الخميس، يوليو ٢١، ٢٠٠٥

حوار هام وشامل مع المهندس محمد ناجي عطري :رئيس مجلس الوزراء

حاورته في دمشق هدى العبود : عن صحيفة الأنباء الكويتية 20/7/2005

ـ الوحدة الوطنية سمة أساسية وهي قوية ولا سيما في هذه المرحلة.
ـ الأحداث أثبتت أن هناك إجماعاً وطنياً على قيادة بشار الأسد.
ـ الفريق الحكومي الحالي كفوء ويعمل بجد.
ـ الخطة التنموية العاشرة ستكون نقلة نوعية.
ـ الإصلاح قادم، واقتصاد السوق الاجتماعي ليبس بدعة من عندنا...
ـ الإعلام السوري يحتاج إلى قراءة جديدة تخلصه من أعبائه.
ـ إعلامنا المحلي يجتزئ المعلومة ويبحث عن السلبية.
ـ أرتاح في جلستي مع الإعلام العربي أكثر من الإعلام المحلي.
ـ المعارضة إيجابية، لأنها لم ترتهن للخارج لكنها لا تمتلك برامج...
ـ الأكراد جزء أساسي من النسيج السوري وهم مواطنون أصلاء.
ـ المغتربون السوريون سفراء وطنهم.
ـ أبواب سورية مفتوحة للأشقاء العرب وللمغتربين السوريين للاستثمار في ربوعها.
ـ لا تستطيع سوريا إلا أن تكون موئل العرب كلهم، وهي الدولة الوحيدة التي يدخلها العربي دون تأشيرة دخول.
ـ لبنان خاصرة سورية، والتدخلات الخارجية تريد أن تضعف هذا القطر الشقيق.
ـ العراق ولبنان بلدان شقيقان توأمان ومعاناتهما تؤثر على بلدنا.
ـ الأشقاء العراقيون أكدوا أن سورية تبذل أقصى ما تستطيع.... وسفيرنا في العراق سيصل بغداد في القريب العاجل.
ـ القرار العربي ـ لا أقول موجهاً من الخارج ـ لكنه لم يعد خالصاً مئة بالمئة.
ـ تركيا جارة وصديقة وتعاوننا ممتاز وأثار حفيظة الإدارة الأمريكية.
ـ نحن أول من عانى من الإرهاب، وحاربه، فلماذا يتهموننا برعايته ؟
ـ لو أفصح صدام حسين وتحدث بصدق لفضح الإدارة الأمريكية.
ـ الإدارة الأمريكية ترى العرب بنظارة إسرائيلية.
ـ التاريخ بدأ يرسم مرتسمات جديدة، وأوروبا والشعب الأمريكي اكتشفتا الحقيقة
.

سيادة رئيس مجلس الوزراء: سنبدأ حوارنا بسؤال عن التغيير...سواء على صعيد الحكومة أو على صعيد الحياة العامة في البلد ؟
التغيير للأفضل مطلب أساسي في الحياة الإنسانية، وهذه رغبة دفينة في النفس الإنسانية، ولكن للأمانة الطاقم الوزاري الحالي يعمل كل ما بوسعه ويبذل جهوده لإنجاز المهام الموكله له؛ وأنا أسميها كفاءة عالية وطموحات كبيرة وهذه الطموحات والتطلعات علينا أن نسعى لترجمتها إلى وقائع يعيشها الوطن والمواطن. ونحن كحكومة مطالبون بتحقيقها خاصة بعد انتهاء أعمال المؤتمر القطري العاشر للحزب، والتوصيات التي صدرت عنه تشكل نقطة تحول كبير في توجه سورية في المرحلة القادمة ولا سيما لجهة اندماج سورية في الاقتصاد العالمي. وتحديد هوية نظام الاقتصاد السوري والرؤية المستقبلية ثم اعتماد مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي.
على ذكر اقتصاد السوق الاجتماعي، هذا مصطلح بدأتم تداوله بعد المؤتمر العاشر لحزب البعث ماذا تعنون به ؟
الحقيقة هذا التعريف ليس ابتكاراً من عندنا، إذ أخذنا التجارب في العالم خاصة التحول الذي جرى في كثير من الدول كألمانيا والدول الاسكندنافية وغيرها وحتى الانتخابات الأخيرة في الاتحاد الأوربي كان الحوار يتركز حول تأثير اقتصاد السوق على الطبقات المتوسطة
وإن رفض الدستور الأوروبي من قبل العديد من شعوب أوروبا سببه هو الحفاظ على المكاسب الاجتماعية إذاً هذا التوجه هو توجه سليم ضمن إطاره وهذه هي المهمة الرئيسية التي تقوم بتنفيذها الحكومة وفق برامج وأولويات طموحاتنا كبيرة ونجد الكثير من القطاعات التنموية تأخذ الرقم واحد، بمعنى أنها في مقدمة سلم الأولويات.
نحن في الحكومة ندرك أن ترجمة هذه الطموحات على أرض الواقع تتطلب موارد بشرية قادرة على تحقيق هذه التوجهات ولذلك نعمل على بناء الأطر التي تستطيع أن تحقق هذه التطلعات والأهداف والمتطلبات.
ومن هنا فإننا نولي موضوع الشفافية المطلقة أمام المواطن العادي كما أمام المستثمرين اهتماماً أقصى وهذا الطريق هو طريق الوعي. وهو الذي سيؤدي إلى الصدقية في المعالجة كما في الإنجاز.
فالشفافية مع تأمين الأمن والاستقرار هي إحدى المهام الأساسية التي تعمل الحكومة عليها وأنا أسميها المناخ العام.
فعندما يشعر المستثمر أن المناخ العام مريح سوف يتقدم بمشاريع عمل في سورية وبتقديري كمواطن، من خلال رؤيتي للبنية التحتية القائمة في سورية والتي هي مهيأة ربما ليس بالشكل الذي نطمح له، وهناك مقولة حول البنية التحتية ليس كما يقولون كما أنه ليس كما نرغب لأننا نعطيها صفة النقد غير الموضوعي أكثر من صفة التحليل غير الواقعي في هذا البلد. النقد الداخلي والنقد الخارجي أبعادهما معروفة.
النقد الداخلي وتوجهه.
هل تؤمنون بدور للمعارضة وما رأيكم بها ؟
نعم... لدينا معارضة، هذه المعارضة الموجودة أنا أسميها معارضة إيجابية لسبب واحد هام وأساسي هو أنها لم ترهن قرارها إلى الخارج، نحن مستعدون لسماع آرائهم، ونحن نقول لهم هذه برامجنا وأعطونا برامجكم، لكن للأسف المعارضة القائمة الآن يجب الاعتراف بأنها لا تحمل برامج تنموية، ولا تحمل رؤية للمستقبل بل تحمل رؤية عامة.
تحديات التنمية
ودائما أنا أشبه التحديات التي تواجهها سورية برؤوس المثلث الثلاثة:
التحدي الأول هو السلام العادل والشامل وتحرير الأرض.
والتحدي الثاني هو التنمية.
والتحدي الثالث هو تعزيز المسيرة الديمقراطية ومن هنا فإننا نجد أن العلاقة طردية وتجاذبية بين كل نقطة من نقاط رؤوس المثلث.
إن إقامة السلام العادل والشامل وتحرير الأراضي المحتلة سوف يساعد في بدء مسيرة التنمية والتأخر في تحقيق هذا الهدف يحمل بلدنا أعباء ويؤخر كثيراً مسيرة التنمية لأن الدفاع الوطني يتطلب تأمين مستلزماته.
من هنا يأتي موضوع الضغوط المقصود منها وضع عراقيل أمام مسيرة التنمية في سورية، والضغوط الأميركية التي هي جزء من الأعباء المعيقة لمسيرة التنمية كانت أكثر من ملحوظة في هذا المجال.
سورية في الحقيقة منفتحة، وأنا أقول هذا بتجرد ليس لكوني رئيساً لمجلس الوزراء بل لأنني مواطن أولاً ولأنني عشت ظروف الثمانينات الصعبة والتسعينات ثم الظروف الحالية التي نعيش فيها.
منطق .....ومنطق
نحن منفتحون عبر سياسة الحوار والحوار المستمر مع كافة الأطراف بما فيها الطرف الأمريكي. هناك منطقان هما بين قوة المنطق ومنطق القوة الآن قوة المنطق هو ما نتمسك به في سورية من حقوق ومستلزمات وواجبات والتي علينا وعلى الآخرين أن نتناقش حولها في إطار الشرعية. في كل ما يتعلق بالعلاقات الدولية لكننا نراهم وللأسف مرة ثانية يتمسكون بمنطق القوة...هنا يبرز التعارض بين هذين المنطقين. فمنطق القوة هو السائد في العلاقات الدولية وهذا ينعكس على سورية سلباً وبشكل مباشر لأن المستفيد الأول والرئيس منه هو إسرائيل.
إذا رددنا هذه المقولة....يتهموننا بأننا ننحو باتجاه نظرية المؤامرة لكن ما نشهده ونلمسه هو الحقيقة الواقعة.
فعندما يصرح وزير خارجية إسرائيل سيلفان شالوم قائلاً: القار 1559 أنا صنعته والذي هو حالياً مسار الحوار والنقاش ماذا يعني هذا ؟
ماذا يعني ؟
القرار يتضمن ثلاثة بنود هي:
ـ عودة القوات السورية العاملة في لبنان.
ـ نزع سلاح " المقاومة "
- والتوطين....
لقد عادت القوات السورية إلى داخل الحدود، لكن ماذا عن البندين الآخرين ؟
التوطين هو التحدي الكبير للقرار 1559 لأنه يحقق مصلحة إسرائيل وحدها، إنه صدر فقط لضمان أمن إسرائيل، فأين حق العودة للفلسطينيين ؟
من خلال الوقائع وتحليل الأمور نجد أن هناك 500 ألف فلسطيني في لبنان و500 ألف فلسطيني في سورية وإذا بدأوا في لبنان بإيجاد وسيلة معينة لتوطين الفلسطينيين
فإن الصراع في المنطقة سيكون حول على هذه النقطة وهي الهدف الأخير.
ثم إن نزع سلاح المقاومة يجعل لبنان أرضاً مفتوحة للموساد الإسرائيلي ليزرع ويلعب كيفما يشاء، فما مصلحة لبنان في ذلك ؟! .
إضافة على أنه يهدد الأمن القومي في سورية الذي هو النقطة الرئيسية بالنسبة لنا.
العلاقات السورية اللبنانية علاقات حميمة وصحيحة وليست طارئة أو مؤقتة. هناك علاقة تاريخية منذ أن خُلِقت سورية وخُلِق لبنان وهي متميزة ومتجذرة، والسيد الرئيس بشار الأسد أشار في خطابه أمام مجلس الشعب أنه حصلت هناك أخطاء من قبل البعض لكن هذا لا يمكن أن يفك لحمة العلاقة بين البلدين الشقيقين، من هنا جاءت العلاقة المتميزة والمتينة، الآن تجري المحاولات لفصل هذه العلاقة وتخريب وزعزعة الاستقرار في لبنان عبر مخططات تدويل لبنان وتطويق القرار السياسي الوطني اللبناني من قبل القوى الأجنبية " السفير الفرنسي، السفير الأمريكي ". هما من أدارا معركة الانتخابات الأخيرة في لبنان وهذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع...إنها ليست سراً، كل الصحف، وكل المراقبين لاحظوا ذلك وتحدثوا عنه.
ما هي النتائج ؟
نحن نتمنى للبنان الشقيق كل الخير والسلامة وأن يعم الاستقرار وأن يعود لبنان معافى وأن يسير على الطريق التي اختارها الشعب اللبناني وألا يمر على لبنان ما يمر الآن على العراق
الشأن العراقي
ماذا عن العلاقات مع العراق ؟
العلاقة بيننا وبين الأشقاء العراقيين علاقات ممتازة وهناك اتصالات بيننا وهناك زيارة قادمة للرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري وقد تحادثنا عبر الهاتف وما طلبه الأشقاء العراقيون قدمناه ولا يوجد مشكلة بيننا وبينهم.
قدمنا منذ شهر نحن نناقش مع أشقائنا العراقيين لأن الإدارة الأمريكية هي إدارة احتلال على أرض العراق وكل ما يبحث بيننا تتحقق نتائجه فوراً، ماذا يريدون أكثر ؟ زودناهم بالمياه بكميات إضافية خلال فترة التحاريق لتشغيل المحطات الكهربائية كان عندنا وزير الري والكهرباء في العراق، وبعد أن خرج من سورية بعد 24 ساعة وصلت الكهرباء للموصل وزودناهم بكميات من المياه زيادة عن الكميات التي طلبوها لتشغيل محطاتها الكهربائية.
هذا كله لمصلحة الشعب العراقي.... فسورية تقدم كل إمكانياتها إضافة إلى مساعدات أخرى إنسانية لست في مجال ذكرها، وهي كثيرة ومنها القمح السوري " 400 ألف طن للعراق السنة الماضية بموجب صفقات شراء "، حركة الترانزيت تسير بشكل نظامي، ونقدم كل إمكانية لتثبيت صمود الشعب العراقي على أرضه في الوقت الذي كان هنالك الكثير من المحاولات لعرقله هذه العلاقات خلال الفترة الماضية.
علاقات ديبلوماسية
الآن نعمل معاً من أجل علاقات ديبلوماسية بين البلدين، فهناك افتتاح سفارات قريباً. والبعثة السورية ذهبت إلى العراق، وهناك افتتاح سفارة سورية في بغداد وكما علمنا سيكون أيضاً وقريباً جداً سفير عراقي في سورية، وتعود الأمور إلى مجاريها الطبيعية.
ما يثار بأن المتسللين يدخلون العراق عبر سورية هذا يأتي ضمن الضغوط التي تمارس على سورية. السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير قال أي إجراء ستقوم به سورية سيقولون ليس كافياً
سياسة الخطوة خطوة في ممارسة الضغوط على سورية يجري في إطار السياسة الأمريكية لممارسة الضغوط على سورية وبقدر ما نكون إيجابيين بقدر ما تفسر هذه الإيجابية بأنها ضعف وهي ليست كذلك.
نحن نستطيع أن نقول إننا فخورون بأننا متمسكون بالثوابت في الوقت الذي تخلى فيه الآخرون - ولن أسمي في هذا المجال أحداً - عن الثوابت القومية والوطنية.
شجون وأحلام
ومن المؤكد أن هذا الموضوع يثير البعض ويقول إن سورية تتخذ مواقف متصلبة. في الحقيقة نحن لسنا متصلبين إطلاقاً.... ونحن ندافع عن حقوقنا بالمنطق والحوار وبالحد الأدنى الذي نستطيع به أن نحافظ على ما تبقى من الكرامة العربية التي هدرت.
والمواطن العربي يشعر بالألم لحالة الأمة العربية الآن ومن الفرقة والتمزق وأظن أن هذا ملحوظ من خلال المؤتمرات. هم يعملون من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، والمخططون يعملون على قاعدة " فرق تسد " وهذه قاعدة استعمارية قديمة.
الآمال العريضة التي كنا نحلم بها بمرحلة شبابنا
في الوحدة العربية الآن انتقلت من الآمال إلى الأحلام وأصبحت تهمة في هذه الأمور وهذا أسميه الشجون.
لا زال الشعب العربي في سورية يحمل هموم الأمة العربية وسيبقى كذلك.
نحن نعتز اعتزازاً كاملاً بالوحدة الوطنية في سورية التي هي سمة أساسية من سمات هذا البلد ولله الحمد، وقد أثبتت هذه اللحمة الوطنية قوتها في جميع المراحل ولا سيما في هذه المرحلة وفي كل المناسبات من خلال التفاف جماهير شعبنا ف سورية حول قيادة الرئيس الشاب بشار الأسد.
وبحكم قربي من السيد الرئيس بشار الأسد كوني رئيساً لمجلس الوزراء جعلني أتعرف عن كثب عما يتميز به السيد الرئيس من نبل وإخلاص ومن مشاعر صادقة وما يتخذه من قرارات وما يوجه به لخدمه أبناء شعبنا وتمسكه بالثوابت الوطنية والقومية وتمثيله لروح الشباب الرافض للخنوع وإيماناً منه بطاقات الأمة العربية الكبيرة وبضرورة توظيفها لمصلحة هذه الأمة ولسوريا...فإن هناك أجماعاً شعبياً وظنياً على قيادته لأنها تمثل إرادة الأمة وأنت تعرفين أنه بسبب ما مر على الوطن العربي من ظروف أننا انتقلنا من مرحلة الأمل بالوحدة التي هي إيمان راسخ لدينا في سورية إلى مرحلة محاولة الحفاظ على التضامن العربي الذي هو الحد الأدنى ومن خلال هذا التضامن العربي هذا الموضوع ولدت اتفاقية التجارة الحرة العربية القائمة على أساس المصالح المشتركة بين الدول العربية والتي أصبحت الآن حقيقة واقعة اعتباراً من 1/1/2005 حيث تم تطبيق هذه الاتفاقية وأصبحت البلاد العربية كلها الآن مفتوحة كلياً للبضائع والمنتجات العربية.
هناك نقطة أريد أن أثيرها، حدودنا مفتوحة أمام المواطنين العرب، أي مواطن عربي يدخل بدون أي إشكال، هذه الإجراءات الوحدوية التي قامت بها سورية قد تكون أثارت بعض المشاكل التي تتعلق بالأمن الوطني لكن هذا القرار ليس جديدا وهو أن سورية موئل لكل العرب، وهنا أؤكد أنه قد يكون القصد من وراء هذه الضغوط أن تعود سورية عن توجهها الوطني والقومي أو تعود للانكفاء بعملية الفعل ورد الفعل بسبب من التوجهات، أو الاتهامات التي يوجهها البعض.
والآن مسموح لكل مواطن عربي أن يتملك في سورية في حين أنه في العديد من الدول العربية هذا الوضع غير متاح إلا بشروط، وهذه التوجهات المفتوحة أمام الأشقاء العرب في سورية قد تكون من بين الأسباب التي تدفع الآخرين لممارسة هذه الضغوط علينا.
لكن سورية ستبقى كما عهدها أبناء الأمة العربية، بلداً منفتحاً على أشقائه العرب، ولن نتبع، كما الآخرين، سياسات ضيقة الأفق، ولن أضرب أمثلة لأنها معروفة.
لماذا كل هذا الإصرار على الهوية القومية ؟
هذه هي كينونة سورية وطبيعتها عبر التاريخ، والوطن العربي كله يشهد على ذلك ويعرفه...وكما قلنا آنفاً هذا يعرض سورية لتداعيات كثيرة على بدءاً من النظرة الخارجية إلى المواطن نفسه. فعلى سبيل المثال سورية تفتح أبوابها أمام جميع الأشقاء العرب من صوماليين وعراقيين وغيرهم، هؤلاء يزاحمون المواطن في المسكن والمأكل والملبس. وهذه الآلية تؤثر على سورية في الداخل... الآن يوجد حوالي 500 ألف عراقي يعيشون في المدن السورية وإذا كان هذا الرقم دقيقاً فإنه يعني أنهم يشاركون الشعب السوري كل الموارد وكل الحياة الاقتصادية، وفي كل شيء.
إزاء هذا الوضع الذي تتفهمه الدولة... فإن الحكومة تتبع سياسة وطنية اقتصادية نسميها " سياسة الدعم " وهي إحدى السياسات الوطنية بحيث تدرس الحكومة كيفية إيصال هذا الدعم لمن يستحقونه.
وهذا التوجه يأتي ضمن مقررات وتوصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب حيث تم تكليف الحكومة بإيصال الدعم لمن تراهم يستحقونه.
من هم مستحقو الدعم ؟
مطلوب أن تجيب الحكومة على هذا السؤال بشكل واضح. فلدينا حوالي مليون ومائتي ألف عامل في الدولة، إضافة إلى أربعمائة ألف متقاعد، وأربعمائة ألف هم عناصر القوات المسلحة وكل هؤلاء مرتبط أجرهم بالدولة.
إذا أخذنا متوسطاً حسابياً لهؤلاء من خلال عدد أفراد الأسرة نجد أن حوالي 60 % من سكان سورية هم مرتبطون بشكل مباشر بالدولة بأجورهم وبحياتهم.
نسبة الـ 40 % الباقية هم عمال زراعة وعمال خدمات وقطاعات حرة ولكن تظل هذه الشريحة أيضاً في مصب اهتماماتنا على ألا تتأثر بأي تأثيرات اقتصادية جديدة على هذا الموضوع....
خذي مثلا القطاع العام الاقتصادي لدينا ثلاث فئات: لدينا منشآت متوازنة رابحة، ومنشآت تحتاج إلى إعادة تأهيل، ولدينا منشآت حسبنا الله ونعم الوكيل (!!).
لدينا نقاط قوة في الاقتصاد السوري أهمها أن المديونية الخارجية هي الصفر وأنتم تدركون ماذا يعني هذا.
عندما أرى بعض الدول العربية وهي مثقلة بالديون الخارجية هذا يعني أن شعوبها ستتحمل أعباء كبيرة, هذه النقطة تجسد نقطة قوة في الاقتصاد السوري.
النفط السوري كان أحد الموازين الأساسية وأحد مصادر التمويل للموازنة، لكن المؤشرات تقول إن النفط سيؤول للانخفاض نتيجة الاستنزاف الذي تم خلال الفترات السابقة، علي أن أبحث عن بدائل والحكومة ستبحث ... ولا بد أن تبحث عن بدائل,
وهذه البدائل موجودة في الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وفي اعتقادي أن الحكومة تستطيع أن توازن هذا النقص
التحدي الثاني: هو أن يكون هناك مواءمة بين النمو الاقتصادي والنمو السكاني.
عندما أقول إن الناتج المحلي الإجمالي هو واحد وعشرون أو اثنان وعشرون مليار دولار، ومتطلبات التنمية الآن نسبة النمو في الناتج المحلي 3.3 تقريباً ونسبة النمو السكاني 2.4 "سابقاً كنا أكثر" لكن نتيجة التوعية بدأ الانخفاض في المعدل السكاني، توجُّهنا ضمن السياسة السكانية أن نصل خلال عشر سنوات قادمة إلى 2% ثم إلى 1.5%.
مثال: أشقاؤنا في تونس طبقوا سياسة سكانية..عام 1963 كان عدد سكان تونس بقدر عدد سكان سورية، الآن تونس 10 مليون نسمة نتيجة تطبيق سياسات سكانية محكمة، نحن عددنا 18 مليوناً وبالتالي يكون الفارق بين توزيع الدخل القومي على 18 مليون أو على 10 ملايين وهذا هو السبب الفارق بيننا وبين تونس.
إذاً مشكلة السكان تشكل تحدياً أمامنا في المرحلة القادمة.
عندما أقول إنني سأحقق أو أطمح لتحقيق نسبة نمو تعادل 7% يعني أنني أريد استثمارات سنوية في سورية حوالي 300مليار ل.س أي حوالي 5 ـ 6 مليار دولار سنوياً لمدة خمس سنوات .
أي البدء باستثمارات بحوالي 6 مليار دولار سنوياً.
وفي عام 2004المجلس الأعلى للاستثمار شمَّل مشاريع استثمارية بحوالي 4 مليار دولار، إذاً فتح باب مجالات الاستثمار أمام القطاع الخاص الوطني والعربي والأجنبي لا بد أن يزيد.
هذا العام... وحتى الشهر السادس شمَّلنا مشاريع بحوالي 120 مليار ليرة سورية تقريباً.
إذاً نحن نسير في الطريق الصحيح وهذا يحتاج إلى مناخ مريح والى الأمن والاستقرار وهذا ولله الحمد متوافر وهذا ما نعتز به فيه سورية وهي دولة تحمل الرقم 10 على مستوى العالم
بقي جانب الأمن الاقتصادي (المصرفي والمالي)
الآن المصارف الخاصة: هناك ستة مصارف خاصة، ثلاثة باشرت أعمالها، وثلاثة ستباشر قريباً جداً.
وهناك طلبات للمصارف الإسلامية لأن هناك فعاليات اقتصادية ترمن بالتعامل عبرها.
هناك شرائح لا تضع مدخراتها في المصارف العادية... بل في أوعية أخرى.
الآن توجهنا هذا الاتجاه وهناك استجابة حركنا الفوائد على الإيداعات طويلة الأجل والقصيرة ضغطنا عليها حتى يستطيع مجلس النقد والتسليف وضع السياسة المناسبة وفق الأطر التي يرتئيها،
الإيداعات الخارجية أيضاً حركناها.
وهناك سياسة مفتوحة لأول مرة في سورية لتمويل المستوردات السورية عبر المصرف المركزي بالقطع السوري، أقصد أن الصناعيين السوريين لتأمين مستورداتهم من المواد الأولية في الإنتاج يتقدمون إلى المصرف المركزي، وهذا يفتح الاعتمادات لذلك مباشرة، هذا أعطانا إمكانية السيطرة على السوق وتثبيت سعر صرف الليرة السورية وصار الفرق بين سعر السوق السوداء والسوق الرسمي عبارة عن قروش بسيطة.
ومنه فإن المواطن لن يلجأ إلى السوق السوداء.
أعود للشفافية والمناخ المفتوح، هذا أعطى نوعاً من الثقة المتبادلة بين المواطن والحكومة في تأمين متطلباته اللازمة ونحن نعمل جهدنا على تكريس هذه المصداقية.
نحن الدولة العربية الوحيدة التي دخلت تجربة التشاركية في صناعة القرار, ما معنى هذا التعبير هل هو شعار ؟ أقول: لا ليس مجرد شعار.
المراسيم التي تدرس من قبل الحكومة الآن قبل إرسالها إلى مجلس الشعب أو إرسالها إلى السيد رئيس الجمهورية ننشرها ضمن وسائل الإعلام وعلى الإنترنيت وتأتي الملاحظات من قبل المواطنين على موقع رئاسة مجلس الوزراء.
ولدينا فريق متخصص يحلل كل هذه الملاحظات التي جاءتنا، هذا الشيء أسميه نقلة نوعية في صوابية القرار، من قبل كانت تصدر المراسيم بدون معرفة المواطن.
نحن نعلن للمواطنين أننا عازمون على إصدار مراسيم معينة وهي تتضمن المواد كذا وكذا وكذا ثم تأتينا الآراء من المواطنين المهتمين، فتحللها اللجنة. هذه التجربة عمرها شهران وأسميها " وليدة " وأنا متفائل بها
هل تأخذ اللجنة بآراء المواطنين حقيقة ؟!
طبعاً، حتى المغتربين أعطونا آراءهم ومداخلاتهم وهذه ممارسة عملية للديمقراطية من خلال مشاركة الآخرين، هذه تجربة سنكرسها إن شاء الله وهي اتبعت حقيقة بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد الذي يقول لنا دائماً: أشركوا قطاعات الشعب في عملية صناعة القرار.
الإصلاح السياسي
هناك من يقول: إن سوريا بحاجة لعملية الإصلاح السياسي الشامل، وأنه لن يكون هناك تنمية بدون هذا الإصلاح.....بمَ تردون على هذا الطرح ؟؟
بالنسبة للإصلاح هناك رأيان:
الأول: الإصلاح الاقتصادي عندما ينجز تكون الممارسة الديمقراطية نتيجة "مثل أوربا" اقتصاد قوي... الناس مرتاحة نسبياً، عندها تستطيع أن تمارس العلمية الديمقراطية بروح أكثر انفتاحاً.
الرأي الآخر يقول نحن نريد أولاً الإصلاح السياسي.
إحدى توصيات المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث نصت على استصدار قانون للأحزاب، ونحن الآن ندرس مشروع هذا القانون بدأب وهذا سيكون متاحاً وسيصدر في القريب العاجل.
المعارضة والتعددية
أما بالنسبة للتعددية السياسية فهي قائمة في سورية منذ ثلاثة عقود، لكن الآخرين يذهبون إلى أكثر منها، إنهم يقولون إن تجربة الجبهة الوطنية التقدمية ليست كافية. !!
دولة الرئيس: هل ستشركون المعارضة معكم في المسؤولية الوطنية ؟
أريد أن أتوقف عند كلمة المعارضة، نحن لدينا ثوابت وأي حزب يؤمن بهذه الثوابت الوطنية والقومية وينضوي تحتها فأهلاً وسهلاً به والثوابت هي لا عرقية لا مناطقية لا طائفية لا دينية... كل ما يمزق وحدة المجتمع أو يسيء إليها هو غير مقبول وضمن هذه الثوابت الوطنية والقومية التي ذكرتها نحن نرحب بكل جهد وكل رأي وكل فصيل.
الغاية أن تكون كل الأحزاب متفقة على برامج وطنية وعلى رؤية وطنية تجمع هذه الأحزاب
الاختلاف ظاهرة صحية فيما يتعلق بالخطط والبرامج والأولويات.
المرحلة القادمة ستشهد فيما يتعلق بالإصلاح السياسي صدور مجموعة من القرارات ستأخذ بمجرد صدورها طريقها إلى التنفيذ.
وأنا أعتقد أنها ستعيد الألق للحياة السياسية السورية بالشكل المطلوب.
الأحزاب والإعلام
ماذا بعد قانون الأحزاب ؟ هل هناك تفكير لإصلاح سياسي أكبر، أقصد لتوسيع قاعدة المشاركة ؟!
بعض المواد في الدستور الدائم المعمول به حالياً تحتاج إلى إعادة قراءة؛ قانون المطبوعات أيضاً، موضوع الإعلام هام وأساسي وقد أخذ حيزاً مهماً، وضمن توجهات المؤتمر هناك انتقاد لقانون المطبوعات... ما المانع أن نعيد قراءته والنظر فيه ؟ لا مشكلة وهذا ضمن توصيات المؤتمر.
أنا أعتبر الإعلام هماً وطنياً في المرحلة الحالية وتطوير العملية الإعلامية سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة تحتاج إلى إعادة صياغة عصرية من جديد لأن الطاقات البشرية موجودة ومتوافرة والوسائل موجودة وهذا الموضوع هو أحد اهتمامات الحكومة السورية في تطوير الإعلام.
بصدق أقول: نحن الآن لا نستطيع تسويق قراراتنا وتوجهاتنا بشكل صحيح... كلامي الذي أقوله الآن بوضوح تستطيعين بحرفية مهنية من خلاله أن تعلنيه وتظهريه للرأي العام الوطني أو العربي أو الدولي عبر عدد من النقاط المضيئة في مسيرة الإعلام السوري.
نحن نعترف بأن لدينا مشكلة قاتلة في ضعف عملية التسويق والترويج الإعلامي المتعلقة بمجموعة المراسيم والقرارات والتوجهات
قانون المطبوعات الحالي يعتمد على الرقابة اللاحقة وليس الرقابة المسبقة.
الصحافة المحلية بحاجة إلى قراءة جديدة !!
هل سئل صحفي فيما كتب قبل أن ينشر أم بعد النشر؟؟ هل عوقب صحفي على مقال كتبه إلا بعد النشر؟ قانون المطبوعات ينص على أنه إذا كان فيه تناول لشخص ما، لمسؤول ما، خصوصية أو قدح أو ذم فناشر المقال والصحفي أمام المساءلة.
في الصحافة عندنا دائماً عملية الرد قد تتأخر أسبوعين وعندها يكون الخبر قد ترك أثره في الرأي العام، وأحدث فعله سواء كان هذا الأثر أو الفعل إيجابياً أو سلبياً.
ثانيا قد يجتزئ الناشر أو كاتب المقال من الرد فيغفل نقاطاً محددة وقد يكون هنالك بعد نشر الرد تعليق أو تعقيب يهزاً ويسخر من الرد ومرسله.
صحافتنا المحلية بحاجة إلى قراءة جديدة نكرس من خلالها الشعور بالتفاؤل. أنا لا أريد اليأس، يجب أن نبتعد عن ثقافة الإحباط وهذه الثقافة تصب في خدمة المخططات الخارجية للنيل من صمود سورية.
أيهما أكثر إبداعاً الفنان الذي يرسم لوحة ويستخدم فيها عدة ألوان وهذه ألوان الوطن ....وهي جميلة، أم الفنان الذي يستعمل اللون الأسود ويدهن به الجدران ومساحة اللوحة؟؟
لنتساءل إذاً: ماذا سيجني الذي لا يرسم إلا بالأسود ؟!! وهذا ما أثار استياء الناس...وهذا ما يثير إشارات استفهام.
أنا كرئيس مجلس الوزراء الآن وفي هذه الجلسة معكِ أشعر براحة وحرية أكثر مما لو كنت مع صحافة محلية، الآن أنا مرتاح أكثر... لأن النظرة تكون محايدة في تحليل كلامي أكثر من نظرة الصحافي المحلي، هو يجتزئ كل الإيجابيات ويركز على أمرين أو ثلاثة.
هناك البعض الذي يسعده موضوع الإثارة وهنا عند هذه النقطة تكون الصحافة قد سارت باتجاه الصحافة الصفراء.؟
العلاقات العربية
دولة الرئيس: ماذا عن علاقاتكم العربية مع الكويت؟
علاقتنا مع الدول العربية ومنهم الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي علاقة ممتازة جداً وفي القريب العاجل هناك مشاريع مشتركة ستساهم مساهمة فعالة في دفع مسيرة التنمية في سوريا مشاريع طموحة جدا ستساهم فيها دول مجلس التعاون الخليجي منها مشاريع بترو كيماويات ومشاريع أتوسترادات ومشاريع سياحية وجامعات وغيرها في سورية.
وكان هذا ترجمة لاتفاق تم بين السيد الرئيس بشار الأسد وإخوانه أصحاب السمو والجلالة.
أعطيك مثالاً: الصندوق الكويتي العربي كان له مساهمات كبيرة في دعم وتقديم القروض مع التسهيلات اللازمة لعدد كبير من المشاريع
أخونا عبد اللطيف حمد له منا كل محبة فقد دفع في تمويل العديد من مشاريع الطاقة والري ومشاريع البنية التحتية والزراعية.
وغني عن التعريف السيد الخرافي فهو ينفذ مشروع محور أريحا اللاذقية بأفضل المواصفات، ونتوقع الانتهاء منه عام 2007، وسيوضع في الاستخدام. إنه مشروع ضخم بكلفة تجاوزت 300 مليون دولار.
وهناك مشاركات أخرى لدولة قطر تمثل جزءاً أساسياً من الاستثمارات في سوريا.
المشاريع ضخمة كما قلت، هناك الأتوسترادات الرئيسية شمال جنوب و شرق غرب، وتطوير الموانئ السورية والمطارات وفنادق سياحية وبتروكيماويات وإنشاء مجمعات سكنية في المدن السورية وإنشاء جامعات، تخيطي إقليمي... لا أستطيع أن أذكر رقكماً محدداً الآن لحجم هذه الاستثمارات لكن نشعر من خلال هذه المشاريع أن أشقاءنا في دول مجلس التعاون الخليجي يكنون كل محبة لسورية وقلبهم على سورية.
وهناك مشاركات أخرى متعددة الأطراف، فسوريا بلد واعد، ونحن كدولة وحكومة نقدم كل مساعدة لتحقيق مقولة أكد عليها السيد الرئيس هي: كلنا شركاء في هذا الوطن. ومن يفتح لنا صدره نحن نرحب به.
المدفع الأمريكي والنظارة الإسرائيلية
هل سوريا فعلاً تقف في وجه المدفع الأمريكي؟؟
أنا أسميها ضغوط... أمريكا لها مخطط في المنطقة تحت كلمة ضغوط دعيني أذكر لك العبارات التي دخلت على السياسة الدولية مثل " الفوضى البناءة " الذي ابتدعته رايس ماذا يعني إقامة فوضى بناءه وتشجيعها...أليس ليسيطروا من خلالها.
السياسة الأمريكية حقيقة غريبة في تحولها خلال الحقبة الأخيرة وخاصة بعد أحداث 11 أيلول لقد أصبحت عدوانية تجاه شعوب المنطقة العربية ونحن نعزو ذلك إلى أفكار للمجموعة المحافظة من الإدارة الأمريكية.. كلنا في الوقت نفسه ندرك أن
الشعب الأمريكي شيء والإدارة الأمريكية شيء آخر.
نحن كنا نقول لهم فيما يتعلق بالمصلحة الأمريكية والأمن الوطني الأمريكي: انظروا إلى المنطقة بنظارات أمريكية وليس إسرائيلية.
المشكلة في الإدارة الأمريكية الآن أنهم ينظرون إلى المنطقة بنظارات إسرائيلية فقط. فقد قلت لأحد المسؤولين الأمريكيين أتمنى أن تخلع هذه النظارة وتضع نظارة أمريكية الصنع عندها ستجد أن الأمور كلها في وضع مختلف.
العلاقة مع تركيا
العلاقة بيننا وبين تركيا أثارت حفيظة أمريكا رغم أن هذه العلاقة لمصلحة الشعبين السوري والتركي
السيد أرودغان عبر عدة مرات عن تمسكه بتطوير هذه العلاقات لآفاق مستقبليه بعيدة، والرئيس سيزار في زيارته الأخيرة لدمشق وفي زياراتي إلى تركيا أكدنا على نفس الشيء.
الآن هناك شركات تركية أصبحت تعمل على أرض الواقع وتساهم في العديد من المشروعات على أرض سورية وبكفاءة عالية.
المستثمرون الأتراك أصبح لهم عندنا مصانع، بل عشرات من المصانع تستعد للدخول في الاستثمار في سورية.
لتركيا مصالح في تطوير هذه العلاقة ونحن لنا مصالح أيضاً.
سورية أصبحت الآن بوابة للصناعة التركية لتدخل من خلالها الصناعات المشتركة السورية ولتركية للعالم العربي ونحن تشكل تركية بوابتنا للدخول إلى أوربا.
اتفاقية الشراكة السورية الأوربية والتي ستكون قيد التوقيع في القريب العاجل لولا الضغوط الأمريكية لما كان هناك مشكلة ولكانت وُقِعت.
أمريكا تمارس الضغوط لعرقلتها وتأجيلها وتسويفها
لدينا مصالح مشتركة لسوريا وتركيا وهي مصلحة اقتصادية واستراتيجية أن تكون العلاقات متوازنة وقوية واللحمة الموجودة. ونحن حريصون على تمتين هذه العلاقات.
الأكراد
دولة الرئيس: ماذا عن مشكلة أو أزمة أو قضية الأكراد ؟
لا أعتقد أن هناك أزمة للأكراد...، أنا أسميها تحديات.
الأكراد هم جزء من نسيج الشعب السوري، منذ القديم كان هناك من أصول كردية رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة وغيرهم. نحن ليس لدينا مشكلة أو عقدة تجاههم فهم داخلون في نسيج المجتمع السوري، وصلاح الدين الأيوبي فخر كل العرب.
خلال الآونة الأخيرة بدأت مجموعة من لأحزاب المدفوعة من الخارج تحاول أن تمزق هذا النسيج تحت مقولة هناك وطن كردي " حلم ".
الأمن القومي التركي لا يسمح بهذا الموضوع لأن منعكساته خطيرة، والأمن القومي السوري لا يسمح أيضاً.
أخوتنا العراقيون الأكراد لا يسمحون بذلك، حتى الرئيس جلال طالباني هو نفسه لا يسمح بهذه الأمور ولكن ما يجري من تشجيع على هذا الموضوع القصد منه هو تفتيت ما أمكن في نسيج المجتمع السوري وفي لحمة هذا الشعب، الشيء الذي صار والشيء الذي صار في شمال العراق اكبر دليل
نحن لدينا مشكلة إحصاء العام 1962، ومن بين المقررات التي اتخذت في المؤتمر القطري العاشر إعادة النظر في موضوع الإحصاء وهذا يمنح حق الجنسية لمجموعة من السوريين من أصول كردية الذين ولدوا في سورية في فترات سابقة قديمة وهذا مطلبهم الرئيسي.
أما الأكراد الباقون الذين قدموا من تركيا والعراق سنعالجها كما تعالج في كل دول العالم أوضاع الوافدين إليها. هؤلاء ليسوا سوريين بل جاؤوا من دول الجوار ودخلوا سورية.
هنا اللعب صار بين مجموعة الأحزاب في إثارة مجموعة من القلاقل كما حدث في شمال سورية، نحن يهمنا الإحصاء وهؤلاء عددهم يتراوح بين 80 ألف إلى 90 ألف.
وهناك جزء كبير منهم رحل إلى شمال العراق أريد أن أقول أن الأكراد جزء من نسيج الشعب السوري ومن تكوينه، وتكوين الشعب السوري تكوين متعدد وحضاري فعندما كنت محافظاً في حمص كنت ألمس هذا التكوين وهو كالسجادة العجمية متمازجة الألوان، في محافظة حمص تسع طوائف متعايشة مع بعضها
عندما جاء البابا قال: المثال الحي للتعايش بين مختلف الأديان هو سورية.
لبنان
لبنان ماذا يريد وإلى أين يريد أن يصل وكيف سيكون النموذج اللبناني القادم هل هو نموذج جديد يتم من خلاله الضغط على سورية بشكل مباشر؟؟
لبنان خاصرة سورية والاختراق سيأتي من طرف العدو الإسرائيلي وجهات خارجية خلقت مناخاً في الساحة اللبنانية بكل أسف ولن أسميه " حقداً " وبالعكس الآن بدأت الناس تصحو... وتدرك بأنهم كانوا مسيرين باتجاهات معينة وبتوجيه معين حتى تلاحظين... ومن المؤكد لاحظت أنه كلما حصل شيء قالوا سوريا وراء ذلك. كان هناك تدجين للفكر اللبناني وللمواطن اللبناني بشكل أن يتوجه كل الحقد باتجاه سورية وكأن الناس نسيت التضحيات السورية.
هل نسوا تضحيات الشهداء السوريين في لبنان؟ آلاف الشهداء قدمناهم إضافة إلى وسائل عسكرية ودفاعية.
لو أننا تخلصنا من الضغوط الخارجية لكنا مرتاحين لنسير بقوة في عملية التنمية ولا نتكلف بالنفقات العسكرية لكن إحدى المقتضيات للدفاع الوطني تقتضي هذه الأمور.
بكل أسف بعض القوى الموجودة على الساحة اللبنانية رهنت قرارها للخارج الذي رأى أن الأرض الآن مفتوحة وهذا التدخل الخارجي جعل لبنان غير موحد وسيكون هناك تنازع على الساحة اللبنانية بين القوى الموجودة إذا استمر ذلك. من يسيطر ؟ والآن بدأت القوى على الساحة اللبنانية تفرز نفسها، تشكيل الوزارة مثلاً هم يختلفون على حقيبة من الحقائب الوزارية هذا يريدها وذاك يريدها !!.
نتمنى للبنان الخير والأمن والاستقرار والازدهار وستظهر الأيام من كان وراء اغتيال الرئيس الشهيد الحريري والعمليات الأخرى التي جرت في لبنان.
لقد حذرنا من هذا الاختراق... هذا أحد التحديات التي ستواجهها في المستقبل لكن يجب علينا أن نحافظ على المقاومة, والقوى اللبنانية الوطنية يجب أن لا تسمح لشيء يهدد سورية أن يخرج من لبنان.
نحن متفائلون بأن القوى الوطنية الموجودة على الساحة اللبنانية لأنها ليست سلبية... وأنا أتكلم الآن بالنتائج فلا زال هناك قوى فاعلة في لبنان. متنبهة لأبعاد المؤامرة الموجودة, أكثرية الشعب اللبناني تعي وتدرك أبعاد هذه المؤامرة التي تستهدف وحدة لبنان.
الموقف العربي حيال الأزمة
في الأزمة الأخيرة بعد اغتيال الرئيس الحريري كيف تقيم حجم الدعم العربي لسورية فيما تواجهه؟
نحن نشعر في سورية بأن القرار العربي " لن أقول موجهاً " لكنه لم يعد خالصاً مائة بالمائة
لأن ما يقر في المؤتمرات لا يُترجم إلى أفعال.
هناك مثالاً نتائج دول قمة الجنوب الجنوب
" وهو تجمع الدول العربية مع تجمع دول أمريكا الجنوبية "
ومن النتائج التي نتجت عن المؤتمر والبيان الذي صدر نجد أنه لا يستطيع أي مؤتمر عربي أن يُصدِر بهذه الجرأة ويدعم القضايا العربية العادلة.
هل نسير للأسوأ ؟
ـ لا... التاريخ بدأ يرسم مرتسماً جديداً وبدأت الملامح الآن: حركة الشعوب في أوروبا، مؤتمر البرلمان الأوروبي، أعضاء البرلمان الأوروبي الذين زاروا سورية, الرؤية التي استخلصوها بعد زيارة سورية خلال اللقاءات بيننا وبينهم، كانت الصورة لديهم مختلفة عما نقلت لهم، وجدوها شيئاً آخر 0
الحوار مع أوروبا
فالحوار بين التجمعات المختلفة مطلوب منا ونحن علينا أن نعززه وان يكون هناك رؤية يستطيع المجتمع الأوروبي التفهم وقد أصبحوا الآن أكثر دعماً لتوقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية السورية هم الآن يتحدون للضغوط الخارجية التي تمارس عليهم والآن هناك حالة تسمى حالة رفض لسيطرة القوة الوحيدة الموجودة في العالم على مقدرات الشعوب الأخرى وهذه فترة زمنية قد تنتهي بانتهاء فترة الإدارة الأمريكية الحالية.
عندما زار المرشح الديمقراطي الأمريكي للانتخابات الأمريكية جون كيري سوريا استخلص انطباعات جيدة فقد التقى معظم فئات المجتمع السوري المدني وحاور العديدين منهم ونقل هذه الصورة إلى بلاده 0
نحتاج لوقفة
صورتنا باتجاه الخارج تحتاج إلى وقفة وشرح قضيتنا يحتاج إلى وقفة واهتمام أكثر، وتعزيز العلاقات العربية والأمريكية ومع الشعب الأمريكي مهمة جداً.... وهذه تساهم في تغيير اتخاذ القرار.
والشاهد أن مؤيدي الحرب على العراق أصبحوا أقلية 0
فقد تحولت نسبتهم من 60% إلى 40% وذلك بعد أن أتضح لهم أن هناك أكاذيب واضحة:
تحدثوا عن وجود أسلحة دمار شامل، أين هي؟ لا توجد.
انتقلوا إلى إرساء الديمقراطية في العراق فأين هي؟ لا توجد 0
والآن الفضائح الحالية هي أكبر ... منها فضيحة تعهدات إعمار العراق بمليارات الدولارات.
وديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي معروف دوره فيها والآن بدأت تتكشف الفضائح 0
الحدود مع العراق
توجه لسوريا من وقت لآخر اتهامات بتسهيل التسلل عبر أراضيها إلى العراق ؟
بالنسبة لموضوع الحدود السورية العراقية، أشقاؤنا العراقيون قالوا: إن سورية بذلت كامل جهودها لتغطية الحدود التي هي بطول 600 كم، كبيرة جداً الأمريكيون لم يستطيعوا ضبط الحدود مع المكسيك ولا يزال التسلل شبه يومي.
قلنا لهم أعطونا الوسائل التقنية اللازمة لتساعدنا على ضبط الحدود أكثر.... رفضوا، وصارت بيننا وبين إنكلترا صفقة تتضمن إرسال مناظير ليلية. الولايات المتحدة وحدها أصرت على عدم إعطاءنا هذه المناظير ومن المؤكد أنه من الواضح أبعاد هذه الأوامر 0
في أكثر من استطلاع رأي، وحتى عبر مواقع الإنترنيت، يدور سؤال: ما المحطة الأمريكية المقبلة ؟؟، فتقول الإجابات إنها سورية وإيران 0
لا أعتقد ذلك، لأن أمريكا لا تستطيع أن تخرج من العراق، من المستنقع الذي هي فيه، ولا تستطيع أن تفتح على نفسها جبهة ثانية، ولن تصل إلى نتائج مرضية لإدارتها.... ولا تستطيع إقناع الشعب الأمريكي بذلك الآن...
دعم الإرهاب
لماذا بقيت سورية على قائمة الدول الراعية للإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية ؟
المنطق وكذلك الواقع يقول إن سورية هي أول دولة عانت من الإرهاب، وذلك في الثمانينات وأنا شاهدت الأعمال التي قام بها الأخوان المسلمين في حماة والذين كانوا موجودين في معسكرات تدريب في الأردن والعراق حيث كانوا يُدَربون فيها، وكانوا ينتقلون إلى المدن السورية ليخربوا ويقتلوا ويزعزعوا أمن المواطنين واستقرار البلد.
عشت كل تلك الفترة عن كثب. ولي أصدقاء من علماء ومهندسين قُتِلوا كما يقتل الناس الآن في العراق، فلماذا أعداء الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم؟؟ المعادلة التي كانت السياسة الأمريكية تقوم عليها جاءت بهم إلى فرنسا... كلفوهم بمهمات ودعموهم وفي النهاية انقضوا عليهم.
انظري إلى التغييرات في السياسة الأمريكية
تشيني نفسه هو الذي كان عراباً لصدام حسين. لقاءاته مع صدام حسين... حتى الآن لو جاءت محاكمة عادلة لصدام حسين وتركوا له المجال أنا أعتقد أن صدام حسين إذا كان منصفاً في سرد وقائع التاريخ وأراد أن يتحدث عن تلك الحقبة السوداء لفضح علاقاته بالإدارة الأمريكية والتي كانت جزءاً لا يتجزأ من حربه السوداء ضد إيران.
كل هذه الأطر الموجودة توصلك إلى نتيجة واحدة هي التبدل في السياسة الأمريكية التي اتخذت منحى آخر، لقد أظهروا نظريات جديدة منها الشرق الأوسط الكبير ومنها إصلاح وأيضاً تصدير الفوضى البناءة.
الأعمال التخريبية التي ظهرت في حلب والعناصر الذين أصيبوا بذلك لا تزال شاهدة على إرهابهم.
كنت رئيساً لبلدية حلب، بدأوا بعمال التنظيفات وكنت أقرأ البريد فأرى أنه قتل عامل حي كذا وآخر كذا وعندما بدأت الدولة تطوق الأوكار وتلقي القبض على المجرمين سئلوا لماذا كنتم تقتلون هؤلاء الأبرياء ؟ كانوا يجيبون إنهم أهداف سهلة، فالشباب الذين يغرر بهم في المساجد عندما يدربون على القتل يجربون أسلحتهم على عمال النظافة.
والكل كانوا يحملون على سورية.
وما دمنا في حديث الإرهاب، فإن السيد الرئيس الخالد حافظ الأسد رحمه الله، كان أول من نادى بتعريف الإرهاب وإقامة مؤتمر دولي يفرق بين الإرهاب والمقاومة فلم يرد أحد... لماذا ؟؟!!
الآن الدعوى التي تحركت لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة هو مشروع سورية وهو مودع في مجلس الأمن، لكنهم ناموا عليه.
قلنا لهم: أنتم تتكلمون عن أسلحة، نحن قدمنا مذكرة بالإخلاء وفي إسرائيل 200 قنبلة نووية، هناك ظلم حقيقي بالنسبة للعرب من جهة التمييز بين العرب وإسرائيل.
ومن الأشخاص الذين سمحت لي الظروف باللقاء معهم السيد ثاباتيروا رئيس الوزراء الإسباني، أنا أحترمه وأحبه، وهو أحد القادة الذي أدرك الحقائق مبكراً، واتخذ القرارات واستطاع أن يجسد إرادة بلده وشعبه عندما قال: هذه الحرب حرب ظالمة وكان جريئاً في موقفه مقارنة مع الآخرين.
تشويش وضغط
ماذا بعد الرسالة الأمريكية إلى سورية بتجميد أرصدة اللواء غازي كنعان والعميد رستم غزالي مع العلم أن الاثنين قالا بأنه ليس لديهم أموال لا في أمريكا ولا غيرها ؟
هي مجرد عملية تشويش وضغط بشكل جديد على سورية.
نود لو ننهي هذا اللقاء بكلمة توجهونها للأخوة السوريين في دول الخليج ؟
بدون مجاملة، اعتزازنا بجاليتنا السورية ومشاركتهم في عملية البناء الوطني كل في الدول التي يقيمون فيها كبير جداً، وهم سفراء لنا في الخارج.
ومن خلال هذا الاعتزاز نوجه لهم دعوة للمشاركة ضمن إمكانياتهم في كل ما يساعد على بناء سورية الحديثة، فسورية بلدهم وهي على استعداد لأن تقدم كل الدعم والمساعدة والمؤازرة لتحقيق مقولة أكد عليها السيد الرئيس: كلنا شركاء في هذا الوطن
وهذه دعوة مفتوحة لهم، فهذا البلد بلدهم. وليطمئنوا... فسوريا بخير والجميع يعتز بها ونحن متفائلون بالمستقبل والسيد الرئيس بشار الأسد يحمل طموحاً كبيراً ليس له حدود ويعمل على تحقيق نقلة نوعية خلال المرحلة القادمة والوطن قوي بقدر ما أبناؤه أقوياء.

ليست هناك تعليقات: