الثلاثاء، شعبان ١٦، ١٤٢٦

السوريون يستحقون حكومة هم يختارونها ..

لا يختلف اثنان من السوريين على أن علاقة المواطن بحكومته يمكن تسميتها بعلاقة «اللاعلاقة» حيث تنعدم أي أشكال التواصل المباشر بين أعضاء الحكومة من الوزراء ومعاونيهم وما بين المواطنين، كذلك ثمة أفكار ومواقف مسبقة على المستوى الشعبي تجاه هذه الحكومة، وغالبية الحكومات السابقة ، التي تعمل في غالبية الأحيان على عكس مصالحهم، لناحية عدم ملامستهم منها الا ما يترتب عليهم من واجبات وأعباء التزامات مالية مرهقة ، كالضرائب والاضطرار لدفع الرشاوى حين الاقتراب من غالبية المؤسسات والمديرات العامة، هذا عدا عن البيروقراطية الثقيلة والمحسوبية المنفرة التي يمكن ملامستها عند أي احتكاك بين المواطن وتلك الوزارات والمؤسسات.
وحقا فان المواطن السوري اليوم يعيش تحت ضغوط مالية كبيرة تبدأ من الارتفاع الكبير في أسعار السلع ولا تنتهي عند أي حد، ولعل أقسى محطاتها ما يضطر لدفعه من التزامات للحكومة من ضرائب تطال كل مناحي حياته، فهو يدفع ضرائب عن البيت الذي يسكنه والطريق الذي يشق أمام هذا البيت مرورا بالأسعار الباهظة لفواتير الهاتف والكهرباء والماء وصولا الى الهواء الذي يتنشقه، ولا نبالغ هنا، فالجميع يعرف أن البيت الذي يشرف على حديقة تختلف ضريبته عن البيت البعيد عنها,! هذا هو المنظور من الضرائب، أما تلك المخفية منها في الطوابع والرسوم في المعاملات فحدث ولا حرج.
هذا عدا عن الفساد المعشش، والقضاء الاعرج، والاعلام الذي من المفترض أن يكون سلطة رابعة تقف عند معاناة واحتياجات الجمهور السوري وليس الوقوف على باب الوزير والمسؤول من أجل تلميع صورته والوقوف عند تحركاته وجولاته.
وما يزيد من مأسوية هذه «اللاعلاقة» بين الحكومة ومواطنيها، أن الحكومة غالبا ما تفرض على السوريين دون استشارتهم بعكس كل ما هو سائد في كل الأنظمة وعند الشعوب الأخرى ، فهنا لا يوجد صراع وتنافس بين الأحزاب يؤدي الى سقوط حكومة ومجيء أخرى تعد المواطن بالوقوف عند احتياجاته وتسعى لكسب وده عبر تقديم مزيد من الخدمات له، هنا يتم تعيين رئيس للحكومة، ويتم تعيين الوزراء على اسس ليس لها علاقة أبدا برأي الشعب وموقفه من هؤلاء، بل أسس الولاء للنظام السياسي قبل أي شيء آخر بغض النظر عن الكفاءة والمهارات والتجارب, وعليه فان أي «هفوة» في حياة الشخص تتعارض وهذا المعيار كفيلة بابعاده عن لعب أي دور رسمي، فالمطلوب «سيرة ذاتية» نظيفة مئة في المئة.
ربما بسبب ذلك لا يستطيع الوصول الى الوزارة الا من هم أثبتوا «حسن سلوك» طوال حياتهم، ومن أضطروا وفقا لهذا الشرط وهذه المناخات، لاتباع أساليب النفاق والمجاملة والتذلف والصمت عن كل المظاهر السلبية.
ربما سيأتي وزير ما ويقول: «لا على العكس تماما فأنا كتبت بعض المقالات النقدية وهي التي أوصلتني الى الحكومة وجعلتني وزيرا», نقول له « لا لم تصل بفضل تلك المقالات، بل وصلت لأنك التزمت بشرط الولاء أولا، وثانيا لأن مقالاتك أتت ضمن سياق جديد يسمح بالاختلاف وتقديم وجهات نظر مختلفة، لكن على قاعدة الولاء».
ما نريد قوله إن الشعب السوري يستحق حكومة تنبثق منه يختارها هو وتقف عند احتياجاته الاساسية ويستطيع اسقاطها عندما تبتعد عنده، هل هذا صعب ومستحيل في وقت هذا هو الايقاع العالمي والآليات المتبعة في غالبية دول العالم؟.
كذلك، وبغض النظر عن موعد مجيء الحكومة الجديدة وكيفية اختيار أعضائها، فقد آن الأوان للبدء بتطبيق ما كان حزب البعث الحاكم قد وعد به السوريين منذ نحو أربعة أشهر، حين أوصى بوضع قانون جديد للأحزاب، وتعديل قانون المطبوعات السيئ الصيت، واعادة النظر بقانون الطوارئ، ومنح الجنسية لعشرات الآلاف من المواطنين الأكراد السوريين المحرومين منها بفعل أوضاع سابقة، كذلك لن ننسى أبدا أن المؤتمر القطري لحزب البعث قد أوصى بمحاربة الفساد ووضع آليات لمحاربته, نقول لن ننسى لأن ذلك ما زال يداعب أحلامنا، وأمانينا.
من ناحية أخرى، لا بد أن تأتي الحكومة الجديدة مواكبة لما يجري من تطورات سياسية بشأن سورية، وخصوصا أن استحقاقات كبيرة باتت تنتظر الديبلوماسية السورية على طريق البحث عن مخارج لمجموع الأزمات التي تحاصر البلاد.
صحيح أن هناك ظروفا ضاغطة وأن هناك علاقة متوترة بين سورية والولايات المتحدة ترخي بظلالها على كل الحراك السوري بشقيه الداخلي والخارجي، لكن ذلك لا يمنع، ويجب ألا يمنع من العمل على ايجاد حكومة تقف عند المسار السياسي وتعمل على اعادة صوغ علاقات سورية الخارجية، اقليميا وعربيا ودوليا، بحيث يأتي تحسين العلاقة مع أوروبا وفك جدران العزلة على رأس اولوياتها, ما يدفع لذلك، هو الجدلية القائمة بين الداخل والخارج حيث لا يمكن فصل أحد المسارين عن الآخر.
تحديات كبيرة تنتظر الحكومة السورية القادمة التي نتمنى أن تكون قريبة منا، وقبل ذلك أن تأتي ويتم اختيارها بعيدا عن المعايير وآليات الاختيار القديمة, أما عكس ذلك، فلا يعني الا استمرارا في المشكلة ومزيدا من الجفاء والسلبية بين الحكومة وشعبها، وقبل ذلك لا يعني الا المراوحة في المكان في وقت مطلوب من سورية أن تحقق قفزات كبيرة ونوعية.
هل يمكن أن تتحقق رغبات السوريين عند تشكيل الحكومة ، أم أن القصة لن تتجاوز تغيير الطرابيش,,,؟

بقلم : شعبان عبود

هناك تعليق واحد:

elmnzel يقول...

شركة تنظيف شقق بجدة
احصل الآن على منزل نظيف يخلو من الاتربة خلال شركة المنزل فالمنزل هى افضل شركة تنظيف شقق بجدة حيث تقوم بالخدمة من خلال افضل العمالة المٌدربة على اتباع افضل اساليب التنظيف كما ان شركة المنزل توفر جميع خدمات تنظيف المفروشات كالمجالس فهى افضل شركة تنظيف مجالس بجدة
شركة تنظيف مجالس بجدة
http://elmnzel.com/%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%81/cleaning-jeddah/