيكون منهم بين أعضاء القيادة نقل هموم و معاناة الغالبية العظمى من جماهير الشعب التي بالكاد تؤمن الحد الأدنى من العيش الكريم ..بينما تنعم قلة من أبناء الوطن بالخير كل الخير و ما يؤلم أن نسبة لا بأس بها من هؤلاء هي من الرفاق الذين أثروا بفضل مواقعهم في الحزب و الدولة فبقدرة قادر و خلال سنوات معدودة هبطت عليهم الثروة من السماء بعد أن كانوا يعيشون في فقر مدقع ..

و نحن نتمنى أن ينعم الله علينا جميعا من خيراته. و أن تهبط علينا الثروة من السماء و لكن بشرف و أخلاق و من خيرات الوطن التي هي ملك لأبنائه و التي هي ليست حكرا لزيد و عمرو على حساب عبيد و عبد الودود..

و رغم كل المعاناة التي نعيشها فإننا نتطلع للمؤتمر العاشر للحزب بعيون كلها تفاؤل و أمل لأننا نعلم علم اليقين بأن السيد الرئيس لن يدخر جهدا في موضوع تحسين الوضع المعيشي لأبناء الوطن و التي هي أحد أهم أولياته..

باختصار نحن مع احترامنا للجميع و لجهودهم المخلصة فإننا لا نثق إلا بكلام السيد الرئيس في هذا السياق و غيره. فقد أثبتت التجربة بأنه لولا التدخل اليومي و المباشر لسيادته لما لمسنا أي تقدم أو تحسن يذكر و على كافة الأصعدة ..

الشعب السوري يتوجه بالدعاء لله بأن يوفق الرئيس بشار الأسد و أن يمده بالعزيمة و القوة لكي يحقق طموحاته و طموحات الشعب السوري في غد عزيز حر و كريم لا نرى فيه بيننا مكانا للفاسدين و المفسدين الذين أصبحوا مثار احتقار و استهجان شعبنا الطيب العظيم……

و لن يصيبنا بالإحباط أو القنوط كائنا من كان ..حتى لو كان ذلك الجاحد أبا سومر..المعروف سابقا بأبي دريد.

القضاء والأمن والمواطن

مشاركة م ص ق ثانية

لقد مرت على سورية فترات مختلفة صعبة تارة ومستقرة تارة أخرى

وفي كل مرحلة كان هناك ظروف تلزم إيجاد حالة تأهب وجاهزية ، منها للحفاظ على أمن البلاد من الأخطار الخارجية ومنها للحفاظ على الأمن الداخلي والوحدة الوطنية ، ومنها لرصد أي مخطط يزعزع تلاحم الشعب السوري

جميعنا عاش المرحلة السابقة بحلوها ومرها ولابد في أي مرحلة من أخطاء وثغرات، يستغلها الانتهازيين والوصوليين وبعض المزاودين وبحجة الحفاظ على الأمن قاموا بفرض ظروف مخيفة وممارسات متفاوتة وبعلم أو بدون علم مدرائهم أو قادتهم

حتى وصلنا لمرحلة لم يعد يستطيع المواطن التفريق بين جهة أمنية أو أخرى ، ولا يحق له أو يمكنه التحقق من صحة عائدية أو مرجعية من يعترضه

طبعاً من الواضح أن هذه المسائل تراجعت في السنوات الست الأخيرة شيئاً فشيئاً

لكن الأمر يحتاج لمعالجة منطقية طبيعية خصوصاً في هذا الوقت الذي يشوه الاعلام (الغربي الأميركي الإسرائيلي ) الحقائق لدرجة لا يتقبلها العقل

مسألة سيادة القانون وتنفيذه مسألة معقدة وواضحة وتتطلب

ا- احترام القوانين والأنظمة النافذة الحالية من جميع المواطنين دون استثناء، بغض النظر عن قناعاتنا الشخصية وقدم وحداثة وملاءمة هذه القوانين

ب- تنظيف القضاء بحزم من أي خلل في تطبيق القوانين لأنه السلطة الأساسية في فرض الأحكام

ت- إعطاء مهمة تطبيق الأحكام الصادرة عن القضاء لجهة واحدة معتمدة واعية ومدربة على احترام القانون والإنسان والتعامل بشكل راقي وحازم مع المواطنين على أساس ل متهم بريء حتى تثبت إدانته لا العكس

ث- تشكيل لجان تخصصية من جيل الخبرات المتوسطة لاقتراح تعديل على القوانين والأنظمة التي تحتاج لذلك والرجوع للنصوص الأصلية وتبسيط التعقيدات والتعديلات التي صدرت ومراجعتها ووضعها في التطبيق التجريبي لفترة سنة ثم مراجعتها قبل اعتمادها نهائياً

ج- تأسيس كليات ومعاهد حديثة تخصصية في العلوم الأمنية للارتقاء بمستوى الأمن الداخلي وصنوف الأمن الأخرى التي ينبغي أن تنطوي ضمن وزارة الداخلية، بالاستفادة من خبرات القدماء ممن عمل في مجال الأمن وبالتعاون مع جامعات ومعاهد تخصصية من دول صديقة

خ- توضيح وفصل المهام والصلاحيات للقوى الأمنية الأخرى بكافة اختصاصاتها بحيث يتفرغ كل لمهمته التي أوجد لأجلها وضمن شروط ووثائق متطورة وبالمستوى العالي

ه- إعادة النظر في تطوير السجون وأقسام الأمن وأتمتة العمل وربطها بالحكومة الإلكترونية

د- إلغاء الاستثناءات بكافة أشكالها ومهما كانت الأسباب من خلال شرح توضيح القوانين والأنظمة للمواطنين في جميع المجالات

ذ- محاسبة المرتشي والراشي والوسيط بينهما بشدة (الإيقاف عن العمل وإحالة للقضاء لتطبيق الأحكام التي تصدر بهم مباشرة

م- دعم القضاء بحيث يتم البت في القضايا بآليات عمل سريعة وواضحة ومحاسبة ل من يماطل أو يتمهل في إصدار الأحكام



في المسائل الأمنية لا مجال للتهاون وأكبر دليل هو أحداث 11 أيلول (التي حدثت أو استحدثت) التي جعلت هناك تشديد كبير على الناحية الأمنية في جميع الدول ، وكان ذلك في الدول الغربية أكثر منها في باقي الدول كون التهديد جاء من الضعفاء بسبب الضغط الكبير والتباين العالي بينهما

لكن بوجود التكنولوجيا والقوانين الواضحة والوعي العالي للمنفذين والقائمين على الأمن يمكن تقليل احتمالات الخطأ من الطرفين الشرطي والمواطن

أتمنى وضع استراتيجية بعيدة المدى لذلك لأن قوة القضاء (تشريعي وتنفيذي) تؤدي لاستقرار أمني وارتياح كبير للمواطنين، ولن يتذمر سوى المسيئين والذين لا يحبون وطننا سوريا

استمرار أي وضع خاطئ لا يكون إلا عندما يوجد منتفعين منه ، وليس من مصلحة أحد وجود أخطاء تتكاثر هنا وهناك

الخميس، يونيو ٠٢، ٢٠٠٥

سورية في ساعة إعادة التأسيس•••هل تنجح؟ وماذا إن أخفقت؟

سورية في ساعة إعادة التأسيس•••هل تنجح؟ وماذا إن أخفقت؟
مخائيل عوض - اللواء

بمناسبة انعقاد المؤتمر القطري لحزب البعث

تزداد مساحة ترقب نتائج المؤتمر القطري المزمع عقده لحزب البعث في سورية، مع اقتراب ساعة الحسم، وبانتهاء الأعمال التي تستمر لثلاثة أيام (6-9 حزيران الجاري) يخرج بعدها الدخان ابيض أو اسود وينفصل القمح عن الزيوان·



انشغل الرأي العام السوري وبعض العربي في مجريات التحضير، والانتخاب وفي ترقب النتائج، فيما أسهم الكثير من المهتمين والمتابعين العرب والسوريين والأجانب بأعمال التحضير، وبلفت النظر، والترشيد، والتمني أحيانا، وفي أخرى القول القطع بأن الحزب والدولة السورية باتت في ماضي ولم تعد تنفع معها رتوش أو تحسينات·

ارتبك الحزب، والإعلام السوري، والكثير من المهتمين في كيفية التعاطي مع المؤتمر: هل تطلق حركة نقاش وحوار حوله وفيه، أم تجري الأعمال والتحضير بصورة مكتومة فتأتي قراراته وإجراءاته مفاجئة، خاصة إذا كانت على قد الحال، وبقاعدة أفضل الممكن، بدل أن تصبح عرضة لحوار ونقاش واسع، ترسم فيها علامات كثيرة، وتطرح أحلام وأوهام من شأن تكبيرها أن يفقد المؤتمر وما سينتج عنه قيمته التي يريدها الحزب وتريدها القيادة؟

بعيدا عن هموم القيادة والدولة، وإدارة الحزب، ولجان التحضير للمؤتمر، تحول المؤتمر إلى بؤرة اهتمام واسعة في سورية وحولها، وبات الجميع يعلق الأعمال، والأوهام، والرهانات على ما سيكون من نتائج، وما سيخرج به المؤتمر من قرارات واليات عمل خاصة به، وبدوره، وبقيادته للدولة والمجتمع، وما ستكون عليه السياسات التي تعتمدها الدولة السورية ما دامت مستمرة كدولة يقودها ويوجهها حزب البعث والجبهة الوطنية·

المعلومات المتسربة والإشاعات كثيرة، بعضها إن لم يكن معظمها من صنع الخيالات، وفبركة جهات وأدوات في الداخل ومن الخارج، تعكس الرغبات والأحلام مرة، وتضع العصي في الدواليب مرات، وتتعمد تكبير الرهانات·

توقع ما سيكون استنادا إلى المعلومات "الرائجة" غير المتوفرة من مصادرها أمر محفوف بالخطأ، والبحث بما سيكون انطلاقا من قراءة الأدبيات، واللوائح، والأوراق، والتقارير، أمر غير مجدي لأنها لم تنشر في أي من الوسائل العلنية العامة، كما لم تسرب حتى في صفوف الحزب وأعضاء المؤتمر·

إذن والحال هذه لا بد من التوقع من خلال البحث في البيئة التي ينعقد فيها المؤتمر، وتلمس المهام المطلوبة بقوة الظرف الموضوعي واحتياجاته، ومحاولة المطابقة بين ما هو مطلوب وما هو ممكن وما هو واجب·

إن المؤتمر إذ ينعقد في ظرف دولي، إقليمي، محلي عصيب، يتشكل كلحظة تأسيس واجبة ولو قسرا، فلا يمكن الفصل بين الظرف المحيط بسورية وحزبها ولحظة انعقاد مؤتمره القطري، وما يجري فيه، وما هو مطلوب منه، وما يمكن انجازه·

سورية في قلب معركة إعادة هيكلة المنطقة، ثقافة، جغرافية، نظم اجتماعية واقتصادية ودور وقيم وتوجهات·

إنها مستهدفة بذاتها، وبموقعها، بوحدتها الوطنية، باستقرارها، بدورها، بممانعتها للمشروع الغربي المتوافق عليه بين الاتحاد الأوروبي والإمبراطورية الأميركية·

إنها تحت الحصار، والتآمر، والتلويح بضربها، من الخارج أو بتركيب سيناريو إسقاط تتزاوج فيه الوسائل والآليات، حصار، تأزيم داخلي، تأليب وتفجير بؤر توتر أو ذات قابلية للالتهاب، فقد اتخذت الادارة الصقرية في واشنطن وتل أبيب قرارا باعتماد إستراتيجية الفوضى البناءة حيث تجري عمليات الاختبار الأولى في لبنان وسورية وفي العلاقات السورية - اللبنانية أولا، بل تطور أداء تلك الإدارة وانتقلت إلى العمل الميداني في الانفتاح العلني على الإخوان المسلمين والتوافق معهم على خطط عمل مشتركة (كما أفاد موقع الإخوان المسلمين في مقابلة مع القيادي في الجماعية محمد طيفور، وما جاء في بيانات الإخوان المسلمين السوريين الأخيرة) وجماعات المجتمع المدني، ومجموعة رفعت الأسد الذي جاهر برغبته في التعاون مع الإدارة الأميركية بما يخص برنامج إسقاط سورية، وإعلانه العزم على العودة إليها ليدلو بدلوه·

المطلوب من سورية أمور كثيرة، اخطر ما فيها أنها تمس بمبرر وجودها وبطبيعتها التاريخية ودورها الذي وهبها الله إياه، والمعطى لسورية لا شيء سوى صك خيانة في عيون أبنائها والعرب المراهنين عليها·

فسورية لم تعد مقبولة لدى الإدارة العالمية المتشكلة حديثا (شراكة بين أوروبا وأميركا) والتي تستهدف المنطقة واستقرارها وثرواتها وجغرافيتها تمهيدا لاستهداف آسيا وعمالقتها الصاعدة، على وقع الحدث العراقي - الفلسطيني - اللبناني، وأساسه ممانعة سورية لمشاريع إسقاط المنطقة بالعنف والحروب أو بالإصلاح والديمقراطية بإشراف السفيرين الفرنسي والأميركي وبمساعدة كوفي انان غير المشكورة·

إصلاح سورية، بحسب الوصفة الفرنسية - البريطانية التي تتطابق مع وصفات صندوق النقد والبنك الدولي، وقوى الريعية العالمية لتسويق الليبرالية الاقتصادية الاجتماعية فالسياسية، وإلا المقاطعة وتعليق توقيع عقد الشراكة مترافق مع اجراءت عقابية تلوح في الأفق·

انكفاء سورية نهائيا عن ملف لبنان،- فلسطين - العراق، والتحول إلى استطالة أميركية لحماية مشروع الهيمنة على المنطقة، هو الخيار الأميركي الوحيد المفتوح أمام القيادة السورية أو المقاطعة والحصار فالتخريب والإسقاط·

إن طرد سورية من لبنان على الشاكلة التي تمت كان هدفا مشتركا أوروبيا - أميركيا وبعض عربي وبعض لبناني والكثير من القصد استخدام لبنان خاصرة رخوة، بل منصة لإسقاط سورية بعد حصارها وتجريدها من أوراق قوتها الإقليمية·

والحالة السورية الداخلية ليست على ما يرام، ففي سورية الكثير من المشكلات، والأزمات، وآثار تركة ثقيلة عطلت مشاريع الإصلاح والإقلاع الميمون للرئيس الشاب وفريقه الذي تعرض خلال السنوات الأربع لسلسلة اختبارات قاسية جدا، وتعرضت سورية في محيطها لسلسلة من المتغيرات الإستراتيجية في آثارها العامة المباشرة وغير المباشرة خاصة على سورية نفسها·

ولسورية نفسها حاجات واستحقاقات تاريخية تلح على ولوجها، والتقدم إلى مهامها بثبات حيث لا يفيد الارتباك والازدواج، والعطالة، والتعطيل بعد طول انتظار كان مشفوعا بالأمل مع إطلالات الرئيس وخطبه ووعوده التي تبخر الكثير منها في الطريق بين الإقرار والتشريع ومسارب التنفيذ والتعليمات الإدارية·

في هذه الأجواء، ينعقد مؤتمر الحزب بعد طول انتظار قارب حد فراغ صبر المجتمع، والقوى الحية فيه، فهل يؤتي أكله أم تتبخر الآمال مرة أخرى تاركة المجال أمام انفلات الغرائز؟

إن المأمول كبير جدا، يقترب من المطالبة ببناء جمهورية أفلاطون السورية بضربة قلم أو بتصريح وقرار فوري·

أما الممكن فهو أن يتم وضع سورية وحزب البعث والجبهة والمجتمع على طريق الخلاص القويم، ثم يكون لتفاعل الجميع قدرة على تحقيق الممكن على طريق تحقيق المستحيل أو المأمول من جمهورية حق وقانون وعدل·

الحزب أمام موعد مرسوم، والفرصة سانحة برغم نفاد الزمن، فإما أن يتحول إلى جثة هامدة تنتظر فرصة الدفن، أو أن يطلق العنان لمرحلة إعادة تأسيس وتأصيل يجدد فيها بنيته، وآلياته، ومشروعياته التاريخية، عناوين وشعارات وطنية واجتماعية، وتتحدد علاقته بالدولة، وبأجهزتها، وإدارتها، ومع المجتمع، وفئاته المختلفة·

في تاريخ ومسارات الحزب، وهو في النضال، ثم وهو في السلطة لردح طويل من الزمن، كشف عن خاصية تفيد بأنه قادر على تجديد نفسه، وتجديد دوره وموقعه، وقادر على الاحتفاظ ببنيته الاجتماعية والوطنية بحيث يمكن الرهان على خطوات ملموسة في اتجاه إعادة هيكلته وهيكلة دوره وحضوره، وبالتالي تجديد شبابه وتطوير خطابه وادأه·

هل يفعلها؟ وكيف؟

من نافل القول أن حزب البعث في السلطة غير حزب البعث في النضال الشارعي الوطني والاجتماعي، وهذه حقيقة تاريخية لا تقتصر على حزب البعث بل مصيبة أصابت كل الأحزاب التي انتقلت من الشارع إلى الدولة، فنقلت الدولة كل مفاسدها إلى بنية الحزب وطبيعته ومسلكياته وتاليا دوره وموقعه في الشارع والمجتمع·

غير أن خاصة سورية وحزبها تفيد بشيء مختلف عن تجربة الاتحاد السوفياتي ودول التوجه الاشتراكي التي انحسرت أحزابها وتفجرت وسقطت ولو أن بعضها ما زال حاكما إما في السلطة أو في المجتمع كأكثرية وأعلى حيوية· فالفارق بين حزب البعث وتلك الأحزاب والتجارب، فارق جوهري يتمحور حول طبيعة الحزب، طبيعة الدولة، طبيعة المنطقة والمرحلة، وبالتالي - وهو الأهم- طبيعة المهام، فحزب البعث حزب تأسس لإنجاز مهمتين مركزيتين متلاصقتين الواحدة تؤسس للأولى وتتفاعل معها وتتطور (هذا سبب استمرار الحزب بينما سقطت أحزاب شيوعية وقومية) فسورية وحزبها في دائرة انجاز مهمتين متلازمتين:المهمة الوطنية القومية التي لم تنجز بل تستحضر بقوة هذه الأيام بسبب استهداف سورية والمنطقة من الخارج الاستعماري، ومهمة بناء الدولة وإقامة حد العدالة الاجتماعية وانجاز خطط التنمية الوطنية والاجتماعية التي تعطلت بين الفينة والأخرى أو تأخرت كثيرا عن موعدها· لهذا يبدو الحزب موضوعيا قادرا على تجديد نفسه وتجديد شعبيته وتأمين استمراريته حزبا قائدا في الدولة والمجتمع، بعكس التجارب الأخرى التي اقتصرت مهمتها على واحدة من المهمتين، فسقطت عندما عجزت عن انجازها او أنجزتها إلى حد مقبول·

المسألة الوطنية والقومية عنصر جذب وتكبير للحزب وتطوير لأدائه ولدوره إن هو جدد في شعاراته وخططه ووضع نصب عينه كيف يستقطب فئات الشباب السوري ويخرطهم في المعركة الوطنية التي تبدأ في سورية بحماية الوحدة الوطنية وتعزيز خيار الممانعة، إلى تحرير الجولان المحتل ودعم المقاومات، وتوفير الشروط التاريخية لبناء دولة الأمة وحضورها، وهذه عناوين تحتل صدارة البرامج التي تدفع بالشباب السوري والعربي إلى حضن المقاومات والحركات الإسلامية المجاهدة، وحزب البعث قادر على التعامل مع هذه المهام بطريقة مختلفة لا سيما وهو في السلطة، والسلطة التي يقود لم تخرج عن ثوابت الإجماع الوطني والقومي والاجتماعي، وهذه نقطة قوته الأكثر أهمية·

المسألة الاجتماعية، وعلاقة الحزب بالسلطة، وعلاقته الشعب، وعلاقة السلطة ببرامج الحزب وتوجهاته، أمر في غاية الأهمية بالنسبة للحزب ولسورية· وفي هذا الصدد وما دام الحزب والسلطة أمام مهمة انجاز المهمتين معا، فهو قادر على اختلاق وابتداع آليات عمل جديد نوعية تقوم على تأمين شروط أن يكون الحزب في آن حاكما ومعارضا في سلطة يقودها هو لا غيره من الأحزاب، وهذه تحتاج إلى إجراءات وقرارات جذرية وحازمة حتى يستغل الوقت وتعاد عملية الهيكلة وإعادة التأسيس وتفعيل مشروعيات تاريخية جديدة وتجديد بنية وتعاقد·

هل يخرج المؤتمر بما هو منتظر منه؟

إن التوقعات الأكثر واقعية تقول بالآتي:

- أن يعمد الرئيس وفريقه إلى اعتبار المؤتمر والحزب محطة دستورية لتفعيل مشروعه الإصلاحي الاجتماعي والاقتصادي والإداري والسياسي والوطني، بحيث يخرج الحزب بقرارات واضحة وتوجهات جذرية على هذا الصعيد تحصن مشروع الرئيس وتزيل العقبات من وجهه وتعيد أطلاقة بفاعلية أعلى وبنتائج عملية ملموسة·

- إطلاق ديناميات التفاعل السياسي الوطني المجتمعي من خلال إطلاق الحريات السياسية والإعلامية عبر قانون عصري للأحزاب، قانون للمطبوعات والإعلام، تشترك في وضعه ومناقشته وإقراره قطاعات من الحزب والدولة، والجبهة والمجتمع والنخب والخبراء، ثم يصار إلى طرحه في استفتاء شعبي عام لتتحقق المشاركة الشعبية، ويصبح بمثابة مادة دستورية تطابق قول الرئيس الراحل بأن المقدمة الأولى للديمقراطية تتحقق بحرية القول والكلمة·

- تحديث وتطوير الدستور السوري عبر إطلاق ورشة تفعيل وتطوير يقودها الحزب بمشاركة فعاليات المجتمع السياسية والاجتماعية والدستورية ثم يعرض على استفتاء شعبي عام·

- إطلاق ديناميات تغيير في بنية الحزب، وتجديد في أطره، ومؤسساته، وقواعده، وتفعيل دور الشباب، بإحداث تغييرات جوهرية على آليات الانتساب، والانتخاب، والقيادة، والتكتل على أساس برامج ومهام واختبارات نضالية وطنية واجتماعية لا على أساس الولاء الشخصي والبحث عن كراسي ومكاسب، ويكون البدء بتغيير الوجوه وإعادة ضبط العلاقة بين القمة والقاعدة على أسس تفاعلية·

- فك الحزب عن الدولة ومفاسدها، بتحرير الحزب من مسؤولية رعاية وحماية الفساد والمفسدين، ويكون ذلك بتفعيل تطبيق التعميم 408، وبتحرير المواقع المسؤولة والكادرية في الدولة ومؤسساتها من إلزام الحزب بأشخاصه والمنتسبين إليه· أما كيف يمكن للحزب أن يبقى قائدا للدولة والمجتمع، فذلك يكون بتفعيل النقابات وتطوير دورها الرقابي وتبني وطرح مشكلات القطاعات وقيادة نضالاتها في مواجهة الحكومات، وأصحاب المسؤولية المباشرة، بمبادرة من الحزبيين وأعضاء الحزب وأحزاب الجبهة وقادة العمل النقابي والاجتماعي، ويكون أيضا بفرض قاعدة منع العناصر القيادية في الحزب(القيادة القطرية- اللجنة المركزية- المكاتب الوظيفية) من تبوء أية مسؤولية إدارية في الدولة، حتى تبقى تلك الأطر آليات للرقابة والتوجيه والنقد، وتفعيل النضال الجماهيري والحزبي في مواجهة التكلس والأخطاء والفساد والتقصير· وفي حال تحمل أي من أعضاء تلك المؤسسات القيادية موقعا رسميا إداريا فيمكن تجميد عضويته في تلك المؤسسة ليكون عرضة للمحاسبة بعيدا عن حصانته الحزبية، وأيضا يمكن لتطبيق قاعدة وزارات الظل، ومجالس الشعب الرديفة أن توفر للحزب والجبهة آليات واطر للرقابة والمحاسبة والمتابعة وإعداد النخب القادرة على المواكبة وتحمل المسؤوليات عند استحقاقها·

- تركيز الحزب ووثائقه وقراراته على ثبات سورية على دورها الإقليمي، وثوابتها الوطنية والاجتماعية والقومية وتنشيط العمل في أوساط الشباب والمجتمع للاستقطاب على أساس تلك الأهداف والتوجهات· ومن شأن ذلك أن يشكل العامل الأكثر أهمية في تفعيل دور الحزب، وتعميق صلاته بالشارع والشباب، ففي النموذج السوري لن تعيش أحزاب تقوم على أحادية المهمة الاجتماعية ما لم ترتبط بالمهمة الوطنية والقومية·

- من الوقائع ذات الدلالة التي تشير إلى احتمال تبني الحزب لخطط ونهج جديد نوعي، يمكن رصد حركة اهتمام الرئيس شخصيا بمجريات التحضير والأوراق، والنقاشات، وقد سبق أن أعلن للملأ أن المؤتمر سيخرج بقرارات هامة ونوعية (ما كان قال هذا الكلام لولا معرفته وثقته بذلك) كما تفيد الوقائع المنشورة والمسربة عن لقاء الرئيس مع قادة الجيوش والأجهزة قبل نحو شهر بما يمكن أن يحصل· وقد أصر الرئيس على أن تجديد بنية الحزب قرار لا عودة عنه، وأن انفراجا سياسيا وقانونا للأحزاب سيكونان بين قرارات الحزب، وأن المسألة الوطنية ستبقى على جدول أولويات برامج الحزب والدولة، مهما كانت الكلفة، والقول بأن المعركة مفتوحة مع الأميركيين ولن نستسلم، وبأن حماية المقاومة اللبنانية والفلسطينية،والعراقية، أمر ثابت في السياسات السورية مهما كلف الأمر وغلت التضحيات، وأن سلة كبيرة من القوانين والقرارات والإجراءات باتجاه تخفيف الأعباء عن المواطن السوري وإطلاق حقبة التنمية الوطنية والاجتماعية هي من ثوابت وأولويات أعمال المؤتمر ونتائجه·

في ذلك كله دلالات ومؤشرات على أن مؤتمر الحزب لا بد سيخرج بخطط وإجراءات وقرارات وتغييرات نوعية يؤدي العمل بموجبها إلى تجديد بنية الحزب، وعلاقته بالدولة، والمجتمع، فإذا حصل ما هو متوقع ستكون سورية وحزبها ومجتمعها في ساعة إعادة تأسيس نوعية تؤهلها لقيادة مرحلة طويلة نسبيا كما كان شأنها خلال الأعوام الأربعة والثلاثين المنصرمة والتي لم تكن اقل قسوة على سورية أو ما يمكن أن يكون·

أما إذا لم يستجب المؤتمر للرئيس ونهجه وتوجهاته، وهذا أمر مستبعد جدا، فإن سورية ستكون أمام مأزق وأزمة قد تكون أشد خطورة مما مرت به في السابق

الأربعاء، يونيو ٠١، ٢٠٠٥

وصول، بقاء، انتفاع: اقتراح من أجل الوطن‏

العاصي / مواطن ‏سوري
المقدمة

إذا وضعنا النفاق جانباً، يمكن القول إن الأهداف الحقيقية لأي حزب سياسي هي أولاً ‏الوصول إلى السلطة، وثانياً البقاء في السلطة، وثالثاً الانتفاع من هذه السلطة. والكلام ‏نفسه ينطبق على الغالبية العظمى من الأفراد الذين يمارسون النشاط السياسي. بالطبع ‏يمكن أن يكون الانتفاع مادياً أو معنوياً، شرعياً أو لا شرعياً.‏



في أنظمة حكم الحزب الواحد يسيطر الحزب على الدولة ويسخرها لخدمة مصالح ‏قيادته... تتحول القيادات إلى بيروقراطيين وتتحالف مع قوى السوق لتقاسم الكعكة. وفي ‏أنظمة الحكم القائمة على التعددية الحزبية، وبسبب ضرورات المنافسة في الحملات ‏الانتخابية، تسيطر القوى الاقتصادية (الشركات الممولة) على هذه الأحزاب، وعن ‏طريقها على الدولة... ‏

لا شك أن التعددية الحزبية المنادى بها الآن، والتي يبدو أننا نقترب منها، قد تشكل ‏مخرجاً من الوضع الراهن إلى وضع أفضل. أقول قد لأن المجتمع السوري شديد التنوع ‏الاثني والطائفي، وهو مجتمع حيوي مولع بالسياسة، وكما وصفه القوتلي لعبد الناصر: ‏نصفه زعماء ونصفه الآخر أنبياء، بالإضافة إلى أن الوطن مستهدف من الخارج، ولا ‏يخفى على أحد أن القوى التي تستهدفنا تراهن على الحرية كطريق للفوضى، وعلى ‏الديموقراطية كوسيلة لخلق الفتنة...لذلك يجب التفكير بأفضل الطرق لإقامة نظام سياسي ‏ديموقراطي منيع.‏

إذا ما اعتمدنا التعددية بشكلها التقليدي، فسيتأسس خمسون حزباً، ومهما تكن الضوابط ‏التي يفرضها قانون الأحزاب، سيكون لبعض هذه الأحزاب طابع ديني أو ‏أثني...وسيتطلب الأمر خمسة شهور من المفاوضات للاتفاق على تقاسم الكعكة من ‏خلال تشكيلة حكومية قد يزداد فيها عدد الوزارات ليصبح خمسين وزارة لإرضاء ‏الجميع والمحافظة على التوازنات... يجب أن نأخذ العبرة من مثالي العراق ولبنان.‏



المقترح: الثنائية الحزبية
نحن في عصر نهاية الأيديولوجية، فلم تعد توجد فوارق حقيقية بين التوجهات ‏الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب السياسية التي يتبنى معظمها أجندة لييرالية مضبوطة ‏بشكل أو بآخر... لذلك أقترح نظاما سياسيا يقوم على الثنائية الحزبية، أي على وجود ‏حزبين، أو تجمعين، سياسيين فقط. يمكن أن يتكون التجمع الحزبي الأول من أحزاب ‏الجبهة الوطنية التقدمية، ويسمى "التجمع التقدمي". ويمكن لأحزاب المعارضة أن تشكل ‏تجمعاً يسمى "التجمع الليبرالي".‏

‏ يحقق هذا النموذج المزايا التالية:‏

‏1.‏يسمح بالتداول السلمي للسلطة كما في حالة التعددية الحزبية،

‏2.‏يسمح بممارسة رقابة ديموقراطية على الحكومة ومحاسبة لها بفضل وجود أحد ‏الحزبين في المعارضة،

‏3.‏يقطع هذا النموذج الطريق على الأحزاب والحركات المتطرفة،

‏4.‏يساعد على الاستقرار السياسي والحكومي، إذ يمكن، في حالة التعددية الحزبية، ‏أن تصبح الأحزاب الكبيرة رهينة للأحزاب الصغيرة نتيجة الحاجة لقيام تحالفات ‏لتأمين الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل حكومة.‏

قد يتهمني البعثيون بأني أسعى لتوحيد المعارضة ضدهم، وقد تتهمني المعارضة بأني ‏أسعى باقتراحي هذا إلى إبعادها عن المشاركة في الحياة السياسية، وقد يتهمني البعض ‏بأنني متأثر بالنموذج الأمريكي...للجميع أقول بأنني لست شديد الإعجاب بالنموذج ‏الأمريكي رغم فعاليته، ولست من المعارضة، ولست من السلطة،... ولن أنتمي يوماً إلا ‏لوطن اسمه سوريا.‏

ماذا يريد المؤتمر من المواطنين

سألوني : ماذا يريد المواطنون من المؤتمر القطري العاشر؟
أجبتهم : بل ماذا يريد المؤتمر من المواطنين؟
المحامي مأمون الطباع : ( كلنا شركاء) 1/6/2005
إقترح عليَّ أحد الأصدقاء أن أدلو بدلوي بين الدلاء , و أكتب مقالة بعنوان ( ماذا أريد من المؤتمر القطري العاشر ؟ )
قلت له: لقد قرأت عشرات المقالات و المقابلات، التي نُشرت في الصحافة المحلية و العربية الصديقة, و غير الصديقة ، كما
تنقلت بين الأقنية الفضائية , و تابعتُ ما يقال عن المؤتمر، و ما يعرضهُ المتفائلون و المتشائمون و المتشائلون. كما أن أحفادي و
أبنائي و أزواجهم و زوجاتهم يطرحون عليّ حين تلتقي العائلة أسئلة عديدة عن المؤتمر و الحزب و الثورة و القيادة القطرية، و
جميع المفردات و المصطلحات التي لم يتعاملوا معها إلاّ عند اجتيازهم فحوص مادة الثقافة القومية في المدرسة أو الجامعة , و
تلاشت إثر خروجهم من قاعة الإمتحان ...
لذلك أيها الصديق ليس في دلوي ما يزيد عن ما في دلاء الآخرين، و كلهم من سركيس نعوم إلى محمد علي الأتاسي و ميشيل
كيلو و حسن عبد العظيم و جورج جبور و نهاد الغادري، و الياس نجمة و أيمن عبد النور، و راغدة درغام و فايز سارة - قد
أحاطوا بموضوع (( المؤتمر )) من كل جوانبه و نحن بانتظار النتائج.
أجابني صديقي الملتزم جداً:
أنت تمثلُ شريحةً تختلفُ عن هؤلاء، و من المهم أن نسمع رأيك.
قلت له: كنت أول من كتب عن المؤتمر في نشرة كلنا شركاء الصادرة يوم 28/3/2005 تحت عنوان (( الإصلاح يبدأ بتعديل
الدستور)) و بعدها نشرتُ مقالة يوم 19/4/2005 بعنوان (( من الدولة إلى الثورة عدةُ أيام و من الثورة إلى الدولة عقودٌ و
سنوات )) . و أعتقد أن في هاتين المقالتين ما يعبر عن رأيي و رأي شرائح عديدة في المجتمع، لكن مع الأسف لم أجد حتى الآن
محاوراً واحداً ... و للأمانة فقد لاحظت بأن العديد من الكتاب، و نجوم المقابلات التلفزيونية، طرحوا إثر ذلك أفكاراً تشابه ما ورد
في هاتين المقالتين ... من باب توارد الخواطر طبعاً .. و ليس لدي ما أضيفه.
بعد الإصرار عرضت عليه أن أكتب مقالة بعنوان ( ماذا يريد المؤتمر العاشر من المواطنين ) ؟
و قد وافق على هذا العنوان، و فيما يلي الإجابة.
******************
السادة الأكارم أعضاء المؤتمر العاشر للحزب من مُنتخبين أو حُكميّين أو مُراقبين.
تحية عربية
لا أعتقد أن بينكم من حضر الإجتماع التأسيسي للحزب في مقر الرشيد بدمشق عام 1947 , كما أعتقد أن نسبة من كانوا في سن
الوعي عند تسنم الحزب للسلطة في الثامن من آذار عام 1963 هي قليلة جداً، و قد لا تزيد عن عشرة بالمائة منكم. و هذا يعني
أن معظمكم قد دخل إلى الحزب آخذاً بالإعتبار أن الحزبَ الذي ينتسبُ إليه ممسكٌ بزمام السلطة، أي أنه مقتنع بالممارسات التي
جري على أرض الواقع، بغض النظر عن تلاؤمها مع دستور الحزب.
بادىء ذي بدء أعلن ما يلي
1) ليس من حقي أن أجنحَ بعواطفي إلى فريقٍ منكم دون فريق ( إن كان بينكم فرقاء ), ذلك أن الإعلام و الحوارات التي تجري
في الأقنية الفضائية تؤكد وجود تباينٍ في وجهات النظر داخل القوى المؤثرة في الحزب ... لكنني أميل إلى اعتباركم فريقاً واحداً
.. لأن أحداً من أعضاء الحزب لم يطرح إلى الآن مشروعاً لإعادة تقييم مبادىء الحزب, و علاقة الحزب بالدولة و السلطة و
المجتمع .. الشيءُ الوحيد الذي أثار زوبعةً هو ما يتعلق ببقاء القيادة القومية، الأمر الذي طرحه السيد وزير الإعلام عندما كان

رئيساً لتحرير جريدة البعث. و إذا أضفنا إلى ذلك أن همومَ الحزب في هذه المرحلة تم اختصارها فقط بالإنتخابات الحزبية، و
بإعفاء المتقدمين في السن من مهام المسؤولية ( علماً بأن التقدم في السن ليس له معايير محددة، خاصةً بعد تسمية عضوٍ جديد في
الجبهة الوطنية التقدمية يزيد عمره عن أكبر عضوٍ في القيادة بعشر سنوات على الأقل) لذلك أصبحنا في وضعٍ غير مفهوم، و لا
يساعدنا على التنبؤ بالقرارات التي سوف يصدرها المؤتمر، و لا بمناقشة الحكومة و الحزب إلاّ بقدر التزامهما بدستور الحزب و
دستور الدولة و ميثاق الجبهة.
2) بناءً على ما تقدم .. و حيث أنني أحترم الدساتير الوطنية و الحزبية و المواثيق بغض النظر عن قناعاتي، وأقرُ سلفاً أنه ليس
من حقي أن أطالب مؤتمر الحزب بأمور تتعارض مع الدستور السوري و دستور الحزب ... و على سبيل المثال , فإن الحزب
باعتباره حزباً ثورياً .. و أن العديد من النصوص الدستورية تفرض علينا أن نكون في ثورة دائمة , و أن نعمل لحماية دستور
الحزب و مبادىء الثورة ، لذلك فإن سقف مطالبي يجب أن لا يتجاوز هذين الدستورين ( رغم أن السلطتين التشريعية و التنفيذية
قد تجاوزتهما، سامحهما الله، و على المؤتمر أن يحاسبهما على هذا التجاوز ) .. أقول: ( مبادىء الثورة ) رغم أنني لم أجد حتى

الآن مرجعاً لهذه المبادىء يكون معتمداً رسمياً من مؤتمرات الحزب , أو المأسوف على شبابه المجلس الوطني لقيادة الثورة.
3) حيث أن الركن الأساسي في دستور الحزب هو أن الحزب قومي المنهج و المبادىء لذلك فإن الهموم القطرية يجب أن تتم
معالجتها في ظل هذا الركن الأساسي .. و بالتالي لا مجال لترجيح الهم القطري على الهم القومي.
و بناءً على ذلك أريد من الحزبيين الذين انتسبوا إلى الحزب بعد استقرار ثورة الثامن من آذار عام 1963 و خاصةً إثر قيام
الحركة التصحيحية عام 1970: ( و يفترض أن أصغرهم عمراً قد تجاوز الخمسين) أن يطرحوا على القيادات المتعاقبة الأسئلة
التالية
"
ماذا فعلتم لتحقيق ما ورد في دستور الحزب الذي أقسمتم اليمين على النضال من أجل
تحقيق المبادىء الواردة فيه ؟؟
" ماذا فعلتم لتحقيق المبادىء الواردة في
الدستور السوري و مقدمته؟؟
" ماذا أنجزتم من الإلتزامات الواردة في ميثاق
الجبهة ؟
" ماذا قدمتم من أجل الأمة العربية ذات الرسالة الخالدة ؟؟
" ماذا
قدمتم من أجل الحرية ؟؟
" هل حصولكم على مناصب حكومية أو أهلية تطبيقاً لمبدأ
تفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة كان منتهى الأمل ؟؟
" هل في مخططاتكم الحد من
تهاوي الطبقات الإجتماعية - التي أفرزتكم - إلى مهاوي الفقر ؟؟
" ألم تدركوا
حتى الآن أن الزمن قد تغيّر، و أن الإبقاء على ما كان مقبولاً عام 1946 و عام 1973
هو من قبيل العناد و المكابرة
؟؟
" ألم تدركوا بأن صيغة الجبهة الوطنية
التقدمية لا تصلحُ وعاءً لإحتضان الوحدة الوطنية , حتى و لو ضُم إليها الإسلاميون و
العلمانيون و جميع أحزاب المعارضة في الداخل و الخارج ؟
" ألم تدركوا حتى
الآن بأن النصوص التي حُشرت في القوانين المتعلقة بالنقابات المهنية و قانون
العاملين الموحد ( و التي تلزم
كل موظف أو عامل أو محامي أو طبيب أو مهندس بأن
يكون مؤمناً بدستور الحزب، و ملزماً بتنفيذ مقررات مؤتمرات الحزب و
القيادة )
... لا تسمن و لا تغني من جوع، و أنها جملٌ إنشائيةٌ دعائية لا يمكن تطبيقها ,
لأنها تفرض على المواطن الحر
التزاماتٍ قد تتعارض مع قناعاته، و مع دستور الحزب
و دستور الدولة رغم أنها لا تتعلق بمهنته ؟؟
ماذا بعد ؟؟
و لكي أكون واضحاً و صريحاً - رغم أن الوضوح يدعو في بعض الأحيان إلى الإستفزاز، و رغم أن الصراحة لا تسرُّ من هم
في موقع القرار - سوف أرجوكم مخلصاً أن تعلنوا رأيكم بصراحة ببعض المبادىء التي وردت في دستور الحزب التي تحصنت
و أصبحت ملزمة لكل مواطن - و ليس لكم فقط - و ذلك بموجب الدستور السوري الصادر عام 1973 و العديد من القوانين
المتعلقة بالعاملين في الدولة و المنتسبين للمنظمات المهنية و الأهلية .. أقول : أرجوكم مخلصاً كي لا تبقى الأمور الأساسية التي
تهم الوطن و الأمة و المواطنين عرضة للتفسير و التأويل، و التطبيقات التبريرية، و الذرائعية.
و فيما يلي عرضاً لبعض المواد و المبادىء الواردة في الدستورين و ميثاق الجبهة , و بدون تعليق تاركاً لكم أمر إقرار مدى
ملاءمتها للقرن الحادي و العشرين و المستجدات المحلية و العربية و العالمية:
أولاً: بعض مواد دستور حزب البعث العربي الإشتراكي الصادر عام 1946:
آ- من مقدمة الدستور النسخة الصادرة عام 1976 المطبوعة عام 1982:
إن الدستور ( أي دستور البعث ) إضافة إلى المنطلقات النظرية و النظام الداخلي و مقررات مؤتمرات الحزب و أدبياته كافة
تشكل جميعها الذخيرة الفكرية و القومية الاشتراكية التي تغنى بالممارسة الثورية الحقة و النضال الدائب للجماهير التي اختارت
البعث درباً لكفاحها في سبيل أمتها العربية .. وحدتها و حريتها و اشتراكيتها .
ب - مبادئ أساسية - المبدأ الأول :
وحدة الأمة العربية و حريتها:
العربُ أمة واحدة لها حقها الطبيعي في أن تحيا في دولة واحدة، و أن تكون حرة في توجيه مقدراتها . و لهذا فإن حزب البعث
العربي الاشتراكي يعتبر:
1. الوطن العربي وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ و لا يمكن لأي قطر من الأقطار العربية أن يستكمل شروط حياته منعزلاً عن
الآخر.
2. الأمة العربية وحدة ثقافية، و جميع الفوارق القائمة بين أبنائها عرضية زائفة تزول جميعها بيقظة الوجدان العربي.
3. الوطن العربي للعرب، و لهم وحدهم حق التصرف بشؤونه و ثرواته و توجيه مقدراته.
ج - شخصية الأمة العربية - المبدأ الثاني:
و لهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر:
1. حرية الكلام و الاجتماع و الاعتقاد و الفن مقدسة لا يمكن لأي سلطة أن تنتقصها.
2. قيمة المواطنين تقدر - بعد منحهم فرصاً متكافئة - حسب العمل الذي يقومون به في سبيل تقدم الأمة العربية و ازدهارها دون
النظر إلى أي اعتبار آخر.
د- مبادىء عامة :
المادة 1- حزب البعث العربي الاشتراكي حزب عربي شامل تؤسس له فروع في سائر الأقطار العربية، و هو لا يعالج السياسة
القطرية إلاّ من وجهة نظر المصلحة العربية العليا.
المادة 2- مركز الحزب العام هو حالياً دمشق و يمكن أن ينقل إلى أية مدينة عربية أخرى إذا اقتضت ذلك المصلحة القومية.
المادة 3- حزب البعث العربي الاشتراكي قومي يؤمن بأن القومية حقيقة حية خالدة، و بأن الشعور القومي الواعي الذي يربط
الفرد بأمته ربطاً وثيقاً هو شعور مقدس، حافل بالقوى الخالقة، حافز على التضحية، باعث على الشعور بالمسؤولية، عامل على
توجيه إنسانية الفرد توجيهاً عملياً مجدياً. و الفكرة القومية التي يدعو إليها الحزب هي إرادة الشعب العربي أن يتحرر و يتوحد و
أن تعطى له فرصة تحقيق الشخصية العربية في التاريخ، و أن يتعاون مع سائر الأمم على كل ما يضمن للإنسانية سيرها القويم
إلى الخير و الرفاهية.
المادة 4 - حزب البعث العربي الاشتراكي اشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية لأنها النظام
الأمثل الذي يسمح للشعب العربي بتحقيق إمكاناته و تفتح عبقريته على أكمل وجه، فيضمن للأمة العربية نمواً مطرداً في إنتاجها
المعنوي و المادي و تآخياً وثيقاً بين أفرادها.
المادة 5 - حزب البعث العربي الاشتراكي شعبي يؤمن بأن السيادة هي ملك الشعب، و أنه وحده مصدر كل سلطة و قيادة، و أن
قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها عن إرادة الجماهير، كما أن قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها. لذلك يعتمد الحزب في
أداء رسالته على الشعب و يسعى للاتصال به اتصالاً وثيقاً و يعمل على رفع مستواه العقلي و الأخلاقي و الاقتصادي و الصحي
لكي يستطيع الشعور بشخصيته و ممارسة حقوقه في الحياة الفردية و القومية.
المادة 6 - حزب البعث العربي الاشتراكي انقلابي يؤمن بأن أهدافه الرئيسية في بعث القومية العربية و بناء الاشتراكية لا يمكن
أن تتم إلاّ عن طريق الانقلاب و النضال، و أن الاعتماد على التطور البطيء و الإكتفاء بالإصلاح الجزئي السطحي يهددان هذه
الأهداف بالفشل و الضياع.
المادة 7- الوطن العربي هو هذه البقعة من الأرض التي تسكنها الأمة العربية و التي تمتد ما بين جبال طوروس و جبال بشتكويه
و خليج البصرة و البحر العربي و جبال الحبشة و الصحراء الكبرى و المحيط الأطلسي و البحر الأبيض المتوسط.
المادة 10- العربي هو من كانت لغته العربية، و عاش في الأرض العربية أو تطلع إلى الحياة فيها، و آمن بانتسابه للأمة العربية.
المادة 11- يجلى عن الوطن العربي كل من دعا أو انضم إلى تكتل عنصري ضد العرب و كل من هاجر إلى الوطن العربي
لغاية استعمارية.
هـ - سياسة الحزب الداخلية:
المادة 15- الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين و انصهارهم في
بوتقة أمة واحدة، و تكافح سائر العصبيات المذهبية و الطائفية و القبلية و العرقية و الاقليمية.
المادة 17- يعمل الحزب على تعميم الروح الشعبية ( حكم الشعب ) و جعلها حقيقة حية في الحياة الفردية، و يسعى إلى وضع
دستور للدولة يكفل للمواطنين العرب المساواة المطلقة أمام القانون و التعبير بملء الحرية عن إرادتهم، و اختيار ممثليهم اختياراً
صادقاً و يهيئ لهم بذلك حياة حرة ضمن نطاق القوانين.
المادة 20- تمنح حقوق المواطنين كاملة لكل مواطن عاش في الأرض العربية و أخلص للوطن العربي و انفصل عن كل تكتل
عنصري.
و- سياسة الحزب الإقتصادية:
المادة 26- حزب البعث العربي الاشتراكي اشتراكي يؤمن بأن الثروة الاقتصادية في الوطن ملك للأمة.
المادة 27- إن التوزيع الراهن للثروات في الوطن العربي غير عادل و لذلك يعاد النظر في أمرها و توزع بين المواطنين توزيعاً
عادلاً.
المادة 30- تحدد الملكية الزراعية تحديداً يتناسب مع مقدرة المالك على الاستثمار الكامل دون استثمار جهد الآخرين تحت إشراف
الدولة ووفق برنامجها الاقتصادي العام.
المادة 31- تحدد الملكية الصناعية الصغيرة بما يتناسب مع المستوى الاقتصادي الذي يتمتع به بقية المواطنين في الدولة.
المادة 32- يشترك العمال في إدارة المعمل و يمنحون عدا أجورهم التي تحددها الدولة نصيباً من أرباح العمل تحدد الدولة نسبته.
المادة 33 - ملكية العقارات المبنية مباحة للمواطنين جميعاً على أن لا يحق لهم إيجارها و استثمارها على حساب الآخرين، و أن
تضمن الدولة حداً أدنى من التملك العقاري للمواطنين جميعاً.
المادة 36- تشرف الدولة إشرافاً مباشراً على التجارتين الداخلية و الخارجية لإلغاء الاستثمار بين المنتج و المستهلك و حمايتهما و
حماية الانتاج القومي من مزاحمة الانتاج الأجنبي و تأمين التوازن بين الصادر و الوارد.
ز - سياسة الحزب الإجتماعية:
ثقافة المجتمع:
المادة 41 -
البند الثاني: الدولة مسؤولة عن صيانة حرية القول و النشر و الاحتجاج و الصحافة , في حدود المصلحة القومية العربية العليا و
تقديم كل الوسائل و الامكانيات التي تحقق هذه الحرية.
البند الثالث: العمل الفكري من أقدس أنواع العمل و على الدولة أن تحمي المفكرين و العلماء و تشجعهم.
البند الرابع: فسح المجال - في حدود الفكرة القومية العربية - لتأسيس النوادي و تأليف الجمعيات و الأحزاب و منظمات الشباب
و مؤسسات السياحة و الاستفادة من السينما و الإذاعة و التلفزة و كل وسائل المدنية الحديثة في تعميم الثقافة القومية و ترفيه
الشعب
ح - تعديل الدستور:
مادة منفردة : لا تعدّل المبادىء الأساسية و العامة، و تعدّل بقية مواد الدستور بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الحزب بعد اقتراح يقدم
من اللجنة التنفيذية أو ربع أعضاء المجلس أو عشر أعضاء الهيئة العامة.
ثانياً: بعض مواد الدستور السوري:
1. جاء في مقدمة الدستور التي هي جزءٌ لا يتجزأ منه سنداً للمادة 150 من الدستور:
آ- (و في القطر العربي السوري واصلت جماهير شعبنا نضالها بعد الإستقلال استطاعت عبر مسيرة متصاعدة أن تحقق
انتصارها الكبير بتفجير ثورة الثامن من آذار عام 1963 بقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي، الذي جعل السلطة في خدمة
النضال لتحقيق بناء المجتمع العربي الإشتراكي الموحد..
لقد كان حزب البعث العربي الإشتراكي أول حركة في الوطن العربي أعطت الوحدة العربية محتواها الثوري الصحيح و ربطت
بين النضال القومي و النضال الإشتراكي , و مثلت إرادة الأمة العربية و تطلعاتها نحو مستقبل يربطها بماضيها المجيد. و يؤهلها
للقيام بدورها في انتصار قضية الحرية لكل الشعوب.
ب - ( و في ظل الحركة التصحيحية تحقق خطوة هامة على طريق تعزيز الوحدة الوطنية لجماهير شعبنا فقامت بقيادة حزب
البعث العربي الإشتراكي جبهة وطنية تقدمية متطورة الصيغ بما يلبي حاجات شعبنا و مصالحه و يتجه نحو توحيد أداة الثورة
العربية في تنظيم سياسي موحد ).
ج- ( إن هذا الدستور يستند إلى المنطلقات الرئيسية التالية:
1) إن الثورة العربية الشاملة ضرورة قائمة و مستمرة لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة و الحرية و الإشتراكية، و الثورة
في القطر العربي السوري هي جزء من الثورة العربية الشاملة, وسياستها في جميع المجالات تنبثق عن الإستراتيجية العامة
للثورة العربية.
2) إن جميع الإنجازات التي حققها أو يمكن أن يحققها أي قطر عربي في ظل واقع التجزئة تظل مقصرة عن بلوغ كامل أبعادها
و معرضة للتشوه و الإنتكاس ما لم تعززها و تصونها الوحدة العربية و كذلك فإن أي خطر يتعرض له أي قطر عربي من جانب
الإستعمار و الصهيونية , هو في الوقت نفسه , خطر يهدد الأمة العربية بأسرها.
3) ( إن السير باتجاه إقامة النظام الإشتراكي بالإضافة إلى أنه ضرورة منبعثة من حاجات المجتمع العربي فإنه ضرورة أساسية
لزجّ طاقات الجماهير العربية في معركتها ضد الصهيونية و الإمبريالية ).
2. جاء في الدستور:
آ- جاء في المادة 116 : ( يقسم رئيس مجلس الوزراء و نوابه و الوزراء و نوابهم أمام رئيس الجمهورية عند تشكيل كل وزارة
جديدة القسم الدستوري الوارد في المادة - 7 - ... الخ ) و الذي يؤديه رئيس الجمهورية أيضاً و كذلك أعضاء مجلس الشعب
سنداً للمادتين رقم 63 و رقم 90 من الدستور.
و نص القسم كما يلي:
( أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري الديمقراطي الشعبي , و أن أحترم الدستور و القوانين و أن أرعى
مصالح الشعب و سلامة الوطن و أن أعمل و أناضل لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة و الحرية و الإشتراكية).
ب- جاء في الفصل الثاني من الدستور تحت عنوان ( المبادىء الإقتصادية ) في المادة 13:
- ( الإقتصاد في الدولة اقتصاد اشتراكي مخطط، يهدف إلى القضاء على جميع أشكال الإستغلال ).
- ( يراعى التخطيط الإقتصادي في القطر تحقيق التكامل الإقتصادي في الوطن العربي).
ج- جاء في الفصل الثالث من الدستور تحت عنوان ( المبادىء التعليمية و الثقافية ):
المادة 21:
( يهدف نظام التعليم و الثقافة إلى إنشاء جيل عربي قومي اشتراكي علمي التفكير مرتبط بتاريخه و أرضه معتز بتراثه مشبع
بروح النضال من أجل تحقيق أهداف أمته في الوحدة و الحرية و الإشتراكية , و الإسهام في خدمة الإنسانية و تقدمها ).
د- جاء في المادة 23-1 :
( الثقافة القومية الإشتراكية أساس لبناء المجتمع العربي الإشتراكي الموحد ... الخ )
هـ- جاء في المادة /8/ (حزب البعث العربي الإشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع و الدولة و يقود جبهة وطنية تقدمية تعمل
على توحيد طاقات جماهير الشعب و وضعها في خدمة أهداف الأمة العربية) - (لاحظوا أن المجتمع يأتي قبل الدولة، خلافاً لما
هو شائع، و لاحظوا أيضاً أنه ليس من الضروري أن تتألف الجبهة من أحزاب حصراً).
ثالثاً: في الجبهة الوطنية التقدمية:
و للتزيّد أُدرج بعض الفقرات الواردة في النشرة الصادرة عن القيادة القومية و عنوانها (حول الجبهة الوطنية التقدمية) لأن ميثاق

الجبهة يعكس الفكر السياسي السائد، و آلية العمل السياسي داخل الدولة و هي :
أ‌. (و بالتالي، فقد بقي شعار: لقاء القوى التقدمية، و العمل لإقامة الجبهة الوطنية التقدمية، معطلاً، مجمداً، و لم يقترن بأية نتيجة
إيجابية هامة.
و إذا استعرضنا الظروف التي مرّ بها القطر العربي السوري بخاصة و الوطن العربي بعامة، فإننا نستطيع أن نتلمس آثار
الأجواء المضطربة و القلقة التي جعلت مثل هذا الشعار، أو غيره، دون أي محتوى جدي أو عملي، على الرغم من أن ظروف
قطرنا أو بعض أقطار وطننا العربي كانت تستدعي قيام هذه الجبهة التي يعد إنجازها عملاً نضالياً كبيراً بالنسبة إلى الشعب
العربي في مختلف أقطاره.)
ب‌. ( و بكلمات أخرى فقد برزت القوى الناصرية كجماعات و تنظيمات متعددة غير ثابتة فتارة كان ينقسم حتى التنظيم الواحد
إلى تنظيمات، و تارة كانت هذه التنظيمات تجمع نفسها و تتوحد كلها أو بعضها و تشكل تنظيماً جديداً، إلى أن استقر وضعها على
ما هو عليه الآن.
و مما لا شك فيه أن السلبيات التي توارثتها هذه التنظيمات و القوى، و التي تركت بصماتها الواضحة على العلاقات فيما بينها و
لا سيما ما كان منها بسبب العلاقات المضطربة بين حزب البعث العربي الإشتراكي من جهة و عبد الناصر من جهة أخرى و
التي كانت ظاهرة أحياناً و خفية أحياناً أخرى، قد تركت المجال واسعاً للصراعات التي كان من شأنها إعاقة حركة النضال
العربي، و ضعضعة مسيرته التحررية و الثورية.)
ج‌. الحزب الشيوعي السوري:
( و تعود نشأة هذا الحزب في القطر العربي السوري إلى ما قبل الإستقلال، و هو كغيره من الأحزاب الشيوعية يتبنى النظرية
الماركسية اللينينية و تغلب على تفكيره و سلوكه النزعة الأممية و الإبتعاد عن ايلاء فكرة القومية العربية الأهمية التي تتطلبها
ضرورات النضال الوطني و القومي في مجتمع يعاني من ظروف التجزئة و التخلف و الإستغلال، مما أوقعه في صدامات متتالية
مع دعاة الفكرة القومية و هم الكثرة الغالبة من شعبنا التي كان من الطبيعي أن تتبنى الإتجاهات القومية الإشتراكية، التي تعكس
إرادتها و تعبر عن طموحاتها في بناء المجتمع العربي الإشتراكي الموحد. و قد كان من نتيجة ذلك أن مرّ حزب البعث العربي

الإشتراكي الذي يتبنى الفكر القومي الإشتراكي كمنطلق لاستراتيجيته و نضاله منذ نشوئه في صراعات حادة مع الحزب الشيوعي
السوري تعود في أساسها إلى مواقف كلٍ من الحزبين من بعض القضايا العربية الأساسية و أبرزها: قضية القومية العربية و
الموقف منها. الوحدة العربية و النظرة إليها، و النضال من أجل تحقيقها، ثم الموقف من وحدة عام 1958 بين سوريا و مصر، و
انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961. و كذلك الموقف من ا لقوى و الفئات الإجتماعية المختلفة في القطر، و
تحالفه "أي الحزب الشيوعي" مع القوى البورجوازية و الرجعية الإنفصالية بعد نكسة الإنفصال.)
د‌. الإشتراكيون العرب:
( و يرجع معظمهم و خاصة القياديون منهم في أصولهم التنظيمية إلى حزب البعث العربي الإشتراكي الذي خرجوا منه، و لم
يلتزموا بخطه إثر انشقاقات و أزمات مرّ بها الحزب لأسباب متعددة، كان أبرزها وضع الحزب في فترة الإنفصال و المواقف
المختلفة التي اتخذتها المجموعات و العناصر التي انشقت عن الحزب أو خرجت منه. و كان من نتائج ذلك بروز الإتجاهات و
المواقف المتباينة التي عبرت عن نفسها بتجمعاتٍ و صيغٍ تنظيمية معينة تنضوي تحت لوائها قوى و عناصر متعددة، لم تكن
متفقة تماماً و ما لبثت أن برزت التناقضات و الإنشقاقات في صفوفها، حتى تشكل منها في النهاية تنظيم سمى نفسه بتنظيم ((
الإشتراكيين العرب)) الذي يتركز وجوده بخاصة في محافظة حماه و بعض المناطق الأخرى في القطر.)
هـ. ( اعتبار قيام جبهة وطنية تقدمية لا يتعارض مع مبدأ الحزب القائد و دوره في قيادة المجتمع و الدولة، كما جاء في مقررات

مؤتمرات الحزب و منطلقاته النظرية ((أن حزباً رئيسياً يقود جبهة من القوى السياسية تمارس السلطة الثورية لا يعني الإبتعاد

عن الديمقراطية)).
((أن مبدأ الحزب القائد أصبح أمراً تمليه الضرورة المرحلية لوجود سلطة مركزية ثابتة تقود عملية البناء الإشتراكي، كما أكدته
التجارب الثورية - الإشتراكية في العالم و بنوع خاص ظروف البلدان النامية)).
( من هنا يمكن القول أن قيام الجبهة الوطنية التقدمية على صعيد القطر، و قيام الجبهة القومية التقدمية على صعيد الوطن العربي،
يشكلان الأساس الراسخ، و الطريق الصحيح للعمل من أجل وحدة أداة الثورة، من أجل وحدة التنظيم السياسي، و تحقيق قيام
الحركة العربية الثورية الواحدة. و هذا بطبيعة الحال ما يعطي خطوة إقامة الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة الحزب على صعيد
القطر أهمية خاصة و ما يؤكد أيضاً صحة التوجه الذي يعمل الحزب لتحقيقه على الصعيد القومي، بإقامة الجبهة القومية التقدمية
التي تعتبر بحق أداة نضال للحاضر و المستقبل.)
( لقد كان منطلقنا بإقامة الجبهة، الإيمان الراسخ بوحدة نضال شعبنا و بوحدة مصيره، و بضرورة تحقيق وحدة أداته و وحدة
عمله، و قد نظرنا إليها على أنها الخطوة الأولى من نوعها في الوطن العربي و في العالم الثالث.
و كانت و لا تزال، تشكل طموحاً لنا، و كنا و ما نزال نحرص أن تكون عامل جذب و حفز لمزيد من النضال و العمل المشترك
لقوى شعبنا الخيرة. و هي و لا شك تشكل مطمحاً تسعى لتحقيقه كل القوى الوطنية التقدمية في أي قطر عربي، و في العديد من
بلدان العالم
******
أعودُ من حيث بدأتُ مقالتي هذه، لأقولَ للأصدقاء جميعاً و من في حكمهم.... هذه هي الثوابت التي ليس من حق أي مواطن
التعرض لها، و بعضها أبديٌ لا يجوز لأحد تعديله كما يفهم من المادة المنفردة و الأخيرة من دستور الحزب , إذ منعت هذه المادة
تعديل المبادئ الأساسية و العامة التي تشكل أكثر من نصف دستور الحزب... بحيث يفهمُ القارئ أن جميع مؤتمرات الحزب
القومية و القطرية لا تمتلك الحق بتعديلها.
لذلك تبقى أسئلة كبيرة و عديدة قائمة و في مقدمتها:
- ما هو الحل؟
- و إلى أين؟
- و هل الدولة ملزمة بمبادئ وُضعت قبل ثمانية و خمسين عاماً وفق منطق الأربعينيات لمواجهة الفكر الديني السلفي و الفكر
الأممي و الأحزاب ذات النمط الفاشي الذي كان سائداً في ذلك الوقت؟
- و هل المناخ الذي كان سائداً إثر الجلاء عن سوريا عام 1946 و الذي أفرز تيارات و أحزاب سياسية لا زال كما هو حتى
الآن؟
- أي هل الدولة ملزمة بتبني نهجٍ عقائدي رسمه شبانٌ وطنيون قوميون، و صاغوه ليعبّر عن وجهة نظر حزب معارض تأسس
قبل ستين عاماً؟
- هل تمسُكنا بالمبادئ و المواثيق و النصوص الدستورية يمنعُنا من مراجعتها في ضوء المستجدات المحلية و العربية و العالمية؟
- هل من حقنا رسم خططٍ إقتصادية و ثقافية و تربوية و توقيع معاهدات تتعارض مع الدساتير و المواثيق؟
*****
هذه هي النصوص التي تحكم حياتنا السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ... قد يكون من السهل فهمها كبرنامج حزبٍ لا يحكم ,
و له تطلعات تعكس رأي شريحة مهمة من المواطنين ... لكن يصعب فهمها كنصوص تحكم القرارات السياسية و الإقتصادية و
الإجتماعية لدولة قائمة لها وزاراتها و مؤسساتها و مجلس وزرائها و مجلسها التشريعي.
من الصعب ترجمة جميع الأفكار النظرية إلى قوانين و مراسيم و قرارات إدارية و سياسية و إقتصادية...
من الصعب تكبيل الحكام و المحكومين و المشرّعين و الإعلام بقواعد ثابتة إلى قيام الساعة ... لأن القواعد تتبدل و تتغير حسب
المستجدات , خاصة بعد أن سيطرت العولمة و تمددت على حساب الخصوصيات و هي مستمرة في جموحها و هيمنتها على
القرارات الوطنية و القومية.
أنا واثق بأن جيلاً من البعثيين يدرك مقاصدي و يرغب في إعادة صياغة نصوصٍ لم يعد لها إلا قيمة تاريخية ... و أن إدراكه
هذا لا يمس بحال من الأحوال مصلحة الوطن و الدول الناطقة باللغة العربية و التي تنتمي إلى الحضارات التي شهدتها المنطقة و
توّجتها و صهرتها حضارتنا العربية.
لذلك:
ما هو الحل؟
و إلى أين؟
و إلى أن أحصل كمواطن على جوابٍ أقول:
ماذا يريد المؤتمر القطري العاشر من المواطنين؟؟
ماذا يريد منهم بعد أن حاصرهم بنصوص مقدسة لا يمتلكون سلطة تفسيرها أو تأويلها أو الخروج عنها ؟
لماذا لا نترك هموم الوطن لمجلس نواب يتم انتخابه من المواطنين وفق دستورٍ معدّل و وفق قانون انتخابات يضمن تمثيل جميع المواطنين دون تدخلٍ من السلطة التنفيذية؟ و نترك لمؤتمرات الحزب معالجة شؤون الحزب العقائدية و التنظيمية؟