الخميس، شعبان ٠٤، ١٤٢٦

ُذقْ ما كنتَ تُذيقه للأبرياء ...

ما هو إحساس من كان قادراً على زجّ الآخرين في غياهب السجون : أبرياء كانوا أم جناة ؟؟

هل تمر من أمام عينيه خيالاتهم ؟؟ وهل يستذكر كل رأس بمفرده .. أم أن عظام جماجمهم هي من تلوح له من بعيد ؟؟

هل يكون الموقف مقبولاً لمن قُيّدت حريته وهو من كان بالأمس يقيد حرية الآخرين وكأنه سجان أثيم يخيط الشيطان له ثوباً من حرير وللآخرين إزاراً من حديد .. ؟؟

وما هي العبارات التي يمكن أن تتردد على ألسنة من طالهم ظلمه وجبروته وأي دعوات ترفع إلى السماء لتتلقفها الملائكة وتقدمها لخالق الكون العظيم ؟؟

كيف تستمر سلطة من يشغل موقع المسؤولية ويحاسب غيره وهو بالمحاسبة أحق ؟

وهل يُحسم الأمر بشبهة أو تهمة أو إثبات صريح وبيّن لارتكاب جرم صغر أو كبر ....

لابد من ترسيخ مبدأ المحاسبة والإقصاء والإعفاء بعيداً عن موقع المسؤولية في حال الإتيان بأي فعل من شأنه التأثير ولو جزئياً ..

يمكن قبول الخطأ عندما يرتكبه الإنسان العادي .. ولكن أن يُرتكب من شخص يحتل مكانة مرموقة بحكم الوظيفة التي يشغلها والمستوى الذي يُفترض أن يصله فهذا ما لا يُقبل بأي حال من الأحوال .. والأمثلة على ذلك كثيرة من هؤلاء الذين شغلوا مواقع حساسة ومسؤوليات جسام ووقعوا في أخطاء قاتلة جرّت بلادهم والمؤسسات التي تضمها والطاقات التي تزخر بها والشعوب التي ذاقت أصناف العذاب .. كل ذلك يؤدي إلى مزيد من الخراب .

وإذا ما كانت هناك دعوة للتنحي لن تجد إلا المتشبثين ولن ترى سوى المتملقين المتشدقين لدوام النعمة حتى لو ماتوا وهم جلوس على كراسيهم .. وإذا ما كانت هناك دعوة للمحاسبة لم تجد سوى المارقين والهاربين والمكذبين لكل تهمة لاعتبارها مجرد افتراء كاذب هدفه النيل من شرف راسخ .. وإذا ما كانت هناك دعوة للإعفاء لم تجد سوى الباكين المستضعفين وفي غمرة انهماكهم بالعبرات يتطلعون بنظرات استكشافية تفحصية لمعرفة فيما إذا كان لابد من إطالة وصلة التباكي أم إنهاءها والخروج من قميص ضاقوا ذرعاً بارتداءه وهو قميص الاعتراف مع طلب الغفران ...

هناك الكثير من المبررات التي تدعم التوجه نحو المحاسبة ولا يمكن أن يصلح الجسد الواحد والفساد ينخر جزءاً منه .. فالجزء الفاسد يمتد ويكبر حتى ليأتي على الكل حتى لو كان بحجم رأس دبوس ..

لقد ترسخت صحة مقولة ما خفي أعظم لأنه وغن خفي على العموم مصائب ما يفعله البعض إلا أن القاعدة عمت وانتشرت .. ولكن ما ترسخ في الآونة الأخيرة هو : القادم أعظم ... لأن ما قد يحمله المستقبل القريب من أحداث ربما تشكل مفاجآت كبيرة ستسحق الكثير من المفاهيم السلبية التي أصبحت نظريات يعمل ويؤخذ بها لا لصحتها وإنما لتوافقها مع مصالح فئة كبرت ونمت مع مرور الأيام وغدت تشكل قوة حقيقية على حساب حياة الإنسان العادي البسيط ....

إن أول ما يمكن البدء به هو العمل وبقوة وإصرار على محاسبة المقصرين والمسيئين الذين وإن مرت أزمان كانوا في غفلة عن يد أهل الحساب إلا أنه آن الأوان لكي يستشعر الإنسان العادي أن هناك من يحفظ حقوقه بمحاسبة من تعدى عليه وسرقها كما سرق فرصه الغالية لكي يهنأ بعيش مختلف عما كان يعانيه طوال سنين مضت ... فهل يتحقق ذلك ونرى بالفعل محاسبة حقيقية ؟؟؟

ليتنا نرى ذلك قريباً ...... وقريباً جداً

فالوطن أغلى علينا من أن نرى الناهبين لخيراته بعيدون عن يد القانون التي تمتد إليهم أنى ذهبوا ..

بقلم : نضال كرم

ليست هناك تعليقات: